دراسات استشرافيةدراسات افريقيةدراسات جيوسياسية

التوقعات الجيوسياسية لإفريقيا جنوب الصحراء في 2018

إن سرعة تغير المؤثرات في عملية الهجرة في إفريقيا جنوب الصحراء، مثل قمع الأنظمة والعنف المسلح والضغوط البيئية والطموحات الاقتصادية والاجتماعية، تتحدى أي عملية تنبؤ دقيقة للاتجاهات. ولكن الانتشار الكبير لعمليات التنقل الإقليمية التي شهدناها في السنوات القليلة الماضية سوف تظل مستقرة كنتيجة للهجرة الدائرية، في حين أن مناطق أخرى يتوقع أن تشهد تصعيدا في الصراعات مثل جنوب السودان وبورندي وجمهورية الكونغو الديموقراطية، سوف تستمر في إنتاج قوافل مستمرة من طالبي اللجوء.

أفاق الهجرة غير الشرعية

ومن المتوقع أن تؤثر السياسات الجديدة الصارمة التي تفرض على الحدود على أنماط الهجرة في عام 2018، مثل عملية إجلاء السعودية ل3600 من العمالة الإثيوبية غير الشرعية، وكذلك في السودان ومصر اللذين شددا الخناق على المهاجرين غير الشرعيين.

وعلى الجانب الآخر في “إسرائيل” تصاعدت المطالبات بطرد العمالة الآريترية والإثيوبية غير الشرعية بحجة تهديدهم للاقتصاد والأمن ولـ “طبيعة الدولة اليهودية”، وذلك عبر اتفاقات ثنائية لعملية تسهيل مرور آمنة للاجئين إلى كل من رواندا وأوغندا.

وقد أدى ذلك إلى التشتت القسري لهؤلاء اللاجئين إلى مناطق أخرى من القارة السمراء، ومن ثم تحولت عمليات الهجرة إلى سلعة للإتجار بالبشر وتجريدهم من أي نوع من أنواع الحماية وفي حالة معدومي الجنسية أو الذين يحملون أوراقا ثبوتية فإن الأمر يكون أكثر تفاقمًا.

وقد قدمت الدول الغنية الكثير من الحوافز للدول الفقيرة في العام الماضي من أجل السيطرة على عمليات الهجرة غير الشرعية، ومن المتوقع أن يستمر ذلك الاتجاه في عام 2018، كما يتضح في الصفقات الأخيرة بين إيطاليا وليبيا، ومن المتوقع أن تتقلص عملية الهجرة عبر المتوسط، بالإضافة إلى تضييق الخناق من كل من المفوضية الأوروبية وتركيا كذلك.

كما أدى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق العالمي حول الهجرة إلى تناقص دورها القيادي في ذلك الإطار، ويعد هذا رسائل غير جيدة للدول الأخرى لصياغة سياسات هجرة أكثر صرامة، بالإضافة إلى الموقف الحاد من إدارة ترامب وكذلك قرار المحكمة العليا بإعادة حظر السفر على بعض مواطني الدول فإن ذلك من شأنه تعزيز هذا الاتجاه في عام 2018؛ حيث يستهدف الحظر مواطني عدة دول من بينهم الصومال وليبيا وتشاد، بالإضافة إلى وجود مؤشرات على تقليص دعم إجراءات إعادة التوطين للاجئين فإن ذلك من شأنه أن يقلل عمليات الهجرة بين القارات، كما أن الإجراءات الأمريكية تهدف إلى تقليل عدد القادمين إليها من مناطق الصراعات، في ظل وجود دعاية متطرفة يتم توظيفها بهذا الصدد.

وربما يكون هناك تغيرا في مسارات وطرق الهجرة غير الشرعية في عام 2018، حيث من المتوقع أن يبرز دور مهربي البشر وأن يتم استهداف البلدان الأخرى الواقعة على مسار الهجرة مثل مصر، في حين أن دولا أخرى فتحت مجالات الهجرة مثل كينيا وغانا ورواندا وبنين ربما تستفيد من عمليات تشجيع التبادل في مجالات العمالة وربما تحظى بمكاسب اجتماعية وسياسية واقتصادية من جراء عقدها لصفقات مع الجهات الدولية.

الانتخابات في جنوب السودان:

من المتوقع أن تنتهي ولاية الحكومة الحالية في جنوب السودان في فبراير 2018، لكن مستقبل البلاد بعد ذلك التاريخ يظل موضع شك، فالمسئولون يهدفون إلى إحياء اتفاق سلام 2015 ويبدو أن الحكومة حتى الآن قد أنجزت مهمتها مع خصومها السياسيين السابقين، وهذا قد يؤدي إلى موافقة الرئيس سلفا كير ونائبه السابق ريك مشار على اتفاق وقف إطلاق النار بدءا من بداية العام، ولكن لا يتضح حتى الآن إلى أي مدى يمكن أن توافق المعارضة المسلحة على تلك الطلبات والشروع في عملية التفاوض والالتزام بعملية السلام بعد أن رفضتها في وقت سابق. وعلى رأس جدول أعمالهم تأتي وضع الجداول الزمنية بتنفيذ شامل للاتفاق وكذلك خلق بيئة مواتية لإجراء انتخابات ديموقراطية في يوليو 2018.

فعدم تحديد خريطة طريق للمرحلة القادمة من شأنها أن تعرقل المفاوضات وتقوي المتشددين من حركة كير ومن المرجح ألا تقبل المعارضة إجراء استطلاع للرأي حول القضايا الخلافية ومن ثم نسف الجدول الزمني لعملية التفاوض، وإذا ما تأجلت الانتخابات سيكون هناك فراغا في السلطة من المرجح أن تملؤه الحكومة الحالية بالتمديد لنفسها، ما من شأنه أن يجبر المعارضة على التفاوض بشروط أكثر واقعية والإسراع في الانتخابات بهدف الإطاحة بحكومة سلفا كير وإقامة حكومة تمثل جميع أطياف البلاد.

ولكن قد يؤدي حرمان العديد من الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، بمن في ذلك اللاجئين والمشردين داخليا، بالإضافة إلى احتمال عزوف الناخبين عن المشاركة العامة، إلى أن يضع المصداقية العامة للانتخابات على المحك، بالإضافة إلى جود مناخ سائد من العداء وكذلك تاريخ من الخلاف الاثني بين كل من الحكومة والمعارضة، وكل ذلك من شأنه أن يقوض عملية التفاوض لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

وإذا أجريت الانتخابات في موعدها المقرر من المرجح أن تشهد تنافسية كبيرة للغاية وربما تصبح كذلك وسيلة لعدم الاستقرار في بيئة هشة للغاية.

التطرف في الصومال:

تمكنت حركة الشاب المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة في الصومال أن تشن عددا من الهجمات الناجحة في كل من الصومال وكينيا، وذلك التصاعد في العمليات يتحدى فرضية أن الجماعة في تراجع على الرغم من النجاحات التي حققتها بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال، والتي نجحت في انتزاع بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها حركة الشاب.

كما أن التخطيط لبناء جدار عازل على طول الحدود الكينية الصومالية من شأنه أن يؤدي إلى تداعيات سلبية على الأمن في البلاد؛ حيث إن بناء ذلك الجدار لن يتجنب التهديدات الموجودة بالفعل داخليا، ومن ثم فمن المتوقع أن تستمر كينيا في ان تصبح بؤرة جاذبة للعمليات المسلحة انطلاقا من الصومال في 2018.

فمن بيانات حركة الشباب في العام الماضي نخلص إلى أن الحركة تهدف إلى الحفاظ على سيطرتها على المناطق الخاضعة لها، وكذلك نشر أيدولوجيتها وضمان تدفق رأس المال البشري للمشاركة في عمليات متنوعة في الصومال وخارجها، كما أن ارتفاع معدلات الفقر سيزيد من قدرتها على التوظيف والتجنيس.

مسلحون من حركة الشباب الصومالية

وسياسة الولايات المتحدة الحالية في الصومال هو استهداف قيادات الحركة وأبرز مقاتليها وتصعيد هجمات الطائرات بدون طيار، ما من شأنه أن يأتي بنتائج عكسية وتشجيع المزيد من المتعاطفين إلى الانضمام للحركة وبخاصة في ظل تصاعد الخسائر البشرية بين المدنيين.

ومن المتوقع أن يزيد التواجد الأمريكي في الصومال وأن تشهد البلاد المزيد من الهجمات في المناطق الانفصالية في شمال الصومال في بونتلاند وكذلك في مناطق وسط وجنوب البلاد بين الفصائل المسلحة الأخرى التي بايعت تنظيم الدولة الإسلامية.

كما أن تكرار انسحاب بعثات القوات الإفريقية كما حدث من أوغندا سيسمح لحركة الشباب بأن تستعيد الأراضي التي فقدتها ، ونظرا لأن الجيش الصومالي يفتقر إلى القدرة على التعامل مع المنظمات المتطرفة، وبالتالي سوف تستمر حركة الشباب في ترسيخ وجودها في عام 2018.

التطرف في منطقة الساحل:

من المتوقع أن تستمر الجماعات المسلحة في تلك المنطقة مثل بوكو حرام والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وخلايا إرهابية أخرى في تثبيت أقدامها باعتبارهم يمثلون تهديدا متزايدا في منطقة الساحل، وقد شهدت تلك المنطقة تزايد في الهجمات المسلحة الجهادية منذ سقوط االرئيس الليبي معمر القذافي عام 2011، وقد ركز تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا على جهود بناء حضور أكبر في المنطقة بعد انهيار التنظيم في سوريا والعراق.

وقد اتخذت القوى الإقليمية والدولية خطوات في مالي مثل قوات النيجر وفرنسا والإمارات ، ومن أجل مكافحة التهديد المتزايد الذي يشكله المتطرفون في منطقة الشرق الأوسط، فقد أنفق الاتحاد الأوروبي أكثر من 56 مليون دولار في قوة عسكرية متعددة الجنسية قوامها 10 آلاف مقاتل تتكون أساسا من بلدان الساحل المعروفة باسم مجموعة الخمسة G5 وهي بوركينافاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر، وستعمل جنبا إلى جنب مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المتمركزة في مالي.

كما تقدم فرنسا مساعدات عسكرية، ونظرا لحجم العملية فمن المتوقع أن تكون تلك القوة قادرة على تشتيت المتطرفين في المنطقة في غضون السنوات الخمس المقبلة.

ولكن نجاح قوات مجموعة الخمسة يعتمد على قدرتها على التعاون مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وفرض سيطرتها على تلك المنطقة الحدودية الضيقة، بالإضافة إلى الحدود التي يسهل اختراقها في المنطقة والتي ساعدت على حرية تنقل المنظمات المسلحة وعصابات الاتجار بالبشر.

ومن المرجح أن تقوم بقايا جماعة بوكو حرام والقاعدة في المغرب الإسلامي إلى محاولة عرقلة الجهود الإقليمية والدولية عن طريق السيطرة على البلدات الحدودية القريبة، كما حدث في عام 2015 عندما احتلت بوكو حرام بلدة حدودية في شمال نيجيريا، وهذا من شأنه أن يسهل حركة المسلحين وإنشاء معاقل لهم للهجوم على القوات الإقليمية.

وقد استفادت تلك الجماعات من الأسلحة الخفيفة التي تم تداولها في جميع أنحاء المنطقة بعد انهيار النظام الليبي، من المتوقع أن تستمر في سقوطها في يد الإرهابيين لاستخدامها في هجمات على القوات المحلية، كما من المتوقع أن تنتشر عصابات السوق السوداء والاتجار في البشر.

لكن حركة بوكو حرام قد شهدت خسائر فادحة في الأشهر الأخيرة مما أدى إلى انقسام في مختلف المجموعات الفرعية التي تتنافس على السلطة والنفوذ في الأراضي التي ما زالت خارجة عن سيطرتها، ومن المتوقع أن تنتهج مجموعة الخمسة (G5) استراتيجية فرق تسد للقضاء على هذه المجموعات من تشاد وشمال شرق نيجيريا، حيث تشهد تلك المجموعات منافسة بين كل من بوكو حرام والقاعدة في المغرب الإسلامي والدولة الإسلامية في ليبيا على الأراضي في تلك المنطقة، ومن المتوقع أن تستمر محاولتها للسيطرة على البلدات الحدودية لتحقيق تفوقها العسكري، كما أن حالات الاعتداء والاشتباكات في فندق راديسون بلو في باماكو وفندق Splendid في واغادوغو تشير إلى احتمالية تصاعد العنف في المستقبل ضد الأهداف الرخوة.

الانتخابات في زيمبابوي:

إن نجاح زيمبابوي في نقل السلطة خلقت إمكانية لوجود تغيير سياسي كبير في البلاد، حيث عزز سقوط الرئيس السابق روبرت موجابي من تلك الفرضية حيث صوت الحزب الحاكم لصالح نائب الرئيس السابق ايمرسون منانجاجوا ليكون زعيم الحزب ورئيس الدولة.

وقال منانجاجوا إن زيمبابوي الآن “مفتوحة لرجال الأعمال”، ومن المتوقع أن تتبني اقتصادا يعتمد على الليبرالية الجديدة ، ما من شأنه أن يخفف المشكلات الاقتصادية التي ابتليت بها زيمبابوي، وقالت حكومته المؤلفة من التكنوقراط والعسكريين أنها ستقدم استراتيجية متماسكة للإصلاح الاقتصادي، ولكن تظل هناك مخاوف بأن منانجاجوا ما هو إلا مجرد استمرار للوضع السابق الذي سمح لموجابي الاحتفاظ بقبضته على السلطة لمدة 37 عاما.

وسوف تعتمد نزاهة ومصداقية الانتخابات الوطنية العام المقبل على جدول أعمال سياسة منانجاجوا في العام المقبل وإذا ما كان سيسهل من عملية الإصلاح السياسي؛ مثل سماحه للمعارضة السابقة لموجابي بالعودة إلى البلاد وكذلك السماح لوسائل الإعلام المحلية برفع سقف الانتقادات، وكذلك تحقيقه لوعوده بالسماح لأطراف خارجية بالإشراف على الانتخابات لمنح الحكومة مزيد من الشرعية في نظر المجتمع الدولي، ولكن يظل ذلك السيناريو يعتمد على محددات كثيرة من بينها تأثير موجابي وكذلك خلفية الرئيس الجديد الذي يعتبر امتدادا للنظام القديم، حيث إن سمعته كرجل أمن والذراع الأيمن لتماسيح موجابي لا تعطيه فرصة كبيرة في رفع سقف التوقعات.

اضطرابات في الكونغو الديمقراطية ضد الرئيس جوزيف كابيلا


جمهورية الكونغو الديموقراطية:

لا يزال الرئيس جوزيف كابيلا متمسكا بالسلطة في جمهورية الكونغو الديمقراطية على الرغم من تزايد المعارضة في الداخل وعلى صعيد المجتمع الدولي، كما تم تأجيل الانتخابات التي كان من المفترض أن تقام هذ العام، وقد احتفظ كابيلا بموقعه من خلال التلاعب الممنهج بإجراءات العملية الانتخابية، متذرعا أن التزام بلاده بالديموقراطية وإجراءاتها سيستغرق شهورا، بالرغم من ضغوط الأمم المتحدة على الحكومة للالتزام بموعدها النهائي الذي كان مقررا في بداية 2018، ولا يزال عدم الاستقرار يخيم على البلاد في ظل مستويات مرتفعة من الفساد على المستوى المحلي لذلك من غير المحتمل أن يصطف الناس للتصويت على صناديق الانتخابات في عام 2018 أيضًا.

توجو:

رفض رئيس توجو فور غناسينغبي دعوات التنحي طوال عام 2017، بالرغم من الجهود المتواصلة لتنحيته عن السلطة، وقد عزز موقعه برئاسته للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، تلك المجموعة التي كان لها دور كبير في إقصاء الرئيس الجامبي السابق، ولكنها ظلت بطيئة في إطار ردها على حالة عدم الاستقرار في توجو.

الحركات الانفصالية والانشقاقية:

من المتوقع كذلك أن تزيد الحالات الانفصالية والانشقاقية في دول غرب إفريقيا ومنطقة الساحل من أجل خلق كيانات سياسية جديدة، لذلك فإن مستوى خطر تلك الحركات في هذه البلدان واحتمالات التوصل إلى حل سلمي تعتمد على مسارات الاستجابة التي ستختارها الحكومات المركزية في عام 2018.

الكاميرون:

جاء رد الرئيس الكاميرون بول بيا على الحركة الانفصالية الناطقة بالإنجليزية عدوانيا للغاية، حيث تشير التقارير إلى أن 55 شخصا قتلوا منذ أكتوبر الماضي، في حين فر 7500 شخص آخر إلى نيجيريا، ومن المرجح أن تظل الأوضاع متقلبة في البلاد نظرا لعدم وجود اهتمام إعلامي بتلك القضية الانفصالية، ولكن نزوح الناطقين بالإنجليزية إلى الحدود النيجيرية من شأنه أن يدفع الرئيس النيجيري محمد بخاري إلى الضغط على بيا من أجل الحد من مستوى العنف تجنبا لأي تصعيد إقليمي.

حيث تصاعدت حدة التوترات الانفصالية في الكاميرون منذ بداية 2017 في المنطقتين الناطقتين بالإنجليزية في شمال غرب وجنوب غرب الكاميرون، في حين فشلت الحكومة الفرانكفونية في ترجمة القوانين الجديدة إلى الإنجليزية مما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات وسط تقارير عن وجود مذابح جماعية من قبل القوات الحكومية، وقد تشكلت جبهة من المحتجين تتألف من محامين ومعلمين وطلاب ومنظمات المجتمع المدني، وانتقدت نقل المدرسين والقضاة الناطقين بالإنجليزية إلى المناطق الناطقة بالفرنسية في البلاد.

الرئيس الكاميرون بول بيا

وقد أدت هذه الأحداث إلى إعلان كيان فيدرالي تحت اسم Ambazonia في أكتوبر الماضي، وتم تعيين رئيسا وحكومة لهذا الكيان الجديد في المنفى، ومن المتوقع أن تستمر الحركة في تهديد الأمن في الكاميرون في عام 2018، حيث تستمر الحكومة التي يغلب عليها الناطقين بالفرنسية بقيادة الرئيس بيا في ردودها العنيفة والخرقاء واستمرارها في إنكار أي شرعية للانفصاليين، في حين قامت باعتقال عدد من قادة الحركة ويتوقع أن تستمر الاعتقالات في العام الجديد، وكذلك من المتوقع أن تكون هناك ردود دولية من الحكومات الغربية والمنظمات الدولية مثل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، بالرغم من أن تلك الإدانات ربما لن تردع الرئيس الكميروني، الذي يتمتع بدعم فرنسي، كما أن المنظمات الدولية لا تدعم إنشاء دولة جديدة انفصالية عن الكاميرون، ولكن من غير المتوقع أن تتوارى مطالب الانفصال بسهولة لاسيما مع وجود رئيس رمزي ومجلس للوزراء، لذلك ربما يستجيب الرئيس للانفصاليين مما قد يؤدي ذلك إلى تعميق الفجوة بين الناطقين بالإنجليزي والفرنسية في البلاد.

كما من المتوقع أن تتساند الحركات الانفصالية في غرب إفريقيا مع بعضها البعض مما قد يمثل تهديدا للأمن الإقليمي، حيث من المتوقع أن تتعاضد تلك الحركة الانفصالية مع جماعة بيافرا في نيجيريا المجاورة، مما قد يعقد من المشاكلة الموجود بالفعل في غرب إفريقيا مع الحكومات المركزية وكذلك مع الاتحاد الإفريقي الذي ربما يستجيب لضغوط للدول الأعضاء ويصدر بيان إدانة للانفصال والدعوة إلى إحلال النظام في البلاد.

نيجيريا:

استمرت المشاعر الانفصالية في جنوب غرب نيجيريا منذ عام 1967، عندما أعلن في ذلك الوقت الحاكم العسكري لولاية شرق نيجريا أوديميجوا أوجوكو عن قيام دولة بيافرا تحت قيادته، وقاتلت تلك الولاية ولكنها خسرت الحرب الأهلية مع الجيش النيجري في الفترة من 1967 وحتى 1970، حيث قتل في ذلك الصرع أكثر من مليون شخص، ومنذ ذلك الحين فإن المشاعر الموالية لقيام دولية بيافرا لا تزال متقدة.

فحركة “السكان الأصليين لبيافرا” IPOB هي التجسيد الأحدث لحركة 1967، وفي عام 2018 من المتوقع أن تكون تلك القضية أكثر تعقيدا وأن تصر على انفصالها من نيجريا. ففيما عدا أبوجا التي وحدها تصف تلك الحركة بأنها حركة إرهابية، فإن بعض الولايات الغربية ترفض وسمها بهذا الاسم، وقد تجاهلت نيجريا على مر السنوات السابقة جهود القوى الغربية في فرض أجندتها على الواقع المحلي، ومن المتوقع أن ترد الحكومة الفيدرالية بقوة وأن ترفض أي دعوات للتفاوض بسبب السجل الدموي من تلك الحركة من ناحية ومن المجموعات المنحدرة من عرق الهوسا فولاني من جهة أخرى، والذي ينتمي إليها رئيس البلاد. والتحركات والبيانات الأخيرة من الدولة النيجيرية تصدق إلى حقيقة أن حكومة الرئيس بخاري سوف تستمر في استخدام القوة لقمع الحركة بدلا من أية إجراءات أقل عنفا.

وتحت ضغط الحكومة الاتحادية، واجه أعضاء IPOB وزعيمها نامدي كانو الغارات العسكرية التي أدت إلى العنف والتعذيب وغيرها من الأعمال. ومن المتوقع أن تظل قضية بيافر مشتعلة في عام 2018، على الرغم من أننا قد لا نرى أي ظهور لدولة بيافرا في منطقة غرب إفريقيا في أي وقت قريب.

ولكن ستعمل الحركة على تقويض السلام الهش في نيجيريا من خلال تفاعلاتها مع الحركات الانفصالية الأخرى في المناطق المجاورة، ففي عام 2016 اقتحم الجيش النيجيري منطقة بايلسا لوقف الإعلان عن جمهورية دلتا النيجر المستقلة على يد مجموعة تطلق على نفسها “منتقمو أداكا بورو” ABA والتي من المتوقع أن تستمر في تهديد الجيش النيجري في عام 2018، كما يتوقع أن تؤدي إهانات الجنوب للجيش إلى ردود فعل قوية ضد الجنوب، هذا قد حدث الفعل في إعلان كادونا الذي أصر فيه شباب الشمال على أن عرقية الإيجبوس وهي التي تتكون منهم دولة بيافرا، يجب عليهم أن يغادروا المنطقة.

مالي:

من المتوقع أن تظل الحركة القومية العرقية التي تمثل الانفصالين الطوارق “الحركة القومية لتحرير أزواد” MNLA قوة فاعلة في 2018، على الرغم من أن الحركة قد دخلت في عملية انكماش حادة وهربت إلى المناطق الوعرة في منطقة الساحل. وبالتركيز على قتال الجماعات الإرهابية المتطرفة دينيا في مالي منذ التدخل الفرنسي في 2012 و2013، فإن الحركة قد ظهرت إلى السطح بعدما كانت مجهولة للجميع، ولكن في 2012 مثل إعادة ظهورها حالة متكررة في التاريخ المالي في العقود الماضية، ولذلك وكما كان في السابق فإن الحركة ستتربص بفرصة جديدة للعودة إلى الأضواء السياسية، لذلك فمن المتوقع أن تستمر مالي في العام القادم في حالة اللاسلم واللاحرب.

بقلم / يوفوني روا، أيو أوكويا، محمد دان سليمان (*)

ترجمة قراءات إفريقية

(*) يمكن الاطلاع على أصل هذا المقال من هنا

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى