دراسات سوسيولوجيةدراسات سيكولوجية

كيف نفهم الابتكار ونحن نتفحّص ملامحنا في مرآة المصعد؟

فكرة الأسبوع: كيف نفهم الابتكار ونحن نتفحّص ملامحنا في مرآة المصعد؟
يكتبها هذا الأسبوع عصام واعيس

“إذا استطعت خلق قيمة جديدة من اختراعات عمّرت لآلاف السنين مثل المصاعد أو المرايا، فهذا يعني أنك مبتكر أصيل فعلاً”، كما يقول أليساندرو لانتيري، أستاذ الاستراتيجية والابتكار في كلية إدارة الأعمال التابعة للكلية العليا للتجارة في باريس (ESCP). فكيف تتحول مرآة عادية إلى مرآة شبه سحرية حين توضع داخل مصعد؟

كيف تصير حلاً ناجعاً لمشكل عويص؟ دعونا نبدأ بالمصعد نفسه ونتابع قصة ولادته الأولى والثانية كما يرويها الأستاذ لانتيري في جلسة حوارية شيقة حول “الابتكار والتأثير” نظمتها هارفارد بزنس ريفيو العربية.اخترع عالم الرياضيات اليوناني أرخميدس أول مصعد في التاريخ، غالب الظن، سنة 236 قبل الميلاد، وكان عبارة عن رافعة أحمال تحركها سواعد الرجال، غير أن المصعد كما نعرفه اليوم يحسب للمخترع الأميركي إليشا أوتيس (Elisha Otis) الذي أبهر الناس به عام 1853. لكن ألا نغمط أرخميدس حقه بهذا الحساب؟ لا، يجيب أستاذ إدارة الأعمال. “إدخال المصعد للمباني هو وجه الابتكار، استعماله لحمل الناس إلى آخر طابق والنزول بهم منه.

المصعد الذي ظهر في منتصف القرن التاسع عشر قدّم حلاً لقطاع العقار الذي كان يعرف تحولاً حينها مع بدء انتشار المباني العمودية وناطحات السحاب التي تُعد بدورها ابتكاراً بما أنها تستغل مساحة واحدة وتنتج منها عدة مساكن”.”في الحقيقة”، يواصل لانتيري، “المصعد أعظم ابتكار بعالم العقارات التي حدثت منتصف القرن التاسع عشر حين بدأنا نبني البيوت بعضها فوق بعض”. لكن سرعان ما سيتعرض هذا الابتكار ومعه قطاع العقار لمحنة شديدة. قابل الناس المصاعد باستياء شديد. وجدوها بطيئة. ما تسبب بنفورهم من السكن في المباني الشاهقة، وهو ما صار يهدد حينها ابتكار المصاعد بالفشل. ما الحل؟

ابتكار مصاعد أسرع؟ إضافة عدد كبير من المصاعد لكل مبنى؟ أم تصنيع مصاعد تتسع لعدد كبير من الأشخاص؟ لا، الحل تركيب مرآة في المصعد! “الابتكار لا يتعلق بميزات الحل بل بفهم ما يريده المستخدمون وتقديمه لهم، فمثلاً لو ابتكرنا مصاعد أسرع كيف سنحدد السرعة المطلوبة؟ يختلف الشعور بالبطء من شخص لآخر. إذا صنعنا مصاعد تتسع لعدد كبير من الأشخاص عليها أن تتوقف بكل طابق. أما إذا تم تثبيت عدة مصاعد بكل مبنى فستأخذ مساحة كبيرة وتصبح مكلفة”، يوضح لانتيري الذي صدر له حديثاً كتاب “الابتكار بغرض التأثير” Innovating with) Impact) رفقة الخبير في ريادة الأعمال تيد لاد (Tedd Lad). 

ويواصل: “إذا حفرنا بشكل أعمق في القضية فسنجد أن الأمر لا يتعلق ببطء المصاعد بل بأن الناس تجدها مملة. فكان الحل في تركيب مرايا، لأن الناس تحب أن ترى نفسها فيها”. الابتكار هو باختصار “الأداة المناسبة في الوقت المناسب”، كما يقول لانتيري.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى