دراسات سياسية

الموقف العربي في مواجهات غزة

وليد عبد الحي _
يمكن تحديد المواقف العربية من العدوان الحالي على غزة في المحاور التالية:
1- محور الادانة: وتندرج هذه الادانات العربية في اتجاهين :الادانة الرسمية الحكومية والإدانات الشعبية ، ويمكن وصف الادانات الرسمية للعدوان –وبدون اي نزق- بأن أغلبها ادانات “كاذبة” ، لان سياسات هذه الدول لا تتناغم مع المواقف الميدانية، فالذين أدانوا يتزايد حجم تبادلهم التجاري مع اسرائيل،كما ان تقارير التعاون الامني والسياسي السري –طبقا لما يتواتر في وسائل الاعلام المهمة – في تزايد واضح ،
من جانب آخر ، فان القيمة الميدانية لهذه الادانات معدومة تماما، وان سجل الادانات السابقة من هذه الدول العربية لا يكاد يحصى، بل ازعم ان بعض الادانات هي لاغراض ذاتية بحتة لا علاقة لها بموضوع الادانة.
2- محور الوسطاء العرب ، من الملاحظ ان مصر وقطر يتصدران هذا المشهد، ومعلوم ان الوسيط يجب ان يتوفر على بعض شروط الوساطة، وأولها القدرة على التأثير المادي والمعنوي على اطراف الخلاف لدفعهم نحو نقطة وسطى ، وهنا تبرز المشكلة، فمصر بحكم جوارها الجغرافي وهيمنتها الجيوسياسية والجيواستراتيجية على قطاع غزة، تمتلك قدرة كبيرة للغاية للضغط على غزة سواء لحركة المواطن الغزي او المسؤول الفلسطيني او عبور المواد المختلفة للتجارة استيرادا وتصديرا…اما قطر ، فاذا كان لمصر سيف المعز..فلقطر ذهبه، فهي داعم رئيسي لغزة ماليا ،لأن من يريد القيام بدور ” دبلوماسية الإنابة( Proxy Diplomacy ) لا بد له من التزود بمتطلباتها..وغزة في امس الحاجة لمصر وقطر.
لكن إذا انتقلنا للجانب الآخر، اي الطرف الاسرائيلي، فما هو تأثير مصر وقطر على الجانب الاسرائيلي ؟ ، ازعم ان التأثير هو “صفر وإن كان صفرا كبيرا”، فهم يوحون بان لهم تأثير على الاطراف، لكن الميدان يشير الى انهم لا يؤثرون عليه نهائيا ،وهم ينتهجون سياسة الاسترضاء(Appeasement) التي انتهجها الحلفاء مع هتلر.
في ظل المعادلة السابقة، فان الوسطاء العرب لا يملكون سوى القدرة في التأثير على الطرف الغزي،بل انهم يتحينون الفرصة لذلك لان الطرف المستهدف هو حركة الجهاد الاسلامي ، وهو ما يعني ان دور قطر ومصر هو الضغط تحت ستار الوساطة على الجهاد الاسلامي للقبول بشروط اسرائيلية ستظهر تباعا، وإلا فعلى الحركة ان تدفع الثمن لما سيوصف لاحقا ” بتعنتها”.
ويرتبط بهذه المسالة فرع آخر: هل تواري حماس عن المشهد العسكري هو جزء من الضغط على الجهاد استرضاء لمصر وقطر؟ ام انه تهرب من حماس من الالتزام بما ستقود له المفاوضات التي من المؤكد انها لصالح اسرائيل مباشرة ولصالح سلطة التنسيق الامني بشكل غير مباشر، ام هو ادراك من حماس ان الوضع في غزة(سياسيا وعسكريا واقتصادية) لا يحتمل المواجهة الحالية ، وهو شق في جدار “الغرفة المشتركة” قد يقود الى ما لا تحمد عواقبه ايا كانت فرصة هذا الاحتمال.
3- موقف الجامعة العربية: لا تحتاج هذه المؤسسة لاي تعليق فهي عاجزة عن حل المشكلات بين اعضائها، فكيف لها ان تحل مشاكل احد اطرافها “شايلوك”.
4- إذا كانت حماس حتى الان لم تشارك بالقدر المؤثر في المواجهة، فمن غير المعقول الطلب من غيرها او حتى التلميح لغيرها بذلك.
5- فإذا اضفنا لكل ذلك الفارق في موازين القوى (سياسيا وعسكريا واقتصاديا) بين الجهاد الاسلامي “ومن معها” وبين اسرائيل ، فان الصورة قاتمة للغاية ، واخشى ان يتم فرض وقف اطلاق نار طويل المدى وبشروط قاسية عليها يكون من بينها اشراك سلطة التنسيق الامني في إدارة الجوانب الامنية في القطاع وتحت ستار من تعهدات دولية وعربية ، وقد تتعاضد كل هذه العوامل: سيف مصر وذهب قطر والمدفع الاسرائيلي والمساعدات الاوروبية الامريكية للمواطن الفلسطيني لتكون روافع الضغط على غزة للقبول بالمخطط الذي سبق ونبهت له منذ خمسة شهور
اخيرا….املي ان يكون رأيي خطأ وأنني في ضلال مبين، وان يتضح ان النظرية العبقرية بان التطبيع لصالح السلام التي تتبناها دولة الامارات المتحدة هي اكتشاف علمي لا نظير له.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى