دراسات قانونية

القروض الدولية وأحكام القانون الدولي العام

الأمر الذي لا يحتاج إلى بسط هو أن الرابطة القانونية بين البنك والصندوق الدوليين وبين البلدان المتخلفة تكييفها القانوني أنها عقد قرض، تلتزم البلدان المتخلفة بموجبه ليس فقط برد أصل الدين محملاً بفائدة مركبة غير معقولة عملاً، إنما كذلك يتعدى الأمر قيام تلك البلدان بإدخال تعديلات جوهرية على سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية… إلخ، بيد أن إرادة الدول المتخلفة لم تكن أبداً منزهة عن ما يعيبها؛ فلقد رضخت البلدان المتخلفة للشروط التي فرضتها المؤسستين أثر ما تمر به من أوضاع اقتصادية حرجة، ولولا هذه الأوضاع ما كانت هذه البلدان لتقدم على الانصياع لتلك الشروط.

ولئن كان التدخل المقترن بمساعدات البنك والصندوق سائغاً من زاوية ظاهر النص القانوني المجرد لابتناءه على الرضاء المتبادل، فهو غير سائغ من وجهة نظر روح القانون، لأن الإرادة جاءت على نحو معيب، وهو، من جهة أخرى محرم وفقاً لروح القانون الدولي للتنمية، الذي يأخذ على عاتقه، كما يدعي، تغيير وجه العالم المتخلف، وحث الدول الرأسمالية المتقدمة على تحمل مسئوليتها التاريخية كاملة قبل الدول المتخلفة، في إطار من التعاون والمساواة من أجل غد أفضل! فلا تكون القروض التي تقدمها الدول المتقدمة، أو البنك والصندوق الدوليين، ذريعة للتدخل في شئون الدول، بل على الدول المتقدمة، والمؤسستين اللتين تأتمرا بأمرهم، أن يحترموا الخصوصية السياسية والاجتماعية والثقافية للبلدان المتخلفة، فلا تأتي القروض والمساعدات من خلال انتهازية تتناقض مع المباديء النبيلة والغايات السامية التي ينشد إياها القانون الدولي للتنمية الذي تبلور على أرض الواقع نتاج جهود مستمرة، ونضالات متصلة من الدول المتخلفة.

تحميل الملف

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى