- دراسة مهمة تكشف استراتيجية “إسرائيل” المستقبلية تجاه الضفة الغربية.
- الدراسة تكشف الفخ الذي تنصبه “إسرائيل” للشعب الفلسطيني.
- الدراسة تكشف طريقة التهرب الإسرائيلي من حل الدولتين، واستمرار الاحتلال.
صدر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات دراسة علميَّة محكَّمة بعنوان “تقليص الصراع والتحول من “الضم الزاحف” إلى “الانفصال الزاحف” في منظومة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني بالضفة الغربية” وهي من إعداد الأستاذ أشرف عثمان بدر، وهو محاضر بقسم الدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت.
وقد كشفت الدراسة استراتيجية “إسرائيل” المستقبلية تجاه الضفة الغربية، وكذلك الفخ الذي تنصبه “إسرائيل” للشعب الفلسطيني، وطريقة التهرب الإسرائيلي من حل الدولتين، واستمرار الاحتلال.
بدأ الكاتب بشرح مصطلح “تقليص الصراع”، وأشار إلى انتشار استخدامه في السياسات الإسرائيلية، وأنه ينتمي نظرياً إلى مفهوم الحكم غير المباشر (Indirect rule) الاستعماري، الذي استند عليه الحكم العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ سنة 1967 مستعيناً بالبلديات. ففي بداية الحكم العسكري الإسرائيلي في مناطق 1967 اعتمدت “إسرائيل” بقيادة حزب العمل على منظومة التحكم والسيطرة، حيث كان هنالك من اليوم الأول سعي لجعل الحياة “طبيعية”، والرجوع لنمط الحياة لما قبل الحرب، وتمظهر التعبير عن هذه السياسة في ثلاثة مجالات: سياسة عدم الوجود؛ عبر تقليص الإشارات الدالة على الوجود الإسرائيلي، كاليافطات، ودوريات الجيش، ورفع الأعلام الإسرائيلية، وسياسة عدم التدخل في إدارة السكان المحليين لشؤونهم الحياتية، فيما عدا المجالات التي تؤثر بشكل مباشر على “إسرائيل” كالصحة والمشاكل الاقتصادية، وسياسة الجسور المفتوحة؛ وهي تعبير عن تطبيع للحياة تحت إدارة الحكم العسكري، وإزالة الحواجز النفسية بين اليهود والعرب.
ونوّه أشرف بدر إلى دور البلديات الأساسي في إدارة الحياة اليومية للسكان في مناطق 1967، علاوة على التمثيل السياسي للسكان، فعندما أدرجت “إسرائيل” إقامة حكم ذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة ضمن خطتها للسلام بالشرق الأوسط، رفض ذلك رؤوساء البلديات، وأشار معظمهم إلى ضرورة التحدث مع منظمة التحرير حول أي مقترح سياسي. هذا الرفض دفع حاييم وايزمن للتخلي عن منهجية دايان، والتحول نحو فكرة “روابط القرى”. والتي اتخذت من الزراعة مدخلاً لعملها. وقد تمثل ذلك بالأهداف التي وضعتها في نظامها الأساسي لتحسين أحوال المزارعين، وتلقت روابط القرى الدعم المالي من الحكم العسكري. وسعت “إسرائيل” إلى ربط أكبر شريحة ممكنة من السكان بالنظام الزبائني لروابط القرى، وكجزء من سياسة “فرق تسد”، تم استغلال الروابط في التحريض على العنف الفلسطيني الداخلي بين الموالين لـ”م.ت.ف” وروابط القرى.
وأضاف بدر، أنه في المقابل حلت “الإدارة المدنية” محل الحكم العسكري في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد توقيع اتفاق كامب ديفيد مع مصر، وتحديداً بعد سنة 1981، في تغيير للمسمى دون تغيير للمحتوى، فقد تولت الإدارة المدنية المسؤولية عن كل جانب من جوانب الحياة اليومية تقريباً.
وبموازاة ذلك تُعدّ السلطة الفلسطينية نموذجاً ناجحاً للحكم غير المباشر، وخصوصاً بعد توقيع اتفاقيات أوسلو سنة 1993، في تناقض حاد مع المسارات السابقة لحركات التحرر الوطني، إذ قدمت “م.ت.ف” تنازلات كبيرة سهّلت إعادة الهيكلة والاستعانة بمصادر خارجية للعديد من الأدوات الاستعمارية الإسرائيلية، وفي السياق نفسه، قام اتفاق أوسلو على عدة أسس من بينها “التنسيق الأمني”، مما دفع العديد من الفلسطينيين إلى اعتبار السلطة الفلسطينية “نسخة مجددة من روابط القرى”.
وفي سنة 2012 أطلق بينت، رئيس حزب البيت اليهودي وقتها، ما سماه بخطة “التهدئة”، والتي بُنيت على فكرة إدارة الصراع والحل المؤقت، الذي بني على فكرة ضمّ مناطق ج في الضفة الغربية، ومنح الجنسية الإسرائيلية للسكان الفلسطينين المتواجدين فيها، مع إعطاء حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية بشرط عدم السماح لأي لاجئ بالعودة، ومن ضمن خطته الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كحكم ذاتي.
ونبّه الكاتب إلى أن المعضلة (المصيدة) تكمن في المشكلة الديموجرافية وتناقضها مع مفهوم الأمن الصهيوني، فعلى المستوى الديموجرافي تظهر إشكالية تحوّل العرب إلى أغلبية مما يشكّل خطراً على “إسرائيل” والسيادة اليهودية فيها. اقترح ميخا غودمان وهو كاتب إسرائيلي؛ برنامجين للخروج من هذه المصيدة على أساس براجماتي لا أيديولوجي، وهما: “خطة التسوية الجزئية”، و”خطة مبدأ الفصل”، إلا أن كلتا الخطتين لا تنهيان الصراع، وإنما تشكلان الأساس للخروج من المصيدة، وإعادة تنظيم المشكلة للتعامل معها.
وبيّن الأستاذ أشرف بدر إلى أن غودمان وضع أيضاً برنامجاً لتقليص الصراع، مكوناً من ثماني نقاط، تتوزع على ثلاثة محاور، في المحور الأول نجد الخطوات الثلاث الأولى التي تسعى نحو تحسين حياة الفلسطينيين. وفي المحور الثاني نجد ثلاث خطوات تالية تهتم بالتعامل مع الحياة الاقتصادية الفلسطينية. أما المحور الثالث فنجده في الخطوتين الأخيرتين اللتين تهدفان إلى الارتقاء بمكانة الحكم الذاتي الفلسطيني وتحسين أوضاعه. بحيث تقود الخطوات الثماني في المجمل للتحول من عملية “الضم زاحف” في المناطق، إلى “الانفصال الزاحف”، بدون وجود اتفاق أو إخلاء للمستوطنات أو تقسيم للقدس، فهذه الخطوات الثماني لا تؤدي إلى “حل الدولتين” لكنها في الواقع تخلق حالة دولتين. الغرض من هذه الخطوات ليس القضاء على الصراع، ولكن تغيير طبيعة الصراع وتقليصه ضمن معيارين (تقليص الاحتلال + توفير الأمن).
وفي الختام، توصّل أشرف بدر إلى نتيجة مفادها أنّ خطة “تقليص الصراع” تقوم على الانفصال السياسي عن سكان الضفة الغربية، بالتزامن مع تعزيز ارتباطهم وتبعيتهم الاقتصادية، فهي في جوهرها تحوّل من فكرة “الضم الزاحف” التي تبناها اليمين الإسرائيلي سابقاً إلى فكرة “الانفصال الزاحف” عن السكان لا الأرض. وذلك بهدف الخروج من مصيدة مناطق 1967، المتمثلة بالخطر الديموجرافي والسعي لتحقيق الأمن.
وأن هذه الخطة نابعة من حاجة المستعمِر إلى تطوير الوضع الحالي بما يضمن استمراريته، وتعزيز وضع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، كسلطة “حكم ذاتي”، بإعطائها المزيد من الصلاحيات، والحرص على تحسين وضعها الاقتصادي، بحيث تكون قائمة في جوهرها على التنسيق الأمني وتابعة اقتصادياً لـ”إسرائيل”.
وقد كشفت الدراسة استراتيجية “إسرائيل” المستقبلية تجاه الضفة الغربية، وكذلك الفخ الذي تنصبه “إسرائيل” للشعب الفلسطيني، وطريقة التهرب الإسرائيلي من حل الدولتين، واستمرار الاحتلال.
بدأ الكاتب بشرح مصطلح “تقليص الصراع”، وأشار إلى انتشار استخدامه في السياسات الإسرائيلية، وأنه ينتمي نظرياً إلى مفهوم الحكم غير المباشر (Indirect rule) الاستعماري، الذي استند عليه الحكم العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ سنة 1967 مستعيناً بالبلديات. ففي بداية الحكم العسكري الإسرائيلي في مناطق 1967 اعتمدت “إسرائيل” بقيادة حزب العمل على منظومة التحكم والسيطرة، حيث كان هنالك من اليوم الأول سعي لجعل الحياة “طبيعية”، والرجوع لنمط الحياة لما قبل الحرب، وتمظهر التعبير عن هذه السياسة في ثلاثة مجالات: سياسة عدم الوجود؛ عبر تقليص الإشارات الدالة على الوجود الإسرائيلي، كاليافطات، ودوريات الجيش، ورفع الأعلام الإسرائيلية، وسياسة عدم التدخل في إدارة السكان المحليين لشؤونهم الحياتية، فيما عدا المجالات التي تؤثر بشكل مباشر على “إسرائيل” كالصحة والمشاكل الاقتصادية، وسياسة الجسور المفتوحة؛ وهي تعبير عن تطبيع للحياة تحت إدارة الحكم العسكري، وإزالة الحواجز النفسية بين اليهود والعرب.
ونوّه أشرف بدر إلى دور البلديات الأساسي في إدارة الحياة اليومية للسكان في مناطق 1967، علاوة على التمثيل السياسي للسكان، فعندما أدرجت “إسرائيل” إقامة حكم ذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة ضمن خطتها للسلام بالشرق الأوسط، رفض ذلك رؤوساء البلديات، وأشار معظمهم إلى ضرورة التحدث مع منظمة التحرير حول أي مقترح سياسي. هذا الرفض دفع حاييم وايزمن للتخلي عن منهجية دايان، والتحول نحو فكرة “روابط القرى”. والتي اتخذت من الزراعة مدخلاً لعملها. وقد تمثل ذلك بالأهداف التي وضعتها في نظامها الأساسي لتحسين أحوال المزارعين، وتلقت روابط القرى الدعم المالي من الحكم العسكري. وسعت “إسرائيل” إلى ربط أكبر شريحة ممكنة من السكان بالنظام الزبائني لروابط القرى، وكجزء من سياسة “فرق تسد”، تم استغلال الروابط في التحريض على العنف الفلسطيني الداخلي بين الموالين لـ”م.ت.ف” وروابط القرى.
وأضاف بدر، أنه في المقابل حلت “الإدارة المدنية” محل الحكم العسكري في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد توقيع اتفاق كامب ديفيد مع مصر، وتحديداً بعد سنة 1981، في تغيير للمسمى دون تغيير للمحتوى، فقد تولت الإدارة المدنية المسؤولية عن كل جانب من جوانب الحياة اليومية تقريباً.
وبموازاة ذلك تُعدّ السلطة الفلسطينية نموذجاً ناجحاً للحكم غير المباشر، وخصوصاً بعد توقيع اتفاقيات أوسلو سنة 1993، في تناقض حاد مع المسارات السابقة لحركات التحرر الوطني، إذ قدمت “م.ت.ف” تنازلات كبيرة سهّلت إعادة الهيكلة والاستعانة بمصادر خارجية للعديد من الأدوات الاستعمارية الإسرائيلية، وفي السياق نفسه، قام اتفاق أوسلو على عدة أسس من بينها “التنسيق الأمني”، مما دفع العديد من الفلسطينيين إلى اعتبار السلطة الفلسطينية “نسخة مجددة من روابط القرى”.
وفي سنة 2012 أطلق بينت، رئيس حزب البيت اليهودي وقتها، ما سماه بخطة “التهدئة”، والتي بُنيت على فكرة إدارة الصراع والحل المؤقت، الذي بني على فكرة ضمّ مناطق ج في الضفة الغربية، ومنح الجنسية الإسرائيلية للسكان الفلسطينين المتواجدين فيها، مع إعطاء حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية بشرط عدم السماح لأي لاجئ بالعودة، ومن ضمن خطته الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كحكم ذاتي.
ونبّه الكاتب إلى أن المعضلة (المصيدة) تكمن في المشكلة الديموجرافية وتناقضها مع مفهوم الأمن الصهيوني، فعلى المستوى الديموجرافي تظهر إشكالية تحوّل العرب إلى أغلبية مما يشكّل خطراً على “إسرائيل” والسيادة اليهودية فيها. اقترح ميخا غودمان وهو كاتب إسرائيلي؛ برنامجين للخروج من هذه المصيدة على أساس براجماتي لا أيديولوجي، وهما: “خطة التسوية الجزئية”، و”خطة مبدأ الفصل”، إلا أن كلتا الخطتين لا تنهيان الصراع، وإنما تشكلان الأساس للخروج من المصيدة، وإعادة تنظيم المشكلة للتعامل معها.
وبيّن الأستاذ أشرف بدر إلى أن غودمان وضع أيضاً برنامجاً لتقليص الصراع، مكوناً من ثماني نقاط، تتوزع على ثلاثة محاور، في المحور الأول نجد الخطوات الثلاث الأولى التي تسعى نحو تحسين حياة الفلسطينيين. وفي المحور الثاني نجد ثلاث خطوات تالية تهتم بالتعامل مع الحياة الاقتصادية الفلسطينية. أما المحور الثالث فنجده في الخطوتين الأخيرتين اللتين تهدفان إلى الارتقاء بمكانة الحكم الذاتي الفلسطيني وتحسين أوضاعه. بحيث تقود الخطوات الثماني في المجمل للتحول من عملية “الضم زاحف” في المناطق، إلى “الانفصال الزاحف”، بدون وجود اتفاق أو إخلاء للمستوطنات أو تقسيم للقدس، فهذه الخطوات الثماني لا تؤدي إلى “حل الدولتين” لكنها في الواقع تخلق حالة دولتين. الغرض من هذه الخطوات ليس القضاء على الصراع، ولكن تغيير طبيعة الصراع وتقليصه ضمن معيارين (تقليص الاحتلال + توفير الأمن).
وفي الختام، توصّل أشرف بدر إلى نتيجة مفادها أنّ خطة “تقليص الصراع” تقوم على الانفصال السياسي عن سكان الضفة الغربية، بالتزامن مع تعزيز ارتباطهم وتبعيتهم الاقتصادية، فهي في جوهرها تحوّل من فكرة “الضم الزاحف” التي تبناها اليمين الإسرائيلي سابقاً إلى فكرة “الانفصال الزاحف” عن السكان لا الأرض. وذلك بهدف الخروج من مصيدة مناطق 1967، المتمثلة بالخطر الديموجرافي والسعي لتحقيق الأمن.
وأن هذه الخطة نابعة من حاجة المستعمِر إلى تطوير الوضع الحالي بما يضمن استمراريته، وتعزيز وضع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، كسلطة “حكم ذاتي”، بإعطائها المزيد من الصلاحيات، والحرص على تحسين وضعها الاقتصادي، بحيث تكون قائمة في جوهرها على التنسيق الأمني وتابعة اقتصادياً لـ”إسرائيل”.
للاطلاع عل النص الكامل للدراسة بصيغة PDF:
دراسة علميَّة محكَّمة (14): تقليص الصراع في منظومة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني بالضفة الغربية … أشرف عثمان بدر