دراسات سوسيولوجيةدراسات سياسية

هل علينا شكر أنطونيو غوتيريش؟

بقلم: أحمد طه الغندور.

طالعتنا تغريدة بثتها الأمم المتحدة صبيحة هذا اليوم على موقع “تويتر” للسيدة/ روز ماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية حيث قالت فيها: ” جهود غير مسبوقة لمنع نشوب الصراع بين غزة و”إسرائيل “، وكان ذلك في جلسة خاصة عقدت لمجلس الأمن، وقد استرعى اهتمامي التعبير “الصراع بين غزة و “إسرائيل”، فهل أصبحت غزة دولة يحسب لها حساب تُشكل قلقاً دولياً نتيجة استخدام الطائرات الورقية والبالونات يهدد الأمن الإسرائيلي الذي لا يقهر؟!

وهذا حملني إلى سؤال أخر، يدور في خلدي حقيقةً إذا كان يجب علينا أن نشكر السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة على تقريره الخاص المكون من 17 صفحة، والذي رفعه في تاريخ الرابع عشر من الشهر الحالي إلى الجمعية العامة وفقاً لقرار الجمعية رقم: دإ 10/20 والذي طلبت الجمعية فيه إلى الأمين العام أن يدرس الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن يقدم تقريرا خطيا يتضمن، في جملة أمور، مقترحاته بشأن سبل ووسائل كفالة سلامة السكان المدنيين الفلسطينيين وتمتعهم بالحماية والرفاه “تحت الاحتلال الإسرائيلي” كما ورد النص عليها في التقريرـ ويشمل توصيات تتعلق بآلية دولية للحماية.

إذا هناك قلق في الأمم المتحدة بشأن إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة من غزة والتي أحرقت آلاف الهكتارات من الحقول الإسرائيلية والغابات والأرض الزراعية، بحيث صورت الأمر بالصراع، وبين كفالة سلامة السكان المدنيين الفلسطينيين وتمتعهم بالحماية والرفاه “تحت الاحتلال الإسرائيلي”، فما هو المطلوب؟

هل هو حل الصراع أم لعب دور الشرطي داخل الحدود الفلسطينية وخاصة في غزة؟

قد تتضح الإجابة من خلال مراجعة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المشار إليه أعلاه والذي يطرح النقاط التالية، وهي عبارة عن أربعة مقترحات:

1ـ تعزيز وجود الأمم المتحدة الميداني، “بما في ذلك مراقبو حقوق الإنسان وغيرهم من أجل الوضع في الأراضي المحتلة”.

2ـ زيادة المساعدات الإنسانية والإنمائية.

  1. تشكيل بعثة مراقبة مدنية منتشرة في مناطق حساسة مثل نقاط التفتيش، المعابر والمستوطنات الإسرائيلية،
  2. نشر قوة شرطة أو قوة عسكرية مأذون بها من قبل الأمم المتحدة.

ومن الجدير ذكره أن “تل أبيب” قد رفضت مباشرة ما تقدم به الأمين العام على لسان “دانون” مندوبها لدى الأمم المتحدة!

فماذا عنا نحن الفلسطينيون؟

للإجابة عن ذلك كان علينا أن نرجع إلى التقرير وإلى الأسس التي قام عليها، من الملاحظ أن السيد/ غوتيريش الدبلوماسي البرتغالي الأصل قد اعتمد في إعداد تقريره على تقريرين سابقين الأول والذي أعتمد عليه بشكل رئيسي كان تقرير “مارك غولدينغ “الوكيل السياسي للأمين العام للأمم المتحدة في العام 1988 والذي طُلب منه الإفادة على نفس السؤال عن بحث آليات حماية المدنيين الفلسطينيين تحت الاحتلال حينها كان الاحتلال يمارس سياسة ابعاد الفلسطينيين إلى خارج فلسطين ، فقدم جملة المقترحات التي تقدم بها الأمين العام الحالي ، وإن كان ركز في تقريره على أن السبيل الأفضل الكفيل بضمان سلامة وحماية السكان المدنيين الفلسطينيين هو التفاوض بشأن تسوية شاملة وعادلة ودائمة للنزاع العربي الإسرائيلي.

أما التقرير الأخر فهو رسالة مؤرخة ٢١ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٥ موجهة من الأمين العام ” بان كي مون ” إلى رئيس مجلس الأمن رداً على رسالة من السيد/ محمود عباس، رئيس دولة فلسطين يطلب فيها” وضع أراضي دولة فلسطين تحت نظام حماية دولية من قبل الأمم المتحدة“، وهنا نقول اختصاراً أن هذا الرد ثانوي لا يضيف أي أمر هام بشأن آليات الحماية.

الغريب فيما تقدم أن الأمين العام الحالي قد استنسخ الماضي دون تعديل ليطبقه على الحاضر تاركاً جملة وقائع ووثائق قانونية هامة فرضت نفسها على أرض الواقع وعلى مجريات العمل في الأمم المتحدة؛ ومنها على سبيل المثال فتوى محكمة العدل الدولية بشأن الجدار، توقيع اتفاقية روما وإنشاء محكمة الجنايات الدولية، عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وغيرها كثير وحتى انعقاد جلسة للدول الموقعة على اتفاقيات جنيف، لكنه فضل أن يلعب دور الشرطي، لا أن يبحث سبل إنهاء الاحتلال وفق قواعد ومبادئ الأمم المتحدة ومحاسبة الاحتلال وعناصره وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني والعام.

 كيف لا وهو رفض من قبل تقرير الإسكوا الذي يفضح الإجراءات العنصرية الإسرائيلية في فلسطين مما دفع د. ريما خلف إلى الاستقالة وعملت رغماً عن ذلك على إصدار التقرير، والذي بعد عام واحد فقط أثبتت حكومة الاحتلال صدق ما فيه عندما شرعت “قانون القومية اليهودية”!

بهذا الشكل نفهم توجهات الأمين العام وطاقمه؛ هناك صراع يجب أن يُحل حينما تطير طائرة ورقية في سماء فلسطين المحتلة، أما العدوان تلوى العدوان على الفلسطينيين وتهويد القدس، تدمير المصادر الطبيعية وقتل واصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين وكافة جرائم الحرب والعدوان والجرائم ضد الإنسانية حينها يمكن البحث في دور الشرطي حماية للاحتلال إذا ما قبل هو بذلك.

في النهاية لا يسعني إلا أن أقول: شكراً سيادة الأمين العام فلقد تفوقت على قلق بان كي مون!

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى