مقدمة
النظام البرلماني البريطاني نموذجا..
ينظر العالم كله الراغب في اي تحول ديموقراطي الي النظام الحاكم في بريطانيا(المملكة المتحدة) علي انه اعتي النظم الديموقراطية الغربية لكونه نظام برلماني حاكم يملك كل السلطة الفعلية سياسيا مع الاحتفاظ بحق الملكة بالموافقة علي تشكيل الحكومة تحت شعار فليحفظ الله الملكة..
ربما تكون هناك بعض المعضلات السياسية في بعض الاحوال ولكن للتقاليد الملكية ونظام الحكم في بريطانيا اصول راسخة في عمق الفكر السياسي للشعب البريطاني ،برغم ان النظام الملكي يملك ولا يحكم ولكن التشعب السياسي للنظام البريطاني من خلال التاج البريطاني في دول الكومنولث له ابعاد سياسية مؤثرة فعليا في التكتلات الدولية ومسار السياسة الدولية.
النظام السياسي البريطاني الفريد من نوعه:
تعد بريطانيا مهد النظام البرلماني وهو حكم الشعب للشعب تحت مظلة التاج الملكي، ولا زالت تحاول بعض الدول لأن تأخذ به من اجل انشاء نظام سياسي مؤسسي يحدد ملامح السياسة العامة للدولة، وبذلك تظل بريطانيا دولة مؤسسات داخل نظام ملكي يحفظ كل الحقوق والواجبات للشعب، بل ان النظام السياسي يحظى برضا شعبي عن اداء الاحزاب والمؤسسات بريطانيا لم تتأثر سياسيا بنظرية معينة سوي التزامها بمعاهدة ويستفاليا والفصل التام بين المؤسسة الدينية ودوائر الحكم بما فيها القصر وتأثيره علي الرأي العام،وبقدر ما كان للظروف وحتى الصدف في إقامة نظام التوازن والمراقبة والتعاون بين السلطات هو المؤسس الحاكم للملكة المتحدة،كما تأثر مونتسكيو بالنظام البريطاني الذي اعتبره أفضل الأنظمة، ولا يكفي للتعرف على النظام البريطاني الوقوف على دستورها فقط.. ويقول “دي توكفيل” انه لا وجود لدستور بريطاني، وحسب بعض المفكرين اللذين يرون أنه لمعرفة الدستور البريطاني يقتضي الامر الوقوف على مضامينه التي توجد في عدة وثائق قديمة وفي ضمير الشعب البريطاني، واهم هذه الوثائق نجد “الميثاق الاعظم “لعام 1315 بين الملك “جون” والنبلاء ووثيقة الحقوق لعام 1629 وقانوني البرلمان لعام 1911 ولعام 1948 واللذان حدا من سلطة مجلس اللوردات لصالح مجلس العموم، ونجاح هذا النظام مع ما عرف من تطور كثير أصابه يعزى الى طبيعة الفرد البريطاني الذي يحترم التقاليد ورؤسائه ويبحث عن المساواة فهو شعب عملي متسامح مع أراء الغير التي تختلف معه، وتطور هذا النظام مع التاريخ وانه ليس وليد نظرية معينة وإنما هو نتاج عوامل تاريخية معين خلقت هذا النظام الذي هو متعلق بالتطور القانوني للنظام البريطاني الذي يحكمه الدستور العرفي، والعرف يتطور بطريقة تلقائية عبر الزمان والمكان، حيث عرف النظام السياسي البريطاني أثناء تطوره مراحل ثلاث أساسية هي الملكية المقيدة والثنائية البرلمانية والبرلمانية الديمقراطية.
ولقد أدى التطور الاجتماعي إلى التطور السياسي فمعروف أن النظام السياسي البريطاني هو نظام أصيل حيث لم يتطور بالثورات على غرار النظام الفرنسي مثلا، وإنما جاءت طريقة تطوره تلقائيا، فلم يخضع فيها النظام السياسي إلى هزات أو تغيير النظام جذريا، عكس النظام الفرنسي والنظام الروسي من حيث الأيديولوجيا والنظام البريطاني هو نظام فريد من نوعه من حيث الأصالة ومن حيث الانتشار وليس هناك نظام سياسي أكثر دراسة وأكثر ديمقراطية من النظام البريطاني الذي يعتمد على التمثيل والثنائية الحزبية.
طبيعة النظام السياسي البريطاني:
- الملك (التاج):وهو الحاكم الاعلى ومصدر كافة القوانين والأنظمة والتعليمات وقد تطور النظام الملكي من مستبد ومطلق الى نظام مقيد رمز للوحدة الوطنية بدون دور سياسي أساسي في المملكة المتحدة، وقد أصبحت الملكية مقيدة من خلال الصراع الذي حدث بين الملك والنبلاء (صراع بين السلطة التنفيذية والتشريعية) والذي حدث بموجبه تحول في السلطة، وأصبح كتقليد سياسي في الأنظمة الأخرى مثل المغرب والأردن وإن كانت ليست ملكية مقيدة عكس بريطانيا التي تحولت السلطة من الملك الى البرلمان، ولقد تم هذا التطور عبر قرون عديدة من السنين الى أن وصل الى الحد الذي عنده رفعت عن الملك او الملكة كافة الصلاحيات والمسؤوليات السياسية الكبرى حيث انتقلت السلطة إلى البرلمان، علما بأن مؤسسة المجلس الملكي الخاص لايزال موجودا ويرأسه الملك ولكن لا يمارس الصلاحيات السابقة.
- البرلمان:يقوم بالتشريع والتنفيذ بصفته يمثل الإرادة العامة وقد سحبت الهيئة التنفيذية من الملك من خلال الصراع الذي حدث بين الملك والبرلمان ممثلا آنذاك في مجلس اللوردات الذي استطاع أن يحد من سلطات الملك وجعل سلطاته مقيدة، وأصبح البرلمان البريطاني يشرع وينفذ، لكن مع مرور الوقت وجد البرلمان البريطاني نفسه في انه يشرع فقط ولا ينفذ إذ أصبحت الحكومة هي التي تسيطر على البرلمان بمعنى انه لا يمارس السيادة التي يتمتع بها من خلال تمثيل الإرادة الشعبية، حيث حدث صراع من نوع آخر الذي نشب بين البرلمان والحكومة التي عملت مع مرور الوقت بسحب وظيفة التنفيذ منه وجعله يقوم بوظيفة التشريع فقط، حيث أصبحت هناك تعدد في الوظائف من خلال الوظيفة التشريعية التي يقوم بها البرلمان والوظيفة التنفيذية التي تقوم بها الحكومة وهذا ما يدل على أن الهيكل هو الذي يحدد الوظيفة، وفي النظام البريطاني نجد انه هناك تداخل في الوظائف وليس انفصال، ويلاحظ انه هناك صراع بين الوظائف وأصبحت متداخلة فيما بينها، لأن البرلمان لم يعد ينفذ وأصبحت الحكومة تشرع وتنفذ ويتكون البرلمان البريطاني من مجلسين وهما :
- مجلس اللوردات:وهو من بقايا النظام البرلماني ذي السطوة الواسعة اذ كان هو الحاكم الفعلي وأبقي عليه بعد أن جرد من صلاحياته الواسعة في اختيار النواب تعيين الوزراء والتأثير على الملك، هذا المجلس يشمل الطبقة النبيلة الارستقراطية ويتكون من عدة أصناف من اللوردات، لوردات بالوراثة وعددهم 800 لورد يعتبرون من أقرباء الملك وهم يتوارثون اللقب والمنصب، وهناك 62 لورد من الكنيسة الانكليكانية إلى جانبهم لوردات معينون مدى الحياة من قبل الملك بعد اقتراح من قبل رئيس الوزراء تقديرا لجهودهم المقدمة للبلاد ويشكل تسعة لوردات محكمة الاستئناف الكبرى معينون من قبل الملك.
- مجلس العموم:يتكون هذا المجلس من 250 نائب منتخبون بالاقتراع العام والمباشر وتنبثق عنهم الحكومة، ودورة المجلس خمسة سنوات بعد أن كانت الى عام 1911 سبع سنوات.
- الحكومة : تنبثق عن مجلس العموم وتتمتع باستقرار طيلة فترة الدورة النيابية وغالبا ما تحل الحكومة مجلس العموم قبل انتهاء دورته العادية لأجراء انتخابات جديدة، وهناك نوعان من الوزراء الوزارة بتشكيلها الكامل حيث يبلغ عدد أعضائها 21 وزير والذين يرأسهم الوزير الأول الذي له مكانة بارزة في النظام السياسي البريطاني لكونه المسئول الأول عن سياسة الوزارة ورئيس السلطة التنفيذية، وفضلا عن كونه زعيم الأغلبية البرلمانية وهو زعيم الحزب الفائز في الانتخابات الذي منح له الشعب الثقة فيه لتولي السلطة التنفيذية، مما يجعل منه مجسدا للحكومة وقائدها باستقالته تستقيل الحكومة لاعتماد مبدأ التضامن بين أعضائها، ولهذا يحرص حزب المعارضة الذي خسر في الانتخابات على إعداد حكومة الظل لتهيئة الحزب لاستلام الحكم عند فوزه في الانتخابات.
ان النظام البرلماني مبني على مبدأ التعاون بين السلطات والمرونة في التعامل ويمتاز هذا النظام بما يلي :
- الاختلاف الوظيفي: حيث أن الوظائف الحكومية يتم منحها لهياكل مختلفة تضطلع بمهام المحددة لها.
- عدم التخصص الكلي في أداء هذه الوظائف التي عادة ما تشترك في مجالات عديدة حيث نجد أن الحكومة في هذا تشرع وتنفذ في نفس الوقت.
- المؤسسات الدستورية في هذا النظام نجدها تتمتع بالمساواة في الوسائل المماثلة في عملية التأثير، وبالتالي هي ليست منعزلة كليا عن بعضها البعض، هناك اختلاف في السلطات، التعاون الوظيفي، التبعية الهيكلية وهي قواعد ثلاث التي تحدد التعاون بين السلطات إما في صورة التداخل أو في صورة الاستقلالية هذا من الناحية النظرية .
لكن من الناحية الواقعية والعملية نجد هناك العديد من تطبيقات هذا النظام فليس كل نظام فيه برلمان هو بالضرورة نظام برلماني تتعاون فيه السلطات .
الحكومة في النظام البريطاني مقسمة لقسمين وهما الملك والوزارة التي تعتبر مسئولة أمام البرلمان هذه المسؤولية السياسية والتي تكون الحكومة مسئولة أمام البرلمان تعتبر العنصر الأساسي الذي يقوم عليه النظام البرلماني، والعلاقة التي تحكم الحكومة بسلطة الملك والبرلمان هي علاقة جد وثيقة حيث يظهر ذلك في :
- في النظام البريطاني نجد أن السلطة التنفيذية هي مزدوجة والتي تشمل الملك والوزارة حيث أن الأول هو منصب شرفي يتداول عن طريق الوراثة، والملك أو الملكة تكلف زعيم الحزب الفائز في الانتخابات بتشكيل الحكومة، أما الوزير الأول نجد أنه منتخب من طرف الشعب والذي هو زعيم الحزب الذي يفوز بالأغلبية، والذي يتحمل المسؤولية الحقيقية لشؤون الدولة، وينتخب لمدة برلمانية وهي 5 سنوات، وهو مسئول أمام البرلمان(مجلس العموم)، ويوجد في السلطة التنفيذية البريطانية مستويين للحكومة هما الوزارة والتي كانت من قبل تحت سلطة الملك وخاضعة له خضوعا تام، فهو الذي يختار أعضائها وهو الذي يقيلهم متى شاء، والوزارة هي مؤسسة من المؤسسات الملكية الحديثة وفي إنجلترا وبعد ازدياد نفوذ البرلمان وتطور مجلس الوزراء اتخذت هذه المجموعة اسم لجنة الدولة أو الوزارة وأصبحت مستقلة عن الملك ومسئولة سياسيا أمام البرلمان، واستطاعت ان تستحوذ على اختصاصات الملك العديدة، أما مجلس الوزراء يعد هو المستوى الأعلى من الأول وينبثق من داخل المستوى العام، فهو حلقة صغيرة من الوزراء يضم مابين 15 الى25 وزيرا، يختارهم رئيس الوزراء شخصيا والذين يمثلون الوزارات المهمة مثل وزارة الدفاع والمالية والخارجية والداخلية …الخ، وهذه الوزارات موجودة دائما وأعضاؤها ثابتون في مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء هو الذي يتخذ القرارات السياسية ويلزم بتطبيقها فهو المسئول عن رسم الخطوط الكبرى للسياسة الداخلية والخارجية للبلد بحرية مطلقة نظرا لتماسك الحزب الحاكم وانضباطه في مجلس العموم
أما العلاقة التي تحكم السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية فنجد ان هناك توازن بين السلطتين فهناك عدة طرق وآليات قانونية تؤثر بها السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية من خلال (حق إصدار القوانين، حق دعوة البرلمان للانعقاد، حق الاعتراض، إنهاء اجتماعات البرلمان)، كذلك نجد ان السلطة التشريعية تتمتع أيضا بصلاحيات وآليات تتحكم في السلطة التنفيذية أو الحكومة من خلال المسؤولية السياسية للوزارة أو الحكومة أمام البرلمان، كذلك حق استدعاء الوزراء الى البرلمان وإستجوابهم إلى جانب حق البرلمان في سحب الثقة من الحكومة.
النظام البرلماني هو نظام نظري حيث ان القول بتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية غير موجود في الواقع، فالأنظمة البرلمانية الموجودة في العالم غير متوازنة حيث نجد ان السلطة التنفيذية هي التي تطغى وتهيمن على السلطة التشريعية من خلال حقها في التشريع والمبادرة بالقوانين ودور البرلمان ينحصر إلا في المصادقة عليها، كذلك نجد أن البرلمان هو مهدد بالحل من طرف الحكومة في سحب الثقة من هذه الأخيرة، فالمسؤولية السياسية وملتمس الرقابة هي موجودة من الناحية النظرية، والحكومة تقدم برنامج الحكومة وعرضه على البرلمان كما تقدم بيان السياسة العامة كل سنة، ويعمل البرلمان على تجديد الثقة، إذن فالسلطة الفعلية هي في يد الحكومة فكما انها تقدم البرنامج السياسي لأنها الفائزة في الانتخابات وصاحبة الأغلبية المطلقة والتي هي صاحبة الشرعية ولها الحق في الذي يخلق لها الشرعية، والبرلمان يعمل على مناقشة البرنامج الحكومي حتى يكون عامل الرضا وتوفر الشرعية، وعدم خروج الحكومة عن الشرعية التي يضفيها البرلمان عليها.
ماهو ملاحظ أنه في الأنظمة البرلمانية تطغى السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وأحسن مثال على هذه الأنظمة هو النظام البريطاني، فنجد بعد انتقال من النظام الملكي الى النظام البرلماني، انتقلت السلطة الحقيقية من البرلمان الى الحكومة بمساعدة الأحزاب السياسية فالثنائية الحزبية والتنظيم المحكم لكلا الحزبين من جهة ثانية أدى الى تمركز السلطة في يد رئيس الحكومة الذي هو صاحب الأغلبية في البرلمان، وبهذه الطريقة لا يستطيع البرلمان أن يسحب الثقة من الحكومة لأن النظام الانتخابي داخل الحزب تسيطر عليه الأغلبية وهذا ما جعل النظام السياسي البريطاني نظام مستقر لا يتعرض للأزمات لأن المسئولية السياسية للوزراء فقدت فاعليتها، ومثلها مثل سلطة الملك، وفي نفس الوقت حظ استعمال حق الحل الذي يستعمل كسلاح للضغط على البرلمان لأن حل البرلمان يؤدي فقط الى انتخابات تشريعية مسبقة حيث ترى الحكومة ذلك مناسبا لها لكي تبقى في السلطة والبرلمان بهذه الطريقة ضيع كل سلطة تصلح له بمعارضة حقيقية للحكومة، وفي الواقع فإن المشاريع القانونية التي يناقشها البرلمان في حوالي 90 في المائة، هي من تقديم الحكومة أو من اقتراحها، ولا يملك البرلمان أن يعارضها خوفا من لجوء الحكومة إلى عملية التصويت واستعمال الأغلبية .
لكن في النظام البرلماني نجد أن السلطة التشريعية تسيطر على السلطة التنفيذية ، وأحسن مثال على ذلك في تاريخ الأنظمة السياسية الغربية هو نظام الجمهورية الفرنسية الثالثة والرابعة والذي تتصف به معظم الدول الأوروبية الغربية .
التعددية الحزبية..
عندما تنتشر التعددية الحزبية وتكون الأحزاب غير منضبطة بحيث يمكن للحزب من الأحزاب أن يحصل على الأغلبية تلجأ الأحزاب الأخرى بتحالفاتها الضعيفة لأنها تجد الصعوبة في الحصول على الأغلبية البرلمانية ولا يتحقق ذلك إلا بإرضاء غالبية النواب ، وهذا أمر مستحيل لذلك تبقى دائما الحكومة ضعيفة في مواجهة البرلمان وفي هذه الحالة يغيب الحكم وينعدم الاستقرار السياسي إذ بإمكان البرلمان أن يسحب الثقة من الحكومة وتغييرها متى شاء ، ورغم ذلك فإن النظامين متقاربين لأن السلطة مركزة في يد السلطة التنفيذية بينما تتركز الثانية في يد البرلمان .ومنه فإن النظام البرلماني من الناحية النظرية لم يعد مطابقا للواقع لذلك قيل بحق او بغير حق أن الأنظمة البرلمانية هي من أكثر الأنظمة السياسية عيوبا خاصة ذات التعددية الحزبية.
إن رئيس الحكومة في النظام البرلماني هو صاحب المشروع السياسي الذي حصل على ثقة الشعب ، وفاز بالأغلبية الأصوات من قبل الشعب فهذا يقيد عمل البرلمان حين تقديم برنامجه السياسي لأنه يتمتع بثقة الشعب قبل ثقة البرلمان ، فالحزب الذي يحظى بالأغلبية له قاعدة شعبية واسعة ، وهنا التصويت داخل الحزب لابد إن يلتزم بالانضباط الحزبي فالعضو صوت للحزب أثناء الانتخابات ولابد له أن يصوت لهذا الحزب خلال عهدته البرلمانية ، فأعضاء الحزب داخل البرلمان يصوت لصالح سياسة الحزب ، وإذا لم يصوت العضو أو النائب في البرلمان لصالح حزبه يتعرض للتهميش والإقصاء، وهنا نجد ان المعارضة غير موجودة لأن رئيس الحكومة الذي يكون صاحب الأغلبية البرلمانية يختار مجموعة من أقرانه كوزراء لحقائب سياسية ، معناه لكل وزير يكون عنده برنامج يطبقه ضمن البرنامج السياسي للحكومة ، وفي نفس الوقت هو رئيس الحزب وبالتالي عملية سحب الثقة من رئيس الوزراء أو لوزير من الوزراء الذين هم مسئولون عن قطاعاتهم حيث تكون فيها المسئولية فردية وتضامنية . فإذا كان وزيرا أرتكب فضيحة أو جريمة ترفع الحصانة عليه ، لأن الوزير مسئول وعضو في البرلمان في آن واحد وفي حال تعرض وزير الى سؤال شفوي وتعرضه إلى عملية سحب الثقة تظهر هنا المسئولية التضامنية بين الوزراء التي هي سبب قوتها فإذا نزع البرلمان ثقته من الحكومة بسبب معارضة سياستها فإن هذه الأخيرة تستقيل متضامنة .
ومن هنا تظهر سيطرة الحكومة على البرلمان حيث يمكن أن يتحول البرلمان إلى تابع وخاضع للسلطة التنفيذية وبالتالي فالوزير الأول هو الذي يفرض استقرار المؤسسات السياسية وتهيمن الحكومة على أعمال البرلمان ومن هنا نجد أن الهيكلية الوظيفية التي يضطلع بها البرلمان والحكومة قد تأثرت نتيجة الفصل المرن بين السلطات .
حق سحب الثقة هو من اختصاص البرلمان الذي يعمل على محاكمة رئيس الجمهورية أو الملك في مسائل الخيانة العظمى والتي يقوم بها البرلمان بإنشاء محكمة خاصة .
تاريخ البرلمان البريطاني
برلمان المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية ، والمعروف باسم برلمان المملكة المتحدة أو البرلمان البريطاني ، وهو الهيئة التشريعية العليا في المملكة المتحدة ، بما لها من تبعيات ولي العهد البريطاني والأقاليم لما وراء البحار البريطانية . تمتلك وحدها السيادة التشريعية والسلطة النهائية على جميع الهيئات السياسية الأخرى في المملكة المتحدة والأقاليم التابعة لها . رئيسها هو ملك المملكة المتحدة (حاليا الملكة اليزابيث الثانية) ومقرها هو قصر وستمنستر في وستمنستر ، لندن .
البرلمان يتكون من مجلسين ، مجلس الشيوخ (مجلس اللوردات) ومجلس النواب (مجلس العموم) . يشمل مجلس اللوردات على نوعين مختلفين من الأعضاء : مجلس اللوردات الروحية (الأساقفة العليا للكنيسة انكلترا) ومجلس اللوردات الزمني (أعضاء البيرج) وهم الأعضاء التي لا يتم انتخابهم من قبل السكان ، ولكن يتم تعيينهم من قبل السيادة بناء على نصيحة من رئيس الوزراء . قبل افتتاح المحكمة العليا في أكتوبر 2009 ، قام مجلس اللوردات أيضا بالدور القضائي من خلال مجلس اللوردات .
مجلس العموم هو الغرفة المنتخبة الديمقراطية مع الانتخابات التي تعقد كل خمس سنوات على الأقل . يجتمع المجلسين في غرفة منفصلة في قصر وستمنستر (المعروف باسم مجلس البرلمان) في لندن . يتم تشكيل المؤتمر الدستوري من جميع وزراء الحكومة ، بمن فيهم من رئيس الوزراء ، وهم الأعضاء في مجلس العموم ، ومجلس اللوردات – وبالتالي هو المسؤول أمام فروع كل من السلطة التشريعية .
تم تشكيل برلمان بريطانيا العظمى في عام 1707 بعد التصديق على معاهدة الاتحاد عن طريق اقرار أعمال الاتحاد على برلمان انجلترا وبرلمان اسكتلندا . في بداية القرن التاسع عشر ، تم توسيع البرلمان لمزيدا من أعمال الاتحاد المصادق عليها من قبل برلمان بريطانيا العظمى وبرلمان أيرلندا الذي ألغى ، وتم أضافة 100 من النواب الايرلنديين و32 من اللوردات السابقين لإنشاء برلمان المتحدة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا . تم تعديل قانون الملكية والعناوين البرلمانية في عام 1927 إلى “برلمان المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية” ، وبعد 5 سنوات تم انفصال الدولة الأيرلندية الحرة . وقد حدد برلمان المملكة المتحدة ومؤسساتها للأنماط العديدة من الديمقراطيات في جميع أنحاء العالم ، وقد تم استدعاؤه بـ”أم البرلمانات” . ومع ذلك ، استخدم جون برايت الإشارة إلى بلد (انكلترا) بدلا من البرلمان .
من الناحية النظرية ، تناط السلطة التشريعية العليا في المملكة المتحدة في عهد ولي العهد والبرلمان . ومع ذلك ، تم تقييد أعمال تاج البناء على نصيحة رئيس الوزراء مع صلاحيات مجلس اللوردات ، لتناط سلطة الامر الواقع في مجلس العموم
تاريخياً
تم إنشاء برلمان المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا في عام 1801 من خلال اندماج ممالك بريطانيا العظمى وايرلندا تحت أعمال الاتحاد ، واتبعوا مبدأ المسؤولية الوزارية إلى مجلس النواب التي لم تتطور حتى القرن ال19 في مجلس اللوردات المتفوقة وعلى مجلس العموم سواء من الناحية النظرية والممارسة . يتم انتخاب أعضاء مجلس العموم في النظام الانتخابي القديم ، والتي بموجبها يتم جمع الدوائر بأحجام مختلفة . وهكذا ، فإن البلدة القديمة سروم تضم سبعة من الناخبين ، ويمكن انتخاب عضوين ، كما يمكن لبلدة دنويتش أن تختفى تماما في البحر بسبب تآكل الأرض .
في كثير من الحالات ، يتحكم أعضاء مجلس الشيوخ في الدوائر الصغيرة ، والتي تعرف بالجيب أو بالأحياء الفاسدة ، ويمكن ضمان انتخاب أقاربهم أو مؤيدينهم . وهناك العديد من المقاعد في مجلس العموم “المملوكة” من قبل مجلس اللوردات . بعد اصلاحات القرن ال19 ، وبدءا من قانون الإصلاح لعام 1832 ، كان النظام الانتخابي في مجلس النواب هو أكثر من نظامية .
تأسست سيادة مجلس العموم البريطاني في عام 1909 ، أصدر مجلس العموم بما يسمى “بميزانية الشعب” ، الأمر الذي استدعى العديد من التغييرات على النظام الضريبي بطريقة تضر ملاك أراضي الأثرياء . تم رفض مجلس اللوردات ، والتي تتألف في معظمها من ملاك الأراضي القوية تبعاَ للميزانية .
برلمان المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية
أنشأت حكومة ايرلندا قانون 1920 لبرلمانات ايرلندا الشمالية وجنوب ايرلندا مع انخفاض تمثيل كل أجزاء وستمنستر . (تم زيادة عدد مقاعد أيرلندا الشمالية مرة أخرى بعد إدخال الحكم المباشر في عام 1973 .) أصبحت الدولة الأيرلندية الحرة المستقلة في عام 1922 ، وفي عام 1927 لتغيير اسمها من برلمان المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية . وقد بذلت المزيد من إصلاحات مجلس اللوردات خلال القرن ال20 .
صفوت جبر
كاتب وباحث سياسي