شرح جـــريمة الســـــــــــب في القانون الجزائري

جـــريمة الســـــــــــب
المطلب الأول: تعريف جـــريمة الســب و أركانها

1- تعريف جريمة السب:

تنص المادة 297 من قانون العقوبات 06/23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 على أن “يعد سبا كل تعبير مشين أو عبارة تتضمن تحقير أو قدحا لا ينطوي على إسناد أية واقعة” ويقصد بالسب كل حدش للشرف والاعتبار، فهو مدلول أوسع من القذف الذي لا يتحقق إلا بإسناد واقعة معينة، وقد تناول المشرع الجزائري السب في القسم الخامس تحت عنوان الاعتداء على شرف واعتبار الأشخاص ونص عليه في المواد 297، 298 مكرر 299 من قانون العقوبات.

والعنصر الذي يفرق السب عن القذف هو أن القذف لا يكون إلا بإسناد أمر معين، أما السب فيتوافر بكل ما يتضمن خدشا للشرف أو الاعتبار، أي بكل ما يمس قيمة الإنسان عند نفسه أو يحط من كرامته أو شخصيته عند غيره وعلى ذلك فكل قذف يتضمن في نفس الوقت سبا، ولكن قد يخدش الشرف أو الاعتبار بغير إسناد واقعة معينة وقد يكون ذلك بإسناد عيب معين دون تعيين واقعة، كمن يقول لآخر إنه لص أو مزور أو نصاب أو سكير أو فاسق أو ماجن وهنا قد يختلط القذف بالسب وتكون العبرة في التفرقة بينهما بتعيين الوقائع حسب ظروف الأحوال ، ويتعين حتى يعتبر السب مكونا لجريمة أن يوجه على شخص أو أشخاص معنيين.

فإذا كانت ألفاظ السب عامة أو موجهة إلى شخص خياليين فلا جريمة فالسكير الذي يدفعه سكره إلى التفوه في الطريق العام بألفاظ السب غير قاصد بذلك شخص معين لا يشكل نسبه هذا جريمة، ولكن قد يحتاط الجاني فلا يذكر اسم المجني عليه صراحة بها عباراته.
وعندئذ يكون لمحكمة الموضوع أن تتعرف على الشخص من وجه إليه السب من عبارات السب وظروف وحصوله والملابسات التي اكتشفت.

2- أركان جريمة السب:

من نص المادة 297 من قانون العقوبات السالفة الذكر تبين لنا أن لجريمة السب ثلاثة أركان هي:-

أ‌. الركن المادي: وهو السلوك الذي يصدر من الجاني ويكون منطويا على خذش الشرف أو الاعتبار ضد المجني عليه.

ب‌. العلانية: حيث أن لا عقاب على جريمة السب إلا إذا ارتكبت علانية.

ت‌. القصد الجنائي: ويتمثل في القصد الجنائي العام الذي يقوم على عنصري العلم والإرادة.

الركن المادي

يتمثل الركن المادي في جريمة السب في كل سلوك يصدر على الجاني ويكون منطويا بأي وجه من الوجوه على حدش لشرف المجني عليه أو اعتباره. وبكل عبارة تتضمن قدحا أو تحقيرا، دون أن يكون موضوعه واقعة مسندة أو معينة، وهذا ما يميز السب عن القذف كما ذكرنا آنفا ومن صور السب إسناد عيب إلى المجني عليه بوصفه أو نعته بأنه مقامر، سكير فاسق أو كاذب أو عديم الخلق، أو أنه غبي أو حيوان كما أن مغازلة الفتيات والنساء في الطريق العام بعبارات ماجنة وبذنية تعتبر سبا، ولا عبرة بالوسيلة أو الأسلوب الذي تصاغ به عبارات السب، فهو يتحقق بكل صيغة توكيدية أو تشكيكية صريحة أو ضمنية، ويشترط أيضا أن يكون السب موجها إلى شخص معين حتى يمكن القول بأنه قد نال من شرفه ومكانته الاجتماعية سواء أكان الشخص طبيعيا أو معنويا منفردا أو جماعة، ولا عبرة بأن يحدث السب في حضور المجني عليه أم في غيابه لأنه في الحالتين يقال من شرفه واعتباره ويحط من مكانته بين قومه وذويه.

ولا تختلف طبيعة النشاط الإجرامي وجريمة السب عنه في جريمة القذف، فجوهر النشاط يتمثل في جريمة تعبير سواء أكانت كتابة أو قول أو إشارة، وكما ذكرنا يجب أن يكون السب موجه إلى شخص معين أو أشخاص معنيين حتى يمكن القول بتحقيق خدش الشرف والاعتبار.

العلانية:

تتحقق جريمة السب بمجرد الجهر والعلانية بالألفاظ الخادشة للشرف أو الاعتبار مع العلم لمضمونها ومعناها، ولا عبرة بعد هذا بالبواعث، فما دام السب قد وقع علنا فلا يكون للمتهم أن يدفع بأن المجني عليه هو الذي ابتدره بالسب واستفزه.

ولم يعاقب القانون على السب بمقتضى المادة 299 قانون العقوبات إلا إذا ضمن خدشا وتحقيرا لاعتبار ومكانة المجني عليه سواء حصل على مسمع من المارة بحضور المجني عليه أو في غيابه المهم أنه يؤدي على تحقيره عند أهل قومه وبلده على مسمع عدد من الجمهور فردا أو عدة أفراد، فالجهر بألفاظ السب على باب منزل المجني عليه بصوت عال يسمعه سكان المنزل يوفر ركن العلانية بها جريمة السب.

القصد الجنائي:

جريمة السب هي جريمة عمدية يتخذ ركنها المعنوي القصد الجنائي وهو قصد عام على عنصري العلم والإرادة، فيتعين علم المتهم بمعنى الألفاظ التي صدرت عنه إدراكه ما يتضمنه المعنى من خدش لشرف المجني عليه واعتباره وأن يعلم المتهم بعلانية نشاطه وأن تتجه إرادته إلى النطق بعبارات السب أو تسجيلها كتابة أو إلى إذاعة عبارات السب وإتاحة العلم بها لجمهور الناس.

وما دام السب قد وقع علنا فلا يكون للمتهم أن يدفع بأن المجني عليه هو الذي استفزه ومتى كانت الألفاظ شائنة ومعيبة ومحقرة فإن قصد الإسناد يفترض، والقصد الجنائي هنا لا تكتمل عناصره إلا بانصراف إرادة الجاني إلى إذاعة ما يصدر منه ماسا ومحقرا اعتبار وشرف المجني عليه.
المطلب الثاني: العقوبات المقررة لجريمة السب

لقد جرم المشرع الجزائري كل تعبير مشين أو عبارة تحقير أو قدح تنطوي تحت نص المادة 297 من قانون العقوبات واعتباره سبا، وحدد له عقوبات كونه اعتداء على شرف واعتبار الأشخاص، وجاءت المادتين 298 مكرر و299 من قانون العقوبات 06/23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 بفحوى العقوبة وهي:

تنص المادة 298 مكرر يعاقب على السب الموجه إلى شخص أو أكثر بسبب انتمائهم إلى مجموعة عرقية أو مذهبية أو على دين معين بالحبس من خمسة (5) أيام ستة (6) أشهر وبغرامة من 5.000 دج إلى 50.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط

وتنص المادة 299: “يعاقب على السب الموجه إلى فرد أو عدة أفراد بالحبس من شهر(1) إلى ثلاثة أشهر، وبغرامة مالية من 10.000 دج إلى 25.000 دج”.

ويضع صفح الصخية للمتابعة الجزائية”

 

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 14918

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *