لعل من أبرز وأهم ما يمتاز به فكر السيِّد جمال الدِّين «الأفغاني»، عند كثير من كبار الباحثين في أمور الحياة الإسلامية والعربية المعاصرة، قدرته الفذة على النظر إلى الموضوع الدِّيني لا باعتباره مجرَّد مظهرٍ لانتظام العلاقة بين العبد وربه وحسب؛ بل باعتباره، إضافة إلى هذا، مظهرا لوجود حضاري يسعى الإنسان من خلاله إلى تحقيق وجوده. ولذا، يمكن القول إن السيِّد جمال الدِّين استطاع أن يُدْخِلَ الفكر الإسلاميَّ المعاصر في القرن التاسع عشر إلى مساحات من التفاعل مع الحياة كاد أن يكون، في ذلك الوقت، تائها عنها.