المكتبة السياسيةدراسات سياسية

كتاب قادة العالم الحديث – انجيلا ميركل

ميركل التي صنفتها مجلة فوربس الأمريكية بالسيدة الأقوى في العالم ووصفها الإعلام بأنها “المرأة الحديدية”، تخفي وراء هذه القوة روح دعابة فريدة تتجنب إظهارها.

تاريخ كبير ومزايا عديدة

ميركل صنعت التاريخ كثيرا منذ الـ22 من نوفمبر/تشرين الثاني 2005، وهو تاريخ توليها الحكم، سواء لأنها أول امرأة تحكم جمهورية ألمانيا الاتحادية، أو اتخاذها قرارات قوية مثل إلغاء التجنيد الإجباري و استقبال مليون لاجئ في أزمة اللاجئين في 2015، و إنهاء اعتماد بلادها على الطاقة النووية.

ويقول توماس دي مزيير السياسي الذي رافق ميركل لمدة 22 عاما في أروقة الحزب الديمقراطي المسيحي (يمين وسط) والحكومة: “رأيت المستشارة لأول مرة في مارس/آذار 1990، حيث كانت إحدى القيادات الكبيرة في الحركة الثورية الشبابية في ألمانيا الشرقية التي كانت تنهار في ذلك الوقت”.

وتابع: “كنت متحدثا باسم الحزب الديمقراطي المسيحي وشاركت في مؤتمر صحفي مع ميركل”، مضيفا: “كانت متوترة ومهتمة بالتنظيم لأبعد حد وتركت انطباعا جيدا للغاية، لكننا لم نتعرف على بعضنا في ذلك اليوم”.

وبعد ذلك بسنوات طويلة، اقترب دي مزيير من المستشارة الألمانية كرئيس لديوان المستشارية، ثم وزيرا للدفاع، ووزيرا للداخلية قبل خروجه من الحكومة في 2017.

دي ميزيير يقول عن المستشارة: “شغوفة لدرجة كبيرة لكنها تخفي ذلك الشغف قليلا، ولا تحب إظهار مشاعرها، وتتصرف بمسؤولية كبيرة وهادئة”.

وتابع في مقابلة مع مجموعة دويتشه فونكة الاعلامية الألمانية (خاصة): “كما تتسم ميركل بروح الدعابة لكن لا تحب إظهارها في ظهورها أمام الجمهور”.

وبالإضافة إلى ذلك، تعرف ميركل جيدا كيف تتعامل مع الرجال الأقوياء، إذ تعكف على دراسة الشخصية بعناية فائقة قبل لقائهما، وتجمع كل المعلومات حول تصرفات وصفات وأقوال الشخصية، وفق دي مزيير الذي قال: “فعلت هذا قبل لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.

كما أن أستاذة الفيزياء التي اكتشفت وسائل إعلام ألمانية، الأصول البولندية لجدها من ناحية الأب في 2013، تتبع الأسلوب العلمي في التفكير ودائما ما تربط بين السبب والنتيجة، وتتساءل قبل اتخاذ القرارات: “ماذا يحدث لو فضلت هذا الخيار على ذلك؟”

عنقاء تنهض من بين الرماد

قبل أكثر من عام، كان الجميع يتوقع نهاية مفاجئة لميركل، بعد أن ظهرت ضعيفة وجلست في استقبالات رسمية على كرسي ثلاثة مرات إثر إصابتها برعشة مفاجئة أمام عدسات الكاميرات، لكن المستشارة التي تمسكت بأنها “بصحة جيدة” استطاعت أن تخرج من هذه الأزمة قوية، ولم يظهر عليها هذا الضعف مرة أخرى.

ولم تكن هذه أول مرة تفاجئ بها ميركل متابعيها وخصومها بقوة وجلد، فهي تمتلك رحلة صعود استثنائية في عالم السياسة، بداية من توليها منصب وزير البيئة في 1997، ثم انتخابها في 1998 أمين عام للحزب الديمقراطي المسيحي، قبل أن تتولى رئاسة الحزب بعد أربع سنوات فقط من هذا التاريخ.

  • ميركل تخطط لربط تخفيف قيود كورونا بحد أقصى للإصابات

وفي 2005، أنهت ميركل سيطرة الاشتراكيين على الحكومة، بعد أن هزمت الحزب الاشتراكي الديمقراطي “يسار وسط” برئاسة المستشار آنذاك جيرهارد شرودر، وأصبحت أول مستشارة في تاريخ البلاد. 

ومنذ ذلك التاريخ، أظهرت ميركل التي تحمل دكتوراة في الفيزياء وعاشت معظم حياتها في ألمانيا الشرقية السابقة، قدرا كبيرا من القوة والإلمام بالسياسة، جعلاها تهيمن على السياسة الألمانية لمدة 15 عاما.

وكدلالة على قوتها تعرف ميركل بين الألمان بـ”ملكة الليل”، لأنها اعتادت ممارسة عملها وعقد الاجتماعات حتى وقت متأخر دون أن تتأثر حالتها الصحية أو الذهنية.

ويروج الألمان لعبارات تشبه الأساطير عن المستشارة القوية، مثل أنها بإمكانها العمل طويلا وتخزين النوم مثلما يخزن الجمل المياة.

وفي 2019، على سبيل المثال، قادت ميركل سفينة الائتلاف الحاكم مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي “يسار وسط”، وسط رياح سياسية عاتية إثر خلافات بين طرفي الحكومة حول عدة قضايا أبرزها قضايا المناخ والرقمنة وميزانية الدفاع، ثم تعرض الاشتراكي الديمقراطي لهزيمة كبيرة في الانتخابات الأوروبية في مايو/أيار الماضي.

  • إجراءات مواجهة كورونا بألمانيا ترفع شعبية ميركل

ورغم أنها أعلنت في ديسمبر/كانون الأول 2018 نهاية رحلتها مع السياسة بنهاية الفترة التشريعية الحالية في خريف 2021، لم تدخر ميركل جهدا في مواجهة فيروس كورونا المستجد، وقادت بلادها بنجاح في الأزمة حتى اليوم، سواء اقتصاديا أو صحيا.

وتحظى ميركل المعروفة بحبها للموسيقى الكلاسيكية ومواظبتها على حضور حفلات الأوبرا، بحب واحترام الجاليات العربية في ألمانيا، وأطلق عليها السوريين “ماما ميركل” بسبب قرارها فتح الأبواب أمام مليون لاجئ لدخول بلادها في 2015، معظمهم من سوريا والعراق، وتحملها تكلفة سياسية ألقت بظلال على شعبيتها، في سبيل هذا القرار.

وبعد نهاية ولايتها الحالية في خريف 2021، تحلم المستشارة الاستثنائية برحلة تقاعد مكوكية في كافة أنحاء الولايات المتحدة رفقة زوجها، دون إجراءات رسمية وحراسة ولقاءات عمل، وفق توماس دي ميزيير.

تحميل الكتاب

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى