دراسات سياسية

من بغداد إلى كراكاس …تآكل الدور الإستراتيجي الروسي في دعم و حماية الحلفاء

بقلم?: بن أحسن أنيس عبدالوهاب (وجهة نظر )
شهد الدور الإستراتيجي الروسي مع مطلع الألفية الثانية تراجعا في دعم والدفاع عن الحلفاء ، وكانت البداية في منطقة الشرق الأوسط المحاذية للعمق الاستراتيجي الروسي ( أوراسيا )حينما عجز الدور الإستراتيجي الروسي من دعم العراق في مواجهة المشروع اليهوغربي، بل وتخلت روسيا عن العراق الذي عد من الحلفاء الاقليميين لها في إطار صفقة مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، اعتقدت روسيا حينها أنه بإمكانها الاعتماد على إيران كقوة إقليمية حليفة بديلة عن العراق وذلك وفق لأفكار الجيوبوليتيكي ألكسندر دوغين، لكن فشل كذلك الدور الإستراتيجي الروسي في حماية إيران من العقوبات الأمريكية بسبب برنامجها النووي، فكان الأجدر بصناع القرار الروس استخدام دورهم الإقليمي الإستراتيجي لإنهاء النزاع العراقي – الإيراني ومن ثم الاعتماد على استراتيجية الدعامتين لحماية الحلفاء والمصالح الاستراتيجية الروسية.
وفي صيف عام 2008 في منطقة القوقاز التي تعتبر عمقا استراتيجيا روسيا خالصا حينما، حينما فشل الدور الإستراتيجي الروسي في حماية ودعم حلفاء روسيا في جورجيا، وهو الأمر الذي كاد يتطور ليتسبب في ضربة قاضية للنفوذ الإقليمي الإستراتيجي الروسي لو لم تستخدم روسيا قوتها الصلبة التي أفضت إلى فصل إقليمي أبخازيا وأوستيا الجنوبية عن جورجيا، وحقق بذلك الدور الإستراتيجي الروسي نجاحا بطعم الفشل.
كذلك فشل الدور الإستراتيجي الروسي في دعم صربيا التي تعتبر الحليف الإستراتيجي التاريخي لروسيا في الحفاظ على وحدتها الترابية، وذلك باستقلال إقليم كوسوفو المدعوم من قبل الغرب، وفي سنة 2014 فشل الدور الإستراتيجي الروسي في دعم المولين لروسيا في أوكرانيا، عادت روسيا لتستخدم قوتها الصلبة وتنفذ المصالح الاستراتيجية لروسيا في أوكرانيا عبر ضم شبه جزيرة القرم التي تتواجد بها القاعدة البحرية الروسية، ورغم ذلك عجز الدور الإستراتيجي الروسي المعتمد على القوة الصلبة في إيجاد حل نهائي يضمن مصالح الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، ليتجلى ضعف الدور الإستراتيجي الروسي وتراجعه بانفصال الكنيسة الأوكرانية عن الكنيسة الروسية بقرار من البطريركيّة الأرثوذكسية في اسطمبول، وهي ضربة ليست فقط للموالين لروسيا بل وكذلك لروسيا نفسها بحكم ما موقع كييف في التاريخ الحضاري الروسي.
بالإضافة إلى ذلك فشل الدور الإستراتيجي الروسي المعتمد على القوة الصلبة في ضمان الوحدة الترابية لسوريا رغم مرور سنوات من التدخل العسكري الروسي في هذا البلد، وأيضا فشل الدور الإستراتيجي الروسي في دعم كوريا الشمالية الأمر الذي دفع زعيمها كيم جونغ أون إلى الرضوخ للأمر الواقع والتفاوض مع الأمريكيين، وصولا إلى ضعف الدور الإستراتيجي الروسي في مواجهة الدور الإستراتيجي الأمريكي في فنزويلا، فقد تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية باعتمادها سلاح العقوبات الاقتصادية من إضعاف قبضة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على بلاده، وتبقى كل الامور تسير في هذا الاتجاه إلى حين…
إن تآكل الدور الإستراتيجي الروسي أدى إلى انحصار مناطق ودوائر النفوذ الإستراتيجي الروسي، مما يعني تآكل دوائر الأمن القومي والوطني الروسي.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى