إن مجال التنمية واللامساواة مجال عالمي، فقد اتسمت السنوات الأخيرة بتعميق اللامساواة داخل الدول وفيما بينها، ويتطلب فهم هذه الظاهرة العالمية تحليلا معقدا لأزمة التنمية واللامساواة التي تزداد تجذرا کمشكلتين عامتين رئيسيتين في النظام الدولي المعاصر، فالأولى هي مشكلة مرتبطة بعدم القدرة على إرساء قواعد تحكم إمكانية الوصول إلى الموارد، وأما المشكلة الثانية فهي التي تفسر الخلل في توزيع المنافع المادية والمعنوية على سائر البشر.
وعلى الرغم من السياسات التنموية الرسمية والتقدم الهائل في العلوم والتكنولوجيا، فإن أوجه اللامساواة أخذة في التصاعد على جميع الأصعدة المحلية والعالمية، ويستمر على إثر ذلك نغير جوهري في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية خاصة في الدول النامية، التي باتت تستبطن بورا للتخلف والفقر والضغوط السكانية وتدهور طائش للبيئة، فضلا عن ضعف واضح في التماسك الداخلي الذي ينذر باحتمالية تفكك الدولة الوطنية الإشكالية البحثية: إن وضعية التنمية غير المكتملة كشفت عن استمرار المشكلة العالمية المتصلة باللامساواة، ورسمت نتيجة لذلك صورة عن أزمة العجز المحلي في تحقيق الحياة الكريمة والاستقرار وتطوير التماسك، كما كشفت أيضا عن نظام دولي معاصر هش يقود إلى تسييس الموارد والمنافع على حساب مصالح الدول النامية. وتدقيقا يمكن طرح السؤال التالي:
– كيف تساهم السياسات التنموية المنتشرة عالميا في زيادة تفشي حالة اللامساواة في المجتمعات الإنسانية، خاصة بالنسبة للدول النامية؟ حدود الإشكالية: تدور هذه الدراسة في إطار حدود زمانية ومكانية هي:
الحدود الزمانية: كان العقد الثمانينيات ثم الفترة التي أعقبت الحرب الباردة عدد من الانعكاسات الهامة على عرض التنمية واللامساواة، فقد استدعت الترتيبات المحلية والدولية الجديدة فهما معمقا لاستمرار تعثر التجارب التنموية واستفحال اللامساواة في عدد كبير من أقاليم العالم.
الحدود المكانية: تحاول الدراسة أن تعطي نظرة عامة عن العلاقة التفاعلية بين التنمية واللامساواة في العالم، إلا أن المجهود البحثي يتركز على الدول النامية التي تحتاج إلى توفير إمكانيات إضافية موجهة نحو التنمية ومجابهة اللامساواة.