دراسات اقتصادية

دور المشروعات الصغرى والمتوسطة في تطوير اقتصاد الدولة الوطنية النامية

    دور المشروعات الصغرى والمتوسطة في تطوير اقتصاد الدولة الوطنية النامية

   The  role  projects    small and meddle  in   development  state  of   nation  growth

   اعداد  : د . مرعـى على الرمحي استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية   جامعة  بنغازي – ليبيا  2020- 2021

ملخص البحث :

          يتناول هذا لبحث مشكلة دور المشروعات الصغرى والمتوسطة في تطوير اقتصاد الدولة الوطنية  ” النامية ”  باعتبار ان تلك المشروعات تمثل اهم الروافد الحقيقة لكافة الانشطة الاقتصادية داخل الدولة الوطنية ” النامية ” . كما يتناول هذا البحث التعريف بالمشروع  وكذلك العناصر الاساسية التي تشخص مفهوم المشروعات الصغرى والمتوسطة  . بالإضافة الى تحديد الاتجاهات الرئيسية للمشروعات الصغرى والمتوسطة  .

كما يتناول هذا البحث الصعوبات التي تعانيها المشروعات الصغرى والمتوسطة داخل اقتصاد الدولة الوطنية ” النامية ”  من خلال توضيح اهم الاهداف الاقتصادية التي تسعى المشروعات الصغرى والمتوسطة الى تحقيقها عمليا داخل البيئة الاقتصادية .

كما يقدم هذا البحث اهمية تلك المشروعات الصغرى والمتوسطة في تفعيل السياسات الاقتصادية داخل الدولة الوطنية ” النامية ” . وصولا الى تقديم نتائج نهائية تم تناولها في نهاية هذا البحث العلمي .   

                      

مقدمة introduction  

ان المشروعات الصغرى والمتوسطة تعتبر  من اهم الروافد الحقيقة لكافة الانشطة الاقتصادية القائمة داخل الدول الوطنية . ولقد ازدادت اهمية تلك المشروعات لعدة اسباب موضوعية متمثلة في عدم قدرة الدول الوطنية على الاستجابة لكل المطلب الداخلية لاسيما الاقتصادية منها . بالإضافة الى محاولة الدولة التقليل من درجات الفساد المالي و الإداري على السواء . والعمل من جانب اخر من التقليل من حالة البطالة  . وخلق اسواق بديلة تساهم في تخفيف الضغط على الاقتصاد المحلى في انتاج بعض الصناعات التحويلية  . ووفق هذه الحقائق فقد اصبح مطلب توفير المشروع المتوسط و الصغير بالنسبة للدولة الوطنية بمثابة الامر الحتمي لتجاوز كل المشاكل التي الاشارة اليها سابقا  . وبهذا يمكن القول ان مسالة اقامة المشروع الصغير والمتوسط اصبحت من ضروريات الاقتصادات المعاصرة كونها تعكس  مدى النضج الاقتصادي لدى الدولة الوطنية التي تعطى اهتمام اكبر لهذه المشروعات الاقتصادية . كما يمكن الاشارة الى الاثر الإيجابي الذى تتركه هذه المشروعات على الدخل القومي للدولة الوطنية  باعتبار ان حركة دوران راس المال للمشروع الاقتصادي تعطى فائدة مالية للدولة .     بل وفى ظروف اخرى تحقق المشروعات الصغرى والمتوسطة ما يعرف بتوفير السيولة المالية لقطاع المصارف والتأمينات في حالات الكساد الاقتصادي  . وعليه فان مسالة اقامة المشروع الصغير والمتوسط تعتبر من الشروط الاساسية التي وضعها الخبراء الاقتصاديون سواء للدول المتقدمة او النامية على السواء  . مع مراعاة ان تلك المشروعات تساعد الدول في ان تعطي لأبنائها مستوى لائق من المعيشة  في عصر تزايدت فيه مستويات التطلع والطموح أو ما يطلق عليه اليوم مصطلح ” Expectation   Revolution of  Rising  the   ” والذي يظهر فيه مفهوم  ما يعرف بالدولة الرفاهية والرعاية . ([1])

ولابد من الاخذ بعين الاعتبار ان مفهوم المشروعات الصغرى والمتوسطة يعتبر مفهوم واسع اختلفت فيه الآراء والأفكار حوله بسبب اختلاف وتنوع الخلفيات الفكرية والأيدولوجية للمتخصصين الذين يوضحون معانيها في سباق بحوثهم ودراساتهم . ولكــن هذا الاختلاف لا ينفي وجود اتفاق نسبي بين المفكرين يؤكــد على كونها  تعني :

Œ. تعريف المشروع : ” هي عمليــة يراد من خلالها  تحقيق  منفعة مادية او معنوية  للإنسان والمجتمع على السواء ” .

. تعريف جاكوب فنر ” Jacob Vener ” : المشروعات الصغرى او المتوسطة  هي احد الاساليب الاقتصــادية التي توفرها الدولة لأفرادها بقصد استغلال الإمكانات المتاحة للمجتمع بغرض الوصول إلى أعلى نصيب لدخل الفرد من خلال استخــدام أقصى الفرص للمــوارد الاقتصادية الممكن استغلالها لصالح المجتمع ([2]).

Ž. تعريف هو بهوس ” L.T. Hobhouse ” :  المشروعات الصغرى والمتوسطة هي عملية  اقتصادية يراد من وراؤها خلق فرص عمل جديدة تساعد على تنويع و زيادة الإنتاج بقصد الاستجابة لمطالب البيئة  ” الداخلية ؛ الخارجية ”  وصولا الى تحقيق ما يعرف  بحالة الرفاهية الاقتصادية . ([3]) . مع مراعاة ضرورة الاخذ بعين الاعتبار ان حالة الرفاهية welfare and study   the تعنى توفير الحد الادنى من الاشباع للحاجات الانسانية  .

ويبدو واضحا من العرض السابق لبعض التعريفات التي حاولت من خلالها إلقاء الضوء على مدلول مفهوم المشروعات الصغرى والمتوسطة يمكن أن نستدل على العناصر الأساسية التي تشخص مفهوم تلك المشروعات المتوسطة والصغرى و هي كالتـــــالي :

Œ. إن المشروع :  مفهوم معنوي لعملية ديناميكية موجهة أصلاً إلى الإنسان باعتباره العنصر البشري الذي يساهم في عملية تنمية المجتمع .

. إن المشروعات الصغرى والمتوسطة :  تعمل على استغلال كافة الإمكانيات المتاحــة في المجتمع سواءً تلك ”  المادية   ،  الطبيعية  ، البشرية  ” .

Ž. إن المشروعات الصغرى والمتوسطة : هي عملية تغير مقصود تحدث في إطار اقتصادي و اجتماعي وثقافي معين ، وهذا يعني أن برامج المشروعات الصغرى والمتوسطة تسعى لإحداث تغيرات ثقافية داخل الإطار الاجتماعي – الثقافي للمجتمع المراد تنميته .

. المشروعات الصغرى والمتوسطة : هي عملية إدارية موجهة ، أي أنها تتحقق من خلال تدخل الدولة  في استغلال إمكانياتها ومواردها المادية والطبيعية والبشرية المتاحة ([4]) .

الاتجاهات الرئيسية للمشروعات المتوسطة والصغرى  :

في الحقيقة توجد ثلاثة اتجاهات رئيسية في تحديد أبعاد عملية المشروعات الصغرى والمتوسطة  في العالم المعاصر تتمثل في التالي :

  1. الاتجاه الضيق : حيث يعمل هذا الاتجاه على جعل مفهوم المشروع المتوسط والصغير مفهوماً مرادفاً لمفهوم الرعاية الاجتماعية المتمثل في الخدمات التي تقدمها الدولــة لرعاياها كالصحة والتعليم من خلال توفير فرص العمل .
  2. الاتجاه الذي تتبناه الأمم المتحدة : حيث تعني المشروعات الصغرى والمتوسطة تقديم الخدمات على مستوى التدريب المهني وتنمية المجتمعات المحلية ([5]) .
  3. الاتجاه الذي يؤكد على حقيقة التغيير الاقتصادي لغرض إشباع الحاجات الاقتصادية  للأفراد ، وهذا الاتجاه يمثل النظرة الشمولية للتنمية ([6]) .

الأبعاد الأساسية للمشروعات المتوسطة والصغرى  :

لابد من الاخذ بعين الاعتبار انه عند دراستنا لمفهوم المشروعات الصغرى  والمتوسطة  فإننا نستنتج أن لهذا المفهوم عدة أبعاد رئيسية يمكن إيجازها في الأبعاد التالية :

أولاً : البعد السياسي :

حيث يتجســد البعد السياسي للمشروعات الصغرى  والمتوسطة  في عنصرين أســاسيين  ” العنصر الداخلي ” المتمثل في قيام نظــام سياسي للمجتمع يكون مســؤولاً عن وضع استراتيجية عامة للدولة تستهدف تحقيق الرفاهية الاقتصاديــة والاجتماعية والاستقرار والأمن لجميــع أفراد المجتمع والعمل على تحقيق المشاركة السياسية لأفراد المجتمع في صنع القرار ، بينما يتمثل ”  العنصر الخارجي ”  في العلاقات المتبادلة بين الدول والتي تؤثر في التنمية بشكل إيجابي أو سلبي ([7]) .

ثانياً / البعد الاقتصادي :

 ان البعد الاقتصادي يعتبر أكثر الأبعاد النظرية المفسدة للمشروعات الصغرى  والمتوسطة . كما يمثل البعد الاقتصادي  لتلك المشروعات عنصر  الموارد الطبيعية المتاحة والمؤسسات والمنشآت الاقتصادية التي تخدم قضايا التنمية .

ثالثاً /  البعد الاجتماعي الثقافي :

حيث يتجسد هذا البعد في العديد من العناصر والمكونات البنائية مثل الأنساق الاجتماعية التي تكون البناء الاجتماعي كالنسق القيمي ، النسق الديني ، النسق العائلي والنسق الأيكولوجي والنسق التعليمي والتقسيم العائلي ” الطبقي ” ونظم الرعاية الاجتماعية والصحية والمورد البشري والظروف التاريخية ، مع مراعاة أن مسألة البعد الاجتماعي ( الثقافي) تختلف من مجتمع لآخر بشكل ( إيجابي ، سلبي ) ([8]) .

رابعاً / البعد السلوكي :

إن التغير في القيم والاتجاهات والسلوكيات يعتبر شرطاً أساسياً للمشروعات الصغرى والمتوسطة  . وأن درجة الحاجة إلى الإنجاز والإبداع والتطوير هي من أهم الدوافع الرئيسية للمشروعات الصغرى والمتوسطة التي تحتاج  الى فهم اوسع واكبر للتفسيرات السيكولوجية والسيسيولوجيا للنمو الاقتصادي والاجتماعي .

خامساً / البعد التكنولوجي :

إن مسالة تحقيق المشروع الصغير او المتوسط   في أي دولة وطنية من دول العالم سواءً   ” المتقدم ، النامي ”  يستلزم وجود وعي تكنولوجي واستخدام المعارف الفنية والأجهزة التكنولوجية الحديثة التي تكفل تحقيق عاملين رئيسيين هما :

  1. الزيادة في الإنتاج .
  2. الرفع في مستوى الأداء .

إلا أننا نميل إلى أن ننبه في هذا الصدد إلى ما قاله  الفيلسوف الفرنسي ” جاك أيلول ” في الخمسينات عندما قــال : ” إن التقنية لا تعني استخدام الآلات فقط وإنما تعني أيضــاً كل سلوك واع وعقلي يــهدف إلى الفاعلية والمنفعة بحيث يصبــح البحث عن المردود غاية في حد ذاته ([9]) .

سادساً –  البعد الإداري والتنظيمي :

في الواقع إن جــملة الأهداف الإنمائية لا تتحقق فعليــاً ( تطبيقياً ) إلا من خــلال العمليات والوظائف الإدارية المتمثلة في التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والتنسيق … إلخ التي تحدد لنا مدى تحقق الأهداف المرجوة من عدمه . وماهي التحديات والمعوقات البنائية والتخطيطية .. إلخ ([10]) .

واقع المشروعات الصغرى و المتوسطة داخل اقتصاديات الدول النامية                                        

 عند دراستنا لهذا الجانب ينبغي علينا في البداية أن نحدد ماهية المشروعات الصغيرة والمتوسطة . و التي تقصد بها في هذا البحث والمتمثلة في كونها تعنى ( تلك الفاعليات المهمة في تنمية وتفعيل الموارد البشرية وما يترتب على ذلك من نمو في الناتج الإجمالي  وفي الاستثمار بأشكاله المختلفة .ومن مواجهة جادة لمشكلة البطالة بنوعيها الفعلي والمقنع داخل الدولة الوطنية المعاصرة  ).

ويبدو واضحا ان هناك مشكلة العلاقة التبادلية مابين التنمية و المشروعات الصغرى والمتوسطة  في البلدان العربية من خلال ما تتعرض له المشاريع الصغرى والمتوسطة  من تحديات تفرزها معطيات السوق ( سوق العمل ) في أبعادها التنافسية والمعلوماتية والتكنولوجية .

وبالتالي فانه يمكن القول أن المشاريع الصغرى والمتوسطة في الدولة الوطنية المعاصرة تتعرض إلى ما يعرف بـ ” إشكالية التنمية ” ، حيث يصبح من الصعب على المبادرات الفردية أن تشق طريقها في الإنتاج وأن ترفع من كفاءتها في المنافسة مالم يتوفر لها الدعم اللوجستي والمالي والتقني على حد سواء . ومالم يتم احتضانها حتى تصبح أكثر قدرة وكفاءة في الدخول إلى سوق العمل المعاصر ([11]) .

أولاً /  الصعوبات الإجرائية في تحديد التعريف الإجرائي للمشروعات  الصغرى والمتوسطة داخل اقتصاديات الدول الوطنية :

تظهر اولى المشكلات الرئيسية التي تواجه المشروعات الصغرى والمتوسطة  داخل الدولة الوطنية من خلال مشكلة تعرف بمشكلة تحديد المفهوم الإجرائي المتفق عليه  بين المدارس الفكرية والفلسفية الاقتصادية التي تدخل المشروعات الصغرى والمتوسطة في الدول الوطنية  بالرغم  من وجود قوانين ولوائح تحدد شكل وحجم المشروع الصغير والمتوسط   .      

الا ان مشكلة التداخل بين تلك المشروعات ظلت قائمة وتتضح هذه الحقيقة من خلال تهرب اصحاب تلك المشروعات من تسديد الضرائب المستحقة  . بالإضافة الى تحايل اصحاب تلك المشروعات من تقديم الاوراق الصحيحة المتعلقة بحجم المشروع الفعلي .  بالإضافة الى غياب مبدا  الرقابة الادارية  والقانونية  وكذلك  غياب  قاعدة بيانات واضحة تحدد متطلبات السوق المحلى من تلك المشروعات . بالرغم من وجود قواعد اقتصادية واضحة تحدد ماهية المشروعات الصغرى والمتوسطة . في ظل وجود مثل تلك القواعد الثابتة و المتمثلة  بالأساس في اعتبار (حجم التكنولوجيا  the technology of size ) التقنية المستخدمة معياراً للتمييز بين ما هو مشروع صغير و ما هو  غير ذلك . ويذهــب البعض الى اعتبار ان رأس المال المستثمر في المشروع  يعتبر مقياساً لحجم المشروع  ( صغير، كبير) بينما ترى دراسات اخرى  ان الفيصــل في التمييز بين المشروعات الصغرى و المتوسطة  وتلك الكبرى يتمثل في   كمية   ( الإنتاج the production  ) بينما يتجه رأي آخر إلى عدد العاملين بالمشروع كمقياس لإبراز الصغير من الكبير من المشروعات . مع مراعاة ان الدراسات الاقتصادية المعاصرة قد حددت بان  المشروع الصغير والمتوسط  إذا استخــدم من 5 إلى أقل من 50 عامل ويكون المشروع متوسطاً إذا استخدم من 50 إلى 100 عامل  ويكون المشروع متناهياً في الصغر اذا كان عدد العاملين به أقل من 5 عاملين ([12]) .

ثانياً / الصعوبات الموضوعية للمشاريع الصغرى  والمتوسطة في اقتصاديات الدول الوطنية النامية :

في ظل عدم وجود ملامح حقيقة للاقتصاديات داخل الدول الوطنية النامية  خلال العقود السابقة بسبب عدة مضاعفات يتمثل  اهمها وبشكل واضح في ما يعرف  بتدخل           ( السلطات الحكومية  the government of  authority   ) في تحديد وتوجيه كافة الانشطة الاقتصادية في  البلدان العربية سواء  بشكل مباشر او شبه مباشر . وفى ظل اهمال تام للمراكز البحثية سواء للجامعات او البحثية الاخرى  . الامر الذى انعكس سلبا على وجود سياسات اقتصادية رشيدة تسير الاقتصاد الوطني للدول الوطنية النامية   برؤية اقتصادية معاصرة  . وكذلك  ضعف قدرة الاقتصاديات الخاصة بالدول الوطنية النامية باستثناء النفطية منها  على المنافسة بسبب غياب ما يعرف  ” بالسياسات الحمائية  ” .

الامر الذى جعل تلك  الاقتصاديات النامية تظهر بحالتها المتهالكة التي  يعانى منها  دائما من مشاكل وازمات متتالية ساهمت بدورها في جعل هذا الاقتصاد يدور في دائرة التخلف والعجز الدائم في ميزان المخرجات للعملية الانتاجية .

 وسوف تتناول في هذا البحث  ابز تلك المشاكل التي ساهمت بدوره في زيادة تخلف اقتصاديات الدول الوطنية النامية . ويمكن أن نحدد أبرز تلك الصعوبات الموضوعية في التالي :

Œ. معوقات النشأة والتأسيس :

أولاً / النشأة :  

  حيث تظهر اولى تلك المشاكل في مشكلة التأسيس والمتمثلة في تعقيد إجراءات التأسيس والمستندات المطلوبة والضمانات اللازمة وكثرة المرجعات المتعددة في إطار المعطيات التشريعية والتنظيمية و التقلب المستمر في المستندات المطلوبة . وايقاف قبول طلبات النشأة  ، والتأخير في الرد على قبول المشروع  .

ثانياً / التأسيس :

 وتتمثل في إشكالية توفير الموقع و ارتفاع الأسعار اللازمة لإيجاد موقع مناسب للمشروع وربطه بالمرافق والطاقة واماكن الخدمات  . وتخلى العديد من  الدول الوطنية النامية على تحديد اماكن صناعية يمكن ان تعرف بمناطق صناعية محددة النشاط الاقتصادي  ([13]) .

ثالثا  /  معوقات التمويل :

  تعانى معظم المشروعات الصغرى والمتوسطة في الدول الوطنية النامية الى جملة من الصعوبات التمويلية بدءاً من رأس المال مروراً بمشاكل الاقتراض من المصارف وزيادة أسعار الفائدة . وصعوبة توفير الضمانات المطلوبة للتسديد  . وكذلك الى تعقيد إجراءات منح القروض . مع مراعاة ان هناك مشكلة اخرى متمثلة في عدم وجود معايير دقيقة تحدد الفئة المستهدفة من تلك القروض حيث ثبتت العديد من حالات الازدواجية في فئة المستهدفين من تلك القروض   ([14]) .

رابعا  :  معوقات الموارد البشرية

لابد من الاخذ بعين الاعتبار ان هناك مشكلة اساسية تعانى منها  معظم اقتصاديات  الدول الوطنية النامية وهى متمثلة في  غياب اليد العاملة المدربة  فنيا التي تحتاجها متطلبات التكنولوجيا المعاصرة  . وهذا بدوره يقودنا الى مشكلة اخرى تعرف بمشكلة مخرجات العملية التعليمية القائمة في داخل معظم الدول الوطنية النامية . ولهذا السبب اصبحت كافة النشاطات الاقتصادية القائمة في تلك الدول الوطنية النامية تعانى من غياب الموارد البشرية ذات الكفاءة المناسبة في التعامل مع التطور التقني . كما ساهم حدوث النقص في هذه الموارد  البشرية  بدوره في حدوث تحدياً كبيراً للمشروعات الصغرى والمتوسطة فيتلك الدول الوطنية النامية .

خامسا : معوقات المواد الأولية ( الخام )

كما معلوم ان العناصر الرئيسية للعملية الإنتاجية هي ” العامل ، الآلة ، المادة الخام ” ، فالمواد الأولية The Raw Facts تشكل مشكلة للمشاريع الصغرى من حيث توفرها بأسعار منافسة أو زيادة تكلفتها أو من خلال درجة الجودة الحاصلة عليها . ومن المهم الاشارة الى مشكلة خطيرة قائمة داخل النشاط الاقتصاديات النامية  خلال الفترة السابقة  واللاحقة وهى متمثلة في استيراد مواد خام من خارج  حدود الدول الوطنية النامية  بالرغم من توفرها داخلها وان كان بعضها يحتاج الى اعادة تصنيع يمكن ان تصنعها شركات عامة او خاصة  وطنية متخصصة  لاسيما في الصناعات البتروكيميائية  ([15]) .

سادسا : معوقات تقنية الإنتاج :

يبدو واضحا ان من بين المشاكل التي تعانى منها النشاطات الاقتصادية داخل الدول الوطنية النامية  هي مشكلة التقنية وصعوبة الحصول على أحدثها لتطوير أساليب العمل والإنتاج . بالإضافة إلى جملة أخرى من الصعوبات تتمثل في إشكالية العلاقة مابين الإدارة ونوعية الإنتاج والمقدرة على المنافسة وتطوير الجودة للمنتج  ([16]) .

دور المشاريع الصغرى والمتوسطة في تطوير  اقتصاديات الدول النامية   :

 كما هو معلوم تؤدى  معظم المشروعات  الصغرى والمتوسطة  دورا ايجابيا في النشاط الاقتصادي المعمول به فيه داخل  الدولة الوطنية النامية  . لاسيما عندم تتوفر كافة الامكانيات المطلوبة  والتي اهمها يتجسد الهدف العام لمفهوم التنمية في دعم المبادرات العلمية والمشروعات الناشئة التي لا تتوفر لها المقومات اللازمة للبدء الفعلي في العمل والإنتاج ومساعدة هذه المشروعات في التأسيس من خلال توفير دراسات الجودة . وتقديم المشورة وتجهيز المكان الذي يقام عليه المشروع … إلخ ويظهر دور المشروعات الصغرى والمتوسط في وافع اداء الاقتصاد الوطني من خلال عدة نقاط يمكن ان توجزها هذه الدراسة في التالي  :

  1. تقــوم المشروعات الصغرى والمتوسطة بزيادة درجات الانتاج . وتقيم خدمات اكثر كفاءة من خلال السياسات التنموية على دعــم المشروعــات الإنتاجية أو الخدمية سواءً          ” الصغيرة / المتوسطة ” .
  2. تساعد السياسات التنموية على توفير المناخ المناسب والإمكانات والمتطلبات لبداية المشروعات الصغرى .
  3. تساعد السياسيات التنموية بتوظيف نتائج الأبحاث العلمية والابتكارات إلى مشروعات تجعلها قابلة للتحول إلى الإنتاج .
  4. تساعد السياسات التنموية على تنشيط  وتفعيل حركة السوق الوطني  ( المحلى ) ومتطلباته . ([17])
  5. تساعد السياسات التنموية على استيعاب مخرجات العملية التعليمية  سواء العلمية او المهنية  .بقصد خلق توازن بين مخرجات العملية التعليمية واحتياجات السوق الوطني من الخرجين الوطنيين .

الاهداف الاقتصادية للمشروعات الصغرى و المتوسطة :

داخل اقتصاد الدولة النامية  :

في هذا السياق ينبغي الاشارة الى وجود  جملة من الاهداف التنموية  التي تسعى الى تحقيقها سواء المشاريع الصغرى او المتوسطة داخل اقتصاد الدولة  الوطنية والتي  يمكن إيجازها في التالي :

 (أ). الاهداف الاقتصادية :

     ان السياسات التنموية تسعى بطبيعتها  إلى تشجيع الاستثمار ونشأة ونمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة بغرض الرفع من معدلات الناتج المحلي ، ولتحقيق توطين فاعل للتقنية الجديدة والمتطورة  .  وخلق اسواق اقتصادية موازية للاقتصاد  الوطني ( المحلى ).

(ب). الأهداف الفردية :

ان السياسات التنموية وفق طبيعتها الاقتصادية  تتبنى المبادرين والمقبلين الجدد للأسواق المحلية وتشجيعهم على البد الفعلي للمشاريع القادمين على مزاولة نشاطهم فيها  وهي بذلك تفتح فرص عمل جديدة ومناسبة وتسهم بذلك في حل مشكلة البطالة . وهذا في اعتقاد الباحث يتوقف على مدى قدرة الدولة الوطنية النامية على احداث عملية  ربط العلاقة  the relation of  link  ما بين مخرجات العملية التعليمية بمتطلبات السوق  الوطني  the local of market  .

(ج). الأهداف الاستثمارية :

 بمعنى ان السياسات التنموية تعمل على توفير مجالات جادة ومضمونة للاستثمار الأمثل للإمكانيات والموارد المادية والبشرية والفنية والتقنية المتاحة . ([18])

النامية

ويجب التذكير بأن الأهداف الاستثمارية ” التنموية ” لا تقتصر في تهيئة البنية التحتية والدعم والمساندة لبداية التأسيس . بل وأيضاً في العمل على مواكبة التطور العلمي والتقني الذي يسهم بدوره في زيادة معدلات التطور والنمو. وفي زيادة الكفاءة الاقتصادية والقدرة على المنافسة لكي تصبح قادرة على الاندماج في دورات النشاط الاقتصادي بدرجة عالية .

أهمية المشروعات  الصغرى والمتوسطة   في تفعيل السياسات الاقتصادية داخل الدول النامية :

في الواقع ان المشروعات الصغرى والمتوسطة  لها  دوراً مهماً في تفعيل السياسات التنموية  داخل اقتصاديات الدول النامية  من خلال الحقائق التالية :

  1. ان المشاريع الصغرى والمتوسطة تعمل وفق طبيعتها الاقتصادية على توفير فرص العمل والحد من مشكلة البطلة  the   vacancy   .
  2. ان المشاريع الصغرى والمتوسطة تعمل وفق طبيعتها الاقتصادية على دعم تنمية الموارد البشرية .
  3. ان المشاريع الصغرى والمتوسطة تعمل وفق طبيعتها الاقتصادية  على خلق تنوع في الإنتاج المحلي وخلق فرص أكثر للمنافسة ومواجهة المنتوج الأجنبي . ([19] )  
  4. ان المشروعات الصغرى والمتوسطة تعمل على انشاء اسواق موازية تساعد على استيعاب مخرجات العملية التعليمية . وتستجيب لمتطلبات السوق المحلى لاسيما في الصناعات التحويلية .

ولابد من التذكير بان اهمية المشروعات  الصغرى والمتوسطة تظهر اهميتها  تجاه السياسات التنموية للدول الوطنية النامية  من خلال كلمة جامعة الدول العربية في افتتاح الندوة القومية حول مشروعات الشباب والصناعات الصغرى . حيث أكدت على أهمية إرساء دعائم التنمية ” الاقتصادية و الاجتماعية ” وذلك لمساهمتها في استيعاب نسبة من القوى العاملة بما يكفي للحد من مشكلة البطالة بين الشباب . بالإضافة إلى إنعاش الاقتصاد من خلال تخفيف الضغط على متطلبات الصناعات غير الاستراتيجية . ورفع مستوى الدخل القومي .

وفى هذا السياق  يمكننا الاستدلال على هذه الحقيقة دوليا من خلال كلمة مندوب منظمة العمل الدولية في كلمته الافتتاحية لفاعليات الندوة القومية حول ” مشروعات الشباب والصناعات الصغرى ” أهمية المشاريع الصغرى والمتوسطة في خلق فرص العمل أمام الشباب الباحث عن العمل وذلك دون إخفاء حقائق وفاعليات أخرى كالسياسات المالية والتجارية وسعر الفائدة والصرف وغيرها . ([20])

نتائج البحث  :

لقد توصل هذا  البحث إلى جملة من الحقائق ينبغي توفرها من أجل تفعيل السياسات التنموية تجاه المشاريع  المتوسطة و الصغرى تتمثل في التالي :

  1. العمل على تطوير وتكامل السياسات المتكاملة للاستثمار والتنمية الاقتصادية داخل الدول الوطنية النامية مع تنمية رأس المال البشري بحيث تحدد موقع مشروعات الشباب والصناعات الصغيرة في خريطة التنمية المستدامة .
  2. مراجعة وتطوير التشريعات ذات الصلة لخلق مناخ مشجع للصناعات الصغرى والمتوسطة وحماية العاملين في هذه الصناعات من الناحية القانونية .
  3. توفير البيانات والمعلومات اللازمة للتحديث وكأساس للتخطيط وما يحتاجه المبادرون الجدد من بيانات تعينهم على اختيار المجالات والمواقع الواعدة ضماناً لنجاح مبادراتهم .
  4. تسهيل الإجراءات الائتمانية وتخفيف أعبائها والعمل على إنشاء بنوك متخصصة لدعم المشروعات الصغرى والمتوسطة  يكون فيها  للبعد الاجتماعي فيها وزن مماثل للبعد الاقتصادي .
  5. زيادة الوعي وتدريب المبادرين والعاملين في الصناعات الصغيرة وتقديم المساندة للمبادر ” قبل / بعد ” إنشاء مشروعه وعلى فترات زمنية طويلة نسبياً لضمان استمرارية المشروع وتطويره .
  6. ضرورة بناء شبكات قطرية وقومية لتبادل الخبرات والمعلومات الضرورية لنجاح مشروعات الشباب والصناعات الصغيرة والمشاركة في صناعات فاعلة تجنب التكرار غير المرغوب .
  7. دعوة أصحاب المشروعات الصغرى لتشكيل اتحادات وجمعيات للتنسيق وتسهيل انضمامهم للاتحادات النوعية ، وتقديم الخدمات الضروريــة من تدريب وبحوث وتسويق وغيرها .

قــــائمــة المـــراجـــع

أولاً / الكتب :

  1. أبو حليقة ، سعيد أحمد ، مشكلة التنمية في ليبيا ، ط1 ، القاهرة ، منشورات شركة ناس للطباعة ، 2015 .
  2. الجوهري ، محمد ، علم الاجتماع وقضايا التنمية في العالم الثالث ، ط1 ، القاهرة ، منشورات دار الهاشمي للطباعة والنشر  ، 2015 .
  3. السنوسي ، رمضان ، حاضنات الأعمال والمشروعات الصغرى ، ط1 ، القاهرة ،  منشورات المركز العربي لتنمية الموارد البشرية ، 2013 .
  4. الدسوقي ، حسين أحمد ، التنمية وقضية الحداثة ، ط1 ، القاهرة ، منشورات دار البيان للطباعة والنشر  ، 2014 .
  5. العبيد ، يعقوب فهد ، التنميــة التكنولوجية – مفهومها ومتطلباتها ، ط1 ، القاهرة ، منشورات الدار الدولية للنشر والتوزيع ، 2016 .
  6. قدور ، سمير عبدالغني ، السياسات التنموية في بلدان العالم الثالث ، ط1 ، بيروت ، منشورات الدار الجامعية للطباعة والنشر  ، 2016 .

ثانياً  –  المجلات :

  1. محمد ، عقيــل نوري ، الدول الناميــة – قراءة بين مفهومي التخلف والتنميــة ، مجلة الدراسات الاستراتيجية ، العدد 8 ، لسنة 2017 .

ثالثا – الكتب الاجنبية :

  1. Marten . k. the economic in growth states national . us

   vole no1 . press 2017 .

[1] . سعيد أحمد  أبو حليقة  ، مشكلة  التنمية  في ليبيا  ، ط1 ،  القاهرة  ، منشورات شركة ناس للطباعة  والنشر ، 2019 ص 29 .

[2] .جمال  اسماعيل   احمد ،   علم  لاجتماع  وقضايا التنمية  في العالم  الثالث    ، ط1 ،  القاهرة ،    منشورات دار النهضة العربية للطباعة والنشر  ، 2018 ، ص 144 .

[3] . المرجع السابق ، ص 70 .

[4] .   سمير عمران انور ،    المشروعات الاقتصادية الجديدة ، ط1 ، الاسكندرية ، منشورات دار اليقين  للطباعة والنشر  ، 2018 ،ص54.

[5] . عقيل  نوري  محمد ،  الدول  النامية –  قراءة  بين مفهومي التخلف والتنمية ،  مجلة  الدراسات الاستراتيجية  ، العدد 8 ، لسنة  2017 ، ص 11 .

[6] .  سمير عبد الغنى قدور ، السياسيات التنموية في بلدان العالم الثالث ، ط1 ، القاهرة ، منشورات الدار الجامعية للطباعة والنشر ، 2016 ، ص 76.

[7] .  يعقوب فهد العبيد ، التنمية التكنولوجيا – مفهومها ومتطلباتها ، ط1 ، القاهرة ، منشورات الدار الدولية للنشر والتوزيع ، 2016 ،  ص 113 .

[8] .  منصور جمال حسنى ، الاقتصاد الجديد في البلدان النامية  ، ط1 ، القاهرة  ، منشورات المكتبة الجامعية للطباعة والنشر ، 2018، ص65 .

[9] . يعقوب  فهد  العبيد ،  التنميــة  التكنولوجية –  مفهومها   ومتطلباتها  ، ط1 ، القاهرة ،  منشورات الدار الدولية  للنشر  والتوزيع ، 2018 ، ص 20 .

[10] . محمد الجوهري ، علم الاجتماع وقضايا التنمية في العالم الثالث ، ط1 ، القاهرة ، منشورات دار الهاشمي للطباعة والنشر، ص 21 .، 2015 .

[11] . رمضان  السنوسي  ، ( آخرون )  ، حاضنات  الأعمال  والمشروعات ا لصغرى ، ط1 ،   الاسكندرية  ،  منشورات المركز العربي لتنمية الموارد البشرية ، 2013 ،  ص 7 .

[12] . صالح  الطويل  ، المشاريع  الصغيرة  في  البلدان  النامية   ،  ط1 ،  لقاهرة   ، منشورات  دار الثقافة العربية للطباعة والنشر   ، 2016 ،  ص 20 .

[13] . وجدي هندي ، المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة ودور الحاضنات ، ط1 ، القاهرة ، منشورات الندوة العربية حول الحاضنات الاقتصادية  ، 2018، ص 49 .

[14] . حسين أحمد الدسوقي ، التنمية وقضية الحداثة ، ط1 ، القاهرة ،  منشورات دار البيان للطباعة والنشر  ، 2017  ، ص 31 .

[15]  .  صبحى حسنى عزوز ، الاقتصاديات العربية والتكنولوجيا ، ط1 ، الاسكندرية ، منشورات دار العلم للطباعة والنشر ، 2017 ، ص 65.

[16]  . لمرجع السابق ، ص 66 .

[17] . سمير عبدالغني  قدور ،  السياسات  التنموية  في  بلدان  العالم  الثالث  ، ط1  ،  بيروت ، منشورات  دار الهاشمي للطباعة والنشر   ، 2018 ،   ص 41 .

Martin . k. the  economical   in inter    growth   state of  nation  . us . vole no 1. Press 2017 . p87.. 1

[19] . رمضان السنوسي ( آخرون ) حاضنات المشروعات المتوسطة والصغرى ، ط1 ، القاهرة ، منشورات المركز العربي لتنمية الموارد البشرية ، 2013 ، ص 81 .

[20] . المرجع السابق ، ص 82 .

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى