جامعة محمد الخامس- السويسي شعبة القانون الخاص – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط.
من إنجاز الطالبين: مريم مرشيدي و جمال مزيان
تحت إشراف الدكتورة: لبنى الشاهدي الوزاني
السنة الجامعية: 2009 – 2010
مقدمة
يتفاعل العالم اليوم مع ثورة المعلومات والاتصالات التي أدت لإحداث تغيرات أساسية في المجتمع من كافة نواحيه العملية والعلمية. أمام هذا التطور الذي شهده عصر الإلكترونيات فيما بعد القرن التاسع عشر، نتج عنه ظهور مفاهيم جديدة أهمها مفهوم التجارة الإلكترونية، هذا الأخير الذي سرعان ما ذاع وانتشر في شتى المجالات الإقتصادية والاجتماعية والقانونية، ويمكن تعريف التجارة الإلكترونية بأنها الأعمال والنشاطات التجارية التي تتم ممارستها من خلال الشبكة المعلوماتية (الأنترنت) وقد عرفتها منظمة التجارة الدولية أنها إنتاج وتسويق وبيع وتوزيع منتوجات من خلال شبكات الإتصال[1]، وقد تطورت التجارة الإلكترونية كثيرا بسبب التقدم الحاصل في الإتصالات باختراع أجهزة التلكس، الفاكس، وشبكة الأنترنت التي عرفت تطورا مذهلا حيث تعد أبرز اكتشاف القرن العشرين إذ أسقطت الحواجز المكانية والزمانية بين مناطق العالم المختلفة بظهورها سنة 1957.[2] فهي أهم وسيلة إتصال إلكترونية جد متطورة يمكن بواسطتها إرسال عدد من البيانات والصور والأرقام وتبادل المعطيات دون تدوينها على الورق بل لم يعد يستغنى عن هذه الوسيلة الحديثة في الإتصال وفي التبادل التجاري وفي التعاقد بالبيع والشراء ونحوهما، وتحويل الأموال وفي المستقبل القريب في تعامل الإدارة مع المواطنين، والمفروض في القانون أن يواكب هذا التطور الهائل والمتسارع وأن يؤطره من أجل تأمين استقرار المعاملات من جهة، وكذا من أجل تحقيق التوقع (القانوني) من جهة أخرى وذلك كله لكي يطمئن المتعاملون ويضعون ثقتهم في الوسائل التي يتعاملون بها من جهة، ويستطيعون التنبؤ بالحلول التي يمكن أن تعطى للمشاكل التي تعترضهم في التعامل بهذه الوسائل الجديدة.
وهذا ما عملت عليه لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي من أجل توحيد المقتضيات المنظمة للموضوع، إضافة إلى التطور الذي شهدته القوانين الأجنبية في الموضوع منها قوانين الدول العربية التي سبقتنا في تنظيم التعامل بالطرق الإلكترونية وقوانين الإتحاد الأوربي التي عملت على ملائمة قوانينها الوطنية مع التوجيهات التي أصدرها الاتحاد الأوربي إلى مشرعي دول الاتحاد في الموضوع. وكمثال ما اتخذته فرنسا على الخصوص منذ سنة 2000 إلى سنة 2005 من المقتضيات لأنها أول دولة أوربية تتدخل لتنظيم الوثيقة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني والتعاقد بطريقة إلكترونية. وهذه التجربة تعتبر ذات مغزى خاص لأنها المصدر الوحيد الذي اقتبس منه المشرع المغربي، لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن الممارسة القانونية عندنا استقرت ولمدة طويلة على تبادل المعطيات بالطرق الإلكترونية قبل صدور قانون 05.53 حيث كانت تستند تارة إلى الممارسة التعاقدية، وتارة أخرى إلى بعض المقتضيات القانونية التي تؤطر التعامل ببطائق الأداء، وكذا المقتضيات التنظيمية التي اتخذتها وزارة المالية في مجال الجمارك والضريبة على القيمة المضافة.[3] ويكتسي التعاقد الإلكتروني أهمية بالغة تظهر خصوصا عل مستوى البيع والشراء، لذلك حرص المشرع المغربي على تهيئة بيئة قانونية ملائمة للتطورات التقنية في المعاملات الإلكترونية، فقد صدر عنه حديثا الظهير الشريف رقم 129-07-1 الصادر في 19 من ذي القعدة 1428هـ الموافق لـ 2 نوفمبر 2007 بتنفيذ القانون رقم 05.53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية[4]، حيث أحدث هذا القانون تأثيرا كبيرا ومهما على المقتضيات المؤطرة للإلتزامات والعقود خاصة على مستوى نظرية العقد وعلى مستوى وسائل الإثبات.
ويثير موضوع إبرام العقد الإلكتروني تساؤلات قانونية مختلفة، فهل يشمل العقد الإلكتروني الدقة والوضوح في بيان ماهيته؟
وما الخصائص التي يتميز بها العقد الإلكتروني عن غيره من العقود التقليدية؟ وإلى أي حد يمكن كشف الحجاب عن أهلية الشخص المتعاقد في ظل المعطيات الإلكترونية؟ كيف ينظم المشرع المغربي التعاقد الإلكتروني في بعض النماذج العملية مثل العقود البنكية؟
هل المشرع المغربي في صياغته لقانون 05.53 قام باستيعاب جميع المقتضيات التي اقتبسها عن القوانين الأجنبية؟
وإذا كان هذا المشرع قد خول للمتعاقد في إطار القواعد العامة ضمانات ثبوتية من أجل إثبات تصرفاتهم، فإلى أي حد استطاع هذا الأخير أن يخول وسائل الإثبات في التصرفات والعقود الإلكترونية؟
للوقوف على هذه التساؤلات ارتأينا تقسيم هذا الموضوع إلى فصلين، الأول نخصصه للعقد الإلكتروني على ضوء قانون 05.53 والثاني نبحث فيه وسائل إثبات هذا العقد.
وسيتم تناول هذا الموضوع تبعا للتقسيم التالي:
الفصل الأول: العقد الإلكتروني على ضوء قانون 05.53
المبحث الأول: ماهية العقد الإلكتروني وتميزه عن بعض العقود المرتبطة به
المبحث الثاني: عدم استيعاب قانون رقم 05.53 للمقتضيات التي اقتبسها عن القوانين الأجنبية
الفصل الثاني: وسائل إثبات العقود الإلكترونية
المبحث الأول: الضمانات المتعلقة بالتوقيع الإلكتروني
المبحث الثاني: الضمانات المتعلقة بالتشفير الإلكتروني
المبحث الثالث: الضمانات المتعلقة بالكتابة الإلكترونية
الفصل الأول: العقد الإلكتروني على ضوء قانون 05.53
عالج المشرع المغربي كيفية التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية من خلال الباب الأول من قانون05.53.
الشيء الذي سنتناوله من خلال ثلاث مباحث:
المبحث الأول: ماهية العقد الإلكتروني وتمييزه عن بعض العقود المرتبطة به.
والمبحث الثاني: تكوين العقد الإلكتروني
لكن هذا القانون لم يقم استيعاب المقتضيات التي اقتبسها عن القوانين الأجنبية، وهذا ما سنتناوله في المبحث الثالث.
المبحث الأول: ماهية العقد الإلكتروني وتمييزه
عن بعض العقود المرتبطة به
إن العقود الإلكترونية أصبحت ظاهرة من ظواهر التجارة بشكل عام محلية كانت أو دولية، حيث تختلف هذه العقود عن العقود التقليدية في عدة خصائص. كما أنه تضمن أحكام خاصة ناتجة عن طبيعتها، كونها تبرم في بيئة إلكترونية ، لذلك وجب الوقوف على ماهية العقد الإلكتروني سواء في ضوء الطريقة التي ينعقد بها العقد أو طبيعته القانونية أو خصائصه.
الفقرة الأولى: تعريف العقد الإلكتروني
يعد العقد الإلكتروني من العقود الحديثة بعصرنا هذا لأنها ظهرت نتيجة للإستخدام المعلوماتي، وخولها لكافة مناحي الحياة، بالرغم من ذلك فإننا نجد مثل هذه العقود بحاجة لدراسة بشكل مستفيض وعلى درجة من الدقة لأنها حديثة التداول، مما يستوجب التمعن فيها وبالقواعد العامة لنظرية العقد للبحث من خلالها بأوجه التشابه. وما يميز هذا العقد عن غيره، لكن بالرغم من الإختلافات التي يمكن التوصل بها بين هذا لعقد وغيره من العقود، فإننا نجد أن هذا العقد يقوم على أساس واحد، هو أصل كافة العقود هو تلاقي إرادة طرفي العقد من الموجب والقابل على محل العقد وآثاره. وهذا العقد يقوم على الأركان العامة للعقد وهي الرضى والمحل والسبب.[5]
وبالرجوع إلى قانون 05.53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية يتضح أن المشرع المغربي لم يعرف العقد الإلكتروني وإن كان قد حدد النظام المطبق على التبادل الإلكتروني للمعطيات. وبالمقارن مع بعض التشريعات الأخرى نجد أن جانب من الفقه الأمريكي يعرف العقد الإلكتروني بأنه هو ذلك العقد الذي ينطوي على تبادل الرسائل بين البائع والمشتري والتي تكون قائمة على صيغ معدة سلفا ومعالجة إلكترونية وتنشئ التزامات تعاقدية.[6] ويذهب بعض الفقه الآخر إلى تعريف العقد الإلكتروني بأنه اتفاق يتلاقى فيه الإيجاب بالقبول على شبكة دولية مفتوحة الاتصال عن بعد وذلك بوسيلة مسموعة مرئية وبفضل التفاعل بين الموجب والقابل[7]. أما المشرع الأردني فقد عرفه بأنه ” نقل المعلومات إلكترونيا من شخص إلى آخر باستخدام نظم معالجة المعلومات، ومشرع قانون التجارة الإلكترونية المصري عرفه بكونه “كل عقد تصدر منه إرادة أحد الطرفين أوكليهما، أو يتم التفاوض بشأنه أو تبادل وثائقه كليا أو جزئيا عبر وسيط إلكتروني.[8]
لكن في المقابل يمكن تعريف العقد الإلكتروني أنه التقاء إيجاب صادر من الموجب بشأن عرض مطروح بطريقة إلكترونية سمعية أو مرئية أو كليهما على شبكة الاتصالات والمعلومات بقبول مطابق صادر من الطرف القابل بذات الطرق بهدف تحقيق عملية أو صفقة معينة يرغب الطرفان في إنجازها. ويتضح مما سبق أن العقد الإلكتروني يتميز بعدة سمات، فما هي طبيعته القانونية؟
الفقرة الثانية: الطبيعة القانونية للعقد الإلكتروني
إن العقود الإلكترونية التي تبرم بين الأطراف قد تتعلق بالبيع أو الشراء أو الإيجار وغيرها من التصرفات القانونية التي تهم السلع والخدمات، ويمكننا أن نتساءل عن طبيعة هذه العقود هل هي عقود تراضي تخضع لمبدأ سلطان الإرادة أم عقود إذعان لا دور فيها لحرية الأطراف، وإنما يتم فيها الخضوع لشروط موضوعية من طرف معين[9]؟
يرى بعض الفقه الفرنسي أن العقد الإلكتروني هو من قبيل عقود الإذعان إذا كانت الشروط العامة للبيع مذكورة بموقع التاجر، بحيث لايكون أمام لعميل أو زائر الموقع (المشتري المحتمل) إلا أن يقبلها جميعا فينعقد العقد أو لا يقبلها فلا يتعاقد.
ويرى اتجاه ثان أن مبدأ الرضائية ما زال يسود العقود الإلكترونية على اختلاف أنواعها وأن حرية الأطراف لم توضع لتكون مجرد الموافقة على الشروط المعدة سلفا ، فيجوز لأحد الأطراف شراء السلعة من منتج أو مورد آخر إذا لم تعجبه الشروط المعروضة لأن هناك عدد كبير من البائعين والمشترين الذين يتعاملون في السلعة.[10]
الفقرة الثالثة: خصائص العقد الإلكتروني
يتميز العقد الإلكتروني عن العقد التقليدي بعدة خصائص نذكر منها :
أولا: غياب العلاقة المباشرة ين الأطراف المتعاقدة ووجود وسيط إلكتروني
تدور المفاوضات بين طرفي التعاقد في مجلس العقد بالاتفاق على تفاصيل العقد المتوقع إبرامه بينهما (عقد بيع، إيجار هبة…إلخ). وقد يأخذ إبرام العقد جلسة واحدة أو عدة جلسات لحين الانتهاء من الاتفاق على كل التفاصيل اللازمة. أما في عقود التجارة الإلكترونية، فلا يكون هناك مجلس للعقد بالمعنى التقليدي أو مفاوضات جارية للإتفاق على شروط التعاقد لأن البائع يكون في مكان والمشتري قد يبعد عنه بآلاف الأميال. كما قد يختلف التوقيت الزمني أيضا بين مكاني المشتري والبائع رغم وجودهما على اتصال عن طريق أجهزة الكمبيوتر أو بين إرسال الرسالة الإلكترونية وتلقيها من المرسل إليه بسبب عدم إنزال الرسائل من على الشبكة أو التأخر في إرسالها لتعطل الشبكة.[11]
ثانيا: غياب الحامل الورقي
إن العقود الإلكترونية لاتعرف الوثائق الورقية، ولكنها تعتمد على رسائل إلكترونية والتي تتكون من معلومات محوسبة. كما أنها ترتبط بالأنشطة التجارية ذات المفهوم الواسع الذي لايقتصر على المعاملات التجارية وفقا للمفهوم الضيق الذي تعرفه التشريعات الداخلية وإنما تشكل الأنشطة الاقتصادية.
ثالثا: السرعة في إنجاز الأعمال
مفاد ذلك أن المعاملات يمكن أن تنجز بين متعاملين يوجدون في أطراف الكرة الأرضية يتم بينهم تمرير الصفقات وعمليات البيع والشراء في مواد مادية أو غير مادية في وقت آني، لكن الأمان في إرسال الرسائل عن طريق الكمبيوتر ما زال مشكلة قائمة لم يتم التغلب عليها كليا. أمام ما هو مرجو من سرعة في إنجاز المعاملات والتصرفات، واستجابة لشروط السلامة بالشكل المقبول قانونا تم تأمين سرية التبادل الإلكتروني عبر عدة وسائل كالتشفير مثلا.[12]
رابعا: العقد الإلكتروني يتسم غالبا بالطابع الدولي
ذلك لأن الطابع العالمي لشبكة الأنترنت جعل معظم دول العالم في حالة اتصال دائم على الخط online حيث يسهل التعاقد بين طرف في دولة والطرف الآخر في دولة أخرى. ويشير الطابع الدولي للعقد الإلكتروني العديد من المسائل كمسألة بيان مدى أهلية المتعاقد وكيفية التحقق من شخصية المتعاقد الآخر ومعرفة حقيقة المركز المالي له، وتحديد المحكمة المختصة وكذلك القانون الواجب التطبيق على منازعات إبرام العقد الإلكتروني.[13]
المطلب الثاني: تمييز العقد الإلكتروني عن غيره من العقود
بالنسبة لطريقة التعاقد
يختلف العقد الإلكتروني محل الدراسة عن غيره من العقود ، ولذلك ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين: الأولى نتناول فيها تمييز العقد عن غيره من العقود بالنسبة لطريقة التعاقد. والثانية نتناول فهيا تمييز العقد الإلكتروني عن عقود البيئة الإلكترونية.
الفقرة الأولى: تمييز العقد الإلكتروني عن غيره من العقود
بالنسبة لطريقة التعاقد
أولا: التعاقد الإلكتروني والتعاقد التقليدي
إذا كان التعاقد الإلكتروني يتفق مع التعاقد التقليدي في أنهما ينعقدان بتوافق إرادتي المتعاقدين، أي تطابق الإيجاب والقبول، إلا أن الثاني يقوم بين شخصين حاضرين من حيث الزمان والمكان حيث يتم تبادل الإيجاب والقبول في مجلس العقد في المواجهة، وهو ما يقتضي التواجد المادي لكل من طرفي التعاقد في مكان واحد، ولايتحقق ذلك في التعاقد الإلكتروني، فمن المفترض أساسا وجود المتعاقدين في مكانين منفصلين بل قد يفصل بينهما مئات أو آلاف الأميال، ومن ثم التعاقد التقليدي هو تعاقد بين حاضرين بينما الانفصال المكاني في التعاقد الإلكتروني يجعل منه تعاقد من طبيعة خاصة.[14]
ثانيا: التعاقد الإلكتروني عن طريق التلفزيون
يعرف البعض التعاقد عن طريق التلفزيون[15] بأنه عبارة عن “طلب سلعة أو منتج بواسطة الهاتف أو المينتل، تاليا على عرض المنقول بواسطة وسائل الاتصال السمعية المرئية (التليفزيون) وإذا كان التعاقد الإلكتروني والتعاقد عن طريق التليفزيون يتشابهان في أن الرسالة المنقولة هي نفسها بالنسبة لكافة العملاء، إذ تتم بالصوت والصورة، إلا أن الإعلام في التعاقد عن طريق التليفزيون يكون عن طريق الإذاعة المرئية المسموعة، والجوهري في هذا الإعلام أنه وقتي أي يزول سريعا، لأنه لايستمر الإخلال مدة الإذاعة فقط. أما الإعلام في التعاقد الإلكتروني فيظل قائما طوال اليوم خلال أربعة وعشرين ساعة، ويكون الاستعلام عن التفاصيل من خلال تصفح صفحات الموقع على الأنترنت.[16]
الفقرة الثانية: تمييز العقد الإلكتروني عن عقود البيئة الإلكترونية
أولا: عقد الدخول إلى شبكة الأنترنتcontrat d’accès à Internet
يعتبر عقد الدخول إلى شبكة الأنترنت من أهم العقود الإلكترونية وأثرها شيوعا لأنه الدخل الأساسي للاستفادة من الحاسوب واستخدامه في مجال التجارة الإلكترونية، وعقد استخدام الشبكة هو الركيزة الأساسية في العقد الإلكتروني، فهذا العقد كأي عقد آخر من حيث توافر الإلتزامات على طرفي العقد ، فالمستخدم يتوجب عليه بيان كافة الاحتياجات التي يتطلبها من خلال شبكة الأنترنت، لكي يكون المزود على علم ودراية بكافة احتياجات المستخدم لإتاحة كافة المواقع التي يرغب بها، كما يتوجب على العميل الوفاء بالبذل الذي يتم الاتفاق عليه للمزود عن استخدام الشبكة. أما الأساس في التزام المستخدم تمكين المزود من العلم بالغاية التي يرغب بتحديدها من استخدام الشبكة، ويكون هذا التصرف موقوفا على قيام المستخدم بالوفاء بالتزامه من خلال بكل ما بوسعه لإتمام التعاقد من خلال الحد أو إزالة كافة الصعاب أمام المزود ليتمكن من تلبية رغبات المستخدم.[17]
ثانيا: عقد الإيجار المعلوماتيContrat d’hébergement
الإيجار المعلوماتي “عقد بمقتضاه يضع مقدم الخدمة تحت تصرف لمشترك بعض إمكانيات أجهزته وأدواته المعلوماتية على شبكة الأنترنت”.[18]
ويعتبر هذا العقد من العقود التي يقوم المزود بتقديم الخدمات ووضعها تحت تصرف المشترك وأغلب ما تكون هذه الخدمات إتاحة الانتفاع بمساحات على القرص الصلب لإحدى أجهزة الحاسب الخاصة به أو إتاحة مكان على شبكة الأنترنت أو تقدي جزء من المعلومات ليتم الانتفاع بها خلال المدة التي تم تحديدها، ومن ثم يتم إعادتها إلى صاحبها بعد الانتهاء من حق الانتفاع. ويمكن تكييف هذا العقد من عقود الإيجار، لأن غايته تمكين الاستخدام من الانتفاع بالعين المؤجرة، بينما تبقى ملكية المعلومة لأصحابها.
ومما سبق نجد أن عقد الإيجار المعلوماتي من العقود الأساسية لتوافر شبكة شبكة الانترنت، فمن خلاله تتوفر آلية الإتصال، والموديوم وبرامج الانترنت. فمتى توفرت هذه المواد، فإن استخدام شبكة الانترنت يكون سهلا وفي متناول الجميع، ويتم إجراء كافة التصرفات المباحة من خلال الشبكة كإبرام العقود الإلكترونية، والتجول في المواقع، والتسوق، والتصفح..إلخ من التصرفات[19].
المبحث الثاني: تكوين العقد الإلكتروني
العقد الإلكتروني كغيره من العقود يخضع لمبدأ سلطان الإرادة حيث تتجلى إرادتا المتعاقدين فيه عن طريق عرض أو إيجاب يصدر عن الطرف الأول يلاقيه قبول يصدر عن الطرف الثاني، لكن قبل الحديث عن الإيجاب الإلكتروني والقبول الإلكتروني لابد أن نشير إلى أهلية كل من الموجب والقابل ضمن المطلب الأول وهو أحكام العقد الإلكتروني، مع الحديث عن بعض النماذج العملية للعقود الإلكترونية في المطلب الثاني.
المطلب الأول: أحكام العقد الإلكتروني
ضمن هذا المطلب سيتم الحديث عن بحث تكوين العقد الإلكتروني في ضوء الإيجاب ولقبول الإلكتروني وزمان ومكان إبرام العقد الإلكتروني.
الفقرة الأولى: الأهلية والتعبير عن الإرادة في العقد الإلكتروني
يعتبر الرضى أهم ركن في كل عقد حيث يجب أن يتحقق لدى كل من طرفي العقد وذلك بتطابق إرادة مشتركة بين المتعاقدين باقتران القبول بالإيجاب والإرادة التعاقدية تتطلب أهلية الموجب وأهلية القابل، رغم صعوبة التحقق من صدور الرضى من شخص متمتع بأهلية كاملة.
أولا: الأهلية في العقد الإلكتروني
أ-أهلية الموجب في العقد الإلكتروني
إذا لم تتوفر في الموجب الأهلية القانونية، فإننا نطبق القواعد العامة الواردة في قانون الإلتزامات والعقود، فكل العقود الإلكترونية التي يبرمها ناقصوا الأهلية يترتب عليها الإبطال، حيث نصت المادة 311 من ق.ل.ع على أنه يكون لدعوى الإبطال محل في الحالات المنصوص عليها في المواد 4 و 39 و55 و56 وفي الحالات الأخرى التي يحددها القانون، فالإبطال طبقا لهذه المادة يترتب على نقصان أهلية أحد المتعاقدين وهنا يجدر التذكير بأن الأمر يتعلق بالإبطال وليس البطلان، إذ أن هذا الأخير ينتج عن انعدام الأهلية بالمرة.[20]
ب-أهلية القابل في العقد الإلكتروني
إذا كانت القواعد القانونية تحمي ناقصي الأهلية بجعل العقود التي يبرمونها قابلة للإبطال، فإنه في ظل العقود الإلكترونية تتعارض مصلحتان:
-مصلحة القاصر في إبطال تعاقده وفقا للقواعد العامة.
-مصلحة التاجر أو المتعاقد مع القاصر بحسن نية، الذي يرى عقوده تنهار بمجرد طعن القاصر فهيا بالإبطال خاصة وأن هذا التاجر أو المتعاقد مع القاصر لايمكنه معرفة الحالة المدنية للمتعاقد الآخر سواء من حيث السن أو من حيث عوارض الأهلية وفي حالة على حدة.[21]
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مشكل الأهلية في التعاقد الإلكتروني لم يعد يطرح بشدة خصوصا وأن تسديد الثمن يقع قبل إرسال البضائع عن طريق الأداء الإلكتروني الذي غالبا ما يتم بواسطة بطاقات الإئتمان. كما أن اختلاف بلد التاجر أو المتعاقد عن بلد القاصر يجعل هذا الأخير يتخلى عن رفع دعوى الإبطال لما يتطلبه ذلك من تكاليف ومشقة على القاصر لأن مقاضاة التاجر تتم من حيث المبدأ في موطنه طبقا لقواعد قانون الإجراءات المدنية.
ثانيا: التعبير عن الإرادة في العقد الإلكتروني
أ-الإيجاب الإلكتروني
الإيجاب بصورة عامة هو تعبير بات عن الإرادة الأولى التي تظهر في العقد، عارضة على شخص آخر إمكان التعاقد معه ضمن شروط معينة، بحيث إذا اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد.[22]
والإيجاب الإلكتروني لايخرج عن هذا التعريف فهو تعبير ممن وجهه يعرض فيه تعاقد بوسائط إلكترونية ويقع عن بعد بين غائبين من حيث المكان[23]. وقد نص مشروع قانون التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية على الإيجاب الإلكتروني في المادة 3-65 على أنه يمكن استعمال الطريق الإلكتروني لوضع إيجاب تعاقدي أو إيجاب يتعلق ببيانات عن المواد والخدمات يؤدي إلى التعاقد بشأنها.[24]
ولقد حدد المشرع في قانون 05.53 ثلاثة صور للإيجاب وذلك كما يلي:
الصورة الأولى: تتعلق بالحالة التي يرغب فيها المتعاقد، إبرام عقد من العقود وعندها يمكنه اعتماد كل الوسائل الإلكترونية المتاحة.
الصورة الثانية: وهي تلك التي تمثل في التعبير عن الإرادة إذ رغب الموجب في إبرام عقد من العقود.
الصورة الثالثة: وتتمثل في الإيجاب الذي يكون موضوعه معلومات أثناء تنفيذ العقد.
ويتعين الاعتبار الإيجابي أن يوافق من وجه إليه استعمال البريد الإلكتروني في التعاقد. وعليه إذا لم يوافق من وجه إليه الإيجاب على استعمال البريد الإلكتروني فغنه يتحلل من عرضه ويشترط في الموافقة أن تأتي صريحة، ويعفى من الموافقة الصريحة استعمال البريد الإلكتروني التجار والحرفيون إذا أدلوا بعنوانهم الإلكتروني لأن الإدلاء بالعنوان المذكور دليلا منهم على الموافقة.[25]
ب-القبول الإليكتروني
القبول هو تعبير عن إرادة من وجه إليه الإيجاب لإبرام تعاقد بناء على البيانات التي تم إرسالها من خلال الإيجاب بالموافقة على محتوياتها دون إحداث تعديل في الإيجاب أي أن يكون مطابقا تطابقا تاما للإيجاب.[26]
فإذا كان الأصل أن التعبير عن القبول قد يقع صراحة أو ضمنيا حيث يقع استثناء بطريق السكوت في الحالة التي يتعلق فيها الإيجاب بمعاملات سابقة بدأت فعلا بين الطرفين (المادة 25 من ق.ل.ع)[27]، فإن القبول الإلكتروني لايمكن أن يقع إلا صراحة ولايمكن تصوره ضمنيا. فالقبول الإلكتروني يتم عن طريق أجهزة وبرامج إلكترونية تعمل آليا وهذه الأجهزة لايمكنها استخلاص أو استنساخ.
إرادة المتعاقد[28]:
ولقد نظم المشرع في القانون 05.53 القبول الإلكتروني ووضع له من الضوابط التي تنسجم مع القبول في العقد الإلكتروني ولم يعتد بالقبول المجرد متماشيا مع المقتضيات الواردة بالتشريعات التي عالجت القبول الإلكتروني.[29]
ولذا يثبت لمن أرسل إليه الإيجاب قبل التعبير عن إرادته بالقبول أن يكون له مكنة التحقق مما يلي:
1-أن يتأكد من تفاصيل القبول الذي سيصدر عنه حتى يعتد به قانونا
2-أن يتحقق من الثمن الإجمالي للشيء محل التعاقد لأن الثمن ركن من أركان العقد الذي لا غنى عنه.
3-أن يتمكن من تصحيح الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها إذا حصل قبوله والمقصود بالخطأ هنا الخطأ المادي الذي يتسرب إلى التعبير عن إرادته، ولكن هذه المكنة لاتسوغ له الرجوع عن قبوله الذي ينعقد به العقد الإلكتروني إذا استوفى الضوابط القانونية.
4-يثبت القابل على الموجب التزام الأخير بمجرد توصله بالقبول أن يشعر القابل بطريقة إلكترونية بتسلمه قبول العرض الموجه إليه وذلك من باب تأكيد التعاقد والتأخير المبرر في الإشعار ينتج آثاره القانونية.
5-يعتبر العقد الإلكتروني منعقدا فور تسلم الموجب للقبول ولا معنى للقول بأن القابل المفترض بمجرد تسلمه الإيجاب يغدو ملزما له، لأن المبدأ هو أن القابل قد يقبل وقد يرفض وهذا تعبير صادق عن مبدأ سلطات الإرادة.[30]
وغني عن البيان أن المشرع اعتبر أن قبول العرض وتأكيده والإشعار وبالتسلم متوصلا بها إذا تمكن الأطراف المرسلة إليهم من الولوج إليها إلكترونيا.[31]
الفقرة الثانية: زمان ومكان إبرام العقد الإلكتروني
يحظى تحديد الزمان والمكان بأهمية خاصة في كل ما يتصل بالتعاقد فمن تحديد مكان انعقاد العقد وزمان انعقاده هناك مسائل متنوعة نظمتها القواعد العامة، وبتحددها تعرف وفق تنفيذ التعاقد في القانون المدني.[32]
بالإلتزامات التي يفرضها العقد نحدد المحكمة المختصة للنظر في النزاعات المثارة بصدد إبرام العقد وتنفيذه كما تحدد القانون الواجب التطبيق، وتحديد زمان ومكان إبرام العقد في قانون الإلتزامات والعقود يختلف حسب التعاقد فيتحدد في التعاقد بين حاضرين في زمان ومكان مجلس العقد، ويتحدد في التعاقد بالمراسلة في زمان ومكان إعلان القبول وفي التعاقد بالوسيط في الزمان والمكان الذين يرد فيهما من تلقى الإيجاب للوسيط بأنه يقبله، وفي التعاقد بالهاتف يتم في نفس الوقت الذي جرت فيه المخاطبة الهاتفية، من حيث الزمان لكن في المكان الذي يوجد فهي القابل.
وقد نص قانون التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية في المادة 65 على عدم تطبيق الفصول من 23 إلى 30 والمادة 32 من ق.ل.ع على العقود الإلكترونية. ولذلك فإن الأحكام المنصوص عليها في هذه الفصول لاتطبق على العقود الإلكترونية نظرا للطبيعة الخاصة التي يتميز بها هذا الأخير.
هذا ولم يقم قانون التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية بتحديد زمان ومكان إبرام العقد الإلكتروني، ولذلك فإننا نرجع إلى القواعد المنصوص عليها في قانون الأونسترال النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية لسنة 1996 في المادة 15 منه لبيان أحكام زمان ومكان إبرام العقد الإلكتروني.[33]
المطلب الثاني: النماذج العملية لبعض العقد الإلكترونية البنكية
تحت هاجس السرعة وسعيا وراء تكثيف المعاملات وتسهيلها، حاولت المؤسسات المالية خاصة منها البنوك للإعتماد على الوسائل المعلوماتية المتوفرة لديها حيث مكنت زبنائها من استعمالها في الأداء كبطاقات الوفاء والإئتمان (الفقرة الأولى) ثم الوفاء الإلكتروني بالمغرب (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: بعض وسائل الدفع الإلكتروني
أولا: بطاقات الوفاء:
وتسمى أيضا ببطاقات الأداء أو بطاقات الصرف البنكي أو الخصم الفوري، وتستخدم هذه البطاقة كأداة وفاء لدفع ثمن السلع والخدمات التي يحل عليها حاملها من بعض المحلات التجارية التي تقبل التعامل بها بموجب اتفاق مع الجهة المصدرة لها (البنك)[34] حيث تقوم بتحويل ثمن البضائع والخدمات من حساب العميل إلى حساب التاجر البائع بطريقتين إحداهما مباشرة والأخرى غير مباشرة، فتتم الطرقة المباشرة عند قيام العميل بتسليم بطاقاته إلى التاجر الذي يقوم بتمرير البطاقة على جهاز خاص لتأكد من وجود رصيد كافي له في البنك الخاص به، وذلك من أجل تسديد قيمة مشترياته، ولا يتم ذلك إلا بعد قيامه بإدخال رقمه السري بالجهاز، وتشكل هذه العملية تفويضا للبنك من أجل تحويل المبلغ من حسابه إلى حساب التاجر.
أما في الطريقة الغير المباشرة فيقوم العميل بتقديم بطاقته التي تحتوي على بياناته وبيانات البنك المصدر لها إلى التاجر الذي يقوم بتدوين البيانات المفصلة عن المشتري وبطاقته ويوقع هذا الأخير على فاتورة من عدة نسخ، ترسل نسخة منها إلى البنك الخاص بالعميل لسداد قيمة المشتريات ثم يرجع البنك بدوره على العميل حامل البطاقة بعد ذلك.[35] وقد انتقل التعامل بهذه البطاقة إلى المغرب عام 1989[36] إذ أن التاجر الذي تعاقد مع البنك ملزم بقبول البطاقة البنكية كوسيلة أداء، إذا تقدم بها المستهلك. أما إذا قدمها تاجر لآخر، فإن البنك لايقبل المعاملة نظرا لقيمة العميلة التجارية المرتفعة والتي قد تكلف أكثر من السقف المحدد المسموح به لصاحب البطاقة، لذلك فمن واجب البنوك المغربية تعميم العملية أي قبول البطاقة البنكية في الوفاء على التجار لأن تجرتنا في حاجة إلى ذلك مع الأخذ بعينا لاعتبار ما نص عليه مشرعنا التجاري في الفقرة الأولى من المادة 329 من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة.[37]
ثانيا: بطاقات الائتمان:
تصدر هذه البطاقة عادة من تاجر أو مؤسسة ائتمان تخول لصاحبها الحق في الحصول على الائتمان في حدود السقف المتفق عليه مقابل عمولات وفوائد لقاء توفير الإعتماد لحاملها. ويحصل العمل بموجبها على السلع والخدمات عن طريق تقديمها إلى التاجر، وتسدد قيمتها من قبل الجهة المصدرة للبطاقة، على أن يقوم حامل البطاقة بسداد القيمة لهذه الحجة خلال الأجل المتفق عليه، ويعد عنصر الإئتمان فيها عنصرا جوهريا يعتمد عليه الحامل حتى ولو لم يكن له رصيد كاف لدى البنك لسداد ثمن مشترياته. حيث يقوم البنك بالسداد على المكشوف ثم يطالب العميل بعد ذلك بما دفعه وفقا للشروط المتفق عليها في العقد المبرم بينهما. ومن أمثلة هذه البطاقات بطاقة الفيزا (Visa) وبطاقة الماستر كارد(mastercard) والاكسس(access) وأمريكان اكسبريس.[38]
الفقرة الثانية: الوفاء الإلكتروني بالمغرب
أولا: الطبيعة النقدية للثمن
تتجلى أهمية الطبيعة النقدية للثمن في تميز البيع عن كثير من العقود الأخرى خاصة الهبة والمقايضة، لذلك يلزم مبدئيا أن يتضمن اتفاق المتبايعان على الثمن النقدي أو الرقم الحسابي من النقود الذي يتعين على المشتري دفعه إلى البائع نظير حصوله على ملكية المبيع، وفي البيوع التي تنعقد وتنجز آثارها في المغرب يجب أن يحصل التراضي على أداء الثمن بالدرهم وهو العملية الوطنية المتداولة داخل الدولة، مع الأخذ بعين الاعتبار السعر المقرر له من طرف البنك المركزي باعتباره أداة وفاء، والائتمان يصلح لتقدير مختلف الأشياء والحقوق في ضوء قانون العرض والطلب، ولايحق لأي كان أن يمتنع عن التعامل به، بينما يمكن الاتفاق في البيوع الدولية التي تبرم وتنفذ خارج التراب الوطني على دفع الثمن بالعملة الأجنبية، وذلك حفاظا على المصلحة العامة ودعما للاقتصاد الوطني الذي يقتضي القيام بعمليات استيراد وتصدير لجلب سلع ومنتجات توجد في الخارج، والحصول على عملية صعبة تحتاجها الخزينة العامة لضمان التوازن المالي الخارجي، وقد تيسر ذلك بعد إنشاء سوق للصرف بالمغرب ابتداء من 2 ماي 1996 حيث أصبح بإمكان البنوك الوسيطة المقبولة أن تقوم فيما بينها ومع زبنائها بعمليات شراء وبيع العملة الصعبة، ووضع وقاعد للصرف وفق الشروط المحددة من طرف السلطات تتبع ملف الاستيراد والتصدير المفتوح لديها من قبل الزبون حيث يوافيها كل من بنك المغرب ومكتب الصرف بالنشرات المتعلقة بعملية المراقبة المنوطة بها، هذا مع العلم أن لكل من الاستيراد[39] والتصدير قواعده الخاصة التي تسهر على تطبيقها البنوك.
ثانيا: مدى استثمار المغرب لتكنولوجيا المعلوميات في الوفاء
لايزال نظام الأداء الوطني يتميز بهيمنة استعمال الأوراق البنكية والنقود المعدنية، وبالرغم نم خلق البطاقات البنكية وإنشاء “مركز تدبيرها” ولا أثر للتعامل بالنقد الإلكتروني استنادا على قواعد الصرف المغربية التي لاتعترف إلا بالشكل المادي للنقد. فلا يمكن للمتعامل بالبطاقة البنكية أن يوفي قيمة تصرفاته بالخارج إلا إذا كان مصدرا أو اعترف له مكتب الصرف والمبادلات بذلك إلا أنه في إطار تفعيل التعشير الإلكتروني الشامل ، ومن أجل الاستفادة من التسجيلات التي تتيحها تقنيات التبادل الإلكتروني للمعلومات، شرعت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة وبتعاون مع مجموعة من الشركاء منهم شركة (S.G.M) بإدماج الأداء الإلكتروني في منظومة التعشير إذ يمكن للفاعلين الاقتصاديين الاستفادة من هذه الخدمة في إطار الاستيراد والهدف من ذلك تقليص تشريع الإجراءات الإدارية الجمركية وملائمة عملية التعشير مع متطلبات الرؤية الجديدة للاقتصاديين وسيلة سهلة ورخيصة وفعالة لأداء الرسوم والمكوس الجمركية، وتبادل المعلومات إلكترونيا بين إدارة الجمارك والفاعلين الاقتصاديين وذلك عن طريق نظام Réseau à valeur ajouté (R.V.A) وهو نظام خاص يمكن من تبادل إلكتروني مضمون لمختلف العناصر الضرورية كسجل التصفية والأمر التحويل ووصل الأداء لتسديد الدين الجمركي.
ومما تقدم يتبين لنا أن وسيلة الأداء هذه ما هي إلا ترجمة أخرى للآمر بالتحويل العادين وبالتالي لن يكن لها تأثير على المنظومة المحاسبية للجمارك ولا على وسائل الأداء الأخرى ولايمكن القول كذلك بأن الأمر يتعلق بنظام وفاء عبر الأنترنت انطلاقا من اعتبارها شبكة عامة ومفتوحة وإنما يتم الأداء بواسطة شبكة خاصة رابطة بين بعض البنوك، وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.[40]
المبحث الثالث: عدم استيعاب قانون رقم 53.05 للمقتضيات
التي اقتبسها عن القوانين الأجنبية
إذا كان قانون 53.05 يشكل خطوة مهمة نحو نوع جديد من التعاقدات والأهم إضافة شكل جديد، من المحررات وإعطائها حجية إثباتية بقوة القانون. فهو رغم ذلك، اعترته مجموعة من العيوب، لكن قبل الحديث عن عيوب هذا القانون سنشير للإتجاه الرامي إلى اقتباس القانون الفرنسي في مطلب أول، ونتحدث عن الصياغة العربية المعيبة لقانون رقم 53.05 أي طريقة إضافة النصوص إلى ظهير الالتزامات والعقود في المطلب الثاني.
المطلب الأول: الإتجاه الرامي إلى اقتباس القانون الفرنسي
في نهاية سنة 2005 قامت السلطة الحكومية المختصة بإعداد مشروع تمهيدي، من أجل تنمية وتطوير التجارة الإلكترونية، مختلف تماما عن المقتضيات التي كانت قد اقترحتها اللجنة الوزارية المختلطة المذكورة، حيث أحيل هذا المشروع على مجلس النواب بتاريخ 10-04-2009 ، وتمت المصادقة عليه بتاريخ 22-10-2007 بالإجماع ثم أحيل بعد ذلك على مجلس المستشارين بتاريخ 22-01-2007، وتمت المصادقة عليه بتاريخ 29-05-2007، وبتاريخ 30 نوفمبر 2007، صدر الظهير الشريف رقم 1.07.129 الأمر بتنفيذه ونشره بالجريدة الرسمية[41] وتفيد الدراسة المقارنة، أن المصدر المادي للمقتضيات التي جاء بها، هو القانون الفرنسي وهذا ما سنوضحه في الفقرة الثانية بعد التعريف بمقتضيات القانون الفرنسي المذكور في الفقرة الأولى.
الفقرة الأولى: التعريف بمقتضيات القانون الفرنسي
في مجال التبادل الإلكتروني
قام المشرع المغربي بنقل جل المقتضيات الجوهرية عن القانون المدني الفرنسي بعد تعديله وتتميمه بموجب القوانين التالية:
أولا: القانون رقم 230 لسنة 2000 بتاريخ 13 مارس 2000 المتعلق بالتوقيع الإلكتروني وبتكييف قانون الإثبات مع التقنيات الحديثة.
ثانيا: القانون رقم 575 لسنة 2004 بتاريخ 21 يونيو 2004 المتعلق بالثقة في الإقتصاد الرقمي.
ثالثا: الأمر رقم 674/2005 بتاريخ 16 يونيو 2005 الصادر بإحالة من القانون رقم 575 لسنة 2004 المتعلق بالثقة في الاقتصاد الرقمي – قصد تنظيم استكمال بعض الشكليات التعاقدية الموجهة، بطريقة إلكترونية، كما نقل المشرع المغربي ضمن صلب القانون المذكور، الكثير من المقتضيات التنظيمية، اعتمادا على القوانين المذكورة من جهة، واعتمادا على المراسيم الفرنسية من جهة أخرى، نذكر منها على الخصوص:
-المرسوم رقم 272 لسنة 2001 بتاريخ 30 مارس 2001 الصادر بتطبيق الفصل 4/1316 من القانون المدني والمتعلق بالتوقيع الإلكتروني.
-المرسوم رقم 535 لسنة 2002 بتاريخ 18 أبريل 2002 المتعلق بالتوقيع الإلكتروني.
ولم يقتصر الأمر على اقتباس هذه المقتضيات فقط، بل تعداه إلى عدد من المسائل نذكر منها:
-تنظيم كيفية تحرير الوثيقة الإلكترونية وحفظها من لدن المفوضين القضائيين
-تنظيم كيفية تحرير وحفظ الوثيقة الإلكترونية من لدن الموثقين.[42]
الفقرة الثانية: اقتباس المشرع المغربي لمقتضيات القانون الفرنسي
في مجال التبادل الإلكتروني
قام المشرع المغربي بنقل القانون الفرنسي نقلا حرفيا لغة واصطلاحا ومضمونا ويمكن الإشارة إلى الأشكال التالية:
-حذف كلمة أو مصطلح cryptolographieمرادف للمصطلح الذي استعمله المشرع الفرنسي كاستخدامه مثلا مصطلح cryptologie (المادة 12) في حين استخدم المشرع الفرنسي مصطلح المادة 29 من الثقة في الاقتصاد الرقمي
-دمج المقتضيات التنظيمية مع المقتضيات التشريعية
ويلاحظ أن المشرع المغربي لم يستفد استفادة كامل من المقتضيات التي تضمنها القانون الفرنسي، ذلك أن هذا الأخير أعاد النظر في كثير من المقتضيات ذات الصلة الوثيقة الإلكترونية.[43]
المطلب الثاني: الصياغة العربية المعيبة لقانون رقم 53.05
طريق إضافة النصوص إلى ظهير الإلتزامات والعقود
الصيغة العربية التي عرفها القانون المذكور هي تعريب منتقد علما أنه تم إعداد مشروع القانون المذكور باللغة العربية من لدن المصالح المختصة، وسنوضح طريقة إضافة النصوص إلى ظهير الإلتزامات والعقود. ويمكننا إجمالها في كونها ليست بعربية في الفقرة الأولى فضلا عن تأثيرها على مضمون كثير من الفصول في الظهير المذكور (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: طريقة ليست بعربية
إضافة النصوص إلى ظهير الالتزامات والعقود ليست بعربية وإنما فرنسية، ذلك أن الصياغة التي استعملت تفرض علينا قراءة أرقام الفصول من اليسار إلى اليمين مع أن العكس هو الصحيح، وقد أضحى هذا الأسلوب هو الترقيم المعتمد من لدن المشرع إما في إضافة النصوص أو إضافة المواد إلى القوانين الموجودة إما في ترقيم القوانين نفسها أو الظهائر الصادرة بتنفيذها أو المراسيم، والسبب في هذا الخطأ اللغوي هو أن المشاريع التمهيدية للنصوص توضع في غالب الأحيان باللغة الفرنسية ثم تناقش من لدن السلطات الحكومية المعنية، باللغة الفرنسية، وبعد ذلك تترجم إلى اللغة العربية من لدن المصالح المختصة دون أن يأخذ المترجم بعينا لاعتبار الأسلوب الخاص بكتابة وقراءة الأرقام باللغة العربية، ومن شأن هذا الأسلوب الغير الصحيح أن يوقعنا في الغلط. ولنأخذ مثلا على ذلك المادة 2 من القانون المذكور جاء فيها: “يتمم الباب الأول من القسم الأول من الكتاب الأول من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون الالتزامات والعقود بالفصل 1-2 التالي”.
فمن لايعرف مضمون مقتضيات قانونا لالتزامات والعقود سيلحق هذه الإضافة بالفصل الأول منه التزاما بما جاء في المادة المذكورة، والحقيقة أن الإضافة هي بعد الفصل الثاني من قانون الالتزامات والعقود، وهذا ما يفهم من الصيغة الفرنسية ولايفهم من الصيغة العربية للقانون المذكور.[44]
الفقرة الثانية: طريقة أثرت على مضمون الكثير من الفصول
أدت الطريقة التي اعتمدها المشروع إلى حذف مقتضيات مهمة دون إدراك من واضع النص لأهميتها حيث تم الأخذ ببعضها دون البعض الآخر.
فأصل الفصل 417 الذي ينص على أن الدليل الكتابي ينتج مما عدده الفصل المذكور إضافة إلى كل كتابة أخرى” وهي العبارة التي حذفها المشروع وكذا الصيغة النهائية للقانون. فجاءت صيغة الفقرة الجديدة المغيرة والمتممة من هذا الفصل على النحو التالي:
“ويمكن أن ينتج كذلك عن … والوثائق الخاصة أو عن أي إشارات أو رموز أخرى ذات دلالة واضحة ، كيفما كانت دعامتها وبطريقة إرسالها” والحقيقة أن الحذف هو سبق قلم من محرري النص، وإلا فإن الكتابات الأخرى المنصوص عليها في أصل هذا النص هي التي نظمها المشرع في الفصل 433 وما بعده، وفضلا عن ذلك فهذا الفصل في صيغته الجديدة مأخوذ من الفصل 1316 من القانون المدني الفرنسي بعد أن حذف منها مقتبس النص المغربي عبارة “أرقام” (chiffres) المعتبر في أنواع الكتابة الأخرى المعتبرة في نظر القانون الفرنسي.
وقد استثنى المشرع من المقتضيات التي جاء بها في الفقرة الأولى من الفصل الثاني مكرر من ظهير الالتزامات والعقود والمتعلقة بالاعتراف بالكتابة الإلكترونية للاستيفاء ركن الشكل في التصرفات القانونية الشكلية كما يلي:
أولا: الوثائق المتعلقة بتطبيق أحكام مدونة الأسرة.
ثانيا: المحررات العرفية المتعلقة بالضمانات الشخصية أو العينية، ذات الطابع المدني أو التجاري، ما عدا المحررات المنجزة م لدن شخص لأغراض مهنته.
لكننا نلاحظ أن الصيغة النهائية التي جاء بها الاستثناء المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من الفصل المذكور، هي صيغة معيبة، لأنها تستعمل عبارة “قانون” وليس عبارة “فصل” وكأنما المشرع هنا يستثني كل ما ذكر في هذه الفقرة من الخضوع لظهير الالتزامات والعقود مع أن المقصود هو عدم خضوعها فقط للمقتضيات المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية من نفس الفصل أي اشتراط شكل الكتابة.[45]
الفصل الثاني: وسائل إثبات العقود الإلكترونية
إن أهم الإشكاليات التي تطرحها التصرفات التي تتم عبر شبكات المعلوماتية وأهمها الإنترنيت على مستوى الإثبات، تتعلق بضرورة استنباط شكليات إلكترونية تستجيب لموجبات الإثبات في ظل محيط يتم بانعدام المادية وتجاوز الكتابة والإمضاء والحجج ذات السندات الورقية.
وقد سارعت عدد من التشريعات إلى إرساء إطار قانوني جديد للإثبات،مثل القانون الفرنسي عدد 230-2000 المؤرخ في 13 مارس 2000، وكذلك القوانين الأوروبية الموحدة بموجب التوصية عدد 93-1999 المؤرخة في 13 ديسمبر 1999 وكذلك القانون التونسي عدد83-2000 المؤرخ في 9 غشت 2000.
والمشرع المغربي في محاولة لمواكبة التطور القانوني بدأ يخطو خطوات وإن كانت بطيئة، وذلك لأن التعامل الإلكتروني في البلاد مازال في بدايته، فإن هذه المحاولة تفتح المجال لضم المحررات الإلكترونية لرسائل الإثبات المنصوص عليها في ق.ل.ع، وإن لم يكن ذلك ضروريا حاليا لأن المنازعات الإلكترونية تكاد تكون منعدمة على الساحة القضائية، فعلى الأقل لمواكبة القوانين المتطورة واستعداد للتغيرات المنتظرة التي تفرضها السرعة المذهلة للتكنولوجيا الحديثة، لذلك نرى المشرع المغربي يبادر إلى إجراء تعديلات في ترسانته القانونية، شملت لحد الآن حقوق المؤلف[46]، والحماية الجنائية للمعطيات والنظم المعلوماتية[47]، وأخيرا قانون 53-05.
ومن خلال ما ذكر فإن الوثيقة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية تطرح إشكالات هامة: تتصل بقدرتها على منافسة الوثائق التقليدية،وحول شروط صحتها ومدى حجيتها، فكيف تكتسب الوثيقة الإلكترونية القوة الثبوتية؟ وإلى أي حد يمكن الاحتجاج بها؟.
من خلال هاته الإشكالية ارتأينا معاجلة هذا الفصل من خلال تقسيمه إلى ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: الضمانات المتعلقة بالتوقيع الإلكتروني.
المبحث الثاني: الضمانات المتعلقة بالتشفير الإلكتروني.
المبحث الثالث: الضمانات المتعلقة بالكتابة الإلكترونية.
المبحث الأول:الضمانات المتعلقة بالتوقيع الإلكتروني:
يعتبر التوقيع أو الإمضاء الوسيلة التقليدية للتعبير عن الرضا فهو يحدد هوية الممضي، كما يحدد عمله ومحتوى الوثيقة التي أمضى عليها، فالتوقيع هو مبدئيا علامة شخصية يضعها الشخص للتعبير عن رضاه والتدليل على موافقته بما احتوته الوثيقة الممضى عليها[48]، وهذا التعريف ينطبق على التوقيع بخط اليد الذي يرتبط بالكتابة الورقية ويعتبر كذلك العنصر الثاني من عناصر الدليل الكتابي المعد للإثبات، بل إن التوقيع هو الشرط الوحيد لصحة الورقة العرفية المعدة للإثبات على فرض إن الورقة تتضمن كتابة تثبت ما تم الاتفاق عليه، أما بالنسبة للورقة الرسمية، فإنه يشترط بإضافة إلى ذلك أن تصدر من جهات خاصة، فبدون التوقيع بعقد الدليل الكتابي حجيته في الإثبات، بل يفقد طبيعته كدليل كتابي، فتوقيع هو الذي ينسب الورقة إلى من وقعها حتى ولو كانت مكتوبة بخط غيره.
المطلب الأول: مفهوم التوقيع الإلكتروني وحجيته
الفقرة الأولى: مفهوم التوقيع الإلكتروني
لم يعرف المشرع المغربي التوقيع الإلكتروني، وإنما استوجب فقط إذا كان التوقيع الإلكتروني أن يتم استعمال وسيلة تعريف[49] موثوق بها تمن ارتباط ذلك التوقيع بالوثيقة المتصلة به، كما جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل 2-417 بعد التعديل.
هذا وقد افترض المشرع بمقتضى الفصل 3-417 الجديد من قانون ل.ع الوثوق في تلك الوسيلة إلى أن يثبت العكس وذلك عندما يكون التوقيع الإلكتروني المستعمل مؤمنا.
غير أنه أعطيت مجموعة من التعاريف التوقيع الإلكتروني من جهات متعددة قانونية أو تقنية فمجموعة ISO عرفت التوقيع الإلكتروني:”بأنه مجموعة معطيات أضيفت على وحدة معطيات أو تحول مشفر لوحدة من المعطيات تمكن المرسل إليه إثبات مصدر وحدة المعطيات وكذلك التأكد من صحتها أو تمامها مع حمايتها من التقليد”.
وقد عرف المشرع الفرنسي المادة 1/ف1 من مرسوم بمثابة قانون[50] بأن التوقيع الإلكتروني هو”معطى ينتج عن استعمال ما، ممن طرف الموقع أو هو معطى يكون نتيجة استعمال الموقع لرسالة معطيات”.
وقد عرفته القانون المصري رقم 15 لسنة 2004 التوقيع الإلكتروني بأنه “ما يوضع على محرر إلكتروني ويتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها، ويكون له طابع منفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميزه عن غيره”.
وقد عرفه بعض الفقه بأنه تعبير شخص عن إرادته في الالتزام بتصرف قانوني معين، عن طريق تكوينه لرموز سرية يعلمها هو وحده تسمح بتحديد هويته[51].
ويتبين من التعاريف المذكورة أن مفهوم الإمضاء الإلكتروني ينبني أولا على مفهوم وظيفي من جهة وتقني من جهة ثانية.
أولا: المفهوم الوظيفي: المعادلة الوظيفية l’équivalence fonctionnelle بين الإمضاء الإلكتروني والإمضاء الخطي.
يرى البعض أن من الاعتباط إجراء مقارنة بين الإمضاء الخطي واستعمال تقنيات خاصة لتحديد هوية المتعامل إلكترونيا لكونهما أمران مختلفان اختلافا تاما ولو أنهما قد يحققان نفس الوظائف ويرون أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار تلك التقنيات إمضاء.
غير أنه يجري العمل اليوم على تسمية التقنيات المذكورة ب ” الإمضاء الإلكتروني” لكونه يقوم بنفس وظائف الإمضاء الخطي، بل إنه يتعداها ليشكل ضمانا لسلامة الوثيقة الإلكترونية أو بالأحرى المعلومات المتبادلة إلكترونيا.
وظائف الإمضاء التقليدية:
-التعريف بهوية الممضي وهو في المجال الإلكتروني مصدر رسالة البيانات.
-التأكد من موافقة الممضي على محتوى الوثيقة.
-الوظائف الإضافية للإمضاء الإلكتروني.
حماية الوثيقة الإلكترونية من التحريف والتغيير عن طريق اشتراط ارتباط الإمضاء بالوثيقة الإلكترونية لتلازم بين الإمضاء والوثيقة يضمن عدم تغيير محتوى الوثيقة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن توصية الاتحاد الأوربي تميز في فصلها الثاني بين الإمضاء الإلكتروني “البسيط” أو المجرد وبين الإمضاء الإلكتروني المدعم أو المحمي.
والمقصود بالإمضاء الإلكتروني “المجرد” هو الإمضاء الذي يحقق الوظائف التقليدية للإمضاء وهي تحديد هوية صاحب الرسالة والتأكد من موافقته على مضمونها، أما الإمضاء “المدعم” فهو الإمضاء الذي يكون فضلا عن ذلك محدثا بطريقة تضمن بقاءه تحت السيطرة المطلقة لصاحبه من جهة والمرتبط بالمعلومات المتبادلة بصورة تمكن من كشف عن كل تحريف لها من جهة ثانية[52].
ثانيا: المفهوم التقني للإمضاء الإلكتروني:
أدى التطور الحاصل في نطاق نظم المعلومات والاتصالات إلى ظهور العديد من الصور التي يتخذها التوقيع الإلكتروني التي تختلف باختلاف الطريقة التي يتم بها، كما تختلف من حيث قدرتها على توفير الثقة والأمان ومن وسائل الحماية التي تعتمد على الوسيلة التقنية المستخدمة.
+التوقيع الرقمي:signature numérique
المبني على المفتاح الخاص (السري) والمفتاح العلني
يتميز التوقيع الرقمي بعدة ميزات أولها أنه يثبت الشخص الموقع، وثانيهما أنه يحدد الوثيقة التي تم توقيعها، بحيث يصعب تزويره فيما بعد، وثالثها أنه يخدم التوقيع الرقمي نفسه ويحقق وظيفة التوقيع العادي، بل قد يفضله لأنه يصعب تزويره عمليا وهو يثبت شخص الموقع والوثيقة الموقعة، وهو في حقيقته عبارة عن استعمال المفاتيح مجهولة إلا من صاحبه تترجم من رسالة يمكن قراءتها إلى رسالة رقمية لا يمكن فكها إلا بتشفيرها.
غير أن هذه التقنية تكمن كل شخص من الإطلاع على محتوى الوثيقة المرسلة باعتبار أن المفتاح الذي يمكن من الكشف عنها وتحديد صاحبها هو مفتاح علني معلوم للجميع ولذلك تقترن تقنية الإمضاء الرقمي بتقنية التشفير المزدوج الضامنة لسرية الوثيقة، لكن لابد عندئذ من تدخل سلطة تصديق تضمن التعريف بالباعث (صاحب الشهادة) مع المبعوث إليه.
