اعداد : أميرة أحمد حرزلي، باحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية – جامعة باجي مختار ـ عنابة / الجزائر
- المركز الديمقراطي العربي
مــقــدمــة:
إنتهت مرحلة الاستفتاء الشعبي في الجزائر وحسمت نتيجة التصويت عليه بنسبة 66.80 % لصالح التعديل الدستوري، مقابل 33.20 % رفضت التعديل، وقد بلغت نسبة المشاركة في الإستفتاء 23.7 % ، ورغم ضعف المشاركة في الاستفتاء، إلا أن الدولة اعتبرت مرحلة الاستفتاء مهمة تحدد المهام والمسؤوليات، مقدمة لإصلاحات عميقة لتأسيس المرحلة المقبلة، ستشهد الجزائر في المرحلة المقبلة، عمليات هيكلية واسعة ورسم وتنفيذ سياسات عامة، إذ تمس الجانب التشريعي والاقتصادي والقانوني على حد سواء.
تتمحور إشكالية المقال فيما يلي:
- ماهي أهم السياسات الورشات الإصلاحية التي من المنتظر أن تفتحها الجزائر استجابة للتغيرات الحاصلة في البلاد؟.
- حل البرلمان والمجالس المحلية المنتخبة
رغم الإختلافات الفكرية بين المكونات السياسية الحزبية في البلاد، إلا أنهم يتفقون على ضرورة حل البرلمان و إعادة تشكيله من جديد وإعادة إنتخاب المجالس المحلية المنتخبة الحالية ( الولائية و البلدية )، لعدة اعتبارات أولها أنها غير شرعية موروثة من العهد السابق، الذي كان يرمز للفساد والتزوير والنهب الخيرات الوطنية، ثانيا البرلمان بصيغته الحالية والمجالس المنتخبة لم تكون تؤدي الدور المنوط بها في التشريع والمراقبة، وثالثا إن التغيير الذي شهدته البلاد منذ 22 فيفري 2019 من إزاحة الرئيس السابق وانتخاب رئيس جديد وإجراء تعديل على الدستور، يستوجب إعادة تشكيل البرلمان والمجالس المنتخبة لتواكب التطورات والتغيرات الحاصلة في البلاد، خاصة أنها لم تكن تعكس الوزن الحقيقي للكتل الحزبية السياسية، ومن المرتقب أيضا في هذا الصدد إعتماد أحزاب سياسية جديدة.
- إعــداد قانون الإنتخابات جديد
من المرتقب بعد مرحلة الاستفتاء أن يتم إعداد قانون إنتخابات جديد، بعد ما كلف الرئيس الجزائري مجموعة من الخبراء والقانونيين والدستوريين في مقدمتهم البروفسيور أحمد لعرابة الذي تولى لجنة إعداد مسودة الدستور، حيث يتضمن القانون الجديد رفع الحظر السياسي عن حزب “الإنقاذ الإسلامي” و تمكينهم من حق الترشح في البرلمان المجالس المنتخبة، وفي مراجعته للقانون العضوي للانتخابات الجديد أكد تبون على اللجنة تحديد مقاييس إنتخابية جديدة وتخص شروط وضوابط الترشح على ضوء التجارب السابقة، وإنهاء تدخل المال السياسي في الانتخابات، و وضع معايير تمنع المحاصصة في توزيع المقاعد و شراء الذمم، والفصل التام بين المال والسياسة لضمان أخلقة الحياة السياسية في البلاد، كما يأخذ بعين الإعتبار تشجيع الشباب لاسيما الجامعيين منهم وتنظيمات المجتمع المدني للدخول الى الحياة السياسية، وتتحمل السلطة كل مصاريف الحملة الانتخابية للشباب الراغبين بالترشح لا يقعوا فريسة المال السياسي الفاسد والمشبوه.
- شركاء المرحلة المقبلة
خلال لقائه لقوى الإصلاح الوطني في التي تضم 100 من فعاليات مدنية وسياسية وحزبية، أعرب الرئيس تبون أن المرحلة القادمة التي ستلي مرحلة الإستفتاء ستشهد إصلاحات عميقة في كافة الميادين والمجالات استجابة لتطلعات الجزائريين، وهو ما يستوجب على الجميع التعاون والمشاركة في تنفيذ مختلف البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومنه فقد إلتقى تبون أوت المنصرم بوفد من مبادرة الإصلاح الوطني المرشح السابق في الرئاسيات عبد القادر بن قرينة ممثل المبادرة، عبد العزيز بلعيد رئيس جبهة المستقبل، والطاهر بن بعيبش رئيس حزب الفجر الجديد، ويسعد مبروك رئيس نقابة القضاة، وسعيدة نغزة رئيسة الكونفدرالية رجال الأعمال، مصطفي زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك، و عبد الحفيظ ميلاط نائب رئيس الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات، عمار خبابة رئيس مجلس نقابة أساتذة الجامعة، وهو اللقاء الذي تسلم فيه الوفد أرضية المبادرة السياسية التي تتضن خطة الإصلاح السياسي والاقتصادي المرتقب.
- الورشات القانونية والاقتصادية ضمن أولويات الدولة المقبلة
من جهته أكد رئيس مجلس الأمة بالنيابة صالح قوجيل عبر موجات الإذاعة الوطنية، أن مرحلة ما بعد إستفتاء الفاتح من نوفمبر المنصرم، ستولي الدولة أهمية كبرى لمراجعة قانون والأحزاب لتكون جاهزة قبل التشريعيات المقبلة، لاسيما مع وجود الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات التي أدت دورا كبيرا في رئاسيات 12 ديسمبر، وعلى المستوى الاقتصادي من المنتظر فتح ورشات اقتصادية تخص الصناعة والتجارة…هدفها تحقيق قفزة نوعية للاقتصاد الوطني، بالتشاور مع كل فعاليات المجتمع المدني، و سيتم تنظيمها من طرف لجنة وطنية متكونة من خبراء إقتصاديين ونقابيين وصحافيين وأئمة…، وستتم مراجعة قانون النقد و القرض، وتدرس الدولة أيضا خلال الفترة اللاحقة إيجاد الأليات اللازمة للتكفل بمخاطر الصرف التي يتكبدها المتعاملون الاقتصاديون بفعل إنهيار قيمة العملة الوطنية.
على المستوى الإقليمي والدولي، ستبقى الجزائر تحافظ على سيادتها في علاقتها مع فرنسا خاصة في ظل نشاط اللوبيات التي تستهدفها، ولا تنازل عن مطلب الإعتراف بجرائم الاستعمار الفرنسي، ويبقى كذلك موقف الجزائر ثابت ومساند للقضية الفلسطينية وإيجاد تسوية سلمية لنزاعي ليبيا وسوريا مالي ولغة السلاح والفوضى لن تجدي نفعا، إذ تعمل على تعميق النزاعات لا حلها.
خاتمة :
خلاصة القول، أن السياسات الاقتصادية والقانونية والسياسية التي سترسمها الجزائر في المرحلة المقبلة سواء حل البرلمان وإعادة تشكيله من جديد بنواب جدد وإعداد قانون إنتخاب جديد، إجراء إصلاحات إقتصادية في قطاعي الصناعة و التجارة….كلها خطوات مهمة أهمية المسار السياسي الذي حققته الجزائر منذ حراك 22 فيفري، و تبقى السياسة الخارجية مرآة للسياسة الداخلية عبر الاحتكام إلى دبلوماسية حل النزاعات العربية بطرق السلمية، وهي خلاصات مطالب يطمح لتلبيتها الشعب الجزائري الطامح للتغيير الإيجابي والعميق و الشامل .