دراسات اقتصادية

إدارة التعاونيات الزراعية المصرية والتحديات المستقبلية

كتب / محمد بغدادي

باحث دكتوراه

Mh_boghdady@yahoo.com

     تتعدد القطاعات التي تهتم بالتنمية في مختلف دول العالم، وتتمثل تلك القطاعات في القطاع الحكومي(العام)، القطاع الخاص، القطاع الأهلي(القطاع الثالث)، القطاع التعاوني، ويعتبر القطاع التعاوني من أقل القطاعات تركيزاً واهتماماً على المستويين الأكاديمي والإعلامي. والتساؤل الذي يطرح نفسه كيف تٌدار التعاونيات الزراعية؟ كيف تتم عملية اصلاح هذه المنظومة؟ تقوم التعاونيات الزراعية بأداور هامة في التنمية الزراعية، والاقتصادية والريفية، في كل دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء. وكانت التعاونيات الزراعية في مصر تقوم بهذه الأدوار على مدار السنين، لكن هذا الدور تراجع بشكل كبير في العقود الأخيرة لأسباب كثيرة.

    وتعتبر التعاونيات الزراعية إحدي المنظمات والركائز الأساسية في التنمية الزراعية. ورغم حدوث العديد من التحديات على الساحه المحلية والإقليمية والدولية إلا أن قانون التعاون الزراعي رقم 122 لسنة 1980 لم يكن قد حدث عليه أي تغيير أو تعديل بما يتواكب مع هذه التغيرات والمستجدات. ولهذا فقد أعدت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي وبمبادرة من وبالإشتراك مع الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي والجمعيات التعاونية العامة للائتمان الزراعي والإصلاح الزراعي والأراضي المستصلحة مشروع قانون لتعديل بعض أحكام هذا القانون وذلك لتمكين التعاونيات الزراعية من القيام بدور أكبر والمشاركة بفعالية في التنمية الزراعية والريفية المستدامة وبعد عرض هذا المشروع علي مجلس الوزراء والموافقة عليه صدر القرار الجمهوري بقانون رقم 204 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون التعاون الزراعي رقم 122 لسنة 1980.  

   كما عاصرت الحركة التعاونية الزراعية فى العقود الثلاثة الماضية للإصلاح الإقتصادى الزراعى فى ظل أوضاع وفرت لها الدولة إمكانية العمل بأمان كأحد أجنحة الاقتصاد القومى الذى تسبغ عليه حمايتها وتوفر لها رعايتها . ولقد واكب تنفيذ بعض سياسات وبرامج الإصلاح الإقتصادى وتحرير القطاع الزراعى ظهور مجموعة مـن الجوانب السلبية والإيجابية التى يحتمل أن تنعكس آثارها على تطوير التعاونيات الزراعية وبالتالى على مسيرة التنمية الزراعية فى مصر .

   وبصفة عامة فإن الوقوف على بعض أهم المشكلات التى تتعرض لها التعاونيات الزراعية فى الدولة المصرية خلال تطبيق برنامج الإصلاح الإقتصادى فى القطاع الزراعى وكذلك الوقوف على إيجابيات هذا البرنامج وذلك كله بهدف الوصول إلى بعض النتائج والتوصيات التى قد تساعد مخططى ومنفذى السياسات التعاونية الزراعية على تطوير هذه التعاونيات ودعم دورها فى التنمية الزراعية .

    كما تعانى التعاونيات الزراعية من نقص كبير فى الدعم المقدم لها لقيامها بأنشطتها خاصة فى غياب بنك للتعاون ، وعليه تحتاج هذه التعاونيات إلى تمويل أولا من الأعضاء ثم من مصادر أخرى كالبنوك والتعاونيات الأخرى والجمعيات الأهلية وصناديق التمويل الحكومية والمشتركة ، هذا بالإضافة طبعا إلى تنمية الموارد المالية الذاتية للتعاونيات من خلال رفع قيمة السهم وتناسب مساهمة العضو مع حجم معاملاته ، وإصدار أسهم ممتازة تعطى ريع استثمار ووضع نظام للادخار يشجع الأعضاء ، وإنشاء صناديق توفير القروض الميسرة .

  كما  تعتبر التعاونيات الزراعية أحد أهم سبل التنمية في القطاع الزراعي المصري لما قدمته وتقدمه من خدمات ودعم عيني ونقدي للفلاح على مدار عقود طويلة بالنظر إلى أن هناك ما يقرب من 5 ملايين فلاح يشكلون بأسرهم حوالي 55% من السكان في مصر تحت مظلة الاتحاد التعاوني الزراعي. ويرجع تنظيم النشاط التعاوني الزراعي كنشاط مستقل بنهاية ستينات القرن الماضي وتحديداً في عام 1969 بصدور قانون 51 لسنة 1969 الذي نظم التعاونيات الزراعية بشكل منفصل عن الجمعيات التعاونية الاستهلاكية والإنتاجية وغيرها. ويتكون البنيان التعاوني الزراعي من الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي والجمعيات التعاونية الزراعية. يعتبر الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي قمة التنظيم التعاوني الزراعي ويتكون من الجمعيات التعاونية الزراعية العامة متعددة الأغراض والنوعية ويتولى دعم الجمعيات المكونة له ومعاونتها في أداء وظائفها.

يواجه التنظيم التعاوني الزراعي المصري مجموعة من التحديات أهمها: عدم توافر معلومات عن القطاع التعاوني الزراعي وأدواره وقدراته، وضعف القدرات والكوادر البشرية العاملة في هذا المجال بالإضافة إلي غياب نمط الثقافة التعاونية والعمل التضامني والجماعي في المجتمع ككل في ظل سيادة مفهوم ونمط الاستهلاك والإنتاج الفردي في كافة المجالات في الريف. وقد قامت المبادرة بدراسة موضوع التعاونيات الزراعية وفقاً للتقسيم السابق وخلصت إلى مجموعة من التوصيات العامة كان أهمها:

  • تشجيع المشروعات التعاونية المشتركة للقضاء علي التفتت الحيازي.
  • السماح للجمعيات بالاستيراد والتصدير.
  • دعم الدولة للتعاونيات ونشر الوعي بالنظام التعاوني علي أن يقتصر دور الدولة علي الرقابة.

كما قدمت المبادرة مجموعة من التوصيات على الأدوات التشـريعية المنظمة للموضوع كان أهمها التوصية بتعديل قانون التعاون الزراعي طبقا للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والظروف المحيطة مع مراعاة مواكبتها للمبادئ التعاونية الدولية وأهمية صياغة بنود القانون بوضوح دون لبس أو غموض مع توفير آليات واضحة للتنفيذ، وكذا التوصية بإلغاء بعض الأدوات التشريعية التي تحول دون التنظيم الأمثل للنشاط.

 

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى