القدرة النووية وتأثيرها على عملية صنع القرار في السياسة الخارجية: دراسة حالتي إيران وإسرائيل

إعداد الباحثيين:

  • حسناء رجب ذكي
  • دعاء جمال شاهين
  • مها عبد الرءوف عبد الفتاح
  • ندى عصام إبراهيم
  • نورهان جمال سلامة
إشــــراف : د. محـمـد نــور البصـــراتي

المركز الديمقراطي العربي

أولاً: المقدمة: –

تتميز العلاقات الدولية في الوقت الراهن بالتعقيد والترابط الناتج عن التطورات الكبيرة والسريعة التي يشهدها النظام السياسي الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى الآن، وكان أهم هذه التطورات هو التقدم الهائل في التكنولوجيا العسكرية والمتمثل في ظهور الأسلحة النووية، التي شغلت الرأي العام بصورة كبيرة وهو ما أدى إلى تعقيد عملية اتخاذ القرارات وبالأخص في السياسة الخارجية ([1]).

فقد تطورت ظاهرة السياسة الخارجية بصورة واضحة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومع تعدد القضايا العالمية وزيادة عدد الدول الأعضاء في النظام الدولي زاد تعقيد ظاهرة السياسة الخارجية، وهو ما زاد من أهمية التخطيط لها، فالتخطيط يمكن الدولة من توقع التطورات المستقبلية وتوفير الإمكانات اللازمة للتعامل معها وبذلك لا يفاجأ متخذ القرار بمواقف ليس مستعداٌ للتعامل معها.

ويتأثر السلوك الخارجي للدولة بسلوك الوحدات الدولية الأخرى تجاهها، فالدولة تستقبل سلوكيات عديدة من الوحدات الفاعلة في النسق الدولي وتقوم الدولة بالتعامل مع هذه السلوكيات على حسب فهمها لطبيعة السلوك.

وتدور سياسة أي وحدة دولية بصفة عامة حول مجموعة من الأهداف هي: حماية الذات والأمن والرفاهية الاقتصادية والهيبة الدولية، وبذلك تحصل الدولة على مكانة متميزة في النسق الدولي ويتحقق ذلك من خلال الاهتمام بصناعة القرار وأن يتم اتخاذه بناءً على أسس عملية وعلمية قوية لأنه يصنع ويمثل منزلة الدولة.

ويعتمد تحقيق المكانة الدولية لأي دولة أيضاً على حجم الموارد التي تمتلكها والخصائص التي تمكنها من إتباع سياسة خارجية نشيطة تجاه معظم القضايا الدولية، فمن الممكن أن تمتلك الدولة موارد عديدة ولا تقدر على استخدامها بطريقة تحقق لها مكانة عالمية، ومن ناحية أخرى يمكن أن يكون لدى الدولة خصائص وقدرات إذا أقدمت على تطويرها لحققت مكانة دولية تتسم بالهيبة والاحترام من جانب العالم أجمع.

فمثلاً: يعتبر امتلاك الأسلحة النووية في القرن العشرين من المحددات الأساسية للمكانة الدولية، ومما لا شك فيه أن امتلاك الدولة للقوة النووية من أهم الخصائص الدالة على التفوق العسكري والاقتصادي، ومن الواضح أن هذه الأسلحة لها دور كبير في استراتيجية الردع حيث أنها تمنع الحروب المباشرة بين القوى الكبرى وهو ما تجلى أثناء الحرب الباردة. ويمكن أن يكون الخلاف على كشمير هو ما دفع باكستان كذلك لامتلاك السلاح النووي من أجل موازنة الردع مع الهند الممتلكة أيضاً للسلاح النووي.

وبالنظر إلى دولة إسرائيل فقد يكون امتلاكها للسلاح النووي نابعاً من كونها دولة مهددة في وجودها أو أن لديها طموحات في السيطرة على مناطق واسعة في منطقة الشرق الأوسط. وبالنسبة لإيران فالعالم الغربي يظن أن إيران تسعى جاهدةً لامتلاك السلاح النووي لأسباب عدة، منها مثلاً: ردع إسرائيل أو تحرير فلسطين أو موازنة القوة مع أمريكا، ويمكن أن يكون لإيران طموحات كي تصبح قوة إقليمية لردع دول الخليج من التفكير في مواجهتها عسكرياً وفرض سيطرتها وهيمنتها على منطقة الخليج بأكملها خاصة بعد الحرب العراقية الإيرانية.

وفي هذه الدراسة سوف يتم مناقشة مدى فاعلية وتأثير امتلاك الدول للقدرة النووية على عملية صنع واتخاذ القرارات الخارجية وذلك بالتطبيق على دولتي: إسرائيل وإيران.

ثانياً: مشكلة الدراسة:

تحتل قضية حيازة وانتشار الأسلحة النووية بؤرة الاهتمام العالمي لارتباطهم الوثيق بالأمن والسلم الدوليين، وقد احتلت هذه القضية اهتمام العالم بشكل غير مسبوق مع بداية القرن الحادي والعشرين وتحديداً في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م.

فقيام بعض الدول بامتلاك القدرة النووية قد أثر على المتغيرات الإقليمية والدولية في سياسات بعض الدول، وجعلت متخذي القرارات السياسية يهتمون بالتخطيط لمواجهة التطورات في المستقبل.

وتعيش منطقة الشرق الأوسط حالة من الاضطراب بسبب حيازة إسرائيل وإيران للسلاح النووي، فإيران لم تعترف بقيام دولة إسرائيل وفي المقابل إسرائيل ترى خطورة امتلاك إيران للسلاح النووي في المنطقة مما يؤثر على أمن واستقرار دولة إسرائيل.

ومما لا شك فيه إن قيام الدولتين بمواجهة الدول الأخرى في امتلاك القدرة النووية والدخول في سباق التسلح النووي قد أثر سلباً علي أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط.

وتتمحور إشكالية الدراسة حول التساؤل التالي:

إلى أي مدي يؤثر امتلاك القدرة النووية على عملية صنع القرار في السياسة الخارجية للدولة؟

ويوجد عدة تساؤلات هي:

  1. ما هي أهداف سعي الدول لامتلاك السلاح النووي؟
  2. ما هي المخاطر الناتجة عن امتلاك الدول للسلاح النووي؟
  3. إلى أي مدي تتطور البرنامج النووي لكل من إيران وإسرائيل للسلاح النووي؟
  4. ما هي أهداف إيران وإسرائيل من تبني سياسة الغموض النووي؟
  5. ما هو موقف القوي الدولية والإقليمية لامتلاك الدولتين محل الدراسة للقدرة النووية؟

ثالثاً: أهمية الدراسة:

تنبع أهمية الدراسة من أهمية القدرة النووية للدول مع بيان ازدواجية المعايير في التعامل مع الملف النووي الايراني والاسرائيلي، ارتباطاً مما سبق الدراسة لها جانبين:

الجانب الأول: الأهمية العلمية أو النظرية، والتي تنصب أساساً على المجهود والجهد العلمي أو النظري للدراسة، حيث أن الدراسة تحلل الاتجاهات العلمية حول دور القدرة النووية وتأثيرها علي صنع القرار في السياسة الخارجية.

الجانب الثاني: الأهمية العملية أو التطبيقية، هي محاولة استخلاص الدروس المستفادة من دور وتأثير القدرة النووية على القرارات الخارجية، وذلك بدراسة حالتي “إيران وإسرائيل”.

رابعاً: أهداف الدراسة:

  • دراسة الإطار النظري ل “القدرة النووية، عملية صنع القرار، السياسة الخارجية”.

2-    دراسة ومعرفة الانتشار النووي والمخاطر الناتجة عنه.

3-    التعرف على أهداف سعى الدول لامتلاك السلاح النووي.

4-    معرفة مدي تأثير القدرة النووية على عملية صنع القرار في السياسة الخارجية لكل من إسرائيل وإيران.

5-    معرفة المواقف الإقليمية والدولية من امتلاك الدولتين محل الدراسة للسلاح النووي.

6-    توضيح بعض السيناريوهات حول مستقبل القدرة النووية.

خامساً: منهج الدراسة: –

لقد اعتمدت الدراسة على مناهج رئيسية هي” منهج تحليل النظم”: ويعتمد هذا المنهج على المدخلات والمخرجات، وتتمثل الفكرة الجوهرية التي يقوم عليها هذا المنهج على افتراض أساسي وهو أن النظام السياسي الخارجي يتضمن مجموعة من المتغيرات تتمثل في البيئة ومجموعة الفاعلين ومكونات النظام، وكل نظام للسياسة الخارجية يشمل مجموعة من العناصر يتم تصنيفها في ثلاث مراحل هي: المدخلات والعملية والمخرجات. وسيتم توظيف هذا المنهج في الدراسة من خلال تفسير المدخلات التي تضم مجموعة من العوامل والظروف الداخلية والخارجية التي واجهت كل من الدولتين محل الدراسة، ودراسة دوافع صانعي السياسة ومعرفة الظروف المؤثرة في اتخاذ القرارات، ثم معرفة التغذية العكسية أو المخرجات التي دفعت الدولتين لامتلاك القوة النووية ومدى تأثير ذلك في النظام الدولي. ويأتي المنهج الثاني،

“منهج صنع القرار”: ويركز هذا المنهج على البحث في كيفية التفاعل بين الدول والنظام الدولي الذي تعمل داخله، وفي البحث عن الكيفية التي يعبر بها هذا التفاعل مع الواقع الدولي من خلال اتخاذ قرارات خارجية محددة تدافع فيها الدولة عن مصالحها تجاه بقية الوحدات الدولية الأخرى. وسوف يتم توظيف هذا المنهج في الدراسة من خلال معرفة محددات البيئة الداخلية والخارجية لصانع القرار ومدى توافر المعلومات لديه ودور ذلك في اتخاذه للقرارات.

ويأتي المنهج الثالث،

“المنهج التاريخي”: وهو المنهج الذي يستند إلى الأحداث التاريخية في فهم الحاضر والمستقبل، إذ لا يمكن فهم وإدراك أية حالة سياسية إلا بالعودة إلى جذورها التاريخية وتطورها سواء كانت حالات سلبية أو إيجابية، ومن ثم استنتاج أفكار جديدة أو بناء تصورات. وسوف يتم توظيف هذا المنهج في الدراسة من خلال معرفة الوقائع التاريخية والأحداث التي دفعت الدول لامتلاك السلاح النووي، والوقوف على الدروس والعبر التي دفعت دولتي إيران وإسرائيل إلى اللجوء لامتلاك قدرة نووية.

سادساً: مجتمع الدراسة:

نجد أن بداية اختلال موازين القوى في المنطقة كانت منذ بداية إبرام الاتفاق النووي الإيراني بين دول (5+1)، كما نتج عن الاتفاق النووي الإيراني عدة عقوبات اقتصادية من قوى دولية كبرى مثل مجلس الأمن والولايات المتحدة، كما ثار قلق منطقة الخليج من امتلاك السلاح النووي الذي من شأنه أن يؤثر في استقرار منطقة الخليج سواء كانت بيئية أو أمنية، كما مارس وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف دوراً في تحقيق التقارب الشديد بين واشنطن وطهران من أجل دعم العلاقات النووية ووقف العقوبات الاقتصادية. كما قامت إيران عام 2005م بفك أختام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة ووسائل مراقبتها على منشئاتها النووية التي يعتقد أنها تعمل بأجهزة التخصيب بالطرد المركزي في محاولة سياسية منها لقطع أي تدخل أجنبي متواصل.

أما إسرائيل فقد أصبح لديها قدرات نووية بمساعدة دول غربية وأصبحت إسرائيل أول دولة في الشرق الأوسط تمتلك سلاح نووي، ونجد أن الملف النووي الإسرائيلي أحد أكبر أسرار الحياة النووية في العالم، كما رفضت إسرائيل منذ بدأها العمل النووي عمليات التفتيش الدولية التي تجريها وكالة الطاقة الذرية، كما أفادت إدارة اوباما في عام 2014م بأن الولايات المتحدة وافقت عام1969م على وجود خيار نووي لدى إسرائيل، وتعهدت بالامتناع عن الضغط عليها للتخلي عن مساعيها النووية.

سابعاً: تقسيم الدراسة:

تنقسم الدراسة إلى مقدمة، وثلاث فصول، وخاتمة.

الفصل الأول: مفاهيم وإشكاليات مرتبطة بالانتشار النووي.

  • المبحث الأول: القدرة النووية بين المفهوم والابعاد.
  • المبحث الثاني: مشروعية امتلاك الدول للسلاح النووي.
  • المبحث الثالث: مخاطر امتلاك الدول للسلاح النووي.

الفصل الثاني: البرنامج النووي الإيراني.

  • المبحث الأول: البرنامج النووي الإيراني ومراحل تطوره.
  • المبحث الثاني: موقف القوى الإقليمية والدولية إزاء البرنامج النووي الإيراني.
  • المبحث الثالث: محركات التغيير في التعامل مع الملف النووي الإيراني.

الفصل الثالث: البرنامج النووي الإسرائيلي.

  • المبحث الأول: نشأة البرنامج النووي الإسرائيلي وتطوره.
  • المبحث الثاني: أثر البرنامج النووي الإسرائيلي على الامن القومي العربي.
  • المبحث الثالث: الموقف الدولي تجاه البرنامج النووي الإيراني والإسرائيلي.

ثامناً: الدراسات السابقة:

. مجموعة الدراسات المعنية بالبرنامج النووي الإيراني:

دراسة بعنوان:

عطا محمد زهرة، البرنامج النووي الإيراني ([2]): تتناول الدراسة طبيعة البرنامج النووي الإيراني ومع ذلك يمكن القول إنه ليس هناك اتفاق حول هذا الجانب، ويلاحظ عموما وجود ثلاثة اتجاهات واضحة؛ الأول يقر بأن هذا البرنامج سلمى تماماً، بينما يصر الثاني على أنه ذو طبيعة عسكرية، أما الثالث فانه يقف حائراً متردداً بين الاتجاهين السابقين، لاسيما وإن إيران تحيط برنامجها بكثير من الغموض على غرار ما فعلت بعض الدول مثل باكستان والهند وإسرائيل.

تميزت الدراسة بتوضيح أنه لم يثر أي ملف دولي في السنوات القليلة الماضية جدلاً كالذي أثاره الملف النووي الإيراني، فهي تحيط برنامجها بكثير من الغموض والتعتيم وهذا أدي إلى مشكلات اقتصادية لها مع الدول الغربية في محاولة منهم لفهم نشاطها النووي السري.

دراسة بعنوان:

فهمي هايدي, أزمة الخليج :العرب وإيران –وهم الصراع وهم الوفاق([3]) : تتناول الدراسة إدراك الجميع كم هي مهمة إيران ,قبل الغزو وخلاله , وأن إيران ستصبح أكثر أهمية بعد الغزو ,أيا كانت المدة التي ستستغرقها .وإن شئنا أن نعود إلى الحقائق الأساسية في الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط ,فأننا ننبه إلي أنه بات مستقراً في مختلف الدراسات الاستراتيجية أن للشرق الأوسط ثلاثة أعمدة وركائز ,هي مصر وتركيا وإيران , غير أن أعمدة منطقة الخليج بوجه أخص كان ينظر إليها دائماً على أنها –أيضاً- ثلاثة تتمثل في :إيران والعراق والسعودية . وإن شئنا الدقة فقد نقول إن المنافسة العسكرية كان قائماً بين إيران والعراق، بينما كانت السعودية ومازالت تمارس نوعا من النفوذ السياسي ولا تدخل القوة العسكرية في موازينها. تميزت الدراسة ببيان قوة إيران وخاصة بعد الغزو العراقي لها، وأنها بعد هذه التجربة عملت على بناء قوتها مستندة إلى البرنامج النووي وتطويره حتى تستطيع بسط نفوذها السياسي في المنطقة دون التدخل العسكري منها.

دراسة بعنوان:

رائد حسين عبد الهادي, البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته علي الأمن القومي الإسرائيلي 1979-2010م ([4]): تتناول الدراسة طموح إيران النووي كشكل قضية شعبية إيرانية ومصدراً لشرعية نظام الحكم الإيراني ,الذي يتعذر كلما تقدمت في هذا المجال لاسيما بعد أن أصبحت تمتلك دورة الوقود النووي كاملة ,ولكن هذا الأمر لا يخلو من تباينات داخلية سواء في مراكز صنع القرار أم في الأوساط الأكاديمية أم في وسائل الإعلام رغم تمسك الجميع بحق الاستخدام النووي السلمي ,وان التباين الرئيسي  ينصب بين فئات متشددة وفئات أكثر تشدداً للبرنامج النووي (الإصلاحيين والمحافظين ). فثمة اتفاق بين الإصلاحيين والمحافظين على الهدف رغم اختلاف الوسائل، كما أن هناك تبايناً أخر يمكن إضافته يتعلق في سبيل تحقيق التوترات والتهديدات الغربية من خلال إدارة حوار مع الغرب كما يرى الإصلاحيين، وهناك بعض الأصوات الخافتة في إيران تشير إلى أن تركيز إيران على البرنامج النووي أدي إلى مشكلات اقتصادية كبيرة، الأمر الذي يستدعي ترشيد نفقات للبرنامج والوصول إلى حلول سلمية مع الغرب.

تتميز الدراسة ببيان انقسام الشعب الإيراني حول حقيقة البرنامج النووي الإيراني فمنهم من كان يرى حقه في هذا الاستخدام ومنهم من كان يرى أن هذا البرنامج قد أدى إلى مشكلات اقتصادية كالفقر والبطالة، وأنه يجب الوصول إلى حلول مع الغرب لتسوية المسألة النووية.

دراسة بعنوان:

سعد مجيل فلاح، البرنامج النووي الإيراني وأثره على توجهات السياسة الخارجية الكويتية 2003-2012م ([5]): يسعى الباحث في الدراسة إلى توضيح أن دول الخليج لا تعترض على المساعي النووية السلمية، ولكنها تحتفظ على تصريح إيران بحقها في امتلاك السلاح النووي. وليس هذا معناه خوف من اختلال ميزان القوى الإقليمية فقط، بل هناك مخاطر بيئية وأمنية تهدد جيران إيران مستقبلاً. وتوصى الدراسة أفضل السبل لمواجهة التغيرات المختلفة للبرنامج النووي على دول الخليج العربي من خلال ضرورة تفعيل مؤسسات التكامل الخليجي من جهة –والعربي من جهة ثانية وتطوير هيكلها.

تناقش الدراسة رأى دول الخليج العربي في امتلاك إيران السلاح النووي، وتؤكد على حقها في هذا الأمر ولكنها تريد ضمان عدم حدوث كوارث بيئية وأمنية في المنطقة، وهذا هو الأمر الطبيعي خاصة بعد رفض إيران بدخول وكالات التفتيش الدولية للكشف عن مدى تقدم أسلحتها النووية.

دراسة بعنوان:

عصام نابل المجالي، تأثير التسلح الإيراني علي الأمن الخليجي منذ الثورة الإسلامية 1979م ([6]): تتناول الدراسة اهتمام الحكومات الإيرانية بالبرنامج النووي الإيراني منذ نهاية الستينات من القرن الماضي في عهد الشاه “رضا بلهوي ” الذي يمثل اهتمامه بالطاقة النووية جزءاً من جهوده الرامية لتحويل إيران إلى قوة إقليمية عظمي، وتواصل هذا الاهتمام بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979م. فرغم الدمار الذي ألحقته الحرب العراقية الإيرانية بالمفاعلات النووية التي أنشأها الشاه في إيران، إلا أن حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية عاودت التفكير ببناء قوة نووية إيرانية في منتصف الثمانيات بعد أن جعلتها الحرب تدرك أهمية امتلاكها للقدرات النووية في ظل وجود قوي إقليمية على مستوي عال من القدرة العسكرية مثل العراق وتركيا وإسرائيل.

تميزت الدراسة بتوضيح أن امتلاك الدولة للقدرة النووية سوف يضمن أمنها واستقرارها في منطقتها وهذا ما قامت إيران بفعله عقب انتهاء الحرب العراقية الإيرانية بالإسراع لتطوير برنامجها النووي حتى تستطيع تحقيق مصالحها في منطقة الخليج العربي.

دراسة بعنوان:

هبة جمال الدين، إسرائيل والدور الإيراني بعد الاتفاق النووي ([7]): تتناول الدراسة رؤية مراكز الفكر ودوائر صنع القرار في إسرائيل للصفقة الإيرانية الدولية، وانعكاسات ذلك على دور طهران الإقليمي، وشكل التفاعلات بالإقليم خاصة العلاقات التركية-الإيرانية والتركية –الإسرائيلية. فالقوة النووية تعدها إيران أحد مقوماتها للزعامة الإقليمية بالمنطقة. وما يثير توقع إيران والمجموعة السداسية حول اتفاقيات العمل المشتركة، وما تقضيه من رفع العقوبات عن إيران ووضع قيود تراها إسرائيل غير كافية على البرنامج النووي الإيراني، ويتطابق هذا الوصف على كل من تركيا وإسرائيل.

تميزت الدراسة ببيان الرؤية الإسرائيلية للاتفاق الإيراني وانعكاساته على الدور الإقليمي لها، ورؤية صانعي القرار في إسرائيل من تملك إيران للسلاح النووي في المنطقة، وهذا ما يثير مخاوف إسرائيل من إيران بسبب محاولاتها الدائمة إلى تطوير برنامجها النووي

مجموعة الدراسات المعنية بالبرنامج النووي الإسرائيلي:

دراسة بعنوان:

وائل العبد درويش الهمس، البرنامج النووي الإسرائيلي وتأثيره على الأمن القومي العربي 1991-2000م ([8]): تناولت الدراسة نشأة دولة إسرائيل وسعيها إلى توفير المقومات التي تقوم عليها الصناعة النووية، والتي تشمل كل من العنصر العلمي والعنصر البشري، إضافة إلى العنصر المادي، واستطاعت في الفترة ما بين 1948م حتى 1954م أن تستكمل الحد المطلوب من تلك المقومات لبدء الاستعداد لإنشاء صناعة نووية موجهة لأغراض الحرب والسلم.  فقد اهتم الدكتور “حاييم يزمن” أول رئيس لدولة إسرائيل بالنشاط النووي فيها, حيث كان يؤمن بوجود علاقات كبيرة بين التقدم العلمي وتحقيق أهداف إسرائيل, ولذلك كان يسعي إلي الاتصال المستمر بالعلماء المتخصصين في مجال الذرة منذ الحرب العثمانية الثانية, وأرسل رئيس وزراء إسرائيل “بن غيريون”  والذي كان يشغل منصب وزير الدفاع الإسرائيلي الخبراء الجيولوجيين إلى صحراء النقب, للبحث عن أي وجود محتمل لليورانيوم وقامت الجامعات الإسرائيلية بتشجيع إرسال الطلاب المتميزين لديها إلى الولايات المتحدة ودول أوروبا للتخصص في ميدان الذرة.

تميزت الدراسة بتوضيح تتطور مواقف الزعامة الإسرائيلية إزاء المسالة النووية ومحاولتهم تطوير البرنامج منذ نشأة إسرائيل عام 1984م فهو يمثل من وجهة نظرهم ضمان لوجودهم في المنطقة ولبسط نفوذهم على الدول العربية.

دراسة بعنوان:

نازل عيسى جودة، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الإفريقي وأثرها على الأمن القومي العربي 1991-2011م ([9]): تتناول الدراسة ارتكاز الاستراتيجية الإسرائيلية على توفير المقومات الأساسية لبناء الدولة، تمثلت في بلورة وصياغة العقيدة السياسية لنظامها السياسي وقوتها العسكرية ومواردها الطبيعية وزيادة عدد سكانها ودرجة تقدمها العلمي. وأهم تلك المقومات لإسرائيل والتي حكمت الاستراتيجية هي موقع إسرائيل الجيوستراتيجى في قلب الوطن العربي الرافض لوجودها وما نتج عنه من صراع أدي إلي فرض حالة من العزلة التامة على إسرائيل.

تميزت الدراسة ببيان رؤية إسرائيل تجاه الدول العربية، فقد رأت أن حصر المعركة مع العرب في جبهة حدودية ضيقة لا يخدم مصالحها فكان لابد لها من توسيع تلك الجبهة، وفتح ساحات أخري لتتنافس مع العرب لتحقيق أهدافها.

دراسة بعنوان:

فلير كوهين، المسالة النووية في الشرق الأوسط: إسرائيل وابتكار التقسيم النووي ([10]): تتناول الدراسة حصول إسرائيل على قدرات نووية في أواخر الستينات لكنها فعلت ذلك بطريقة مختلفة تماماً عما افترضه “كنيت “وهو رئيس مكتب التقديرات. وقد افترض كنيت تفجير إسرائيل لجهاز نووي سواء بامتلاك أو عدم امتلاك أسلحة نووية، أو إعلان إسرائيل أنها تمتلك أسلحة نووية للأغراض السلمية، وعلى النقيض من الطريقة التي تصورها كنيت لظهور القنبلة الإسرائيلية طورت إسرائيل الأسلحة النووية لديها وحصلت عليها في نهاية المطاف من خلال نموذج مختلف تماماً، وهو نموذج التعتيم النووي.

تميزت الدراسة ببيان اختلاف الآراء حول حقيقة القدرة النووية لإسرائيل فالبعض يري أنه بمجرد امتلاك إسرائيل السلاح النووي سوف يتم الإعلان عنه، ولكن فشلت كل هذه الظنون حول برنامج التسليح النووي وذلك بسبب الغموض والتعتيم الذي تتبعه إسرائيل، إن لم يكن ناقص في الأساس.

دراسة بعنوان:

جياكومو لوشياني , المسالة النووية في الشرق الأوسط: دور الطاقة النووية في التقدم الاقتصادي لدول الخليج ([11]): تتناول الدراسة رؤية بعض دول مجلس التعاون الخليجي لاسيما الكويت والمملكة العربية السعودية في استخدام النفط والمنتجات البترولية في توليد الطاقة, قد يؤدي إلى تكلفة كبيرة في ظل عالم تتزايد فيه ندرة الإمدادات بالنفط, وهذه الممارسة ليست صحيحة علي الجانب الاقتصادي والبيئي لذا يجب التخلي عنها في أقرب وقت ممكن, وبالتالي فإن أفضل طريقة لتلبية احتياجات الحمل الأساسي تتمثل في الفحم أو الطاقة النووية, والفرق بينهما هو أن استخدام الفحم يولد كم كبير من انبعاث الغازات الدفيئة, في حين أن الطاقة النووية خالية من انبعاث الكربون.

تميزت الدراسة ببيان رؤية دول مجلس التعاون الخليجي في تفضيل استخدام الطاقة النووية عن النفط والفحم، وذلك للحد من الآثار البيئية لاستخدامها مع الاستمرار في التمتع بجودة لا مثيل لها من الكثافة والتنوع الكيميائي للطاقة في المنطقة العربية.

مجموعة الدراسات المعنية بصنع القرار في السياسة الخارجية للدولة:

دراسة بعنوان:

محمد السيد سليم, تحليل السياسة الخارجية([12]): تتناول الدراسة أهمية فهم كيفية صنع السياسة الخارجية وتحديد الهيكل الذي تصنع منه السياسة في إطاره والعمليات التي تصنع من خلالها السياسة الخارجية, ويقصد بهيكل صنع السياسة الخارجية نمط ترتيب العلاقات بين الأجهزة والمؤسسات في صياغة السياسة الخارجية أما عملية صنع السياسة الخارجية فأنها تشمل نمط التفاعلات بين الأجهزة والمؤسسات العاملة في ميدان السياسة الخارجية في إطار عملية تحديد الأهداف الرئيسية المبتغاة في المجال الخارجي وأدوات تحقيق تلك الأهداف, لعل كون السياسة الخارجية محصلة تفاعل القوي السياسية والمؤسسات البيروقراطية الحكومية يفسر لنا إلى حد ما ظاهرة التدريج في السياسة الخارجية, فنادراً ما تشهد السياسة الخارجية تغيراً كبيراً في مسارها الرئيسي ولكنها تتكون أساساً من إجراءات روتينية هدفها إرساء النمط الراهن للعلاقات الخارجية.

تميزت الدراسة ببيان أهمية السياسة الخارجية في العلاقات الدولية بين الدول، فبعد أن كانت ظاهرة تتعلق بقضية الأمن العسكري، أصبحت ظاهرة متعددة الأبعاد ترتبط بشتى الوظائف للمجتمعات ولذلك ظهرت محاولات لتقديم اطر علمية لتفسير ظاهرة السياسة الخارجية، تأخذ في اعتبارها هذا التطور.

دراسة بعنوان:

محمود شيت خطاب, العسكرية الإسرائيلية([13]): تتناول الدراسة محاولة إسرائيل رفع معنويات قواتها المسلحة خاصة وشعبها عامة, وتحطيم معنويات القوات العربية المسلحة خاصة والشعب العربي عامة, والمعنويات المالية عنصر ضروري للجيوش والشعوب وهي عامل حاسم من عوامل الانتصار في الحروب لا تقل شأناً عن التدريب الجيد والتسلح المتميز والتنظيم الدقيق والتجهيز المتكامل والقيادة الرفيعة, والجيش الذي يتفوق بمعنوياته علي عدوه لابد أن ينتصر عليه فإن تقوية جيش إسرائيل عامل مهم من عوامل انتصارها في الحرب علي الدول العربية, خاصة بعد أن عانت أنواع من الذل والهوان لفترة طويلة.

تميزت الدراسة ببيان محاولات إسرائيل الدائمة في تحطيم معنويات الدول العربية عن طريق امتلاك أفضل التكنولوجيا في الأسلحة وكذلك قدرتها في امتلاك السلاح النووي حتى تستطيع أن تفرض سيطرتها على المنطقة.

دراسة بعنوان:

سعاد حرب قاسم, أثر الذكاء الاستراتيجي على عملية اتخاذ القرارات([14]): تتناول الدراسة مفهوم الذكاء وهو مجموع القدرات العقلية التي يستخدمها الفرد لمواجهة المواقف الجديدة أو القدرة على فهم وإدراك الحقيقة, ويعبر عنه أيضاً علي أنه السلوك الذي ينتج عنه حل المشكلات والتكيف مع البيئة وتكوين المفاهيم العقلية والتعلم  وبدأ الباحثون والأكاديميون يدركون أهمية الذكاء الاستراتيجي فقد تعددت التعريفات التي قدمها الكتاب المهتمين بهذا النمط من الذكاء, وتباينت وجهات النظر حول مفهوم الذكاء الاستراتيجي ويرجع هذا التباين إلي الحداثة النسبية في دراسة أبعاده .

تميزت الدراسة ببيان مفهوم الذكاء الاستراتيجي في عملية صنع القرار السياسي للدولة، وأن عملية اتخاذه لابد أن يقدمها الخبراء المتخصصين في فهم هذه الدراسة التي تقوم عليها قرارات الدولة.

دراسة بعنوان:

حمدي درويش, تأثير السياسة الخارجية على عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي بعد أحداث 11سبتمبر([15]): تتناول الدراسة تعريف السياسة الخارجية كحقل معرفي, هو الذي يعني واقع السلوكيات من أجل التفسير والتنبؤ وبالتالي فإن السياسة الخارجية لا يمكن فصلها عن ما نسميه بنظرية العلاقات الدولية لأنه توجد صلة وثيقة بين السياسات الخارجية والعلاقات الدولية, كون أن العلاقات الدولية هي تلك العملية التي تتفاعل فيها مجموعة السياسات الخارجية للوحدات الدولية وإذا كان هذا يعني هناك اختلافاً بين المفهومين, فانه لا ينفي وجود ترابط بين الظاهرتين لأن العلاقات الدولية هي نتيجة للسياسات الخارجية.

تميزت الدراسة بتوضيح أن السياسة الخارجية هي نتيجة لسياسات تشكلها وحدة دولية أو فواعل دولية اتجاه وحدات وفواعل دولية أخري في فترة زمنية معينة لاتخاذ القرار السياسي للدولة.

الفصل الأول

مفاهيم وإشكاليات مرتبطة بالانتشار النووي

أصبح السلاح النووي منذ ظهوره عاملاً رئيسياً في رسم معالم النظام الدولي وكان أهم مقياس في تحديد قوة الدولة وسرعان ما تحول إلى أداة سياسية في منظومة العلاقات الدولية، وأصبحت كل دولة تسعى إلى اكتسابه من أجل فرض حضورها على الساحة الدولية.

لذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سعت كلاً من الكتلتين الشرقية والغربية إلى حيازة السلاح النووي وذلك لأن وسائل الردع التقليدي لم تعد كافية لضمان عنصر القوة والأمن والاستقرار سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي.

سوف نتناول في هذا الفصل أهم التعريفات المرتبطة بالدراسة من خلال ثلاث مباحث، كل مبحث يفسر عدة نقاط كما يلي:

المبحث الأول: القدرة النووية بين المفهوم والأبعاد.

المبحث الثاني: دوافع امتلاك الدول لبرنامج النووي.

المبحث الثالث: مخاطر امتلاك الدول للسلاح النووي.

سوف نستعرض ذلك بالتفصيل

المبحث الأول :القدرة النووية بين المفهوم والأبعاد

هناك تعريفات عديدة يجب دراستها ومعرفتها لأنها مرتبطة ومتعلقة بالدراسة وتشكل أهمية كبيرة، سوف يتناول هذا المبحث عدة نقاط وعناصر وعدة مصطلحات؛ والتي تشكل جوهر الدراسة، ألا وهي:

أولاً: الانتشار النووي.

ثانيًا: الردع النووي.

ثالثاً: البرنامج النووي.

رابعاً: السياسة النووية.

خامساً: مبدأ الغموض النووي.

سادساً: العلاقات الدولية.

سابعاً: صنع القرار.

ثامناً: السياسة الخارجية.

تاسعاً: ازدواجية المعايير.

سوف نستعرض ذلك بالتفصيل كالآتي: –

أولاً: الانتشار النووي: –

ميز صانعو السياسة بين مفهومين رئيسين للانتشار النووي هما:

1 – المفهوم الأفقي.

2 – المفهوم الرأسي.

1 –المفهوم الأفقي: ” يقصد به انتشار الأسلحة النووية لدى دول أخرى غير القوى النووية الخمس المعترف بهم في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وهي (الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد السوفيتي السابق ” روسيا الاتحادية حالياً “، بريطانيا، الصين، فرنسا) “.

2 -المفهوم الرأسي: ” يقصد به زيادة وتطوير حجم ونوعية الأسلحة النووية لدى الدول التي تمتلك الأسلحة النووية بالفعل “.

ولكن نجد أن المفهوم الذي تتعامل معه أغلب الدراسات هو المفهوم الأفقي للانتشار النووي دون المفهوم الرأسي للانتشار النووي على الرغم من أهميته أيضاً، ذلك لأن كلا المفهومين يكمل بعضهما الآخر ([16]).

 ثانيًا: الردع النووي: –

” الردع النووي عرف الردع النووي بأنه إستراتجية تنتهجها الدول بامتلاكها أسلحة نووية ضمن ترسانتها العسكرية أو ترسانة نووية كاملة من أجل التأثير على سلوك دول أخرى وعدم تشجيع العدو على اتخاذ عمل عسكري وقد وسع هذا المفهوم في المجال السياسي ليعني عدم تشجيع طرف ثان على أن يفعل شيئاً ما بالتهديد الضمني أو المكشوف باستخدام عقوبة ما إذا أنجز العمل الممنوع ” ([17]).

وهناك عاملين لنجاح الردع:

1 -مدى قدرة الرادع على إيصال الرسالة وتأكده من استيعاب الطرف الثاني لها.

2 -التماثل بين النتائج المحتملة لقيام المردوع بالفعل وبين محتوى وحجم التهديد الموجه ضده ([18]).

ثالثاً: البرنامج النووي: –

” البرنامج النووي يعني خطة الدولة من الطاقة النووية واستخداماتها بشكل عام، ويتضمن ذلك تحديد الأهداف والأولويات في شكل مشاريع وبرامج عمل يتم تنفيذها في إطار جدول زمني محدد ” ([19]).

رابعاً: السياسة النووية: –

” السياسة النووية تعني تلك التوجهات السياسية التي ترتبط بامتلاك أو محاولة امتلاك قوة أو قدرة تكنولوجية نووية عسكرية أو سلمية، بالإضافة إلى سياسات تشكيل وإعداد البيئة الدولية والإقليمية والمحلية الملائمة لتحقيق تلك التوجهات “.

قد تعبر السياسة النووية عن توافر الأساس السياسي لامتلاك القدرات والتكنولوجيات النووية السلمية أو العسكرية ” ([20]).

خامساً: مبدأ الغموض النووي: –

” مبدأ الغموض النووي يعني سياسة تقوم على عدم تأكيد أو نفي امتلاك السلاح النووي، وتبرز ملامحها من خلال عدم السماح لأي دولة أو منظمة أو هيئة رسمية أجنبية من الاطلاع على حقيقتها النووية “.

تنحصر معرفة الرأي العام الدولي حول الموضوع على ما تريد إسرائيل أن تمرره من خلال التصريحات المبهمة والغامضة التي تتضمن عدة أبعاد ومعاني، لعل أشهر مثال على ذلك العبارة الشهيرة التي رددها العديد من المسئولين الإسرائيليين أمثال: (ليفي أشكول) و (شيمون بيريز) و (موشي دايان) بأن: ” إسرائيل ليست قوة نووية، ولن تكون الدولة الأولى التي ستدخل السلاح النووي إلى منطقة الشرق الأوسط، لكنها لن تكون الدولة الثانية التي تفعل ذلك “ ([21]).

سادساً: العلاقات الدولية: –

تعددت تعريفات العلاقات الدولية؛ أهمها:

” العلاقات الدولية تعني كل علاقة ذات طبيعة سياسية أو من شأنها إحداث انعكاسات وآثار سياسية تمتد إلى ما وراء الحدود الإقليمية لدولة واحدة “.

سعت الدراسات إلى معرفة طبيعة العلاقات الدولية؛ توصلت الدراسات وأشارت إلى أن دراسة العلاقات الدولية تمتد من العلوم الطبيعية متجهة إلى الفلسفة الأخلاقية ([22]).

سابعاً: صنع القرار: –

تعددت تعريفات صنع القرار؛ أهمها:

” صنع القرار يعني سلسلة الاستجابات الفردية أو الجماعية التي تنتهي باختيار البديل الأنسب في مواجهة موقف معين؛ فهو الاختيار الواعي بين البدائل المتاحة في موقف معين “([23]).

ثامناً: السياسة الخارجية: –

” السياسة الخارجية تعني برنامج العمل العلني الذي يختاره الممثلون الرسميون للوحدة الدولية من بين مجموعة من البدائل من أجل تحقيق أهداف محددة “.

من ذلك التعريف تنصرف السياسة الخارجية إلى 7 أبعاد؛ ألا وهي:

(الواحدية، الرسمية، العلنية، الاختيارية، الهدفية، الخارجية، البرامجية) ([24]).

تاسعاً: ازدواجية المعايير: –

إن ازدواجية المعايير تعني إصدار حكميين مختلفين في قضية واحدة على طرفين مختلفين، وإحكام المبادئ على الآخر والتملص منها من الطرف الأخر، كما أنها تعني سياسياً الكيل بمكيالين حيال حالة سياسية او ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية، ينظر إليها بوصفها مقبولة إن جاءت من فريق ما، ومرفوضة إذا لجأ إليها الفريق الأخر ([25]).

المبحث الثاني : دوافع امتلاك الدول للبرنامج النووي

نجد أن الأسلحة النووية أصبحت على قمة جدول الأعمال المرتبط بقضايا التسليح على المستوى الدولي خلال النصف الثاني من القرن العشرين، نتيجة المخاطر الهائلة المرتبطة بامتلاك تلك الأسلحة واحتمالية نشوب حرب نووية جديدة، على الرغم أنها لم تستخدم سوى مرة واحدة ضد اليابان عام 1945م، إلا أن الدول عادة ما يكون لديها تخوف كبير تجاه الدول التي تمتلك أسلحة نووية خوفاً من استخدامها بشكل مدمر دون الاستخدام السلمي لها.

سوف يتناول هذا المبحث العديد من العناصر، ألا وهي:

أولاً: تاريخ الأسلحة النووية.

ثانياً: دوافع امتلاك الدول للبرنامج النووي.

ثالثًا: الآليات الإقليمية والدولية لمواجهة المشكلة النووية.

أولاً: تاريخ الأسلحة النووية: –

نجد أن اهتمام الدول بالأسلحة النووية كان قرب بداية الحرب العالمية الثانية , عام 1939م حيث أن ألمانيا كانت عاكفةٌ على عمل برامج تسليح نووي , من ضمنها قسم يعنى بدراسة الطاقة النووية ، وكانت فرنسا أكثر تقدماً في بحوثها بشأن الذرة والانشطار النووي ؛ في تلك الأثناء وجهت مجموعة من العلماء الألمان منهم ( ألبرت آينشتاين ) رسالة إلى الرئيس الأميركي ( فرانكلين روزفلت ) حذروا فيها من خطر امتلاك ألمانيا قنبلة نووية , حفزت الرسالة الرئيس الأميركي على إطلاق مشروع قومي للبحث في المجال النووي ومنافسة ألمانيا, أطلق على المشروع اسم ” مانهاتن “ وتولته نخبة من علماء الفيزياء الأميركيين يتقدمهم ( روبرت أوبنهايمر ) بوصفه المدير العلمي للبرنامج , بحلول ربيع عام 1945م كان البرنامج قد أنتج ثلاث قنابل جُربت أولاها في صحراء نيومكسيكو، وألقيت الثانية والثالثة على هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين في 6 و9 أغسطس من العام نفسه مما أسهم في وضع حد للحرب العالمية الثانية ([26]).

  • تقنية الأسلحة النووية: –

الطاقة الذرية هي مصدر الطاقة لكل من المفاعلات النووية والأسلحة النووية، هذه الطاقة تنشأ عن انقسام ذرات (الانشطار الذري) أو اتحادها (الاندماج النووي)؛ حيث تقوم تقنية القنبلة النووية على تقنية الانشطار الذري، حيث أن الذرة هي أصغر جزء من العنصر يحمل الخصائص المميزة لهذا العنصر؛ من الخصائص الأساسية للذرة عددها الذري، وهو يتحدد وفق ما تحويه الذرة من بروتونات وتتحدد الخصائص الكيميائية للذرة بواسطة عددها الذري ([27]).

كما أنه يوجد ثلاث نظائر للهيدروجين : اثنان منها مستقران (غير مشعين ) ،  لكن النظري الثالث (التريتيوم الذي يتألف من بروتون واحد واثنين من النيوترونات) غير مستقر ونواة عنصر اليورانيوم ٢٣٥ تتألف من ٩٢ بروتونًا و١٤٣ نيوترون , ومن هنا جاءت تسمية اليورانيوم 235, عام ١٩٠٥م طور ( أينشتاين ) نظرية النسبية الخاصة ، وكانت إحدى تبعاتها أنه بالإمكان تحويل المادة إلى طاقة والعكس بالعكس , تنص هذه المعادلة على أنه بالإمكان تحويل الكتلة إلى مقدار هائل من الطاقة ، وذلك بعد ضربها في مربع سرعة الضوء كما أن معادلة أينشتاين هي مفتاح قوة الأسلحة النووية والمفاعلات النووية , كما أستخدم تفاعل الانشطار النووي في أول قنبلة ذرية ولا يزال يُستخدم في المفاعلات النووية , أما تفاعل الاندماج النووي فقد صار يلعب دوراً مهما في الأسلحة النووية الحرارية وفي تطوير المفاعلات النووية ([28]).  

وفي عام 1954م فجر الاتحاد السوفيتي قنبلة نووية بلغت شدتها 50 ميجا طن وحملت اسم “القيصر” واعتبرت أشد قنبلة تدميراً في تاريخ البشرية، شكل اكتشافُ القنبلة النووية تحولاً تاريخياً في المجال العسكري والاستراتيجي، فقد أصبحت سلاح الردع الأول والضامن للتوازن الاستراتيجي، بل إنه خلال الحرب الباردة شكلت الترسانة النووية للولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وما أحدثته من رعب متبادل عامل توازن ضمن عدم انزلاق العالم إلى حرب عالمية جديدة. ويرجع باحثون كثر في العلاقات الدولية والعلوم السياسية الفضل في السلام الذي عاشه العالم خلال حقبة الحرب الباردة، إلى الردع النووي، في سياق ما بعد الحرب الباردة، تراجع هاجس التهديد وتوارى مصطلح الردع النووي، غير أن هناك تحديات أخرى ظهرت بشأن هذا السلاح المخيف، فمع تعاظم انتشار التنظيمات المتشددة أصبح الخوف مستحكماً من تمكنها من الحصول على أسلحة نووية وتنفيذ هجمات بواسطتها. كما أن انتشار السلاح النووي وتوفرِ بعض دول العالم الثالث عليه أدى إلى وجود مخاوف من وقوع حوادث نووية ، فالولايات المتحدة عبرت في مرحلة معينة عن مخاوف مما سمته حصول حركة طالبان على مواد نووية من الترسانة الباكستانية , كما أن الدول العربية طالما نددت بامتلاك إسرائيل لسلاح نووي بفضل دعم الدول الغربية لها وطالبت بتفتيش الترسانة العسكرية الإسرائيلية حفاظاً على أمن المنطقة واستقرارها , وقد شمل هذا القلق أيضا الملف النووي الإيراني حتى وقعت طهران على الاتفاق النووي مع القوى الكبرى الذي يقضي بوقف برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات وتطبيع العلاقات ([29]).

ثانياً: دوافع امتلاك الدول لبرنامج النووي: –

هناك عدة دوافع؛ منها:

1 – الدوافع العامة.

2 – دوافع كلا من إسرائيل وإيران.

1 – الدوافع العامة: –

يوجد الكثير من الدوافع:

أ –الردع النووي:

تسعى الدول لامتلاك السلاح النووي عندما تواجه تهديداً عسكرياً لأمنها القومي لا تستطيع مواجهته بالبدائل التقليدية، إذ تواجه الدولة عندئذ خيارين؛ أولاً: إذا كانت الدولة قوية، فمن الممكن أن تقوم بنفسها بإنتاج أسلحتها النووية وتطويرها. وثانياً: إذا كانت الدولة ضعيفة فإنها في هذه الحالة ستلجأ إلى عقد تحالف مع دولة نووية تكفل لها ردع أي عدوان خارجي وقمعه ([30]).

ب – أزمة الطاقة:

حيث أن أحد الأهداف الرئيسية من امتلاك القدرات النووية حالياً هي تغطية احتياجات الطاقة الكهربائية المتزايدة فنضوب المصادر التقليدية للطاقة يمثل معضلة معقدة بحكم استنفاذ الموارد عاجلاً أم آجلاً؛ ووفقاً لذلك تشير الإحصاءات العالمية والدراسات الدولية إلى أن الطاقة النووية تزود العالم حالياً بنحو 16% من احتياجاته إلى الطاقة المحركة، بينما يحصل هذا العالم على 47% من طاقته من البترول و17% من الغاز الطبيعي والباقي من الفحم ومصادر الطاقة النظيفة والمتجددة مثل الشمس والرياح ([31]).

ج – تطلعات الفاعلين الوطنيين:

هناك بعض الفاعلين الوطنيين الذين يقومون بدفع الحكومة لاتخاذ قرار تطوير برامج التسليح النووي من شأنها خدمة مصالحهم سواء البيروقراطية أو السياسية، حيث أن هناك بعض الأحزاب السياسية وكبار قادة القوات المسلحة الذين يضخمون التهديدات الخارجية ويضغطون على القيادة السياسية من أجل زيادة نفقات الدفاع والشروع في تملك ترسانة نووية رادعة لتلك التهديدات؛ مثال: السياسة الهندية متمثلة في (أنديرا غاندي) رئيسة الوزراء سابقاً التي خضعت لضغوط الفاعلين المحليين من أجل أن تصبح الهند دولة نووية ([32]).

2 – الدوافع الخاصة لكل من إسرائيل وإيران: –

أ – دوافع إسرائيل: –

لطالما سعت إسرائيل لامتلاك قدرة نووية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، بحيث تكون هي الدولة الوحيدة المحتكرة، وكذلك الحـرص على حرمان أي دولة في المنطقة من امتلاك القدرات النووية وهو هدف تمكنت من تحقيقه.

* الدوافــع الأمنيــة : أن مفهـوم الأمن الإسرائيلي مقـرون بشـكل أسـاسي بالاستراتيجية العسـكرية التـي تعتمـد على القـوة فـي تثبيـت كيانهـا الاسـتيطاني ؛ وهـذا يعنـي أن اسـتخدام القـوة واللجـوء إليهـا فـي حالــة تهديــد أمـن وسـلامة إسـرائيل ، فقـد وضعت القدرات النووية في حالة تأهب أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق فـي ٩ نيســان عــام 2003م للرد على أي هجـوم صـاروخي عراقــي محتمــل , كمـا يجـب أن لا ننسـى التهديـد الإسـرائيلي لمصـر بتـدمير السـد العالي مـن خـلال القصـف النـووي له نتيجة تهديد مصر بقصف مفاعل ( ديمونا) الإسرائيلي ([33]).

كما إنه عندما تحتكر إسرائيل السلاح النووي وتستعمله كأداة للردع فإن هذا الوضع كفيل بأن يضغط على الدول العربية إلى الحد الذي يجعلها تتنازل كلياً عن خططها في المواجهة العسكرية، ويرغمها على الدخول في اتفاقيات سلام معها، ويحقق لإسرائيل مكاسب سياسية كبيرة من خلال قدرتها على التحكم في عملية السلام داخلياً وخارجياً ([34]).

* الدوافــــع العســــكرية: حـركت هـذه الـدوافع الرغبـة فـي التفـوق والحمايـة المطلقـة أمام محدوديـة المعطيـات الديموغرافية والجغرافيـة وهـو مـا دفـع إسـرائيل لتمسـكها بـامتلاك الأسـلحة النوويـة كعنصـر للـردع فـي ظـل الطبيعــة المتغيـرة لحـروب المسـتقبل وتـداعياتها الخطيـرة لاسـيما وأن هنالـك محـاولات لدول في منطقة الشرق الأوسط بامتلاك صواريخ بالستية قادرة على حمل رؤوس غير تقليدية ([35]).

كما أنه عندما تملك هذا السلاح قد يؤدي ذلك إلى سباق تسلح نووي محتمل في الشرق الأوسط، وحتى لو تمكنت إحدى الدول العربية بامتلاكه فإن ذلك سيخلق نوع من توازن الرعب النووي، وهذا ما سيبعد احتمال نشوب حرب تقليدية بدافعي الخوف من تطورها إلى حرب نووية ([36]).

* الدوافـع الاستراتيجية : حيـث يعـد غيـاب العمـق الاستراتيجي لدولـة إسـرائيل مـن التحـديات الرئيسـية للنظريــة الأمنيــة الإسرائيلية إذ لــم يعــد العمــق الاستراتيجي الــذي حققتــه إســرائيل باحتلال أراض عربيـة محاولـة كافيــة لمنـع وصـول التهديـدات إلى مواقعهـا الحيويــة بعـد وصـول الصـواريخ العراقيــة إلى قلـب إسرائيل، وكـذلك صـواريخ حـزب الله التـي طالـت مـدن ومنشـآت إسرائيلية ، إضافة إلى تمسك القيادة الإسرائيلية بضرورة المحافظة على الأراضي التي حصلت عليها بعد حرب 1967م وأهميتها الاستراتيجية والحاجة إلى تأمينها ضد أي هجوم عربي مفاجئ، كل هذه الظروف مجتمعة خلقت دافعا قوياً وسبباً مقنعاً لصناع القرار الإسرائيليين بضرورة امتلاك القدرة النووية ([37]).

ب – دوافع إيران: –

* الدوافع العسكرية: هناك شبه إجماع على أن هناك دوافع عسكرية وراء البرنامج الإيراني، استناداً إلى أن الفكر الاستراتيجي الإيراني ركز بشدة على الدروس المستفادة من الحرب العراقية الإيرانية والتهديدات الأمريكية الإسرائيلية لإيران، وأبرزها أن إيران تستعد لأية احتمالات في المستقبل. كما أن إيران استنتجت أنها لا يجب أن تعتمد كثيراً على القيود الذاتية التي قد يفرضها الخصوم على أنفسهم أو على تمسكهم بالالتزامات الدولية ([38]).

* الدوافع الاستراتيجية: تندرج عملية تطوير القدرات النووية الإيرانية في إطار تصور متكامل للسياسة الخارجية الإيرانية على الأصعدة الإقليمية والدولية، كما تندرج ضمن برنامج متكامل لإعادة بناء القوات المسلحة الإيرانية. وترتكز السياسة الخارجية الإيرانية على الاستحواذ على مكانة متميزة على الساحة الإقليمية, وتذهب بعض التقديرات إلى أن القيادة الإيرانية تعمل في إطار هذا التصور على القيام بأدوار متعددة تبدأ بالمشاركة في ترتيبات أمن الخليج, وتحقيق الاستقرار في منطقة شمال غرب آسيا, وتصل الرؤى الرسمية الإيرانية إلى تصور إمكانية الإفادة من التحولات الهيكلية الجارية في المنظومة الدولية في وضع استراتيجية استقطابية هدفها الأول مليء الفراغ الأيديولوجي في العالم الثالث عقب انهيار الاتحاد السوفييتي, والثاني استمرار المواجهة مع الولايات المتحدة على أساس نظام قيمي مستمد من الإسلام, ويستوعب الطاقات والخبرات والتجارب التي أفرزتها حقبة الثمانينات والتسعينات, ولذلك فإن السلاح النووي يمكن أن يقدم لإيران أداة بالغة الأهمية لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية([39]) .

* الدوافع الأمنية: استمرار الضغط الأمريكي والغربي منذ الثورة الإسلامية، والأزمات المتتالية بين إيران والولايات المتحدة، وسعي هذه الأخيرة إلى تطبيق مذهب الاحتواء المزدوج مع مضاعفة عدد القواعد العسكرية في المنطقة، وغزو العراق، وتصنيف إيران ضمن دول محور الشر، وقيادة المجتمع الدولي إلى مؤامرات تهدف إلى عزل إيران خارجياً؛ كل هذا أقنع الإيرانيين بأن التهديد العسكري الأمريكي لبلادهم غير بعيد، ولابد من الاستعداد لذلك([40])، وتواجد إيران في محيط نووي، إذ أنها محاطة بقوى نووية من ثلاث جهات: ” روسيا وأوكرانيا وكازاخستان وروسيا البيضاء من الشمال، الهند وباكستان من الشرق، إسرائيل من الغرب ” ([41]).

 

 

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button