أخبار ومعلومات

الجزائر: رقبة الوزارات بيد أيمن بن عبد الرحمان !

بقلم ح. سليمان – جريدة الخبر

تؤشر قضية اسناد حقيبة وزارة المالية التي أضيفت لسلطة الوزير الأول ، أن التسيير الصارم لموارد الميزانية تعد ضمن خريطة الطريق التي سلمت للمقيم الجديد بقصر الدكتور سعدان، وأن ميزانية الوزارات ستكون بيد الوزير الأول باعتباره وزيرا للمالية أيضا، وبالتالي فان التحكيم حول الخلافات في حال حدوثها بين الوزير الأول والدوائر الوزارية، بشأن الأموال المخصصة سنويا لهم، سيفصل فيها رئيس الجمهورية .

عدم تعيين وزير للمالية جديد في الحكومة الجديدة، وتمكين الوزير الأول بالجمع بين الوزارة الأولى ووزارة المالية في آن واحد، ليس الغرض منها تقليص عدد الوزارات، بقدر ما هو رسالة على أن الموارد المالية للدولة توجد في وضعية لا تحتمل أي تساهل في التعامل معها، ولهذا وضعت تحت أعين الوزير الأول مباشرة وليس تحت سلطة وزارة مستقلة بذاتها. ولكن هل هذا التدبير الجديد من الشروط التي طالب بها الوزير الأول عند تكليفه بالحكومة الجديدة القديمة؟ أم أن الحقيبة ألحقت بالوزير الأول حتى يسهل محاسبته وتحميله المسؤولية في إدارة الموارد المالية للدولة، باعتباره المكلف بتوزيع الميزانية على مختلف الوزارات وفقا لما هو منوط بها وليس وفقا لطلباتها.

وليست هذه المرة الأولى التي يجمع فيها الوزير الأول في آن واحد بحقيبة وزارة المالية، بحيث سبق لرئيس الحكومة الأسبق بلعيد عبد السلام في جويلية 1992، أن ضم إليه أيضا حقيبة وزارة الاقتصاد، وبرر ذلك حتى يتسنى له تنفيذ برنامج الحكومة التي كانت البلاد تواجه ظروف صعبة جراء شح الموارد المالية وبروز الحديث عن ضرورة الذهاب الى اعادة الجدولة لدى الأفامي ونادي باريس، وهو ما رفضه بلعيد عبد السلام وقال بأنه “سيطبق اقتصاد الحرب” ، موضحا فكرته بأنه “يمكن تعويض الغسل بالشامبوان عن طريق استعمال صابون القالب “، لكنه غادر الحكومة سنة 1993 دون تمرير فكرته، بحيث تغلب أنصار اعادة الجدولة على حساب اقتصاد الحرب.

لكن اذا كان الحاق حقيبة المالية بالوزير الأول، يرمي في خلفيته الى فرض مزيد من ” التقشف ” في تسيير موارد الخزينة العمومية، فانه من شأنه أن يخلق مشاكل بين الوزير الأول وزير المالية وبين الدوائر الوزارية، لأنه سيكون الخصم والحكم في آن واحد عند اعداد وتوزيع موارد الميزانية السنوية  المخصصة للوزارات، وهو ما يعني أن الحسم في الخلاف بين الوزير الأول وبين الوزارات سينقل الى رئيس الجمهورية للتحكيم بين المتخاصمين، وهو ما قد يضعف من  هيبة الوزير الأول ويقوي الوزراء الغاضبين من ضعف ميزانية قطاعاتهم . نقول ذلك لأنه سبق وأن وقع خلاف شديد بين وزير المالية عبد اللطيف بن أشنهو مع وزيرة الثقافة خليدة تومي التي طالبته برفع ميزانية وزارتها وهو ما رفضه، بحيث تأزمت الوضعية بينهما في اجتماع الحكومة الأمر الذي جعل خليدة تومي تشتكي لرئيس الحكومة الذي رفع الانشغال لمجلس الوزراء.

وبالنظر الى شح موارد الخزينة العمومية، والعجز في الموازنة العامة، وكذا ارتفاع نفقات الدولة جراء انشاء ولايات جديدة، وعودة المطالب الاجتماعية والعمالية، بخصوص تحسين الأجور وإعادة النظر في القوانين الأساسية لقطاعات الوظيف العمومي، فان تقسيم الميزانية بين الدوائر الوزارية سيكون بالنسبة للوزير الأول بمثابة شوط المحارب، ومن شأنه أن يجعل مساحة المناورة محدودة باعتباره يمسك بالوزارة الأولى وبحقيبة وزارة المالية، أي أنه يملك الحلول والقرار، رغم أن الأمور ليست بمثل هذه السهولة.

فهل ستكون إضافة حقيبة وزارة المالية الى الوزير الأول مصدر توسيع لصلاحياته التي تمكنه من فرض ثقله في قصر الدكتور سعدان؟ أم أنها ستضاعف من متاعبه مع تنامي المطالب الاجتماعية والاقتصادية لمرحلة ما بعد كورونا ؟ .

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى