The Feminist criminality between the anthropological factors and contemporary the social change
ط.د. رزاق رزيقة/جامعة باجي مختار، عنابة، الجزائر
Rezag Razika, PHD Student /University of Annaba, Algeria
مقال منشور مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 74 الصفحة 91.
انطلقت الورقة البحثية من أطروحة أساسية، مفادها أن ظاهرة الإجرام النسوي تتموقع ضمن جدلية ثنائية، يتشكل قطبها المعارض بالضرورة في المعيار الذي تتخطاه، مما ينأى عن التوظيف الأيديولوجي أو الترويج للصورة النمطية للمرأة، بل تعدتها إلى الوقوع في براثين الانحراف وتجاوز القيم الذي سطرها المجتمع، وقد ارتدى سلوك المرأة ثوب التغير الثقافي و تصبغ بمرحلة جديدة من التغيرات المجتمعية التي تساير مستجدات العصر، ورهانات العولمة التي أضحت السمة الأساسية للمجتمع. هدفت الدراسة لتسليط الضوء على إشكالية السلوك الإجرامي عند المرأة، انطلاقا من العوامل الأنثروبولوجية التي تستند حصرا على النزعة الفردية الداخلية للمرأة المجرمة، مع مراعاة التحولات القيمية التي أفرزها التغير الاجتماعي . تندرج الدراسة ضمن البحوث الوصفية التي تسعى لوصف و تصوير ظاهرة الإجرام النسوي، من خلال جدلية العلاقة بين الأصل البيولوجي للجنس الأنثوي و معاصرة التغير الاجتماعي .
الكلمات المفتاحية: الجريمة، المجرم، المرأة المجرمة، الأنثروبولوجيا، أنثروبولوجيا الجريمة، التغير الاجتماعي .
مقدمة:
تشكلت أول خطيئة في تاريخ البشرية، منذ أن خلقت حواء من ضلع آدم، إذ ترسخت عقيدة لعنة النزول من الجنة إلى الأرض بالمرأة، وظل مصطلح المرأة حبيسا بنزعة الانحراف عن المعهود وتجاوز العقيدة المنطقية، مقابل هذا، فإن الخطاب المهيمن حول إشكالية الإجرام النسوي، يتم تأسيسه بناءً على النزعة الأنثروبولوجية مشكلة أبعادها على البنية المورفولوجية، الفيزيولوجية والنفسية للمرأة، وهنا ترسم ملامح الفرق بين إجرام الرجل والمرأة، بإعتبار أن السلوك الإجرامي ظل دهرا طويلا من الزمن مجالا ذكوريا بامتياز، وأصبحت جدلية الأصل والتغير تشكل حلقة من حلقات التفسير النظري. أين ظهرت تجليات هذا التطور في تعزيز و تشييد منظومة من المشارب و الرؤى الجندرية، حيث أثبتت مسألة الإجرام النسوي حضورها في مجال العلوم الاجتماعي ة على وجه العموم و علم أنثروبولوجيا الجريمة على وجه الخصوص، كمقاربة أنثروبولوجية تركز على النوع الاجتماعي كذات مستقلة، وقد أخذ هذا الخطاب أبعادا عديدة ومؤشرات مختلفة، رسمت ملامحها بفعل التغيرات الاجتماعي ة والتحولات القيمية. إذ يعد إجرام النساء أحد أبعاد الإجرام المعاصر، واقتحام المرأة الفضاء الرجولي كحدث تاريخي يحمل ضمنيا فكرة إعادة توزيع كامل الأدوار والوظائف الاجتماعي ة، وإعادة بلورة السلوك. إذ نجد أن المرأة دخلت مختلف ميادين الحياة ونافست الرجل في جميع الأنشطة، بما أدى لتحررها ودخولها سوق العمل، فاختلت بذلك القيم وتفسخت على إثره المعايير ما انجر عنه ظاهرة الإجرام النسوي.
أهمية الدراسة: يكتسب موضوع بحثنا أهميته من الأهمية التي تكتسبها المرأة في استمرار الإنسانية، على اعتبارها المكون للأجيال والدعامة الأساسية لعملية التنمية، وعليه بات ضروريا الاهتمام بقضايا المرأة على وجه العموم، وظاهرة الإجرام النسوي على وجه الخصوص، وما نجم عنه من خلل يهدد ثبات القيم و سبب تفسخا في المعايير والأنظمة الاجتماعي ة، وبالرغم من أن الجريمة من الظواهر الاجتماعي ة الخطيرة، إلا أن الاهتمام بالنوع الاجتماعي لمرتكب الفعل الإجرامي يعد قليلا وبعيدا عن الطرح والتحليل، وعليه جاءت هذه الدراسة لسد ثغرة الدراسات السوسيوأنثروبولوجية التي طرحت ظاهرة الإجرام النسوي.
إشكالية الدراسة: تعزى نمطية الجريمة إلى الرجل كمرتكب للسلوك المخالف للجماعة، باعتباره المتهم الأول بالتمرد والمروج الأساسي للهيمنة في ذهنية المجتمعات العربية، وقد تجلى الإجرام المعاصر في ارتكاب المرأة للجريمة و تجاوزها بذلك القيم التي سطرها المجتمع، إذ تعبر الجريمة عند المرأة على مجموعة من البنى العلائقية، التي تؤثر سلبا على البناء الاجتماعي مفرزا بذلك ظروفا وأسبابا، تتفاعل لتنتج لنا جملة من السلوكيات المنحرفة والمشكلات الاجتماعي ة مؤثرة بذلك على الأنساق الاجتماعي ة، الأمر الذي دفعنا إلى البحث المنهجي في البعد الأنثروبولوجي و السوسيولوجي. باعتبار أن اختلاف إجرام المرأة عن الرجل مرتبط باختلاف تكوينها البيولوجي من جهة، وتجليات التغير الاجتماعي الذي ألقى بظلاله على كافة أقطار العالم من جهة أخرى، لما خلفه من أثر في صراع المكانة والدور لدى المرأة خاصة المجتمعات العربية، وعليه تبلور التساؤل المركزي كالآتي:
-كيف تؤثر العوامل الأنثروبولوجية والتغير الاجتماعي على ظاهرة الإجرام النسوي؟
وكان لابد من طرح أسئلة فرعية، التي اعتمدت كوحدات أساسية في هذه الورقة البحثية حيث جاءت كالآتي:
– ما علاقة الإجرام النسوي بالعوامل الأنثروبولوجية؟
– ما هو أثر التغير الاجتماعي على إجرام المرأة؟
أولا- المعالجة المفهومية للدراسة.
نستعين بتحديد المفاهيم الأساسية للدراسة حتى نوضح بها المتغيرات الرئيسية، من أجل تحديد الدلالات والأبعاد المختلفة، والتحكم في دراسة الظاهرة وتفسيرها من منظور تعددي، باعتبار أن الظاهرة متعددة الأبعاد.
1-الجريمة.
تعرف الجريمة من حيث المنظور السوسيولوجي بأنها كل فعل يتعارض مع كل ما هو نافع للجماعة، وهي كل سلوك لا اجتماعي يكون موجها ضد مصالح المجتمع ككل.[1]
أما بالنسبة للمدخل الأنثروبولوجي فإن العالم الأنثروبولوجي البريطاني راد كليف براون، يعرف الجريمة على أنها خرق للعادات تثير طلب تطبيق العقوبات.[2]
2-المجرم.
يعرف المجرم من منظور علم الإجرام بأنه كل من ارتكب فعلا يكون جريمة، وصدر بحقه حكما مبرما بإدانته أمام القضاء، ومن كان فاعلا للجريمة سواء ارتكبها وحده أو مع غيره، ولا يمكن وجود المجرم دون الجريمة والقانون هو الذي يحدد السلوك الإجرامي.[3]
أما من المنظور القانوني فإن المجرم، هو الشخص الذي ينتهك القانون الجنائي الذي تقرره السلطة التشريعية التي يعيش في ظلها، فالمجرم في قانون العقوبات هو من أتى فعلا يعد جريمة في قانون العقوبات.[4]
والمجرم من المنظور الأنثروبولوجي هو كل شخص خرق العادات والقواعد التي وضعها المجتمع، تتطلب تطبيق القانون.
3-المرأة المجرمة.
هي الأنثى التي تسلك سلوكا لا اجتماعيا، يناوؤه المجتمع و يعاقب عليه القانون.
4- الأنثروبولوجيا.
تعرف الأنثروبولوجيا بأنها كلمة لاتينية، مشتقة من الأصل اليوناني المكون من شقين –أنثروبوس- معناه الإنسان، و-لوجوس- معناه علم، أي علم الإنسان.[5]
في حين ذهب والتر تايلور في تعريفه للأنثروبولوجيا، بأنها الدراسة البيوثقافية المقارنة للإنسان مع الكائنات الحية الأخرى.
أما إدواين سوذرلاند فقد عرف الأنثروبولوجيا، بأنها العلاقة بين المظاهر البيولوجية الموروثة للإنسان، وما يتلقاه من تعليم ثقافي أثناء عملية التنشئة الاجتماعي ة.[6]
5-أنثروبولوجيا الجريمة.
تعرف أنثروبولوجيا الجريمة بأنها العلم الذي يركز على تكوين الفرد المجرم من جميع النواحي البيولوجية، وبتأثير تكوين شخصيته بالبيئة الاجتماعي ة المحيطة به، لتقدم لنا الأسباب الدافعة للجريمة من وجهة النظر الفردية.[7]
كما تعرف أنثروبولوجيا الجريمة بأنها علم طبائع المجرم، ومضمون هذا العلم هو دراسة المظاهر العضوية والنفسية للمجرمين، سواء بما يتعلق بخصائصهم البدنية الظاهرة و بأجهزة جسمهم الداخلية، غرائزهم وعلاقة هذه المظاهر بالجريمة.[8]
6-التغير الاجتماعي :
كل تحول يحدث في النظم والأنساق الاجتماعي ة، سواء كان ذلك في البناء أو الوظيفة، خلال فترة زمنية معينة.[9]
كما يعرف التغير الاجتماعي بأنه كل تحول يحدث في النظم والأنساق، والأجهزة الاجتماعي ة سواء البنائية أو الوظيفية خلال مدة زمنية معينة.[10]
ثانيا- علاقة الإجرام النسوي بالعوامل الأنثروبولوجية.
خلقت حواء من ضلع آدم و تسلسلت العقيدة الأساسية للجنس، على مقاربة مفادها أن آدم ذو القوامة و حواء ذات المكانة الثانوية، وإن الاختلاف بينهما يفنده جوهر خالص متمركز حول ثنائية التمايز، وقد مارست المرأة عبر العصور أدوارا تتلائم و مكانتها المعهودة، ومع تتابع الأزمنة تمردت المرأة وخرجت من رحم السواء لممارسة فعل لم يكن قبل هذا يروى حتى في الأساطير، وإن ذكر يذكر على أساس خطيئة، ولم يدرج ضمن الأفعال المحظورة إلا بتجاوزه شتى المقاييس، ناهيك عن نسبة جرائم النساء غير المبلغ عنها تفاديا للعار. و قد اختلفت المشارب و تعددت الرؤى حول تفسير ذلك السلوك، الذي انحرف بالمرأة عن معايير المجتمع و قيم الجماعة. إلا أن تركيزنا يتمحور حول من نادوا بأساس العوامل البيولوجية كعامل رئيسي لاقتراف الأنثى للسلوك الإجرامي، ألا وهي المدرسة الوضعية، وعلى إثره يتجسد التساؤل الآتي ،كيف فسر أنصار المذهب الأنثروبولوجي إجرام المرأة؟
تبنت المدرسة الوضعية فكرة الاختلاف بين المجرم والشخص العادي، لتبين أن المجرم مضطر إلى ارتكاب الجريمة، لنقص أو تشويه في تكوينه الجسمي، النفسي والعقلي. وفي هذا الإطار تكون التفسير البيولوجي العلمي لأنثروبولوجيا الجريمة، حيث وضع العالم الإيطالي سيزار لومبروزو أسس العوامل البيولوجية في تفسير الجريمة، باعتباره مؤسس المذهب الأنثروبولوجي في علم الإجرام، عندما قام لأول مرة ببحث العوامل البيولوجية للجريمة على أساس علمي منظم، حيث قام بدراسة 400مجرم، وقد خلص إلى تأكيده على وجود مجموعة من السمات والصفات الشاذة التي تميز المجرم عن الشخص العادي، وهي من خصائص الحيوانات السفلية والتي مردها نكسة أو ردة وراثية أي انحطاط بيولوجي، وقد نشر لومبروزو نتائج أبحاثه في كتابه الموسوم-الرجل المجرم- سنة 1876م، ومن هنا ظهرت أنثروبولوجيا الجريمة التي عنيت بدراسة المجرم من الناحية البيولوجية، ونادت بوجوب دراسة المجرم بدلا من دراسة الفعل الإجرامي ذاته، وأخذ علماء أنثروبولوجيا الجريمة بتقسيم المجرمين إلى أقسام و طوائف مختلفة على أساس وجود السمات والصفات الخاصة التي فندها لومبروزو.[11]
ومن أهم تلامذة لومبروزو، أنر يكو فيري و رافاييل جاروفالو حيث ساهم هذا الأخير بقسم كبير في وضع النظرية الأنثروبولوجية، إذ يعتبر ثاني أهم مؤسس للمدرسة الوضعية، من خلال دراسته للتخفيف من حدة التطرف التي نادت به مدرسة الأنثروبولوجيا الجنائية، وقد أجرى العديد من الدراسات وأستنتج علاقة السلوك الإجرامي بالخصائص العضوية إضافة إلى تحديد الفرق بين الجريمة الطبيعية والجريمة المصطنعة، أما فيري فقد ضم العوامل الاجتماعي ة إلى العوامل العضوية وربط حتمية الجريمة بحالة التشبع الإجرامي.[12]
وقد ظهرت نزعة قوية في البحث عن علاقة السلوك الإجرامي بالتشكيل العضوي الداخلي للفرد، وظلت أنثروبولوجيا الجريمة في تلك الفترة حبيسة أعمال فرانز جوزيف غايل ومقاربته في الفرينولوجيا، إذ كانت دراسته مورفولوجية إحصائية. فقد انطلق غايل من دراسة جماجم المجرمين وشكلها إضافة لبنية الدماغ و المواد العصبية، فقد اختلفت تركيبة جماجم المجرمين عن الأشخاص العاديين. بعد النقد الذي وجه لمقاربة الفرينولوجيا، لم يعد البحث يركز على معرفة علاقة الجماجم وشكلها، ولم تعد دراسة الدماغ تقتصر على القابلية في الجريمة فقط، بل امتدت الدراسات إلى دراسة الاختلاف بين دماغ المرأة والرجل.
في دراسة بول بروكا حول العناصر الفيزيولوجية والنفسية والعلاقة بين الغريزة الجنسية والجهاز العصبي، أجراها سنة 1860م، في مستشفيات أمريكا قام باستنتاج أن دماغ الرجل يزن 1325غ أما دماغ المرأة يزن 1100غ وتقدر نسبة الإختلاف14%، ومنه يستنتج منطقيا بأن المرأة تعتبر أقل من الرجل في البنية التكوينية، وهذه الأطروحة لم توقف بروكا عن البحث، ففي عام 1861م أكد على أن صغر حجم دماغ المرأة له علاقة بصغر بنيتها الجسمية، وأن المرأة أقل ذكاء من الرجل، كما يضيف إلى أن صغر دماغ المرأة يرتبط آليا مع البنية الفكرية. إن خطاب بروكا يبدو أكثر انفتاحا من طرح تلميذه غوستاف لوبون، الذي يتربع على عرش النزعة العرقية، حيث وضع سلما للتطور العقلي، يترتب من الأسفل إلى الأعلى كالآتي: الزنجي، الطفل، المرأة وعلى رأسهم الرجل، ويضيف لوبون موضحا أن الأشخاص من عرق الزنوج يمتلكون دماغا أكبر نسبيا من دماغ المرأة من العرق الأبيض، وأن الجنس الزنجي يقترب من القردة المتوحشة.[13]
ركز لومبروزو في كتابه الموسوم-المرأة المجرمة- سنة 1895م، أن المرأة أقل تطورا على سلم التطور مقارنة بالرجال، وأقرب في سلوكها للأطفال وأقل حساسية وأقل ذكاء، أما المرأة المجرمة فرأى أنه يمكن تمييزها عن المرأة الطبيعية من خلال السمات الفيزيقية، إذ استخدم لومبروزو مفهوم الارتداد الوراثي أو البدائية في تفسير الجريمة عند النساء، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف نفسر تباين معدلات الجريمة عند الطرفين؟. يجيب لومبروزو على ذلك من خلال التأكيد على أن معظم النساء لا يرتكبن الجريمة بسبب وجود بعض الصفات لديهن، تلك الصفات التي تعيد عملية التوازن كالطاعة، الولاء للأسرة، الأمومة، الحاجة إلى العطف، البرود الجنسي، الضعف والذكاء غير المتطور، وبالتالي فإنها تشبه الطفل في سلوكياتها . وعلاوة على ذلك فقد اعتقد لومبروزو أن معظم جرائم النساء سرية.[14]
بعد ما قام بإلقاء نظرة على الجرائم التي تقترفها الإناث من عالم الحيوان، قام لومبروزو بفحص تشريحي مرضي وقياس الإنسان، على جمجمة ودماغ النساء المجرمات والمومسات في العالم المتدين، ومن تلك الدراسة استنتج بأن المجرم النموذجي نجده أقل بمرتين اثنتين عند المرأة المجرمة عن الرجل المجرم (18% مقابل 31%). وبالمقابل يبدو هذا النموذج يتواتر بشكل قوي عند المومسات. ويكشف الفحص البيولوجي للمجرمات والمومسات تقلبا في الحساسية (المزاجية)، باستثناء الحساسية الجنسية التي تأخذ أبعادا رهيبة عند المومسات، وتتجلى عندها بميل كبير نحو السحاق، إذ يفسر لومبروزو هذا الميل الجنسي المثلي كإحدى علامات الانحطاط الذي يعود للأصول القديمة للنوع، قبل الطوفان في أزمنة كانت تسود فيها الخنوثة، وهناك علامة أخرى لهذا الانحطاط، تتمثل في أن المجرمة بالولادة والمومس بالولادة تجهلان غريزة الأمومة. لقد قام لومبروزو بفحص زهاء 122 امرأة مجرمة، إذ لاحظ عندها مجموعة من الطبائع التي توجد فيها تواتر بارز، بروز الفكين، عين كئيبة ومائلة، بروز الوجنتين، ذكورية المظهر، الشفاه الدقيقة، الإذن ان في شكل قفة، حول العينين، وأسنان غير سوية.إن مايمز المجرمات عند لومبروزو مقارنة بالنساء العاديات هو أنها تتميز بغزارة قصوى للشعر وتوزيع شعر العانة، وهذا ما يقربها أكثر من الطابع الذكوري وزيادة على ذلك يكون شعرها أسودا.[15]
تفقد المرأة المعايير الموضوعية إذا اشتدت غضبا، فهي تسير خلف عواطفها في اتخاذ أي قرار، وقد ذكر علماء النفس مايؤيد صحة هذا الرأي، باعتبار أن المرأة ذي عاطفة شفافة سرعان ما تتأثر وتضطرب عواطفها، وتزداد انفعالاتها أو تختل حالتها النفسية حتى تكون عاطفتها هي الآمر الناهي مما يدفع المرأة إلى اقتراف أخطر الجرائم في لحظة انسياقها وراء عاطفتها، وللعوامل النفسية أثر لا يستهان به على سلوكها الإنساني خيرا أم شر، وقد ترتكب المرأة فعلا إجراميا إذا شعرت بفقد شيء من ذاتيتها أو مما يختص بها، سواء في العنصر الروحاني أو المادي ولذا فإنها تقترف جريمتها متى ما مست مشاعرها مساسا جارحا أو تعرضت مصالحها للخطر، وهكذا تتناسب كمية الجرائم تناسبا طرديا مع اضطراب عواطفها واشتداد غضبها.[16]
يفوق الرجل المرأة قوة، فالمرأة من حيث قوة وحجم أعضائها وأجهزتها الداخلية أضعف من الرجل، وقد أكد العالم البلجيكي كيتيليه في هذا الصدد، بأن المرأة من الناحية العضوية تحظى بنصف ما يحظى به الرجل و فحوى هذه الأطروحة هو قلة إقدامها على جرائم العنف وجرائم السطو والاغتيال، ومن ناحية أخرى فإن المرأة تتعرض لتغيرات فيسيولوجية تؤثر على حالتها النفسية تأثيرا قد يقودها إلى هاوية الجريمة، من فترات البلوغ، الحيض، الحمل، النفاس، فترة ما بعد النفاس وما ينجر عنها من اضطرابات نفسية قد تقودها في بعض الأحيان إلى السلوك الإجرامي.[17]
إن للاضطرابات الفيزيولوجية الخاصة بالمرأة أثر في حالتها النفسية والعقلية، حيث شرع الباحثون في العلوم الجنائية إلى التأكد من مدى إمكانية وجود علاقة بين الاضطرابات الفيزيولوجية الخاصة بالمرأة، من طمث، حمل، نفاس وبين سلوك المرأة الإجرامي، فأجريت الدراسات في سبيل التأكد من تأثير هذه الحالات الخاصة بالسلوك الإجرامي للمرأة من عدمه، ففي دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، أظهرت أن 167 امرأة تم القبض عليهن بسبب توجيههن تهما جنائية نتيجة لسلوكهن الإجرامي أثناء فترة الحمل، وقد تمثل سلوكهن الإجرامي بجرائم الإهمال، العدوان وحيازة السلاح، أما بالنسبة لعلاقة النفاس بالجريمة، فإن الأخيرة ترتبط ارتباطا وثيقا بجريمة قتل طفل حديث العهد بالولادة ، إذ ترتكب الأم جريمة قتل وليدها بسبب الاضطرابات الفيزيولوجية التي تحصل لها في فترة النفاس ،ما يعرف باكتئاب ما بعد الولادة، باعتباره مرضا نفسيا خطيرا يفتك بقوى المرأة العقلية ما يقودها للوقوع في براثين الجريمة.[18]
أما الأعراض المصاحبة لدورة الحيض فقد تكون مسؤولة في بعض الأحيان عن السلوك الإجرامي، ومن هذا المنطلق وجه كثير من الباحثين اهتمامهم نحو دراسة العلاقة بين دورة الحيض والسلوك الانحرافي، وقد أجمعت نتائج معظم الدراسات على ارتفاع نسبة السلوك الإجرامي في مرحلتي ما قبل الحيض وأثناءه أكثر من بقية الدورة، فقد أجرى مورتون عام 1953م دراسة على مجموعة من السجينات، وجد أن 62%من جرائم العنف التي اقترفنها حدثت في الأسبوع الذي يقع في مرحلة ما قبل الحيض، وذلك بالمقارنة ب2% من جرائم العنف التي حدثت في أسبوع مرحلة الحيض. بينما قامت دالتون عام 1961م بدراسة 156 سيدة من السجينات، فتبين أن 49% منهن قد ارتكبن جرائمهن في الأيام الأربعة الأولى قبل الحيض، أو في الأيام الأربعة الأولى أثناء مرحلة الحيض.[19]
و قد أكدت بعض الدراسات أثر كروم وزوم الذكورة على السلوك الإجرامي، وقد لوحظ وجود كروموزومات ذكرية إضافية في الأشخاص الذين يرتكبون جرائم عنف، فالمعروف أن الخلية الذكرية السوية يوجد بها كروموزوم X وآخر Y، والخلية الأنثوية السيئة يوجد بها XX.
إضافة إلى دراسة أثر كروموزوم الذكورة على السلوك الإجرامي، فقد أجريت العديد من الأبحاث التي استهدفت دراسة أثر نشاط المخ والجهاز العصبي على السلوك الإجرامي، وفي دراسة أجراها إلنجسون سنة 1954م، تناولت عينة البحث عدد 1500 مجرما كان من بينهم نسبة تتراوح مابين58،31% ظهر في رسوم موجات المخ عندهم نوع من الشذوذ، من أكثرها الموجات البطيئة ومن بين المجرمين المندفعين والعدوانيين كان الشذوذ في موجات المخ، لا يشتمل كل أجزائه ولكنه كان محددا في الفصوص الصدغية في النصف الكروي من المخ.[20]
أما الباحثة تورنوفسكي في دراستها لعلاقة المرأة بالانحراف، أكدت من خلال نتائج الدراسة بأن المومسات والسارقات تنتمين إلى فئة النساء اللاسويات، المنحلات والمنحطات. في حين قامت الباحثة بقياس ومقارنة بين خمسين امرأة من العرق نفسه، تقمن بقرية تابعة لمقاطعة سان بطرسبيرج وخمسين امرأة ريفية أخرى من ريف بولتاوا. ويبدو أن علامات التحلل والانحطاط الفيزيقي تبرز بكثرة من خلال تشوهات الدماغ(تحدب إلى أعلى الدماغ)، تشوه سطح الدماغ، صغر الدماغ، شذوذ وتشوهات الوجه( بروز الفكين السفليين، انحرافات الأنف، قوس الحنك على شكل مقذوف، أسنان معيبة، إذن ان مكتنزتان وغير مفصصتين بشكل جيد. وهذا العيب والتشوه يفسره عامل الوراثة ، تعاطي الكحول ومرض السل المتوارث من الأسلاف. ومن الناحية النفسية تقسم تارنوفسكي المومسات إلى فئتين كبيرتين: المومسات اللاتي يظهر عليهن ضعف الذكاء أو الغباء واللاتي تقسمهن بدورهن إلى بليدات ولا مباليات. وتلك اللاتي تظهر عليهن عيوب نفسية ترتبط بتكوينهن العصابي المرضي أو المومسات المنحلات والمنحطات واللاتي تقسمهن بدورهن إلى هستيريات ودون حياء، وترى الباحثة تارنوفسكي بأن النساء السارقات يشبهن كثيرا المومسات من المنظور النفسي كما من وجهة النظر الفيزيقية، ويعود هذا دون ريب إلى وراثتهم المماثلة والبيئات المشابهة التي عشن فيها.[21]
تعتبر العوامل البيولوجية إحدى مسببات السلوك الإجرامي عند المرأة، وبما أن سلوك المرأة على وجه العموم و السلوك الإجرامي للمرأة على وجه الخصوص، كفيل بتبني مفاهيم الترابط والتعدد، ما يترتب عليه تركيب الكل ضمن الشمولية والعلائقية. فإن المكونات الأنثروبولوجية تعتبر عوامل مكملة لما خلفه التغير الاجتماعي في المجتمع: كالتحضر، الهجرة، الصراع الثقافي. وعليه فإن ظاهرة الإجرام النسوي هي المؤشر الأهم في مجموع التحولات الاجتماعي ة وأبرز إفرازات التغير الاجتماعي . هنا لا يتسنى لنا سوى تحليل هذه العلاقة من خلال الشق الآتي، ولاستهلاله لابد لنا من طرح التساؤل الآتي: ما هو أثر التغير الاجتماعي على إجرام المرأة؟
ثالثا- أثر التغير الاجتماعي على إجرام المرأة.
إن جملة التحولات القيمية التي أفرزتها ضروب التغير الاجتماعي اقتضت صراعا في مكانة ودور المرأة ، باعتبارها الدعامة الأساسية للعنصر البشري والمسؤول الرئيسي للتنشئة الاجتماعي ة داخل المنظومة الأسرية، من خلال نقل الإطار القيمي التربوي السليم للنشء، ليصبح فردا صالحا فعالا في المجتمع، أما إذا تفسخت قيم الأم ، يتم نقل القيم غير السليمة للمجتمع كموروث قيمي تربوي مخالف للمجتمع، إذ إن أي خلل في الأداء الوظيفي لنسق من الأنساق ينعكس سلبا على بقية الأنساق ومن ثم على المجتمع برمته.
إن من أهم مظاهر التغير أنه أتاح للمجتمع الصناعي الحديث الفرصة أمام المرأة للالتحاق بسوق العمل خارج البيت والمساواة مع الرجل والحصول على أجر نظير هذا العمل، بعدما كانت المرأة التقليدية إما ماكثة بالبيت أو تعمل في الزراعة لتساعد زوجها، أو تعمل عملا حرفيا كالطرز و الخياطة وهي في بيتها. إذ كانت القيم السائدة أن تتفرغ المرأة لرعاية الزوج والأولاد، وخروجها للعمل كان له تأثير على الحياة الزوجية والعلاقات الأسرية، كما فتح عمل المرأة أمامها مجالات واسعة من النشاط الاجتماعي وأحدث تغييرات هامة في مكانتها في المجتمع.[22]
تظهر حالة التناشز أو حالة من التخلف التي يشير إليها بعض علماء الاجتماع أحيانا بحالة التناشز الثقافي، انطلاقا من أن التغير الذي ينصب على بعض قطاعات الثقافة المادية، وغيرها من العناصر الأخرى التي ترتبط بالبيئة الطبيعية والأشياء المادية، فقد حاول بعض علماء الجريمة أن يجدوا العلاقة بين حالة التناشز الاجتماعي بالجريمة، وتقوم فرضيتهم على أساس أن الجريمة تشيع في الثقافات التي يختل فيها التوازن بين الجانبين المادي والمعنوي. والمعروف أن القوانين العقابية ذات طبيعة مستقرة ثابتة وهذا يجعل أن كل تغير مفاجئ سريع في طبيعة الحياة المادية للأفراد، لا يستتبع بالضرورة تعديلا فوريا في نصوص القوانين العقابية السائدة في المجتمع. وهذا يعني أن القوانين العقابية السائدة في المجتمع قد تعجز عن مواجهة بعض الحالات الجديدة، التي ظهرت نتيجة للتغير الاجتماعي الذي لحق بثقافة المجتمع. وهذا معناه أن هذه الحالات والظروف الجديدة تخلق جرائم جديدة، لم تتضمنها نصوص هذه القوانين التقليدية. وهذا بدوره يضاعف حجم الجريمة.[23]
لم يقتصر اهتمام علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا في دراستهم للثقافة على دراسة أثنوجرافية عن ثقافات شعوب مختلفة ومتباينة، بل حاول بعضهم أن يقدم صياغات نظرية منظمة تفسر حدوث التغير الثقافي، فكيف يحدث التغير الثقافي؟
تمثل مختلف المحاولات التي تبذل لتفسير وفهم التغير الثقافي من منظور العملية التطورية، التي استعارت فكرتها من علم البيولوجيا وتأثرت في تطبيقها بالنظرية التطورية التي قدمها داروين في كتابه” أصل الأنواع”، وتشتمل هذه النظرية بوجه عام كمدخل تحليلي وتفسيري للتغير الثقافي على فكرتين أساسيتين، تتعلق الأولى بانتظام السلوك الإنساني في علاقته بموضوعات مادية بحثة، وعلى ذلك تتصور نظرية التخلف الثقافي أن ما نحتاج إليه بالفعل وبخاصة المجتمعات الحديثة، هو التسريع في التغيرات في الجانب اللامادي للثقافة لتتواكب مع تغيرات الجانب المادي السريعة والمتلاحقة، أما فيما يتعلق بالفكرة الثانية فهي تقوم على أساس تحديد المراحل التطورية للتغير الثقافي، حيث نجد أن علماء الأنثروبولوجيا الأوائل قد شغلوا بفكرة الأشكال البدائية والحديثة للثقافة. كما قدم أوجست كونت نظرية تطورية في الثقافة البشرية تمثلت في ما عبر عنه بقانون المراحل الثلاث(المرحلة اللاهوتية، المرحلة الميتافيزيقية والمرحلة الوضعية) التي يسير فيها التقدم التاريخي. أما السير هنري مين وهو عالم أنثروبولوجي بريطاني، فقد قدم في كتابه” القانون القديم” تمييزا بين شكلين مختلفين للثقافة، شكل بدائي يستند على المكانة أو المركز، وشكل حديث يستند على العقد، وهو في ذلك يتخذ من المقارنة بين الأشكال البدائية والحديثة للزواج أساسا للإشارة إلى ما بين شكلي الثقافة من اختلاف: ففي الزواج البدائي تعتبر المرأة ملكية خاصة للزوج شأنها شأن ممتلكاته الأخرى، بينما تتحرر الزوجة في الشكل الحديث من قيود الرجل، بمعنى أن نكفل لها حرية إبرام عقد الزواج أو فسخ الرابطة الزوجية الأمر الذي يجعل الزواج في النهاية مستندا على تبادل الالتزامات بين الزوجين.[24]
إن المركز الاجتماعي الذي تمارسه المرأة داخل المجتمع، يؤثر تأثيرا كبيرا في تحديد اتجاه سلوكها الإنساني خيرا أم شرا، وكلما ازدادت مشاركة المرأة في تحمل مشاق الحياة والقيام بما يقوم به الرجل سلبا وإيجابا أخذا وعطاء كلما ألجأتها ظروف الحياة إلى ما لجأت إليه الرجل من السلوك الإجرامي. لأنه يصعب على الإنسان اقتراف الجريمة وهو بعيدا على الآخرين لا يحتك بهم سلبا أو إيجابا، لذا فقد وجدت الدراسات أن نسبة ارتكاب جرائم المرأة في مجتمعاتنا ، أقل بكثير من الجرائم التي ترتكبها المرأة في المجتمعات الرأسمالية كما في دول أروبا الغربية والولايات المتحدة وأستراليا، بسبب دخول المرأة المبكر لميادين العمل المختلفة على حساب واجبها الأساسي.[25]
حاولت الاتجاهات المعاصرة الأولى المبنية على النوع الاجتماعي تفسير إجرام الأنثى على أساس مستجدات التغير الاجتماعي ، بدلا من تقديم اتجاه حساس – النوع الاجتماعي – في تفسير الجريمة عامة، فقد لاقت هذه الاتجاهات اهتماما منقطع النظير، ومع ظهور الحركة النسوية في أواخر الستينيات بدأ المراقبون الاجتماعي ون بتتبع التغيرات التي طرأت على دور المرأة في المجتمع، وفي أواسط السبعينيات بدت تغيرات جوهرية تطفو على السطح، حيث ترأس هذا التغيير فريدا آدلر و ريتا سايمون باعتبارهما أهم مؤسسي علم الإجرام النسوي. ففي كتاب –أخوات في الجريمة-، طورت آدلر فكرة التغيرات في إجرام الأنثى، على أنها منتج التحولات التي طرأت على دور المرأة في المجتمع، وهو تفسير جريمة المرأة المستندة على الحركات التحررية النسوية، وبما أن النساء يتقلدن مناصب أكثر نشاطا في المجتمع ويقمن بأدوار الذكور التقليدية، فإنهن يمررن بخبرات ذكورية من خلال سلوكياتهن الانحرافية الخاصة، الاعتداءات، العنف، الجرائم المنظمة.[26]
أما ريتا سايمون فقد حاولت اختبار نظرية آدلر سنة 1975م، في كتابها الموسوم -المرأة المعاصرة والجريمة-، ووجدت بناءً على دراسة جرائم الإناث للأعوام 1953 ،1963 ،1972م زيادة ملحوظة في جرائمها وخاصة الجرائم ذات الطابع الاقتصادي، فيما لم تتغير جرائمها ذات الطبيعة العدوانية، وقد فسرت ذلك، أي زيادة الجرائم الاقتصادية بالقول أن هناك فرصا اقتصادية وحقوقا أكثر من قبل. أي أنها أصبحت تتمتع باستقلال أكثر من قبل، وهذا يعود لحركة تحرر المرأة. وقد وجدت بعض الدراسات دعما علميا لنظرية سايمون، فقد وجد مايكل هندلنق سنة 1971م أن جرائم الإناث تتشابه مع جرائم الذكور في دراسته، وانطبقت نتائج دراسة مارتن جولد سنة 1970م مع نتائج دراسة هندلق، وقد وجد كل من كلارك و هريك سنة 1966م ووايز دعما لنظرية سايمون.[27]
إن هذا الاتجاه ينظر ببساطة إلى الفرص المتاحة أمام المرأة للمشاركة في الجريمة، فمثلا عمل المرأة كموظفة في البنك أتاح لها المجال للسرقة، ففي عام 1979م ألقت الشرطة القبض على إحدى زعيمات أحد الفروع الرئيسية للجريمة المنظمة، وقد أشارت الإحصائيات لمكتب التحقيق الفدرالي أن أصل 7 من 32 امرأة مجرمة تم اعتقالها، وأن عصابة –كامورا- اليابانية قدمت فرصا متساوية للنساء أمام الرجال، إضافة إلى عصابة- كوستا نوسترا- الصقلية، وقد حظي اعتقال ملكة المخدرات في المكسيك اهتماما منقطع النظير، وصعودها للسلطة عن طريق الاحتيال و الخداع.[28]
ركزت الاتجاهات السابقة الذكر في تفسير السلوك الإجرامي للمرأة على أساس تحرر المرأة و تجليات التغير الاجتماعي ، باعتباره التحول الذي يحدث في المعايير الاجتماعي ة من حيث القيم والمعتقدات، إضافة إلى التغير في أنماط التنظيمات الاجتماعي ة لجماعات معينة، وبما أن الثقافة مكتسبة بمعنى أن كل ما هو ثقافي لايورث يبولوجيا، وإنما يتم تداول معطياته الفكرية والمادية عن طريق التعلم والاستيعاب، فإن عملية الانزلاق في دوامة التخلص من العادات والتقاليد والتخلي عن القيم والمعايير القديمة أسهل بكثير، وبالمقابل من ذلك يتم تبني قيم ثقافة جديدة و هنا ترسم ملامح الصراع الثقافي. يشمل هذا الصراع شتى الفئات بما فيها المرأة ومن نتائج هذا الصراع يتبلور السلوك الإجرامي.
خلاصة:
استنتاجا لما تم طرحه آنفا، فإن ظاهرة الإجرام النسوي لها نسقها البيولوجي الخاص المتمظهر في النوع الاجتماعي ومدى كينونة السمات والصفات الخاصة بالمرأة، وبما أن الإنسان يتسم بطبيعة التغير والحركية ومواكبته للمجتمع المعاصر، فإن هذا التغير يلقي بضلاله على العنصر النسوي و تصبغ سلوكه بتجليات الثقافة المعاصرة ما ينجر عنه جملة من الانزلاقات والتجاوزات الاجتماعي ة وصراع الأدوار. إن هذه العلاقة الجدلية بين العناصر الأنثروبولوجية و التغير الاجتماعي تحول لنقطة التقاطع بين الموروث والمكتسب، ونقصد بنقطة التقاطع إرهاصات الموروث الأنثروبولوجي، والمكتسب لكل ما هو قيمي أخلاقي يتغلغل في التغير الاجتماعي من الثنائية إلى التعددية. وهنا ترسم ملامح ظاهرة الإجرام النسوي بين موروث العناصر الأنثروبولوجية وتجليات التغير الاجتماعي .
قائمة المصادر المراجع:
1-أحمد جابر صالح: أثر الاضطرابات الفيزيولوجية الخاصة بالمرأة في مسؤوليتها الجزائية، مكتبة زين الحقوقية، ط1، لبنان،2016.
2-إسحاق إبراهيم منصور: الموجز في علم الإجرام والعقاب، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1979.
3-أكرم عبد الرزاق المشهداني: موسوعة علم الجريمة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، 2012.
4-بوبكر بوخريسة: أنثروبولوجيا الجريمة من أسطورة قابيل إلى المجرم بالولادة، مركز الكتاب الأكاديمي، الأردن،2020.
5-حسن أكرم نشأت: علم الأنثروبولوجيا الجنائي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، الأردن،2008.
6-حسين عبد الحميد رشوان: الجريمة، دراسة في علم الاجتماع الجنائي، المكتب الجامعي الحديث، مصر، 1995.
7-دلال ملحس إستيتة: التغير الاجتماعي والثقافي، دار وائل للنشر، الأردن، 2010.
8- رزاق رزيقة، زرزوني جهيدة: قراءات في الأنثروبولوجيا الجنائية. مجلة أنثروبولوجيا- المجلة العربية للدراسات الأنثروبولوجية المعاصرة-،المجلد السادس، العدد الثاني، ديسمير 2020 .
9-سمير سعيد الحجازي:معجم المصطلحات الحديثة في علم النفس وعلم الإجتماع، دار الكتب العلمية، لبنان، 2005.
10-عايد عواد الوريكات: نظريات علم الجريمة، دار الشروق للنشر والتوزيع، ط1، الأردن، 2004.
11-عبد الحميد سيد منصور وزكرياء أحمد الشربيني: الأسرة على مشارف القرن 21،الأدوار،المرض النفيب والمسؤوليات، دار الفكر العربي، مصر، 2000.
12-عدنان الدوري: أسباب الجريمة وطبيعة السلوك الإجرامي، منشورات دار السلاسل، الكويت، 1984.
13-علي الجباوي: الأنثروبولوجيا، علم الأناسة، جامعة دمشق، سوريا، 1997.
14-علي سموك: مقياس أنثروبولوجيا الجريمة، محاضرة قدمت لطلبة الماستر، تخصص علم الإجرام،دفعة 2015، جامعة باجي مختار عنابة، الجزائر،(لم تنشر).
15-فرانك ويليامز ومارلين ماكلتشين: نظرية علم الجريمة، ترجمة ذياب البداينة وآخرون، دار الفكر للنشر والتوزيع، ط1، الأردن، 2013.
16-ليندا محمد نيص و أشجان الخالص الزهيري: مبادئ علم الإجرام والعقاب ، دار الثقافة للنشر والتوزيع،ط1، الأردن، 2017.
17-محمد شلال العاني وعلي حسن طوالبة: علم الإجرام والعقاب، دار المسيرة للنشر والتوزيع، ط1، الأردن، 1998.
18-محمد عبد الرحمان العيسوي: موسوعة علم النفس الحديث-دراسات في الجريمة والجنوح-، دار الراتب الجامعية،ط1، المجلد العاشر، لبنان، 2010.
19-مصطفى الخشاب: دراسة المجتمع، الأنجلو مصرية، الإسكندرية، مصر، 1977.
20-نبيل السمالوطي: علم الإجتماع العقابي، دار الشروق للنشر، مصر، 1983.
-أكرم عبد الرزاق المشهداني: موسوعة علم الجريمة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، 2012، ص30.[1]
-نبيل السمالوطي: علم الاجتماع العقابي، دار الشروق للنشر، القاهرة، 1983، ص58.[2]
-ليندا محمد نيص وأشجان خالص الزهيري: مبادئ علم الإجرام والعقاب، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، الأردن، 2017، ص32.[3]
-حسين عبد الحميد رشوان: الجريمة،دراسة في علم الاجتماع الجنائي، المكتب الجامعي الحديث، مصر، 1995، ص.[4]
-سمير سعيد حجازي: معجم المصطلحات الحديثة في علم النفس وعلم الاجتماع، دار الكتب العلمية، لبنان، 2005، ص157.[5]
-علي الجباوي: الأنثروبولوجيا، علم الأناسة، جامعة دمشق، سوريا، 1997، ص18.[6]
– حسن أكرم نشأت: علم الأنثروبولوجيا الجنائي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، عمان، الأردن، 2008، ص24.[7]
– إسحاق إبراهيم منصور: الموجز في علم الإجرام والعقاب، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1979م، ص11.[8]
-دلال ملحس إستيتة: التغير الاجتماعي والثقافي، دار وائل للنشر، عمان، الأردن، 2010، ص.[9]
-مصطفى الخشاب: دراسة المجتمع، الأنجلو مصرية، الإسكندرية، مصر، 1977، ص188.[10]
-حسن أكرم نشأت: مرجع سبق ذكره، ص33.[11]
[12] – رزاق رزيقة، زرزوني جهيدة: قراءات في الأنثروبولوجيا الجنائية. مجلة أنثروبولوجيا- المجلة العربية للدراسات الأنثروبولوجية المعاصرة-،المجلد السادس، العدد الثاني، ديسمير 2020، ص127 .
[13] – علي سموك: مقياس أنثروبولوجيا الجريمة، محاضرة قدمت لطلبة الماستر، تخصص علم الإجرام، دفعة 2015، جامعة باجي مختار عنابة الجزائر، (لم تنشر).
– عايد عواد الوريكات: نظريات علم الجريمة، دار الشروق للنشر والتوزيع،ط1، عمان، الأردن، 2004، ص259.[14]
بوبكر بوخريسة: أنثروبولوجيا الجريمة من أسطورة قابيل إلى المجرم بالولادة، مركز الكتاب الأكاديمي، الأردن، 2020. ص126.- [15]
-محمد شلال العاني وعلي حسن طوالبة: علم الإجرام والعقاب، دار المسيرة للنشر والتوزيع، ط1، الأردن،1998، ص134.[16]
– إسحاق إبراهيم منصور: مرجع سبق ذكره، ص17.[17]
– أحمد جابر صالح: أثر الاضطرابات الفيسيولوجية الخاصة بالمرأة في مسؤوليتها الجزائية، مكتبة زين الحقوقية،ط1،لبنان،2016،ص60.[18]
-مايسة أحمد النيال: في سيكولوجية المرأة، دار المعرفة الجامعية، مصر،2002 ، ص116.[19]
[20] -محمد عبد الرحمان العيسوي: موسوعة علم النفس الحديث –دراسات في الجريمة والجنوح-، دار الراتب الجامعية،ط1، المجلد العاشر، لبنان،2001،ص 32.
– بوبكر بوخريسة: مرجع سبق ذكره، ص127.[21]
[22] -عبد المجيد سيد منصور وزكرياء أحمد الشربيني: الأسرة على مشارف القرن 21،الأدوار، المرض النفسي، المسؤوليات، دار الفكر العربي، القاهرة، 2000م، ص143.
– عدنان الدوري: أسباب الجريمة وطبيعة السلوك الإجرامي، منشورات دار السلاسل، الكويت، 1984.[23]
-دلال ملحس إستيتة: مرجع سبق ذكره، ص55.[24]
-محمد شلال العاني وعلي حسن طوالبة: مرجع سبق ذكره. ص134.[25]
[26] فرانك ويليامز ومارلين ماكتشين: نظرية علم الجريمة، ترجمة ذياب البداينة وآخرون، دار الفكر للنشر والتوزيع، ط1، عمان، الأردن،2013 ، ص322.
عايد عواد الوريكات: مرجع سبق ذكره، ص265.[27]
فرانك ويليامز: مرجع سبق ذكره، ص305.[28]