الالعاب الرياضية في العلاقات الدولية
د.محمد السيد سليم
#نبذة_عن_الكتاب
تتراوح أدوات القوة التي تعتمد عليها الدولة في تنفيذ سياستها الخارجية؛ بين أدوات خشنة أو صلبة وأخرى ناعمة وثالثة ذكية ورابعة حادة. وإذا كان معلوما للجميع الأدوات الخشنة أو الصلبة والمتمثلة في القوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية، فإن الأدوات الناعمة تتعدد بين جوانب فنية وثقافية وكذلك رياضية، في حين تجمع الأدتان الذكية والحادة بين النوعين السابقين من القوة وإن تباينت نسبها، حيث تتجه الدولة في تنفيذ سياستها سواء تجاه دولة أو قضية ما إلى الاعتماد على مجموعة من الأدوات الخشنة وأخرى ناعمة.
وإذا كان صحيحا أن كثيراً من الكتابات التي تناولت القوة الناعمة ودورها في تنفيذ السياسات الخارجية للدول، لم تول اهتماما كبيرا للرياضة كأحد الإبعاد الرئيسية التي يمكن أن تعتمد عليها الدول في توجهاتها الخارجية وتعزيز مكانتها الدولية، إذ انصب جُل الاهتمام عند الحديث عن هذا النوع من القوة على الجوانب الثقافية والفنية والأدبية. في حين تمثل الرياضة أهمية كبرى يجب الالتفات إليها، نظرا لدورها في تعزيز السلام والاستقرار في العلاقات الدولية، إذ أمامها تتلاشى الحدود الجغرافية، وتغيب الفوارق الاجتماعية، ويتعزز التكامل المجتمعي، وتزداد وتيرة التنمية الاقتصادية، وهو ما يؤكد على وجود علاقة تبادلية بين الرياضة والسياسة، حيث يؤثر كل منهما في الآخر ويتأثر به، وهي علاقة ليست وليدة اليوم أو الأمس القريب، وإنما تضرب بجذورها في قديم الحضارات الإنسانية، فالمدقق في سجلات التاريخ وصفحاته، يكتشف أن المؤسسات الرياضية والشبابية التي أنشأها الإغريق كانت قاصرة على الشباب الإغريقي فقط، إذ كانت تنظر إلى الألعاب الرياضية على أنها إحدى أدوات الاحتفاظ بالسيادة السياسية.
ولم يقتصر الأمر على الإغريق فحسب، بل استخدم الرومان الرياضة للأغراض السياسية سواء بإقامة الألعاب لاسترضاء الجماهير وكسب تأييدهم، أو لرفع لياقة الجحافل الرومانية لاحتراف الحروب والغزوات