دراسات سياسية

واقع المواطنة في الجزائر

العنوان الكامل للمقالة مفهوم المواطنة في الدولة الديمقراطية المعاصرة وحالة المواطنة في الجزائر
الأستاذ منير مباركية قسم العلوم السياسية/ جامعةعنابة/ الجزائر
جوان 2013

يمكن التمييز بين عدة مفاهيم ومقاربات للمواطنة في الجزائر، وليس مفهوما واحدا متفقا عليه، وهو الأمر الذي سيكون له الأثر البالغ على التجسيد الواقعي للمواطنة.

المفهوم الرسمي للمواطنة في الجزائر يقترب إلى حد بعيد من نظيره الفرنسي، مع بعض الفروق الأساسية التي تفرضها الخصوصية، والتي نوجزها في العناصر التالية:

• الخطاب الرسمي الجزائري أكثر تركيزا على الواجبات،[51] وقد يكون ذلك كرد فعل على بعض ميزات المجتمع الجزائري الذي هو أكثر مطالبة بالحقوق على حساب الواجبات، وأيضا كنتيجة لاعتقاد المسئولين الجزائريين بأنهم أعطوا المواطن غالبية حقوقه، وأنه هو الطرف المقصٌر ضمن أطراف علاقة المواطنة.*

• الخطاب الرسمي أو الحكومي الحالي يركز أكثر على مسؤوليات وواجبات الأفراد في المشاركة في الاستحقاقات الاجتماعية والانتخابات، أكثر من تركيزه على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية بشكل عام.[52]

• تشريعات المواطنة لدول المغرب العربي، بشكل عام، تبنى على “قانون الدم” الذي جعل تلك الدول ترغب في الحفاظ على صلاتها بمهاجريها في الدول الأجنبية،[53] وتجعل من التجنيس وإدماج الأجانب المقيمين في دول المغرب بشكل عام طويل ومعقد وتتخلله عقبات كثيرة وصعبة، ونجاحه غير مضمون، وتشتهر كل من الجزائر والمغرب بأنهما مكان صعب للحصول على المواطنة، فالحد الأدنى المطلوب من الإقامة في الجزائر هو 07 سنوات.[54]

• لا يخلو المفهوم الرسمي للمواطنة في الجزائر، ليومنا هذا، من البعد التاريخي والنضالي والثوري، ذلك أن الحصول على بعض “الحقوق” والوصول إلى بعض المناصب السياسية السامية (رئاسة الجمهورية مثلا) مشروط بموقف إيجابي شخصي أو عائلي من الثورة التحريرية*.

ويؤخذ على المفهوم الرسمي للمواطنة: اعتماد الشرعية الثورية التاريخية بدل المنافسة الديمقراطية، اعتماد شرط الجنسية القائم على رابطة الدم بدل رابطة الأرض، اشتراط الدستور الجزائري بأن يكون رئيس الجمهورية مسلما… وهي عوامل لا تدعم المساواة وتكافؤ الفرص، وتُصعٌب حصول البعض على المواطنة الكاملة والمتساوية.

وفي المقابل، نجد الخطاب المواطني الشعبي يعكس قصورا في فهم المواطنة، ويكرٌس مفهوم “المواطنة السلبية والمادية”، التي تقوم على تحصيل الحقوق والامتناع عن أداء الواجبات،[55] مع بعض الاستثناءات لدى فئة قليلة من المجتمع.

وقصور المقاربة الشعبية للمواطنة ناجم عن عدة عوامل أبرزها: التأثيرات السلبية للثروة النفطية وطبيعة الاقتصاد الريعي، ضعف المستوى التعليمي والثقافة القانونية لبعض فئات المجتمع، ضعف شرعية النظام السياسي وتآكل هيبة مؤسسات الدولة، تداعيات العولمة وانتشار ثقافة التواكل والربح السريع وقيم المادية…

أما مقاربة النخبة من المفكرين والمثقفين الجزائريين (أبرزهم مالك بن نبي وعبد الله شريط…) فهي الأكثر توازنا واقترابا من المفهوم العام للمواطنة في الدولة الديمقراطية المعاصرة، على أنها تعتبر الحق تحصيل أو نتيجة لأداء الواجب، ولكن قدرة المثقف الجزائري على إيصال مفاهيمه وأفكاره إلى المسئولين، ونشرها في المجتمع ضعيفة للغاية، ما يجعل هذا الفهم حكرا على هذه الفئة ولا يعكس واقعها الفعلي في الجزائر.

والمؤسف أنه لم يصل أصحاب الطُروحات الثلاث إلى صيغة توافقية، تساهم في تفعيل مبدأ المواطنة، ولا يزال كل منهم يمارسها وفق منظوره ومقاربته الخاصٌة، مثلما سنلاحظه من خلال عرضنا لواقع المواطنة في الجزائر.

2. المواطنة في الدستور والقوانين الجزائرية

من الناحيتين الدستورية والقانونية لا تطرح المواطنة مشكلات كبيرة في الجزائر، خاصة مع التطورات التشريعية والدستورية التي حصلت في السنوات الأخيرة، فالدستور الجزائري المتأثر بشكل كبير بالدستور الفرنسي، يُعتبر من الدساتير الرائدة عربيا في مجال التأسيس الدستوري لقيم المواطنة ومبادئها، وكذلك القوانين النابعة عنه.

يقر الدستور الجزائري صراحة الطبيعة الجمهورية والديمقراطية للنظام السياسي،[56] ومبدأ المساواة بين المواطنين دون تمييز،[57] كما أقر صراحة غالبية حقوق[58] وحريات المواطنة[59] وخصص لها أبوابا منفصلة، وحارب كل الممارسات التي تتنافى وقيم ومبادئ وحريات المواطنة،[60] كما يُمكٌن للمرأة[61] ويشجع ويحرص على الوصول بها إلى المواطنة الكاملة على غرار الرجال بشكل واقعي ومميز… [62]

ولا يؤخذ على التأسيس الدستوري للمواطنة في الجزائر سوى بعض النقائص المتعلقة بـ:

• استخدام كلمتي (المواطنين والمواطنات) إذ يرى البعض أنه من الأفضل عند الحديث عن مبدأ المواطنة، أن يكون الحديث «بصفة حيادية ومجردة، بمعنى أن نتحدث عن المواطن الفرد دون التفرقة بين الرجال والنساء، مما يعطي انطباعا بالعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات».[63]

• تكريسه لديمقراطية “تمثيلية” بسيطة وسطحية، على ما يعاب على هذه الأخيرة من إنتاجها لمواطنة سلبية غير فاعلة بشكل مستمر وعلى مدار العام.

• لا يعترف للأجانب المقيمين في التراب الجزائري إلا ببعض الحقوق الأساسية كحماية الشخص والممتلكات، وهي بدورها مشروطة بالإقامة الشرعية القانونية.[64]

• لا يعطي لبعض فئات المجتمع “مواطنة كاملة”، وذلك بحرمانهم من تقلد مناصب عليا في الدولة من قبيل منصب رئاسة الجمهورية، وهذا مبني أساسا على نقد مضمون المادة 73 التي تشترط في المترشح لهذا المنصب بعض الشروط التي يعتبرونها “إقصائية” ومتنافية مع مبدأ المواطنة، كشرط المشاركة في ثورة التحرير أو الموقف الإيجابي تجاهها من طرف المترشح وأهله…

• أدى التعديل الدستوري لسنة 2008 إلى التأثير السلبي على أحد أركان الممارسة الديمقراطية والمواطنة الفعالة، وهو “التداول السلمي على السلطة”، وهذا بإلغاء تحديد عدد العهدات لرئيس الجمهورية الذي تضمنته المادة 74 من الدستور.

وكخلاصة للمواطنة في القوانين الجزائرية، التي عرفت تغييرات وإصلاحات في السنوات الأخيرة لتقترب من تجسيد روح المعاهدات والاتفاقيات والإعلانات الدولية ذات الصلة بالمواطنة التي صادقت عليها الجزائر، فإن الدراسات والتقارير ذات الصلة تسجل تحقيق مكاسب وتطورات واضحة يعترف بها الجميع، مع عدم نفي وجود بعض التحفظات التي لا تزال تحيط ببعض النصوص القانونية، خاصة تلك التي تترك حيزا واسعا للتقدير والتأويل عند تجسيدها واقعيا،

وعن التأسيس الدستوري والقانوني للمواطنة بشكل عام، يمكن الخروج بالنتائج التالية:

حرص المشرٌع الجزائري عند صياغته للقوانين التي تؤطر المواطنة بمختلف أبعادها ومستوياتها، على التذكير بمساواة كل المواطنين أمام هذه القوانين، وتمتعهم بحقوق وواجبات متساوية، ولكن بعض تلك القوانين بقيت تتضمن في متنها بعض أشكال التمييز الإيجابية والسلبية تجاه فئات مجتمعية معينة.

لم تعد مختلف القوانين تتضمن تمييزا صريحا بين الرجال والنساء، ما عدا تضمنها لحالات “تمييز إيجابي” للمرأة لحمايتها من بعض التجاوزات، خاصة في قوانين: العقوبات، الانتخابات، وترتيبات التشغيل ودعم الشغل… وفي هذا تفتخر السلطات الجزائرية بكون ترسانتها القانونية تساوي بين الرجل والمرأة بشكل صريح وغير قابل للتأويل.[65]

تتطور المنظومة القانونية للمواطنة في الجزائر بشكل تدريجي وحذر، وهو ما يعتبره البعض إيجابيا كونه يحاكي التحفظات المجتمعية ويراعي تقاليد وعادات وقيم المجتمع الجزائري، ويعتبره البعض الآخر تماطلا وتقصيرا وتملصا من الالتزامات الدولية.

لا تزال القوانين الداخلية لبعض الفاعلين السياسيين، خاصة الأحزاب السياسية، تتخللها نقائص متعلقة بالمواطنة، خاصة مواطنة المرأة، الأمر الذي حذى بالرئيس الجزائري بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس 2008 ، إلى دعوة الأحزاب السياسية إلى تحسين وضع المرأة ودورها في عالم السياسة لاسيما من خلال مراجعة قوانينها الداخلية.[66]

تعتبر أغلب التطورات القانونية السابقة، إصلاحات مرحلية، قد تؤسس لإصلاحات أعمق وأكثر دقة ستعتمدها الجزائر في السنوات القادمة.

3. المواطنة في الممارسة الواقعية في الجزائر

تظل المشكلة الكبيرة في المنطقة العربية في الممارسات وليس في القوانين،[67] حيث أن الممارسات غالبا ما تُفرغ القوانين من محتواها، وتُفشل أهداف غالبية السياسيات، وهي الحال مع واقع المواطنة في الجزائر.

أ. معادلة (ميزان) الحقوق والواجبات

يختلف هذا الواقع من مواطن إلى آخر، فهناك مواطن يتمتع بفائض من الحقوق ومتقاعس تجاه الواجبات، ومواطن في حالة عكسية، أي منقوص الحقوق كامل الواجبات، وهناك مواطنين تتوازن حقوقهم نسبيا مع واجباتهم، ولكن الواقع العام يعكس اختلالا صريحا في ميزان الحقوق والواجبات.

فالاتجاه الغالب اليوم، خاصة لدى الأجيال الشابة، هو اتجاه نحو تحصيل الحقوق في مقابل تجنب الواجبات والتهرب من أدائها ما أمكن،[68] وتنتشر مظاهر التقصير في أداء واجبات المواطنة بشكل ملفت، ويتجلى ذلك في الممارسات التالية: عدم احترام القانون، التهرب الضريبي، العزوف الانتخابي، التهرب من الخدمة العسكرية، عدم الإخلاص في العمل…

ومن جهتها، تعترف الدولة الجزائرية بعديد الحقوق للمواطنين مثلما رأينا في الدستور والقوانين، وتكفل قسما كبيرا منها واقعيا، بل وتتميز على دول عديدة أخرى بإعطاء حقوق إضافية في المجالات الاجتماعية مستفيدة من العائدات النفطية، ويتعلق الأمر بـ: مجانية التعليم في مختلف الأطوار بما فيها التعليم العالي، دعم عديد السلع والخدمات، الإعانات والسكنات الاجتماعية الموجهة أصلا لذوي الدخل المحدود، مجانية الخدمات الصحية…

ومع ذلك، يسجٌل الواقع الجزائري تقصيرا من جانب الدولة في عديد حقوق المواطنة، نوجز بعض صور التقصير في النقاط التالية:

بعض حقوق المواطنة السياسية لا تعدوا أن تكون حبرا على ورق، إذ يتم التلاعب بها ومصادرتها في الممارسة الواقعية، ويتعلق الأمر بالحقوق التالية: التجمع والتنظيم، إنشاء الأحزاب والجمعيات، تقلد المناصب العليا، الانتخاب والترشح، التعبير، …

بعض حقوق المواطنة الاقتصادية والاجتماعية، لا تزال منقوصة، أو لا تعطى وتوزع بطريقة عادلة، أو لا تعطى لمستحقيها الأصليين في أحيان كثيرة.

الأجر القاعدي في الجزائر، ورغم التطورات المحققة في السنوات الأخيرة، لا يكفل حياة كريمة للمواطن البسيط، ولا يؤسس لمواطنة فعالة، فلا تزال لقمة العيش الكريم هي الشغل الشاغل للمواطن الجزائري البسيط، وحتى المنتسب إلى الطبقة الوسطى.

وبشكل عام، يمكننا القول أن معادلة الحقوق والواجبات في الجزائر لا تزال مختلة، وتتراوح بين “الإفراط والتفريط” من قبل مختلف أطراف علاقة المواطنة، وهو ما يعكس واقعا غير صحي للمواطنة فيها، ويحتاج إلى إرساء ثقافة “القيام بالواجب ثم المطالبة بالحق” التي أوصى بها المفكر الراحل مالك بن نبي واعتبرها حلا لمشكلتنا الحضارية في شقها المتعلق بمعادلة الحق والواجب.

ب. واقع المساواة والتمييز بين المواطنين

لا توجد دراسات ومسوح لظاهرة التمييز وعدم المساواة بين المواطنين في الجزائر، ما عدا القليل المتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة، ذلك أن الإطار المؤسسي المتخصص في هذا المجال غير قائم وغير فعال، ومع ذلك، فإنه يمكن ملاحظة بعض صور وأشكال التمييز التي يعيشها المواطن الجزائري في حياته اليومية وفي مختلف مجالات الحياة، وأمام مختلف مؤسسات الدولة والقطاع الخاص.

وخلاصة تشخيص واقع المساواة والتمييز في الجزائر، نستعرضها في النقاط التالية:

تتفاوت حدة ممارسات التمييز وتنوعها من مجال لآخر وتكون أكثر بروزا في المجالات التالية: الخطاب والمعاملات العامة، السياسة والمناصب العليا، التوظيف خاصة في القطاعات الإستراتيجية، السكن، التعليم.

أكثر عوامل ودوافع التمييز بروزا هي: الجهوية، السن، اللون، الجنس (أحيانا لصالح النساء على حساب الرجال على خلاف الحالة الفرنسية)، المكانة الاجتماعية.

يستهدف التمييز عادة الفئات الفقيرة والضعيفة من النساء والرجال، وذوي المستوى التعليمي المتواضع، وغير المؤهلين قانونيا، وقاطني الأرياف والقرى الصغيرة، وسكان الجنوب الصحراوي.

لا يبنى التمييز غالبا على خلفيات عرقية أو دينية… بقدر ما يبنى على تقدير المصالح الشخصية والفساد المرتبط بها.

استمرار الشارع والمجتمع الجزائري في توليد الألفاظ والخطابات التمييزية على أسس مختلفة في ظل غياب وعجز المؤسسات المسئولة عن محاربة هذه الظواهر الخطيرة.

على خلاف الحالة الفرنسية، تنتشر سلوكات التمييز في الجزائر في القطاع العام أكثر منه في القطاع الخاص، نظرا لحرص هذا الأخير على ضمان معيار الكفاءة والأداء.

أغلب سلوكيات التمييز وتجاوز حقوق المواطنين أمام الإدارة والمرافق العامة تكون إما نتيجة جهل القوانين، أو بمخالفتها من أجل تحقيق مكاسب شخصية.

ج. تمكين المرأة الجزائرية ومساواتها بالرجل

النضال التاريخي للمرأة الجزائرية جعلها أكثر حظا من نظيراتها في الدول العربية الأخرى، في التمتع بعديد حقوق المواطنة، ودعٌم مسار وجهود تمكينها ومساواتها بالرجل، وهي الجهود التي حققت تقدما ملحوظا في السنوات الأخيرة.

فاليوم، وفي مختلف مجالات الحياة، تحتل المرأة الجزائرية مكانة معتبرة جدا، بل وتتفوق في بعض المجالات على الرجل، خاصة من ناحية عدد ونوعية المناصب التي تشغلها

كما أصبحت المرأة الجزائرية تحظى بتمثيل جيد في مختلف المجالس المنتخبة،[69] وأمست ممارسات العنف ضدها تواجه من طرف مؤسسات مختصة وبتأطير وحماية قانونية.[70]

وعموما، ورغم أن مواطنة المرأة لا تزال “منقوصة”، إلا أنه يمكن تلمس نوايا إيجابية من طرف السلطات الجزائرية تجاه دعم مكانة المرأة في دوائر صنع القرار، وعلى مختلف المستويات، ولكنها تُحمٌل المرأة أيضا مسؤولية العمل على دعم مكاسبها عبر مختلف الأطر، وفي هذا يقول الرئيس الجزائري: «ينبغي التأكيد أن القانون وعمل الحكومة لا يكفيان لوحدهما لتجسيد هذه الأهداف حسب نظرنا بل يجب على المرأة وعلى الجمعيات التي تُنشٌط داخلها اتخاذ تدابير ملموسة من أجل فرض احترام حقوقهن والتحمل الكامل لواجباتهن».[71]

وانطلاقا من الوعي بأن المساواة “الجامدة على الطريقة الغربية” بين الرجال والنساء قد تؤدي إلى ظهور أشكال جديدة من العلاقات تهدم قيما وتركيبات اجتماعية مهمة جدا كالأسرة، والتي كانت رافدا مهما من روافد المواطنة وإحدى أهم مؤسساتها (لاحظ ما يحدث في أوروبا اليوم)، تعمد السلطات الجزائرية إلى التكريس المتدرج للمساواة بين الجنسين في مختلف المجالات والمستويات، ولكن مع بعض الحرص على احترام القيم والمقومات الحضارية الوطنية، حيث يقول الرئيس الجزائري: «يحق لنا أن نفتخر بمبدأ المساواة المكرٌس في كافة قوانيننا والتي لا نتوانى في تقويمها بما يتطلب من تعديلات تستجيب للتحولات الوطنية، ولما يستجد في العالم من حولنا دون الانسلاخ عن مقوماتنا الحضارية والوطنية العريقة».[72]

د. حريات المواطن الجزائري

يتمتع المواطن الجزائري “كفرد” عموما بهامش حرية معقول خاصة حرية التعبير والمعتقد والحرية الأكاديمية… ولكن حريات المواطنة الجماعية (التجمٌع والتنظيم والتظاهر…)، وتلك التي تتم عبر وسائل الإعلام السمعية البصرية، لا تزال تعاني من قيود عديدة بعد أن كانت شبه محظورة في العشرية الدموية، ولهذا تحتل الجزائر مراتب متأخرة في ترتيب الدول الحرة وتعتبر صحافتها “غير حرة”، فقد جاءت الجزائر في المرتبة 122 عالميا في ترتيب حرية الصحافة في تقرير حرية الصحافة لسنة 2012 الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود،[73] وفي المرتبة 139 عالميا حسب تقرير حرية الصحافة لسنة 2012 الذي تصدره مؤسسة “فريدوم هاوس”.[74]

4. قضايا وتحديات المواطنة في الجزائر

تطرح محاولات تكريس وتجسيد مبدأ المواطنة مجموعة من القضايا والإشكاليات التي يعتبر الخوض في بعض تفاصيلها ضروريا لفهم أقرب لواقع المواطنة في الجزائر:

الاستعمار الاستيطاني ومخلفاته: للاستعمار الفرنسي تركات ثقيلة على المواطنة في الجزائر أبرزها: فرض شكل الدولة القومية الحديثة وما ترتب عنه من تشويش لمسألة الانتماء والولاء والثقة والشرعية، إرساء علاقة الحاكم بالرعية، كما أورث قيما نفسية واجتماعية سلبية كالغرور والتكبر عن العمل البناء…، وخلق انقسامات جديدة على أساس لغوي وثقافي وأحيانا أخرى قديمة على أسس عرقية وطائفية ومذهبية، كما انعكس سلبا على مواطنة المهاجرين الجزائريين في فرنسا، وعلى قوانين المواطنة والجنسية الجزائرية…

النفط والاقتصاد الريعي: المواطنة هي إحدى ضحايا الثروة النفطية والنهج الاقتصادي للجزائر ويبرز ذلك من خلال: تكريس التمييز بين المواطنين ومناطق الوطن، تكريس علاقة الحاكم بالرعية، تكريس المواطنة المادية والسلبية…[75]

الهجرة والمواطنة: يمكن حصر أهم ملامح إشكالية “الهجرة والمواطنة” في الجزائر في العناصر التالية: انتقال مواطنة المهاجر الجزائري من التهميش في بلده إلى التمييز في بلد الوجهة، الجدل حول مصير المواطنة الأصلية لأحفاد المهاجرين، ازدواجية الجنسية وأثرها على الولاء والانتماء والمواطنة المتساوية، مواطنة الكفاءات المهاجرة، مواطنة المهاجر غير الشرعي…

الإرهاب والمصالحة والمواطنة: كان لمرحلتي الإرهاب والمصالحة أثر بالغ على مواطنة الجزائريين، كما كان للمواطنة دور في تجاوز الأولى وتكريس الثانية؛ فالإرهاب كان نتيجة لتغييب روح المواطنة وما تقتضيه من تسامح ووطنية وتغليب الصالح العام على التعطش للسلطة، وفي الوقت ذاته أصبح سببا في تراجع قيمها واختلال معادلة حقوقها وواجباتها في غالبية الدول المعنية بالحرب على الإرهاب، كما أن المصالحة التي تعكس الحس الوطني وتؤدي إلى الاستقرار واستعادة الحقوق لم تخلو من تداعيات سلبية على مبدأ المساواة…

الخدمة الوطنية (العسكرية) والمواطنة: تثير الخدمة الوطنية في الجزائر، من مقاربة المواطنة، بعض الإشكاليات المتعلقة “بالتمييز واللامساواة” من جهة، وبعدم الالتزام من جهة ثانية؛ فهي لا تعني سوى الذكور ولا يتم التجنيد الكامل ويستفيد البعض دون الآخرين من الإعفاء… كما أن الشباب الجزائري في المقابل بات يتهرب من أدائها بطرق مختلفة…

الفساد والمواطنة: يعتبر انتشار الفساد في حد ذاته علامة دامغة على الواقع المتردي للمواطنة في المجتمع المعني، كما يمكن للفساد أن يؤثر سلبيا، وبشكل كبير على المواطنة، ويفسد عديد القيم التي تتأسس عليها، وذلك من خلال: تقليله من هيبة الدولة والقانون، تقويض تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، يصادر إرادة المواطن، تكريس المواطنة السلبية وثقافة الربح السريع…

وتعرف المواطنة في الجزائر تحديات خطيرة، بعضها قائم، والبعض الآخر آخذ في التبلور، ونشير هنا إلى أهم تلك التحديات: بروز الولاءات الجغرافية الضيٌقة (الجهوية والولائية)، تراجع “المؤسساتية” وتغوٌل بعض المؤسسات (مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية خاصة)، روح “اللامسؤولية” لدى أجيال الشباب الصاعد، المخدرات وأشكال الفساد الأخرى…

والتحديات المذكورة، وأخرى، قد تبدوا وكأنها مشاكل معتادة وموجودة في أغلب المجتمعات، ولكنها في الجزائر ستكون أشد أثرا على المواطنة إذا التقت مع التراكمات الأخرى، ومع هامش الحرية المعقول الذي يتمتع به الشعب الجزائري، ومع تراجع هيبة الدولة وعوامل الضبط المجتمعية الأخرى.

خاتمة:

1- استنتاجات عامة:

● الطبيعة الديمقراطية للأنظمة السياسية للدول، بما فيها الدول العريقة في هذه الممارسة، تساعد وبدرجة كبيرة على تكريس وتجسيد قيم المواطنة، ولكنها لا تضمن بالضرورة مواطنة كاملة وتامة ومتساوية للجميع.

● يلعب وعي الأفراد والجماعات بمفهوم المواطنة ومضمونه دورا مركزيا في تكريس هذا المفهوم وتجسيده على أرض الواقع، وهو ما سهل المهمة أمام الدولة في النموذج الفرنسي، وجعلها أكثر صعوبة وتقييدا في الحالة الجزائرية.

● الجوانب الناجحة في النماذج الغربية الديمقراطية للمواطنة (بما فيها النموذج الفرنسي)، تعود أسسها وأسباب نجاحها إلى كونها نابعة من سيرورتها التاريخية، ومن ثقافة مجتمعها وعاداته، وليست نماذج مستوردة.

● تعتبر خصائص وثقافة الشعوب (الخصائص الجمعية والفردية) عاملا حاسما في تكريس أو تثبيط عملية تجسيد مبدأ المواطنة الصالحة، فكل من النموذجين الفرنسي والجزائري يؤكد ذلك.

● الميزة “الديمقراطية” للنظام السياسي للدولة، تكسبها قدرة أفضل على تكريس وتجسيد مبدأ المواطنة بمختلف أبعاده ومجالاته، حتى وإن كانت تركيبة المجتمع على درجة كبيرة من التنوع والتعدد والتعقد، خاصة من زاوية أنها تسمح بفتح نقاش حول مختلف قضايا والتوافق على حلول بشأنها.

● غياب الثقافة السياسية والاقتصادية والفكرية المناسبة جعل من المواطنة في الجزائر “مجرد شعار ترفعه أطراف (السلطة)، وتطالب به أطراف (المعارضة وعموم الشعب) دون أن تكون له تطبيقات وانعكاسات واقعية مكتملة.

● في الدولة الديمقراطية يكون انتشار سلوكيات التمييز واللامساواة بين المواطنين بنسب أكثر في القطاع الخاص، وفي الأوساط الشعبية أكثر منه بكثير في القطاع العام الذي يعتبر أكثر التزاما بمبادئ المواطنة وقوانينها، في حين أنه في الدول غير الديمقراطية وتلك المتحولة نحوها تكون اللامساواة والتمييز منتشرة بشكل كبير في جُل تلك القطاعات، وعلى مختلف المستويات.

● مواطنة المرأة ومساواتها بالرجل (بالمفهوم الغربي) لا تزال تعرف صعوبات جمة وتواجه “سقفا زجاجيا” حتى في أعرق الدول الديمقراطية، إذ تواجه مشاكل وتمييز مجتمعي تفرضه العادات والتقاليد والفهم والتطبيق الخاطئ لبعض القيم الدينية.

2- التوصيات:

● إدراج قضايا وإشكاليات المواطنة ضمن النقاش حول التعديل الدستوري المقبل، وضمن إطار المشاورات حول تعميق الإصلاحات السياسية السارية، مع الحرص على أن تكون القوانين التي تؤطر مختلف مجالات وأبعاد المواطنة نابعة من مبادىء شريعتنا الإسلامية السمحة وثقافتنا العربية الإنسانية، ومن سيرورة مجتمعنا التاريخية، حتى تحظى باحترام الشباب الجزائري وكافة أعضاء المجتمع.

● ضرورة تقديم المساعدة الضرورية لبناء وعي مجتمعي بمبادئ وقيم وقوانين المواطنة، واحترامها من قبل جميع الأطراف، واعتماد ودعم المؤسسات الكفيلة بذلك، مع التركيز على تمكين الأسرة الجزائرية وتزويدها بالمعرفة والمهارات اللازمة لتربية أبنائها وفقا لمواصفات المواطن الصالح في الدولة والمجتمع الجزائري المتحلي بفضائل المواطنة، وقيم الديمقراطية والملتزم بمبادئ حقوق الإنسان.

● العمل على تثقيف النساء بأهمية توخي التوازن بين التزامهن بأداء واجباتهن والمطالبة بحقوقهن، هذا التوجه يجب أن تتبناه كل مؤسسات الدولة، والمجتمع المدني، المعنية بشؤون المرأة.

● السير قدما في مجال المصالحة بين مختلف مكونات المجتمع، واحتواء الهويات الفرعية ضمن هوية موحدة تنبذ الفرقة والتمييز، مع المسارعة إلى استعادة الثٌقة بين الشعب ومؤسسات الدولة التي تزعزعت خلال العقود الخيرة.

● تنقية الخطاب الرسمي والشعبي من كل العبارات والألفاظ التي تثير الشعور بالتمايز والتمييز بين المواطنين، وتفعيل دور الأسرة والمدرسة والمسجد في هذا المجال، لما لهذه المؤسسات من بالغ الأثر على التوعية بقيم المواطنة وتكريسها في المجتمع، مع ضرورة سن واعتماد قوانين وإجراءات ردعية ضد عديد الظواهر المنافية والمعادية للمواطنة من قبيل المحسوبية والجهوية والولائية، والتزام الجدية والصرامة في تطبيقها.

● ضرورة تطوير الإطار المؤسسي المستقل المختص بالكشف عن مختلف ممارسات التمييز واللامساواة بين المواطنين في مختلف المجالات، على غرار ما هو معمول به في النموذج الفرنسي، على أن تزود هذه المؤسسات بالإمكانيات اللازمة، وأن تؤطرها شخصيات نزيهة.

* – خلاصة الدراسة الفائزة بالجائزة الأولى في مسابقة المدرسة العربية للدراسات الديمقراطية (الدورة الأولى 2011/2012)، والتي تم تقديمها بالتعاون بين كل من الجماعة العربية للديمقراطية ومشروع المدرسة العربية للدراسات والبحوث – قطر.

(*) تستخدم أدبيات المواطنة الخاصة بالإخوة اللبنانيين كلمة “المواطنية” بدل “المواطنة” وذلك للدلالة على المعنى ذاته الذي تفيده هذه الأخيرة، وهي في أيامنا هذه ترجمة عربية لكلمة Citoyenneté الفرنسية، وكلمة Citizenship الانجليزية.

[1] – فاروق اسليم، »المواطنة العربية وإشكالات الأسئلة«، مجلة الفكر السياسي، (اتحاد الكتاب العرب، دمشق)، العددان 34 و35، السنة الحادية عشر، صيف وخريف 2009، ص 21.

[2] – Gianluca P. Parolin, Citizenship in the Arab World. Kin, Religion and Nation-State, IMISCOE Research Series, (Amsterdam: Amsterdam University Press, 2009), p 25.

[3] – أنظر على التوالي:

Gianluca P. Parolin, Op. Cit, p 17.

Josefina Syssner, «No space for citizens? Conceptualisations of citizenship in a functional region», Citizenship Studies, Vol. 15, No. 1, February 2011, p 112.

Anupama Roy, Citizenship and Rights, (Center for Women’s Development Studies, University of Delhi), p 01.

علي خليفة الكواري، «مفهوم المواطنة في الدولة الحديثة»، المستقبل العربي، (مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت)، العدد 264، فبراير 2001، ص 11.

[4] – Ulrich K. Preuss, The ambiguous meaning of citizenship, Paper presented at the University of Chicago Law School to the Center for Comparative Constitutionalism, December 1, 2003, p 14.

[5] – محمد عثمان الخشت، «تطور المواطنة في الفكر السياسي الغربي»، مجلة التسامح، (وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان)، عدد 20، خريف 2007، (النسخة الإلكترونية):

http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=461

[6] – سعيد الحافظ، المواطنة: حقوق وواجبات، (الجيزة/ مصر: مركز ماعت للدراسات القانونية والدستورية، 2007)، ص ص: 12-13.

[7] – برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، المكتب الإقليمي للدول العربية، تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2009: تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية، 2009، ص 59.

[8] – خالد قرواني، الاتجاهات المعاصرة للتربية على المواطنة، بحث مقدم للمشاركة في مؤتمر المناهج والمواطنة الذي نظمته جامعة الأقصى في غزة يوم 3/5/2011، ص 12.

* – في بدايات تشكل مفهوم المواطنة كان التمتع بحقوقها مرهون بواجب دفع الضريبية، وبقدر المساهمة الضريبية تتحدد الحقوق المترتبة، ولكن مع التطور التاريخي للمفهوم وبيئة تجسيده، أصبحت هناك قوائم طويلة للواجبات والحقوق المترتبة عن صفة المواطنة، واتي رغم اتفاق غالبية الدول حول العديد منها عبر الإعلانات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، إلا أن بعضها يختلف من دولة لأخرى بحسب ظروفها وثقافاتها المحلية؛ كما أن قضية أسبقية وأولوية الحقوق على الواجبات أو العكس، وكذا طبيعة التوازن (ليس توازنا رياضيا أو مطلقا) فيما بينها وكيفية تحقيقه تظل من القضايا الجدلية وغير المتفق عليها.

[9] – Josefina Syssner, Op. Cit, p 109.

*- ترتكز هذه المقولة على خصائص “المواطنة الإيجابية أو الفعالة” والتي تعتبر ضرورية لتجسيد قيم ومبادئ الديمقراطية وتفعيل آلياتها خاصة: المشاركة في الحياة السياسية والعامة، تفبٌل الآخر والتعايش معه…

[10] – أحمد جاد منصور، «المواطنة وتكافؤ الفرص وعدم التمييز: منظور قانوني»، مجلة الفكر الشرطي، (مركز بحوث شرطة الشارقة، الإمارات العربية)، المجلد العشرون، العدد 76، سنة 2011، ص 120.

[11] – Russell J. Dalton, «Citizenship Norms and the Expansion of Political Participation», Political Studies, (Political Studies Association), VOL 56, 2008, p 76.

[12] – علي أسعد وطفة، «التجليات الإنسانية في مفهوم المواطنة»، مجلة التسامح، (وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عُمان)، العدد 15، صيف 2006، ص 138.

[13] – عبد الكريم قاسم سعيد، المواطنة ومشكلة الدولة في الفكر الإسلامي، سلسلة دراسات حقوق الإنسان عدد 13، (اليمن: ملتقى المرأة للدراسات والتدريب، 2008)، ص 05.

* – يُلاحظ هنا تجنب الباحث الخوض في مسألة أسبقية المواطنة عن الديمقراطية أو العكس، وهي القضية التي قد تدخلنا في جدل أشبه بما يعرف بجدل: “البيضة والدجاجة: أيهما أولا؟”، نظرا لأن التأريخ لتطور المفهومين تعوزه الدقة الكافية، ولأنهما مفهومان مثاليان ومرشدان للسلوك البشري ولم يكتملا أو يتحققا في صورة نهائية ليومنا هذا.

[14]- أنظر ما يؤكد هذا الطرح في :

Vincent Tiberj et Patrick Simon, La fabrique du citoyen: origines et rapport au politique en France, Document de travail n°175, p 03.

Christophe Bertossi, Les Musulmans, la France, l’Europe: contre quelques faux-semblants en matière d’intégration, Collection “Migrations et citoyenneté en Europe”, (Fondation Friedrich-Ebert et Ifri, Mars 2007), p 13.

[15] – Anupama Roy, Op. Cit, p 70.

[16]- أنظر: فاروق اسليم، مرجع سابق، ص ص: 21-22.

[17]- يتميز بهذا النموذج الفرنسي عن نموذج المواطنة البريطاني الذي يعتبر نموذجا “تعدديا”، ولمزيد عن الطبيعة الإدماجية للنموذج الفرنسي أنظر:

شارلز كابشن (باحث بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية) في برنامج “من واشنطن”، قناة الجزيرة الإخبارية، إعادة يوم الإربعاء 18 أبريل/نيسان 2012.

عثمان لحياني، «وزير الداخلية كلود فيون يعتبر طريقة دخول المهاجرين غير مقبولة: ”فرنسا ترفض أن يستورد المهاجرون معهم قيمهم الدينية والثقافية»، جريدة الخبر، العدد الصادر بتاريخ: 18 نوفمبر 2011.

[18]- أنظر تفاصيل خصوصية العلمانية الفرنسية في: صلاح علي نيوف، مقدمة في العلمانية: مع قراءة في النموذج الفرنسي، (الأكاديمية العربية المفتوحة في الدانمارك، ب ت).

[19]- حسام شاكر، مسلمو أوروبا والمشاركة السياسية: ملامح الواقع وخيارات التطوير، (دبلن: المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، 2007)، ص 47.

[20]- جاك شيراك، فرنسا جديدة… فرنسا للجميع، ترجمة: أنطوان إ. الهاشم وأحمد عويدات، (بيروت: منشورات عويدات، 1995)، ص 114.

[21]- جهاد سلوم، “صورة العربي في فرنسا: الجذور والممارسة”، الفكر السياسي، (اتحاد الكتاب العرب، سوريا)، السنة 12، العدد 39، خريف 2010، ص 196.

[22] – لتفاصيل حول نص الدستور الفرنسي ومضمون المواد المقتبسة أنظر: النسخة الأصلية أو النسخة المترجمة من الدستور الفرنسي لسنة 1958 المُحيٌن إلى غاية التعديل الدستوري في 23 يوليو 2008.

[23]- تشير ديباجة الدستور الفرنسي إلى: «يعلن الشعب الفرنسي رسميا تمسكه… وكذا تمسكه بالحقوق والواجبات التي أقرها ميثاق البيئة في عام 2004».

[24] – Christian BRUSCHI, «La citoyenneté et la nationalité dans l’histoire», Ecarts d’identité, N°75, p 08.

[25] – République Française, Assemblée Nationale. la Commission Des Lois Constitutionnelles, De La Législation Et De L’administration Générale De La République, Rapport D’information N° 3605. sur le droit de la nationalité en France, 29 juin 2011, p 78.

[26] – المادة 21 الفقرة 04.

[27] – المادة 27 الفقرة 02.

[28] – République Française, Assemblée Nationale. la Commission Des Lois Constitutionnelles, De La Législation Et De L’administration Générale De La République, Op. Cit, p 75.

[29] – Christophe Bertossi, Country Report: France, EUDO Citizenship Observatory, robert schuman centre for advanced studies, January 2010, p 20.

[30] – علٌقت منظمة العفو الدولية على هذا القانون بالقول أنه: «يخلق بواعث قلق بأن الحظر يمكن أن يشكل انتهاكا لحرية التعبير والعقيدة بالنسبة للنساء اللاتي يخترن ارتداء البرقع أو النقاب للتعبير عن هويتهن أو معتقداتهن». أنظر: تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2011، ص 243.

[31] – أنظر: جاك شيراك، مرجع سابق، ص 83.

[32] – لأخذ فكرة عامة وموجزة عن العنصرية والتمييز التي تتعرض لهما طائفة “الروما” في فرنسا على مستوى الخطاب الرسمي والمعاملات العامة في السنوات الأخيرة، أنظر: تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2011، ص ص: 242-243.

[33] – في الجزائر التي كانت خاضعة للاحتلال الفرنسي في القرن التاسع عشر، كان المسيحي واليهودي يستطيعان الحصول على الجنسية الفرنسية “أوتوماتيكيا”، وما كان المسلم يستطيع ذلك. أنظر: ستيفاني غيري، مرجع سابق، ص 363.

[34] – Christophe Bertossi, Op. Cit, p 01.

[35] – Olivier Monso et François Gleizes, « Langue, diplômes : des enjeux pour l’accès des immigrés au marché du travail », INSEE PREMIÈRE, N° 1262, Novembre 2009, p 04.

[36] – Ibidem.

[37] – تطبيقا لمقتضيات المواطنة الأوروبية، أصبح الرعايا الأوروبيين في فرنسا يتمتعون بفرص عمل أفضل من غيرهم أنظر: أشرف أبو الهول، «المهاجرون يتعرضون للتمييز في بلد المساواة»، الأهرام اليومى، 18 يوليو 2010. (النسخة الإلكترونية)، متاحة على الرابط التالي:

الاهرام الرقمى

[38] – République Française, Haute Autorité de Lutte contre les Discriminations et pour l’égalité, rapport annuel 2010, (France: La Documentation française, 2010), p 38.

[39] – Équipe TeO, coordonné par Cris BEAUCHEMIN, Christelle HAMEL et Patrick SIMON, Op. Cit, p 47.

[40] – Ibid., pp: 51-52.

[41] – Etats Unis, Département d’État, Rapport sur les Droits de l’Homme en France en 2010, Op. Cit, p 16

[42] – Ibid, p 15.

[43] – منظمة العفو الدولية، تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2011: حالة حقوق الإنسان في العالم، (منظمة العفو الدولية، 2011)، ص 243.

*- في تصريح ملفت للنجم الرياضي الفرنسي، ذو الأصل الجزائري، اللاعب السابق “زين الدين زيدان” يقول: “عندما أسجل الأهداف وأربح الألقاب، يُقال بأني فرنسي وأني مثال يُحتذى به، ولكن عندما أخسر يتذكر الجميع أن أصولي جزائرية”.

[44] – Olivia Dabbous,(ed), Promouvoir L’égalité Entre Hommes Et Femmes :Initiatives Et Engagements Français En Matière De Genre Et Développement, (France: Ministère des Affaires étrangères, 2006), p 03.

[45]- حسام شاكر، مرجع سابق، ص 51.

[46]- على سبيل المثال، تعرٌضت رئيسة الوزراء الفرنسية في عهد “فرنسوا ميتران” السيدة “اديت كريسون” إلى هجوم لاذع من طرف مجتمعها عند تقلدها لهذا المنصب، ما تسبب في تركها لمنصبها بعد فترة وجيزة؛ كما تتعرض المرأة الفرنسية بسبب الجنس للتمييز والإقصاء في مجالات مختلفة، وفي الوظائف والأجر.

[47]- جاك شيرك، مرجع سابق، ص 55.

[48] – Etats Unis, Département d’État, 0p. Cit, p 21.

[49] – شبكة النبأ المعلوماتية، «فرنسا… انحسار مستمر نحو العنصرية»، شبكة النبأ المعلوماتية، الأحد 25 تموز 2010 الموافق 12 شعبان 1432.

???? ?????-?????… ?????? ????? ??? ????????

*- عرفت الديمقراطية الفرنسية بعض التراجع من ناحية جودتها، ولم تعد تصنف ضمن الدول العشر الأولى الأكثر جودة، فقد احتلت المرتبة 17 عالميا في مؤشر جودة الديمقراطية لسنة 2012، وتأتي بعد عدة ديمقراطيات بما فيها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. أنظر:

Campbell, David F. J, Paul Pölzlbauer , Thorsten D. Barth , Georg. Pölzlbauer, Democracy Ranking 2012 (Scores), (Vienna: Democracy Ranki, December 12, 2012).

[50]- حسب الباحث الجزائري “امحند برقوق” تقدَّم الجزائر في العالم باعتبارها دولة” شبه ديمقراطية”، وكانت قد صنٌفت في المرتبة 125 في تقرير جودة الديمقراطية لسنة 2010. أنظر:

جمال فنينش، «الجزائر مصنفة ”دولة شبه ديمقراطية” حسب الباحث برقوق: الإصلاحات السياسية تهدف إلى نقل الجزائر من تعددية رقمية إلى تعددية حقيقية»، جريدة الخبر، الثلاثاء 25 أكتوبر 2011.

[51] – على غرار مختلف الخطابات والتصريحات الرسمية، أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري لدى افتتاحه لأشغال يوم دراسي بولاية عنابة في شهر افريل 2012 حول موضوع: “المواطنة الإيجابية من خلال القرآن والسنة النبوية”، على جانب “الواجبات” في تعريفه للمواطنة الإيجابية، حيث عرفها على أنها «ثقافة وسلوك حضاري بنٌاء مرهون بأداء الواجبات تجاه الوطن والمجتمع».

نقلا عن الموقع الرسمي لوكالة الأنباء الجزائرية، من خلال الرابط التالي:

http://www.aps.dz/spip.php?page=article&id_article=40637

*- تستهدف تلك الخطابات الرسمية بعض الفئات، وعلى وجه التحديد: الكفاءات الجزائرية المهاجرة والمتهربين ضريبيا والعمال والموظفين المقصرين في عملهم والطلبة غير المتفانين في دراستهم… والذين يكونون قد تحصلوا على دعم وامتيازات من قبل الدولة الجزائرية وتهاونوا تجاه واجباتهم حيالها.

[52] – Delphine perrin, ‘’Immigration and Citizenship Law in the Magreb : Turning Aliens in to Citizens ‘’, EUI Working Paper RSCAS, No 40, 2011, p 05.

[53] – Delphine perrin, Op. Cit, p 01.

[54] – Ibid, p 10.

*- بعد مرور خمسين سنة على استقلال الجزائر، لا تزال الشرعية الثورية قائمة، ولا تزال “الأسرة الثورية” تحظى بامتيازات خاصة، وبدأت بعض تلك الامتيازات تنتقل إلى أبناءهم، من خلال بعض أشكال التعويضات المالية والأولويات التي يتمتع بها هؤلاء في التوظيف وفي الحصول على السكن والقروض… وهو ما بات يُنظر إليه من طرف أبناء جيل الاستقلال على أنه تمييز في حقهم، وتكريس لعدم المساواة بين أبناء الوطن الواحد الذين لم يشهدوا حرب التحرير.

[55] – أنظر تفاصيل أكثر عن فهم الفرد الجزائري للمواطنة وممارساته لها، في العنصر المتعلق بـ: “المواطنة في الممارسة الواقعية في الجزائر”، وبالتحديد في الفرع الأول منه المعنون: “معادلة الحقوق والواجبات”.

[56] – المادة 01 من الدستور الجزائري.

[57] – أنظر خاصة المواد : 29، 51، 64، 140.

[58] – أنظر المواد الدستورية: 29، 30، 50، 53، 54، 55، 56، 57، 24، 33، 42، 39، 40، 43، 44، 49، 52، 69، 151.

[59] – أنظر المواد الدستورية التالية: 36، 37، 38، 41، 44.

[60] – أنظر المواد الدستورية: 09، 27، 35، 42، 46، 47، 61، 62، 178، ومواد أخرى.

[61] – أنظر على وجه التحديد، وبشكل خاص، المواد: 29، 31، 31 مكرر.

[62] – حوار مع: “حسيبة حواسين” رئيسة ديوان الوزارة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة،، صوت الأحرار، (يومية اخبارية جزائرية)، الإثنين 11 جانفي 2010، حاورتها “فاطمة ربيع”.

[63] – أحمد جاد منصور، مرجع سابق، ص 119.

[64] – أنظر المادة 67.

[65] – أنظر: كلمة رئيس الجمهورية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة. الجزائر، 8 مارس 2009.

[66] – الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، تقرير حول حالة تنفيذ برنامج العمل الوطني في مجال الحكامة، نوفمبر 2008، ص 103.

[67] – الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان، تحقيق المساواة الجنوسية في المنطقة المتوسطية: التغيير ممكن وضروري، (كوبنهاغن: الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان، تشرين الأول/أكتوبر2006)، ص 11.

[68] – عبد الله شريط، معركة المفاهيم، ط2، (الجزائر: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، 1981)، ص 45.

[69]- سجٌل التمثيل النسوي في البرلمان الجزائري قفزة نوعية عقب الانتخابات التشريعية الأخيرة (10 ماي 2012)، فبعد أن كانت الجزائر في المرتبة 122 عالميا، أصبحت في المرتبة الأولى عربيا ومغربيا، وفي المرتبة 26 دوليا (بنسبة تمثيل للمرأة تقدر بـ: 25.58 بالمائة في البرلمان بغرفتيه) لتسبق في ترتيبها كل من المملكة المتحدة وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.

أنظر تفاصيل أكثر وبالأرقام حول تطور التمثيل النسوي في البرلمان الجزائري من الاستقلال إلى غاية جوان 2012 في: «من حيث التمثيل النسوي في البرلمان.. الجزائر الأولى عربيا و 26 دوليا…»، مجلة مجلس الأمة، (مجلس الأمة، الجزائر)، العدد 52، جوان/جويلية 2012، ص ص: 35-41.

[70]- وزارة منتدبة مكلفة بالأسرة وقضايا المرأة التي تم إنشاؤها في سنة 2002.، المجلس الوطني للأسرة (تم تنصيبه في مارس 2007) ليساهم في إثراء الإستراتيجية الوطنية لترقية المرأة وإدماجها، و تدعيم الهيكل الجمعوي النسوي باعتماد عدة جمعيات تهتم بقضايا المرأة… حيث يتعدى عدد الجمعيات النسوية سبعين ألف (70 ألف) جمعية منها ما يقارب 900 ذات طابع وطني.

[71] – رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، الجزائر، 7 مارس 2012.

[72] – رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الجزائر، 7 مارس 2010.

[73] – يمكن الإطلاع على هذا الترتيب عبر موقع منظمة مراسلون بلاحدود من خلال الرابط التالي:

http://en.rsf.org/IMG/CLASSEMENT_2012/CLASSEMENT_ANG.pdf

[74] – Freedom House, freedom of the press 2012, P 16.

[75] – أنظر تفاصيل في :

عبد الله جناحي، «المفهوم الريعي للمواطنة»، صحيفة الوسط البحرينية، العدد 2325، السبت 17 يناير 2009م الموافق 20 محرم 1430هـ

المفهوم الريعي للمواطنة | قضايا – صحيفة الوسط البحرينية – مملكة البحرين

أحمد بن بيتور، «التغيير: من داخل أو خارج النظام»، جريدة الخبر، (يومية اخبارية جزائرية)، الأحد 11 مارس 2012 ، العدد 6652، (النسخة الإلكترونية) على الرابط

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى