المكتبة السياسيةدراسات سياسيةدراسات شرق أوسطية

كتاب تشكل الأجنحة السياسية في إيران منذ الثمانينات حتى 1997

 
المقدمة : يتناول الكاتب في مقدمته قضية التيارات السياسي كإحدى أهم القضايا المطروحة على الساحة الإيرانية منذ بداية الثمانينات والوقوف على خصائص ظاهرة التيارات السياسية ونتائج وتبعات هذه الظاهرة الاجتماعية والبحث في ظاهرة التيارات السياسية من عدة جوانب منها معنى التيار كفكرة ، تعريف التيارات كمرحلة تاريخية ، وتأثير التيارات في مجال السياسة، والتيارات والتنمية الاقتصادية والسياسية ، وأخيرا التيارات السياسية في الجمهورية الإيرانية.
 
الفصل الأول : خصائص التيارات
التيارات والفكر المستقل :
يرى الكاتب أن الإبداع السياسي والفكري بدا من خلال مجاهدوا الثورة الإسلامية في إيران حيث طرحت هذه المنظمة أفكارها بشكل علمي ومنطقي ،مقابل الرأي السائد الذي لا يعترف بوجود تيارات سياسية ومن هنا ظهر ما نسميه بفكرة التيارات في إيران عام 1995.
وفي مقابل المنظمة المذكورة ظهر تياران فكريان مختلفان لا يؤيد الأول منهما ـ وأصحابه أكثرهم من داخل النظام ـ فكرة وجود تيارات سياسية في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيث أن هيكل النظام قوي ولا يحتاج إلى تيارات تنخر فيه وتؤدي إلى ضعفه ، واعتبر بذلك فكرة وجود تيارات من المؤامرات الأجنبية ضد النظام .
أما التيار الآخر فكان يوافق التيار الأول في الرأي ويختلف معه سياسيا من حيث معارضته لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأن فكرة التيارات السياسية هي مؤامرة تمت حياكتها وإشاعتها من أصحاب فكرة الحكومة الإسلامية فالبحث فيها لا أهمية له فهي مبنية على تصورات باطلة ، ويعتبر التياران من دعاة الاستقلال وعدم الانتساب إلى تيار معين رغم الاختلاف من حيث الدوافع.
وقد ظهر فصيل يقول بفكرة التيارات السياسية ويؤكد أن التيارات ليست مؤامرة أجنبية وليست وصفة حكومية للتضليل وإنما هي تيارات موجودة وحقيقة سياسية قائمة.
تعريف التيارات :
لاتوجد دلالة متفق عليها في استخدام مفهوم التيار لدى الباحثين في العلوم السياسية والذي يهمنا في هذا السياق هو الإشارة إلى التيار على أنه التنافس داخل إطار نظام الحكم في البلاد ، وهناك مصطلحات خاصة بالتيارات يفهم منها في بعض المحافل الرسمية وغير الرسمية الفهم السلبي من مصطلحات الفرقة والفساد والنفعية إلا أنها وفي المقابل لها استخدامات جديدة إيجابية في معناها يفهم من خلالها وجود الحرية والتعايش والتعددية والسلم.
والمفهومان المطروحان صحيحان في وقت واحد فيمكن لقضية التيارات أن تؤدي أحيانا إلى خلخلة نظام وإسقاطه ويمكن أن تهيئ الأرضية لثباته ورقيه حيث ظهر ذلك بعد ثورة عام 1979 في إيران بشكل جلي وواضح.
 
طبيعة التيارات وخصائصها :
[1] : الخصوصية الداخلية :
يستخدم مصطلح التيار للتعبير عن تعدد الأراء أو المواقف تجاه قضية أو هيئة واحدة  أما إذا كان أحدهما من داخل جهاز الحكم [ الرسمي ] والآخر من خارجه [ المعارضة ] فيتعذر علينا أن نطلق على أي منهما مصطلح تيار .
[2] : العامل الخارجي :
إن ظهور تيارات وفصائل يحدث عندما يكون النظام في حالة قوة أو ضعف فتنشأ التيارات لأيجاد أفضل الحلول أو التصورات لمزيد من المكاسب .
[3] : عدم الشفافية :
التيار لايستند لإلى شرعية قانونية ولا إلى عرف مجتمعي مما يضعف شفافيته ، ولذلك حين يصل لدرجة من النضج والتكامل بحيث يصبح له شرعية قانونية أو عرفية فإنه يتحول من تيار إلى مجموعة سياسية أو مجموعة ضغط …ولذلك لايمكن تحديد التيار بسهولة أو تعريفه بيسر ، على عكس الحزب السياسي الذي يمكن تعريفه وتقديره بسهولة والتعامل مع فعاليته بشكل واضح.
[4] : ثلاثة حلقات تكاملية :
يعد التيار الحلقة الثانية من الحلقات الثلاثة حيث أن الحلقة الأولى هي المحافل الرسمية والتي ينضوي عليها تشكيل التيار ، ويعتبر الحزب الحلقة الثالثة التي تنبثق عن التيار في مرحلته المتطورة.
[5] : الخصائص التنظيمية :
للتيار السياسي خاصية التنظيم المركزي ، الذي يرتبط عادة بإحدى مؤسسات الدولة ، ممايعكس الهوية المهنية على أعضاء التيار ولذلك يكون غالبا محصور في مدينة أو محافظة.
وبشكل عام فإن التيارات تشترك في خصائص معينة مع تميز كل واحد منها في الظروف الخاصة التي نشأ عنها حيث شكلت له خصوصيته الذاتية من حيث التنظيم والنفوذ والقدرة على التنافس والبرامج.
تأثير التيارات في المجال السياسي :
ويوضح الكاتب بأن التيارات سلاح ذو حدين في المجال السياسي وذلك على المدى البعيد فيمكن لها أن تضعف النظام حتى تصل بتبعاتها السلبية لدرجة التخريب وعلى النقيض من ذلك يمكن للتيارات أن يكون لها تأثير إيجابي في الأوضاع العامة في الدولة وبالتالي تشكل حلقة منظمة سياسية ناضجة في طريق التكوين السياسي الصحيح للحكومات.
الائتلافات المتغيرة :
إن خروج العمل السياسي من حالة الاحتكار من دواعي وجود التيارات في المجال السياسي ويشير الكاتب إلى نماذج من الحرية التي تتمتع فيها التيارات في ائتلافها مع بعضها البعض لتشكل جبهة قوية في وجه التيار الذي يريد احتكار السلطة ، وهناك من الأمثلة ما يؤيد ذلك.
الفصل الثاني :
التيارات ودور القادة السياسيين الكبار :
وهناك العديد من الشخصيات القوية والجذابة التى تترأس وتقود التيارات فيقومون بسد الثغرات ونواقص التنظيمات السياسية من خلال قدرتها التأثيرية الشخصية ، و يكون موقع القائد الأعلى حساساً إزاء التيارات المختلفة وهو بمنزلة الحكم بين التيارات لإيجاد نوع من الموازنة بينها وبالتالي فإنه يتوجب على القائد الأعلى أن يستعلي من خلال فهمه وإدراكه السياسي عن الخوض في صراع التيارات بصفته المرجع النهائي وموجه دفة التيارات.
إن وجود التيارات بشكل واسع في المجتمع يحفظ سلامة الدولة وحقوق الأفراد فوجود التيارات شرط مسبق للتقليد الديمقراطي .
ولإستمرار الحياة السياسية لابد من التعايش بين التيارات ومن العوامل التى تساعد على ذلك أن تتوفر ضروف تجعل من التيارات السياسية قوة متساوية في النظام مع عدم وجود اتفاق بينها على التعايش السلمي وعامل آخر هو الخطر الخارجي الذي يوحد الصفوف وكذلك يمكن للضرورات الاقتصادية في تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية داخل الحكم.
ويؤكد الخبراء أن النزاع الإستئصالي يتوقف عند إدراك التيارات عدم إمكانية إنتصار طرف على آخر مما يجعله يتعايشون معا ً !!
الدور السياسي للتيارات :
ويوضح الكاتب أن للتيارات والفصائل إمكانية القيام بأدوار أساسية في تحديد سياسة البلاد في مجالات متعددة منها :
الهوية ، الحوار ، الوفاق ، القاعدة ، المالية ، التشكيلات ، التنسيق ، التعليل ، الرابط، الاعتدال ، الاستبدال.
التيارات والتطور الاقتصادي :
ويوضح الكاتب أن مسؤولية الوصول إلى الأهداف الاقتصادية تقع على عاتق النظام الحاكم من خلال بث روح الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتعبئة إمكانيات البلاد لتحقيق ذلك من خلال مراحل ثلاثة للبرنامج الاقتصادي تتلخص في تحديد الأهداف ووضع البرامج والتنفيذ وبالتالي اعتبار إيجاد الاستقرار السياسي عنصرا أساسيا من عناصر ومقدمات المراحل الأولى ، ويشير إلى المناهج الثلاثة المتبعة وهي نهج الأنظمة اليسارية المتطرفة ونهج الأنظمة اليمينية والأنظمة المفتوحة التي تسعى لتحقيق أهداف التنمية السياسية والاقتصادية معا وضمن الإطار المرحلي ، ويجب حتى تستمر التيارات في الوجود الوصول إلى توافق بين التيارات والحرص على عدم إقصاء بعضها بعض.
نموذج للتيارات في أجواء منفتحة أو منغلقة نسبيا :
ويلفت الكاتب انتباهنا إلى أمثلة لظاهرة التيارات في خمس دول أوروبية هي : [ اليونان ، وإسبانيا ، والبرتغال ] بصفتها سابقا دول يمينية وشبه فاشية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى الدول : [ هنغاريا ، وبلغاريا ] بصفتهما يسارية وشيوعية حيث مرت بها ظاهرة التيارات في مجتمع انتقلت ظروفه من حالة الانغلاق إلى حالة الانفتاح السياسي ومن الخصائص المشتركة بينها :
[1] : التجربة السياسية : حيث ترتبط سرعة تكون التيارات ارتباطا وثيقا بالتجربة السياسية التي يحملها الناس بشكل مسبق 0
[2] : دعم أصحاب المناصب : حيث أن سرعة مسار التنمية وتكون التيارات يكون مرتبطا إلى حد كبير بدعم أصحاب المناصب الرسمية وتأييدهم 0
[3] : الهوية الوطنية : في الظروف التي يخلوا فيها المجتمع من أزمة الهوية الاجتماعية يكون تكون التيارات أسرع وأكمل .
[4] : حجم التحضر : وتتناسب سرعة التيارات طرديا مع الدول التي يكون فيها التحضر عميقا وغنيا .
[5] : الخصوصية : إن المسار التنموي لكل واحدة من تلك العينات له هياكله ومحطاته وبنيته الخاصة .
يعد ظهور تيارات في الحزب الشيوعي في كوريا الشمالية كنموذج لظهور التيارات في منظومة تسير نحو الانغلاق حيث بنيت التيارات فيها على أساس الاختلافات الإقليمية والجغرافية وتطورت 
إلى صراع بين تيارات الحزب الواحد إلى صراع استئصالي كان ينتهي دائما بتدمير التيارات وإنهائها .
الفصل الثالث :
التيارات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية [ 1981ـ 1997] :
تناول الكاتب التيارات منذ ظهورها في أواسط التسعينيات عبر دراسة كيفية تكونها من خلال ثماني مراحل حتى عام 1997 بانتخاب محمد خاتمي خامس رئيس لجمهورية إيران. منذ أواسط التسعينيات ظهرت عدة تيارات في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، ويمكن دراسة كيفية تكونها ضمن ثماني مراحل حتى انتخاب محمد خاتمي بوصفه خامس رئيس للجمهورية في إيران عام 1997. وتجدر الإشارة إلى أن أسس هذه النظرية ظلت قائمة حتى انتخابات رئاسة الجمهورية التي جاءت بالرئيس محمد خاتمي ولا تتناول التطورات التي حصلت بعدها.
التجمع الأول، أو ظهور التيار الليبرالي
لعل أول التيارات التي ظهرت داخل نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو التيار المعروف بالليبرالي بقيادة حكومة المهندس مهدي بازرجان، وقد شكل هذا التيار أول حكومة (الحكومة المؤقتة) بعد الثورة والتي استمرت تسعة أشهر تقريباً{11شباط/فبراير1979- 5 تشرين الثاني/ نوفمبر1979}. ثم اضطر التيار الليبرالي إلى استقالة حكومته والتراجع بعد جملة صراعات وصدامات سياسية مع القوى المتطرفة والثورية، وبعد يوم واحد من احتلال السفارة الأمريكية في طهران بتاريخ 4 تشرين الثاني / نوفمبر 1979.
وركز نشاطه بعد ذلك داخل البرلمان وخارجه فكانت له مشاركة علنية حتى بدايات الثمانينيات، وبعد النشاط المسلح الذي قامت به منظمة مجاهدي خلق (جماعة رجوي) والذي أدى إلى نوع من الحروب الأهلية، اتجه التيار الليبرالي إلى النشاط شبه الرسمي وكذلك غير الرسمي بسبب الظروف التي جاءت تبعاً لذلك. وفي بداية التسعينيات ومع انفتاح نسبي في الأجواء السياسية، ظهر التيار الليبرالي ثانية. ففي الانتخابات البرلمانية الخامسة والتي يرى بعض المحللين أنها كانت حرة نسبياً وهادئة،استطاع التيار الليبرالي بقيادة حركة تحرير إيران إثبات وجوده وكذلك بعض الناشطين الآخرين، إلا أنهم أحجموا عن المشاركة في الانتخابات المذكورة بحجة عدم توافر ظروف وأجواء مناسبة للمشاركة.وبعد ذلك استمرت الحركة في نشاطها غير الرسمي.
التجمع الثاني، أو ظهور حزب الله
يعتبر حزب الله من أقدم الاتجاهات السياسية في نظام الحكم، فقد ظهر مباشرة وبالتحديد بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران ضد النظام الملكي. وكان أهم ما يميزه عن سائر الاتجاهات الدينية الثورية في قيادة الثورة آنذاك، هو اعتقاده بضرورة وجود “مؤسسات ثورية خارج جهاز الدولة” وذلك من أجل ضمان سلامة النظام الجديد إزاء النظام البهلوي المنهار (مثل الجهاز العسكري الفاعل والبيروقراطية). وكان الاتجاه المعروف بالليبرالي الذي تقوده حكومة المهندس بازرجان يعارض هذا الرأي ويطالب فقط بإصلاح الأجهزة الحكومية الموجودة.
التجمع الثالث، أو تثبيت حزب الله
التجمع الذي أدى إلى تثبيت الاتجاه المتطرف وتحديد أطره عقب الصدام الذي حدث ضد ائتلاف رئيس الجمهورية آنذاك أبو الحسن بني صدر ومنظمة مجاهدي خلق. وقد ظهر عنوان “حزب الله” للوهلة الأولى فيما يتعلق بالمجموعات الدينية الشيعية التي كانت تصطدم وتشتبك مع المجموعات المعارضة. أما التيارات الرسمية لحزب الله فكانت الأجنحة المتطرفة في حزب الجمهورية الإسلامية ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية. وقد دخل تيار حزب الله حرباً طاحنة ضد تيار بني صدر ـ رجوي، إثر التحرك المسلح لمنظمة مجاهدي خلق والاعتقالات والعقوبات التي نالتهم، فكانت النهاية اندحار تيار بني صدر ـ رجوي. وبعد انفجار البناية المركزية لحزب الجمهورية الإسلامية اتخذ عنوان حزب الله طابعاً رسمياً، وازداد حضوره قوة في الحكومة التي كانت تطلق على نفسها حكومة حزب الله .
4.التجمع الرابع، أو ظهور التيارين المعتدل واليمين
حدث خلاف عام 1984 على مستوى القيادة العليا حول القضايا الاقتصادية ومن ثم حول القضايا الدولية. وفي هذا الاختلاف احتفظ تيار حزب الله (بقيادة حكومة مير حسين موسوي) بتفوقه السياسي واستطاع أن يعزل معارضيه. لكن في هذا الاختلاف نشأ تياران جديدان، فالمجموعة التي اختلفت مع حزب الله حول القضايا الاقتصادية شكلت تياراً عرف فيما بعد باليمين الذي عارض تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية جميعها بشكل واسع.
والمجموعة التي اختلفت مع حزب الله حول قضايا السياسة الدولية، شكلت تياراً عرف فيما بعد بالتيار الذي يعطي الأولوية للمصالح أو ما يعبر عنه بالمعتدل أو “البراجماتي”. وقد اعترض التيار المعتدل على بعض السياسات المتطرفة على المستوى الدولي آنذاك واعتبرها تتعارض مع المصلحة الاستراتيجية في الحرب مع العراق.وقد أبعد التياران اليمين والمعتدل عن مركز السلطة التنفيذية، لكنهما انضما معاً للصراع السياسي.
5.التجمع الخامس، أو تثبيت الاتجاه المعتدل
انتهت الحرب مع العراق عام 1988 وتركت الاستراتيجية العسكرية ـ السياسية الإيرانية التي كان شعارها كربلاء هي الطريق المؤدية إلى القدس. وفي مثل تلك الظروف فقد التيار المعروف بحزب الله ـ الذي كان يعدّ المحرك الأساس للاستراتيجية المذكورة ـ السلطة. بالمقابل استلم الاتجاه المعتدل السلطة فجعل استراتيجيته على أساس محورين، هما: إعادة بناء الاقتصاد، وإعطاء الأولوية للمصالح القومية في السياسة الخارجية. وكان هاشمي رفسنجاني أبرز شخصية في هذا الاتجاه، ولذي وصل إلى رئاسة الجمهورية علم 1989 ، حيث كان مجلس الشورى (البرلمان) في ذلك الحين في دورته الثالثة وكانت الأغلبية فيه للمتطرفين من حزب الله ، لكن هذا الاتجاه تنحى بعد الهزيمة التي مني بها في انتخابات الدورة الرابعة للبرلمان في نيسان/ إبريل 1992، فأصبح الطريق مفتوحاً للاتجاهات الأكثر هدوءاً وتشكلت الحكومة من ائتلاف تياري اليمين والمعتدل اللذين اتحدا ضد تيار حزب الله وتركا خلافاتهم إلى وقت آخر.
      6. التجمع السادس، أو تثبيت تيار اليمين
قويت شوكة التيار المعروف باليمين أساساً خلال الدورة الرابعة للبرلمان، فقد ظهر هذا التيار في انتخابات الدورة الرابعة بشعار “دعم القائد ورئيس الجمهورية” مقابل التيار المتطرف، ودخل بقوى إلى ساحة الصراع .
لكنه وبعد سنتين من ائتلافه مع التيار المعتدل، اتخذ طريقه الخاص به. وكان اليمين قلقاً ـ بالتحديد ـ من تبعات البرنامج الاقتصادي الذي قام بتنفيذه مع المعتدلين. واستطاع تيار اليمين أن يسيطر على الأغلبية تدريجياً في البرلمان خلال دورته الرابعة. وفي انتخابات الدورة الخامسة للبرلمان عام 1996 استطاع مرة أخرى الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان.
7. التجمع السابع، أو ظهور تيار اليسار
ظهر التيار الذي يعرف باليسار بشكل واضح المعالم عام 1994. ويمكن اعتبار أن ظهور تيار اليسار أساساً كان نتيجة لإعادة النظر في اتجاه حزب الله. وإعادة النظر هذه انتهت إلى تغييرات أساسية، فكان اليسار بوصفه تياراً مستقلاً هو الحصيلة في ذلك. وقد تكتل تيار اليسار في البداية مقابل التيارين المعتدل واليمين. لكنه بالتدريج أصبح قريباً من المعتدلين، حيث ائتلف معهم في انتخابات الدورة الخامسة للبرلمان عام 1996 وفي الدورة السابعة لرئاسة الجمهورية عام 1997 ضد تيار اليمين (وكذلك ضد تيار حزب الله الذي كان مؤتلفاً بدوره في هذه الانتخابات مع اليمين).
8. التجمع الثامن، أو عودة التيار الليبرالي إلى المسرح
بدأ التنافس بين مرشحي الدورة الخامسة للبرلمان منذ نهاية صيف 1995، وفي ذلك الوقت شرع الليبراليون بالدخول إلى مسرح الأحداث السياسية بهدوء. وإثر الضغوط الشديدة التي مارسها تيارا حزب الله واليمين عرى التيار الليبرالي ، اضطر الأخير الإحجام عن المشاركة الفعلة في الانتخابات وأجبر على التراجع. لكن أفكار التيار الليبرالي كانت مؤثرة في القوى التنظيمية التابعة للنظام مما زاد من قدرة التيار على التأثير. وفي هذه الفترة هوجمت الأطراف جميعها التي كانت تطالب بالمحافظة على الحريات السياسية وتوسيع نطاقها على اعتبار أنها تيارات ليبرالية. وفي انتخابات الرئاسة السابعة عام 1997 أعلن التيار الليبرالي عن مشاركة فعالة فيها .
وتعتبر التيارات التالية هي التيارات النشطة :
تيار حزب الله : ويذكر الكاتب أن من أهم العناصر المميزة التي تؤثر في المضمون الفكري لهذا التيار بصفته من أقدم التيارات في نظام الجمهورية الإسلامية :
[1] :التفسير الطبقي للتاريخ الإسلامي خاصة التاريخ الشيعي في دعم الفقراء.
[2] : أجواء المثقفين الدوليين بعد الحرب العالمية الثانية وتأييدهم لنضال القوى الشيوعية ضد الإمبريالية والطبقية.
كما أن حزب الله يطالب باتخاذ موقف ما إزاء الأفكار التقليدية على كافة المستويات الخاصة والمجتمعية العامة حيث يمثل الطبقة دون المتوسطة في المدن القاعدة الرئيسية للتيار وهي لسان حاله ويعارض هذا التيار إقامة حوار سياسي بين مختلف الفئات الاجتماعية خاصة المثقفين وامتاز في بداية العهد الجمهوري بميزة المناهضة للبرالية وكذلك للسياسة الخارجية هي حركة مناهضة للاستعمار ولها العديد من الصحف الناطقة باسمها بشكل غير رسمي وتتمركز نشاطات هذا التيار في مدينتي طهران ومشهد.
وفي أواسط التسعينات انتظمت القوى الأساسية في حزب الله ضمن تنظيمات منها : ” جمعية الدفاع عن الثورة ” كما أن صحف : صبح وكيهان والجمهورية الإسلامية تعد المروج غير الرسمى لهذا التيار .
ومن أبرز رموزه آية الله أحمد جنتي وحجة الإسلام محمد مهدي ريشهري .
التيار المعتدل [ الوسط ] : ظهر هذا التيار مع بداية غياب تدريجي للتيار الثوري المتطرف في بداية الثمانينيات ورحيل مؤسس الجمهورية الإمام الخميني ووصول هاشمي رفسنجاني حيث يدعو هذا التيار إلى حكومة شعبية لها صفة القاعدية في المجتمع وتدار بواسطة الخبراء والتقنيين وعلماء الدين معا ويؤمن بإمكانية تغير شكل الحكم وتحوله وإمكانية البحث في ذلك وهذا التيار يعتقد بأهمية أن تكون المؤسسة الدينية تحت سلطة الدولة ويعد هذا الاتجاه أكثر اعتدالا من غيره في سياسته وله علاقته من خلال وجوده في التشكيلات الحكومية بالقوى البيروقراطية ، ولأنه قل ما يؤكد الأساليب السياسية فإنه يعبر ذلك عن عدم نضجه بشكل كامل ولهذا السبب الذي أدى إلى إخفاق كوادره في انتخابات الدورة الخامسة للبرلمان ، ويرى هذا التيار أنه قادر على حمل فكرة التنمية والتطور الاقتصادي على عاتقه حيث وضع مفكروه الخطة الاقتصادية والتي بنوها على ثلاثة محاور وقاموا بتنفيذ سياسة [ التعديل الاقتصادي ] ومن ثم سياسة [ الاستقرار الاقتصادي ] واللتين لاقتا القبول من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، وفي مجال السياسة الخارجة فيعتقد هذا التيار بأن العلاقات الدولية تبنى على أساس القوة كمعيار لمعرفة العلاقة بالدول الأخر وتنظيمها ومن ناحية القاعدة الاجتماعية فإن أنصار هذا التيار موجودون بين الطبقات المرتبطة بالإدارة الحكومية وضعفه يكمن في عدم إقامته علاقات تنظيمية بالمستوى المطلوب داخليا وعدم استقطاب تجمعات موالية له من خارج الحكومة ، وتعتبر جماعة كوادر البناء أبرز مجموعة منسجمة في هذا التيار وتعد صحيفتي همشري وايران معبرتان عنه .  
تيار اليمين : وتمتد جذور هذا التيار في الفكر التقليدي الشيعي الذي فصل بين المجالين السياسي والديني حتى ثورة عام 1979 ، ويعتقد هذا التيار بأن شرعية هذا النظام الجديد تبنى على أساس حكم الفقهاء وليس من سياسته الانفتاح وإقامة حوار سياسي بين القوى ويؤمن بسياسة خلف الكواليس ، ومن الناحية الثقافية فهو ذو اتجاه تقليدي معارض لمعالم التجديد الثقافي حرصا على المحافظة على أرضيته بشكل قوي في القاعدة الاجتماعية ، وله ارتباط وثيق من الناحية الاقتصادية ارتباط وثيق بسوق التجار التقليديين [ البازار ] وهذا دلالة على تأكيده لأهمية القطاع الخاص ، أما عن سياسته الخارجية فهو تيار معادي للأجنبي ، وتنظيميا فله إمتداداته في أجزاء من الحوزات العلمية وبعض النقابات والإتحادات الإسلامية ، ويشكل الأقلية في البرلمان وله صحيفة رسمية واحدة هي الرسالة ومن أبرز رموزه ناطق نوري.
تيار اليسار : ويعد هذا التيار آخر تحول مهم في مسيرة التيارات وهو الأحدث في بداية التسعينيات علي الساحة الإيرانية ومن أهم ما يميزه حرصه على تطبيق الدستور ونظامه وحفظ حقوق الشعب وتنمية حرياته السياسية وعلى صعيد السياسة الداخلية يعمل هذا التيار على مواجهة ثلاث جبهات ممثلة في تيار اليمين وتيار حزب الله والتيار المعتدل ، وكما ويدعم القضايا الاقتصادية وتنشيطها من خلال أجهزة الحكومة وفي القضايا الخارجية وعلى عكس سياسته الداخلية فإنه يدعو في بعض الأحيان إلى الثورية في العمل وتشكل الطبقة المتوسطة ودون المتوسطة والفئات الدينية وبعض الكوادر الوسطية كالبيروقراطية القاعدة الاجتماعية له. ويعد مجمع العلماء المناضلين ” روحانيون ” الاساس الذي كون هذا التيار وتعد صحيفة سلام معبرة عنه .

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى