ناولت هذه الدراسة بالبحث والتحليل جهود منظمة الأمم المتحدة في حماية حقوق الإنسان وحرياته الإساسية، وهي الجهود التي تبذل من خلال عدد کبير من الأجهزة العاملة تحت مظلة المنظمة الأممية سواء کانت أجهزة رئيسية أم فرعية. وأوضحت الدراسة أن أجهزة الأمم المتحدة لا تتوان في دعم حقوق الإنسان وحمايتها من أي انتهاکات عبر العالم، وتبادر إلى القيام بدورها على الأرض ومتابعة حدود التزام الدول الأعضاء باحترام حقوق الإنسان من خلال اجراءات رقابية صارمة، حيث تلتزم الدول بتقديم تقارير عن حالة حقوق الإنسان لدى کل منها. وانتهت الدراسة إلى أن الأمم المتحدة تظل هي صاحبة الدور الأبرز في مجال حماية حقوق الإنسان، وأن هناک تعلق من أولئک المنتهکة حقوقهم بهذه المنظمة ودورها الأممي في دعمهم والحد من الانتهاکات التي يتعرضون لها.
المؤلف |
عبدالعال عبدالرحمن الديربي |
کلية السياسة والاقتصاد جامعة السويس مجلة السياسة والاقتصاد، المقالة 9، المجلد 16، العدد 15، يوليو 2022، الصفحة 237-287 |
مقدمة:
غنى عن البيان إن هناک العديد من الآليات الدولية العالمية التى تمارس دورا مهما في مجال حماية حقوق الإنسان ومراقبة حدود الالتزام بقواعدها وأحکامها من جانب الدول الأعضاء فى المجتمع الدولى سواء کانت عضوا بالأمم المتحدة أو أي من الوکالات التابعة لها أو الموصوله معها باتفاقات وصل کمنظمة العمل الدولية، حيث يقع على عاتق هذه الدول التزامات دولية بموجب عضويتها فى هذه المنظمة أو تلک، فضلا عن الالتزامات التى تترتب فى کنف الدولة تأسيسا على تصديقها على أى من اتفاقات حقوق الإنسان الدولية العالمية. ونظرا لأن الدولة-أي دولة- لا تسلم من الخضوع إلى أهوائها السياسية، وترکن إلى التخاذل بشأن أمور قد لاتجدها-من وجهة نظرها- فى مصلحتها، بينما على الجانب الآخر، تمثل هذه الأمور انتهاکا صريحا للالتزامات الدولية التى تقع على عاتقها، الأمر الذى يجعل دور آليات حماية حقوق الإنسان ومراقبة إنفاذ القواعد الدولية ذات الصلة، من الأهمية بمکان فى هذا الصدد، بغية وضع القيود القانونية على تحرکات الدولة فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان وملفاتها المختلفة.
أهمية الدراسة:
تنبع أهمية هذه الدراسة من کونها تتطرق إلى أحد أهم أدوار منظمة الأمم المتحدة في المجتمع الدولي، وهو الدور المتمثل في حماية حقوق الإنسان، وبيان التجارب والخبرات ذات الصلة بالموضوع، کما أن الدراسة بترکيزها على حقوق الإنسان وآليات حمايتها، فإنها بذلک تهتم بقضية لها تشعبات کثيرة مما أوجب أن تکون محط اهتمام المنظمات الدولية وأعضاء الجماعة الدولية عموما، ومن ثم فإن دراسة دور منظمة الأمم المتحدة في هذا المجال يمثل أهمية خاصة کونه يبرز حدود اهتمام المنظمة الأممية بحقوق الإنسان وهو الأمر الذي يحرض غيرها من المنظمات على السير وفق نهجها في مجال توفير الحماية ومراقبة حدود اخترام حقوق الإنسان عبر العالم.
أي أن هذه الدراسة تنطوي على رسالة مفادها ضرورة الاهتمام بحقوق الإنسان من خلال ادراجها ضمن أولويات المنظمات الدولية وأسس عملها کما تتضمن الدراسة دعوة واضحة للاهتمام بالدراسات ذات الصلة بحقوق الإنسان وحرياته.
وعلى أية حال تنبع أهمية الدراسة تأتي ضمن الصحوات الکوکبية العالمية التي تستهدف ايقاظ المجتمع الدولي من حالة الغفلة والانتقال إلى حالة من اليقظة حماية لحقوق الإنسان والقضاء على صور الانتهاکات التى تقع عليها عبر العالم.
أهداف الدراسة:
– الترکيز على دور منظمة الأمم المتحدة کمنظمة عالمية في مجال حقوق الإنسان لا سيما في ظل انتشار انتهاکات حقوق الإنسان عبر العالم.
– تحليل الدور الذي تمارسة أجهزة الأمم المتحدة ووکالاتها المتخصصة في حماية حقوق الإنسان وتوفير أليات الرقابة التي تضمن ذلک.
– بيان التجارب والخبرات التي تمخضت عنها سياسات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان.
– ابراز حالة الاهتمام الأممي بقضايا حقوق الإنسان والانتهاکات التي تنال من الإنسان کأحد الضمانات التي تمثل رادعا للدول المعتدية على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
– الوقوف على حدود ولاية منظمة الأمم المتحدة العالمية وبسطها لرقابتها الدولية على کافة أعضاء الجماعة الدولية ولا سيما الدول الأعضاء فيها.
المشکلة البحثية:
تکاثرت حالات انتهاک حقوق الإنسان عبر العالم بشکل لم تشهده الأمم المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، فالحريات تنتهک عبر العالم سواء في أعتى الديمقراطيات الغربية أو داخل الولايات المتحدة الأمريکية ذاتها أو داخل الديکتاتويويات المتعددة کبرت أو صغرت، وهي انتهاکات ممنهجة تستهدف ترکيع الإنسان بهدف سلبه حقوقه وحرياته على اختلافها.
والحق فإن مثل هذا الاستهداف الذي ينال من الإنسان وحقوقه يمثل انتکاسة کبيرة في تاريخ العلاقات الدولية التي استقرت واستقامت من أجل النهوض بالإنسان ومساعدته فى نيل حقوقه کافة، ومن هنا کان التحدي الکبير الذي تصدت إليه الأمم المتحدة وأجهزتها ووکالاتها المتنوعة رغبة في رفع کافة أشکال الظلم عن الإنسان وتمکينه من التمتع بحقوقه، حيث تتبع الأمم المتحدة الکثير من السياسات وتتخذ الکثير من الإجراءات اللازمة لتحقيق هذا الهدف، رغبة في وضع الإنسان في المکانة التي تضمن له حقوقه وعدم تعريضها لأية انتهاکات وکفالة تمتعه بها دون مساس.
تساؤلات الدراسة:
تسعى الدراسة التي نحن بصددها للاجابة على عدد من التساؤلات، تلک هي:
1- ما طبيعة جهود الأمم المتحدة في مجال حماية حقوق الإنسان انطلاقا من خبراتها وتجاربها؟
2- ما أجهزة ووکالات الأمم المتحدة التي تدخل حماية حقوق الإنسان ضمن اختصاصاتها؟
3- لماذا تتصدى أجهزة الأمم المتحدة ووکالاتها لمواجهة حالات انتهاک حقوق الإنسان وحرياته عبر العالم؟
4- هل يستجيب أعضاء الجماعة الدولية عموما وأعضاء الأمم المتحدة خصوصا لالتزاماتهم الحقوقية أمام المنظمة الأممية؟ وهل تمنح المنظمة الدولية فرصا لهذه الدول لمراجعة حالة ملف حقوق الإنسان داخل کل منها؟
5- هل استطاعت هذه الأجهزة وتللک الوکالات أن تقوم بدورها في مجال حماية حقوق الإنسان والحيلولة دون انتهاکها؟
منهج الدراسة:
اعتمد الباحث في دراسته على أکثر من منهج لعونه على البحث والتحليل، فمثلا تمت الاستعانة بالمنهج المقارن من أجل عقد المقارنات بين جهود الأجهزة المختلفة داخل الأمم المتحدة في مجال حماية حقوق الإنسان بهدف التحقق من جهود کل منها والوقوف عليها على نحو محدد، کما تمت الاستعانه بمنهج صنع القرار، وهذا يفيد في دراسة وتحليل القرارات الأممية ذات الصلة بحقوق الإنسان، کما استفاد من المنهج الوصفي التحليلي في وصف وتحليل الجهود الأممية في مجال حماية حقوق الإنسان.
وبناء على ما تقدم، فقد حرص الباحث على تناول جهود الأمم المتحدة واجهزتها المختلفة في مجال حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بما فى ذلک حقوق الإنسان العامل، ومن ثم فإنه، يکون حرى بنا، تبيان أبرز هذه الآليات وتسليط الضوء على الأهداف العليا لکل منها، وهو ما سنتعرض له فى مبحثين رئيسيين، أما أولها، فيرکز على الآليات الدولية العالمية الحکومية لحماية حقوق الإنسان فى إطار الأمم المتحدة. أما الثانى، فقد عکف على بيان الآليات الدولية الحکومية التى تعمل فى إطار منظمة العمل الدولية کإحدى المنظمات المتخصصة الموصولة بالأمم المتحدة وتتخذ من مراقبة إنفاذ اتفاقات العمل الدولية(معايير العمل الدولية)، فى المجال الداخلى للدول الأطراف أساسا لعملها ونشاطها.
المبحث الأول:
الآليات الدولية العالمية الحکومية
لحماية حقوق الإنسان فى إطار الأمم المتحدة
تتعدد الآليات الدولية العالمية العاملة فى مجال حماية حقوق الإنسان ما بين آليات تنبثق مباشرة من ميثاق الأمم المتحدة وآليات منبثقة من الاتفاقات العالمية لحقوق الإنسان الصادرة عن تلک المنظمة العالمية، وجميع هذه الآليات يطلق عليها الآليات العالمية الحکومية ، وذلک لتمييزها عن الآليات العالمية غير الحکومية من قبيل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش وغيرهما.
أولا: آليات حماية حقوق الإنسان المنبثقة من ميثاق الأمم المتحدة أو إنفاذا لأحکامه
1- الجمعية العامة
تُعرَّف الجمعية العامة على أنها ” الهيئة الرئيسية فى المنظمة الدولية والتى تضم جميع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة”، فجميع دول العالم ممثلة فيها، ولکل دولة صوت بغض النظر عن حجمها أو ثقلها السياسى. ويکون للدولة العضو عدد لا يزيد عن خمسة مندوبين فى الجمعية العامة. وتتخذ القرارات بصدد المسائل المهمة بأغلبية الثلثين، مثل القرارات المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين أو قبول أعضاء جدد أو التوصيات المتعلقة بميزانية الأمم المتحدة. وفضلا عن ذلک ، تنتخب الجمعية العامة، الأعضاء العشرة غير الدائمين فى مجلس الأمن وتنتخب أعضاء المجلس الاقتصادى والاجتماعى، کما تتلقى التقارير الصادرة عن هيئات حقوق الإنسان المنشأة بموجب معاهدات دولية .
وعلى الرغم من حظر التدخل فى شئون الدول الغير الذى فرضه الميثاق فى مادتيه 1، 7، فقد قامت الجمعية العامة بصورة متزايدة باسترعاء الانتباه إلى حالة حقوق الإنسان فى عدة بلدان. وتتشکل من رئيس واحد وعشرين نائبا، ورؤساء اللجان المختلفة، فضلا عن عضوية جميع دول العالم. وتعقد دورتها العادية السنوية ابتداء من منتصف سبتمبر إلى منتصف ديسمبر، ويجوز أن تعقد دورات استثنائية أو طارئة إذا اقتضت الضرورة، وتتم جلسات الجمعية العامة بمدينة نيويورک بالولايات المتحدة الأمريکية، ويجوز أن تعقد فى مکان آخر بحسب الضرورة.
وظائف وسلطات الجمعية العامة :
– مناقشة جميع الأمور ذات الصلة بميثاق الأمم المتحدة.
– تقديم توصيات بشأن التعاون الدولى، وحفظ السلم والأمن الدوليين، والمبادىء المتعلقة بنزع وتنظيم التسلح.
– لفت انتباه مجلس الأمن للأوضاع التى تعرض السلم والأمن الدوليين للخطر.
– تقديم دراسات من أجل إنماء التعاون الدولي في الميدان السياسي وتشجيع التقدم المطرد للقانون الدولي وتدوينه، وکذا إنماء التعاون الدولي في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية، ودعم کفالة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس کافة بلا تمييز بينهم بسبب الجنس أو اللغة أو الدين.
– العمل على حماية وتعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية على أرض الواقع.
وفضلا عما سبق من اختصاصات، تعهد الجمعية العامة إلى لجنتها التي تُعنى بالشئون الاجتماعية والإنسانية والثقافية (اللجنة الثالثة)، بمجموعة من القضايا الاجتماعية والإنسانية وقضايا حقوق الإنسان التي تؤثر على الشعوب في جميع أنحاء العالم، ويرکز جزء مهم من عمل هذه اللجنة على بحث مسائل حقوق الإنسان، بما في ذلک تقارير الإجراءات الخاصة بمجلس حقوق الإنسان، فمثلا في أکتوبر عام 2020، استمعت اللجنة المذکورة إلى المقررين الخاصين، والخبراء المستقلين، ورؤساء فرق العمل بحسب الولاية التي أعطاها لها مجلس حقوق الإنسان، کما تناقش اللجنة ذاتها قضايا النهوض بالمرأة، وحماية الأطفال، والشعوب الأصلية، ومعاملة اللاجئين، وتعزيز الحريات الأساسية، وهذا ما يحدث في اطار سياستها للقضاء على العنصرية وأشکال التمييز العنصري، وتعزيز الحق في تقرير المصير. کما تنظر اللجنة کذلک في مسائل التنمية الاجتماعية المهمة مثل القضايا المتعلقة بالشباب، والأسرة، والشيخوخة، والأشخاص ذوي الإعاقة، ومنع الجريمة، والعدالة الجنائية، والمکافحة الدولية للمخدرات .
وفي أثناء الدورة 75 للجمعية العامة، نظرت اللجنة الاجتماعية والانسانية والثقافية في أکثر من 63 مشروعا من مشاريع القرارات، والشئ اللافت أنه نصف هذه القرارات جاء تحت بند حقوق الإنسان في جدول الأعمال، وکان ثلاثة منها متعلقة بحالات حقوق الإنسان في أقطار بعينها .
ومما يذکر في هذا الصدد، اعتماد اللجنة المذکورة، بتوافق الآراء، القرار المصري بالاشتراک مع المکسيک “الإرهاب وحقوق الإنسان”، في نوفمبر 2021، وتحدث القرار عن الآثار السلبية للإرهاب على حقوق الإنسان، وکان من بين أهدافه، تسليط الضوء على آثار الأعمال الإرهابية على حقوق الإنسان؛ تأسيسا على دورها في تهديد الحق في الحياة کأحد صورها، وکذلک جميع صور حقوق الإنسان الأخرى، بما في ذلک الحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى تقويضه للمناخ الآمن والسياق الداعم الذي يمکن خلاله حماية وتعزيز حقوق الإنسان .
2- مجلس الأمن:
يُعد مجلس الأمن، أهم أجهزة الأمم المتحدة، فهو المسئول عن حفظ السلم والأمن الدوليين طبقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وله سلطة قانونية على حکومات الدول الأعضاء؛ لذلک تعتبر قراراته ملزمة لحکومات هذه الدول ، ويتکون المجلس من 15 عضوا، منهم خمسة أعضاء دائمين ولهم حق النقض (حق الفيتو) هم: الاتحاد الروسي، الصين، فرنسا، المملکة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريکية . أما العشر الباقين هم الأعضاء غير الدائمين.
والجدير بالذکر أنه عندما تُرفع إلى المجلس أية شکوى تتعلق بخطر يتهدد السلم والمن الدوليين، يبادر عادة إلى تقديم توصياته إلى الأطراف بمحاولة التوصل إلى اتفاق بالوسائل السلمية. وفي بعض الحالات، يضطلع المجلس نفسه بالتحقيق والوساطة. ويجوز له أن يعيّن ممثلين خاصين أو يطلب إلى الأمين العام أن يفعل ذلک. کما يجوز له أن يضع مبادئ من أجل تسوية سلمية.
وفى حالة انتهاء نزاع ما إلى القتال والحرب، يکون شغل المجلس الشاغل إنهاء ذلک في أقرب وقت ممکن حقنا للدماء وحماية لحقوق الإنسان. وفي دلاله على ذلک نجده في مناسبات عديدة، وقد أصدر تعليمات لوقف إطلاق النار کانت لها أهمية حاسمة في الحيلولة دون اتساع رقعة الاقتتال. ويتول المجلس مهمة إيفاد قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام؛ للمساعدة على تخفيف التوتر في مناطق الاضطرابات، والفصل بين القوات المتحاربة وتهيئة ظروف الهدوء التي يمکن أن يجري في ظلها البحث عن تسويات سلمية. ويجوز للمجلس أن يقرر اتخاذ تدابير إنفاذ، أو جزاءات اقتصادية (مثل عمليات الحظر التجارى) أو اتخاذ إجراء عسکري جماعي.
وعندما يتخذ مجلس الأمن إجراء منع أو إنفاذ ضد دولة عضو ما، يجوز للجمعية العامة، أن تعلق تمتع تلک الدولة بحقوق العضوية وامتيازاتها، بناء على توصية المجلس. وإذا تکررت انتهاکات دولة عضو ما لمبادئ الميثاق، يجوز للجمعية العامة أن تقصيها من الأمم المتحدة، بناء على توصية المجلس.
ويجوز للدولة العضو في الأمم المتحدة التي ليست عضوا في مجلس الأمن، أن تشارک في مناقشات المجلس، بدون حق التصويت، إذا اعتبر هذا الأخير أن مصالحها عرضة للضرر . ويُدعى کل من أعضاء الأمم المتحدة وغير الأعضاء، إذا کانوا أطرافا في نزاع معروض على المجلس، إلى المشارکة في مناقشاته، بدون حق التصويت؛ ويضع المجلس شروط مشارکة الدولة غير العضو . هذا وتتناوب الدول الأعضاء في المجلس على رئاسته شهريا، وفقا للترتيب الأبجدي الإنجليزي لأسمائها .
وفي ضوء سلطات مجلس الأمن الواسعة، تتضح حدود فعاليته فى مجال حماية حقوق الإنسان وحرياته، عند التعرف على عدد الإجراءات التى اتُخذت إبان الحرب الباردة وبعدها. فإبان هذه الحرب، نظر المجلس فى خمس مناسبات، فيما إذا کانت هناک انتهاکات لحقوق الإنسان، تشکل تهديدا للسلم بدرجة تبرر وتسوغ اتخاذ تدابير بموجب الفصل السابع. ومع أنه لم ينشىء خلال الفترة من عام 1945 إلى عام 1978 سوى 13 عملية فقط لحفظ السلام، إلا أن هذا الحال لم يدم طويلا، حيث أنشأ المجلس أکثر من ضعف هذا العدد من العمليات فيما بين عامى 1978 و1997، فضلا عن ذلک – واستنادا إلى قراراته- جرت عمليات الأمم المتحدة ذات الصلة بانتهاکات حقوق الإنسان فى أکثر من إثنتى عشرة بلدا منذ عام 1989، منها أنجولا وبوروندى وکمبوديا والسلفادور وجواتيمالا وهايتى وموزمبيق وناميبيا ورواندا والصومال وجنوب أفريقيا ويوغسلافيا السابقة وغيرها .
وفى هذا الإطار يتم إرسال المعلومات من عملية حقوق الإنسان إلى مجلس الأمن إذا کانت العملية جزءا من عملية أوسع لحفظ السلام بتفويض من مجلس الأمن، وفى هذه الحالة ستتضمن التقارير الدورية المقدمة من عملية حفظ السلام، قسما خاصا بالتطورات فى مجال حقوق الإنسان. وفى حالات أخرى قام المجلس بإرسال التقارير المقدمة من عمليات حقوق الإنسان المنشأة بموجب سلطة المفوض السامى لحقوق الإنسان باعتبار هذه التقارير جزءا من تقارير الأمين العام.
ومن اللافت إن انتهاکات حقوق الإنسان تحدث باستمرار حول العالم، وعليه فإن تقييم فعالية مجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بحقوق الإنسان، يمکن استبانتها بشکل واضح تحرکاته وقراراته في مواجهة الانتهاکات في بؤر التوتر عبر العالم .
ومن بين قرارات مجلس الأمن التي جسدت دوره في حماية حقوق الإنسان بناء على الفصل السابع من الميثاق، نذکر القرار 688 الصادر في 5 أبريل 1991 المتعلق بالتدخل الإنساني في شمال العراق لحماية الأکراد، والتدخل الدولي في الصومال، بموجب القرار 794 الصادر في ديسمبر 1994 حيث عبر مجلس الأمن عن قلقه من حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها الصومال والتي تشکل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، وقد قام بإرسال قوات عسکرية إلى الصومال لضمان وصول المساعدات الإنسانية في إطار عملية إعادة الأمل . کما قام المجلس بالتدخل في النزاع المسلح الداخلي في رواندا، إذ اعتبر الأزمـة الإنسانية الناجمة عن النزاع المسلح في رواندا تشکل تهديدا للسلم والأمـن الدوليين، وأصدر تبعا لذلک القرار رقم 929 الصادر في 29 يونيه 1994، والذي يسمح لبعض الدول باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الأشخاص واللاجئين المدنين الروانديين ، وإلى جانب ذلک، تدخل مجلس الأمن في تيمور الشرقية، حيث أصدر بشأنها القرار رقم 1264 في 15 أبريل 1999، أعرب فيه مجلس الأمن عن قلقه من التقارير التي تفيد بأن انتهاکات منتظمة وواسعة النطاق وصارخة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، قد ارتکبت في تيمور الشرقية مما يشکل تهديدا للسلم والأمن الدوليين .
وجدير بالذکر هنا أنه لا يمکن استبعاد الصراعات الداخلية من جدول أعمال مجلس الأمن الدولي لمجرد أنها محصورة داخل حدود الدولة، وقد تجلى هذا المبدأ في عام 2005، بوصفه ترجمة للمسئولية عن حماية حقوق الإنسان الملقاة على عاتق المجلس الذي يعمل على عدد من الرکائز تستهدف منع الأعمال الوحشية الجماعية (الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم المرتکبة ضد الإنسانية) من جانب والعمل على التصدي لحالات الفشل في منع مثل هذه الجرائم، مما يتطلب استنهاض مسئولية کل دولة عن حماية سکانها المدنيين من هذه الجرائم؛ وبناء القدرات لدى الدول الضعيفة أو الفاشلة، بهدف دعم المؤسسات العاملة في مجال الحماية وتسهيل سبل عملها. وإذا لم تتم کفالة آليات منع الأعمال الوحشية الجماعية، فسوف يتحمل المجتمع الدولي مسئولية اتخاذ التدابير السلمية المناسبة، إن أمکن، لحماية السکان المعرضين لهذه الأعمال. ونؤکد هنا إن التدابير العسکرية التي يسمح بها مجلس الأمن الدولي، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لا تتمتع بالسريان والنفاذ إلا عندما تقع الجرائم سالفة الذکر .
وتتلخص علاقة مجلس الأمن بحقوق الإنسان فى النقاط التالية :
– الاستماع للمقررين الخاصين وللمفوض السامى لحقوق الإنسان.
– تفعيل دور لجان تقصى الحقائق الدولية(سيراليون-تيمور الشرقية-دارفور-اغتيال رفيق الحريرى على سبيل المثال).
– إنشاء قوات وعمليات حفظ السلام.
– تفعيل القضاء الجنائى الدولى (المحکمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا- بالقرار 827 لسنة 1993، والمحکمة الجنائية الدولية لرواندا عام 1994).
– إنشاء لجان تعويضات لضحايا النزاعات المسلحة(الکويت – رواندا على سبيل المثال).
– إنشاء المحکمة الجنائية الدولية المختلطة بشأن إغتيال رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى.
– إحالة ملف جرائم الإبادة الجماعية المرتکبة فى إقليم دارفور إلى المدعى العام للمحکمة الجنائية الدولية عملا بنص لمادة 13 فقرة (د) من النظام الأساسى للمحکمة الجنائية الدولية.
3- المجلس الاقتصادى والاجتماعى
من المتعارف عليه أن المجلس الاقتصادى والاجتماعى هو الجهاز الرئيسى للأمم المتحدة المختص بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويتشکل من 54 عضوا تنتخبهم الجمعية العامة للأمم المتحدة وفقا لقاعدة التمثيل الجغرافى العادل. ويقوم المجلس الاقتصادى والاجتماعى بالإشراف على لجنة حقوق الإنسان واللجنة المعنية بمرکز المرأة، کما تقع عليه مسئولية رصد الاستجابات للعهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفضلا عن ذلک، أصدر المجلس معايير خاصة بحقوق الإنسان مثل القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، ومبادىء المنع الفعال لعمليات الإعدام التى تتم خارج نطاق القانون والإعدام التعسفى .
وغنى عن البيان أن هناک هيئات تتبع المجلس الاقتصادى والاجتماعى، يتصدرها لجان إجرائية تختص بإعداد المسائل التى تُعرض على المجلس، کما أن هناک لجان موضوعية تختص بمواضيع ذات صلة بحقوق الإنسان والعدالة الجنائية والسکان والبيئة ووضع المرأة والشئون الاجتماعية، وأخيرا لجان اقتصادية إقليمية لتحقيق التعاون الدولى فى التنظيمات الإقليمية فى العالم.
فضلا عن ذلک فهناک عدد من الاختصاصات المهمة التى يقوم المجلس بتنفيذها هى:
– تقديم توصيات لإشاعة احترام وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
– إعداد دراسات وتقارير فى أمور دولية ذات صلة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والتعليم.
– إعداد مشروعات الاتفاقات التى تعرض على الجمعية العامة.
– الدعوة لعقد مؤتمرات دولية لدراسة المسائل التى تدخل فى اختصاصة .
4- المجلس الدولى العالمى لحقوق الإنسان(لجنة حقوق الإنسان سابقا):
استبدل بلجنة حقـوق الإنسـان ، المجلس الـدولى العالمى لحقوق الإنسان، بموجب قرار الجمعية العامة رقم (A/RES/60/251) فى 15 مارس عام 2006، ويعتبر المجلس سلطة أعلى في نظام الأمم المتحدة؛ نظراً لتبعيته المباشرة للجمعية العامة وليس للمجلس الاجتماعي والاقتصادي کسابقته (اللجنة) ، ويجتمع المجلس ثلاث مرات على الأقل خلال العام الواحد، وکل اجتماع مدته 3 أسابيع، وله الحق في عقد دورات خاصة بطلب من إحدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ودعم من ثلثي المجلس .
ويتکون المجلس من 47 عضواً منتخبًا من قبل الجمعية العامة بالاقتراع السرى المباشر وبشکل فردى ومدة العضوية ثلاث سنوات لايجوز تجديدها إلا مرة واحدة فقط. هذا وتخضع إجراءات العضوية لقاعدة التوزيع الجغرافي: 13 مقعداً لأفريقيا، 13 مقعداً لآسيا، 6 مقاعد لأوروبا الشرقية، 8 مقاعد لأمريکا اللاتينية والکاريبي، 7 مقاعد لأوروبا الغربية ودول أخرى (أمريکا، کندا، أستراليا، نيوزيلاندا) .
ويشترط لعضوية المجلس أن تکون الدولة المرشحة للعضوية ذات اسهامات واضحة فى تعزيز وحماية حقوق الإنسان من قبيل، الوفاء بالتزاماتها تجاه تعزيز حقوق الإنسان، التعاون مع الاجراءات الخاصة بحقوق الإنسان وأخير التعاون مع المجلس تعاونا کاملا .
– اختصاصات المجلس الدولى العالمى لحقوق الإنسان :
1- القيام بجميع المهام والمسئوليات التى سبق إناطتها باللجنة، والعمل على تحسينها وترشيدها والحفاظ على نظام الإجراءات الخاصة والإجراءات المتعلقة بالشکاوى.
2- تعزيز وحماية حقوق الإنسان ومعالجة حالات انتهاک حقوق الإنسان الجسيمة والمنهجية.
3- النهوض بالتثقيف والتعليم فى مجال حقوق الإنسان، فضلا عن الخدمات الاستشارية والمساعدات الفنية بالتشاور مع الدول الأعضاء بالمجلس.
4- إقامة الحوار بين الدول الأعضاء فى کل الموضوعات ذات الصلة بحقوق الإنسان.
5- تقديم التوصيات إلى الجمعية العامة بهدف تطوير القانون الدولى لحقوق الإنسان.
6- متابعة مدى وفاء الدول بالتزاماتها المترتبة بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
7- إقامة الحوار والحث على التعاون الدولى؛ لمنع حدوث انتهاکات لحقوق الإنسان والاستجابة سريعا فى الحالات الطارئة المتعلقة بحقوق الإنسان.
8- الحلول محل لجنة حقوق الإنسان فيما يتعلق بمسئوليتها تجاه مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
9- المساواة فى التعاون والعمل بين الحکومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدنى.
10- تقديم توصيات تتعلق بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتقديم تقرير سنوى إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومن أهم الأعمال التى قام بها المجلس فى دورته المنعقده فى 19-30 يونيو 2006، کعلامة على ضلوعة فى أداء مهامه بنجاح ما يلى:
– إنشاء فرق عمل تتولى مراجعة عمل المقررين الخاصين.
– إنشاء فرق عمل تعمل على إنشاء آلية مراجعة دورية وشاملة للدول الأعضاء بالمجلس.
– اعتماد الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسرى.
– اعتماد إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصيلة.
– مد صلاحية عمل الفريق العامل المعنى بصياغة بروتوکول اختيارى ملحق بالعهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشأن الشکاوى الفردية.
– الإبقاء على أو تفعيل آلية الشکاوى (1503) بشأن الانتهاکات الجسيمة لحقوق الإنسان.
– إنشاء فريقين عاملين تسند إليهما ولاية بحث البلاغات، وتوجيه انتباه المجلس إلى الأنماط الثابته للانتهاکات الجسيمة لحقوق الإنسان.
– المجلس الدولى العالمى لحقوق الإنسان وآلية الاستعراض الدورى الشامل:
تفعيلا للشروط الواردة فى المادة الثامنة من قرار إنشاء المجلس العالمى لحقوق الإنسان والخاصة باختيار الدول الأعضاء فيه، قرر مجلس حقوق الإنسان، فى دورته الخامسة خلال المدة 11-18 يونية 2007، تحديد معايير آلية الاستعراض الدولى الشامل التى ستخضع الدول أعضاء المجلس لها، وذلک على النحو التالى :
أ- المعايير التى تطبقها آلية الاستعراض، وهى ميثاق الأمم المتحدة، الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، اتفاقات حقوق الإنسان التى تکون الدولة طرفا فيها، الالتزامات الطوعية للدول، التعهدات التى قدمتها الدول عند التقدم بترشيحها لعضوية مجلس حقوق الإنسان، وأخيرا أحکام وقواعد القانون الدولى الإنسانى.
ب- معايير عمل آلية الاستعراض الدورى للدول:
– مبادىء عالمية حقوق الإنسان وترابطها وعدم قابليتها للتجزئة ومبدأ المساواة بين الدول.
– الاستناد إلى معلومات موضوعية وموثقة والحوار التفاعلى، الذى يتسم بالموضوعية والشفافية، والابتعاد عن الانتقائية والتسييس.
– ضرورة إشراک الدولة موضوع الاستعراض.
– التکامل مع آليات حقوق الإنسان الأخرى، حتى لا يکون هناک عملا مکررا.
– أن يتم الاستعراض فى وقت مناسب غير مطول ترشيدا للموارد البشرية والمالية.
– مراعاة مستوى ومعدلات التنمية فى الدول، وکذا خصوصياتها، مع عدم الإخلال بالمعايير الأساسية لعضوية الدول فى مجلس حقوق الإنسان.
– ضرورة مشارکة المنظمات غير الحکومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.
ج- الوثائق والمعلومات التى تستند إليها آلية الاستعراض:
– تقارير وطنية تقدمها الدول، على أن يتم إعدادها وفقا لمبادىء توجيهية يعتمدها المجلس، وتقدم شفاهة أو کتابة فى حدود 20 صفحة.
– تقارير مقدمة من المفوض السامى لحقوق الإنسان، يتحصل عليها من التقارير المقدمة من اللجان(الهيئات التعاهدية) أو المقدمة للإجراءات الخاصة بحقوق الإنسان، والملاحظات الختامية وتعليقات اللجان التعاهدية على تقارير الدول على ألا يتجاوز العرض 10 صفحات.
– تقارير مقدمة من المنظمات غير الحکومية، وتقدم عن طريق المفوض السامى لحقوق الإنسان، ويراعى فيها أن تکون موجزة فى حدود العشر صفحات.
ومن المهم ملاحظة أن التقارير المقدمة من الدول أو من المفوض السامى لحقوق الإنسان، وجميع الوثائق التى تستخدم فى عملية الاستعراض، يجب أن تکون جاهزة قبل موعد الاستعراض بسته أسابيع، وباللغات الرسمية للأمم المتحدة(الانجليزية-الفرنسية-الأسبانية-الصينية-الروسية).
5- محکمة العدل الدولية وحقوق الإنسان:
تعتبر محکمة العدل الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة الأمم المتحدة، ويقع مقرها في مدينة لاهاي بهولندا، وبذلک تعد المحکمة الجهاز الوحيد من بين الأجهزة الستة للأمم المتحدة الذي لا يقع في مدينة نيويورک. وقد تأسست المحکمة عام 1945، وبدأت أعمالها في العام التالى.
ويمکن القول بأن لمحکمة العدل الدولية نشاط قضائي واسع، وهي تنظر في القضايا التي تتفق الدول المتنازعة على اللجوء إليها للنظر في أنزعتها، کما تقدم الاستشارات القانونية للهيئات الدولية التي تطلب ذلک سواء بالإصالة لمجلس الأمن والجمعية العامة أو بإذن من الأخيرة فيما يخص الوکالات الأخرى. وتعد الأحکام الصادرة عن المحکمة قليلة نسبياً، لکنها شهدت بعض النشاط ابتداء من مطلع الثمانينيات.
هذا وتتألف المحکمة من 15 قاضياً، تنتخبهم الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، لمدة 9 سنوات، ويمکن إعادة انتخاب الأعضاء، فضلا عن ذلک، يتم انتخاب ثلث الأعضاء کل ثلاث سنوات، ولا يسمح بتواجد قاضيين يحملان ذات الجنسية. وفي حال وفاة أحد القضاة الأعضاء، يتم إعادة انتخاب قاض بديل يحمل نفس جنسية المتوفي فيشغل کرسيه حتى نهاية فترته.
ويشترط في القاضي أن يتمتع بحس أخلاقي عال بغض النظر عن جنيسته، وأن يکون مؤهلاً بأعلى المؤهلات في بلده وأن تعرف عنه الکفاءة العالية فيما يخص القانون الدولي. يمکن عزل القاضي عن کرسيه فقط بموجب تصويت سري يجريه أعضاء المحکمة. وقد شککت الولايات المتحدة بنزاهة القضاة إبان قضية نيکاراجوا، عندما ادعت أنها تمتنع عن تقديم أدلة حساسة بسبب وجود قضاة في المحکمة ينتمون إلى دول الکتلة الشرقية آنذاک.
ويجوز للقضاة أن يقدموا حکماً مشترکاً أو أحکاماً مستقلة حسب آراء کل منهم. وتؤخذ القرارات وتقدم الاستشارات وفق نظام الأغلبية، وفي حال تساوي الأصوات، يعتبر صوت رئيس المحکمة مرجحاً .
– اختصاصات المحکمة:
تختص محکمة العدل الدولية بعدد من الاختصاصات المهمة، نذکر منها :
1- تسوية النزاعات القضائية بين الدول شريطة موافقة الدول على اللجوء إلى المحکمة.
2- تقديم الآراء الاستشارية وتفسير المعاهدات المقدمة من أى دولة أو من الجمعية العامة أو مجلس الأمن أو وکالات الأمم المتحدة المتخصصة.
3- تسوية النزاعات بين الدول حول تفسير نصوص الاتفاقات الدولية، بما فى ذلک نصوص اتفاقات حقوق الإنسان.
4- تفصل المحکمة في قضايا حقوق الإنسان وانتهاکاتها حال اتفاق الأطراف على احالة الأمر إليها.
– بعض القرارات التي أصدرتها المحکمة بشأن حقوق الإنسان :
1- القرار رقم 94+95 لسنة 1993 بشأن القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (البوسنة والهرسک ضد يوغسلافيا).
2- القرار رقم 105 لسنة 1996 بشأن القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (البوسنة والهرسک ضد يوغسلافيا).
6- مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان:
بادىء ذى بدء، يجب التأکيد على أنه رغم أن فکرة تعيين مفوض سام لحقوق الإنسان فى إطار الأمم المتحدة، تعود إلى السنوات الأولى لإنشاء هذه المنظمة، وعلى نحو محدد، الفترة التى سبقت صدور الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام 1948، إلا أن هذه الفکرة لم يُشأ لها أن ترى النور إلا فى العقد الأخير من القرن الماضى، حين بادرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى استحداث منصب المفوض السامى لحقوق الإنسان فى عام 1993 ، استجابة لإحدى التوصيات المهمة التى انتهى إليها مؤتمر فيينا العالمى لحقوق الإنسان الذى انعقد فى ذات العام.
ومن اللافت أن تعيين هذا المفوض السامى، يتم من جانب الجمعية العامة أيضا، بناء على توصية الأمين العام، لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، لمرة واحدة. ويعد هذا المفوض السامى – منذ إنشاء المفوضية- المسئول الأول الذى تناط به مهمة متابعة أنشطة الأمم المتحدة فى مجال حقوق الإنسان، تحت إشراف الأمين العام للأمم المتحدة .
على أية حال، تتحدد مسئوليات المفوض السامى لحقوق الإنسان فى إطار الأمم المتحدة من خلال المهام الآتية :
1- العمل من أجل کفالة التمتع بمجمل حقوق الإنسان والحريات الأساسية من جانب الأفراد کافة، وتشجيع التعاون الدولى فى هذا الشأن.
2- تنسيق البرامج المختلفة التى تقوم بها الأمم المتحدة فى مجالات التعليم والمعلومات العامة ذات الصلة بحقوق الإنسان.
3- تعزيز الحق فى التنمية وحمايته.
4- تنفيذ ما قد يعهد إليه من جانب الأجهزة الأخرى ذات الصلة التابعة للأمم المتحدة.
5- الدخول فى حوار مع الحکومات، من أجل کفالة الاحترام الواجب لحقوق الإنسان.
6- تقديم الخدمات الفنية والاستشارية للدول، بناء على طلبها.
7- الإشراف على مرکز حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
8- إرسال تقرير سنوى عن أعمالة إلى کل من مجلس حقوق الإنسان(لجنة حقوق الإنسان سابقا)، والجمعية العامة.
7- مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين:
لابد من التأکيد بداية على أن هذه المفوضية لم تکن الجهاز الدولى الأول الذى أنشىء -على المستوى الدولى العالمى- لتوفير الحماية والمساعدة اللازمتين لفئة اللاجئين وحقوقهم الإنسانية ، إذ أنه قد سبق قيام المفوضية، إنشاء العديد من الأجهزة ذات الصلة منها مثلا: مکتب مفوض عصبة الأمم للاجئين عام 1921، مکتب المفوض السامى للاجئين عام 1933، إدارة الأمم المتحدة للغوث وإعادة التأهيل، ثم المنظمة الدولية للاجئين التى أنشأتها الأمم المتحدة عام 1946.
وفى ضوء ما سبق، يمکن القول بأن فکرة إنشاء المفوضية، تعود إلى عام 1946، حينما بادر المجلس الاقتصادى والاجتماعى، فى فبراير من العام المشار إليه، واستجابة لتوصية الجمعية العامة، إلى تشکيل لجنة خاصة للبحث فى مدى ملاءمة إنشاء جهاز دولى جديد يعهد إليه بمهام حماية اللاجئين ومساعدتهم في نيل حقوقهم وحماية لها من الانتهاکات عبر مختلف مناطق العالم، وبدون تمييز. وبناء على ما نتهت إليه هذه اللجنة، واستنادا إلى سلطاتها المنصوص عليها فى المادة 22 من ميثاق الأمم المتحدة، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى قرارها رقم 319 بتاريخ 3 ديسمبر عام 1949، على إنشاء المفوضية، حيث بدأت عملها اعتبارا من يناير 1951، متخذة من مدينة جنيف بسويسرا مقرا لها . وتحدد لعمل المفوضية ثلاث سنوات تمتد من يناير 1951 وحتى 31 ديسمبر عام 1953، وقد ظلت الجمعية العامة تمدد هذه الفترة حتى الآن. وقد نالت المفوضية جائزة نوبل للسلام عام 1954 .
ومن الجدير بالذکر أن اختيار المفوض السامى لشئون اللاجئين، يتم بمعرفة الجمعية العامة فى ضوء ترشيحات الأمين العام، ويعاونه فى أداء مهامه عدد من الموظفين الدوليين.
والواقع أن الأشخاص الذين تشملهم المفوضية برعايتها من أشخاص طبيعيين يقيمون خارج أوطانهم الأصلية، ومن ثم لا يتمتعون بحماية حکوماتهم، وفى ذات الوقت، لا يرغبون أو لا يستطيعون العودة إلى بلادهم خشية الاضطهاد أو لأية أسباب أخرى.
وفى هذا الصدد، يمکننا رصد أهم أنشطة مفوضية شئون اللاجئين في مجال حقوق الإنسان اللاجئ فى النقاط التالية :
– تقديم الإغاثة فى حالات الطوارىء من خلال توفير مجموعة متنوعة من المستلزمات الأساسية، کالغذاء والمأوى والمعونات الطبية.
– المساعدة فى عمليات الإعادة الطوعية إلى الوطن، وتقديم المساعدات الممکنة لدى وصول اللاجىء إلى وطنه.
– تقديم العون للاجئين لمساعدتهم على الإندماج فى مجتمع الملجأـ إذا ما تعذر إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية، وذلک من خلال عمليات التدريب والتأهيل والمساعدات المالية.
– إعادة التوطين من خلال الهجرة بتعاون وثيق مع الحکومات ذات الشأن.
– القيام بتوفير الخدمات التعليمية، على المستويين الابتدائى والمتوسط، فى المخيمات وغيرها من تجمعات اللاجئين، وتقديم المساعدة فى المستويات التعليمية الأعلى، وخاصة فى المراحل الجامعية، وإنشاء مراکز تثقيفيةعامة داخل هذه التجمعات.
– إعادة تأهيل اللاجئين المعاقين وتقديم المشورة للاجئين عموما، لاختيار الحلول المناسبة لمشکلاتهم والاستفادة من التسهيلات الممنوحة لهم.
– التسهيل على منح اللجوء لطالبيه، واعتبار ذلک حقا من حقوق الإنسان، وذلک ما لم توجد أحوال استثنائية تحول دون کفالة التمتع بهذا الحق.
– المساعدة القانونية من خلال توفير خدمات المحامين ذوى الخبرة للاجئين.
– حث الدول على الانضمام إلى الاتفاقات الدولية ذات الصلة باللاجئين، وإبرام اتفاقات جديدة إذا لزم الأمر.
– تنسيق جهود المنظمات المختلفة، الحکومية منها وغير الحکومية، العاملة فى مجال حماية الاجئين.
يتضح مما سبق أن الآليات المنبثقة من ميثاق الأمم المتحدة أو العاملة في إطارها تلعب دورا مهما في حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية عبر العالم، وهذا ما يستبان من الجهود المتراکمة في هذا المجال؛ إنفاذا لأحکام الميثاق، وحرصا على استقامة واستقرار المجتمع الدولي، وهو ما يتحقق على الأرض في ضوء التحرکات الأممية لمکافحة انتهاکات حقوق الإنسان مکافحة کوکبية شاملة لا تقف عند حدود.
ثانيا: آليات حماية حقوق الإنسان المنبثقة من اتفاقات حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة
تشکلت هذه المجموعة من الآليات بموجب اتفاقات حقوق الإنسان العالمية بغرض متابعة مدى التزام الدول الأطراف بالاتفاقية المعنية بقوعدها ومبادئها؛ أى أن هذه الآليات تعد بمثابة أجهزة فنية إعمالا للأحکام الواردة فى اتفاقات حقوق الإنسان التى تم إبرامها فى إطار منظمة الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن هذه الأجهزة تتکون من خبراء حکوميين إلا أن هؤلاء الخبراء يؤدون المهام التى توکل إليهم، ليس بوصفهم ممثلين لحکوماتهم وإنما بصفاتهم الشخصية.
وتتلخص مهام هذه الأجهزة – وعلى نحو ما سلف بيانه- فى متابعة تطبيق الدول المصدقة على أحد الاتفاقات الحقوقية لأحکام هذا الاتفاق أو غيره من الاتفاقات ذات الصلة والمصدق عليها من قبل الدولة . وتتجسد هذه المتابعة فى ضوء التقارير التى تبعث بها الدول الأطراف إلى اللجنة –أو الآلية الاتفاقية- المعنية. ويدخل ضمن ولاية هذه الأجهزة(اللجان) أيضا، تلقى الشکاوى من الأفراد، بشأن الانتهاکات التى تستهدف حقوقهم بالمخالفة لأحکام الاتفاق الحقوقى المبرم والمصدق عليه من قبل الدولة .
ويرى أستاذنا الدکتور أحمد الرشيدى (رحمه الله) إن وجه التفرقة بين أجهزة (لجان) الرقابة الدولية المنبثقة من اتفاقات حقوق الإنسان المبرمة فى إطار الأمم المتحدة، إنما يتمثل فى أمرين لا ثالث لهما. أما الأمر الأول، فمؤداه أن الآليات أو اللجان المشار إليها – والتى ستفصل فيما بعد- إنما تباشر مهامها فى مواجهة الدول أطراف الاتفاق الدولى فقط، والتى يتعين عليها بموجب ذلک، الالتزام بالتعاون مع هذه الآليات. وأما الأمر الآخر، فيتمثل فى حقيقة أن الآليات والأجهزة الرقابية المنشأة طبقا لميثاق الأمم المتحدة- وإن کانت تختص بالنظر فى أية مسالة من مسائل حقوق الإنسان وفى أية دولة عضو بالمنظمة الدولية-إلا أن مشروعية ما تقوم به آليات الميثاق فى هذا الشأن، کثيرا ما تجد بعض المعارضة وعدم القبول من جانب عدد من الحکومات .
وعلى أية حال، فقد تمخضت الاتفاقات الدولية العالمية لحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة عن إحدى عشرة لجنة رقابية ذات صلاحيات واسعة فى مجال حماية حقوق الإنسان، هى، لجنة حقوق الإنسان، لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لجنة مناهضة التعذيب، لجنة حقوق الطفل، لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، لجنة القضاء على التمييز العنصرى، لجنة حقوق العمل المهاجرين ، لجنة مناهضة الفصل العنصرى فى الألعاب ، الفريق الثلاثى لقمع جريمة الفصل العنصر والمعاقبة عليها ، لجنة حالات الاختفاء القسرى ، وأخير لجنة حقوق الإشخاص ذوى الإعاقة ، وفيما يلى، نکتفى بتقديم عرض موجز لسبع من هذه اللجان ودورها في مجال حماية حقوق الإنسان :
1 – لجنة حقوق الإنسان، وتأسست هذه اللجنة فى إطار العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية وفقاً لأحکام المواد من 28 – 32 وذلک لمراقبة تطبيق أحکام العهد وبرتوکولين الاختياريين من قبل الدول الأطراف . وتملک اللجنة سلطة النظر في التقارير حول التدابير التي تم اعتمادها ، والتقدم الذي تم إحرازه في مجال الالتزام بالحقوق التي يحميها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. کما أنه وبموجب البروتوکول الاختياري الثاني تختص اللجنة بنظر الشکاوى المقدمة من أشخاص يدعون أن حقوقهم انتهکت . وفي مايو 2001 أقرت 46 دولة باختصاص اللجنة في استلام ونظر البلاغات المقدمة من دولة طرف ضد دولة طرف أخرى لا تقوم بالتزاماتها بموجب العهد . کما تظهر اللجنة اهتماما کبيراً بالمعطيات التي تقدمها المنظمات غير الحکومية.
2 – لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي لجنة مکلفة بمراقبة تطبيق العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتتألف من 18 عضواً ينتخبهم المجلس الاقتصادي والاجتماعي من قائمة أسماء ترشحهم الدول الأطراف في الاتفاقية، ويعملون بصفة شخصية کخبراء في مجال حقوق الإنسان. وتجتمع اللجنة عادة مرتين في السنة في جنيف وتکون اجتماعاتها مفتوحة ، وتلي کل دورة ورشة عمل ولمدة أسبوع وتکون مهمتها إعداد قوائم موجزة عن المواضيع المشمولة في تقارير الدول لتنظرها اللجنة في دورتها القادمة . وتقدم اللجنة تقريراً سنوياً حول أنشطتها للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، کما تقوم بدراسة التقارير التي تقدمها الدول الأطراف المعنية بشأن الخطوات التي قامت باتخاذها لتطبيق حقوق الإنسان الواردة في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وتسعى اللجنة لتقرر من خلال حوار بناء ما إذا کانت الأعراف المشمولة في العهد قد طبقت بالشکل المناسب وکيف يمکن للدولة الطرف أن تحسن من تطبيق العهد. وعلى الرغم من أن أعضاء اللجنة وممثلى الدول الأطراف، لهم حق المشارکة فى مناقشة التقارير، فإن للمنظمات غير الحکومية –جوازيا- التعبير عن اهتماماتها إلى أعضاء اللجنة من خلال مجموعة العمل لما قبل الدورات بخصوص الدول التي تکون تقاريرها مجدولة لنظرها في الدورة المقبلة .
3 – لجنة القضاء على التمييز العنصرى، وتقوم هذه اللجنة والمؤلفة من 18خبيرا، بمراقبة تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشکال التمييز العنصري، وتجتمع اللجنة في جنيف مرتين في السنة لمدة ثلاثة أسابيع لکل دورة. وهي کواحدة من الأجهزة المسئولة عن مراقبة تطبيق الاتفاقات من جانب الدول الأطراف فإن لجنة القضاء على التمييز العنصري تميزت بممارسة أربعة وظائف هي : دراسة التقارير، نشر الإجراءات الوقائية، المراجعة في حالة التقارير المتأخرة، وإصدار الآراء حول البلاغات الفردية . کما تقوم بمراجعة أية شکوى تقدمها دولة طرف ضد دولة طرف أخرى تدعي فيها بأن الأخيرة لا تطبق أحکام الاتفاقية .
4 – لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، وقد تم تأسيس هذه اللجنة المؤلفة من 23 خبيراً لمراقبة إنفاذ اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على کافة أشکال التمييز ضد المرأة لعام 1979 فى المجال الداخلى. وتجتمع اللجنة مرتين في السنة ولمدة ثلاثة أسابيع لدراسة التقدم المحرز في تطبيق أحکام هذه الاتفاقية من خلال مراجعة التقارير التي تقدمها الدول الأطراف. وبقبول الدول أطراف الاتفاقية للبروتوکول الاختياري الملحق بها، تکون قد أقرت باختصاص اللجنة في استلام ونظر البلاغات الفردية وإجراء التحقيقات فيها .
5 – لجنة مناهضة التعذيب، وقد شُکلت بموجب المادة السابعة من اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 . وتتألف من عشرة خبراء لمراقبة الاتفاقية ضد التعذيب، وتقوم الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بترشيح أعضاء اللجنة بصفتهم الشخصية، وتجتمع اللجنة في جنيف مرتين في السنة حيث تقوم بدراسة تقارير الدول الأطراف حول تطبيق الاتفاقية کما يجوز لها إجراء تحقيق في حال حصولها على معلومات وثيقة حول دلالات على ممارسة التعذيب بشکل منتظم في منطقة ما، في أية دولة طرف تقر باختصـاص اللجنة في هذا الصدد، وکذلک الأمر في حالة الشکاوى المرفوعة من دولة ضد أخرى من الدول الأطراف، هذا فضلا عن الشکاوى الفردية.
6 – لجنة حقوق الطفل، وتأسست هذه اللجنة إعمالا لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لعام 1989، وتتألف من عشرة خبراء يعملون بصفة فردية، وتجتمع في جنيف ثلاثة مرات في السنة. وتقوم بدراسة التقدم الذي تحرزه الدول الأطراف في تلبية التزاماتها التي تنص عليها اتفاقية حقوق الطفل، کما تقدم کل سنتين تقريراً عن أنشطتها للجمعية العمومية للأمم المتحدة. وقد أدخلت اللجنة المنظمات غير الحکومية کعامل أساسي في تعزيز ومراقبة حقوق الطفل .
7- اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين، وتُعنى بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وتتکون من هيئة خبراء مستقلين، مهمتها مراقبة حدود وفاء الدول الأطراف بالالتزامات المترتبة في کنفها تجاه حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم. وکانت أولى دورته انعقادها في مارس 2004، وتنعقد اللجنة في جنيف عادة لدورتين اثنتين کل سنة.
ويجب على الدول أن تقدم تقريراً أولياً بعد سنة من انضمامها إلى الاتفاقية وأن تقدم بعد ذلک تقريراً دوريا کل خمس سنوات، وتقوم اللجنة بفحص کل تقرير؛ للوقوف على حالة حقوق العمال المهاجرين وأفراد اسرهم على أن وتوافي الدولة المعنية ببواعث قلقها وتوصياتها في شکل “ملاحظات ختامية”. هذا ويکون بإمکان اللجنة أيضاً، في ظروف معينة، النظر في الشکاوى الفردية أو البلاغات المقدمة من أفراد يدَعون أن حقوقهم التى تحميها الاتفاقية، قد انتُهکت، وذلک حالما تکون 10 دول أطراف قد قبلت هذا الإجراء طبقاً للمادة 77 من الاتفاقية .
– اختصاص اللجان التعاهدية السابقة والمنبثقة من الاتفاقات العالمية لحقوق الإنسان:
هناک عدد من الاختصاصات والصلاحيات المهمة التى تنهض عليها مجموعة العمل بداخل لجان حقوق الإنسان العالمية، منها ما هو مشترک بين مجموع هذه اللجان ومنها ما يعد اختصاصا أصيلا للبعض دون البعض الآخر، ونستعرض فيما يلى جانبا کبيرا من هذه الاختصاصات:
1- تلقى ودراسة التقارير:
يتفق جُل الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان فى إلزام الدول الأطراف بتقديم تقارير إلى اللجان التعاهدية، حيث تساهم هذه التقارير فى تنمية الحوار بين الدول الأطراف فى الاتفاقية، ويتم إعداد هذه التقارير على هدى مبادىء توجيهية تصدرها اللجنة المختصة، ومن شأن اللجنة إرشاد الدول إلى طريقة إعداد التقارير، وعلى المعلومات التى ينبغى وضعها فى الاعتبار عند إعداد التقارير. وتقدم الدول نوعان من التقارير، أما الأول، فيُعرف بالتقرير الأولى، ويتم تقديمه بعد عام أو عامين من انضمام الدولة للاتفاقية، وأما الثانى، فيعرف بالتقرير الدورى ويقدم فى مدة زمنية تحددها کل اتفاقية منفردة، ويتضمن التقرير الحالة التى عليها الدولة الطرف فيما يتعلق بالالتزامات الدولية الملقاة على عاتقها بموجب اتفاقية ما من الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان .
2- التحقيق وتقصى الحقائق، ويُنظر إلى هذا الاختصاص باعتباره اختصاص ذى طبيعة خاصة ومن ثم فهو مقصور على لجان محددة هى: لجنة القضاءعلى التمييز ضـد المرأة ، و لجنة مناهضة التعذيب .
3- تلقى شکاوى فردية، وتختص بهذه المهمة سبعة لجان رقابية هى: لجنة حقوق الإنسان، لجنة مناهضة التعذيب، لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، لجنة القضاء على التمييز العنصرى، لجنة حقوق العمال المهاجرين، لجنة حالات الاختفاء القسرى، وأخير لجنة حقوق الإشخاص ذوى الإعاقة.
ولا تقبل الشکاوى الفردية بموجب اتفاقات حقوق الإنسان المنبثق منها اللجان، إلا إذا اعترفت الدول باختصاص اللجنة المنصوص عليها بالاتفاقية، بتلقى الشکاوى الفردية؛ أى أنه لا يشترط فقد تصديق الدولة على الاتفاقية، ولکن لابد من أن يرفق بوثيقة التصديق، وثيقة أخرى تعرب فيها الدولة عن قبولها اختصاص اللجنة فى تلقى هذا النوع من الشکاوى(الفردية) .
3- شکاوى دولة ضد دولة، وتختص بهذا النوع من الشکاوى خمسة من اللجان الاتفاقية لحماية حقوق الإنسان هى، لجنة حقوق الإنسان، لجنة مناهضة التعذيب، لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، لجنة القضاء على التمييز العنصرى، لجنة حقوق العمل المهاجرين.
والجدير بالذکر أنه لا تُقبل الشکاوى المقدمة من دولة ضد دولة بموجب الاتفاقات الخمسة المنبثق منها اللجان إلا إذا اعترفت الدول باختصاص اللجنة المنصوص عليها بالاتفاقية، بتلقى الشکاوى بين الدول الإعضاء بالاتفاقية؛ أى أنه لا يشترط فقط تصديق الدولة على الاتفاقية، بل لابد أن يرفق بوثيقة التصديق وثيقة أخرى تعرب فيها الدولة عن قبولها اختصاص اللجنة فى تلقى هذا النوع من الشکاوى(الدولية) .
ثالثا: آليات إجرائية لحماية حقوق الإنسان فى اطار الأمم المتحدة
1 – لجنة الرصد والمتابعة، وقد أنشئت هذه اللجنة لرصد التقدم الذي تحرزه الدول في الوفاء بالتزاماتها الدولية، خاصة في مجال الانسجام بين التشريعات الوطنية والتشريعات الدولية.
2- الإجراء 1503، ويعد هذا الإجراء آلية عالمية يتم تطبيقها على جميع دول العالم، يلعب دورا مهما فى أعمال التحقيق في انتهاکات حقوق الإنسان. وسُمي الإجراء بهذا الاسم نسبة إلى رقم قرار لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي صدر لإنشائه. وتتمثل سمات هذا القرار في أنه يدرس حقوق الإنسان في بعض الدول في حالة وجود دليل على عدد من الانتهاکات تشکل نمطاً من الانتهاکات الصريحة لحقوق الإنسان فيها مما يجعل الأمم المتحدة تقرر حينئذ التحقق من أوضاع حقوق الإنسان في تلک الدولة ، وتمتاز إجراءاته بالسرية.
3- المحکمة الجنائية الدولية، وقد تأسست عام 2002 کأول محکمة قادرة على محاکمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان ، وهي تقوم بدورها القضائي إذا أبدت المحاکم الوطنية رغبتها في ذلک أو کانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلک القضايا. فالمسئولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، کما أن نطاق اختصاص المحکمة، يعد مقصورا على نظر الجرائم المرتکبة بعد 1 يوليو 2002 (تاريخ إنشائها ).
ومما يذکر أن المحکمة الجنائية، تعد بمثابة منظمة دولية دائمة تسعى إلى وضع حد لما يسمى بظاهرة الإفلات من العقوبة، فضلا عن ذلک فهي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وخلال زمن غير محدد لمحاکمة مجرمي الحرب ومرتکبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري. وتتمتع بالاستقلال عن منظمة الأمم المتحدة، من حيث الموظفين والتمويل، إلا أنه تم وضع اتفاق بين المنظمتين يحکم طريقة تعاملهما من الناحية القانونية الأمر الذي جعل الأمم المتحدة تحيل إليها بعض قضايا انتهاکات حقوق الإنسان للبت فيها وقد أدى ذلک إلى کثير من الجدل حول اختصاصها في هذا المجال .
المبحث الثانى:
آليات حماية حقوق الإنسان
الحکومية العاملة فى إطار منظمة العمل الدولية
بادىء ذى بدء، ننوه إلى أن الدور البارز الذى تنهض به منظمة العمل الدولية، فيما يتعلق بتوفير الحماية اللازمة لحقوق العمال إنفاذا لمعايير العمل الدولية المقررة فى هذا الشأن، يعد نموذجا واضحا، جديرا بالدراسة والتحليل فى مجال الحديث عن حماية حقوق الإنسان من خلال المنظمات الدولية المتخصصة الموصولة بالأمم المتحدة. فالمتعارف عليه فى حقل القانون الدولى للعمل، أنه فى سبيل ضمان جدية امتثال الدول ووفائها بالتزاماتها الدولية طبقا لاتفاقات العمل الدولية، حرص واضعوا دستور منظمة العمل الدولية منذ إنشائها عام 1919- وکذا بعد التعديلات التى أدخلت على هذا الدستور عام 1946- على إقامة نظام فعال للإشراف الدولى، تسند إليه مهمة الرقابة على مواقف وسياسات الدول فى هذا الخصوص، وبما يکفل فى التحليل الأخير، توفير الحماية الواجبة للعمال على اختلاف طوائفهم.
ولعل الحکمة من نظام الإشراف المعمول به فى إطار منظمة العمل الدولية، هى کفالة تقييد الدول واحترام الأحکام الواردة فى الاتفاقات المصدق عليها، أى أن هذا النظام، يهدف إلى تشجيع وتحفيز الدول على وضع المعايير الدولية للعمل موضع التنفيذ وإدخالها فى تشريعاتها الاجتماعية والعمالية. ومما يذکر أن نظام الإشراف الذى أرسى منذ عام 1919 فى إطار منظمة العمل الدولية، يعتبر أکثر أنظمة الرقابة أصالة وتقدما على صعيد العلاقات الدولية .
ويتخذ نظام الرقابة والإشراف على تطبيق اتفاقات العمل الدولية، أسلوبين نص عليهما دستور المنظمة، يختلف کل منهما عن الآخر من حيث طبيعة وتکوين الجهاز (أو الآلية) المختص بالإشراف والرقابة، ومن ثم يمکن القول بأن نظام الرقابة على حقوق الإنسان فى إطار منظمة العمل الدولية، يعمل من خلال إما أسلوب الرقابة النظامية الدورية القائم على فحص التقارير الحکومية أو أسلوب الرقابة العرضية القائم على تقديم الشکاوى أو البلاغات فى شأن الانتهاکات التى تطال حقوق الإنسان وفقا لمعايير العمل الدولية . ويضاف إلى الأسلوبين سالفى البيان، إجراءات تطبيق القواعد الدولية لحماية الحرية النقابية على أساس نظام الشکاوى، وهذه الإجراءات تختلف عن نظام الرقابة عن طريق الشکاوى فى أنه لم يرد بهذه الإجراءات نص صريح فى دستور منظمة العمل الدولية.
أولا: أسلوب الرقابة النظامية الدورية القائم على فحص التقارير الحکومية
المسلم به أن أى نظام رقابى دولى يتسم بالحيادية، يعتمد – بصفة أساسية- على المعلومات والبيانات التى تقدمها الدول الملتزمة إزاء إحدى آليات الرقابة المعتمدة، فمثلا يرتب دستور منظمة العمل الدولية منذ قيامها عام 1919، التزاما صريحا يقع على عاتق الأعضاء، بتقديم تقارير دورية حول تطبيق اتفاقات العمل الدولية(معايير العمل الدولية) المصدق عليها. ولعل وجود مثل هذا الالتزام، يقتضى -بطبيعة الحال- إنشاء أو إقرار آليات دولية فى إطار منظمة العمل الدولية، تکون مهمتها الأساسية، السهر على فحص التقارير المقدمة إعمالا لهذا الالتزام.
ويهمنا هنا، أن نتناول بالشرح والتحليل، آليات الرقابة على حماية حقوق الإنسان العاملة فى إطار منظمة العمل الدولية من حيث تکوينها واختصاصها وأسلوب عملها. ووجود مثل هذه الآليات يعد شرطا جوهريا لنظام اتفاقات العمل الدولية، ذلک أن مجرد قيام الدول الأعضاء بإرسال التقارير الدورية المطلوبة لا يشکل فى حد ذاته استکمال هذا النظام لکافة مراحلة وإجراءاته، إذ أن الوضع لا يمکن وصفه بالإشراف والرقابة الحقيقية على إنفاذ معايير العمل الدولية، إلا فى حالة وضع مثل هذه التقارير موضع الفحص والدراسة بصورة فعليه وبحيث يمکن التوصل إلى تقدير وتقييم مدى ملائمة التداببر المتخذة على الصعيد الوطنى لما تقتضيه معايير العمل الدولية سواء أکانت اتفاقات أم توصيات.
واهتداء بدستور منظمة العمل الدولية، يمکن القول بأن أسلوب الرقابة النظامية الدورية القائم على فحص تقارير الحکومات، قد تم اسناده إلى آليتين أو جهازين مهمين هما: لجنة الخبرء ، ولجنة المؤتمر .
أولا: لجنة الخبراء
رغم الدور الذى تقوم به هذه اللجنة ضمن نظام الرقابة على حقوق الإنسان العمالية فى إطار منظمة العمل الدولية ، إلا أن دستور المنظمة لم ينص عليها صراحة عند صياغته الأولى عام 1919، أو عند صياغة أى تعديل يرد على الدستور. فقد کان الحاصل – وحتى عام 1926- أن مؤتمر العمل الدولى هو الذى يقوم بفحص التقارير المقدمة من الدول حول تطبيقها للاتفاقات المصدق عليها، ونتيجة لکثرة التقارير وعدم قدرة المؤتمر على التعامل معها على نحو يحقق الهدف المنشود، فضلا عن تنامى عدد الاتفاقات، تم إنشاء لجنة الخبراء، بناء على قرارين صادرين من مؤتمر المنظمة ومجلس الإدارة عام 1926 .
– تکوين لجنة الخبراء:
لقد کانت لجنة الخبراء فى بداية نشأتها، تتکون من ثمانية أعضاء ينتمون إلى الدول الغربية، ونتيجة لتزايد مهمة الإشراف بشکل طردى، مع تنامى معدل النشاط التشريعى للمنظمة وارتفاع عدد أعضائها وامتداد ولاية اللجنة بعد التعديلات الدستورية لعام 1946، ازداد عدد أعضاء اللجنة بصورة تدريجية ، حيث يبلغ حاليا عشرين عضوا يوزعون طبقا للعامل الجغرافى على النحو التالى: 8 أعضاء من أوروبا، 3 من أفريقيا، 4 من أمريکا اللاتينية، عضو واحد من أمريکا الشمالية، و4 أعضاء من آسيا .
ومن المقرر أن يتم اختيار أعضاء لجنة الخبراء بصفة شخصية من ذوى الاختصاص والخبرة الواسعة من مختلف دول العالم، ويکونون عادة من أساتذة القانون أو الاجتماع أو الاقتصاد، ويمثلون مختلف الآراء والاتجاهات. ويتم تعيين هؤلاء الأعضاء من قبل مجلس الإدارة بناء على اقتراح المدير العام لمکتب العمل الدولى وتکون مدة العضوية ثلاث سنوات قابلة للتجديد. هذا ويباشر الأعضاء عملهم فى حيدة مطلقة واستقلال کامل عن الحکومات التابعين لها خاصة أن هذه الأخيرة لا تملک أزاءهم سلطة التوجية أو التعيين أو العزل .
– اختصاصات وصلاحيات لجنة الخبراء:
فى ضوء التعديلات التى أدخلت على دستور المنظمة عام 1946 وقرار مجلس الإدارة فى الدورة رقم 103 لعام 1947، تحددت اختصاصات وصلاحيات لجنة الخبراء باعتبارها إحدى آليات الرقابة على تطبيق معايير العمل الدولية ، وذلک فيما يلى:
1- فحص التقارير السنوية المقدمة عملا بالمادة 22 من دستور منظمة العمل الدولية بشأن التدابير التى اتخذتها الدول الأعضاء لتنفيذ أحکام الاتفاقات التى صدقت عليها، وکذلک فحص المعلومات والبيانات المقدمة من الدول الأعضاء عن نتائج تفتيش العمل.
2- التأکد من سلامة المعلومات والتقارير المقدمة من الدول الأعضاء عن الاتفاقات والتوصيات وتدقيقها عملا بنص المادة 19 من دستور المنظمة.
3- فحص وتدقيق المعلومات والتقارير المقدمة من الدول الأعضاء عن التدابير التى اتخذتها هذه الدول عملا بالمادة 35 من دستور المنظمة.
4- إضافة إلى الصلاحيات سالفة الإشارة، عهد مجلس الإدارة إلى لجنة الخبراء، مهمة فحص التقارير التى تقدمها الدول الأعضاء إلى المجلس الاقتصادى والاجتماعى التابع للامم المتحدة طبقا للمادة 18 من العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهذا فيما يتعلق بالموضوعات التى تدخل فى نطاق اهتمام منظمة العمل الدولية.
وانطلاقا من ذلک، وفى ضوء هذا الامتياز، قامت لجنة الخبراء فى دوراتها للاعوام 1978-1984، ببحث ودراسة الموقف فى عدد من الدول الأطراف فى العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولاسيما تنفيذ المواد 6، 9، 10، 12 من العهد، وهى المواد التى تشکل محور التقارير المقدمة فى المرحلتين الأولى والثانية فى برنامج التقارير الذى وضعه المجلس الاقتصادى والاجتماعى . وبالفعل تمت إحالة تقارير لجنة الخبراء للمرة الأولى إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وأحيلت وفقا للإجراءات المتبعة إلى المجلس الاقتصادى والاجتماعى. وقد بدأت دورة جديدة للتقارير عام 1983 بمقتضى برنامج التقاير الذى وضعة المجلس المذکور. وطلبت لجنة الخبراء للمرة الثانية تقارير تتعلق بالمواد من 6-9 من العهد الدولى، تتناول حق العمل والحق فى ظروف عمل عادلة ومواتية وحق التنظيم والحق فى الضمان الاجتماعى، وتعتمد اللجنة فى إعداد تقريـرها الذى ترفعه إلى المجلس، على التقاريـر المقدمة من الدول الأعضاء طبقـا للمادة 16 فقرة 1 من العهد الدولى، کما أنها تأخذ فى اعتبارها التقارير المقدمة من الدول المعنية إلى مکتب العمل الدولى حول تطبيقها لعدد من الاتفاقات.
فضلا عما تقدم، تتدارس اللجنة، التقارير والمعلومات الإضافية التى يرفعها الأمين العام لمجلس أوروبا إلى مکتب العمل الدولى والمتعلقة بالمدونة الأوروبية للضمان الاجتماعى والبروتوکول الملحق بها، وذلک لملاحظة مدى تطبيقهما بصورة کاملة أو شبه کاملة من قبل الدول الأطراف فيهما.
– التکييف القانونى لولاية لجنة الخبراء ودورها:
أوضحت لجنة الخبراء باعتبارها آلية رقابية فى إطار منظمة العمل الدولية، منذ بداية ولايتها وفى تقاريرها، أنها ليست محکمة وأن وظيفتها لا تتسم بالصبغة السياسية أو القضائية، وقد علق مديرعام مکتب العمل الدولى على ذلک فى أحد تقاريره بقوله:” أن لجنة الخبراء تعمل بطريقة شبه قضائية ولکنها لا تتخذ موقف القضاء” . ومن ثم يجب التأکيد على أن ولاية اللجنة تنحصر فى تقدير مدى المطابقة وعدم التعارض بين أحکام الاتفاقات الدولية للعمل وبين أحکام التشريعات والممارسات الوطنية، وما أعطته هذه الدول من قوة إنفاذ لهذه الأحکام فى المجال الداخلى وذلک فى ضوء التقارير المقدمة.
ومما هو جدير بالذکر أنه فى تقرير لجنة الخبـراء المقدم إلى المؤتمـر العام فى دورتـه الثالثة والستين لعام 1977، أوضحت اللجنة أن المهمة الموکولة إليها، تتلخص-أساسا- فى تحديد مدى وفاء الدول الأعضاء بالتزاماتها المترتبة على عضويتها فى المنظمة والمنصوص عليها فى دستورها حول الاتفاقات والتوصيات التى يقرها المؤتمر. ويرى خبراء اللجنة أن مهمتها قانونية بالأساس، إلا أنه من الخطأ اعتبار ذلک غاية فى حد ذاتها. فالقصد النهائى لعمل اللجنة هو العمل على بيان وفاء الدول بالتزاماتها، وبتحقيق هذا الهدف –حسب خبراء اللجنة- فإن المنظمة لا تقترب من بلوغ أهدافها الاجتماعية فحسب، بل تسعى لإنجاز مهمة أساسية تتصل بالحفاظ على الثقة بين الأعضاء فيما يتعلق بالالتزامات الدولية التى أخذتها على عاتقها بکامل حريتها وإرادتها.
وتهدف اللجنة ضمن ما تهدف إلى بيان المعلومات التى تساعد الأجهزة المعنية فى منظمة العمل لدى وضعها لبرامجها المستقبلية فى مجال تبنى الاتفاقات والتوصيات. على أنه من المسلم به أن اللجنة غير مدعوة إلى إعطاء تفسير لنصوص وأحکام الاتفاقات أو التوصيات، باعتبار أن هذا الاختصاص منوط صراحة بمحکمة العدل الدولية . کما أنه لا يدخل فى صلاحية اللجنة ممارسة الضغط على الدول کى تقوم بالتصديق على الاتفاقات أو قبولها أو القيام بعمل دعائى لاتفاقية ما بهدف تشجيع التصديق عليها، ولا تأخذ اللجنة فى حسبانها الشروط والظروف أو النظم الاقتصادية أو الاجتماعية السائدة فى دولة ما من منطلق أن أحکام معاييروقواعد العمل الدولية بالنسبة للجنة ثابته وموحدة بالنسبة لجميع الدول أيا کانت درجة تقدمها أو نموها. ومن المؤکد أن کل ذلک لا يمنع اللجنة من تسجيل ما تلحظه فى حالة وجود غموض أو إبهام يکتنف نصوص الاتفاقات أو جود صعوبات تحول دون قيام الحکومات بالتصديق عليها .
ثانيا: لجنة المؤتمر
هى اللجنة المعنية بتطبيق الاتفاقات والتوصيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية(معايير العمل الدولية) ، وتتکون لجنة المؤتمر من الأطراف المعنية مباشرة بتطبيق الاتفاقات، أى من أعضاء الفرق الثلاثة(حکومات وأصحاب أعمال وعمال) ويتبع بشأن تکوينها وعملها ، ذات القواعد المتبعة بالنسبة لتکوين وعمل بقية اللجان الفنية المنبثقة من المؤتمر وما يتعلق منها بالتصويت .
هذا وتحدد لائحة النظام الأساسى لمؤتمر العمل الدولى ، ولاية هذه اللجنة التى تتلخص فى النظر فى التدابير المتخذة من قبل الأعضاء بغية إنفاذ الاتفاقات التى هى طرف فيها، والمعلومات المقدمة من الأعضاء بصدد نتائج عمليات التفتيش وکذا المعلومات والتقارير المتعلقة بالاتفاقات والتوصيات التى يقدمها الأعضاء عملا بدستور منظمة العمل الدولية .
– التکييف القانونى لتوصيات لجنة المؤتمر:
أبدت لجنة المؤتمر فى أکثر من مناسبة أن دورها لا يعد من قبيل ” محاکمة الحکومات” المثقلة بالالتزامات الدولية، والتى لم تلتزم کلية بنظام اتفاقات وتوصيات العمل الدولية ، ومن ثم فإن إدراج اسم بلد ما فى القائمة الخاصة والفقرات التى ظهرت فى تقارير اللجنة منذ عام 1957، لا يشکل جزاء أو عقوبة قانونية بالمفهوم الصحيح لهذ العبارة ، وإنما يهدف إلى إبراز حالات خطيرة، يرى خبراء لجنة المؤتمر ضرورة العمل من أجل ايجاد حلول ايجابية للمسائل التى تواجهها الدولة المدرج اسمها فى هذه القائمة . غير أن حقيقة الأمر أن الادراج فى القائمة الخاصة يعتبر بالنسبة للحکومات المعنية بمثابة جزاء أو حکم بالإدانة الدولية لدولة نتيجة تقصير ما.
وتأسيسا على ما تقدم، يکون من الطبيعى بالنسبة للدول التى ترد أسمائها فى هذه القائمة أن تبذل قصارى جهدها فى المرحلة اللاحقة لتصحيح الوضع الذى کان سببا فى إدراجها بهذه القائمة .
الجدير بالذکر أن الآليتين اللتين تعملان فى إطار أسلوب الرقابة النظامية الدورية القائم على فحص التقارير الحکومية(لجنة الخبراء ولجنة المؤتمر)، تواجهان مجموعة من الصعوبات منها ما يتعلق بالأوضاع الوطنية کمسائل القانون والواقع والممارسة والتطبيق العملى، ومنها ما يتعلق بعقبات قد تواجه الدول المصدقة على الاتفاقات والمعايير الدولية للعمل عند التطبيق، ومن هذه المصاعب ما يتصل بالظروف الاقتصادية والاجتماعية ومنها ما يتعلق بالجوانب الإدارية البحته وأخيرا ما يتعلق بالجوانب السياسية .
ثانيا: أسلوب الرقابة العرضية القائم على تقديم الشکاوى أو البلاغات
تحدثنا فيما تقدم عن أسلوب الرقابة النظامية الذى يجرى من خلال فحص التقارير الحکومية، والذى يعتبر بمثابة إشراف نظامى حکمى يتم بصورة تلقائية ودون طلب من جهة ما، وإضافة إلى ذلک، فقد نص دستور منظمة العمل الدولية على إجراءات دستورية خاصة تقوم على أساس تقديم الشکاوى التى تتخذ شکل البلاغات أو شکل الشکاوى بالمعنى الضيق لهذه الکلمة ، وذلک لبحث ودراسة مشاکل معينة تطفو على السطح عند تطبيق الاتفاقات المصدق عليها من قبل الدولة.
– البلاغات:
يجوز لأى منظمة من منظمات العمل أو العمال، التقدم بأى بلاغ إلى مکتب العمل الدولى بشأن حدوث تقاعس أو تقصير من جانب أى من الدول الأعضاء بخصوص تطبيق أحکام اتفاقية مصدق عليها من قبلها، تطبيقا فعالا بأية شکل، وفى نطاق ولايتها .
والحقيقة فإن هناک عددا من الاجراءات التى تتخذ فى هذا الشأن نجملها فى:
– تدرس لجنة من ثلاثة أعضاء يختارهم مجلس إدارة مکتب العمل الدولى من بين أعضائه ويمثلون الفرق الثلاثة، هذا البلاغ لتبين مدى جديته.
– لمجلس إدارة مکتب العمل الدولى أن يعلم الحکومة المعنية بالبلاغ المقدم ضدها، وان يدعوها إلى بيان رأيها فى هذا الشأن.
ويوضح النظام المعمول به منذ عام 1980، الشروط الشکلية والموضوعية لقبول البلاغات وهى: أن يقدم البلاغ کتابة، أن يصدر عن منظمة مهنية لأصحاب العمل أو العمال، أن يشير البلاغ صراحة إلى نص المادة 24 من دستور المنظمة، أن يستهدف عضوا فى المنظمة، ان يکون موضوع البلاغ عدم تنفيذ الجهة المشکو في حقها لاتفاقية هى طرف فيها، وبحيث تحدد الجهة الشاکية أى من أحکام الاتفاقية لم يلق تنفيذا فى حدود ولاية الجهة المشکو فى حقها.
ويقوم مکتب العمل الدولى باعتباره جهة الاختصاص فى تلقى البلاغات، فور تلقيه البلاغ، بإعلام هيئة مکتب مجلس الإدارة بموضوعه، وتتولى هذه الهيئة، النظر فى مدى استيفاء هذا البلاغ للشروط الشکلية، وفى هذه الحالة، يقوم مجلس الإدارة بتشکيل لجنة من بين أعضائه الحکوميين وأصحاب العمال والعمال، ويراعى فى ذات الوقت استبعاد أى عضو ينتمى لجنسية الجهة المشکو فى حقها أو يشغل وظيفة رسمية فى الجهة الشاکية.
ورغم توافر الشروط الشکلية لقبول البلاغ، فإنه لمجلس الإدارة – عندما يکون موضوع البلاغ خاصا بمسائل تتعلق بالحرية النقابية – أن يحيل البلاغ إلى لجنة الحرية النقابية لدراستة طبقا لدستور منظمة العمل الدولية . وتعکس الخبرة أنه لا تختلف إجراءات اللجنة فى نظر البلاغ عن الإجراءات المتبعة فى لجان التحقيق من حيث دعوة المنظمة(الجهة) الشاکية لتقديم المعلومات التکميلية فى الفترة التى تحدده اللجنة، وإحالة البلاغ إلى الجهة المشکو فى حقها مع دعوتها للإجابة على المخالفات المنسوبة إليها. وعندما تفرغ اللجنة من فحص ودراسة البلاغ من حيث الموضوع، فإنها ترفع تقريرها إلى مجلس الإدارة، مبينة فيه سير الاجراءات التى اتخذتها لدراسة البلاغ، ومرفق به النتائج التى توصلت إليها حول المسألة المثارة.
والواقع أنه عندما يقوم مجلس الإدارة بنظر تقرير اللجنة، فإنه يوجه دعوة فى وقت مبکر إلى الجهة المشکو فى حقها عندما لا تکون عضوا فى المجلس، وذلک للمشارکة على قدم المساواة مع أعضاء المجلس عند مناقشتهم موضوع البلاغ ودون أن يکون لهذه الجهة – بطبيعة الحال- حق التصويت.
وعندما يقرر مجلس الإدارة نشر البلاغ – وما قد يتلقاه من رد فعل على البلاغ- فإنه يحدد شکل النشر وتاريخه، فضلا عن أن المجلس فى کل وقت بعد تلقى البلاغ ووفق المادة 24 من دستور المنظمة، له أن يباشر إجراءات الشکوى المنصوص عليها فى المادة 26 من دستور المنظمة وما بعدها ، ضد الجهة المشکو فيها، عندما يکون تنفيد الالتزام الوارد بالاتفاقية غير مرض . وقد وضع مجلس الإدارة فى عام 1938 مبدأ مؤداه أن مجرد قيام الجهة الشاکية بسحب بلاغها، فإن ذلک لا يؤدى بصورة تلقائية إلى سحب الشکوى المقدمة إلى المجلس.
– الشکاوى:
نص دستور منظمة العمل الدولية على أن ” لأى دولة من الدول الأعضاء الحق فى أن تتقدم إلى مکتب العمل الدولى، بشکوى ضد أية دولة أخرى، ترى أنها لا تعنى على نحو مرض بتنفيذ اتفاقية تکون الدولتان، قد صدقتا عليها بالتطبيق لأحکام المواد السابقة” . ويتضح من هذا النص أن دستور المنظمة الدولية، قد أنشأ نظاما للرقابة على تطبيق قواعد العمل الدولى الاتفاقية عن طريق التقدم بشکوى إلى المنظمة، وقد وردت الأحکام الخاصة بهذا الشأن تفصيلا بدستور المنظمة .
ومما يذکر أن کلمة شکوى، کثيرا ما تستعمل فى القوانين الجنائية فى التشريعات الداخلية للدول، وتعنى الإجراء الذى يشير إلى صدور تصرف من شخص ضد آخر، يعتبره الصادر ضده ضارا بمصالحه، غير أنه لا نکاد نتبين استعمالا لهذه الکلمة فى مجال القانون الدولى بخلاف ما نصت عليه المادة 26 من دستور منظمة العمل الدولية، وقد تنوعت الآراء بشأن مفهوم الشکوى، فمثلا يرى أحد الفقهاء أن الشکوى يقترب مفهومها من الموقف باعتبار أن الشکوى -فى الواقع- مطالبة صادرة من دولة لدولة أخرى، تنسب فيها الأولى إلى الثانية، عدم تنفيذ التزاماتها الدولية المترتبة على تصديقها على تلک النصوص التى تأخذ شکل اتفاقات دولية والتى يقررها مؤتمر العمل الدولى .
ويحدد دستور منظمة العمل الدولية ، إجراءات تقديم الشکاوى، ولعل هذه المُکنة المتمثلة فى هذا الإجراء، تعد مقصورة على الدول الأعضاء فى المنظمة والتى يحق لها أن تتقدم إلى مکتب العمل الدولى بشکوى ضد کل دولة عضو ترى أنها لا تفى بالتزاماتها فى تطبيق أية اتفاقية من اتفاقات العمل الدولية على نحو مرض لاسيما عندما تکون الدولتان قد باتتا طرفي فيها بالتصديق.
هذا ولا يخضع قبول الشکاوى المقدمة إلى مکتب العمل، لشرط وجود ضرر مباشر يصيب الدولة الشاکية أو بعض مواطنيها، فالمعمول به فى هذا الصدد هو نظرية النفع العام(المصلحة العامة) وليس نظرية الضرر المباشر التقليدية، کما أن مباشرة إجراءات تقديم الشکوى يمکن أن يقوم بها مجلس الإدارة من تلقاء نفسه أو بناء على شکوى من أحد المندوبين فى المؤتمر أو بنا ءعلى توصية من لجنة الحريات النقابية.
ويکون لمجلس الإدارة إذا رأى ذلک مناسبا ، أن يباشر الاتصال بالحکومة التى يخصها الأمر طبقا لدستور المنظمة وذلک قبل إحالة الشکوى إلى لجنة التحقيق. فيجوز لهذا المجلس أن يجرى اتصالات بالحکومات التى يعنيها الأمر بشأن ما قد يصله من شکاوى ومنها الحکومات المقدمة ضدها الشکاوى ودعوة هذه الأخيرة للادلاء ببيان بالنسبة لموضوع الشکوى. ولعل هذا کله بغرض التوفيق بين وجهات النظر المختلفة بشأن الموضوع محل النزاع بدلا من أن يتطور وما يترتب على ذلک من الإحالة إلى لجنة التحقيق ثم إلى محکمة العدل الدولية .
وتتکون لجنة التحقيق عادة من ثلاثة أعضاء، يعينهم مجلس الإدارة، بناء على اقتراح من مدير عام مکتب العمل الدولى من اکفأ العناصر، ويتمتعون بالاستقلال التام فى مباشرة أعمالهم . ويقوم المجلس بإحالة الشکاوى إليها. ومن المقرر أنه عندما يرى المجلس عدم ضرورة إرسال الشکوى إلى الحکومة المشکو في حقها، أو إذا أرسل الشکوى ولم يتلق ردا عليها خلال مهلة معقوله، أو إذا أرسل الشکوى إلى الحکومة المشکو فى حقها وتلقى منها ردا غير مقنع ، ففى هذه الحالة للمجلس، تکوين لجنة تحقيق لفحص الشکوى وتقديم تقرير بشأنها . ويدشن دستور المنظمة، کيفية التعاون مع لجنة التحقيق، ويرتب على الدول الأعضاء التزامات من حيث تعهد کل دولة عضو بأن تضع تحت تصرف اللجنة جميع ما فى حوزتها من بيانات تتصل بموضوع الشکوى سواء کانت الشکوى ذات علاقة مباشرة بالدولة أو لم تکن کذلک . وعندما تنتهى لجنة التحقيق من بحث الشکوى فإن عليها أن تعد تقريرا بالنتائج التى توصلت إليها بالنسبة لجميع الوقائع المتصلة بتحديد مواقف الأطراف المعنية، وأن تُضَّمِنه من التوصيات ما تراه ملائما بالنسبة للخطوات الواجب اتخاذها؛ لتلافى أسباب الشکوى، ووقت اتخاذ هذه الخطوات . ثم يقوم المدير العام لمکتب العمل الدولى بإبلاغ تقرير لجنة التحقيق إلى مجلس الإدارة وإلى کل من الحکومات ذات العلاقة بالشکوى، کما يتکفل المدير العام بنشره .
ويکون على هذه الحکومات ذات العلاقة بالشکوى، أن تخطر المدير العام لمکتب العمل الدولى خلال مهلة ثلاثة أشهر عما إذا کانت تقبل أم لا تقبل التوصيات التى اشتمل عليها تقرير اللجنة. وفى حالة عدم قبول إحدى الحکومات المعنية لتوصيات لجنة التحقيق فإنه يکون عليها أن تفصح، عما إذا کانت ترغب فى إحالة الشکوى إلى محکمة العدل الدولية من عدمة .
نخلص مما تقدم إلى أن الشکاوى الخاصة بعدم تطبيق قواعد العمل الدولية، قد ينتهى أمرها إلى محکمة العدل الدولية. ومن المؤکد أن استلزام دستور منظمة العمل الدولية ، موافقة الحکومات المعنية ، على عرض الشکوى على محکمة العدل الدولية، أمر يستخلص منه أننا لا نکون بصدد طلب صادر من منظمة العمل الدولية لأخذ رأى المحکمة الاستشارى فى موضوع الشکوى، بل نکون بصدد مباشرة المحکمة لوظيفة القضاء فى المنازعات الدولية . ولما کانت ولاية المحکمة هى ولاية اختيارية، أى أنه لابد من موافقة أطراف النزاع جميعا على الإلتجاء إليها، ومن ثم فإنه إذا رفضت أى من الدول المعنية، عرض الشکوى على المحکمة، استحال نظرها أمامها .
ويقرر دستور المنظمة الصفة النهائية لقرار المحکمة ، بالنص صراحة على أن يکون القرار نهائيا ولا يقبل الطعن عليه بالاستئناف بالنسبة لأية شکوى أو أية مسالة أحيلت إليها عملا بأحکام ذات الدستور . ويتناول الدستور کذلک، صلاحيات محکمة العدل الدولية التى لها أن تثبت أو تعدل أو تلغى أية قرارت أو توصيات تکون لجنة التحقيق قد خلصت إليها . کما تناول الإجراءات التى تتخذ فى حالة التخلف عن تنفيذ توصيات لجنة التحقيق أو قرار محکمة العدل الدولية. ففى حالة عدم قيام أى عضو خلال الوقت المحدد بتنفيذ هذه التوصيات أو ذاک القرار، تبعا لکل حالة على حدها، يکون لمجلس الإدارة أن يوصى المؤتمر باتخاذ الإجراء الذى يبدو له حکيما وکفيلا بضمان الانصياع لتلک التوصيات .
ويوضح دستور منظمة العمل الدولية ، التدابير التى تتخذ فى حالة امتثال الحکومة المشکو فى حقها، لتوصيات لجنة التحقيق أو لقرار محکمة العدل الدولية، على أن تقوم هذه الدولة بإبلاغ مجلس الإدارة فى أى وقت بأنها قد اتخذت الخطوات الضرورية لتنفيذ توصيات لجنة التحقيق أو تلک التى اشتمل عليها قرار المحکمة، تبعا لکل حالة، ويکون لذات الدولة أيضا، أن تطلب من المجلس تکوين لجنة تحقيق للتثبت من وفائها بالتزاماتها، وتنطبق فى هذه الحالة أحکام المواد 27، 28، 29، 31، 32 من دستور منظمة العمل الدولية. وإذا جاء تقرير لجنة التحقيق أو قرار محکمة العدل الدولية فى صالح الحکومة المشکو فى حقها، يتعين على مجلس الإدارة أن يوصى فورا بوقف أى إجراء يکون قد اتخذ بالتطبيق للمادة 33 من الدستور.
وفيما يتعلق بإجراءات لجنة التحقيق، فإنه لا يوجد نظام يحددها. وفى جميع الحالات التى عرضت على مجلس الإدارة، کان المجلس يترک للجنة تحديد إجراءاتها بما يتفق مع أحکام دستور منظمة العمل الدولية والتقيد بالتوجه العام الصادر عن المجلس .
– التکييف القانونى لنظام الشکاوى:
يستهدف اللجوء إلى إجراءات نظام الشکاوى، بصفة أساسية، تجنب مخاوف صدور توصيات تمليها الاعتبارات السياسية، کما أن هذه الإجراءات تکفل للأطراف المعنية ضمانات الدعاوى القضائية وشبة القضائية، ومع ذلک فإن نظام الشکاوى فـى إطار منظمـة العمل الدولية، يطرح التساؤل حول طبيعته القانونية ، ذلک أنه ولما کانت إجراءات هذا النظام لا تتطابق تماما مع الإجراءات القضائية، فإن ولاية وتکوين لجان التحقيق، تضفى على أعمالها الصفة القضائية الظاهرة. ومع التسليم بأن هذه اللجان منوط بها التثبت من الوقائع، إلا أن ذلک لا يشکل سوى الخطوة الأولى فى عمل اللجان والتى تسمح بتقييم درجة تطابق الوضع أو الحالة محل النزاع أو الشکوى مع معايير العمل الدولية ذات الصلة، على أن تتم صياغة التوصيات حول الإجراءات المقترح اتخاذها حسبما يقتضيه الحال.
ومما يشار إليه فى هذا الصدد، أن إمکانية اللجوء إلى محکمة العدل الدولية، تُظهر بجلاء، أن هذه اللجان مدعوة إلى القيام بعملها باعتبارها جهة قضائية ابتدائية ، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإنه رغم أن نتائج أعمال هذه اللجان وتوصياتها قد لا تتمتع بالقوة التنفيذية إلا أن هذه التوصيات تستمد قوتها الإلزامية فى واقع الأمر، من الإمکانية المتاحة للمؤتمر- بناء على اقتراح من جانب مجلس إدارة مکتب العمل الدولى- بالتوصية باتخاذ الإجراءات المناسبة لکفالة تنفيذ توصيات اللجنة .
وعلى أية حال، وتجردا من أية أهواء، فإن دور اللجان لا ينتهى بقيامها بمهمتها القضائية فحسب، بل هى تعکُف – بعد أن تتثبت من واقع المراکز القانونية للأوضاع محل الشکوى- على البحث عن حلول للمشاکل المطروحة، وتتقدم فى ضوء ذلک، بتوصيات مفصلة إلى مجلس الإدارة، حول التدابير التى تقترحها لإزالة المخالفات الثابتة، کما تضع هذه اللجان هدفا نهائيا أسمى، تسعى إلى الوصول إليه، وهو وضع معايير العمل الدولية موضع التطبيق من خلال وسائل الإقناع کبديل عن الوسائل الأخرى الأکثر شدة.
ثالثا: إجراءات تطبيق القواعد الدولية لحماية الحرية النقابية
تحتل الحرية النقابية مکانة متميزة بين مبادىء حقوق الإنسان المتعارف عليها بصفة عامة من منطلق أن حرية الرأى وحرية الاجتماع، هما أمران لازمان لتقدم الدول والشعوب، کما تتمتع بوضع خاص داخل منظمة العمل الدولية؛ بسبب التکوين الثلاثى للمنظمة، الذى يشکل فيه العمال إحدى الرکائز الأساسية.
وتأسيسا على المکانة التى تحظى بها الحرية النقابية، فقد تم وضع إجراءات خاصة لکفالتها وحمايتها فى إطار منظمة العمل الدولية بالاتفاق مع منظمة الأمم المتحدة . وتتميز هذه الإجراءات بخاصية مهمة تتمثل فى أن سريانها لا يقف عند حد الدول المصدقة على اتفاقات العمل الدولية الخاصة بالحرية النقابية فحسب، بل يمتد إلى الدول التى لم تصدق على تلک الاتفاقات، وتستند هذه الإجراءات فى مواجهة الدول غير المصدقة على الالتزامات المترتبة فى کنفها من جراء عضويتها فى منظمة العمل الدولية، وانطلاقا من أن دستور المنظمة الذى يکمله إعلان فيلادلفيا لعام 1944، يکرس مبدأ الحرية النقابية . وفى جملة واحدة، وفاء الدول بما يُطلق عليها ” الالتزامات الدستورية” داخل منظمة العمل الدولية.
وتمارس منظمة العمل الدولية إجراءات تطبيق القواعد الدولية لحماية الحرية النقابية من خلال لجنتين أنشأتهما لهذا الغرض، هما لجنة الحرية النقابة ولجنة تقصى الحقائق والتوفيق بشأن الحرية النقابية، وقد أنيط بهاتين اللجنتين مهمة فحص الشکاوى المقدمة من منظمات العمال ومنظمات أصحاب العمل والحکومات .
أولا: لجنة الحرية النقابية
أنشئت لجنة الحرية النقابية بموجب قرار مجلس إدارة منظمة العمل الدولية فى دورته رقم 117 عام 1951، بهدف بحث ما يصل مجلس الإدارة من شکاوى بخصوص الحرية النقابية لتقرير ما إذا کان يلزم عرضها على مجلس الإدارة لبحثها من عدمه. ويقوم مجلس الإدارة، بتشکيل هذه اللجنة من بين أعضائه، ويبلغ عدد الأعضاء ثمانية عشر عضوا منهم تسعة أعضاء أصليين وتسعة مناوبين؛ أى أن هناک ثلاثة أعضاء أصليين وثلاثة احتياطيين عن کل من المجموعات الثلاث(حکومات وأصحاب العمل والعمال).
ومما لا شک فيه أن هذا التکوين الثلاثى للجنة الحرية النقابية، يسمح بوجود قدر من التوازن، عند فحص الشکاوى التى ترد إلى اللجنة، کما انه يتيح الحصول على نتائج أکثر قبولا سواء من الحکومات أو من منظمات العمال وأصحاب العمل.
وتقوم لجنة الحرية النقابية بإجراء دراسة أولية للشکاوى التى ترد إلى مجلس الإدارة من النقابات العمالية أو منظمات أصحاب العمل أو الحکومات ذاتها، وترفع توصياتها بشأن الشکاوى إلى المجلس. وفى حالة الشکاوى التى تتطلب دراسة معمقة، فإن دور لجنة الحرية النقابية يقتصر على مجرد التوصية بإحالة الشکوى إلى لجنة تقصى الحقائق والتوفيق، وهو الأمر الذى يُقابل بصعوبات کثيرة. ونظرا إلى أن الإحالة إلى لجنة التقصى جوازية، فقد عمدت لجنة الحرية النقابية- من تلقاء ذاتها- إلى بحث ما يعرض عليها من شکاوى بحثا عميقا وليس مجرد إجراء دراسة أولية، ثم تقوم برفع تقرير مفصل عنها لمجلس الإدارة الذى يأخذ به دون مناقشة، وعلى ضوء هذه التقارير، يقوم مجلس الإدارة بمخاطبة الحکومات المختلفة، من أجل حثها على تعديل تشريعاتها الوطنية واتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح الأوضاع التى يتضرر منها الشاکون .
وفى کثير من الأحوال، تتعامل الدول مع توصيات لجنة الحرية النقابية باهتمام وتقدير، وتعمل على تنفيذها فعلا، سواء بإجراء تعديلات فى تشريعاتها الوطنية أو باتخاذ إجراءات لازمة لتعديل أوضاع معينة قائمة.
وفى واقع الأمر لا تتضمن إجراءات حماية الحرية النقابية، مراجعة منتظمة -فى فترات دورية محددة- لما تکون الحکومات قد قامت بتنفيذه إعمالا لتوصيات لجنة الحرية النقابية. غير أنه بالنسبة للدول التى صدقت على اتفاقية الحرية النقابية، فإن اللجنة، تقوم بإبلاغ توصياتها إلى لجنة الخبراء لمتابعة تنفيذها فى المستقبل .
وعلى الرغم من الدور المهم الذى تقوم به لجنة الحرية النقابية إلا أنه ليس هناک التزام قانونى على الدول الأعضاء فى المنظمة، بتنفيذ توصيات اللجنة، کما أنه ليس هناک جزاء مادى على مخالفتها. وعدم وجود مثل هذا الالتزام أو ذلک الجزاء، لا يعنى الإقلال من أهمية دور اللجنة فى حماية الحرية النقابية، حيث أن هناک التزام أدبى يقع على عاتق الدول بإتباع توصيات اللجنة، فضلا عن أن الواقع العملى يشير إلى أن الدول دائما ما تعمل على تجنب الانتقادات التى توجه إليها حال عدم تنفيذها هذه التوصيات، بل إن الدول غير المصدقة على أى من اتفاقات الحرية النقابية دائما ما تحرص على عدم إتيان ما يخالف توصيات لجنة الحرية النقابية .
ومن المؤکد أن الدور الذى تقوم به لجنة الحرية النقابية فى إحداث تغييرات فى سياسة الدول تجاه العمال، فضلا عن تعرضها للقواعد القانونية الدولية للعمل عند فحص للشکاوى، يدفع بعض الباحثين إلى القول باعتبار نشاط اللجنة نشاطا قضائيا أو شبه قضائى فى أقل الفروض .
ثانيا: لجنة تقصى الحقائق والتوفيق
أنشئت هذه اللجنة بموجب قرار مجلس إدارة منظمة العمل الدولية فى دورته رقم 110 فى يونيه عام 1950، حيث تم الاتفاق بين منظمة العمل الدولية والمجلس الاقتصادى والاجتماعى التابع للأمم المتحدة فى ذات العام، على إنشاء اللجنة بهدف فحص الشکاوى الخاصة بانتهاک القواعد الدولية للحرية النقابية. وقد قبل المجلس الاقتصادى والاجتماعى رسميا -بموجب هذا الاتفاق- خدمات منظمة العمل الدولية ولجنتها محل الدراسة فيما يتعلق بالرقابة على الحريات النقابية . وتحمل لجنة تقصى الحقائق والتوفيق صفة الهيئة الدائمة ويمکن اعتبارها المرجع الأعلى للآلية الخاصة بحماية الحرية النقابية .
ومن المقرر أن يقوم مجلس إدارة منظمة العمل الدولية بتعيين أعضاء اللجنة بناء على اقتراح من المدير العام لمکتب العمل الدولى، وبعد موافقة المجلس الاقتصادى والاجتماعى، وموافقة المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية. ويتم اختيار أعضاء اللجنة وفق مواصفات خاصة، کما أنهم يتمتعون بالاستقلال فى ممارسة مهامهم، ويتراوح عددهم ما بين ثلاثة وخمسة أعضاء، ولا يراعى فى تشکيل اللجنة ثلاثية التکوين کما هو الحال فى لجنة الحرية النقابية.
وتختص لجنة تقصى الحقائق والتوفيق، بفحص الشکاوى، المرفوعة من الحکومات أو منظمات أصحاب العمل أو العمال، فى مسائل تتعلق بانتهاک الحرية النقابية، حيث تقوم اللجنة بإجراء بحث ودراسة تفصيلية لموضوع الشکوى، وذلک بتقصى الأوضاع بشأن ما يرد إليها، ويکون لها فى سبيل ذلک إجراء اتصالات مع الحکومات المعنية، إلا أن اللجنة قد تواجه عقبات فى طريق عملها منها عدم جواز إحالة الشکوى إليها إلا بعد موافقة الحکومة المعنية، ما لم تکن الشکوى خاصة بمخالفة اتفاقية مصدق عليها من قبل الدولة المشکو فى حقها؛ لذا فقد کان من الطبيعى أن ترکن الحکومات إلى هذا الشرط لعرقلة إحالة الشکاوى المقدمة ضدها إلى هذه اللجنة. ويترتب على هذه العقبة، اضطرار مجلس الإدارة إلى إحالة الشکوى المعنية إلى لجنة الحرية النقابية، الأمر الذى يعنى أن لجنة تقصى الحقائق قد ولدت ميتة، فلم تتصدى إلا لعدد قليل من الشکاوى لا يتجاوز أصابع اليدين؛ بسبب الشرط الخاص بموافقة الحکومة المعنية.
ومما هو جدير بالذکر أنه إذا کان القضاء الدولى والتحکيم والتوفيق، تعد أساليب لفض المنازعات الدولية سلميا، فإن القضاء والتحکيم، يدخلان فى إطار الأساليب القضائية بخلاف التوفيق وهو أسلوب غير قضائى لحل المنازعات الدولية؛ أى أن أجهزة التوفيق لا تفصل فى النزاع المطروح عليها بقرارات قطعية کالقضاء أو التحکيم الدوليين، بل إن ما تنتهى إليه ليس له قوة قانونية ملزمة للأطراف المتنازعة ، الأمر الذى يدفعنا إلى القول بأن ما يصدر عن لجنة تقصى الحقائق والتوفيق التى نحن بصددها، ليس حکما فى النزاع وليس له قوة قانونية ملزمة، فهى تبحث عن حلول مرضية ومقبولة من جانب الأطراف.
وعلى الرغم من العراقيل التى تواجه عمل اللجنة إلا أنها حريصة على تحقيق هدفها المتمثل فى حماية الحرية النقابية، وهى فى سبيل ذلک تقوم بمهمتين أساسيتين، أولهما هى البحث عن حلول للمشاکل القائمة من واقع قواعد العمل الدولية، وثانيتهما هى البحث عن حلول مقبولة من الأطراف المتنازعة .
الخاتمة:
تناولنا في هذه الدراسة دور الأمم المتحدة ممثلة في أجهزتها ووکالاتها المختلفة في حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، والحرص على ضمان هذه الحقوق وعدم تعريضها للانتهاک، وهو الأمر الذي تحقق من خلال منظومة حماية کاملة شکلتها أجهزة المنظمة الأممية؛ إيمانا منها جميعا بأن الهدف الأسمى والأعلى لها، هو الإنسان عبر العالم، ومن ثم فإن حمايته وضمان حقوقه، مسألة محل اهتمام ومتابعة حثيثة منهم جميعا في إطار رسالة المنظمة الأممية، التي هدفت منذ قيامها، انقاذ البشرية من صور الانتهاکات المختلفة لحقوقهم الإنسانية، وضمان أمنهم وسلامتهم. ولما تنامت وتکاثرت موجات الانتهاکات التي طالت حقوق الإنسان عبر العالم، کان حتما تکثيف الجهود الأممية في اتجاه تفعيل کل وسائل الحماية العاملة في اطار المنظمة الدولية: متابعة، ومراقبة، وتقصيا للحقائق، وتوقيعا للعقوبات على المنتهکين لحقوق الإنسان وحرياته بل وتدشين أجهزة جديدة ومستحدثة للقيام بهذا الدور خير قيام.
وقد خلص الباحث بعد الانتهاء من دراسته لهذا الموضوع إلى عدد من النتائج، هي:
1- أن منظمة الأمم المتحدة لا تتوانى ولا تتراخى في أداء دورها الأممي المتعلق بالإنسان عبر العالم، من منطلق أنها تجربة وحدوية عتيدة قامت ونهضت من أجل إقرار السلام وانهاء الحروب حماية للبشرية من ويلاتها ورغبة في تحقيق استقرار الشعوب ورفاقيتها وفتح آفاق التنيمة أمامها.
2- حرص المنظمة الدولية على تدشين أجهزة متخصصة في مجال حماية حقوق الإنسان للقيام بأدوار الحماية والرقابة والمتابعة الحثيثة لأي انتهاکات تنال من حقوق الإنسان عبر العالم.
3- أثبتت الأمم المتحدة أنها منظمة أممية ذات ولاية عالمية فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحرياته وهو ما برهنت عليه أنشطة مجلس الأمن والمجلس الدولي لحقوق الإنسان وکذلک اللجان التعاهدية المتعددة في اطار الأمم المتحدة، والتي بذلت جميعا کل البذل من أجل اعلاء حقوق اللإنسان والحد من الانتهاکات التي قد تتعرض لها.
4- أن الأمم المتحدة تظل هي صاحبة الدور الأبرز في مجال حماية حقوق الإنسان، وأن هناک تعلُق من أولئک المنتهکة حقوقهم بهذه المنظمة ودورها الأممي في دعمهم والحد من الانتهاکات التي يتعرضون لها.
5- تعمل الأمم المتحدة على تطوير آليات حماية حقوق الإنسان بشکل مستمر وتحرص في الوقت ذاته على وضع التشريعات الدولية التي تکفل حماية حقوق الإنسان وضمان صيانتها واحترامها.
6- تقوم منظمة العمل الدولية کإحدى المنظمات الموصولة بالأمم المتحدة بدور کبير في حماية حقوق الإنسان، وتمکنت من تحقيق نجاحات عديدة على الأرض إنفاذا لمعايير العمل الدولية على طريق حماية جميع فئات العمل على اختلافها، وهو ما يتضح جليا ن خلال دور آليات المنظمة الرقابية التي لا تتوانى في عملها وتنفيذ المطلوب منها في مواقع الانتهاکات.
7- استطاعت أجهزة منظمة الأمم المتحدة ووکالاتها المختلفة أن تقوم بدورها في مجال حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية من الانتهاک عبر العالم من خلال قيامها بالمراقبة والمتابعة الحثيثة والمستمرة لملف حقوق الإنسان داخل أعضاء الأمم المتحدة.