العلاقات المغربية – الجزائرية وأزمة الحكومة الجزائرية بين عامي 1964-1965م

في مستهل عام 1964م أصبحت التهدئة قائمة بين المغرب والجزائر, واجتمع الطرفان في  باماكو مرة ثانية بين الرابع والعشرين حتى السابع والعشرين من كانون الثاني لبحث القضايا العالقة بين البلدين([1]) والتقى الملك الحسن الثاني مع الرئيس الجزائري احمد بن بلة في مؤتمر القمة العربي الأول , أثناء انعقاده في القاهرة نهاية كانون الثاني .

تم خلال اللقاء بحث عقد لقاء ثنائي آخر في شباط([2]) , وقد اجتمع الطرفان يوم العشرين من شباط , وتم التوصل إلى عقد اتفاقية خاصة بالحدود نصت على ( أقامة منطقة منزوعة السلاح [غير عسكرية] ([3])وأن ينسحب الطرفان إلى مراكزهما في حدود (7) كم ما قبل الحرب , وان يتم التفاوض عليها بوصفها ارض بلا مالك , وجرى تبادل الأسرى بين البلدين([4]) .

وبدأ تحرك جديد في محيط العلاقات على أساس الوحدة المغربية عندما أعلنت الجزائر في شهر آذار أن الوحدة الاقتصادية هي الشرط الأساسي والاجتماعي للجزائر الذي تراه ضرورياً لتحقيق وحـدة سياسية مغربية وإرساء أرضية ومناخ ملائم للتكامل والاندماج الاقتصادي([5]) , وقد تبلـورت تلك الفكـرة بعقد أول مؤتمر اقتصادي في طنجه يوم السابـع مـن نيسان 1964م بين دول شمال أفريقيا المغرب والجزائر وتونس بالاشتراك مع ليبيا , ووضع خطة للتعاون الصناعي والتنسيق بين السياسات التجارية , وأعداد الدراسات الوافية , مع إيجاد نوع من التقارب والتآخي([6]) .

من جانب آخر عقد مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني للفترة من السادس عشر إلى الثالث والعشرين من نيسان العام نفسه , وقد ناقش المؤتمر موضوعات علاقة السلطة بالجيش والثاني تطهير الإدارة والجيش , إذ خرج المؤتمر بحصيلة أن العقيد هواري بومدين قد حول الجيش إلى محترفين بعيدين عن التكوين الثوري والالتزام السياسي([7]) .

وتمخض المؤتمر عن صدور وثيقة مهمة وهي (ميثاق الجزائر) والذي تطرق إلى معالجة الكثير من المسائل التي مسها برنامج  طرابلس مجرد مس , فادخل موضوعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجزائر واصدر الميثاق أسس التسيير الذاتي بوصفه مبدأ التنظيم الاقتصادي  الذي يوجه مدة الانتقال مع إحداث مؤسسات مختلطة وطنية من اجل تقوية القطاع الاشتراكي([8]) ثم حاول الرئيس أحمد بن بيلا فرض التسييس على الجيش لصالح سلطته ممّا جعل الجيش ينقلب سريعا ضده .

في إطار سعي الرئيس للحد من قوة الجيش حاول تشكيل ميليشيا شعبية([9]) تابعة للحزب لإنشاء قوة عسكرية موازية للجيش, وجند الشباب المؤمن بزعامته والمؤيد لسياسته الاشتراكية وقد سلحها مختلف الأسلحة والمعدات بعد أن وقع عقداً مع جمهورية الصين الشعبية([10]) .

حضر المؤتمر قادة المقاومة الذين كانوا في موقع معارضة المتحدي , وكذلك أعضاء من الحكومة المؤقتة القديمة بما فيهم الراديكاليون والثوريون , والمثقفون , ولم يحضر المؤتمر بعض القادة الآخرين([11]) , وقد نوقشت مسألة الصراع بين الاشتراكية والإسلامية أثناء المؤتمر .

رفض العقيد هواري بومدين فكرة إنشاء المليشيات المسلحة بجانب قوة الجيش الوطنـي لأنها ستسلبـه مهامـه الأساسية , وسوف تؤدي إلى أعمال عنف , لكن الرئيس حصل على موافقة أغلبية أعضاء المؤتمر بتشكيل المليشيات تحت قيادته( ممّا اضطر العقيد هواري بومدين إلى الرضوخ للأمر الواقع بعد أن توصل إلى تسوية مُرضيه مع الرئيس تولّى بموجبها الجيش مسؤولية تدريب تلك القوات فـي الوقت الـذي تولّى فيه الحزب مسؤولية توجيهها([12]) .

كشف المؤتمر أن حزب جبهة التحرير لا يتمتع بالوحدة , في حين بدا الجيش أكثر تماسكاً من الحزب([13]) , وبعد أن ترسخ الصراع بين السياسيين والعسكريين ظهرت دلالات المؤامرات بين الطرفين , وكان رد الفعل المبكر على تلك التحديات , إعادة تنظيم الجيش , فقد نقل الرئيس احمد بن بيلا يوم الواحد والثلاثين من أيار العقيد محمد شعباني([14]) , قائد منطقة الصحراء العسكرية  إلى المكتب السياسي لجعل قيادة الجيش ثلاثية تضمه مع العقيد محمد شعباني والعقيد هواري بومدين , لاسيما أن العقيد محمد شعباني كان موالياً للرئيس([15]) .      كان الرئيس يتوقع رفض بومدين تعيين العقيد محمد شعباني , لكنه فوجئ بموافقته , بعدها توجَّه لوضع خطة جديدة تكمن بإبعاد محمد شعباني عن قيادة منطقة الصحراء العسكرية بحجة عدم جواز الجمع بين منصبين  ممّا دفع محمد شعباني إلى التمرد وعاد إلى منطقته , وانضم إلى معارضي الرئيس  فقام محمد شعباني بتنظيم هجوم مسلح على قصر الشعب مقر الرئيس احمد بن بيلا يوم الأول من حزيران ولكنه فشل فأسرع الأخير إلى طرده من الحزب  والقبض عليه من قبل الجيش وحكم بالإعدام.

أمّا عـن تطـور العلاقـات المغربيـة – الجزائرية , فقد جـرت محادثات ثنائيـة بين البلدين فـي حزيران من العام نفسـه لمعالجـة آثار الصراع السابق فـي موطنيهما , ولدراسة سبـل تنفيذ الاتفاقات المبرمة بينهما

وليتم أعادة فتح الحدود بين البلدين وتطوير العلاقات الاقتصادية والفنية([16]) تلا ذلك المؤتمر اجتماع ثلاثي فـي القاهـرة يوم العشرين من تموز 1964م ضم الرئيس احمد بن بلة, والرئيس الحبيب بورقيبة والملك الحسن الثاني , نوقشت خلاله الأسس التي سيقام عليها اتحاد اقتصادي لأقطار المغرب العربي بين الجزائر والمغرب وتهدئة الوضع([17]) وكانت الخطوة الأولى نحو بناء المغرب العربي اجتماع وزراء الاقتصاد الأول في تونس للفترة مابين التاسع والعشرين من أيلول إلى تشرين الأول 1964م وضم كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب ماعدا موريتانيا التي لم توافق المغرب حضورها .

اتخذ المجتمعون جملة قرارات أهمها يتعلق بالمبادلات التجارية والعلاقات المغربية مع السوق الأوربية المشتركة , وتقرَّرَ إنشاء أجهزة التعاون المغربي (اللجنة الاستشارية الدائميه للمغرب العربي)([18]) كما عقد مؤتمر ثانٍ في طنجة للفتـرة مابين التاسـع والعشرين من تشرين الثاني والأول من كانون الأول 1964م واتخذت قرارات ايجابية منها إقرار مبدأ التنسيق مابين خطط التنمية الاقتصادية بين الأقطار المعنية مع إقرار الدخول في مشاورات مع اللجنة الاقتصادية الأفريقية([19]) .

ممّا تقدم يتبين لنا أن العلاقة الودية بين المغرب والجزائر كانت على أفضل ما يكون بدليل الاجتماعات الاقتصادية , ولقاء رؤساء الدولتين , وان موقف المغرب بدا داعماً للجزائر وكان عام 1964 عام التهدئة بين البلدين .

تطورت العلاقات بين المغرب والجزائر مـن خلال اللقاءات مـع باقي دول المغرب العربي , وكانت التهدئة والمـوقف المغربي تجاه الجزائر جيداً , إذ عقد مؤتمر خبراء التنسيق الاقتصـادي بين المغرب والجـزائر, وتونس وليبيا في طرابلـس الغـرب فـي بدايـة عـام 1965 فأُقِرَّ فيـه تنسيق صناعــة

الحديد والفولاذ بين الأقطار المشتركة([20]) .

إن التعاون الاقتصادي بين المغرب والجزائر وإن كان فيها تقدم سياسي واضح إلا أنها كانت ذات نفس قطري لوجود مخاوف من قبل المغرب تجاه الجزائر لكبر مساحة الأخيرة ووجود موارد نفطية ضخمة ممكن لها التأثير والمنافسة المستقبلية على المغرب ككل([21]) .

ومن جهة ثانية فقد سعى الرئيس احمد بن بلة إلى تجريد العقيد هواري بومدين من أنصاره , إذ أقال وزير الداخلية ومن ثم وزير السياحة كونهم مقربين من العقيد هواري بومدين , وعمل على تقليص مهام الولايات بعد ربطها مباشرة برئيس الجمهورية([22]) , واستطاع الرئيس الصمود أمـام التهديدات الشديدة لسلطتـه , ولكن مركزه ما زال متأرجحا ً وقد عمل على زيادة نفوذه بتعيين حكومته الثالثة يوم الثاني من كانون الأول , وجاءت بثلاث وزارات مهمة وهي الاقتصاد الوطني , والتربية الوطنية , والشؤون الاجتماعية([23]) وبدأ هجوم الرئيس منظماً على المؤسسة العسكرية بعد أن قلصت صلاحيات مؤسسات الدولة الأخرى

إذ سعى إلـى تركيـز الصلاحيـات بيده , وحـاول إبعاد جميع حلفاء العقيد هواري بومدين أملاً فـي إضعافه حتى التخلص منه. وبدأت تظهر صورة النظام السياسي في البلاد بعد جملة من التعيينات التي جرت في بداية عام 1965م , وقُدِّم إلى المحاكمة بعض المعتقلين السياسيين الذين حكم عليهم في نيسان بالإعدام , ثم اصدر الرئيس العفو عنهم ليظهر أمام الرأي العام كأن القتل للجيش والعفو للرئيس([24])

استمر الصراع مـع العسكـريين , وبذل الكثيـر مـن المسؤولين الجـهود لتحاشـي انفـجـار أزمـة جـديـدة بين الـرجلين وانتشرت شائعات حول انقـلاب عسكـري , إلا أن الرئيـس لـم يأخـذها علـى محمل الجد([25]) فـي الوقـت نفسـه كانت تجـري الاستعـدادات لعقـد المؤتمـر الآسـيوي الأفـريقـي  فـي  نهايـة  حـزيـران  مـن العـام نفسـه فـي الجـزائر

وتعلق الآمال عليه لرفع مكانة وأهمية الجزائر بين الدول.

لقد رافق الفشل جهود الرئيس لإنشاء أجهزة الحكومة السلطوية من قيادة سياسية منقسمة , فقد اعتمد بالتناوب على الطرد والتعيين للحفاظ على مركزه الخاص على رأس أجهزة النفوذ , ولكن تلك المناورات أحدثت شكوكاً عميقة بدوافعه واعتماده على تأييد المثقفين الذين هم اقل ممارسة للسياسة([26]) .

ومن تلك الدروس نشأت مجموعة من القواعد التي بدأت تحكم السياسة الجزائرية ولكنها لم تكسب أهميتها من قدرتها الفعلية على الحفاظ على استقرار السلطة بل قدرتها على حكم الصراع بين القوى المنافسة([27]) , ولم يؤدِ تقليص الخلافات في القيادة الأصلية الحاكمة ولا تطعيمها بعناصر جديدة من القيادة الفرعية إلا للفشل بسب عدم التكيف الجديد , بعد رفض أجهزة الحكم الذاتي التي كانت قائمة أثناء الثورة الاندماج مع العناصر الجدد .

لم تنجح جهود الرئيس بن بلة في قيادة الدولة([28]) لأن الخلاف بين الرئيس والعقيد هواري بومدين ازدادت حدته يوما بعد يوم من الاستغناء عن رجال العقيد هواري واحداً تلو الآخر , وجاء طرد عبد العزيز بوتفليقة وزير الخارجية وهو الأمر الذي لم يكن باستطاعة العقيد بومدين السكوت عنه لتغدو قضية وزير الخارجية هي الأزمة الحقيقية العلنية بين العقيد هواري بومدين والرئيس احمد بن بلة الذي راح يصطنع الأعذار والأسباب  لإقصائه من منصبه إذ اتهمه بتبني سياستين سياسة وزير الخارجية وسياسة رئيس الجمهورية وان الرئيس يرفض تلك الازدواجية في السياسة وقد رفض عبد العزيز بوتفليقة تلك الاتهامات الموجهة إليه وأردف بالقول (( لم يكن هناك خلاف بالسياسـة , ولكن الخلاف كان بيننا هو يريد الخلاص منا . ونحن أصحاب الحق بالثورة والمناضلون الحقيقيون للكفاح ))([29]) .

طلب بوتفليقة من الرئيس عرض أمر استقالته على المكتب السياسي  واللجنة المركزية للحزب إلا أن الرئيس رفض الطلب([30]) .

بعد ذلك تم اعتقال عبد العزيز بوتفليقة يوم السابع عشر من حزيران بعد إقالته حين كان العقيد هواري بومدين في القاهرة لحضور مؤتمر رؤساء الحكومات العربية المنعقد هناك([31]) , ذلك الموقف حدَّدَ مصير الرئيس بن بلة وجعله على المحك بعد عدم اقتناع العقيد هواري بأسباب الإقالة , كما أنَّ المصالحة التي تمت بين الرئيس ومعارضيه , وإطلاق سراح المعتقلين من السجون , وإنهاء حالة التوتر في البلاد التي أظهرت الجيش بمظهر سيء أمام الشعب([32]) , وتقريب الشيوعيين بعد أن لجأ الرئيس إلى إشراكهم بإدارة مؤسسات الدولة , والتي خالف فيها مبادئه الأولية , والذين وصلوا إلى مواقع حيوية في الحكومة بحجة الاستفادة من خبراتهم الكبيرة في بناء مؤسسات الدولة([33]) .

كل تلك الخلافات جعلت العقيد هواري بومدين يعجّل في تنفيذ خطة الإطاحة بالرئيس وحدَّدَ الوقت قبل انعقاد المؤتمر الافرو – أسيوي([34]) , وفي أول اجتماع تحضيري للانقلاب قرر المجتمعون تنحية الرئيس بشكل نهائي , وتشكيل مجلس الثورة بقيادة العقيد هواري بومدين وحرّّروا وثيقة تضمنت ثماني تهم وجهت إلى الرئيس وهي([35]) :

  1. ازدياد نشاط العناصر اليسارية المناهضة في الحكومة والذي ادخل التناقضات الداخلية مع ابتعاد الرئيس عن السياسيين القدماء وتصفية البعض منهم بسبب اعتماده على اليساريين الذين كانت سلطاتهم غير اعتيادية لذلك أحدثت فوضى عارمة في البلاد([36]) .
  2. عدم تكوين دولة جزائرية حقيقية وتجميده كل محاولات إحداث إصلاح جذري في البلاد .
  3. مصادرة حريات المواطنين واعتقالهم وتعذيبهم بلا مبرر إلا لإرهابهم أو لدوافع شخصية([37]) .
  1. التبذير والإسراف على الزيارات الخارجية للظهور كبطل قومي وتوظيفها للمناورات والمساومات السياسية لتقوية سلطته في الحكم بينما البلاد تعاني من أزمة اقتصادية([38]) .
  2. فشل الرئيس في تحقيق الثورة الاشتراكية بسبب التخطيط السيئ والتدخل في بناء الاقتصاد الجزائري , وبالنتيجة تشتيته لمجمل العمل الاقتصادي والزراعي وإخفائه تلك الأخطاء الكبيرة التي أغرقت البلاد في محنة كبيرة([39]) .
  3. فشل نظام التسيير الذاتي نتيجة زحف البيروقراطية والتهاون والإهمال والعجز عن المنافسة .
  4. التسبب في عملية تخريب معتمدة , ومتتالية ضد وحدة المناضلين الثوريين والوحدة الوطنية , ووحدة الجيش .
  5. الانحراف السياسي والانفراد بالحكم بدل القيادة الجماعية .

بدأ الشغل الشاغل للرئيس التحضيرات لمؤتمر الافرو – آسيوي مع تزايد وصول الوفود والصحفيين إلى الجزائر لاستقبال أكثر من (60) رئيس وملك وانتظار وصول ضيف شرف المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة , ومع تلك التحضيرات طلب الرئيس احمد بن بلة انعقاد المكتب السياسي للنظر في الاتهامات التي وجهت إليه بشأن انفراده بالسلطة , إلا أن العقيد بومدين أصرَّ على تأجيل اجتماع المكتب السياسي للحزب إلى حين الانتهاء من المؤتمر([40]) .

قضى الرئيس يوم الثامن عشر من حزيران متنقلاً بين منطقة وهران وسيدي بلعباس إذ افتتح محطة إرسال إذاعي ومن ثم توجه إلى مدرسة للشرطة في منطقة بلعباس وألقى خطاباً كان الأخير عن الجزائر في ساحة الأول من نوفمبر / تشرين الثاني([41]) . بينما قرَّرَ بومدين ساعة الصفر للإطاحة بالرئيس ومعاونيه عند الساعة الثامنة مساءاً يوم الثامن عشر من حزيران .

جرى تبديل جنود الحراسة المكلفة بحراسة فيلا جولي , وارتدوا ملابس رجال الحرس الوطني الذين كانوا يدينون بالولاء للرئيس, وحين عودة الرئيس من وهران ودخوله المبنى بشكل طبيعي وبعد منتصف الليل دخل خمسة من كبار ضباط الجيش وعلى رأسهم طاهر الزبيري الذي كان يحظى بثقة الرئيس إلى غرفة نومه وابلغه بأمر تنحيته من رئاسة الحكومة وباقي مناصبه واقتادوه إلى مكان مجهول([42]) , وسيطر الجيش على الإذاعة وقصر الحكومة ودوائر البلدية والشوارع الكبرى وقطع الهواتف عن منازل الوزراء وظهرت الدبابات في الشوارع([43]) .

تم الإعلان رسمياً عن تنحية الرئيس احمد بن بلة في تمام الساعة الثانية عشر والنصف بعد الظهر يوم التاسع عشر من حزيران بنص البيان رقم واحد الذي ألقاه العقيد هواري بومدين وتأليف مجلس الثورة برئاسته ويتولى جميع السلطات, وتم سجن الرئيس مع عدد من أنصاره وعبَّر عن الانقلاب بحركة تصحيح للثورة بدون إراقة دماء وبكل هدوء([44])  بعد ذلك تم حل المجلس التأسيسي ليحل محله مجلس وزراء جديد , وهكذا انتهت صفحة دامت لمدة ثلاث سنوات من حكم الرئيس احمد بن بلة  وإيداعه السجن بدون محاكمة . إما موقف المغرب تجاه الانقلاب فقد عزَّزت حدودها مع الجزائر فضلاً عن وضع جيشها تحت الإنذار, وقد أسرع الرئيس بومدين إلى إرسال مبعوث إلى المغرب من اجل تأكيد حسن نوايا النظام الجديد حيالها ([45]) .

أمّا عن الموقف الشعبي بعد الانقلاب فقد ظهرت معارضة شعبية واسعة بعد رفض حزب جبهة التحرير الوطني الانقلاب وأعلن في الوقت نفسه مقاومة الانقلاب , إذ شهدت العاصمة الجزائرية وبعض المدن صدامات عنيفة بين المتظاهرين سقط فيها عدد من القتلى والجرحى([46]) .

استطاع بومدين السيطرة على الوضع الداخلي , وأعلن في بيان أوضح فيه أسباب القيام بحركته التصحيحية وبيّن (( أن هدف الحركة هو الرغبة في إحلال القيادة الجماعية محل الزعامة الفردية , الحكم الفردي , والعمل على إقامة دولة جديدة تحقق للثورة الجزائرية أهدافها وطموحاتها على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي ))([47]) .

رحّبَ خصوم الرئيس احمد بن بلة بالانقلاب وعبّروا عن رضاهم , كما دلَّ الاجتماع الخاص للقيادة السياسية على استنكار أعمال الرئيس بن بلة بعد الانقلاب([48]) .

أمّا عن ردود الفعل العربية فقد اختلفت بين التأييد للانقلاب وبين الرفض له وثالث محايد , أمّا بالنسبة للموقف الدولي فقد تأخر اعتراف بعض الدول بالحكومة الجديدة وتباينت الآراء في الانقلاب الذي أدهش الكثير من الدول أمّا موقف الدول الأفريقية فقد كان ضد الانقلاب وضد شخص بومدين نفسه([49]) .

  (1)بطرس بطرس غالي , منازعات الأفريقية وتسويتها بالطرق السلمية , ص128

  (2)هدى حسين موسى , المصدر السابق ص130

  (3)شوقي الجمل عبدا لله عبد الرزاق , تاريخ أفريقيا الحديث والمعاصر , الرياض , ط2 ,  2002 , ص397

(4)  طه عبد الرزاق الدباغ , المصدر السابق , ص81

(5)  نبيه الأصفهاني , التطورات الجديدة في مشروع المغرب الكبير , ص101 ؛ ديري ولد السالك , اتحاد المغرب أسباب التعثر ومداخل التفعيل , ص53

(6)  محمد علي داهش , اتجاهـات العمـل الوحـدوي في المغرب العربي المعاصر, أبو ظبي , مركز الأمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية , 2003 , ص59

 

 (1)وليم ب كواندت  , المصدر السابق , ص289

  (2) مائدة خضير السعدي , المصدر السابق ص127

  (3)ميليشيا شعبية : تبلورت فكرة إنشاء الميلشيات الشعبية , بعد اجتماع عقده الرئيس احمد بن بيلا مع المبعوث الكوبـي ارنستوتشي غيفارا خـلال زيارته للجزائر إذ أبـدى الرئيس مخاوفه من زيادة نفوذ الجيش ومحاولة الجيش السيطـرة علـى مقاليـد الحكم في البلاد , لذلك  اقترح المبعوث الكوبي , أن يسلح الشعب مـن اجـل الوقوف بوجه نفوذ الجيش المتزايد فـي السلطـة . كفـاح عبـاس رمضان , سياسـة الجزائر الداخلية (1965-  1978 ) ,2007 , ص44

  (4)المصدر نفسه , ص208

 (5)غاب عن المؤتمر الليبراليون فرحات عباس , واحمد فرنسيس , ورفاق بن بيلا في المعتقلات وكان حسين أيت احمد يقود المعارضة المسلحة , ومحمد خيضر قد عاد تواً إلى الجزائر ورفض محمد بو ضياف التعامل مع الرئيس . وليم ب كواندت , المصدر السابق , ص289

 

 (1)مائدة خضير السعدي , المصدر السابق , ص208

(2) عادل خليل حمادي , المصدر السابق , ص139

(3)  محمد شعباني : اسمه الحقيقي الطاهر شعبان , ولد يوم الرابع من أيلول 1934 بمدينة بسكره تعلم في مسقط رأسه بزاوية البلدة التي كان والده يدير شؤونها , ومن ثم انتقل إلى مدينة بسكره لمواصلة تعليمه انتقل عام 1950 إلى قسنطينة , وانضم هناك إلى مدرسة عبد الحميد بن باديس , تعرَّف على الكثير من المناضلين وكان من أوائل من شاركوا في العمليات الأولى للثورة وفي عام 1959 عين على رأس المنطقة الثالثة من الولاية السادسة وأصبح قائداً للولاية السادسة , كان له الدور في توسيع عمليات الجنوب الجزائري لاسيما بعد اكتشاف النفط , حُكِمَ عليه بالإعدام ونفذ الحكم به يوم الثالث من أيلول 1964, المصدر السابق , ص73

(4)  وليم ب كواندت , المصدر السابق , ص296

(5)  عبد الإله بلقزيز وآخرون , الحركة الوطنية والمسألة القومية 1947 – 1986 , المصدر السابق , ص163 ؛ هدى موسى حسين , المصدر السابق , ص130

  (1)نبيه الأصفهاني , التطورات الجديدة في مشروع المغرب الكبير , ص100 ؛ كفاح كاظم الخزعلي , الاتجاهات الوحدوية المعاصرة في المغرب العربي , ص99

 (2)كفاح عباس رمضان , وحدة المغرب العربي الفكرة والتطبيق 1958-1995 , ص43 ؛ محمد تاج الدين الحسيني , المغرب العربي بين واقع التجزئة وآمال الوحدة  , ص131

  (3)المصدر السابق ص117 ؛ نبيه الأصفهاني , التطورات الجديدة في مشروع المغرب الكبير , ص101

  (4)كفاح كاظم الخزعلي , الاتجاهات الوحدوية المعاصرة في المغرب العربي , ص99

(5)  عبد الإله بلقزيز وآخرون , الحركة الوطنية والمسألة القومية 1947 – 1986 , المصدر السابق , ص163 ؛ هدى موسى حسين , المصدر السابق , ص130

(1) نبيه الأصفهاني , التطورات الجديدة في مشروع المغرب الكبير , ص101

   (2) سعيد بو شعير, النظام السياسي الجزائري , الجزائر, ط 2 ,1993 , ص59

   (3)وليم ب كواندت , المصدر السابق , ص300

   (4)المصدر السابق , ص303

    (5)كان الرئيس يثق ثقة عمياء في وزير دفاعه , فالعقيد هواري بومدين أوصل الرئيس إلى رأس الدولة الجزائرية الفتية , وهو الذي مهد له الطريق باتجاه قمة السلطة , ولم يكن الرئيس يتوقع أن تأتيه طعنة من صديق والذي يعتبره صنيعته

www.Arab.times.com,april,2008

(1) www.Answar.com.14 . April . 2008 .

  (2)جهاد عودة , الخلافة السياسية في الجزائر بعد حكم بومدين ,  ص91

    (3)وليم ب كواندت , المصدر السابق , ص305

 (4)    غالب عبد الرزاق , ابن بيلا الأسطورة القصة الكاملة لثورة الجزائر , بغداد , 1965 ص45

(5)     فايزه سعد , المصدر السابق , ص256

(1)   احمد مهابة , عبد العزيز بوتفليقة والمهمة الصعبة , مجلة السياسة الدولية , القاهرة , مجلد(137) , السنة(35) , 1999 , ص200

    (2)غالب عبد الرزاق  , المصدر السابق , ص45

(3)   المصدر السابق , ص58

   (4)كان قرار الانقلاب قبل انعقاد المؤتمر يصبُ في مصلحة هواري بومدين لأن الرئيس سوف يصبح أقوى في مركزه مع تأهله لاتخاذ قرارات صعبة دون الرجوع إلى المعاونين وكان الرئيس سيصحب الرئيس عبد الناصر في زيارة رسمية  لولايات الجزائر بعدها كان مقرراً عقد مؤتمر الشباب العالمي فـي الجزائـر بعدهـا كانت تنتظره زيارة رسمية إلى فرنسا للاجتماع مع الرئيس ديغول وانه سيصبح نجم البلاد العربية ويفعل ما يحلو  له . غالب عبد الرزاق  , المصدر السابق , ص50-51

 (5)كفاح عباس رمضان , سياسة الجزائر الداخلية (1965 -1978) ,ص47

  (6)المصدر السابق , ص58

(7)   كفاح عباس رمضان , سياسة الجزائر الداخلية (1965 -1978) ,ص46

 (1)جوان غليسبي , المصدر السابق , ص249

 (2)مائده خضير السعدي , المصدر السابق , ص199

 (3)المصدر نفسه , ص214

 (4)مائده خضير السعدي , المصدر السابق , ص216

 (1) غالب عبد الرزاق , المصدر السابق , ص51

(2)  المصدر السابق , ص 86

(3)  كفاح عباس رمضان , سياسة الجزائر الداخلية (1965 -1978) ,ص49

(4)  مائده خضير السعدي , المصدر السابق , ص219

(5)  وليم ب كواندت, , المصدر السابق , ص308

  (1)سعيد بو شعير , المصدر  السابق , ص292

 (2)وليم ب كواندت , المصدر السابق , ص309

 (3)مائده خضير السعدي , المصدر السابق , ص220

 

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 14918

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *