اصدارات الكتب

كتاب خطر!، تأليف”ودورد” و”كوستا” عن اضطرابات النظام الأمريكي

أثار كتاب “خطر” لكلٍّ من “بوب ودورد” و”روبرت كوستا” عاصفة من الجدل قبيل صدوره بشكل رسمي في 21 سبتمبر الجاري، حيث كشف الكتاب عن معلومات مثيرة حول علاقة الرئيس السابق “ترامب” بالمؤسسات الأمريكية، وخاصة المؤسسة العسكرية. حيث تصاعدت الاتهامات للجيش الأمريكي بالقيام بانقلاب “ناعم” على “ترامب” من خلال تجريده بشكل “سري” من الكثير من صلاحياته، والتواصل بشكل “سري” مع الصينيين لطمأنتهم بعدم شن أي هجوم عليهم، وذلك عقب التشكك في قدرات “ترامب” العقلية. ويتضمن الكتاب معلومات حصرية حول عملية اقتحام الكابيتول و”فوضى” تسليم السلطة في الولايات المتحدة، والضغوط التي مارسها “ترامب” لعرقلة عملية تسليم السلطة. بالإضافة إلى عملية الانسحاب من أفغانستان، ومعارضة الجيش الأمريكي الانسحاب الكلي، وعدم أخذ الإدارة الأمريكية بنصائح الحلفاء في هذا الصدد.

وتجدر الإشارة إلى أن “بوب ودورد” يُعتبر من أشهر الصحفيين في الولايات المتحدة وأكثرهم مصداقية، كما يتمتع بقنوات اتصال قوية للغاية في أروقة السلطة بالولايات المتحدة، وهو مفجر فضيحة “ووتر جيت” الشهيرة، بالاشتراك مع زميله في صحيفة “واشنطن بوست” كارل بيرنشتاين، والتي أدت إلى خروج الرئيس الأمريكي الأسبق “نيكسون” من البيت الأبيض، كما له العديد من الكتب عن القادة والرؤساء الأمريكيين السابقين مثل “جورج بوش الابن” و”أوباما”.

اضطرابات النظام الأمريكي

يُعد الكتاب هو الثالث ضمن سلسلة كتب الصحفي المخضرم “بوب ودورد”، بعد كتابي “الخوف” و”الغضب” اللذين تناولا العديد من أسرار وخفايا البيت الأبيض في عهد الرئيس “ترامب”؛ إلا أن الكتاب الأخير اشترك فيه الصحفي “روبرت كوستا”. ويستند الصحفيان إلى مئات الشهادات والمقابلات مع أعضاء من إدارتَيْ “ترامب” و”بايدن”. وتمثلت أبرز الأفكار الواردة في الكتاب فيما يلي:

1- تشكك المؤسسات الأمريكية في الصحة العقلية لـ”ترامب”: كشف الكتاب أن الجنرال “مارك ميلي” رئيس هيئة الأركان المشتركة، وهو أعلى منصب عسكري في الولايات المتحدة، كانت لديه شكوك حقيقية في قدرات الرئيس العقلية عقب خسارته الانتخابات، وأنه أخبر كبار موظفيه بهذا الأمر.

وأشار الكتاب إلى مكالمة جرت بين رئيسة مجلس النواب “نانسي بلوسي” و”ميلي” بعد يومين من اقتحام الكابيتول، حيث أعربت الأولى عن قلقها من وضع ترامب “العقلي”، ووصفت الرئيس “ترامب” بأنه “مجنون”، وأنه قد يشن ضربة نووية، منتقدة صمت مسؤولي البيت الأبيض عن تصرفات “ترامب” وعدم منعه من الهجوم على مبنى الكونجرس. كما دعت “بلوسي” إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة لقطع الطريق أمام أي قرارات عسكرية يتخذها “ترامب”، فيما أقر “ميلي” بخطورة الموقف ووافق على ما قالته “بلوسي”. قائلاً: “سيدتي رئيسة مجلس النواب، أتفق معكم في كل شيء”. كما أوضح الكتاب أن “جينا هاسبل” مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وصفت سلوك “ترامب” بعد خسارة الانتخابات بأنه كان “جنوناً”، وأنه كان “يتصرف مثل طفل يبلغ من العمر 6 سنوات في نوبة غضب”.

2– تحذير رئاسة الأركان من تلقي معلومات عسكرية من “ترامب”: بحسب الكتاب، فقد دعا “ميلي” إلى اجتماع سري في مكتبه في البنتاجون بتاريخ 8 يناير 2021، تضمن كبار القادة والمسؤولين العسكريين عن مركز القيادة العسكرية الوطنية، لمراجعة الأمور الخاصة بسير العمل العسكري، بما في ذلك إطلاق أسلحة نووية. وقد أمر “ميلي” كل أعضاء هيئة الأركان بأداء “قسم” بعدم تلقي أوامر من أي شخص غير مرتبط بالعمل العسكري، في إشارة إلى الرئيس “ترامب”، وضرورة إبلاغه بأي أمر محتمل من “ترامب” بتوجيه ضربة نووية.

ومن الجدير بالذكر أن الكتاب ذكر في موضع آخر أن “ميلي” استاء بشكل كبير من “ترامب” بعد اعتقاده أن “ترامب” “وظّفه” لأخذ صورة أثناء احتجاجات “جورج فلويد” أمام كنيسة في واشنطن، حيث رأى “ميلي” أن تلك الصورة يمكن أن تبعث رسالة خاطئة للمتظاهرين، لا سيما أنها جاءت بعد وقت قصير من إلقاء “ترامب” خطاباً هدد فيه بنشر القوات الأمريكية لقمع الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في البلاد.

3– تعهُّد “ميلي” بإبلاغ الصين قبل أي هجوم أمريكي: بحسب الكتاب، فإن رئيس هيئة الأركان المشتركة “مارك ميلي” كان يخشى اندلاع حرب بين بلاده والصين في آخر أيام الرئيس “ترامب”، ومن ثم سارع لاتخاذ عدد من التدابير الاستثنائية لتجنب مواجهة مباشرة مع بكين، وصلت إلى حد التواصل “سراً” مع نظيره الصيني “لي تشو تشنج” مرتين، الأولى في 30 أكتوبر 2020، قُبيل الانتخابات الأمريكية، والثانية في 8 يناير 2021، وبعد يومين من اقتحام الكابيتول؛ حيث طمأنه بأن واشنطن لن تشن هجوماً، وأن الأمور في واشنطن تحت السيطرة. وبحسب الكتاب فقد طمأن “ميلي” نظيره الصيني بالقول: “لن نهاجمكم ولن نشن عمليات عسكرية ضدكم.. لو كان مثل هذا الهجوم وارداً لكنت أبلغتك سلفاً بالأمر، لكنه لن يكون مفاجأة”. وأضاف “ميلي” بأن الأمور تسير بشكل جيد في الولايات المتحدة، لكن “الديمقراطية تكون فوضوية أحياناً”.

4– دعوة الجيش الأمريكي الاستخبارات لمراقبة تصرفات “ترامب”: بحسب الكتاب، طلب رئيس هيئة الأركان المشتركة “مارك ميلي” قادة الاستخبارات في الولايات المتحدة، وعلى رأسهم مديرة وكالة الاستخبارات المركزية “جينا هاسبل”، وقائد الاستخبارات العسكرية “بول ناكاسون”، إلى مراقبة تصرفات الرئيس “ترامب”، ورصد سلوكه.

ووفقاً للكتاب فقد وصفت “هاسبل” الرئيس “ترامب” بـ”المجنون”، وأنه كان يتصرف كطفل غاضب، وذلك في مكالمة هاتفية مع رئيس هيئة الأركان المشتركة “مارك ميلي” بتاريخ 10 نوفمبر. وأضاف الكتاب أن “ميلي” أكد لها أننا “سنبقى ثابتين مثل الصخرة”، داعياً “هاسبل” للتيقظ حيال أية مخاطر، وأن تُبقي القنوات مفتوحة.

5– تصاعد مخاوف مسؤولي إدارة “ترامب” بعد إقالة “مارك إسبر”: بحسب الكتاب، فقد تسببت إقالة وزير الدفاع الأمريكي “مارك إسبر”، في 9 نوفمبر 2020، في مخاوف كبيرة لدى “جينا هاسبل” وكذلك “ديفيد أوربان” كبير مستشاري حملة “ترامب” الرئاسية في 2016، وأحد المقربين منه، حيث أخبر “أوربان” صهر الرئيس وكبير مستشاريه “جاريد كوشنر” بأن إقالة “إسبر” “خطوة شاذة”، وجعلت “ترامب” يبدو “خارج السيطرة”.

جدير بالذكر أن “مايكل بندر” مراسل صحيفة “وول ستريت جورنال” قد أشار إلى معطيات مشابهة في كتابه “صراحة لقد فزنا بهذه الانتخابات: القصة الداخلية لخسارة ترامب”، حيث أشار إلى خشية وزير الخارجية السابق “مايك بومبيو” ورئيس هيئة الأركان المشتركة من أن يقوم “ترامب” بإحضار مسؤولين إلى البيت الأبيض ووزارة الدفاع من أصحاب نظرية المؤامرة، وأن تكون لديهم صلات بمجموعات النازيين الجدد.

6– اتهام “ترامب” لـ”كوشنر” بالولاء لإسرائيل أكثر من أمريكا: أشار الكتاب إلى أن “ترامب” صرح “مازحاً” أكثر من مرة بأن “جاريد كوشنر” أكثر ولاء لإسرائيل من الولايات المتحدة، ففي اجتماع بالبيت البيض قال ترامب: “كما تعلمون فإن جاريد كوشنر الذي نشأ في أسرة يهودية أرثوذكسية هو أكثر ولاء لإسرائيل من الولايات المتحدة”. كما يذكر الكتاب أن “ترامب” استخدم تعبيراً معادياً للسامية.

وبحسب الكتاب فإن “ترامب” استخدم أكثر من مرة فكرة “الولاء المزدوج” للقول بأن اليهود الأمريكيين أكثر ولاء لإسرائيل من الولايات المتحدة. ففي أبريل 2019، قال “ترامب” لجمهور من اليهود الأمريكيين، إن “نتنياهو” هو رئيس وزرائكم، كما قال “ترامب” في إحدى المكالمات الهاتفية مع قادة نواب يهود إن اليهود يلتزمون ببعضهم بعضاً ولا يفعلون شيئاً إلا لأنفسهم. كما لفت الكتاب إلى أن بعض أنصار “ترامب” سبق وأن عبروا أكثر من مرة عن معاداة السامية، حيث ارتدى أحد الرجال الذي اقتحموا الكابيتول في 6 يناير قميصاً عليه شعاراً نازياً.

7– ضغوط “ترامب” على نائبه “بنس” لمنعه من التصديق على النتائج: تضمن الكتاب بعض التفاصيل الجديدة حول تشبث “ترامب” بالسلطة، حيث حاول منع نائب الرئيس حينها “مايك بنس” من التصديق على انتخاب “بايدن” يوم 6 يناير، حيث فَقَدَ “ترامب” أعصابه خلال محاولته الأخيرة ليلة 5 يناير لإقناع “بنس” بالوقوف إلى جانبه.

وبينما كانت الجماهير المؤيدة لترامب تهتف خارج البيت الأبيض، قال “ترامب” لبنس: “إذا قال هؤلاء إنه لديك السلطة (لقلب النتيجة)، ألا تريد أن تفعل ذلك؟”. لكن “بنس” رفض قائلاً: “لا أريد لأي أحد أن يمتلك هذه السلطة”، وحينها عاد “ترامب” للسؤال: “لكن ألن يكون من الرائع أن تمتلك هذه السلطة؟”، إلا أن “بنس” أصر على رأيه قائلاً: “لا، لقد قمت بكل شيء باستطاعتي.. ببساطة هذا أمر مستحيل”. وبحسب الكتاب فإن رفض “بنس” فكرة “ترامب” بإلغاء المصادقة على النتائج يوم 6 يناير 2021 لاعتقاده بأن هذا سيكون مناقضاً لوجهة نظره المحافظة تقليدياً. ووفقاً للكتاب فقد هدد “ترامب” “بنس” قائلاً: “إنك لا تفهم، مايك. أنت باستطاعتك أن تفعل ذلك. أنا لا أريد أن أكون صديقك بعد الآن إن لم تفعل ذلك”. كما استدعى “ترامب” “بنس” مرة أخرى يوم 6 يناير قائلاً بغضب: “إن لم تفعل ذلك، فلقد اخترت الرجل الخطأ للسنوات الأربع الماضية”.

8- تجاهُلُ “ترامب” تحذيرات الجمهوريين بشأن “رودي جولياني”: وفقاً للكتاب، فقد تجاهل “ترامب” تحذيرات متعددة بأن مزاعم “رودي جولياني” والمحامي “سيدني باول” بشأن حدوث تزوير جماعي للانتخابات أصبحت غير مرتبطة بالواقع، وقد تزايدت تلك التحذيرات -التي جاء أبرزها من “ليندسي جراهام”- عقب مؤتمر صحفي لـ”جولياني” و”باول” زعما فيه أن هناك مؤامرة شيوعية عالمية لإسقاط “ترامب”. وبحسب الكتاب، فقد قال “ترامب” ذات يوم لجولياني أمام عدد من الموظفين على متن طائرة: “رودي أنت طفل.. لم أرد قط دفاعاً أسوأ عني في حياتي، لقد أخذوا حفاضاتك من هناك، أنت مثل طفل صغير بحاجة إلى التغيير، متى ستكون رجلاً؟”.

وبرغم ذلك، فقد تمسك “ترامب” بـ”جولياني” مدعياً أنه اختاره لرفع الدعاوى الخاصة بتزوير الانتخابات، لأنه لا يوجد “محامون عاقلون” يمكنهم تمثيله، لأنهم تعرضوا لضغوط كبيرة. واعتبر “ترامب” أن “رودي سيقاتل، ويمكن الاعتماد عليه للقتال عندما لا يقاتل الآخرون، وأيضاً سيعمل مجاناً”. كما يتضمن الكتاب اتهامات بالخيانة لزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب الأمريكي “كيفن مكارثي”، حيث اتّهمه “ترامب” بالخيانة بعد إلقاء الأخير اللوم على “ترامب” في البداية بشأن التحريض على اقتحام الكابيتول.

9- فشل دعوات إقناع “ترامب” بالسيطرة على اقتحام الكابيتول: فيما يتعلق بحادث اقتحام مبنى الكابيتول يوم 6 يناير 2021، أشار الكتاب إلى أن “ترامب” تجاهل العديد من تحذيرات مسؤولي إدارته لدعوة أنصاره للتراجع عن اقتحام الكابيتول، ومن بين هؤلاء المسؤولين مستشار الأمن الوطني السابق لنائب الرئيس “كيث كلوج”، الذي كان متواجداً مع “ترامب” لحظة اقتحام الكابيتول. وقد قال لترامب: “يجب عليك أن تكتب تغريدة للمساعدة في السيطرة على الحشود هناك. هذا أمر خرج عن السيطرة.. بمجرد أن تبدأ الحشود بفعل ذلك، تكون قد فقدت السيطرة”. إلا أن “ترامب” لم يفعل شيئاً، واستمر في مشاهدة التلفاز. كما لفت الكتاب إلى أن دعوة “إيفانكا ترامب” الرئيس للتدخل كانت بلا جدوى كذلك.

10– كشف مذكرة سرية لـ”ترامب” للانسحاب من أفغانستان والصومال: كشف الكتاب أن الرئيس السابق “ترامب” وقّع على مذكرة سرية تأمر وزير الدفاع “كريستوفر ميلر” بسحب القوات الأمريكية من الصومال وأفغانستان قبل نهاية ولايته، وبحسب الكتاب فقد صاغ المذكرة اثنان من الموالين لـ”ترامب”. وبحسب الكتاب أيضاً، فقد وجه “ترامب” المذكرة إلى وزير الدفاع بالوكالة “ميلر” قائلاً: “أوجهك بسحب جميع القوات الأمريكية من جمهورية الصومال الفيدرالية في موعد أقصاه 31 ديسمبر 2020، ومن جمهورية أفغانستان الإسلامية في موعد أقصاه 15 يناير 2021، وإبلاغ جميع القوات المتحالفة والشريكة بالتوجيهات”. ولم يسبق لوزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة ومستشار الأمن القومي الاطّلاع على تلك المذكرة قبل توقيعها، وهو ما يخالف الإجراءات الطبيعية المعمول بها في هذه الحالات، حيث يتم استشارة كبار المسؤولين الأمنيين، حيث تم التوقيع على تلك المذكرة في 11 نوفمبر 2020، أي بعد ثمانية أيام من الانتخابات الرئاسية.

وبحسب الكتاب، شعر وزير الدفاع “ميلر” ورئيس هيئة الأركان المشتركة “ميلي” ورئيس الأركان المعين حديثاً “كاش باتيل” بالصدمة عندما وصلت المذكرة إلى البنتاجون، حيث قام الثلاثة بزيارة مفاجئة إلى مستشار الأمن القومي “روبرت أوبراين”، متسائلين عن تلك المذكرة، وكيف يقوم الرئيس بذلك! إلا أن “أوبراين” نفى علمه بأي شيء عن المذكرة. وهنا قال “ميلي” لـ”أوبراين”: “ماذا تقصد أنك لا تمتلك فكرة؟ أنت مستشار الأمن القومي، ووزير الدفاع لم يكن يعلم بهذا، كيف يحدث هذا بحق الجحيم؟”. وبحسب الكتاب، فقد أخذ “أوبراين” المذكرة وقابل “ترامب”، وأبلغه بضرورة الاجتماع مع كبار القادة لمناقشة الأمر، وهو ما وافق عليه “ترامب”، حيث تم سحب المذكرة.

11- اقتراح “ترامب” طلاء طائرته الخاصة لتشبه طائرة الرئاسة: لفت الكتاب إلى أن الرئيس “ترامب” طرح فكرة إعادة طلاء طائرته الخاصة من طراز بوينج 757 لتشبه طائرة الرئاسة، لكي تحلق في جميع أنحاء البلاد، وذلك كوسيلة للسخرية من الرئيس “بايدن”، حيث طرح “ترامب” تلك الفكرة على أصدقائه في لعبة الجولف في مناسبة واحدة على الأقل، حيث قال “ترامب” إن “الشعب الأمريكي يحب تلك الطائرة”. “أفكر في إعادة طلائها باللون الأحمر والأبيض والأزرق، مثل طائرة الرئاسة”.

12- انقسام إدارة “بايدن” حول الانسحاب من أفغانستان: أظهر الكتاب أن ثمة انقساماً داخل الإدارة الأمريكية بشأن الانسحاب من أفغانستان، حيث أيدَ وزير الخارجية “بلينكن” في البداية عملية الانسحاب الكامل من أفغانستان، وكان متوافقاً مع “بايدن” حول هذا الأمر، لكن “بلينكن” قدم توصية مغايرة للرئيس “بايدن”، وذلك بعد اجتماع مع وزراء في الناتو في مارس 2021، حيث حاول إقناع الرئيس “بايدن” بإطالة أمد الوجود العسكري في أفغانستان لتعزيز فرص “الحل السياسي” بين الأفغان، وإفساح مجال أكثر للمفاوضات، لكن “بايدن” رفض.

13- مخاوف “بايدن” من “تلاعُب” المؤسسة العسكرية: يلفت الكتاب إلى أن “بايدن” كان مقتنعاً بأن القادة العسكريين تلاعبوا بالرئيس “أوباما” في الملف الأفغاني، حيث أقنعوه بالبقاء هناك بعدما كان يفكر في قرار الانسحاب. وبحسب الكتاب فإن “بايدن” تعهد في عام 2009، عندما كان نائباً للرئيس، بعدم إعطاء فرصة للجيش للتحكم أو التلاعب فيه، ومن ثم رفض جميع اقتراحات تأجيل قرار الانسحاب من أفغانستان. كما رفض “بايدن” الانسحاب على مراحل، فيما اقترح وزير الدفاع “لويد أوستن” انسحاباً أمريكياً على ثلاث أو أربع مراحل، حتى تتمكن واشنطن من الضغط على المفاوضين الأفغان.

ارتدادات واسعة للكتاب

ربما لم يُحدث كتابٌ هذا القدر من الارتدادات مثل كتاب “بوب ودورد” و”روبرت كوستا” الأخير، حيث ترتب على نشر الكتاب عدة تداعيات، يتمثل أبرزها فيما يلي:

1- اتهامات لـ”مارك ميلي” بالخيانة ومطالبات بمحاكمة عسكرية: أثارت التسريبات الخاصة بتواصل رئيس الأركان المشتركة مع الصين عاصفة من الانتقادات في الداخل الأمريكي، ولا سيما من الرئيس “ترامب” والمقربين منه، حيث اتهمه “ترامب” بالخيانة، قائلاً: “إذا كانت هذه القصة صحيحة، يجب محاكمة ميلي بتهمة الخيانة”. كما دعا السيناتور “راند بول” إلى محاكمته عسكرياً حال صحت تلك التقارير، معتبراً أن هناك استياء كبيراً من أداء الجنرال “ميلي” لا سيما فيما يتعلق بالانسحاب الأمريكي “الفوضوي” من أفغانستان، معتبراً أن الجنرال “ميلي” غير مؤهل لمنصبه، ويجب إعفاؤه فوراً. بينما طالب السيناتور “ماركو روبيو” بإعفاء “ميلي” من مهامه قائلاً لـ”بايدن”: “لست بحاجة إلى أن أخبرك عن المخاطر المتمثلة في تسريب قادتنا العسكريين معلومات سرية عن العمليات الأمريكية، لكني سأشدد على أن تصرفات من هذا النوع تهدد قدرة الرئيس على التفاوض مع بلدان أخرى”.

2– دفاع “بايدن” وعدد من مسؤولي البنتاجون عن “ميلي”: أصدر البيت الأبيض بياناً دعم فيه “ميلي” بشكل كامل، كما أكد “بايدن” ثقته الكاملة في “ميلي”. كما دافع “جون بولتون” مستشار الأمن القومي للرئيس “ترامب” عن “ميلي”. وأشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض “جين ساكي” إلى أن “بايدن” عمل مع الجنرال “ميلي” منذ توليه رئاسة البلاد، ويعرفه جيداً، وأن الرئيس “لديه ثقة كاملة في قيادته، إلى جانب وطنيته وإخلاصه للدستور”. وأشار بعض المسؤولين في وزارة الدفاع إلى أن مكالمات “ميلي” تمت وفق بروتوكولات مماثلة، ولم تكن سرية؛ حيث حضر 15 شخصاً تلك المكالمات.

3– تبرير خطوة “بايدن” بالانسحاب من أفغانستان: رأت بعض الجهات في الولايات المتحدة، مثل شبكة “سي إن إن”، أن كشف وجود مذكرة سرية من قبل “ترامب” للانسحاب من أفغانستان بدون استشارة أي من القادة العسكريين يدحض مزاعم “ترامب” بأنه كان سيقوم بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بشكل أفضل من الرئيس الحالي “بايدن”، كما تُظهر تلك المذكرة تناقض تصريحات “ترامب” التي هاجم فيها إدارة الرئيس “بايدن” بشأن عملية الانسحاب، والتي قال “ترامب” فيها إنه ما كان سيسحب القوات بهذه السرعة.

4– تزايُد الحديث حول تراجع الديمقراطية الأمريكية: أدى الكتاب إلى تصاعد موجة الانتقادات الموجهة للديمقراطية الأمريكية، لا سيما وأنه يلمح إلى وجود ما يُشبه انقلاباً ناعماً من المؤسسة العسكرية ضد الرئيس “ترامب”، لشكوك حول “قدراته العقلية”، وهو أمر لا يختلف كثيراً عن الانقلابات العسكرية التي تتم في الدول الإفريقية على سبيل المثال.

ومن الجدير بالذكر أن “بايدن” قد تحدث كثيراً عن تراجع الديمقراطية الأمريكية، وضرورة العمل على ترميمها في الداخل. كما لفتت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة “هيلاري كلينتون”، في حديث لها مؤخراً مع صحيفة “الجارديان” البريطانية، إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تخوض معركة حقيقية من أجل الديمقراطية ضد القوى الموالية للرئيس السابق “ترامب”، وتحاول ترسيخ حكم الأقلية، معتبرة أن هناك صراعاً حول مستقبل الولايات المتحدة.

5- تسليط الأضواء على التصدع بالحزب الجمهوري: يعاني الحزب الجمهوري من انقسام كبير. ففي أحدث استطلاع للرأي أجرته شركة أبحاث لصالح شبكة “سي إن إن”، أظهر الاستطلاع أن 63% ممن يميلون للحزب الجمهوري يرون أن “ترامب” يجب أن يكون زعيماً للحزب، مقابل 37%. كما اعتبر 51% أن ترشح “ترامب” يمكن أن يمثل فرصة أكبر للجمهوريين لاستعادة الرئاسة، بينما رأى 49% أن الوضع سيكون أفضل في حال ترشح شخص آخر.

وفي مؤشر آخر على تزايد الانقسامات داخل الحزب الجمهوري، أعلن النائب “أنتوني جونزاليس” أنه لن يترشح مجدداً على مقعده في ولاية أوهايو بالانتخابات القادمة. معتبراً أن قراره يعود إلى “الأجواء السامة داخل الحزب الجمهوري”. جدير بالذكر أن “جونزاليس” يُعتبر أحد الجمهوريين العشرة الذين صوتوا لصالح عزل “ترامب” بعد اقتحام مبنى الكابيتول، ويُدلل قراره الأخير على الانقسام الكبير داخل الحزب الجمهوري، والنفوذ الكبير الذي لا يزال يتمتع به “ترامب”.

ومن المتوقع أن يُعمق هذا الكتاب من الانقسام داخل الحزب الجمهوري، حيث أكد “ليندسي جراهام” -وفقاً للكتاب- أن “ترامب” في حال أراد العودة مرة أخرى للترشح فإن “عليه أن يتعامل مع المشاكل المتعلقة بشخصيته”. كما رأى المدير السابق لحملة “ترامب” الانتخابية “براد بارسكيل” في تعليقه على عزم “ترامب” الترشح مرة أخرى، أنه “لا يعتقد أن ترامب يراها عودة للرئاسة بقدر ما هي انتقام”.

وفي خطاب ألقاه الحاكم الجمهوري السابق لولاية نيوجرسي “كريس كريستي” في مكتبة رونالد ريجان الرئاسية، بتاريخ 9 سبتمبر الجاري، أمام حشد من الجمهوريين، وجه “كريستي” توبيخاً لاذعاً للرئيس السابق “ترامب” ونظريات المؤامرة التي انتشرت منذ انتخابات عام 2020، معتبراً أن الحزب الجمهوري في خطر، داعياً إلى مواجهة حقائق انتخابات عام 2020 والتعلم منها، ونبذ منظّري المؤامرة ومنكري الحقيقة.

وختاماً، فقد أشعل كتاب “الخطر” الجدل السياسي في الداخل الأمريكي، لما تضمنه من معلومات خطيرة حول طريقة إدارة الرئيس “ترامب” للبلاد، والعلاقة بين المؤسسات الكبرى في الولايات المتحدة، كما يُفصح عن الكثير من المعلومات المهمة حول اقتحام مبنى الكابيتول، والانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وهو ما ستكون له بالتأكيد تداعيات كبرى على الداخل الأمريكي في الفترة القادمة، بالإضافة إلى تداعيات أخرى محتملة على صورة الولايات المتحدة في العالم، وعلاقاتها مع حلفائها، خاصةً مع تأكيد الكتاب تجاهل كل من “ترامب” و”بايدن” حلفاء الولايات المتحدة في الخارج بشأن عملية الانسحاب من أفغانستان.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى