دراسات قانونيةرسائل و أطروحات قانونية

الحماية الدولية للحقوق السياسية: دراسة مقارنة

 كان الإنسان وحقوقه موضع عناية التشريعات السماوية والوضعية القديمة منها والحديثة وامتدت هذه العناية امتداد التاريخ، ولكن ليس بوتيرة واحدة إذ اعتراها بعض الإهمال والاعتداء في بعض الأوقات وصولا إلى القرون الوسطى وما تلاها التي مثلت أقسى ما يمكن أن يعانيه الفرد من الحاكم، أنتج هذا الإهمال لتلك الحقوق ثورات تشضت آثارها إلى مناطق أخر من العالم.

لقد ظهرت فكرة حقوق الإنسان بشكلها البسيط بولادة الإنسان نفسه، ثم تطورت من الحالة البدائية إلى المدنية المتحضرة، بعد أن مرت بمراحل زمنية متعاقبة وأثرت جوانبها بالاتجاهات الفكرية والفلسفية والاجتماعية والسياسية التي ظهرت وتقامت في أجزاء عدة من العالم، إذ ثص على تلك الحقوق في بادئ الأمر في النصوص الدستورية لبعض الدول، فقد ولك الاعتراف بحقوق الإنسان بشكل عام وبالحقوق السياسية بشكل خاص في إعلانات الحقوق التي أعلنتها الثورتين الفرنسية و الأمريكية، وقد استمد فهم هذين الإعلانين لحقوق الإنسان من المذاهب الفلسفية التي سادت أوربا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، التي ترى الفرد مستقل بذاته له حقوق طبيعية، وهذه الحقوق ليست مستمدة من النظام السياسي القائم، بل هي اسبق إلى الظهور من الدولة، وبالتالي فهي أسمى منها، وإن كان السبق لإنكلترا فيما يتعلق بتنظيم الحقوق داخل الدول إلا إن النموذج الفرنسي كان له دورا أساسيا في نشر و إشاعة حقوق وحريات الإنسان الأساسية وتطورها على المستوى الدولي، وجاء بعد النموذج الفرنسي في الأهمية النموذج الأمريكي

وفي مدد متعاقبة حظيت حقوق الإنسان بعناية عالمية وإقليمية و اخذ التنظيم الدولي للحقوق ياخذ شكلا أكثر جدية مع ظهور الأمم المتحدة كخليفة لعصبة الأمم، خصوصا عند إقرار الإعلان العالمي الحقوق الإنسان عام 1948، إذ أقرت العديد من القواعد القانونية التي تعترف بتلك الحقوق والحريات، ومع إقرار العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام 1966 اخذ مفهوم الحماية الدولية للحقوق السياسية بالترسخ شيئا فشيئا.

ورافقت الحماية الدولية العالمية للحقوق السياسية، حماية إقليمية ظهرت بين دول معينة ترتبط بينها بروابط إقليمية أو سياسية أو اقتصادية أو غيرها، فقد تعززت الحماية الدولية أكثر عندما انتقلت من النطاق الوطني إلى النطاق الإقليمي، وسبق أوربا غيرها في تنظيم حماية الحقوق السياسية بالاتفاقية الأوربية لحقوق الانسان عام 1950، ثم تبعها قارتي أمريكا بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان

عام ۱۹۹۹، وسارت أفريقيا على طريق الحماية الإقليمية بإعلان الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب عام ۱۹۸۱، ثم أخيرة الميثاق العربي لحقوق الإنسان في عام ۲۰۰4، ومن المعلوم أن هناك اختلافا كبيرة بين الدول من الشرق والغرب في الخصائص الاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية، الأمر الذي يصبح معه من المتعذر تطبيق المبادئ والقواعد العالمية للحماية من قبل جميع الدول.

تحميل الرسالة

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى