كتاب أسلحة، جراثيم، وفولاذ : مصائر المجتمعات البشرية
يخبرنا مؤلف الكتاب جارد دايموند كيف جاءته فكرة الكتاب خلال محادثة له مع أحد سكان نيو غينيا الأصليين، الذي سأل دايموند لماذا لديكم أيها الغربيون الكثير من الشحنات – Cargos جمع شحنة، وهي الكلمة التي استخدمها الرجل ليعني بها لمَ لديكم كل هذه المخترعات؟ – وليس لدينا نحن مثلها، هذا السؤال لم يجب عليه دايموند حينها ولكنه شغله لسنوات طويلة تالية وكان هذا الكتاب الذي تحول أيضاً إلى فيلم وثائقي ممتع قدمه المؤلف نفسه.
الجواب الذي قدمه دايموند يلخصه عنوان الكتاب (أسلحة، جراثيم وفولاذ)، حيث يخبرنا دايموند أولاً باللقاء الشهير بين كورتيز وموكتيزوما إمبراطور الأزتيك وكيف استطاع رجل وبضعة جنود القضاء على إمبراطورية كاملة، ويتخذ من هذه الحادثة التاريخية مدخلاً، ليشرح لمَ كان هناك فارق تقني هائل ما بين الغربيين والأزتيك، شارحا ً عوامل تطور الحضارات، من البيئة النباتية والحيوانية التي تنشأ فيها، وكيف تصنع هذه البيئة فروقات كبيرة على مدى طويل من أعمار الحضارات، وكيف أن تعايش الحضارات وتقاربها يمنحها الفرصة للاستفادة من بعضها، بينما عزلة بعضها يجعلها منكمشة، كما يشرح بعد ذلك أهمية ودور الأسلحة والحديد كأدوات للإنسان، ودور الجراثيم وكيف كان الأوربيون محصنين ضدها لأنهم كونوا مناعة، بينما قضت على السكان الأصليين بشكل مفجع، بحيث مات ملايين البشر بسبب أوبئة وأمراض جاءت مع الأوربيين.
الكتاب متين ومهم جدا ً، وإن كان دايموند استفرغ جهده في شرح لمَ كانت حضارات العالم القديم متفوقة على حضارات العالم الجديد – أمريكا وأستراليا -، وأظن أنه يحتاج إلى عمر ثانٍ وكتاب ثانٍ ليشرح لما تفوق الأوربيون كحضارة على بقية حضارات العالم القديم، وهو ما عالجه في هذا الكتاب بشكل مقتضب وسريع.