*-الرمز السري:
إن البطاقات والكودات السرية التي تستعمل في آن واحد للتوقيع معروفة لدى عموم الناس، سيما في المجال البنكي، حيث تسمح بالولوج إلى الشبابيك، أو تسهل أداء ثمن السلع والخدمات في مختلف نقط البيع الطرقية بهذه الطريقة، ويتم إدخال البطاقة إلى الجهاز الملائم ثم بواسطة لوحة مفاتيح ثم تركيب الرقم السري أو الكود يرمز إليه بشعار PIN.
وتبعا لذلك لا يمكن اعتبار البطاقة والرمز السري إمضاء بالمعنى القانوني الدقيق الذي يهدف ليس فقط إلى تحقيق نفس وظائف التوقيع التقليدي، وإنما أيضا إلى نقل تلك الوظائف على شبكات الإنترنيت المفتوحة والمغلقة على حد سواء[53]، لأن ذلك الاستعمال لا يحقق الوظائف الأساسية المتوخاة من التوقيع بصفة عامة.
*-التوقيع البيومتري:signature Biométrique
يعتمد التوقيع البيومتير على الصفات المميزة للإنسان، وخصائص الطبيعة والسلوكية التي تختلف من شخص إلى آخر، كبصمة الأصبع وبصمة شبكة العين ونبرة الصوت ودرجة ضغط الدم، والتعرف على الوجه البشري والتوقيع الشخصي وسواها من الصفات الجسدية والسلوكية.
ويتم تجهيز نظم المعلومات بالوسائل البيومترية، بحيث تسمح بتخزين هذه الصفات على جهاز الحاسوب، وذلك عن طريق التشفير.
ويتم اللجوء إلى هاته الطريقة في تطبيقات متعددة كمراقبة كضغط الولوج إلى الأماكن الموضوعة تحت الحراسة المشددة أو عند فتح صناديق مؤمنة أو في التحقيقات الجنائية.
*-التوقيع بالقلم الإلكتروني:
ومعناه نقل التوقيع الإلكتروني المكتوب بخط اليد على المحرر آلي، هذا المحرر المراد نقله إليه باستخدام جهاز أسكانير وبعده ينقل المحرر موقعا من صاحبه إلى شخصا آخر باستخدام شبكة الإنترنيت[54].
وتوفر هذه الصورة من صور التوقيع الإلكتروني مزايا مهمة نظرا لسهولة استعمالها، إلا أن استعمال هذه الطريقة محفوف بالعديد من المشكلات ومن أهمها: مشكلة إثبات العلاقة بين التوقيع والمحرر، حيث لا توجد طريقة تمكن من إثبات هذه الرابطة، إذ بإمكان المرسل إليه الاحتفاظ بنسخة من التوقيع الذي وصله على أحد المحررات الإلكترونية ومن تم يعيد وضعه على أي محرر آخر، وهذا ما قد ينشأ عند انعدام الثقة والأمان في هذه الصورة من التوقيع الإلكتروني.
ثالثا: خصائص الإمضاء الإلكتروني:
يتميز الإمضاء الإلكتروني بثلاث خصائص أساسية:
-أنه شخصي ومعنى هذه الخاصية انفراد واختصاص الشخص بتوقيعه أي أنه خاص بصاحبه وغير ممكن الإطلاع عليه من الغير، لكنه ليس ذاتيا (شخصيا) أي غير مرتبط بشخصية صاحبه، بحيث يمكن التغير الموثوق فيه من استعماله عوضا عن صاحبه الحقيقي دون أن يتم التفطن لذلك من المبعوث إليه، ويستثنى من ذلك طبعا الإمضاء البيومتري لارتباطه المادي بجسد الممضي.
-إنه غير قابل لتقليد هذه الخاصية وسيلة حمائية يلجأ إليها الموقع من أجل الانفراد بتوقيعه والحيلولة دون تقليده من طرف الغير، فهذه الوسيلة تجعل من التوقيع أداة تفريد[55].
ويكون صعب التقليد لأنه يتخذ شكلا ماديا إذ هو مبني على لغة رياضية يصعب الكشف عن المعادلة القائم عليها، خصوصا عندما يعتمد فيها على تقنية التشفير ذات القدرة العالية، بحيث إن الإمضاء يصبح مندمجا في الوثيقة الإلكترونية ذاتها ولا يمكن تميزه عنها أو على صفة جسدية للشخص الممضي لا يمكن أن نماثل غيره من الأشخاص.
-إنه إمضاء متغير بتعدد المراسلات وهذه الخاصية يتميز بها الإمضاء الرقمي المبني على تقنية التشفير[56].
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو له يحقق التوقيع الرقمي نفس الوظيفة التي يحققها التوقيع العادي.
الفقرة الثانية: حجية التوقيع الإلكتروني:
قبل الغوص في مدى حجية التوقيع الإلكتروني لابد من إجراء مقارنة بسيطة بين التوقيع التقليدي والتوقيع الإلكتروني.
فواضع التوقيع الكتابي هو منشئ العقد، أما التوقيع الإلكتروني فهو فاعل آلي واقع تحت تصرف الموقع، كما أن التوقيع التقليدي يقوم بوظيفة التعبير عن قبول الالتزام بما تم التوقيع عليه، في حين أن التوقيع الإلكتروني يقوم بوظيفة التعبير عن صحة السند المتوصل به وتأكيد عدم تعرضه لتحريف، كما أن التوقيع الإلكتروني يكون عندما ترسل الوثيقة في حين أن التوقيع التقليدي يكون عند نشأة العقد الذي يلحق به[57].
قد يبدو للوهلة الأولى أن التوقيع الإلكتروني يعجز عن أداء دور التوقيع العادي ولعل السبب في هذا الاعتقاد يرجع إلى اهتزاز الثقة في التوقيع الإلكتروني.
والواقع أن التوقيع الإلكتروني -لاسيما في الصورة الرقمية-يمكن أن يقوم بدور التوقيع التقليدي، بل أفضل، فالتوقيع الإلكتروني في الشكل الرقمي يعتبر وسيلة أكيدة لإقرار البيانات التي يتضمنها السند[58].
فمسألة منح الحجية للتوقيع الإلكتروني مرتبط ارتباطا وثيقا بدرجة الأمان التي يفوز بها التوقيع الإلكتروني في المعاملات بين ذوي الشأن، وبالتالي يرقى للدرجة التي يمكن معها للقانون أن يضفي عليه الثقة والحجية القانونية[59].
فكما كان من الممكن سرقة وضياع الرقم السري، فكذلك التوقيع التقليدي لكن احتمال ضياع الرقم السري أو سرقته فلا ينال من مصداقية التوقيع الإلكتروني.
وتبعا لهذا نجد أن قدرة التوقيع الإلكتروني على القيام بذلك دور التوقيع التقليدي وربما بدرجة أفضل فضلا أن التوقيع التقليدي قد لا نجد له مكانا في ظل المعالجة الإلكترونية للمعلومات هذا الذي يتلاءم معه التوقيع الإلكتروني[60].
وفي هذا الإطار اتجهت عدة دول في تشريعاتها إلى إعطاء الصيغة القانونية للتوقيع الإلكتروني على اعتبار المستند الإلكتروني صالح للإثبات بشكل مماثل للمستند المكتوب ومنحه قوة ثبوتية معادلة للسند العادي.
وهذا ما سارت عليه محكمة النقد الفرنسية، حينما نصت على أن الوسيلة المتطورة أي التوقيع الإلكتروني يقدم نفس ضمانات التوقيع اليدوي، طالما أن الرقم السري لا يمكن لغير صاحبه معرفته والإطلاع عليه على عكس التوقيع بخط اليد الذي يمكن نقله.
وإذا كان التوقيع الإلكتروني له حجية في الإثبات، فإن أغلب التشريعات قامت باستثناء بعض المعاملات من الخضوع للإثبات الإلكتروني وعدم منح المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني المرتبطة بها الحجية، وهو الأمر الذي لم يحدده المشرع المغربي منه موقفه بدقة إذ لم يتطرق لذلك، لكن يستفاد ضمنيا أنه استثنى تلك المعاملات من التعامل الإلكتروني ومنحها الحجية وهذا ما يستفاد من خلال حجيته على السلطة أو الخدمة وهو ما يفيد أو يعني اقتصار الأمر على الميدان التجاري فقط[61].
المطلب الثاني: مركز التوقيع الإلكتروني في الإثبات
الفقرة الأولى: الإثبات في القانون المدني
المشرع المغربي تبنى حرية الإثبات في التصرفات القانونية التي تقل قيمتها عن مبلغ 250 درهم، طبقا للفصل 443 من ظهير 6 يوليوز 1954. بحيث يمكن إثبات التصرفات القانونية والتي لا تزيد قيمتها عن 250 درهم بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البينة والقرائن ما لم يتطلب المشرع أو يتفق الأطراف على وجوب الإثبات بالكتابة مهما كانت قيمة التصرف.
إذن إن الالتزامات المدنية والتي لا تزيد قيمتها عن 250 درهم تخضع لكافة طرق الإثبات أما في القانون الأردني نجده قد حدد هذه القيمة في قانون البيانات الأردني في 100 دينار وفي القانون المصري 500 جنيه مصري.
لأن مثل هذه التصرفات ذات القيمة القليلة لا تشترط الكتابة لإثباتها بل تخضع لحرية الإثبات لأن اشتغال القضاء بمثل هذه الأمور قد يؤدي إلى إطالة أمد المنازعات وخلخلة الثقة بين المتعاقدين.
إن باستخدام مبدأ حرية الإثبات في شأن التصرفات القانونية التي لا تزيد قيمتها عن مبلغ معين كاستثناء لقبول المحررات الموقعة إلكترونيا غير ذي جدوى، وذلك لجهل الاعتماد على المحرر الموقع إلكترونيا للإثبات هذه التصرفات القانونية يخضع للسلطة التقديرية للقاضي، وبالتالي يمكن للقاضي أن يمنحه ذات قوة التوقيع التقليدي، أو يهدر قيمته في الإثبات الأمر الذي يهدد استقرار المعاملات الإلكترونية التي تتم عبر شبكة الإنترنيت، وإن حدد المشرع قيمة المبلغ الذي لا يستلزم توفر الدليل الكتابي لإثباته ب 250 درهم، من شأنه أن يحول دون تشجيع المعاملات التي يتم عبر شبكة الإنترنيت[62]، وإذا كان هذا التحديد يتطلب الدليل الكتابي يعرقل العمل في إبرام العقود على هذه الشبكة، فإنه يجب على المشرع رفع قيمة هذا المبلغ بالقدر الذي يتيح إثبات العقود التي تتم على السلع المنزلية ومن أجل ذلك نقترح الأخذ بالتعديل الذي أحدثه مشروع قانون رقم 05-53 التعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات على نص الفصل 443 حيث رفع الحد الأدنى إلى عشرة آلاف درهم.
الفقرة الثانية: الإثبات في المادة التجارية
تقوم المعاملات التجارية على الثقة المتبادلة بين التجار والسرعة في إنجاز الصفقات لأجل ذلك أخذ المشرع بقاعدة حرية الإثبات في المواد والعقود التجارية، ماعدا الحالات المعينة في القانون والتي ورد بها نص خاص.
ويقرر الفصل 448 من ق.ل.ع المغربي مبدأ حرية الإثبات التي تقرر شهادة الشهود بين التجار فيما يخص الصفقات التي لم تجر العادة على تطلب الدليل الكتابي لإثباتها، وهذا ما سار عليه الاجتهاد القضائي المغربي، حيث صدر عن المجلس الأعلى[63] قرار في نفس الاتجاه.
وطالما أن القاعدة في إثبات التصرفات التجارية هي حرية الإثبات، فإنه يمكن الاستعانة بالمحرر الإلكتروني بوصفه قرينة قضائية لإثبات وجود ومضمون التصرف الذي يتم عن طريق شبكة الإنترنيت[64].
ويتضح إذن أن الركون إلى مبدأ حرية الإثبات يفسح الطريق أمام الأخذ بفكرة المحرر الإلكتروني في إثبات التصرفات التجارية، دون الاصطدام بصفته أنه غير معترف به كدليل كتابي.
وغالبية الفقه ترى بإمكانية الأخذ بالمحررات الموقعة إلكترونيا كوسيلة لإثبات التصرفات التجارية التي تتم عبر الإنترنيت تاركين الأمر للسلطة التقديرية للقاضي، الذي له أن يقبله أو أن يرفضه لعدم قناعته بها[65].
فالبنوك المغربية لا تحيد في مجال الإثبات عن ما هو مرسوم في ق.ل.ع المغربي الذي يعد غنيا بالنصوص المناهضة للتكنولوجيا الحديثة في الإثبات، ولم يتدخل المشرع بعد لحل هذه الإشكالية، بتوفير إطار تنظيمي وقانوني باستثناء قانون 53-05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات.
إلا أن البنوك المغربية لا تعتد إلا بالأوراق التجارية والأمر بالتحويل الموقع بخط اليد طبقا للمادة 426 من ق.ل.ع ولا يحل أي شكل آخر من التوقيع أو الختم أو البصمة مقامه وكذا التوقيع الإلكتروني إلى جانب تنصيص المادة 519 من مدونة التجارة عدم وجوب التحويل بأمر كتابي من آمر وإن يرد على نقود دون المنتجات المالية الأخرى، مما يستفاد منه عدم التعامل بالعملة الرقمية أو الافتراضية.
بل أكثر من ذلك مجرد عدم تفحص التوقيع الوارد على الأمر بالتحويل يرتب مسؤولية البنك كمسؤولية عن الخطأ في التحويل، الشيء الذي دفع البنوك إلى الإحجام عن التعامل بالتوقيع الإلكتروني في غياب إطار قانوني ينظم ذلك.
والملاحظ أنه لا يمكن للتاجر استنادا إلى المحررات الموقعة إلكترونيا في الإثبات لأن المشرع لم يمنحها الحجية القانونية، وهذا يشكل إجحافا وحرمانا للتاجر من الاستفادة من هذه المحررات لإثبات عقودهم، بحيث يستطيع غير التاجر أن يستند إلى المحررات الموقعة إلكترونيا في مواجهة التاجر في العلاقات المختلطة، أما التاجر فلا يمكنه ذلك، حيث يتقيد بمبدأ إلزمية الدليل الكتابي الموقع بخط اليد لإثبات حقوقه تجاه غير التاجر وهذا ينعكس سلبا على التجارة الإلكترونية ويهدد نموها وازدهارها.
المبحث الثاني: الضمانات المتعلقة بالتشفير الإلكتروني
المطلب الأول: تعريف التشفير وبيان وسائله
الفقرة الأولى: تعريف التشفير
التشفير يعد وسيلة لضمان سلامة تبادل المعطيات القانونية بطريقة إلكترونية أو تخزينها وهما معا بكيفية من شأنها تضمن سريتها ومصداقيتها ومراقبة تماميتها والملاحظ أن المشرع المغربي لم يضع تعريفا قانونيا للتشفير وإنما أورد في المادة 12 من قانون 53-05 بعض وظائفه، ووسائله وانتهى بتعريف وجيز لخدمة التشفير[66].
وقد عرفه المشرع الفرنسي من خلال المادة 28 من القانون رقم 90-1170 بتاريخ 29 دجنبر 1990 الذي جاء فيها:”التشفير هو جميع الخدمات التي تسعى إلى تحويل من خلال اتفاقات سرية معلومات أو إشارات واضحة إلى أخرى غير مفهومة من قبل الأغيار أو إلى إنجاز عكس هذه العملية باللجوء إلى وسائل أو معدات أو برامج معلوماتية مسيرة لهذه الغاية” ويتضح أن الصياغة الواردة في النص الفرنسي هي أبلغ تعبيرا من نص المشرع المغربي على اعتبار أن التشفير هو خدمات تنتج عن استخدام الوسائل والمعدات أو البرامج المعلوماتية لهذه الغاية، وليس تلك الوسائل والمعدات بذاتها.
كما أن المشرع المصري عرف التشفير في قانون المعاملات الإلكترونية المصري الصادر عام 2001 بأنه:”تغيير في شكل البيانات عن طريق تحويلها إلى رموز أو إشارات لحماية هذه البيانات من اطلاع الغير عليها أو من تعديلها أو تغييرها[67].
وعرفه القانون رقم 83 لسنة 2000 في شأن المبادلات والتجارة الإلكترونية التونسي بأنه:”استعمال رموز وإشارات غير متداولة تصبح بمقتضاها المعلومات المرغوب تمريرها أو إرسالها غير قابلة للفهم من قبل الغير أو استعمال رموز أو إشارات لا يمكن الوصول إلى معلومات بدونها”.
يمكن القول أن هاته التشريعات السالفة الذكر عالجت بصفة مباشرة، إلا أن باقي التشريعات العربية[68] تطرقت لتشفير بشكل غير مباشر، وكذلك قانون الأونسترال النموذجي للتوقيع الإلكتروني عالج التشفير بطريقة غير مباشرة وذلك من خلال التوقيع الإلكتروني الذي يرتكز في الأساس على عملية التشفير.
ويمكن القول أن التشفير هو وسيلة أو تقنية جديدة تسمح بحجب المعلومات والبيانات محل التشفير مؤقتا ومنع الدخول إليها وفك رموزها واستخدامها لشخص معين من خلال رقم سري خاص يتم تزويده به من قبل المرسل لهذه المعلومات.
الفقرة الثانية:وسائل التشفير الإلكتروني ووظائفه في قانون 53-05
من خلال استقراء للمادة 12من قانون 53-05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية نجد أن وظائف التشفير أوجزها المشرع في ضمان سلامة المعطيات القانونية وذلك عن طريق:
-ضمان سريتها وصدقيتها ومراقبة تماميتها وذلك:
-عند تبادلها أو تخزينها أو تبادلها وتخزينها معا.
ويلاحظ أن تحديد هذه الوظائف جاءت على سبيل المثال لا على سبيل الحصر لاستعمال المشرع عبارة على الخصوص[69].
أما وسائل التشفير التي حددها المشرع المغربي فهي تتمثل في كل عتاد أو برمجية أو هما معا، يتم إعداده أو تعديله من أجل تحويل المعطيات إلى معلومات أو إشارات أو رموز أو العكس أي تحويل المعلومات أو إشارات أو رموز إلى معطيات سواء كان ذلك بناء على اتفاقيات سرية أو بدونها، غير أن هذه الصيغة معينة في النص لكونها توحي بأن المعطيات هي التي تكون في شكل معلومات أو إشارات أو رموز والحال أن وسائل التشفير هي التحويل من حالة واضحة إلى حالة مرموزة أو العكس.
المطلب الثاني: طرق التشفير
من المعلوم أن التجارة الإلكترونية تعتمد اعتمادا كبيرا على شبكة الإنترنيت في التواصل وتبادل البيانات اللازمة لهذه التجارة، فالإنترنيت يشكل الوسيط الأضخم والأسهل لنقل المعلومات والتبادل ونقل البيانات الحساسة فلابد من نقلها من خلال صيغة مشفرة لكي لا يتمكن الغير من الاطلاع عليها وإحداث أي خلل في العلاقة العقدية القائمة نتيجة كشف بعض البيانات التي يسعى طرفا العلاقة للحفاظ عليها ويتم الحفاظ على سلامتها وتأمينها من عبث الغير باستخدام التشفير في نقل وتبادل البيانات[70].
الفقرة الأولى: نظام التشفير المتماثل
تسمى هذه الطريقة أيضا نظام التشفير ذي المفتاح السري يرتك على تقنية (D.E.S). Data Encryption standard وهي تقنية تستخدم مجموعة من الأرقام العديدة والمعقدة التي تجعل من المستحيل تزويرها وهي (خوارزمية) يتم اعتمادها إما لتشفير خطاب وإما لفك شفرته[71] استنادا إلى مفتاح واحد يتم تبادله سريا ما بين المرسل والمرسل إليه، وهاته التقنية إذا كانت تعطي نتيجة إيجابية في شبكات المغلقة فإنها متنافية مع الشبكات المفتوحة أو مع استعمالات التشفير بهدف التوقيع، بل حتى على الشبكات المغلقة، فإن الإفصاح عن المفتاح المرسل إليه ينطوي على خطر الالتقاط.
الفقرة الثانية: نظام التشفير اللامتماثل
يقوم هذا النظام باستخدام مفتاحين أحدهما عام وآخر خاص، وكلاهما علامات رياضية معقدة لا يعرفها إلا صاحب المفتاح ذاته، والمفتاح الخاص لا يعرفه سوى صاحبه فقط، أما المفتاح العام يمكن أن ينقل إلى علم المرسل إليه وهو مكمل للمفتاح الخاص ومع ذلك يبقى سرا بالنسبة للجمهور.
وهذه التقنية تؤمن ليس فقط سرية الخطابات، بل تضمن كذلك التوقيع في ظروف مأمونة وتسمى هذه التقنية بالتشفير بواسطة مفتاح عمومي clé publique واستخدام هذه الطريقة تتم كما يلي: يقوم مؤلف الرسالة بتوقيعها وإرسالها بواسطة مفتاح خاص إلى المرسل إليه، هذا الأخير لا يمكنه فك شفرة الرسالة إلا بواسطة المفتاح العمومي الذي يكون قد زوده به المرسل وبذلك يكون المرسل إليه متيقن من أن الرسالة واردة فعلا من مؤلفها المعروفة لديه دون شك في ذلك.
يمكن كذلك اعتماد طريقة أخرى للتأكد من سرية تبادل الخطاب، حيث يقوم المرسل بتشفير الرسالة بواسطة المفتاح العمومي للمرسل إليه وهذا الأخير يستعمل المفتاح السري الخاص لفك شفرتها وبذلك يضمن أنه وحده يستطيع النفاذ إلى مضمون الخطاب[72].
المطلب الثالث: القيود الواردة على وسائل التشفير
الفقرة الأولى: التصريح والترخيص المسبق:
إن استيراد وسائل التشفير أو تزويدها أو استخدامها أو تقديم خدمات متعلقة بها، مقيد بمشروعية الأهداف المتوخاة من التشفير بالحفاظ على مصالح الدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي.
وعليه فإن استخدام التشفير يخضع للتنظيم المحدد في المادتين 13 و14 من قانون 53-05 وهما التصريح والترخيص المسبق.
أولا: التصريح المسبق:
يتم اللجوء إليه عندما يتعلق الأمر باستخدام وسائل التشفير أو خدمات لمجرد التصديق على إرسالية وضمان تمامية المعطيات المرسلة بطريقة إلكترونية، وتتولى الحكومة تحديد الوسائل أو الخدمات وأسلوب تقديم التصريح باعتبارها الإدارة المكلفة[73].
ثانيا: الترخيص المسبق:
عندما يتعلق الأمر بتغيير الغرض الذي يروم إليه التصريح المسبق، أي تجاوز عملية التصديق وضمان تمامية المعطيات المرسلة المشار إليها أعلاه، فإن الأمر يتطلب ترخيص مسبق من الإدارة المكلفة وهي التي تحدد الكيفية التي يتم وفقها منح ذلك الترخيص.
الفقرة الثانية: التصديق من قبل الغير على العقود ألالكترونية
لمعالجة خدمة المصادقة الإلكترونية يتعين أن نبحث تباعا وظيفة السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة الإلكترونية وبعض المقتضيات الاستثنائية التي قررها قانون 53-05.
أولا: السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة الإلكترونية
لقد أنشأ المشرع جهازا مكلفا باعتماد ومراقبة عمليات المصادقة الإلكترونية يحمل اسم السلطة الوطنية وأسند إليها مهام محددة في المواد من 15 إلى 19 من قانون 53-05 وهي:
-اقتراح معايير نظام الاعتماد على الحكومة واتخاذ التدابير اللازمة لتفعيله.
-اعتماد مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية ومراقبة نشاطهم (المادة 15 من القانون).
-نشر مستخرج من قرار الاعتماد في الجريدة الرسمية.
-مسك سجل بأسماء مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية المعتمدين ينشر كل سنة في الجريدة الرسمية (المادة 16).
-التأكد من أن مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية الذين يسلمون شهادات إلكترونية مؤمنة يحترمون التزاماتهم المنصوص عليها قانونا والنصوص المتخذة لتطبيقه (المادة 17).
-يجوز إما تلقائيا وإما بطلب من أي شخص يهمه الأمر القيام بالتحقق أو طلب القيام بالتحقق من مطابقة نشاط مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية الذي يسلم شهادات إلكترونية مؤمنة لأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه ويمكنها بالمثل أن تندب خبراء لإنجاز المهام المتعلقة بالمراقبة (المادتين 18 و19).
ثانيا: الاستثناءات التي قررها قانون 53-05.
أورد المشرع المغربي في المادة 22 استثناءين لأحكام القانون 53-05 الأول يتعلق بشهادة المصادقة الإلكترونية والثاني بمقدمي خدمات تلك المصادقة.
أ-الاستثناء المتعلق بشهادة المصادقة الإلكترونية
تحضى شهادات المصادقة الإلكترونية المسلمة بالخارج بنفس القيمة القانونية للشهادات المسلمة بالمغرب، إذا كان هناك اعتراف متبادل بالشهادة أو بمقدم الخدمة، وذلك في إطار اتفاق ثنائي أو متعدد الأطراف يعتبر المغرب طرفا فيه.
ب-الاستثناء المتعلق بمقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية:
يتمثل في إمكانية اعتماد مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية، الذين يوجد مركز نشاطهم في دولة أجنبية إذا كانت هذه الدولة قد أبرمت مع المغرب اتفاقية للاعتراف المتبادل بمقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية.
المبحث الثالث: الضمانات المتعلقة بالمحررات الإلكترونية
المطلب الأول: تميز المحررات الإلكترونية عن المحررات الرسمية والعرفية
أولا ينبغي التمييز بين المحررات الإلكترونية والمحررات الرسمية والعرفية لمعرفة مدى حجية كل منهما هل لها نفس الحجية أم لا؟
ويمكن تعريف المحررات الرسمية[74] بأنها السندات التي ينظمها الموظفون الذين من اختصاصهم تنظيما طبقا للأوضاع القانونية ويحكم بها دون أن يكلف مبرزها إثبات ما نص عليه فيها ويعمل بها ما لم يثبت تزويدها ذلك أن هذه المحررات يقوم موظف عام مختص بتسجيلها وفق الأوضاع القانونية المقررة واعتبارها بذلك دليلا كاملا إذا استوفت شروطها وبالتالي تعتبر حجة في الإثبات[75].
أما المحررات العرفية فهي تلك الأوراق العرفية التي تصدر عن الأفراد مباشرة أو عمن ينوب عنهم دون أن تكون للموظف العمومي صلاحية التوثيق كما هي محددة في الفصل 418 من ق.ل.ع.
أما فيما يخص المحررات الإلكترونية نلاحظ أنه رغم تنصيص المشرع المغربي من خلال القانون رقم 53-05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية على تنظيم المعاملات الإلكترونية، إلا أنه أغفل إعطاءه لتعريف أو تحديد لمفهوم المحررات الإلكترونية واكتفى بشروط إصدار هذه المحررات وإجراءاتها الشكلية.
وعلى خلاف المشرع المغربي نجد العديد من التشريعات قامت بوضع تعريف للمحرر الإلكتروني منها قانون الأونسترال النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية نجده قد عرف المحرر الإلكتروني بأنه:”رسالة البيانات أي المعلومات التي يتم إنشاؤها أو إرسالها أو استلامها أو تخزينها بوسائل إلكترونية أو ضوئية أو بوسائل متشابهة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر تبادل المعطيات الإلكترونية أو البريد الإلكتروني أو البرق، أو التلكس أو النسخ البرقي”.
وقد عرفه المشرع المصري في قانون رقم 15 لسنة 2004 بشأن تنظيم التوقيع الإلكتروني بأنه:”رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج أو تخزن، أو ترسل أو تستقبل كليا أو جزئيا بوسيلة إلكترونية أو رقمية، أو ضوئية أو بأية وسيلة أخرى متشابهة”.
أولا:حجية المحررات الإلكترونية:
لقد اختلف الفقه في مدى إضفاء الحجية على مستخرجات الحاسوب في الوقت الذي تعددت فيه هذه المخرجات وتطورت نتيجة لتطور أجهزة الحاسوب، الأمر الذي أثر في مدى قبولها للإثبات.
وهناك العديد من تشريعات الدول في إطار إصدار قوانين تنظم التعامل الإلكتروني منحت القوة الثبوتية للمحرر الإلكتروني، في هذا الصدد نجد المشرع المصري وبعد صدور قانون ينظم التوقيع الإلكتروني جعل للمحررات الإلكترونية ما للمحررات الكتابية، بحيث جاء في المادة 15 من قانون رقم 15 المنظم للتوقيع الإلكتروني سنة 2004 “للكتابة الإلكترونية وللمحررات الإلكترونية الرسمية والعرفية في نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية،ذات الحجية المقررة للكتابة والمحررات الرسمية والعرفية في أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية متى استوفت الشروط المنصوص عليها في هذا القانون”.
وبالرجوع إلى المادة 11 من قانون الإثبات المصري نصت على أنه:”المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته…”.
ولقد أعطى قانون الأونسترال النموذجي الحجية للمعلومات التي تكون في شكل رسالة بيانات في الإثبات مع وضع ضوابط في الطريقة المستخدمة عند إنشاء أو تخزين أو إبلاغ رسالة بيانات مع المحافظة على سلامتها بالتصديق عليها، ومعرفة هوية منشئها وأي عامل آخر يتصل بتلك البيانات.
ويضيف هذا القانون الذي أكد أن التصرفات المبرمة عبر الإنترنيت لا يمكن الطعن في صحتها لمجرد أنها تمت عن هذا الطريق، إذ الوثيقة الإلكترونية كالوثيقة المكتوبة العادية في مجال إبرام العقود الإلكترونية بشرط أن يكون من السهل الوصول إلى تلك الوثيقة فيما بعد.
أما بالنسبة للمشرع الأردني نص في المادة7 من قانون المعاملات الإلكتروني أ-يعتبر السجل الإلكتروني والعقد الإلكتروني والرسالة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني منتجا لآثار قانونية ذاتها المترتبة على الوثائق والمستندات الخطية والتوقيع الخطي بموجب أحكام التشريعات النافذة من حيث إلزامها لأطرافها أو صلاحيتها في الإثبات.
ويتضح من خلال ما سبق أن كل هذه التشريعات تعترف بحجية المحررات الإلكترونية وتمنحها ما للمحررات الرسمية من قوة ثبوتية أي تساوي بين المحرر الإلكتروني والمحرر الرسمي.
وإذا كان المشرع المغربي يعتبر الدليل الكتابي لازم للإثبات وفي حالة تعذره يجوز الإثبات بكافة الوسائل وأمام بروز أشكال جديدة وحديثة للكتابة، فإنه لا مانع من تبيين هذه الأشكال كيفما كانت دعامتها ورقية أم إلكترونية[76].
ومن خلال مقتضيات الفصل 417 يكون المشرع المغربي قد مهد الطريق للاعتراف بالمحررات الإلكترونية وبحجيتها وبالتالي اعتمادها كوسيلة من وسائل الإثبات، وهذا ما تم تأكيده وإقراره من خلال القانون المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، هذا القانون الذي حل العديد من النقاط العالقة والإشكالات المترتبة عن التعامل الإلكتروني.
إذا كانت المحررات الرسمية تستمد حجيتها من الموظف العام صاحب الاختصاص في تحريرها وإسباغ الصفة الرسمية عليها، فإن المحررات الإلكترونية تستمد حجيتها من البيانات الإلكترونية المتداولة والتي تنتج عن اتفاق الأطراف فيما بينهم، بإضافة إلى معالجة الرسائل الإلكترونية والإقرار باستلامها.
وتجب الإشارة إلى أن المعاملات التجارية أخضعها المشرع لمبدأ حرية الإثبات وفي حالة استعمال الأطراف المتعاقدة في المجال التجاري وسائل حديثة إلكترونية، فإنه يجوز لهم الإثبات بهذه الوسائل.
أما في الحالة التي يكون فيها التصرف مختلطا بأن كان أحد الطرفين تاجرا كان التصرف بالنسبة إليه تجاريا محضا وكان الطرف الثاني مدني، ويقوم بإبرام هذا التصرف لإشباع حاجاته الخاصة، فإن مبدأ حرية الإثبات في هذه الحالة يطبق على الطرف المدني بحيث يحق له الإثبات بكافة الطرق في مواجهة التاجر ولو استعانة بالمحررات الإلكترونية عكس التاجر.
على أنه يبقى مدى اعتبار المحررات الإلكترونية وسيلة إثبات ذات حجية قاطعة خاضعا في نهاية المطاف للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع، لتحديد قيمة هذه المحررات مراعيا في ذلك الوسيلة المستخدمة في إنشاء هذا المحرر بإضافة إلى الشروط الواجب توفرها في هذا المحرر[77].
ثانيا:حكم نسخة الوثيقة الإلكترونية
إن التوقيع في المفهوم القانوني التقليدي هو الذي يرفع قيمة الوثيقة إلى مرتبة الأصل أما في المجال المعلوماتي فلا فرق بين أصل الوثيقة الإلكترونية وبين نسختها، لأن التقنيات المعلوماتية لها خاصية إعادة إنتاج نفس الوثيقة وبالتالي صعوبة التمييز بين الأصل والنسخة[78].
وجاء في المادة 7-65 من 53-05 المعدل لقانون الالتزامات والعقود عند تناوله لتعدد أصول المحرر الإلكتروني، حيث اعتبر أن صفة الأصل متوفرة فيه متى كان ذلك المحرر معدا ومحفوظا وفقا لأحكام الفصول 1-417 و 2-417 من نفس القانون و3-417 وكانت الوسيلة المستعملة تسمح لكل طرف بالحصول على نسخة منه أو الولوج إليه، وبنفس هذا الحكم عالج المشرع نسخة الوثيقة الإلكترونية في التعديل الوارد على الفصل 440 من ق.ل.ع الذي جاء فيه:”تقبل في الإثبات نسخ الوثيقة القانونية المعدة بشكل إلكتروني متى كانت الوثيقة مستوفية للشروط المشار إليها في الفصلين 1-417 و 2-417 وكانت وسيلة حفظ الوثيقة تتيح لكل طرف الحصول على نسخة منها أو الولوج إليها” ومن الشروط قبول نسخة الوثيقة الإلكترونية في الإثبات:
-أن تكون الوثيقة الإلكترونية الأصلية نفسها مستوفية لشروط الفصلين 1-417 و 2-417.
-أن تكون وسائل حفظ الوثيقة الأصلية تتيح لكل طرف معني بها الحصول على نسخة منها أو الولوج إليها، ومعنى ذلك أن يكون الحفظ آمن لا يترك للغير أي فرصة تمكنه من النفاذ إلى أصل الوثيقة ويتم ذلك بطيعة الحال عن طريق وسائل التشفير[79].
أما بالنسبة للمشرع المصري نص في المادة16 من قانون التوقيع الإلكتروني رقم 15 لسنة 2004 على أن:”الصور المنسوخة على الورق من المحرر الإلكتروني الرسمي حجة على الكافة بقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل هذا المحرر وذلك مادام المحرر الإلكتروني الرسمي والتوقيع الإلكتروني موجودين على الدعامة الإلكترونية”.
وهذا النص يعرض لحجية الصور المنسوخة على الورق من المحرر الإلكتروني الرسمي ولا فرق بين الصورة المنسوخة من المحرر الإلكتروني، وبين ذلك المحرر والمفروض أنها مطابقة للأصل مطابقة تامة، وتعد الصورة مطابقة للأصل ما لم ينازع في ذلك أحد الطرفين، وفي هذه الحالة تراجع الصورة على الأصل حسب المادة 12 من قانون الإثبات المصري.
إذن يتضح مما سبق ذكر أن أغلب التشريعات الحديثة الخاصة بالتبادل الإلكتروني للمعطيات تمنح نسخ الأصل الإلكتروني نفس الحجية التي تمنحها للأصل الإلكتروني.
المطلب الثاني: معادلة الوثيقة الإلكترونية مع الوثيقة الورقية
أقام المشرع في الفصل 1-417 من ق.ل.ع مبدأ يجعل الثقة التي تحظى بها الوثيقة المحررة على الورق تنسحب على الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية من حيث الإثبات إذا توافرت شروط محددة وهو ما أدى حتما إلى تغيير في المفهوم القانوني للدليل الكتابي.
الفقرة الأولى: شروط معادلة المحرر الإلكتروني بالمحرر الورقي
يتعلق الأمر بشرطين أساسيين وهما:
أولا: التحقق من هوية الشخص مصدر الوثيقة الإلكترونية:
إن الغاية من شرط “أن تسمح الوثيقة الإلكترونية بالتحقق من هوية الشخص الذي صدرت عنه” يربط المسؤولية عن الوثيقة الإلكترونية بمن صدرت عنه واقعا وقانونا، والملاحظ أن المشرع لم يستعمل عبارة من نسبت إليه وقد أحسن صنعا لأن الوثيقة قد تصدر عن شخص وتنسب لشخص آخر كما في حال التزوير.
لكن المشكل يطرح عندما يقوم صاحب التوقيع، بتسليم مفتاح التشفير لغيره، ويصدر هذا الأخير وثيقة إلكترونية بواسطة ذلك المفتاح، حيث تنسب من الناحية القانونية لصاحب التوقيع، ولو أن غيره هو الذي أصدرها واقعيا[80]، فهل يمكن اعتبار صاحب التوقيع القانوني مصدرا للوثيقة هو أيضا إلى جانب مصدرها الواقعي بحكم أنه هو الذي سلم بإرادته مفتاح التشفير؟ يبدو أن الأمر كذلك مالم تسفر آراء الفقه واجتهادات القضاء على خلافه.
ثانيا: إعداد الوثيقة وحفظها بما يضمن تماميتها:
وقصد المشرع من إعداد الوثيقة الإلكترونية وحفظها وتماميتها هو الحيلولة دون تغييرها أو تعديل مضمونها، وإذا كان التوقيع الإلكتروني يمنح الوثيقة ضمانة أكيدة تحول دون تزويرها فإن أسلوب تحريرها يطرح إشكالية تغييرها.
لكنه لم يورد أي تعريف للتمامية ويمكن القول بأن المقصود بها شمولية المضمون وتمامه دون زيادة ونقصان، وهو ترجمة لعبارة “intégrité” الواردة في الصيغة الفرنسية للنص والتي تفيد عدم التغيير في الحالة الأصلية بقصد أو بغير قصد[81].
إذا كانت المعادلة التي أقرها المشرع ما بين المحررين معادلة تامة فإن المحرر الإلكتروني قابل للتغيير في كل لحظة، لأنه كتابة على وسيط متقلب “réversible“ بينما المحرر الورقي كتابة على وسيط ثابت ودائم إذا تم حفظه بعناية، وكان من الأفضل إقرار بعض التفاوت في المعادلة بينهما.
كما يلاحظ أن المشرع لم يضع أي حل للحالة التي يتعارض فيها المحرر الإلكتروني مع المحرر الورقي، بمعنى أنه لم يورد أي مفاضلة للترجيح بينهما[82] لكن في المقابل ترك للمحكمة أمر البت في كل منازعة تتعلق بالدليل الكتابي استنادا لكافة الوسائل ومن بين المنازعات تلك المتعلقة بتعارض الدلائل الإلكترونية مع الدلائل الورقية حسب ما جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل 417 من ق.ل.ع بعد التعديل الذي أتت به المادة 5 من قانون 53-05.
الفقرة الثانية: التعديل القانوني للمفهوم الدليل الكتابي
في هذا الإطار سوف نقوم بتحديد مفهوم الدليل الكتابي للوثيقة الإلكترونية ثم التطرق إلى معنى الوثيقة الإلكترونية العرفية والرسمية.
أولا: إعادة تحديد مفهوم الدليل الكتابي
قبل التعديل الجديد لمفهوم الدليل الكتابي، كانت الوثائق الإلكترونية تخضع للسلطة التقديرية للقاضي الموضوع، سيما في الميدان الجنائي والتجاري، حيث يسود مبدأ قناعة القاضي[83]، حيث يكون الإثبات بكافة الوسائل، ومن تم فإن الوثائق الإلكترونية لم تكن تدخل في مجال الإثبات المقيد.
وبما أن الوثائق الإلكترونية فرضت نفسها على الساحة القانونية سواء في شكل عقود أو مراسلات، فإن المشرع بادر إلى الحسم في قيمتها الإثباتية حيث أضفى عليها نفس القيمة الإثباتية للمحرر الكتابي، كما اعتبر المشرع أن المحرر الإلكتروني كالمحرر التقليدي يمكن أن يكون عرفيا أو رسميا أو في شكل أي وثيقة أخرى من المراسلات والقوائم وغيرها مما جاء في الفصل 417 من ق.ل.ع الذي أصبح على الصيغة التالية:”الدليل الكتابي ينتج عن ورقة رسمية أو عرفية ويمكن أن ينتج كذلك من المراسلات والبرقيات ودفاتر الطرفين، وكذلك قوائم السماسرة الموقع عليها من الطرفين على الوجه المطلوب والفواتير المقبولة والمذكرات والوثائق الخاصة أومن أي إشارات أو رموز أخرى ذات دلالة واضحة كيفما كانت دعامتها وطريقة إرسالها.
إذا لم يحدد القانون قواعد أخرى ولم تكن هناك اتفاقية صحيحة بين الأطراف قامت المحكمة بالبت في المنازعات المتعلقة بالدليل الكتابي بجميع الوسائل وكيفما كانت الدعامة المستعملة.
إلا أن الملاحظ أن الوثيقة الإلكترونية العرفية لا تطرح نفس الإشكال الذي تطرحه الوثيقة الإلكترونية الرسمية، مما يستدعي بيان ذلك الإشكال.
ثانيا: الوثيقة الإلكترونية العرفية:
الوثيقة العرفية هي محررات غير رسمية تصدر من الأفراد دون أن يتدخل في تحريرها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة.
وحسب الفصلين 1-417 و2-417 فهي التي تستوفي الشروط التالية:
1-تعرف بالشخص الذي صدرت عنه.
2-تكون محددة ومحفوظة ضمن شروط تضمن تماميتها.
3-تحمل توقيعا مؤمنا.
4-تحمل تاريخ ثابتا ناتجا عن التوقيع الإلكتروني المؤمن.
هذه الشروط سبق بيان الأول والثاني منها بتفصيل، أما الثالث والرابع فقد وقفنا عليهما عند دراسة التوقيع الإلكتروني والتشفير.
إذا كانت المحررات الرسمية تكتسب حجتها من توقيع الموظف عام عليها ويرى في إنشائها اعتبارات الثقة والأمان، فإن المحرر العرفي يفقد لهذه الاعتبارات ولا تتوفر فيه هذه الضمانات بل إن قانون الإثبات يعلق حجية المحرر العرفي على صدوره من الشخص الذي وقعه بشرط عدم إنكاره صراحة، وثبوت صدور المحرر من الشخص المنسوب إليه بعد حجة عليه من حيث صحة الوقائع الواردة فيه ويصلح كدليل الإثبات كامل لكافة التصرفات والوقائع[84].
ثالثا: الوثيقة الإلكترونية الرسمية:
أخضع المشرع الوثيقة الرسمية الإلكترونية للشروط المقررة للوثيقة الإلكترونية العرفية ولمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 2-417 التي تتطلب أن يوضع التوقيع عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوقيع وبمقارنة الفصلين 1-417و 2-417 نجد أن الوثيقة العرفية تغدو وثيقة رسمية إذا وقعها موظف عمومي له صلاحية التوثيق.
وتنص الفقرة الثانية من الفصل 2-417 من قانون 53-05 أن الوثيقة تغدو رسمية إذا وضع التوقيع عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق فضلا عن الشروط الواردة بالفصل 1-417 من القانون المذكور، والتي تقرر أن الوثيقة المحررة على الدعامة الإلكترونية تتمتع بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة على الورق شريطة أن يكون بإمكان التعرض بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق الشروط التي تؤمن تماميتها[85].
وعليه لكي تكتسب الوثيقة صفة الرسمية يستلزم أن يضع الموثق علامته على الوثيقة ولكل من أذن المشرع يمنح الوثيقة الصفة الرسمية لهذه الوثيقة التي تعقد بين طرفين تفصل بينهما مسافة جغرافيا كبيرة من هذا المنطلق يمكن طرح عدة تساؤلات منها:
-كيف نتصور حضور الموظف الرسمي لوضع التوقيع الإلكتروني؟ هل بحضوره الفعلي الملموس بذاته وصفته أو بحضوره الافتراضي على الشبكة؟
-وهل مهمته تنحصر في حدود الإشهاد على وضع التوقيع أم تمتد للإشهاد على صحة التعيين عن إرادة المتعاقد وموافقته على التصرف؟
إن الحضور الشخصي للموثق في المعاملة الإلكترونية، لا يمكن أن يكون في مجلس واحد بسبب تباعد الأطراف مكانيا، ومن تم فإن ما يمكن تصوره هو حضور الموثق الفعلي لوضع التوقيع الإلكتروني لأحد الأطراف فقط، تم بعد ذلك يرسل الوثيقة إلكترونيا للطرف الآخر للغرض نفسه، أمام موثق آخر وأمام نفس الموثق إذا تسنى له الانتقال لدى ذلك الطرف[86].
وأن مثل هذا الإجراء ينطوي على عدة تعقيدات مقارنة مع الوظيفة التقليدية لعمل الموثق لأنه يستوجب تدخل أكثر من موثق واحد وهذا غير مستساغ قانونيا.
أما إذا لم يكن هناك طرف آخر في التعاقد كما لو تعلق الأمر بالتزام بإرادة منفردة، فإن الموثق يمكن أن يحضر شخصيا لمعاينة وضع التوقيع الإلكتروني ويحفظ بعد ذلك الوثيقة حفظا إلكترونيا في ذاكرة حاسوبه.
وأما إذا تصورنا الحضور الافتراضي للموثق فمعنى ذلك أن معاينته كذلك تكون افتراضية لوضع التوقيع الإلكتروني، لأن هذا يتطلب معدات تقنية متطورة جدا لكي توفر مجالا لتلاقي الموثق بالأطراف على شبكة الإنترنيت، وهذه الإمكانية غير متاحة حاليا في أغلب البلدان المتقدمة فبالأحرى في بلادنا، إذ مازال استعمال وسائل الاتصال في التوثيق مقتصرا لدينا على الطبع وتخزين البيانات[87] وعلى البريد الإلكتروني والويب.
وأما مهمة الموثق في التعاقد الإلكتروني فإن النص حددها على سبيل الحصر في معاينة وضع التوقيع على الوثيقة، إذ جاء فيه:”تصبح الوثيقة رسمية إذا وضع التوقيع المذكور عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق” ومن المعلوم أن الوثيقة المقصودة هي المنصوص عليها في الفصلين 1-417 و 2-417 المعدلين من ق.ل.ع.
فالنص يوحي بأن صلاحية الموثق في العقود الإلكترونية تقف عند معاينة وضع التوقيع على الوثيقة ولا تمتد تلك الصلاحية إلى مراقبة مضمونها والإشهاد على صحة الإرادة بالموافقة عليها من لدن المتعاقد.
+أما بالنسبة عن توقيع الموظف العمومي على الوثيقة الرسمية الإلكترونية إلى جانب الأطراف فإن المشرع سكت عن هذه المسألة، لكن بما أنه لكي يشهد الموثق على واقعة وضع التوقيع الإلكتروني لابد له من الناحية القانونية أي يوقع على إشهاده يتحمل مسؤولية نسبته إليه، فإنه لا مفر من وجوب توقيعه هو أيضا على المحرر الإلكتروني حتى يكتسب الصبغة الرسمية[88].
خــاتمــة
من خلال دراستنا للعقود الإلكترونية تبين لنا أن هذه الأخيرة لا تختلف عن العقود التقليدية إلا في وسيلة مباشرتها، وبالتالي فهي تخضع للقواعد العامة التي تحكم العقود بشكل عام.
وبما أن العقود الإلكتروني هي من عقود المسافة التي تتم عن بعد، هذا يستدعي حماية المستهلك لأن هذا النوع من العقود متميزة عن غيره من العقود بسبب خصوصية الوسيلة المستخدمة والتي لا تتيح التلاقي المادي بين المتعاقدين، وبالتالي عدم القدرة على التأكد من صفة وأهلية المتعاقد الآخر مما كان من الضروري إصدار قوانين تهدف إلى تعزيز هذه الحماية كحق الإعلام ورخصة التراجع عن العقد ولاحظنا خلو قانون التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية المغربي من نصوص تتعلق بهذه الحماية.
ومن خلال هاته الدراسة تبين لنا بجلاء أن الخصوصية التي تتم من خلالها التعاقد استدعت الوقوف عند كل من الإيجاب والقبول والتركيز على بعض المسائل مثل طبيعة العرض الموجه عبر الإنترنيت وبما أن الإثبات يحظى بأهمية كبيرة في حماية الحقوق كان لازما علينا إفراد جزء كبير من هذا البحث بما يسمى الإثبات المعلوماتي، وقد بحثنا في مفهوم المستندات الإلكترونية وأهميتها وحجيتها في الإثبات.
كما لاحظنا أن أغلب التشريعات المقارنة اعترفت لها بالحجية بإضافة إلى اعترافها بالتوقيع الإلكتروني وحجيته في الإثبات.
ويمكن القول في الأخير أنه بالرغم من الإشكالات التي تعتري العقود الإلكترونية، إلا أنه أصبحت لها مكانة جد هامة نظرا لحجم التجارة الدولية، وهذا دفع بالتشريعات المقارنة التي تضمن هذا النوع من التجارة توفير مجموعة من القواعد والآليات لحماية هذه الحقوق سواء على مستوى المدني أو على مستوى الجنائي.
ومن خلال هاته الدراسة للعقد الإلكتروني خلصنا إلى عدة اقتراحات:
1-يجب إضافة نصوص إلى قانون التبادل الإلكتروني للمعطيات تعنى بحماية المستهلك.
2-وضع تشريع ملائم لحماية المعطيات الشخصية من كل محاولة ترمي إلى جمعها واستغلالها على حساب حقوق الأشخاص وحرياتهم وحياتهم الخاصة.
3-تفعيل المحررات الإلكترونية بشكل أكثر وبيانها لجميع الناس حتى يتسنى لهم استخدامها دون تردد أو خوف.
4-يجب توسيع مجال حماية حقوق الملكية الفكرية لتشمل كافة المصنفات الأدبية والفنية والعلمية على الإنترنيت وأن يطال العقاب كل الأفعال الإجرامية المرتكبة على الشبكة سيما جرائم الأموال وجرائم العرض وغيرها.
5-ضرورة تهيئة قطاعاتنا الاقتصادية والتجارية للتعامل بالعقود الإلكترونية.
6-كما يتوجب على المشرع المغربي القيام بإجراء بعض التعديلات على قانون التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية من أجل معالجة عملية التشفير وإعطائها الصفة القانونية بشكل مباشر لكي لا تكون التصرفات التي تتم بواسطة التشفير في دائرة الشك.
لائحة المراجع
الكتب:
- أحمد أدريوش: تأملات حول قانون التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية،مطبعة الأمنية الرباط، الطبعة الأولى. 2009.
- محمد فواز محمد المطالعة: الوجيز في العقود التجارية الإلكترونية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2008
- خالد ممدوح إبراهيم، إبرام العقد الإلكتروني، شركة الجلال للطباعة العامرية، الإسكندرية، الطبعة الأولى 2008
- محمد إبراهيم أبو الهيجاء، عقود لتجارة الإلكترونية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان،2005
- نضال إسماعيل برهم، أحكام عقود لتجارة الإلكترونية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 2005
- محمد الشافعي، بطاقات الاداء والائتمان بالمغرب، الطبعة الأولى، مطبعة الوراقة الوطنية، مراكش، 2002
- عبد العزيز مرسي حمود: مدى حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات في المسائل المدنية والتجارية ط2008
- فيصل سعد الغريب: التوقيع الإلكتروني وحجيته في الإثبات طبعة 2005
- العربي جنان:التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، المطبعة والوراقة الوطنية الطبعة الأولى 2008.
- خالد مصطفى فهمي: النظام القانوني للتوقيع الإلكتروني في ضوء الاتفاقيات الدولية والتشريعات العربية”
- إلياس ناصف:” العقود الدولية والعقد الإلكتروني في القانون المقارن” منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة الأولى 2009
- المختار بن أحمد عطار: العقد الإلكتروني، مطبعة النجاح الجديدة ، الطبعة الأولى، 2010
- طارق الصيادي :”التجارة الإلكترونية على ضوء القانون عدد 83 لسنة 2000″ محاضرة افتتاح السنة القضائية 2000-2001.
- محمد أمين الرومي: النظام القانوني للتوقيع الإلكتروني، مطبعة دار الفكر الجامعي، الطبعة الأولى 2006
- مجموعة خبراء العقود والاتفاقات في التجارة الإلكترونية، المطبعة غير مذكورة، 2007
- Olivier ltanu, l’internet et le droit aspect juridiques de commerce électronique, éd.Agrolles.
الأطروحات:
- يوسف وبعير ،الطبيعة القانونية للعقد التجارية الإلكتروني وتأثيره على وسائل الإثبات، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي، الرباط
- صليحة حاجي، الوفاء الرقمي عبر الأنترنت المظاهر القانونية ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة
- طارق عبدالرحمن ناجي كميل، التعاقد عبر الأنترنت وآثاره دراسة مقارنة، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط
- طارق عبد الرحمان الناجي الكميلي: التوقيع الإلكتروني وحجيته في الإثبات، أطروحة سنة 2007-2008
المقالات:
- ادريس الحياني، إبرام العقد الإلكتروني وفق القواعد العامة وعلى ضوء مشروع قانون التبادل الإلكتروني للبيانات القانونية، المجلة المغاربية لقانون الأعمال والمقاولات العدد 11 أكتوبر 2006،
- الناصري نورالدين، المعاملات الإلكترونية في ضوء القانون رقم 53/05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني،مجلة القانون الاقتصادي العدد الثاني يناير 2009.
- طارق البختي، مقال منشور بمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات عدد 14-16 ماي شتنبر 2008
الندوات:
-ندوة علمية بعنوان “الجوانب القانونية للحماية المعلوماتية” منظمة من طرف المعهد العالي للقضاء الفرنسي 27-28. فبراير –مارس 2006 .
الفهرس
مقدمة
الفصل الأول: العقد الإلكتروني على ضوء قانون 05.53
المبحث الأول: ماهية العقد الإلكتروني وتمييزه عن بعض العقود المرتبطة به
الفقرة الأولى: تعريف العقد الإلكتروني
الفقرة الثانية: الطبيعة القانونية للعقد الإلكتروني-
الفقرة الثالثة: خصائص العقد الإلكتروني بالنسبة لطريقة التعاقد
المطلب الثاني: تمييز العقد الإلكتروني عن غيره من العقود
الفقرة الأولى: تمييز العقد الإلكتروني عن غيره من العقود بالنسبة
لطريقة التعاقد
الفقرة الثانية: تمييز العقد الإلكتروني عن عقود البيئة الإلكترونية
المبحث الثاني: تكوين العقد الإلكتروني
المطلب الأول: أحكام العقد الإلكتروني
الفقرة الأولى: الأهلية والتعبير عن الإرادة في العقد الإلكتروني-
الفقرة الثانية: زمان ومكان إبرام العقد الإلكتروني
المطلب الثاني: النماذج العملية لبعض العقد الإلكترونية البنكية
الفقرة الأولى: بعض وسائل الدفع الإلكتروني-
الفقرة الثانية: الوفاء الإلكتروني بالمغرب
المبحث الثالث: عدم استيعاب قانون رقم 53.05 للمقتضيات
التي اقتبسها عن القوانين الأجنبية-
المطلب الأول: الإتجاه الرامي إلى اقتباس القانون الفرنسي
الفقرة الأولى: التعريف بمقتضيات القانون الفرنسي
في مجال التبادل الإلكتروني
الفقرة الثانية: اقتباس المشرع المغربي لمقتضيات القانون الفرنسي
في مجال التبادل الإلكتروني
المطلب الثاني: الصياغة العربية المعيبة لقانون رقم 53.05
طريق إضافة النصوص إلى ظهير الإلتزامات والعقود
الفقرة الأولى: طريقة ليست بعربية-
الفقرة الثانية: طريقة أثرت على مضمون الكثير من الفصول
الفصل الثاني: وسائل إثبات العقود الإلكترونية–
المبحث الأول:الضمانات المتعلقة بالتوقيع الإلكتروني
المطلب الأول: مفهوم التوقيع الإلكتروني وحجيته
الفقرة الأولى: مفهوم التوقيع الإلكتروني
الفقرة الثانية: حجية التوقيع الإلكتروني
المطلب الثاني: مركز التوقيع الإلكتروني في الإثبات
الفقرة الأولى: الإثبات في القانون المدني
الفقرة الثانية: الإثبات في المادة التجارية
المبحث الثاني: الضمانات المتعلقة بالتشفير الإلكتروني
المطلب الأول: تعريف التشفير وبيان وسائله
الفقرة الأولى: تعريف التشفير
الفقرة الثانية:وسائل التشفير الإلكتروني ووظائفه في قانون 53-05
المطلب الثاني: طرق التشفير
الفقرة الأولى: نظام التشفير المتماثل
الفقرة الثانية: نظام التشفير اللامتماثل
المطلب الثالث: القيود الواردة على وسائل التشفير
الفقرة الأولى: التصريح والترخيص المسبق
الفقرة الثانية: التصديق من قبل الغير على العقود الالكترونية
المبحث الثالث: الضمانات المتعلقة بالمحررات الإلكترونية
المطلب الأول: تميز المحررات الإلكترونية عن المحررات الرسمية والعرفية
المطلب الثاني: معادلة الوثيقة الإلكترونية مع الوثيقة الورقية
الفقرة الأولى: شروط معادلة المحرر الإلكتروني بالمحرر الورقي
الفقرة الثانية: التعديل القانوني للمفهوم الدليل الكتابي
خــاتمــة
لائحة المراجع
الفهرس–