دراسات سياسيةدراسات قانونية

شروط تولي منصب رئيس الجمهورية وعلاقتها بالاستقرار السياسي: دراسة مقارنة بين الدستور التركي والتونسي والتشادي

عداد:محمد نور بريتيل حسين

2020-08-20

bretilannour@gmail.com

ملخص البحث:

تعتبر شروط تولي منصب رئيس الجمهورية ذات أهمية بالغة ,إذا ترتبط هذه الشروط بعملية الاستقرار السياسي في كل بلد من بلدان العالم ,فالاستقرار السياسي رغم أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر عليه إلا أن شروط تولي منصب رئيس الجمهورية من ضمن أهم العوامل التي تؤثر في عملية الاستقرار السياسي,لأنها هي التي تنظم عملية الانتقال الدستوري للسلطة.

فالاستقرار السياسي قبل كل شيء هو عملية تحتاج إلى استقرار دستوري متمثلة في علمية الانتقال السلمي للسلطة عبر احترام الفترات الرئاسية المحددة في الدستور وإبعاد المؤسسة العسكرية من السلطة السياسية ,والسماح للنخب السياسية بدون قيود دستورية بالمشاركة السياسية .

فأهمية هذا الموضوع تكمن في دراسة العلاقة بين شروط تولي منصب رئيس الجمهورية والاستقرار السياسي.

كما تهدف الدراسة إلى تحليل العلاقة بين شروط تولي منصب رئيس الجمهورية والاستقرار السياسي من خلال اتباع المنهج المقارن التحليلي.

الكلمات المفتاحية:

الدستور,رئيس الجمهورية,الترشح , الاستقرار السياسي,الإنقلاب العسكري.

مقدمة:

إن موضوع شروط تولي منصب رئيس الجمهورية يعتبر من ضمن أهم الموضوعات الدستورية في باب السلطة التنفيذية.

رغم ان هذا الموضوع لم يحظى بالكثير من الدراسات بقدر ما حظي به موضوع صلاحية رئيس الجمهورية في الدساتير المختلفة.

ففي هذه الورقة البحثية نحاول تسليط الضوء على موضوع شروط تولي منصب رئيس الجمهورية في كل من الدستور التركي , التونسي , والدستور التشادي كدراسة مقارنة نجريها خلال هذه الورقة.

واختيارنا للدساتير في هذه الدراسة كعينة جاء وفقا للأسبقية التاريخية للدساتير موضوع الدراسة, وهي الدستور التركي الذي جرى عليه الاستفتاء في 07\11\1982,والدستور التونسي الصادر بتاريخ 27 يناير\كانون الثاني لعام 2014 ,والدستور التشادي الصادر بتاريخ 19 -27 مارس 2018.

كما أن اختيار هذه العينة جاء نتيجة للعامل المشترك بين هذه الدساتير من حيث أسباب نشأتها.

فالقاسم المشترك بين هذه الدساتير هو عملية عدم الاستقرار السياسي التي نتجت عنها هذه الدساتير.

فالدستور التركي لعام 1982 ناتج عن الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1980 الذي أدى إلى صدور الدستور التركي الحالي.

أيضا نجد الدستور التونسي لعام 2014 نتج عن ثورة شعبية ضد النظام القائم وقتها وأدى إلى إسقاطه عام 2011 وبعد سنتين من التجاذبات السياسية نتج الدستور التونسي الذي يعتبر من ضمن الدساتير الحديثة التي ساهمت في عملية التحول الديمقراطي في تونس.

أيضا نجد الدستور التشادي لإصلاح المؤسسات الصادر عام 2018 جاء كتغيير لدستور 1996 الذي نتج عن انقلاب عسكري عام 1990 .

فأهمية هذه الدراسة تمكن في معرفة أوجه الشبه والاختلاف بين هذه الدساتير في شروط تولي منصب رئيس الجمهورية.

كما تنطلق الدراسة من فرضية أن هناك علاقة بين شروط تولي منصب رئيس الجمهورية وعملية الاستقرار السياسي,ولمناقشة هذه الفرضية نتبع المنهج المقارن التحليلي .

فهذه البلدان قد مرت بفترات عصيبة أثرت على استقرارها السياسي بدءا من الانقلابات العسكرية في تركيا والثورة الشعبية في تونس والانقلابات العسكرية والحروب الأهلية في تشاد.

يذكر الأستاذ محمد الصالح بوعافية” أنه من المؤكد إذا تمت عملية الانتقال طبقاً لما هو متعارف عليه دستورياً فإن ذلك يعد مؤشراً حقيقياً لظاهرة الاستقرار السياسي ، أما إذا انتقلت السلطة من طرف إلى آخر عن طريق الانقلابات و التدخلات العسكرية فإن ذلك يعد مؤشراً حقيقياً لعدم الاستقرار السياسي.

كما أورد أن من اهم العوامل المؤثرة على ظاهرة الاستقرار-التضخم الدستوري، تعاقب الدساتير و تواليها و تغييرها السريع هو تعبير عن حالة من عدم الاستقرار،و هو ما يتعارض بالطبيعة مع هدف الدستور في ضمان الاستمرارية و الثبات. و هو ما قد يؤدي بدوره إلى تغيير طبيعة النظام السياسي القائم,إضافة إلى أن غموض النصوص الدستورية و مرونتها من شأنه أن يمنح لرئيس الدولة و أفراد النخبة الحق في تحليل و تفسير الدستور بطريقة تخدم سياستهم و مصالحهم. (بوعافية، 2016، صفحة 324)

فنأمل أن تكون هذه الدراسة قد ساهمت ولو بشكل بسيط في موضوع شروط تولي منصب رئيس الجمهورية.

وسنقوم في هذه الدراسة بالتطرق لمفهوم الاستقرار السياسي,و مدخل تاريخي للدستور التركي والتونسي والتشادي,ومن ثم مناقشة وتحليل الشروط وعلاقتها بالاستقرار السياسي.

مفهوم الاستقرار السياسي:

مفهوم الاستقرار السياسي هو من ضمن المفاهيم الأكثر جدلا ونقاشا ,تعددت في تعريفه الكثير من الاتجاهات والمدارس كل أخذ جانب معين من جوانب الاستقرار سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية , الاقتصادية , الثقافية, أو غير ذلك.

لذلك لكي لا نخوض في هذا الجدل سنعرض من بين كل التعريفات مع ما يتماشى مع موضوع الدراسة,وهو تعريف استخلصه الأستاذ (محمد الصالح بو عافية) في إحدى دراساته عن مفهوم الاستقرار قوله” الاستقرار السياسي هو غاية لا يمكن أن تتحقق إلا بتكاثف جهود النظام السياسي و أفراد المجتمع على حد سواء ، فعندما يحظى النظام بقبول شعبي نتيجة لسياساته المشجعة التي تتضمن نتائج ملموسة ، فإن المواطن يعتبر بأن هذا النظام يمثله،و ينتج عن ذلك محافظة المواطنين على مؤسسات الدولة،و على النظام الاجتماعي العام،و هنا، و في هذه الحالة، و في ظل هذه الوظائف يمكن الحديث عن حالة الاستقرار (بوعافية، 2016، صفحة 312).

التطور التاريخي للدستور التركي:

قبل الشروع في مراحل نشأة وتطور الدستور التركي الحديث وخاصة دساتير ما بعد الجمهورية التركية،يلزمنا الرجوع قليلا إلى مرحلة ما قبل تأسيس الجمهورية التركية لمعرفة النظام الدستوري والإداري للدولة العثمانية حتى تكتمل الصورة التاريخية للدستور التركي بشكل أفضل.

فالدولة العثمانية لم تكن مبنية على النظام الدستوري ،حيث كان النظام فيها عبارة عن ملكية مطلقة تبنته كنظام إداري لها،وصلاحيات السلطان لم تكن مقيدة بوثيقة دستورية معينة.

تبنت الدولة العثمانية النظام القانوني لها من خلال الشريعة الإسلامية والقانون العرفي,كما عرفت الدولة العثمانية وثائق مهمة كمرحلة أولية مهدت الطريق أمام نشوء الدساتير الحديثة للجمهورية . (temel, 2014, s. 54) التركية,

بعد الثورة الفرنسية عام 1789 كان لها أثر كبير في العالم وخاصة في أوروبا على بداية الحركة الدستورية،بعد نتيجة الثورة الفرنسية التي ادت إلى تقييد السلطة المطلقة ،جعلت الدولة العثمانية تتأثر بذلك ،مما دفها إلى إصدار أول وثيقة قانونية وهي وثيقة( سند الاتفاق),كخطوة(temel, 2014) أولى للتطور الدستوري في الدولة العثمانية عام 1808 وتم قبول وثيقة( سند الاتفاق) والتوقيع عليها من قبل ممثلي الحكومة المركزية وممثلي الأعيان ولأول مرة من خلال هذه الوثيقة تم تقييد صلاحيات السلطان وفق احكامها.

ثم أعبقها قانون التنظيمات (فرمان تنظيمات)في 3 نوفمبر 1839,وفي عام 1856 أعلن السلطان عبد المجيد قانون الإصلاحات ,وهو عبارة عن تجديد لقانون التنظيمات ,وقد منح قانون الإصلاحات المساواة بين المواطنين في داخل الدولة.

 تلى ذلك أيضا في عهد السلطان عبد الحميد الأول, صدور دستور أطلق عليه( القانون الأساسي) في 23 ديسمبر 1876,وبهذا القانون انتهت الحركة القانونية في الدولة العثمانية .

(toğlu, 2009, s. 14-15)

أما الفترة الثانية هي فترة ما بعد نهاية الدولة العثمانية وتأسيس الجمهورية التركية إلى الآن , وشهدت هذه المرحلة العديد من الدساتير ,الدستور التركي لعام 1921 ودستور 1924 و 1961 والدستور الأخير لعام 1982 ,وقد مرت هذه الدساتير بالكثير من التعديلات .

اولا: دستور 1921:

يعتبر دستور 1921 من ضمن الدساتير التركية الأولى التي صدرت في مرحلة الجمهورية التركية من قبل الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا,الذي حدد من خلاله هيكل الدولة وتأريخ تأسيسها,وهو من الدساتير (parla, 1991, s. 12)القصيرة جدا

 ثانيا:دستور 1924:

بعد وضع دستور 1921 خاصة بعد إعلان الجمهورية التركية في 29 من اكتوبر 1923 وانتخاب مصطفى كمال أتاتورك أول رئيس لها ,شرع العمل بوضع دستور جديد بعد أربعة أشهر من إعلان الجمهورية.

وبعد إعداد مسودة الدستور أقرها المجلس بتاريخ 4 أبريل 1924 (القدو، 2015).

ثالثا:دستور 1961:

بعد وقوع انقلاب 27 مايو 1960 تم إلغاء بعض أحكام دستور 1924 ,وتم تكوين جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد ,ففي 9 يوليو 1961 تم عرضه للاستفتاء وتم الموافقة عليه بنسبة 61.5 %. (temel, 2014)

رابعا:دستور 1982

هيمن عقد السبعينيات في تركيا مناخ سياسي عام اتسم بالانشقاقات والخلافات الحزبية الطاحنة أودت بحالة الاستقرار في تركيا من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ففي 12 ديسمبر 1980قامت المؤسسة العسكرية ممثلة في رئاسة الأركان التركية بانقلاب عسكري أدخل البلاد في فترة انتقالية لمدة ثلاث سنوات.

وبعد تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور في 29 يونيو 1981 صادق عليه مجلس الشورى في 23 سبتمبر 1982 ثم هيئة الامن الوطني في 13 أكتوبر 1982 ,وعرض على الاستفتاء الشعبي يوم الأحد 7 نوفمبر 1982 وحظي بموافقة 91.19% من أصوات المواطنين. (عبدالجليل، 2013 ، الصفحات 85-95).

التطور التاريخي للدستور التونسي:

تعتبر تونس من ضمن الدول التي كانت سباقة في وضع اللبنات الأولى للدستور في العالم العربي والإسلامي ,حيث ذكر المؤرخون أن أرسطو أشاد بدستور قرطاج ومؤسساتها التمثيلية. (الجراي، 2014، صفحة 1).

ففي عام 1857 قام (محمد باي ) بإصدار وثيقة عهد الأمان التي بموجبها كفل حق المساواة بين الأشخاص بغض النظر عن اختلافاتهم الدينية.

واعتبرت هذه الوثيقة بمثابة إعلان جديد لحقوق الإنسان مماثل لإعلان حقوق الإنسان في العالم الغربي.

بعد إصدار وثيقة عهد الامان قام( محمد الصادق باي) بإصدار أول دستور عربي مكتوب بالمعنى الحديث في عام 1861. (البوبكري، 2013، صفحة 78).

وبعد استقلال تونس بثلاث سنوات تم إصدار الدستور الأول للجمهورية التونسية- بعد إلغاء النظام الملكي عام 1959- الذي وضعه المجلس القومي التأسيسي.

وبعد انطلاق شرارة الثورة التونسية وخلع الرئيس زين العابدين تم تعليق العمل بالدستور في عام 2011,وفي أول الانتخابات التعددية في تونس تم وضع قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية إلى أن تم وضع الدستور الجديد بعد الثورة في أواخر يناير 2014 من قبل المجلس الوطني التأسيسي (الجراي، 2014، صفحة 2)

“وقد ضم الدستور التونسي الجديد مئة وتسعة وأربعين فصلا موزعة على عشرة أقسام؛وهو يُعد من الدساتير الطويلة، ويُحسب لهذا الدستور، الذي جاء توافقيًّا بامتياز،وكُتب بمفردات تواكب لغة القرن الحادي والعشرين، أنه عبرَّ عن إرادة أطياف واسعة من التونسيين، وكان للمجتمع المدني نصيب في صياغته، مؤكداً النظامَ الجمهوري وهوية الدولة التونسية وطبيعتها وتوجهاتها” (جبلي، 2020، صفحة 15).

التطور التاريخي للدستور التشادي:

تعتبر جمهورية تشاد من الدول الإفريقية التي كانت تحت الاحتلال الفرنسي إلى أن نالت استقلالها في 11 أغسطس عام 1960 ،لذلك نجد التطور التاريخي للدستور التشادي قد تأثر بالاحتلال الفرنسي.

قبيل الاستقلال قامت السلطات الفرنسية بتكوين لجنة من الخبراء لصياغة الدستور الجديد(دستور الرابطة الفرنسية) الذي اعتمدته الحكومة بتاريخ 28 يوليو 1958 م، وحددت تاريخ عرضه على الاستفتاء العام بيوم 28 سبتمبر 1958 م (السنوسي، 2014، صفحة 16).

فصوتت تشاد كغيرها من الدول لصالح الانضمام إلى الرابطة الفرنسية ,بعد ذلك صدر دستور جمهورية تشاد لعام 1959 الذي اعتمدته الجمعية التشريعية المكونة في سياسية الاستقلال الذاتي داخل الرابطة الفرنسية (فضل، 2015).

ثم عقب الاستقلال صدر القانون الدستور رقم (18) بتاريخ 28 نوفمبر لعام 1960,ثم أعقبه القانون الدستوري الثاني رقم (2) الصادر بتاريخ 16 أبريل 1962.

بعد ذلك جاء الميثاق الأساسي للجمهورية عام 1978 الذي اعتمد بعد اتفاق الخرطوم عام 1977.(فضل,ص11)

وفي هذه الفترة التي صدر فيها الميثاق الأساسي للجمهورية كان وقتها فترة حكم الرئيس فلكس مالوم ,حيث تمثلت فترة حكمه في إصدار أوامر دستورية حيث الأوضاع السياسية لم تشهد الاستقرار بعد, وكانت تشاد تمر بأزمة حرب أهلية حتى عام1979 (آدم، 2005، صفحة 7).

وفي عام 1982 عقب الانقلاب العسكري واستيلاء الرئيس حسين هبري على السلطة قام بإصدار الميثاق الانتقالي للجمهورية بتاريخ 29 سبتمبر عام 1982 ,ثم أعقبه دستور 1989 الذي صدر باستفتاء شعبي بتاريخ 10 ديسمبر 1989.(فضل ,ص11).

ثم بعد ذلك عقب وقوع الانقلاب العسكري عام 1990 بقيادة العقيد إدريس ديبي إتنو ,أصدر الميثاق الوطني بتاريخ 28 فبراير عام 1991.

وعلى إثر ذلك صدر الميثاق الوطني لجمهورية تشاد بتاريخ 5 أبريل عام 1993 المعتمد من المؤتمر الوطني المستقل الذي استمر لمدة ثلاثة أشهر لمناقشة الوضع السياسي لتشاد.(فضل,ص11)

وبعد أن عقد المؤتمر الوطني لعام 1993 وشاركت فيه كافة القوى السياسية اتفقت على أن تكون هناك فترة انتقالية لمدة 12 شهر,إلا أنها استمرت أكثر من 3 سنوات ,واعتبرت الفترة الانتقالية التشادية آنذاك أطول فترة انتقالية في إفريقيا الفرانكفونية (هقيرا، 2014، صفحة 163).

ثم صدر دستور جمهورية تشاد لعام 1996 الذي أقر باستفتاء شعبي يوم 31 مارس 1996,وقد شهد تعديلا لعام 2005 .(فضل,ص12).

وفي عام 2005 بعد انتهاء عدد ولايات الرئيس إدريس ديبي إتنو قام بتعديل دستوري سمح له بالترشح في الانتخابات الرئاسية لمدد غير محددة (عيسى، 2017، صفحة 16).

وبعد عقدين من الزمن جاء المنتدى الوطني الشامل لإصلاح المؤسسات المنعقد بالعاصمة انجمينا بتاريخ 19 إلى 27 مارس 2018 ,وخلال هذه الأيام التي تمت فيها مناقشة الدستور في اليوم الأخير منها تم اعتماد الدستور لعام 2018 تحت مسمي دستور الجمهورية الرابعة (تشاد2018، 17-27 مارس 2018).

فتاريخ تشاد السياسي عموما قد شهدت الكثير من الأحداث السياسية التي أثرت في عملية الاستقرار السياسي وقد تمثلت هذه الأسباب من خلال هذا السرد في عملية الانقلابات العسكرية المتكررة وكذلك كثرة التعديلات الدستورية وخاصة قضية تغيير وتمديد الفترات الرئاسية التي كانت سببا في استمرار المعارضة المسلحة التشادية وكذلك المعارضة السياسية في تشاد.

فبعد هذا العرض التاريخي سنناقش شروط تولي منصب رئيس الجمهورية في الدستور التركي والتونسي والتشادي بالتفصيل.

أولا:شروط تولي منصب رئيس الجمهورية في الدستور التركي لعام 1982:

تنص الفقرة الأولى من المادة 101 من الدستور التركي على الآتي:

يجب أن يكون رئيس الجمهورية بالغ من العمر أربعين عاما-

أن يكون مواطنا تركيا-

قد اكمل تعليمه العالي-

-أن يكون مؤهلا للترشح لمنصب عضوية الجمعية الوطنية

-أن يتم انتخابه مباشرة من قبل الجمهور

ويشغل رئيس الجمهورية منصبه لمدة خمس سنوات ، ولا يجوز لشخص شغل منصب رئيس الجمهورية لأكثر من فترتين…).

ثانيا:شروط تولي منصب رئيس الجمهورية في الدستور التونسي لعام 2014:

الباب الرابع الفصل 74-75

الفصل 74:

الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل ناخبة او ناخب تونسي الجنسية من الولادة دينه الإسلام )

يشترط في المترشح يوم تقديم ترشحه أن يكون بالغا من العمر خمسا وثلاثين سنة على الأقل. –

وإذا كان حاملا للجنسية غير الجنسية التونسية فإنه يقدم ضمن ملف ترشحه تعهدا بالتخلي عن الجنسية الأخرى عند التصريح بانتخابه رئيسا للجمهورية).

-تشترط تزكية المترشح من قبل عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب أو رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة أو الناخبين المرسمين حسبما يضبطه القانون الانتخابي.)

الفصل 75:

( ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمسة أعوام خلال الأيام الستين الأخيرة من المدة الرئاسية انتخابا عاما حرا مباشرا سريا نزيها وشفافا وبالأغلبية المطلقة للأصوات المصرح بها…).

ولا يجوز تولي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين ، متصلتين أو منفصلتين …).

ثالثا:شروط تولي منصب رئيس الجمهورية في الدستور التشادي لعام 2018:

نصت المواد في الفصل الأول من الباب الثالث من الدستور التشادي على التالي:

المادة 66:

ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع العام المباشر لولاية (6)سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة

المادة 67:

يترشح لمنصب رئيس الجمهورية التشاديون من الجنسين المستوفون للشروط الآتية:

-أن يكون تشادي المولد ومن أب وأم تشاديي الأصل ولم يتجنس بجنسية أخرى

-أن يكون عمره خمسا وأربعين(45) سنة على الأقل

-أن يكون متمتعا بكافة حقوقه المدنية والسياسية

-أن تكون صحته البدنية والعقلية جيدة

-أن يكون حسن الخلق

-أن يكون مقيما بأرض جمهورية تشاد

إضافة إلى ذلك على المرشح دفع ضمانة مالية يحدد القانون قيمتها.

إذا كان المرشح عضو في القوات المسلحة والأمن ,عليه ان يتفرغ مسبقا لهذا المنصب.

مقارنة وتحليل شروط تولي منصب رئيس الجمهورية:

شرط الدين:

مسألة شرط الدين لم يكن قد أشار إليها الدستور التركي ولم يقيد المترشح أن يكون مسلما أو غير مسلم ,ذلك لأن الجمهورية التركية دولة علمانية المبدأ وفق ما ورد في المادة الثانية من الدستور التركي قولها(الجمهورية التركية جمهورية ديمقراطية علمانية…).

بينما اشترط الدستور التونسي للمترشح لمنصب رئيس الجمهورية ان يكون دينه الإسلام .

ويرجع ذلك إلى المبادئ العامة للجمهورية التونسية ومن ضمن مبادئها الدين الإسلامي هو دين الجمهورية التونسية ,وورد ذلك في الباب الأول من الفصل الاول (تونس دولة حرة ذات سيادة مستقلة دينها الإسلام والعربية لغتها والجمهورية نظامها ولا يجوز تعديل هذا الفصل).

لذلك لا يمكن لغير المسلم أن يكون رئيسا في الجمهورية التونسية باعتبارها دولة غير علمانية وفق ما ورد في الدستور.

أما الدستور التشادي فنجد أنه يتطابق مع الدستور التركي في شرط الدين بحيث أن الدستور التشادي لم يذكر أنه يجب أن يكون رئيس الجمهورية مسلما ,لأن المكون الأساسي للشعب التشادي من المسلمين والمسيحيين وبالتالي يصعب للدستور التشادي ان يتشرط شرط الدين الإسلامي كأساس لمنصب رئيس الجمهورية وإن كان قد يتشرط فإنه يشترط أن يكون المترشح يحمل إحدى الأديان إما الإسلام أو المسيحية.

وهذا أيضا يستقصي جزئية غير قليلة من المواطنين الذين لا ينتمون لأي دين سواء الإسلام أو المسيحية.

لذلك سلك الدستور التشادي مبدأ علمانية الدولة كغيره من الدساتير العلمانية.

وفي التاريخ السياسي لجمهورية تشاد نجد أن أول رئيس لجمهورية تشاد كان مسيحيا رغم أن أغلبية السكان من المسلمين,وكذلك الرئيس الثاني كان من المسيحيين والباقين من المسلمين ,أي اثنان من المسيحيين وأربعة من المسلمين ,وهكذا هو العرف السياسي في تشاد.

“فنجد نسبة المسلمين والمسيحيين وفق ما ورد في تقارير الامم المتحدة والمؤتمر الإسلامي بأن المسلمين في جمهورية تشاد يتراوح عددهم ما بين 75% إلى 80% ,أما المسحيين 5% والخمسة عشر الباقيين من الإحيائيين” (الماحي، 1984، صفحة 4).

وقد أشار أيضا الدستور التشادي بعلمانية الدولة في الباب الأول من المادة الأولي (تشاد جمهورية مستقلة ذات سيادة علمانية …).

شرط الصحة:

لم يشيرا الدستورين التركي ولا التونسي إلى شرط الصحة,ولكن اشار الدستور التشادي إلى أن شرط الصحة أساس للمترشح لمنصب رئيس الجمهورية.

وقد تزامن وضع الدستور التشادي لعام 2018 مع تدهور الوضع السياسي في الجزائر بسبب الوضع الصحي للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة .

وقد استفادت اللجنة المكلفة بصياغة الدستور التشادي برأينا من التجربة الجزائرية حول صحة الرئيس التي أدت إلى إحداث اضطرابات سياسية شهدتها الجزائر.

كذلك نجد التجربة التونسية في (شرط الصحة )”عندما تدهورت الحالة الصحية للرئيس التونسي الحبيب بورقيبة إلى ان وصلت حالته الصحية إلى العجز التام عن القيام بوظائفه كرئيس للدولة,فهذا الوضع تسبب في قيام تظاهرات واحتجاجات ومسيرات في تونس,فاستطاع زين العابدين إزاحة الرئيس الحبيب بورقيبة من السلطة 7 فوفمبر 1987 وفقا لتقرير طبي وأيضا بناء على المادة 57 من دستور 1959 التي تنص(عند شغور منصب رئاسة الجمهورية بسبب الوفاة أو الاستقالة أو العجز التام يتولى فورا الوزير الأول مهام رئاسة الدولة لما بقي من المدة النيابية الجارية لمجلس النواب). (البوبكري، 2013، الصفحات 82-83)

فمن خلال هذه الأحداث السياسية التي حدثت في تونس والجزائر وإن كانت هناك أسباب أخرى إلا أن الوضع الصحي لرئيس الجمهورية كان لها دور بارز في حدوث اضطرابات سياسية.

شرط حسن الخلق:

لم يوضح الدستور التشادي المعنى المراد من صياغة حسن الخلق وإنما ترك الأمر ضمنيا ولم يكن صريحا.

في حين أن الدستورين التركي والتونسي لم يشيرا إلى أن حسن الخلق كشرط لاختيار رئيس الجمهورية.

شرط الإقامة:

الدستور التركي لم يقيد المترشح بالإقامة في داخل الأراضي التركية وكذلك الدستور التونسي.

ولكن قيد الدستور التشادي المترشح للرئاسة بأن يكون داخل الأراضي الوطنية ,ففي تقديرنا أراد النظام السيطرة على المعارضة في الخارج بأن تكون كل قياداتها تحت سيطرة النظام التشادي في داخل الأراضي التشادية ,في حين نجد الكثير من القيادات السياسية تتواجد خارج الأراضي التشادية كقيادات لها حسابات مع النظام وقيادات كانت في المعارضة المسلحة.

فهناك العديد من أحزاب المعارضة التشادية في المنفى وهي مجموعة من الأحزاب والحركات المعارضة بعضها ينتهج المنهج السلمي للمشاركة في الحياة السياسية وبعضها الآخر لديها أذرع مسلحة تنتهج العنف من أجل التغيير والمشاركة في السلطة.”( عيسى،جبرين،2016,ص8 ).

وهناك العديد من حركات المعارضة التي تتواجد خارج الوطن ومن ضمن أبرز هذه الحركات:

2-حركة فرولينا فاب

1-حركة فيكس

3-حركة الإتحاد من أجل الديمقراطية والتنمية في تشاد

أولا: حركة فرولينا فاب: من ضمن حركات المعارضة التي ظهرت في ستينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الأول لتشاد بعد الاستقلال( أنقارتا تمبلباي) ,وكانت هذه الحركة بقيادة (كوكوني ودي) وهو الرئيس السابق لتشاد ,وبعد فترة قامت هذه الحركة بالرجوع إلى الأراضي التشادية عقب اتفاق أبرم عام 2003 بينها وبين النظام الحالي لإدريس ديبي إتنو .

ثانيا:حركة فيكس

وهي أيضا من الحركات المسلحة التي تتواجد في المنفي ,وقد قامت هذه الحركة مع مجموعة من الحركات المسلحة التشادية بانقلاب عسكري عام 2006 بقيادة (محمد نور عبد الكريم) ولكن باء الانقلاب بالفشل (عيسى,جبرين,ص9 ).

وقد أسس محمد نور عبد الكريم مع قادة آخرين اتحاد قوى المقاومة في تشاد، وقاد هذا التنظيم فترة من الزمن، لكنه انسحب منه لينشئ التحالف الوطني للتغيير والديمقراطية عام 2005، ويقود في العام نفسه عددا من الأعمال العسكرية ضد القوات الحكومية. وكانت أهم المواجهات العسكرية في مدينة آدري الواقعة في الحدود الشرقية لتشاد مع السودان.

و محمد نور عبد الكريم من مواليد عام 1960 في مدينة قريدة شرق تشاد، وقد أكمل مراحله الدراسية في تشاد، ثم درس العلوم العسكرية في السنغال، وأكملها في فرنسا.

وفي سنة 2007 وقّع هو وفصيله على اتفاق سلام مع الحكومة التشادية في مدينة سرت الليبية,بعد ذلك عُيِّن وزيرا للدفاع في حكومة رئيس الوزراء ديلوا كوماكوي عام 2007 واستمر فيها تسعة أشهر… (الجزيرة ,محمدنور عبدالكريم,22\4\2013).

ثم في الآونة الأخيرة وبعد عودته إلى تشاد عين بمرسوم رئاسي وتم إعادته إلى الجيش(باقتراح من الوزير المنتدب لدى رئاسة الجمهورية، المكلفة بالدفاع الوطني والمحاربين القدامى وضحايا الحرب، وبموجب المرسوم رقم 1685/PR/MDPRCAAVG / 2020، الصادر في 7 آب/ أغسطس 2020، يتم إعادة الفريق محمد نور عبد الكريم، إلى قوائم الجيش، برقم الهوية العسكرية: 93873271، الذي سبق إزالته من قوائم أفراد الجيش).(مرسوم رئاسي,صحيفة لاليكم).

ثالثا: -حركة الإتحاد من أجل الديمقراطية والتنمية في تشاد

تعد هذه الحركة من ضمن حركات المعارضة المسلحة التي شاركت في الانقلاب العسكري في عام 2008 ضد نظام الرئيس إدريس ديبي إتنو ,وكان يقود هذه الحركة الجنرال محمدنوري اللشي.(عيسى ,جبرين,ص10)

وتعد حركة العمل من أجل التغيير في تشاد برئاسة الدكتور على أورجو هاميشي أحدث وأكبر الأحزاب السياسية العسكرية في المنفي في الوقت الراهن 2016.

شرط الجنسية:

أشار الدستور التركي في المادة 101 بأن المترشح يجب أن يكون مواطنا تركيا فقط بالتعبير الضمني ولم يشر للمتجنس أن يكون رئيسا للجمهورية التركية.

بينما الدستور التونسي لم يتفق مع الدستور التركي فقد أشار في مادته 74 يمكن للمتجنس أن يكون يكون مترشحا لرئاسة الجمهورية التونسية مع التقديم بالتنازل عن الجنسية غير التونسية.

فنلاحظ ان الدستور التونسي اكثر انفتاحا من خلال عملية التحول الديمقراطي التي شهدتها تونس عقب الثورة التونسية فجاء مواكبا للعصر.

أما الدستور التشادي قد نحى منحى الدستور التركي واتفق معه في منع المتجنس بجنسية أجنبية من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وقد أشار الدستور التشادي ذلك في مادته 67.

ولم يكتفى بذلك المنع بل ذهب أبعد من الدستور التركي أي لم يكتفي بشرط المواطنة الأصلية للمترشح فقط بل قيد بأن يكون الأب والأم أيضا من أصل تشادي وان لا يكونا من جنسيات أجنبية.

شرط العهدة الرئاسية الغير مفتوحة:

يتفق كل من الدستورين التركي و التونسي في سنوات الولاية الرئاسية ويختلفان مع الدستور التشادي في ذلك.

أشار الدستور التركي في (م101) أن الرئيس ينتخب لولاية رئاسية لمدة خمس سنوات قابلة للجديد ولا يمكن لأي شخص ان يترشح لأكثر من فترتين .

أيضا الدستور التونسي جعل فترة الولاية الرئاسية خمس سنوات قابلة للتجديد ولا يمكن ان تكون أكثر من ولايتين رئاسيتين (م75).

أما الدستور التشادي فجعل الولاية الرئاسية ست سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط(م 67).

وقد شهد الدستور التشادي لعام 1996- الذي نتج عنه الدستور التشادي لعام 2018 المسمى بدستور الجمهورية الرابعة -تغييرات جذرية عام 2005 ,ففي عام 2005 بعد انتهاء عدد ولايات الرئيس إدريس ديبي إتنو قام بتعديل دستوري يسمح له بالترشح في الانتخابات الرئاسية لمدد غير محددة(عيسى,جبرين,ص12)

ففي دستور 1996 في المادة 61 أن رئيس الجمهورية ينتخب لولاية رئاسية لمدة خمس سنوات بالاقتراع العام المباشر (دستور تشاد1996 ).

أما بعد صدور الدستور الأخير لعام 2018 تم تمديد الولاية الرئاسية لست سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

والواضح من خلال العمل السياسي في تشاد ان عملية عدم الاستقرار السياسي للحكومات ناتج من ان النخبة السياسية لم تحترم قواعد العمل الديمقراطي ولم تحترم الدستور ومبدأ التداول السلمي للسلطة(عيسى, جبريل,ص13).

شرط العمر:

يختلف الدستور التركي عن الدستور التونسي في شرط العمر,حيث أشار الدستور التركي في (م101)أن يكون المترشح للرئاسة بالغ من العمر 45 سنة.

في حين ورد في الدستور التونسي في (م74)أن يكون المترشح بالغ من العمر 35 سنة.

أما الدستور التشادي في(م67)ذكر ان يكون عمر المترشح 45 عاما واتفق مع الدستور التركي واختلف مع الدستور التونسي.

فالدستور التشادي لعام 1996 الذي نتج عنه دستور 2018 أشار في مادته (62)قبل التعديل أن يكون المترشح للرئاسة أن لا يقل عمره عن 35 عاما ولا يزيد السبعين عاما.

فالدستور التشادي قبل التعديل الأخير كان عمر المترشح أقل مما كان عليه الآن في دستور عام 2018 .

فلو نظرنا للدستور التشادي الأخير لعام 2018 قد رفع سقف العمر إلى رقم أعلى بكثير من السابق مقارنة مع الاعمار السكانية للمواطنين .

“فالمجتمع التشادي بشكل عام مجتمعا شابا,تكثير فيه الفئة الشبابية وفق ما جاء في إحصائية عام 1993.

وتدل إحصائية عام 1993 أن 48,1% من السكان على المستوى الوطني لجمهورية تشاد أعمارهم أقل من 15 سنة.

وأكثر منهم بقليل الفئة المنتجة إقتصاديا(15-64)سنة,وهي تمثل 48,5% في حين لا تصل نسبة الفئة العمرية من 65 فما فوق إلا 3,4% فقط من المجموع العام للسكان.

وإذا نظرنا إلى هذه الفئات مقارنة بالنوع فإننا نجد أن نسبة الذكور 49,3% مقابل 46,1% للإناث” (آدم ع.، 2015، صفحة 27)

فشرط العمر في الدستور التشادي بناء على هذه الإحصاءات لا يتماشى أبدا والواقع السياسي المعاش ,وبالتالي يؤدي هذا التغيير الدستوري إلى حرمان الفئة الأكبر في تشاد وهي فئة الشباب من المشاركة السياسية في صنع القرار السياسي.

ونجد هذا التغيير في سن المترشح للرئاسة أثارت جدلا ومازال يستمر هذا الجدل بسبب قرب الانتخابات الرئاسية التشادية لعام 2021 ,حيث دخل رئيس حزب القيادة الخادمة(المحولون)بقيادة (ماسار سيكس) الذي يبلغ من العمر 38 عاما,مع النظام إدريس ديبي الحاكم في سجالات سياسية ,حيث يرى مراقبون ان هذا الحزب الذي ظهر حديثا يتمتع بدعم قوي من دول أجنبية وبالتالي حاول النظام قبل قدوم الانتخابات بان يشرع في تغيير الدستور ورفع سيف عمر الترشح للرئاسة.

فبحسب تقديرنا أن اغلب قادة الأحزاب السياسية التي تخوض الانتخابات الرئاسية مع مرشح الحركة الوطنية للإنقاذ كبارا في السن ولم يكن لهم تأثير على الإطلاق في الانتخابات الرئاسية ,وبالتالي يزيد من فرص النظام الحاكم من الفوز المتكرر في الانتخابات الرئاسية دون منافسة انتخابية تذكر.

ومازال رئيس حزب المحولون (ماسارا)يطالب النظام بإجراء تعديل دستوري سريع قبل قدوم الانتخابات الرئاسية لعام 2021 لتغيير شرط العمر وإرجاعه كما كان في دستور 1996 وهو 35 عاما بدلا من الدستور الحالي المنصوص عليه 45 عاما ليسمح له بخوض الانتخابات الرئاسية.

شرط التعليم:

انفرد الدستور التركي بهذا الشرط عن كل من الدستور التونسي والدستور التشادي,فقد ذكر في مادته(101)أن يكون قد المترشح قد أكمل تعليمه العالي.

ويرجع ذلك في رأينا إلى المستوى التعليمي المتقدم في تركيا .

بينما يعصب على الدستور التشادي ان يدرج مثل هكذا شرط للمترشح للرئاسة ,ويرجع ذلك على مستوى التعليم والأمية في تشاد ,وأيضا إلى عملية عدم الاستقرار السياسي بسبب أن وسائل الوصول إلى السلطة هي في الغالب في العرف السياسي التشادي الانقلابات العسكرية بغض النظر عن المستوى التعليمي لقائد الانقلاب.

“تشير إحصاءات التعليم في تشاد لعام 1993,أن انتشار الأمية في جمهورية تشاد وتشمل الدارسين بالعربية والفرنسية معا,ان قرابة(522,000) فقط هم الذين يتقنون القراءة والكتابة من بين (4,800,000)من المواطنين الذين تزيد اعمارهم عن 6 سنوات ,وهذا يعني ان نسبة الأمية في تشاد وفقا للإحصائية تصل إلى 89% تقريبا”. (وزير، العدد 64 ,العام 1997، صفحة 26)

شرط التزكية:

لم يشيرا الدستور التركي و التشادي لشرط التزكية ,فقط أشار إليها الدستور التونسي بقوله(أن يزكى المترشح من مجلس النواب أو رؤساء مجالس النواب…).

شرط الضمانة المالية:

قيد الدستور التشادي المترشح للرئاسة قبل خوضه الانتخابات أن يقدم ضمانا ماليا ,ولم يذكر القيمة وإنما ترك تفاصيلها للقانون المختص.

وهذا الشرط برأينا يعتبر من ضمن الشروط التي تقف عائقا أمام بعض المترشحين ,أما الدستورين التركي والتونسي لم يشيرا إلى هكذا شرط .

شرط التخلي عن المنصب العسكري قبل الترشح:

فتح الدستور التشادي في م(67) الباب أمام الانقلاب العسكري والسماح بدخول المؤسسة العسكرية في السلطة,فمهد بذلك للحكم العسكري والحكم المدني من جانب آخر وترك ذلك حسب الظروف.

وهذه المادة برأينا تعتبر سببا من أسباب كثرة الانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسي في تشاد.

لكن الدستورين التركي والتونسي أبعدا المؤسسة العسكرية من المشاركة في السلطة السياسية المتمثلة في رئاسة الدولة .

شرط التمتع بالحقوق المدنية والسياسية:

لم يشيرا كلا من الدستور التركي والتونسي بالعبير الصريح عن شرط التمتع بالحقوق المدنية والسياسية للمترشح وعبر عنه الدستور التشادي بالتعبير الصريح كشرط أساسي للمترشح.

وفي تقديرنا رغم ان الدستورين التركي والتونسي لم يدرجا ذلك إلا أنه من البديهي جدا ان يكون المترشح للرئاسة من الفئة التي تتمتع بكامل حقوقها المدنية والسياسية.

الخاتمة:

بعد هذه المناقشة التي أجريناها حول موضوع شروط تولي منصب رئيس الجمهورية وعلاقتها بالاستقرار السياسي في الدستور التركي والتونسي والدستور التشادي ,تبين ان هناك علاقة وثيقة بين الشروط الدستورية لتولي منصب رئيس الجمهورية والاستقرار السياسي .

ونلاحظ ذلك من عدة نواحي,منها عملية الانتقال الغير سلمي للسلطة المتمثلة في الانقلابات العسكرية الناتجة عن عدم احترام النخب السياسية والمؤسسة العسكرية للدستور,والسماح للمؤسسة العسكرية من خلال شروط الترشح بالمشاركة في رئاسة الدولة .

وتمثلت هذه العلاقة أيضا من خلال كثرة الإصدارات المتكررة للدساتير بعد كل فترة أو عقب كل انقلاب عسكري من أجل إضفاء الشرعية على النظام السياسي ودسترته.

أن الاستقرار السياسي لم يتأثر فقط بالحروب الأهلية وقيام الثورات الشعبية ضد الانظمة الفاسدة ,وإنما أيضا قيام الانظمة السياسية بتمديد الفترات الرئاسية بشكل متكرر من خلال التعديلات الدستورية , وقد تسبب ذلك الفعل في انعدام الاستقرار السياسي خاصة في تشاد مما أدى إلى قيام ثورات مسلحة قامت بالعديد من الانقلابات العسكرية.

ومما نلاحظه في السنوات الاخيرة تغيير الدستور التشادي في شرط العمر أدى إلى حراك ومطالبات سياسية في الساحة التشادية.

فأصبحت الدساتير رهينة الوضع السياسي سواء من ناحية قيام الثورات المسلحة او الشعبية مثل الثورة التونسية ,أو الوضع الصحي للرئيس ,على سبيل المثال الوضع الصحي للرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة الذي أدى إلى عزله وإحداث اضطرابات سياسية.

فالاستقرار السياسي اولا هو عملية تحتاج للاستقرار الدستوري قبل كل شيء ,ويتطلب ذلك وضع شروط لتولي منصب رئيس الجمهورية تكون مواكبة وشاملة لجميع أطياف المجتمع دون إقصاء فئة معينة, سواء من الناحية الدينية(مشاركة جميع النخب السياسية حسب مكونات الدولة الدينية) أو من الناحية السياسية (وضع شروط تسمح لجميع النخب السياسية بالمشاركة في السباق الرئاسي)حتى تنعم الدول بالاستقرار ولو بشكل جزئي.

المصادر والمراجع:

أولا: المصادر

-الدستور التركي لعام 1982

-الدستور التونسي لعام 2014

-الدستور التشادي لعام 2018

-الدستور التشادي لعام 1996

المراجع :

parla, t. (1991). türkiyede anayasalar. cep üniversite: iletişim yayınlar.

temel, ö. (2014). türkiye de anayasa yapım süreçleri ve demokratik anayasa yapımı. istanbul: istanbul üniversitesi -sosyal bilimler ünsütüsü-kamu hukuku anabilim dalı-yüksek lisan tezi.

toğlu, z. (2009). yeni türk anayasa taslğının 1982 anayasasıyla karşılaştırlması,yeni ekleyen maddelerin değerlendirlmesi. konya: selçuk üniversitesi-sosyal bşlşmler ünsütüsü-kamu yönetim ana bilim dalı.

أ.محمدالصالح بوعافية. (2016). الإستقرار السياسي قراءة في المفهوم والغايات. مجلة دفاتر السياسة والقانون ، 312.

 (2015). الآفاق السياسية لدى الشباب نحو التغييرفي عالم متغير تشاد نموذجا.مراكش: على بشر آدم,المؤتمر العالمي للندوة العالمية للشباب الإسلامي-.

الفيض عبود آدم. (2005). العلاقات العامة في المؤسسات الدستورية:دراسة وصفية تحليلية على الجمعية الوطنية في تشاد في الفترة من يناير 1997-2002. أم درمان: كلية الإعلام ,جامعة ام درمان الإسلامية .

تشاد2018, د. (17-27 مارس 2018). دستور تشاد لعام 2018. أنجمينا-تشاد.

جبلي, ع. (2020). التيارات الفكرية والسياسية في تونس وتحدي التحول الديمقراطي. مركز الفكر الإستراتيجي للدراسات -أوراق سياسية 49 , 15.

سنوسي هجرو آدم السنوسي. (2014). السلطة والسياسة في تشاد. أنجمينا-تشاد: مطبعة جامعة الملك فيصل بتشاد.

عبدالجليل, د. (2013 ). العسكر والدستور في تركيا من القبضة الحديدية إلى دستور بلا عسكر. دار نهضة مصر للنشر.

عبدالرحمن عمر الماحي. (1984). تشاد تحت الإحتلال الفرنسي 1918-1960. القاهرة : الجمعية المصرية للدراسات التاريخية .

عمر البوبكري. (2013). ظهور فكرة الدستور وتطورها في تونس. تبين للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية ، 82-83.

عيسى, ج. (2017). إشكالية إنتقال السلطة فى أفريقيا مع التطبيق على تشاد من 1980- 2016. المركز الديمقراطي العربي.

فتحي الجراي. (2014). الدستور التونسي الجديد ومستقبل الإنتقال الديمقراطي. مركز الجزيرة للدراسات ، 1.

فضل, م. م. (2015). رسمية اللغة العربية في تشاد :الأسس والمرتكزات . جامعة إفريقيا العالمية,مركز البحوث والدراسات الإفريقية : دراسات افريقيا ,العدد 54.

محمد حسن القدو. (02 أبريل, 2015). https://www.turkpress.co/node/7131. تم الاسترداد من turkpress.

محمد شكري وزير. (العدد 64 ,العام 1997). التغيرات الإجتماعية والثقافية وأثرها في النظام التعليمي بدولة تشاد دراسة تحليلية . مجلة التربية-جامعة القاهرة-كلية التربية.

هقيرا, ص. ح. (2014). تحديات التحول الديمقراطي في افريقيا دراسة حالة تشاد. كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية,جامعة الجزائر 3,رسالة ماجستير.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى