دراسات سياسيةقضايا فلسفية

هل الإعلام يفرض علينا اولويات اهتماماتنا؟

عامر مصباح (جامعة الجزائر 3)
عند تتبع التعليقات الصحفية والتلميحات وفي بعض الأحيان التصريحات في وسائل الإعلام، نجد أن الاتجاه العام العالمي يتجه نحو دعم فوز ماكرون ومناهضة مارين لوبان؛ مع أن صاحب القرار الأخير في هذا الشأن هو الشعب الفرنسي وحده. لماذا باراك أوباما فشل في إيصال كلينتون إلى خلافته، واليوم يدعو إلى دعم ماكرون. كما كان الاتجاه العالمي في الخريف الماضي يحبذ فوز هيلاري كلينتون في حين أن الشعب الأمريكي اتخذ قراره رغم أنف الإعلام الأمريكي والعالمي على حد سواء. أليس اليوم الشعب الفرنسي له الحق الحصري في اختيار من يشاء حتى ولو كانت زعيمة اليمين المتطرف إذا أقنعت الناخبين بأفكارها وبرنامجها الاقتصادي الوطني غير الأوربي؟ لماذا يعمل الإعلام دائما على القيام بدور الوصاية عن الشعب ويقول له ما يفعل وكيف يجب أن يفكر، وماذا يجب أن يستهلك؟
بالنسبة للرأي العام العربي، فالمسألة أشبه بالذي يتدخل فيما لا يعنيه ويقوم بما يندى له الجبين، لأن الإعلام كان دائما ضد إرادة الشعب (بالطبع مع وجود بعض الاستثناءات)، اعترض كثيرا في العديد من الحالات التي تخذ فيها الناخبون قراراتهم بحرية كاملة (الجزائر 1992، تونس 2012، مصر 2012). في الأمثلة الأكثر حداثة، شنت وسائل الإعلام حملة كبيرة ضد الشعب الذي اختار الإسلاميين وسموه بالغاشي، العبيط، الغوغاء…؛ وكان سببا رئيسيا في دفع الجيش المصري للإطاحة بالتجربة الديمقراطية الناشئة في مصر. وللأسف اليوم الكثير من التعليقات في الإعلام العربي تقف ضد لوبان وتدعم ماكرون، وكأن هذا الأخير هو أكبر نصير للقضايا العربية، في حين حليفه هولاند كان أكثر الفواعل الذين خربوا العملية الديمقراطية الفتية في ليبيا ودعموا المليشيات المسلحة في البلاد لخلق الفوضى وتهريب النفط الليبي بأرخص الأثمان.
ليست هناك مصالح ثابتة وواضحة للعرب من فوز مرشحة اليمين المتطرف أو اليسار المعتدل أو الوسط أو أي اسم آخر، المصلحة الثابتة والواضحة هي مناقشة والإجابة عن سؤال مهم في إعلامنا، كيف نصل إلى مرحلة النضج نصبح فيها نشبه بقية العالم ونقدم للأمم الأخرى عملية انتخابية نظيفة ونختار حكومات تحمل هموم شعبها في المقام الأول، وليس هموم ملأ الجيوب وتخريب البنوك وإفلاس الشركات.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى