2020, المجلد 1, العدد 45/1, الصفحات 215-264
الخلاصة
إنَّ النظام العالمي يتبلور ضمن إطار التوجُّهات الجيوسياسية للقِوى الكُبْرَى الّتي تمثل المحاور الأساسيَّة في هيكلة النظام، وتتحرك هذهِ القِوى في ضوء المحدَّدات، والقيود، والمراكز، والّتي تَتَّضِح وفق النظريات الّتي تؤسَّس العلاقات الدَّوْلية، إذ أن الدُّوَل المركزية تختلف في تأثيرها عن الدُّوَل الأطراف والهامشية، ويزداد التأثير كلما امتلكت الدَّولة مجموعة من المُقوِّمات الإستراتيجية، والّتي تحفِّز الدَّولة على التوسُّع ضمن إستراتيجية الأمن القومي، بهدف تحقيق المصالح العُليا، لا سيّما بعد انْتِهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، إذ أفرزت النظام العالمي الثنائي القطبية، حيث النظام الرأسمالي بقيادة الولايات المتَّحدة، والنظام الشيوعي بقيادة الاتِّحاد السُّوفياتي، لكن إستراتيجية الاحتواء الأميركية دفعت الاتِّحاد السُّوفياتي إلى التفكُّك عام 1991، وقيام النظام الدَّوْلي الأحادي القطبية بقيادة الولايات المتَّحدة.إنَّ الإجراءات الانفرادية والتحركات التسلُّطية للولايات المتَّحدة في إدارة النظام العالمي دفعت القِوى الإقليميَّة إلى الاستنفار دفاعاً عن مصالحها الذاتية، إذ عادت بقوَّة إلى السَّاحة الدَّوْلية ساعية للصدارة، ولممارسة دور فاعل ضمن النظام العالمي، ومنها مجموعة دُوَل “البريكس” عام 2009، وهي: “روسيا الاتِّحادية، الصين، البرازيل، الهند، وجنوب إفريقيا”، ولعلَّ ظاهرة بروز القِوى الصاعدة، أو الإقليميَّة الجديدة، وتأثيرها المتنامي، خاصة الإقتصادي، مثل تحدِّياً للاستراتيجية الأميركية على الصعيد العالمي، وعمل على صنع قواعد جديدة تتحدى الهيمنة الأميركية، وأصبح لهذه القِوى مواقف عالمية في ضوء ما يُسمَّى “ثورات الربيع العربي” عام 2010، فقد باتت هذهِ القِوى تنسق في ما بينها عن طريق ترتيبات مشتركة ليزيد تأثيرها بشكل جماعي في القرارات العالمية، ولكي تستطيع مواجهة التحدي الأميركي.