أخبار ومعلومات

معركة دبلوماسية بين الجزائر والرباط في إفريقيا

بقلم جلال بوعاتي – الخبر

في السابق كانت دبلوماسية الرسائل مزدهرة بين الجزائر والمغرب، في المناسبات والأعياد الوطنية والدينية وفي الجنائز، غير أنه ومنذ عامين بالتمام والكمال تغيرت النبرة.

لا يعتقد دبلوماسيون حدوث أي جديد في العلاقات بين الجزائر والمغرب، والشيء الوحيد الذي يلفت الانتباه في خطاب الملك المغربي الأخير هو تخليه عن اللهجة العدوانية تجاه الجزائر، إذ هي لهجة غير لائقة بمقام رئيس دولة.

لقد كان مقبولا من الناحية السياسية سماع انتقادات وهجمات من الأحزاب والصحافة المغربية، لكن لا على لسان أعلى هرم السلطة، باستثناء تغيير الملك لهجته تجاه الجزائر لا يمكن تحسس أي جديد في الموقف المغربي تجاه العلاقات الثنائية والقضايا الخلافية.

سؤال: ما الذي يدفع محمد السادس نحو التهدئة مع الجزائر؟ الجواب: المغرب بتغييره لهجة مخاطبته للمسؤولين الجزائريين يكون قد اهتدى إلى قناعة أن الجزائريين لن يغيروا موقفهم منه ومن سياسته في ظل سلوكه غير المقبول حتى وإن كان ذلك موجها للاستهلاك الداخلي في بلاده. فالنبرة العدوانية تجاه الجزائر لا تفيد المغرب في شيء، بل تقوي شعور الجزائريين بأنه لا فائدة ترتجى من سياسة اليد الممدودة بالسلام والأخوة وحسن الجوار مع جار يناصبهم العداء.

والتقاليد والأعراف الدبلوماسية واضحة في هذا المجال. رسالة الملك المغربي مناسباتية، أي في ذكرى العرش، وأي حديث عن تحسن مرتقب في العلاقات يعتبر سابقا لأوانه لاعتبارات عدة، أهمها أن الرباط لم تقم بأي خطوة جادة نحو ذلك، لا قبل الخطاب ولا بعده، على الأقل إلى غاية اليوم، من شأنها تأكيد حسن نواياها تجاه الجزائر.

وحسن النوايا لا يكفي في هكذا حالات، فالمطلوب خطوات ملموسة لإعادة بناء الثقة، لذلك ينبغي توضيح أمر مهم وهو غياب مؤشرات جديدة وجدية تدل على حدوث شيء إيجابي من شأنه الدفع نحو تحسن قريب في العلاقات، بل من المتوقع نشوب معركة دبلوماسية حامية بين البلدين في أروقة الاتحاد الإفريقي في المستقبل المنظور، خاصة بعد قبول رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي المغضوب عليه منح صفة مراقب لإسرائيل من دون استشارة الأعضاء، وفضل الغياب عن أديس أبابا على أن يقابل وزير الخارجية رمطان لعمامرة!

ويعتقد مراقبون أن زيارة لعمامرة إلى أديس أبابا ومقر الاتحاد الإفريقي فيها كانت واضحة الأهداف، وهي أن الجزائر غير راضية عن ما فعله المفوض التشادي موسى فقي ولا تتحمل مسؤولية ما آلت إليه العلاقات مع المغرب بسبب ما فعله مندوبه في الأمم المتحدة في اجتماع دول حركة عدم الانحياز.. باعتبار أن فعلة السفير المغربي المعترف بدعم حركة إرهابية تدعو لتقسيم الجزائر (في إشارة إلى يسمى بحركة تقرير المصير في منطقة القبائل) يعاقب عليها ميثاق الاتحاد الإفريقي وبالتالي يمكن القول إن الجزائر بدأت رسميا خطوات قانونية ضد الرباط.

لقد كان للجزائر الدور الكبير في استقلال المغرب ودول إفريقية أخرى كثيرة، وذلك بفضل ثورة التحرير المباركة التي أنهت الحماية التي كانت مسلطة على دول المغرب العربي، وهذه حقيقة تاريخية لا ينكرها أحد.

تفاؤل مفقود

قد يقول قائل إن السياسة فن الممكن، وقد نرى الجزائر والمغرب جنبا إلى جنب يوما ما، مثلما حصل مع دول أخرى عربيا وأوروبيا.. وآخرها طي الأزمة الخليجية. من الناحية العملية، لن يكون ذلك ممكنا دون العمل على بناء الثقة، وفي هذه النقطة بالذات يسود الاعتقاد عند كثير من المتابعين أن ذلك لن يتحقق إلا إذا جنح المغرب إلى الاعتراف باختصاص الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في قضية الصحراء الغربية ومبدأ تقرير المصير فيها. وهذا ممكن، لأنه سبق أن حدث في مراكش سنة 1989 عند إعلان تأسيس الاتحاد المغاربي والتزام الرباط بمحاربة تهريب المخدرات عبر الحدود مع الجزائر.

جزائريا، من المفيد أن تكون علاقات الجزائر مع كل جيرانها جيدة وهذا هو الأصل في مثل هذه الحالات، لكن لا يجب تجاهل الوضع الملتهب على الحدود من جراء حروب أهلية وأوضاع أمنية متدهورة في دول الجوار. بالمقابل، لا يجب أن نبحث عن علاقات جيدة مع الجيران بتقديم التنازلات المؤلمة وعلى حساب المصالح الحيوية.

خلاصة القول، في الوقت الراهن، لا توجد ثقة بين البلدين.. بل منعدمة تماما.. وهذا ما يدفع إلى الحذر وتوقع الأسوأ وعدم التذرع بمنطق المفاجأة.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى