...
المكتبة السياسيةدراسات سياسية

كتاب فن ومهارات التحليل السياسي

اعداد وتأليف الدكتور مهند العزاوي – مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع –عمان – الأردن

هذا الإنجاز العلمي هو الكتاب الأول عالميا وعربيا الذي يناقش فن ومهارات التحليل السياسي بشكل علمي اكاديمي ومفاهيمي ويوضح فيه المصطلحات السياسية المهمة وفلسفة الادراك والتفكير المحترف فضلا عن أهمية التحليل السياسي في بيوت الخبرة وماهي الأقسام والاشكال والاليات في التحليل والمنهجيات المعتمدة على أساس خبرة المؤلف العملية في هذا المجال هذه المقدمة تبين سياق اعداد الكتاب وفصوله نسال ان يكون قد وفقنا في اخراج الكتاب لصالح الفضاء العلمي والمعرفي والإنساني.

مقدمة كتاب فن ومهارات التحليل السياسي

ابدء مقدمة كتابي  المعرفي بقول الله عز وجل }نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَن نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} يوسف: 76  , لم يكن الاجتهاد في  العلم والمعرفة هبة ربانية يمنحها الله لكل البشر فحسب بل انها متعة لمن يبحر في محيطات المعرفة المتعددة , ونجد هناك من يطور مهاراته  ويتفكر , وهناك من يهملها ويتعثر في مسيرته المهنية او الوظيفية ويتأخر عن ركب المعرفة والابداع , يبقى الخزين الفكري عبر المخزون المعرفي الذهني هو المحرك الأساسي الذي يعتمد عليه الانسان ويستخدمه في التحليل والتمحيص والتتبع والتقدير والتحسب واتخاذ القرارات الهامة والمهمة في المحيط التفاعلي السياسي والمؤسسي و الوظيفي والاجتماعي , وكما قال فيكتور هوجو  (غزو الجيوش يمكن مقاومته ، أمّا غزو الأفكار فلا )  ونحن نعيش عالم مضطرب نجد فيه التلاعب والتضليل والخداع سمة أساسية تستهدف مجتمعاتنا واجيالنا من خلال قصف العقول وتصدير الاحداث الصادمة النازفة دون علاج نظرا لحالة الصدمة التي تسبق أي حدث , اذن  التحليل دورة فكرية تعتمد الإدراك المسؤول والتفكير المنظم لأفعال الاخرين  التي تتجسد على شكل احداث وازمات وظواهر تصب في الواقع السياسي العالمي او الإقليمي او المحلي ,  ومهما احكمت صناعة الاحداث وتضمينها رسائل مبهمة وعلنية من اطراف فاعلة  , الا ان التحليل والاستباق للأحداث يعد وقاية فضلا عن التفاعل معها يعد علاج   يحاكي لعب السياسة التي تتفاعل مع الاحداث, حيث يجري التعمق في مجرياتها بغية معرفة غايات ودوافع ورسائل ونتائج صناع الحدث او الازمة او الظاهرة التي برمتها قد تحقق التأثير في سير الاحداث وتغيير الواقع السياسي للدول والتحالفات من حال الى حال اخر يتناغم مع مصالح ورغبات واطماع صانع الاحداث أحيانا او يجري توظيفها وركوب الموجة وإعادة توجيه مسار الاحداث بما يتسق باستراتيجية الاضداد من الحدث

تعتمد دول العالم الراشدة والمتقدمة في مسح بيئتها الخارجية والداخلية على منظومة التحليل السياسي المعمق للواقع السياسي بعناصره من الاحداث والأزمات والظواهر السياسية والمناورات باستخدام الوسائل المعتمدة في تحقيق اهداف السياسة الخارجية , وتسخر لها موارد  متعددة المتمثلة براس المال البشري والمالي والمادي والمعنوي , ويتم ذلك من خلال البحث الدؤوب والتقصي الذكي لعناصر الواقع السياسي وحركته ومتغيراته , بغية تحقيق منظومة معلومات وقاعدة بيانات وبحوث فكرية متقدمة تسهم في صناعة القرار الراشد وبلورة الرؤية الاستراتيجية المسؤولة لإدارة ومعالجة المخاطر من جانب والتحسب والوقاية من التهديدات من جانب اخر.

يعد التحليل السياسي القاعدة الأساسية للمؤسسات البحثية وبيوت الخبرة المتقدمة وإنتاج الخبراء , وما يطلق عليهم عالميا “مفاتيح الفكر” وهم المفكرين المتفرغين لمتابعة وتحليل الاحداث والأزمات ضمن سياق مؤسسات  الدول او مؤسسات البحث  المتخصصة والمعنية بصناعة القرار وإدارة المخاطر وكشف التهديدات , ويشهد العالم اليوم انحسار في تسويق نتاج المفكرين والباحثين لان المفكرين يعتبرون ان مهارات التحليل السياسي جهد شخصي ومهارات متقدمة وحيازة فكرية منظمة يعكف الكثير منهم عن منح مفاتيحها للأخرين , وكون المفكر يحمل رسالة معرفية لابد ان يؤسس فيها لتنمية الأجيال المتعاقبة , ولأجل ذلك وضعنا لمساتنا الشخصية وخبرتنا الفكرية ومنهاجيتنا الاكاديمية ومهارتنا العميقة في مجال التحليل السياسي في هذا الكتاب ليؤطر خبرات متعددة في البحث والفكر والتحليل السياسي وكذلك التحليل الاخباري عبر الاعلام الذي يشكل تحدي كبير في ظل الفوضى الإعلامية .

هناك منهجيات مدرجة في كتابي مهارات التحليل السياسي الذي الفته منذ عام 2012 وحدثته وفقا للمعطيات الحالية ولغرض نشر المعرفة نشرت مقتطفات منفصلة على شكل مقالات  للفائدة العامة , خصوصا ان كتاب مهارات التحليل السياسي هو الكتاب الأول عالميا الذي يناقش أسس ومهارات وسياقات التحليل السياسي من الجانب المفاهيمي التطبيقي , ويختلف عن كتاب “روبرت دال” أستاذ العلوم السياسية في الولايات المتحدة بعنوان (التحليل السياسي الحديث) الذي يناقش تحليل النظم السياسية  , واختلف في اعداد كتابي عن المؤلف دال بمنهجية التحليل السياسي وليس التفسير الذي اعتمده , وكتابي هذا يعتمد اطر علمية معرفية تطبيقية  للتحليل السياسي تم تدريب مواده لمؤسسات ووزارات  وافراد , ونال استحسان وتقييم ممتاز في جميع برامج التدريب المعتمدة على القيم العلمية 

 يؤكد المؤلف ان التحليل السياسي هو علم وفن يعتمد على مهارات القائم بالتحليل وفهمه وإدراكه في تفسير الاحداث والأزمات والظواهر وترتيبها بشكل منطقي تسلسلي يتميز بالدقة للخروج باستنتاجات منطقية تقود الى مخرجات ومعالجات ناجعة ورادعة للظواهر الزاحفة , ويشكل التحليل صمام امان وتنفيس للظواهر الارتدادية الناتجة من تراكم المشاكل وتعاظم الازمات المصحوبة بالفوضى النازفة والزاحفة الوافدة والمنبثقة من الداخل معا , وهنا يبرز دور ومهارات المحلل السياسي الناجح الذي يفترض ان يتمتع بصفات فطرية واكاديمية وشخصية تمكنه من الإبحار في عالم التحليل السياسي بمقدرة وتميز .

يرغب المؤلف من هذا الكتاب إشاعة فكر عصري متحضر يرسم من خلالها العاملون في مجال التحليل السياسي افضل السياسات الناجعة التي تعتمد على الأطر الصحيحة والمنهجية العلمية والسياقات الاكاديمية في قراءة الواقع السياسي وعناصره بغية الوصول لعقل صانع الاحداث مما يحقق وقاية فكرية لصناع القرار , فلابد ان يكون هناك قرارات يضع لمساتها صناع القرار وهم يضعون المسالك والخيارات المتعددة ويبرزون القرار الأكثر تأثيرا امام متخذ القرار وصولا الى التنفيذ السليم والتقييم الدقيق والتقويم الناجع .

اعتمد المؤلف في بناء كتابه على القيم الأساسية والمفاهيم المعتمدة في العلوم السياسية والاجتماعية والقيم التدريبية المتعلقة بالإدراك والتفكير والتحليل, وما يتيسر من تجارب الاخرين ومقتطفات لعدد من الكتاب والباحثين للإشارة والاقتباس ضمن المفاهيم الأساسية للتحليل السياسي والاستراتيجي وفقا للمنهجية العلمية , وقد وضح المؤلف المراحل والخطوات الفكرية والعملية للتحليل وبشكل مفاهيمي مستلهما من خبرة الاخرين والخبرة الشخصية للمؤلف في التحليل السياسي الوجاهي المرئي والمقروء والمكتوب في وسائل الاعلام العالمية والعربية مختلفة .

ناقش الكتاب في الفصل الأول مفاتيح التحليل من خلال جملة من المصطلحات والمفاهيم السياسية الأساسية الأكثر استخداما في عالم التحليل السياسي , والمعنية بفهم منظور الدولة وشكل العلاقات الدولية وعناصر النظام الرسمي الدولي , كما يستعرض تعريف  الواقع السياسي والأزمات والنزاعات ومعايير القوة ومصطلحات التعامل السياسي بشكل عام واستعراض الفصل القيم السياسية الأساسية كمفهوم علم السياسة – موضوعات علم السياسة – مفهوم السياسة الخارجية وأهدافها وصناعتها والعوامل الدولية المؤثرة فيها  بشكل مبسط لتشكل القاعدة الأساسية لفهم المحيط السياسي التفاعلي , ويتحول  الكتاب في الفصل الأول الى ولوج مختصر في عالم المعلومات والتي تعد العمود الفقري في جسد التحليل السياسي وتستقى منه كافة الدلالات والاشارات والرموز والافعال  المفسرة للأحداث والأزمات والظواهر ويتناول تعريف المعلومات وانواعها وخصائصها ومصادر المعلومات  وانواعها التقليدية وغير التقليدية كالوثائقية وغير الوثائقية  ويبين كيفيه الحصول على المعلومات  وتتبع المعلومة الصحيحة وكذلك نظم المعلومات والبيانات التي يعتمد عليها القائم بالتحليل والذي يسبر من خلاله المحلل السياسي مستعرضا فيه الدوافع والعوامل والأسباب والمحارك والاحداث  وينتج صورة واقعية لمواضيع التحليل .

 ناقش الفصل الثاني والثالث حلقة الوصل الفكرية بالتحليل السياسي حيث يتناول بشكل موسع منهجية التحليل السياسي, واشكاله وانواعه وفقا لخبرة المؤلف وبتأصيل مسند للأبحاث والمقالات والمحاضرات وأراء الزملاء الاخرين في علم التحليل السياسي , و ناقشنا فيه الإدراك ومراحل التفكير الإنساني ,  وكذلك أهمية التحليل السياسي ومحاوره وصفات المحلل السلوكية والعلمية  إضافة الى اقسام وأنواع التحليل والأدوات المستخدمة في التحليل , وماهية الاليات والمراحل المنطقية في التحليل السياسي وكذلك أهمية وفوائد التحليل , وكذلك تطرقنا أيضا  الى الدورة الفكرية  وكيفيه صياغه التحليل من خلال استخدام الدورة الفكرية ومتى نقوم بالتحليل وماهي الأدوات المستخدمة في التحليل , وتم استعراض الأساليب المختلفة للتحليل السياسي والتطبيقات الملازمة له  , وكيفية اعداد مصفوفة الاحداث بما يتلاءم مع نمط التحليل وعناصره , كما وتطرقنا لتحليل الواقع السياسي والذي سنسهب في مناقشته بالفصل الرابع ثم تناولت وبشكل مركز تحليل الخطاب السياسي وماهية الخطاب السياسي الجمعي والوجاهي  وماهي خصائص الخطاب بشكل عام ,

ناقش الفصل الرابع مراحل تحليل الواقع السياسي  وتصنيفه الى تحليل البيئة الاستراتيجية الداخلية والخارجية كما واستعرضنا أهمية تحليل البيئة الخارجية والداخلية واسبقية المناقشة والتحليل , كما يرغب الكثير من المحللين بالتوجه للعوامل والبيئة الخارجية ثم الداخلية ويرى الاخرون العكس , وكذلك ناقشت وبشكل مركز العوامل المؤثرة في عملية التحليل الاستراتيجي , واستعرضت البيئة السياسة وتحليلها الخارجي والداخلي وربطها بالواقع السياسي , واهمية وفوائد تحليل كل بيئة وربطها بالمخرجات , ثم ناقش  تحليل الظواهر السياسية واستعراض الفرق بين الحدث والظاهرة والأزمة ومفهوم الظاهرة والمبادئ الأساسية لتحليل  الظاهرة السياسي ومنهجية التحليل وفقا لرؤى متعددة جرى استعارتها لأجل الاثراء المعرفي وبذلك نهيئ القارئ الى التحليل الافقي الأكثر دقة وتفصيل .

ناقش الفصل الخامس والسادس  اليات واشكال التحليل السياسي من خلال فهم الواقع السياسي وما له علاقة بالظواهر والأزمات وكيف تحدد العامل الرئيس او الثابت وثم فرز وتحديد العوامل الثانوية وماهي المنهجيات المختلفة والمبتكرة  ولعل ابرزها “الهندسة المعكوسة ” وقاعدة “ماذا لو” وكذلك  منهج “عكس الافتراضات” في كيفية تحليل الواقع السياسي وعناصره وهما من بنات أفكار المؤلف بما يتسق مع الواقعية وخبرة المؤلف في جوانب البحث والتحليل , وكذلك جرى التركيز على منهجيات واليات التحليل السياسي ,   ثم اردفنا بمناقشة المقال السياسي وماهي أسس كتابة المقال السياسي وكيفية تأثيره على الراي العام ضمن صناعة وتكوين الراي العام السياسي  , وكذلك الفرق بين الخبر السياسي والصحفي , والفرق بين التحليل والمقال , والمعلومات والبيانات , وكذلك استعرضنا مسهبين المهارات العلمية والعملية التي لابد ان تتوفر لدى القائم بالتحليل السياسي , ويمكن وصف الفصل بالمنهجية المقترحة في التحليل السياسي والأساس العام الذي من الممكن اعتماده ليستند اليه طلاب العلوم السياسية والباحثين والمعنيين بالتحليل السياسي والعاملين في المجال الوظيفي ذو الاختصاص 

 تم مناقشة تحليل الظاهرة السياسية في الفصل السادس وكيفية تكونها وماهي ابعادها وكيفية كشف خيوطها والحد من انتشارها  وتأثيراتها على المجتمعات كظاهرة اجتماعية مرتبطة بأبعاد سياسية وجنائية , وكيفي يرسم المحلل السياسي  خارطة المخرجات والمعالجات في ظل تطورها وخروجها عن السيطرة او منذ اكتشافها , وتم استعراض أنواع وامثلة على الظواهر السياسية المرتبطة بالمسار الاجتماعي وتفاعل الراي العام معها وكيفية ان يكون المحلل السياسي فارسا لتكوين راي عام إيجابي معالج للظاهرة وافرازاتها السلبية وإيقاف تمددها , وحصر اضرارها وهذا الفصل تعمق في مهارات التحليل السياسي ضمن تسلسل التصنيف المنطقي للواقع السياسي وتحليله .

ناقش الفصل السابع بشكل منفصل تحليل الوقع السياسي نظرا لأهميته ورغم ان احتواء عناصر الواقع السياسي تحتاج الى كتاب الا ان ناقشناه بفصل منفرد ويرز من خلاله العناصر والخصاثص وكيفية تحليل الوقع السياسي واجتزاء محور الاهتمام من خلال دراسة وتحليل البيئة بعنصريها الداخلي والخارجي فضلا عن استعراض عناصر الواقع السياسي الدولي  , وأيضا تم مناقشة سياقات تحليل الازمات والظواهر السياسية وارتباطتها العمودية والافقية .

ناقش الفصل الثامن  تحليل الازمات والعوامل المؤثرة , وكذلك استعرض مفهوم الازمة الدولية  وتعريفها , وكذلك الازمات بشكل عام وناقشت الأسباب المؤدية الى نشوء الازمات بشكل عام , وأيضا خصائص الازمة ومراحلها , كما استعارت وبشكل علمي منهجي يخضع للتأصيل المعرفي نماذج تحليل الازمة واستعرضت وصولا الى المعالجات المتعددة  , ثم نوقشت كيفية  تحليل الازمة وفق فلسفة التساؤلات عند تحليل الازمات وبالاستناد على العوامل المحورية في الازمة, وعند وضع الأسئلة يجري الإجابة عنها كفرضيات قابلة للتطبيق والاستيعاب على ان يجري اثباتها لاحقا مسندة بالمعلومات والتقارير والوثائق , وعلينا ان نسأل أنفسنا مع كل أزمة عددا من الأسئلة ثم يذهب الفصل لمناقشة استراتيجيات إدارة الأزمات الدولية وبعد كل تلك المناقشات الخاصة بعوامل التحليل يمكننا ان نؤمن مهارة إبداعية  في التحليل السياسي بما يتعلق بالأزمات الداخلية والخارجية والدولية منها .

تختلف منهجية التحليل من مفكر لأخر او من باحث لأخر , كما ان لكل فرد له قناعات مختلفة ويستخدم منهجية مختلفة في تحليل الاحداث السياسية والخروج باستنتاجات منطقية موضوعية , هناك الكثير ممن يطرحهم الاعلام كمحلل سياسي او خبير او باحث وهو لم يمارس التحليل بمنجيته العلمية , كون البعض منهم قد يكون ممثلا لحزب ما او كتلة سياسية  او تيار ديني ما او طائفة سياسية او مذهبية ما , جميع هؤلاء لا يمكن ان ينتجوا تحليل حيادي موضوعي وذلك لانهم محددين بأفكار وايدولوجيات احزابهم وكتلهم السياسية , او تيارهم الديني والطائفي لا يسمح لهم الخروج عن المسارات المحددة في الخطاب السياسي المكلف بترويجه الى الراي العام  , وأيضا بعض الباحثين في مراكز دراسات معينة ينتجون التحليل وفقا للرؤية المؤسساتية المرتبط بها بغض النظر عن الحقائق والوقائع موضوع التحليل ,  بالرغم انه يستخدم المنهجية الفكرية في التحليل بإطارها العلمي  الاكاديمي , ولعل من ابرز صفات المحلل السياسي الناجح ان يكون حياديا وينسلخ عن  أفكاره الخاصة وعواطفه وانتمائه العقائدي مهما كان شكله عندما يحلل موضوع ما ,  ولايمكن لأي محلل سياسي ان يجزم بالمخرجات ويتنبأ بشكل جازم لأن التحليل عملية فكرية تعتمد على ربط الاحداث وسبر غور مفرداتها وعناصرها وكشف دوافعها وتفسير نتائجها والتنبؤ القريب بما ستؤول اليه .

يبقى المحلل السياسي الناجح هو من يمتلك المهارات المتعددة ويطوعها لتحقيق افضل تحليل سياسي مستندا على خبرته وكفاءته مستخدما التأصيل المسند بوثائق ومؤشرات تؤكد حقيقة البيئة موضوع التحليل وهذا ما يفسره كتابي فن ومهارات التحليل السياسي , وبنفس الوقت يحافظ على حيادية منتظمة باطار قيمي في الاستنتاج والمخرجات التحليلية وبلا شك ان طريقة التحليل والتكليف هي التي ستحدد  كيف سيعمل المحلل السياسي , وماهي الموارد المعلوماتية المتاحة والمستحصلة بغية تطويعها بشكل صارم لتحقيق افضل انتاج تحليلي يقترب من التنبؤ الناجح المسؤول , يختلف المؤلفون والباحثون في طرق اعدادهم للكتب وانا أيضا انتهج فلسفة التسلسل المنطقي المسند بمفتاح المصطلحات في البداية ليكون القارئ والمتلقي على دراية ويتسق في بيئة المعرفة ويتكامل مع مناخ العلم والخبرة التي وضعتها في كتابي النادر هذا  

تخطت خبرة المؤلف في هذا المضمار العشرون عاما كما  تم الاستعانة برؤى ونظريات الخبراء والباحثين الأجانب والعرب , وتم الاستفادة والاقتباس من مؤلفاتهم وبحوثهم العلمية ومقالاتهم في هذا الميدان , وتم تجسيده على شكل الاستعارة  والاقتباس العلمي  للنصوص واسنادها بهوامش تشير للمصدر والتأصيل , وكذلك اوردنا تعاريف ومفاهيم ومصطلحات اخذت من مصادر ومراجع موثوقة في هذا المجال لتكون  دليل مفاهيمي يفك رموز التحليل ويعبر عنها , ولعل هذا الجهد المتواضع هو خلاصة فكرية نادرة ومتقدمة على الصعيد العالمي وفقا للمنظور المفاهيمي للتحليل السياسي  , ونامل ان يكون احد المصادر في عمل وتدريب الباحثين عن المهارات البحثية والإعلامية والسياسية كون الكتاب يرتقي للأكاديمية مقرون باليات عملية لتعزيز مهارات التحليل السياسي لدى طلاب الكليات والموظفين العاملين في هذا المجال , ومن خلاله يتم الانطلاق الى عالم الفكر المتحضر والحيادي والذي يعاني من الازمات المركبة والظواهر الوافدة والمصنعة في عالم متغير تتسارع احداثه وتتجه صوب المجهول 

أتمنى ان يكون هذا الكتاب احد عناصر الاثراء المعرفي ودليل عمل اكاديمي قابل للتطويع التطبيقي لكل من يرغب توظيفه للتنمية المعرفية واصول التحليل السياسي المنهجي , مما يعزز بنك الحيازة للمهارات ومنها مهارة التحليل السياسي بعيدا عن التضليل والتلاعب والدعاية والمؤثرات الإعلامية والأفكار النمطية او الأفكار المتطرفة التي نسفت مقومات الاعتدال ومنظومة القيم ونسال الله عز وجل ان يوفقنا لما فيه خير الإنسانية اجمع وأخيرا أتقدم بالشكر الى مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع في عمان الأردن على اخراج وتصميم الكتاب وطبعه بشكل متميز يليق بفكر ورؤية القراء ومكانتهم المعرفية .

الكتاب مكون من 318 صفحة وبسبعة فصول

الدكتور مهند العزاوي خبير استراتيجي – محلل سياسي – اعلامي ممارس كاتب مقال – رئيس مركز صقر للدراسات الاستراتيجية.

الاطلاع على الكتاب

3.7/5 - (4 أصوات)

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى