
في الواقع لا يمكن فهم الواقع السياسي والتداخلات الإقليمية الكثيرة من دون معرفة فلسفة الروسي ألكسندر دوغين، العقل الإستراتيجي والإيديولوجي المؤثر في السياسة الروسية، ومن ثم في السياسات الإقليمية، فهو لا يعد فقط العقل المدبر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولكنه المؤثر الأساسي على شخصيات سياسية وازنة في المنطقة.
تنطلق فلسفة دوغين من أفكار قديمة تعود إلى اللساني الروسي تروبسكوي، وهي الأوراسية، المنطقة الممتدة بين أوربا وآسيا وتشمل حضارات أربع، الحضارة الروسية والصينية والهندية والإيرانية، فهذه الحضارات تقوم بصراع أبدي مع الحضارات البحرية والأطلسية، مثل بريطانيا وفرنسا قديماً والآن أميركا، والحضارات الأرضية تتعلق بالأرض، فالفكرة الأساسية في هذا المفهوم هي النزعة التللورية، أي الفلسفات التي تفسر الناس وحياتهم وثقافتهم من خلال الأرض التي يسكنونها، فهذه الشعوب تحافظ على القديم والروحاني، وتتصف بالشمولية والمحافظة، وهي تقاوم بضراوة قيم الحضارات البحرية ولا سيما الأفكار الليبرالية والحداثة الغربية.
ويطرح دوغين النظرية الرابعة وهي خليط في الواقع بين فلسفات صوفية وإشتراكية وفاشية، بعد فشل النظام الشيوعي والنازي والليبرالي تأتي الأيديولوجية الرابعة لتشغل الفراغ التاريخي في مقاومة القطبية الأميركية، والنزعة اللوغوسية في المركزية الغربية، وفي جوهر النظرية الرابعة النقد الموجه لليبرالية والنيوليبرالية في التسليع والفتشية والإستلاب.