بقلم شافية. ب – الخبر
بإعلان المغرب استئناف علاقاته الدبلوماسية مع كيان الاحتلال الصهيوني، تصبح المملكة الدولة المغاربية الوحيدة التي تقيم علاقات مع إسرائيل، غير أن الاعتراف الرسمي بهذه العلاقات ليس سوى نتاج روابط امتدت لعقود من الزمن، استحق من أجلها الملك الراحل الحسن الثاني أن يكون رمزا على الطوابع البريدية الإسرائيلية.
تعود بداية العلاقات بين الرباط وتل أبيب إلى مطلع ستينيات القرن الماضي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي عمدت صفحة “إسرائيل تتكلّم بالعربية” على “فايسبوك”، إلى تعداد مظاهر التكريم التي قامت بها الدولة العبرية لتخليد اسمه في الذكرى الـ91 لميلاده، مشيرة إلى إقامة نصب لتخليد ذكراه في مدينة “بتاحتيكفا” وإطلاق اسمه على أحد الشوارع الرئيسية في بلدة “كريات عكرون” في وسط إسرائيل، كما أقيمت حديقة لتخليد ذكراه في مدينة “أشدود” وممشى باسمه في مدينة “كريات جات”، وعند وفاته أصدرت إسرائيل طابعاً بريدياً يحمل صورته كُتب عليه بالعربية: صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني ملك المغرب.
ووفقا لما أشارت تقارير إعلامية، فإن هذا الولاء الإسرائيلي للحسن الثاني، لم يكن من الفراغ، على اعتبار أنه تعامل مع كيان الاحتلال كـ”حليف محتمل”، منذ البداية من خلال دفعات تهجير اليهود المغاربة إلى إسرائيل، بداية من عام 1961.
وفي هذا الشأن، قال اليهودي الراحل شمعون ليفي، الذي كان يشغل منصب مدير المتحف اليهودي في مدينة الدار البيضاء شمالا، إن اليهود المغاربة هاجروا إلى إسرائيل على دفعات، بدواع متعددة، وأضاف في تصريحات سابقة لجريدة “المساء” المغربية عام 2009، أن “أول دفعة من اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى إسرائيل، كانت سنة 1948، أي مباشرة بعد قيام الكيان الصهيوني، ويقدر عددهم بحوالي 90 ألف فرد كان معظمهم يزاولون حرفا بسيطة، (وهاجروا) لدافع تحسين ظروفهم الاجتماعية”. وتابع أن “الدفعة الثانية هاجرت بعد حصول المغرب على الاستقلال (1965)، ومعظمهم لم تكن لديهم رغبة في الهجرة، وتم تهجيرهم ربما بقرار من الدولة، نظرا إلى الصراع السياسي الذي ميز تلك المرحلة من تاريخ المغرب”.
وأفاد ليفي بأن “أكبر محطة في تاريخ هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل هي تلك التي وقعت سنة 1967، أي بعد انتصار إسرائيل على العرب في ما يعرف بـ”حرب الستة أيام”.
وفي 22 جويلية 1986، استقبل العاهل المغربي آنذاك، الحسن الثاني، رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها شمعون بيريز، في مدينة إفران (شمال)، ثم التقاه في العاصمة الرباط، وهو اللقاء الذي أثار ردود أفعال مستنكرة، خاصة من طرف قوى سياسية مغربية وجامعة الدول العربية.
وتميزت سنة 1994 بتطور كبير، ففي الأول من سبتمبر، تم افتتاح مكتب اتصال إسرائيلي في الرباط، ليؤرخ ذلك اليوم لاعتراف مغربي ضمني بإسرائيل، وبعد عامين فتح المغرب مكتب اتصال له في إسرائيل.
وأرجع المغرب حينها إقامة تلك العلاقات إلى “الرغبة في دعم لغة الحوار والتفاهم، بدل لغة القوة والغطرسة، للتوصل إلى السلام العادل والشامل”.
وفي صحيفة “الأحداث” المغربية، لفت مقال سابق إلى أن الملك الراحل قال منذ كان وليا للعهد “لو كنت مكان الدول العربية لاعترفت بإسرائيل ولقبلت عضويتها بالجامعة العربية، لأنها على كل حال دولة قائمة ولا يمكن إزاحتها”، مشيرة إلى أن الاقتباس السابق ورد في كتاب مذكرة ملك، الصفحة 245 من الطبعة الفرنسية.
وفي السياق ذاته “سارع المغرب إلى تفعيل إقامة روابط مع إسرائيل على مستوى مكاتب الاتصال الثنائية حتى يتسنى للجالية المغربية اليهودية بإسرائيل التواصل مع وطنها الأم، لكن هذه المكاتب أغلقت سنة 2000 بفعل العنف في حق الشعب الفلسطيني المنتفض للدفاع عن أرضه”.
وفي 24 أوت من السنة الماضية 2020، قال رئيس الحكومة المغربي، سعد الدين العثماني، كلمته الشهيرة بأن “المغرب يرفض أي تطبيع مع الكيان الصهيوني، لأن ذلك يعزز موقفه في مواصلة انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني”، ليعلن المغرب بعدها بأشهر وتحديدا في العاشر من ديسمبر، اعتزامه استئناف الاتصالات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل “في أقرب الآجال”.
وأرجعت المملكة خطواتها الجديدة إلى “الروابط الخاصة التي تجمع الجالية اليهودية من أصل مغربي، بمن فيهم الموجودين في إسرائيل، بشخص العاهل المغربي”، وفي اليوم نفسه، أعلن ترامب أن المغرب وإسرائيل اتفقا على تطبيع العلاقات بينهما، بوساطة أمريكية، كما أعلن اعتراف الولايات المتحدة، للمرة الأولى، بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية.