يعتبر البحث العلمي، والسعي وراء اكتساب المعارف من أعظم الوسائل للرقي الفكري والمادي للأمم والشعوب، وعلى قدر الإنفاق عليه تكون العائدة النفعية على المجتمع ورقيه، ولم يعد هناك أدنى شك في أن البحث العلمي هو الطريق الأمثل والوحيد لتقدم الشعوب وحل المشكلات التي تعاني منها البشرية في شتى المجالات.
والذي يميز البحث الأكاديمي هو اعتماده على مناهج البحث العلمي التي تتميز بالدقة و العقلانية والتنظيم المنطقى، والابتعاد عن تلك العشوائية وغموض الهدف، ولكل علم مناهجه وتقنياته الخاصة به والمناسبة لطبيعة أهدافه، كما أن هناك مناهج كمية ونوعية، وأخرى نظرية وعملية، وفي كل أعمالنا الأكاديمية نحتكم إلى المنهجية، منهجية البحث الوثائقي، ومنهجية التفكير والمناقشة، وتسيير الحوار، ومنهجية الاتصال والتفاوض، كلها تهدف إلى فكرة النظام والعمل العقلاني، هذا ما يجعل المنهجية لا غنى عنها في كل التخصصات العلمية.
لذلك صرح عالم الطبيعيات (بیكون) فولا: إن المعرفة قوة؛ ولكن أية معرفة بقصدها؛ إنها المعرفة التي استمدت قوتها من توظيفها لمناهج البحث العلمي؛ فأخذت بها المجتمعات آنذاك، لتصيب نصيبها من تسخير الإمكانيات الطبيعية والبشرية بعد أن حللت وفسرت وفهمت، من قبل صفونها، بعضا من الظواهر الطبيعية والوقائع الاجتماعية والثقافية؛ فقدرت لنفسها سيطرة على ما دونها من المجتمعات، هذا الدون في امتلاكه للقوة، حينها فارق المعرفة العلمية، ولازمنها تلك المجتمعات منهاجة وأسلوبا ، و مرجع ووسيلة، مكنتها من إدارة مشكلاتها، ولتحقيق تقدمها وسيطرتها.
وهذا الكتاب يقدم عملا أصيلا يختلف إلى حد بعيد عن كثير من كتب المنهجية في العلوم الاجتماعية، فهو عمل تقني يتميز بالدقة والتنوع، يجيب عن كثير من انشغالات الباحثين والطلبة، ويقدم أساليب عملية سهلة التطبيق، وأمثلة تطبيقية تتماشى مع متطلبات البحث المنهجي.
ويتألف هذا الكتاب من (14) فصلا ، يتناول الفصل الأول مناهج البحث العلمي من حيث الماهية والتعريف. في حين يتناول الفصل الثاني أدوات جمع البيانات في البحوث العلمية.
ويتطرق الفصل الثالث لخطوات البحث العلمي، واجزاء البحث بشيئ من التفصيل.
أما من الفصل الرابع وحتى الفصل الثاني عشر فتناول أهم مناهج البحث العلمي مثل المنهج التاريخي، المنهج الوصفي، المنهج التجريبي، المنهج الاستنباطي والاستقرائي، المنهج المقارن، كما تناولت هذه الفصول قياس الاتجاهات وتحليل المضمون.
في حين جاء الفصل الثالث عشر ليتناول طرق القياس السوسيومتري، وأختتم الكتاب بالفصل الرابع عشر والذي تناول طرق وأساليب توثيق البحوث العلمية.
والله أرجو أن يكون هذا الكتاب علما نافعا، ولبنة في بناء البحث العلمي، والله من وراء القصد.