نظرية العلاقات الدولية

نظرية تحليل النظم في العلاقات الدولية

جامعة الجزائر 3 – كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية

قسم العلوم السياسية والتنظيم الإداري

مقياس : نظريات العلاقات الدولية

 الأستاذ: مهني قاصد.                                               

عناصر الموضوع:

  • تعريف النظام الدولي ونظرية تحليل النظم أو الأنساق
  • مستويات النسق الدولي
  • أدوات النسق الدولي
  • نماذج من المقاربات النسقية في العلاقات الدولية
  • تقييم عام لنظرية تحليل النظم.

أولا: مفهوم النظام الدولي ونظرية تحليل النظم:

1- تعريف النظام الدولي: يقصد به مجموعة من العناصر المتفاعلة والمترابطة فيما بينها ، والتي تشكل كلا متماسكا ؛ بحيث ان التغير في أحد العناصر يؤدي إلى التغير فهي مجمل العناصر الأخرى ، وفي النظام أو النسق بكليته. ومفهوم النسق بهذا المعنى أصبح مستعملا في تحليل ووصف الأوضاع والأحداث الدولية وطريقة

 التفاعل بين القوى والدول الكبرى على مستوى العلاقات الدولية ؛ بحيث أصبح إدراك وتناول الأوضاع والتفاعلات الدولية لدى التحليل النسقي أو تحليل النظم باعتبارها تندرج ضمن نسق تفاعلي.

2- تعريف نظرية تحليل النظم: هي جملة من المقاربات والأطر النظرية التي سعت إلى تفسير العلاقات الدولية ومختلف تفاعلاتها الصراعية والسلمية بناء على طبيعة بنية النظام الدولي ومستوياته وأوضاعه وأبرز سماته التفاعلية.فهي تقوم على جمع سلسلة من البيانات المتعلقة بالعلاقات بين مختلف المتغيرات المترابطة وغير المترابطة ، والكشف عنها وتصنيفها والعمل على تحليلها وتفسيرها ، وإمكانية التوقع بمآلاتها المحتملة.

فيرى “أناتولرابوروت” أن النظام هو المجموع الذي يعمل كنتيجة للاعتماد المتبادل بين الأجزاء ، ومن جهة أخرى فالنظام يتخذ عدة أوضاع تجاه التفاعل والاستجابة مع محيطه ؛ فقد يكون النظام محكم التنظيم ، وقد يكون غير محكم التنظيم ، كما يمكن أن يتخذ وضعا مستقرا أو وضعا غير مستقر، وقد يكون نسقا مفتوحا أو نسقا مغلقا وهو الصلة السائدة في الأنساق التي تتناولها النظم السياسية والعلاقات الدولية.

وباعتبار أن النسق مشكلا من عناصر متفاعلة ، فإن هذه التفاعلات تتم على عدة مستويات فرعية ، ولذا فقد يتم التعامل مع النسق على اعتبار انه مشكل من نظم فرعية ونظم رئيسة. كما أن لكل نظام حدودا باعتباره يتضمن شبكة من الاتصالات تسمح بتدفق  المعلومات ، بالإضافة إلى أن لكل نظام مجموعة من المدخلات والمخرجات.

ثانيا: مستويات النسق الدولي: يمكن أن نوجزها في العناصر الآتية:

1- المستوى القطري أو مستوى الدول القطرية (الدول الوطنية): ويتمثل في وجود دول معترف بها صراحة أو حتى ضمنيا في إطار حدود قطرية معينة بسيادة وهوية محددة لتقوم بالدفاع عن نفسها وحماية أمنها ، والحفاظ على بقائها في الوجود بناء على محصلة قوتها الذاتية وما تملكه من قدرات ومقومات وعوامل ومتغيرات مختلفة.

2- المستوى الإقليمي: ويتشكل عادة من تفاهم مجموعة من الدول التي تجمعها جملة من القواسم والقيم المشتركة سواء كانت مصلحية براغماتية كتلك التي تتعلق بحماية أمنها وحدودها ووجودها الجيو سياسي ، أو كانت معنوية رمزية كتلك التي تتعلق بمقوماتها الثقافية والإيديولوجية وهويتها الحضارية. مثال على ذلك الأنساق الإقليمية التي ظهرت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية مثل النظام الإقليمي العربي في إطار جامعة الدول العربية ، أو منظمة دول عدم الانحياز أو الاتحاد الأوروبي إلخ…

3- المستوى العالمي: وهو الذي يعكسه نظام الأمن الجماعي سواء في إطار عصبة الأمم عقب نهاية الحرب العالمية الأولى ، أو هيئة الأمم المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى غاية يومنا هذا. والذي اتسم بعدة أشكال وأنماط بنيوية وهيكلية ،عرفت سيطرة غربية مطبقة على كل مدخلاته ومخرجاته من خلال تداول القوى الأوروبية التقليدية بما فيها روسيا (الاتحاد السوفييتي سابقا) والولايات المتحدة الأمريكية في تشكيل أهم ملامحه وأوضاعه والتحولات التي شابتها. ولعل آخرها ما ظل يعرف بنظام الأحادية القطبية نظرا لهيمنة الولايات المتحدة على مجمل أنماطه التفاعلية وقراراته.

ثالثا: أدوات النسق الدولي: ويمكن إيجازها فيما يلي:

  • أدوات سياسية وقانونية دولية: سياسية لأنها تشكل الإطار الذي تبرز من خلاله العلاقات الدولية في أبعادها السياسية والدبلوماسية بغض النظر عن القوى المهيمنة والمسيطرة على مراكز ودوائر صنع وإدارة دواليبها. وقانونية لكونها تقوم على منظومة من المعاهدات الدولية والقوانين والمواثيق الدولية مثل ميثاق الأمم المتحدة ، ولو أنها غير ملزمة لكل دولة على حدى لاصطدامها بمسألة سيادة الدول القطرية والقومية ، وعدم وجود قوة فوق قومية تخضع عن طواعية لها كل أجزاء النظام الدولي المفترض.من أبرز هذه الأدوات هيئة الأمم المتحدة بمختلف هيئاتها السياسية كالجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي. ومحكمة العدل الدولية ومختلف المعاهدات والاتفاقيات الدولية.  
  • أدوات اقتصادية: وتتعلق بالجوانب الاقتصادية للتفاعلات الدولية مثل البنك الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية ، وصندوق النقد الدولي إلخ..
  • أدوات عسكرية أمنية : مثل قوات حفظ السلم والأمن الدوليين التابعة لنظام الأمم المتحدة أو مايعرف بنظام الأمن الجماعي العالمي ن، والحلف الأطلسي “ناتو” الذي صار يستخدم كقوة ردع دولية من طرف القوى الكبرى التي تسيطر على النظام الدولي حاليا ، للتدخل في شتى مناطق العالم.

رابعا: نماذج من المقاربات النسقية الشهيرة في حقل العلاقات الدولية:

1- أنموذج “تشارلز ماكليلاند”: وركز على دراسة الأزمات الدولية التي تتسم بصغر حجمها ، وتنحو نحو السلوك المتكرر ، وتتميز بقصر مجالها الزمني.

2- أنموذج “جورج مودلسكي”: ويرى أن هناك نمطين في النظم الدولية هما نمط المجتمعات الزراعية ونمط المجتمعات الصناعية.وكل نظام يؤدي أربعة وظائف هي : وظيفة توزيع الموارد ، وظيفة السلطة ، وظيفة التضامن أو الولاء:يكون عائلي في المجتمع القبلي أو الزراعي، وقومي في المجتمع الصناعي ، وأخيرا وظيفة نشر القيم الثقافية.

3- أنموذج “مورتن كابلان”: صنف النظم الدولية إلى ستة أصناف ؛ بحيث كل نظام تحكمه متغيرات رئيسة وقواعد تحولية ، ومتغيرات القدرة والمتغيرات الإعلامية.

تتمثل أصناف هذا الأنموذج في الآتي: نظام توازن القوى ، أنموذج القطبية الثنائية المهلهلة(وجود كتل كبرى وقوى كبرى داخل كل كتلة) ، نظام الثنائية المحكم ، الأنموذج العالمي ، الأنموذج الهراركي ، أنموذج الوحدة المعترضة.

خامسا: تقييم عام لنظرية تحليل النظم في العلاقات الدولية:

يشوبها التحيز الإيديولوجي كعادة النظريات الغربية وعلى رأسها الأطر التنظيرية الأمريكية والتي غالبا ما تنطوي على التبشير بالسيطرة او الهيمنة الليبرالية الغربية ، والعمل على تقديم خبراتها واستشاراتها وخدماتها الجليلة للسياسات الغربية ولاسيما البراغماتية النفعية الأمريكية. كما يتهم المنظر الواقعي الأمريكي “ستانلي هوفمان” بعض نماذج هذه النظرية وعلى رأسها أنموذج “كابلان” بأنها عاجزة عن التنبأ بالمستقبل ، ومدى محدودية المجال الذي تدرسه.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى