لا تزال مخرجات اللجنة التي تشكلت على مستوى المجلس الشعبي الوطني، على خلفية التحقيق في أزمة الندرة الحادة لزيت المائدة والمضاربة، حبيسة أسوار مبنى زيغوت يوسف، غير أن مصادر برلمانية مسؤولة توضح أن الطبيعة القانونية للجنة استعلامية واستطلاعية أكثر منها إلزامية ورقابية.
وأفادت مصادر تشريعية في تقييمها لمهمة اللجنة البرلمانية إلى أنه لا داعي لانتظار حصيلة ونتائج كبيرة من مهمة اللجنة التي سميت بلجنة التحقيق البرلماني، والتي تكونت على مستوى لجنة الشؤون الاقتصادية والتجارة بالغرفة السفلى للبرلمان، لأنها بحسبهم لا تتمتع بطابع الإلزامية ولا تحوز سلطة المساءلة، قياسا بلجان التحقيق البرلماني التي تنص عليها المادة 77 من القانون العضوي المحدد لتنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، والتي تنشأ من صلب البرلمانين، ومن منطلق المادة 78 من القانون نفسه، وتبدأ بالتصويت على اقتراح لائحة تودع على مستوى مكتب المجلس الشعبي الوطني أو مكتب مجلس الأمة، وتكون موقعة من قبل 20 نائبا أأو سيناتورا.
وتكون اللجنة مسارا قائما بحد ذاته، إذ يجب أن يحدد الاقتراح بدقةٍ الوقائعَ التي تستوجب التحقيق والتحري، قبل التصويت عليه والاستماع إلى مندوب أصحاب الاقتراح، وكذا رأي اللجنة المختصة، ثم يقوم المجلس الشعبي أو مجلس الأمة بتعيين لجنة التحقيق البرلماني من بين أعضائه.
وتأتي المادة 80 من القانون المذكور لتعطل تشكيل لجنة التحقيق البرلماني في حالة أن الوقائع محل إجراء قضائي، و “إذا تعلق الإجراء بنفس الأسباب ونفس الموضوع ونفس الأطراف”. ويتم التأكد من ذلك عن طريق تبليغ وزير العدل من طرف رئيس الغرفة المعنية بالاقتراح المقبول، قبل إحالته على اللجنة المختصة.
وتحوز اللجنة على سلطة الاستماع إلى أي شخص أو معاينة أي مكان والاطلاع على أية وثيقة ترى أن لها علاقة بموضوع التحقيق، ما عدا ما استثنته المادة 85، ويتعلق الأمر بالوثائق والمعلومات التي تكتسي طابعا سريا واستراتيجيا يهم الدفاع الوطني والمصالح الحيوية للاقتصاد الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي، شريطة أن يكون هذا الاستثناء مبررا ومعللا من طرف الجهات المعنية.
ولا تستثني لجنة التحقيق أي مسؤول، إذ يمكنها أن تطلب الاستماع إلى أعضاء الحكومة على خلفية الأزمة أو الظاهرة المراد تفكيكها وتحليلها وحلحلتها، في حين يعد رفض الامتثال لها “تقصيرا جسيما تتحمل السلطات الوصية كامل مسؤولياتها عليه”، على حد وصف القانون المذكور.
وبالنسبة للتقرير المنتظر من لجنة التحقيق، فإنه يسلم إلى رئيسَي الغرفة العليا والسفلى، ويُبلغ إلى رئيس الجمهورية والوزير الأول، ويوزع على النواب، ويمكن أن يُنشَر جزئيا أو كليا، بناء على اقتراح مكتب المجلس الشعبي أو مكتب مجلس الأمة، وبعد رأي الحكومة، وفتح المناقشة في جلسة مغلقة حول نشر التقرير من عدمه.
أما اللجان الاستعلامية أو الاستطلاعية فهي “سُنة” ظهرت في السنوات القليلة الماضية، بحسب المصادر نفسها، وتأخذ طابعا استشاريا من المتعاملين الذين لديهم علاقة بالظاهرة أو بالأزمة، ولا تحوز على قوة الإلزامية ولا على صلاحيات.
وآخر ما يمكن لهذه اللجنة فعله زيارة بعض نقاط البيع والتوزيع والحديث مع المتعاملين الاقتصاديين والمسؤولين المحليين، من منطلق استشاري واستطلاعي واستعلامي، دون حيازة صلاحيات وسلطات تسمح باستدعاء المساهمين في الأزمة ومساءلتهم وممارسة الرقابة البرلمانية عليهم في جلسات عامة وإدانتهم، ودعوة السلطات القضائية والتنفيذية إلى اتخاذ التدابير المخولة قانونا.