مراجعة لكتاب نظريات القومية، مقدمة نقدية

يعرض هذا الكتاب أهم المناقشات المعاصرة في الأمة والقومية، ويحلل المؤلف فيه المذاهب والمقاربات التي طرحها المنظرون القوميون منذ القرن الثامن عشر وحتى أوائل القرن العشرين، منطلقًا من أن أفضل طريقة لفهم القومية هي المقاربة (البنائية الاجتماعية)، لأن القومية ظاهرة سياسية وثقافية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالحياة اليومية من جهة، وتتصل اتصالًا راسخًا، مستمرًا ومباشرًا بواقع العالم المعاصر من جهة أخرى.

يلخص أوزكيريملي أهداف هذا العمل النقدي للقومية بثلاث نقاط هي:

أولًا: تزويد القارئ بلمحة منهجية عامة عن بعض المقاربات النظرية المفتاحية للقومية، ومناقشة الانتقادات الموجهات إليها.

ثانيًا: الإشارة إلى القيود المعوّقة للجدل الكلاسيكي، وتحديد المشكلات النظرية التي ما تزال دراسات القومية تواجهها.

ثالثًا: اقتراح إطار نظري بديل يمكن استخدامه في دراسة القومية.

يتألف الكتاب من ستة فصول؛ وهي:

الفصل الأول بعنوان خطابات ومجادلات بشأن القومية، وتضمن جولة موجزة لقرنين من الزمن في التأمل والتفكير بالمسألة القومية، قدم بها لمحة تاريخية لما دار في الحقل النظري لتطور فكرة القومية، معترفًا بالقصور الحاصل في هذا السياق لأن المفكرين لم يجمعوا على توضح الفكرة لتأسيس الفكر القومي، فعندما بدأ بتناول فكرة القومية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر طرح تساؤلًا، ألا وهو: هل تمتعت القومية بمفكرين شموليين عظماء من مثل هوبز وتوكفيل وماركس وماكس فيبر؟ لتأتي الإجابة بالنفي، فمفكرو هذه المرحلة لم يحدثوا فارقًا مهمًا في التأسيس للقومية.

ويجمل مؤلف الكتاب أسباب غياب التفكير المتعمق بالقومية قبل القرن العشرين بالآتي:

  • لا يوجد يقين بوجود نظرية عن القومية، لأن أغلب كتابات القومية لا تعد مؤهلة لتكون نظريات إذا خضعت لمعايير الاستقلالية والشمول.
  • انخراط مفكري القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مهما كان توجههم الفكري (ليبراليين أو محافظين أو ماركسين) في مواجهة المشكلات التي نجمت عن المسألة الوطنية، بحيث خلفت تأملاتهم رؤى مهمة أغنت الفهم حول القومية.
  • تأثُّر منظري القومية المعاصرين في جدلهم حول القومية بالكتابات غير المباشرة عنها.

أما عن ارتقاء فكرة القومية بين عامي 1918 و1945 فإن القومية انتقلت إلى حقل الاستقصاء الأكاديمي، فكان هنالك خلط بين مفهومي الأمة والقومية، فالأمة تعبير عن القومية، وليست شيئًا يجب أن يفهم بحد ذاته، لكن العهد الحديث للقومية تجلى في خمس صور مختلفة وفقًا لتصنيف المؤرخ والدبلوماسي الأميركي (هيز) هي:

  • القومية الإنسانية: هي الشكل المبكر للقومية الرسمية، وتأثرت بروح عصر التنوير، وانبرى ثلاثة مدافعين عنها (جون بولينغبروك) الذي اعتنق صورة أرستقراطية من القومية، و(جان جاك روسو) الذي روج للقومية الديمقراطية، و(يوهان هيردر) الذي شدد على الجانب الثقافي لا السياسي في القومية.
  • القومية اليعقوبية: ارتكزت على القومية الديمقراطية الإنسانية لروسو، وقد اكتسب هذا النوع من القومية أربع سمات (كثيرة الشكوك، متعصبة، اعتمدت في نهاية المطاف على القوة والعسكر لتحقيق غاياتها، أصبحت متزمتة دينيًا بعدما تشربت بالحماسة التبشيرية). وأسست لنزعات القومية العنصرية (الفاشية، النازية).
  • القومية التقليدية: كان إطارها المرجعي التاريخ والتراث، متخذةً الصورة الارتقائية- الأرستقراطية قالبًا لها، فكونت القوة الدافعة المؤثرة في تنامي المقاومة الشعبية في أوروبا، لكن في نهايتها اندمجت فيها صورة معتدلة من اليعقوبية إلى أن اندثرت.
  • القومية الليبرالية: كانت في موقع وسط بين اليعقوبية والتقليدية. اتفق منظروها على الرغم من الاختلافات الكثيرة بينهم على أن كل قومية يجب أن تكوّن وحدة سياسية في ظل حكومة دستورية مستقلة تنهي الاستبداد والأرستقراطية وتأثير الكنيسة، وتضمن لكل مواطن ممارسة أوسع قدرًا من الحرية الشخصية. إلا أن مقاصدها السامية لم تسمح لها بالصمود والاستمرار.
  • القومية المتكاملة: تمثل المسعى الحصري لتحقيق السياسات الوطنية والمحافظة التامة على السيادة الوطنية، لذلك فإن مصلحة الأمة فيها فوق مصلحة الفرد، وهي قومية استبدادية في ما يتعلق بالشؤون الداخلية. ثم جاءت أعمال (هانز كوهن) عن القومية أكثر اكتمالًا، وتصنيفه استمر مدة طويلة في ميدان دراسات القومية، فقد عدّ القومية هي المنتج النهائي لعملية دمج الجماهير في نموذج سياسي مشترك، لذلك فهي مستحيلة الوجود قبل نشوء الدولة الحديثة، وعدّ أن القومية في العالم الغربي نشأت من عصر الأنوار لذا تأصلت بمفهومات الحرية الفردية والتنوع الثقافي بعكس تلك القومية التي نشأت خارج العالم الغربي في وسط وشرق أوروبا وآسيا التي اعتمدت على التأثيرات الخارجية، فافتقرت إلى التجذر السياسي والاجتماعي، إضافة إلى عقدة الدونية التي عوضتها -القوميات خارج العالم العربي- بالمبالغة والغلو في التشديد على الثقة بالنفس.

تميزت المرحلة الزمنية من 1945 إلى 1989 بأنها مرحلة التحرر من الاستعمار، وتقدم العلوم الاجتماعية التي أنتجت أبحاثًا غزيرة عن القومية تحت سطوة نظريات التحديث التي هيمنت على العلوم الاجتماعية الأميركية. فيعرض لرأي الحداثيين الوظيفيين الذين يتفقون على افتراض أن القومية مصاحبة للحقبة الانتقالية وسرعة التغيير، لأنها ستنقل المجتمعات من المرحلة التقليدية إلى المرحلة الحداثية. هنا يبنى نقد أوزركيريملي للتفسيرات الوظيفية للقومية على أربع نقاط رئيسة هي:

  • إن النتائج فيها تسبق الأسباب، وتتعامل مع الحوادث والعمليات بوصفها واقعة ما وراء الفهم الإنساني، وتتعامل مع الأفراد بوصفهم نتاج ظروفهم الاجتماعية، مجردين من الأسلوب العقلاني.
  • المبالغة في التعميم والشمولية.
  • لا يمكن لدعاة الوظيفية تفسير تنوع الاستجابات التاريخية للحداثة، أي لماذا كانت القومية علمانية في تركيا، وبلشفية في روسيا، وتقليدية في باكستان؟.
  • تعصب التفسيرات الوظيفية لأوروبا وتفوقها، ليكون نموذج التحديث الغربي هو النموذج الأساس الذي يعاود الظهور في المجتمعات كلها.

ويعرض أوزكيريملي أيضًا لمقاربات الاتصالات في نظريات التحديث التي تعتمد القومية فيها على سلسلة واسعة من الاتصالات الاجتماعية التي يتمم بعضها بعضًا، ومن نقائص هذا الطرح إهمال السياق الخاص من المعتقدات والتفسيرات والاهتمامات في آليات الاتصال، لأنها تعدّ تأثيرها خارج الغرب مماثلًا لنتائجها الغربية، إضافةً إلى أن الاتصالات المكثفة بين الأفراد والجماعات، يمكن أن تؤدي إلى تفاقم النزاع الداخلي مثل ما تؤدي إلى زيادة التضامن. وعلى الرغم من تلك النقائص، أعطت نظريات التحديث والاتصال دفعًا قويًا للجدل في المسألة القومية. دخلت بعدها القومية ومنذ عام 1989 إلى الآن في مرحلة جديدة من الجدل النظري، محاولةً تجاوز الجدل الكلاسيكي الذي هيمن منذ الستينيات، وبإضافة أبعاد جديدة إلى تحليل الأمم والقومية.

جاء الفصل الثاني بعنوان البدائية، كرسه المؤلف للمناقشات المبكرة في القومية، من أجل وضع جدل المنظرين المعاصرين من فلاسفة ومؤرخين ورواد العلوم الاجتماعية في سياق تاريخي. فعندما يطرح سؤال ما البدائية؟ ليحدد مفهومها بوصفها تعبيرًا شاملًا استخدم لوصف الاعتقاد بأن الجنسية الوطنية جزء طبيعي من البشر، وأن الأمم وجدت منذ الأزل، وتتميز بسمات علائقية مهمة لا يمكن وصفها إلا بالبدائية، وتقوم على الاتصال المباشر ورابطة القرابة فتجمعهم روابط الدم واللغة والعادات والتقاليد التي تتمتع في حد ذاتها بقوة إكراه.

عدّت البدائية أن الطروحة القومية ليست حكرًا على النخب السياسية بل كوّنت أيضًا ميادين متقدمة للتاريخ والفولكلور والأدب، فمارس المؤرخون تأثيرًا نافذًا في حركاتهم الوطنية، وانشغلوا بالتنقيب عن ما يثبت الشخصية الأبدية لأمتهم. يعرض أوزكيريملي لرأي بيير فاندنبيرغ والمقاربة الاجتماعية- الحيوية (البيولوجية) الذي ينظر إلى القومية بوصفها القرابة بصورتها الصارخة الواضحة المضخمة، وأن العلاقات الإثنية ما هي إلا نتيجة لاصطفاء طبيعي وتنوع في العوامل الثقافية، وذلك الاصطفاء المبني على القرابة لا يفسر النزعة الاجتماعية للبشر، لذلك يقترح آليتين إضافيتين هما التبادلية والإكراه، بحيث تمثل التبادلية التعاون من أجل الفائدة المتبادلة وتوقع العائد، ويمكن أن تكون بين الأقرباء وغير الأقرباء، أما الإكراه فيمثل استعمال القوة للحصول على المنفعة. ويصل فاندنبيرغ إلى نتيجة مفادها بأن الجماعات الإثنية تظهر وتختفي وتتوحد وتتفكك، لكن تبقى عمليات إعادة البناء والتفكيك مرتبطة بحقيقة (النسب البيولوجي كما يدرك اجتماعيًا) وعندما يتحول الشعور بالانتماء إلى الإثنية، أي المطالبة بحكم ذاتي أو استقلال سياسي تصبح الأمة إثنية واعية سياسيًا.

انطلق مفهوم البدائية في أعمال إدوارد شيلز وكليفورد غيرتز والمقاربة الثقافية من ثلاث ركائز رئيسة، ألا وهي:

  • الارتباطات البدائية تعد حقائق بدهية، وأصيلة وسابقة على التجارب والتفاعلات كلها، كونها ارتباطات روحية لا اجتماعية.
  • العواطف البدائية تنأى عن الوصف، قاهرة وإكراهية، فالفرد في جماعة يشعر برابطة معينة مع تلك الجماعة ومع ممارساتها.
  • البدائية في جوهرها مسألة تتعلق بالعاطفة والشعور، فالبدائية متأصلة في المدركات والعواطف التي ولدتها لذا فإن المقاربة الثقافية تبحث في فهم للروابط الإثنية والوطنية أي فهم المعنى الذي نسجه الأفراد أنفسهم.

وعن أدريان هاستينغز ونظرية التواتر، فإنه -بمثل منظري هذه النظرية- ينطلق من فكرة القدم التاريخي لـ (الأمة)، فهي عندهم ليست حقيقة طبيعية، وإنما سمة مستمرة وجوهرية للحياة البشرية، ونظرية التواتر في نسختين (التواتر المستمر)، بحيث تمثل الأمم الحديثة التي تمتد قرونًا عدة، ونسخة (التواتر المتكرر) تمثل الأمة التي تؤكد الرابطة البشرية التي تربط الأمة، هنا يشدد هاستينغز على أن الإثنيات تتحول طبيعيًا إلى أمم عند نقطة تنتقل فيها لهجاتها المحلية من الاستعمال الشفهي إلى الكتابي. إضافةً إلى دور الدين في ولادة القومية، فالدين جزء لا يتجزأ من القومية وبناءً على ذلك يطرح نموذجه الأولي للأمة والدولة والقومية بمعناه الكامل في إنكلترا.

يقدم مؤلف الكتاب نقده للنظرية البدائية في أربعة جوانب مترابطة:

أولًا: طبيعة الروابط الإثنية والوطنية التي تعدها البدائية حقائق ثابتة تنتقل من جيل إلى جيل من دون تغيير، تآكلت بفعل الدراسات التي أكدت الطبيعة الاجتماعية للإثنية.

ثانيًا: يعد منظرو القومية البدائية أن أصول الروابط الإثنية والوطنية طبيعية وأصيلة وسابقة على التفاعل الاجتماعي للأمة، ومن ثم فهي نهائية، ويرفض النقاد هذا الرأي، ويعدونه غير علمي، قائمًا على رؤية تعد تلك الروابط نهاية ناجحة للتحليل.

ثالثًا: ترفض النظرية البدائية المتواترة الاعتقاد القومي بطبيعة الأمم، لكنها تحتفظ بالاعتقاد بقدمها وهذا موضع جدل بين علماء الاجتماع الحداثيين والبنائيين ومؤرخي القرون الوسطى. فالتاريخ في مفهوم النظرية المتواترة سكوني، وهذا نقيض التاريخ.

رابعًا: مسألة العواطف والشعور والاعتماد على التفسيرات الكثيفة لدورها في القومية لا يمكن تسويغه إلّا بالأساطير والأسلاف المشتركين وتشبيهات الإثنية بالعائلات، إضافة إلى أن نزع السمة الاجتماعية عن القومية جعل منظري البدائية يغرقون في الإبهام.

إن النظرية البدائية اليوم تشبه حصانًا مات منذ عهد بعيد، ومع ذلك يواصل كتّاب الإثنية والقومية حثه بالسياط فالانبعاثات الجديدة للنظرية البدائية حاولت تقديم نسخة مصححة للمشروع البدائي بوصفها بديلًا في مواجهة التفسيرات الحداثية، فقد أعطي للدين واللغة مساحة أكبر في البدائية اليوم، لكن النظرية البدائية تربك التحليل الاجتماعي- الثقافي بالفشل في التمييز بين الأمة الطامحة لتأسيس دولة، وكذلك مجموعات من المجتمعات المحلية المشتتة سياسيًا بسبب بنيتها التركيبية، إضافة إلى أنها تشوش التحليل الاجتماعي- السياسي.

في الفصل الثالث الذي حمل عنوان الحداثة بدأ المؤلف بسؤال عريض فحواه ماهي الحداثة؟ وافترض أنها أتت ردًا على البدائية، إذ إن الأمم والقومية عند الحداثيين ضرورة اجتماعية في العالم الحديث، ثم صنف محور الحداثة إلى نظريات بحسب العامل الأكثر أولوية في تحليلها وتفسيرها للقومية من دون إهمال العوامل الأخرى.

أولى مناقشاته كانت لتلك النظريات التي أعطت أهمية كبرى للتحولات الاقتصادية، وهي نظرية الخيار العقلاني التي ركزت على فكرة الاستعمار الداخلي، والماركسية الجديدة التي عملت على إصلاح العقيدة التقليدية للماركسية، من دون تفكيك الصرح الماركسي القديم، وذلك بإعطاء ثقل أكبر لدور الثقافة والأيديولوجيا واللغة في التحليل. هذا الاتجاه يتمثله توم نيرن ونموذجه عن التغير اللامتكافئ الذي افترض أن القومية هي الفشل التاريخي الأعظم للماركسية في مستوى النظرية والممارسة، بافتراضها الراسخ بأن الطبقة هي التي تحظى دومًا بأهمية كبرى في التاريخ. وكانت الفجوة أيضًا بين المركز والأطراف في العالم واسعة وعميقة، وقوى التغير لم تكن في يد النخبة النزيهة المهتمة بأمر تقدم البشرية، فسرعان ما تعلمت البلدان المتخلفة أن التقدم نظريًا يعني الهيمنة عمليًا، من قوى لم تتمكن من إدراكها إلا بوصفها أجنبية أو غريبة. لهذا ضمن الانتشار الاستعماري غير المتكافئ للرأسمالية كان التناقض الجوهري متعلقًا بالجنسية الوطنية لا بالصراع الطبقي، وهذا هو جوهر القومية، فالرأسمالية التي حطمت التشكيلات الاجتماعية القديمة، وعانت التصدع في داخلها، وهذه الخطوط المتصدعة دومًا هي الجنسية والقومية. فمن غير المجدي الحديث عن قوميات جيدة وأخرى سيئة، لأن القوميات كلها تحتوي على بذور التقدم والنكوص في آن معًا.

أما مايكل هيكتر بوصفه ممثلًا لنظرية الاختيار العقلاني فيرى أن الاستعمار الداخلي يشير إلى عملية تبادل غير متكافئ بين أراضي دولة معينة، تحدث إما نتيجة للعبة حرة تمارسها قوى السوق، وإما نتيجة سياسات اقتصادية لدولة مركزية أدت إلى تبعات توزيعية للمنطقة، لكن منذ ستينيات القرن العشرين اقتصر التعبير على مناطق محرومة اقتصاديًا ومتميزة ثقافيًا (بصورة متزامنة). وتناول هيكتر العلاقات بين الجماعات الاندماجية والقومية لحل مشكلات النزاع العرقي والاندماج الإثني، فحين تضاف الفوارق الثقافية الموضوعية إلى حالات غياب المساواة الاقتصادية، سيؤدي ذلك إلى تقسيم ثقافي للعمل، وحين توجد درجة كافية من الاتصال داخل الجماعة تتقلص إلى الحد الأدنى فرص الاندماج الثقافي الناجح للجماعات الطرفية في المجتمع الوطني، لذا فإنه عندما يتحدث عن الخيار العقلاني للعلاقات بين الجماعات، يشدد على كيفية احتواء العنف القومي من خلال ثلاثة أنواع من الأوضاع (تزايد تكاليف العمل الجمعي، تقلص الهوية الوطنية، تزايد المطالبة بالسيادة الوطنية).

أما الباحثون الذين يركزون على التحولات السياسية أبرزهم جون برويللي الذي عدّ القومية صورة من صور السياسة، فشكك في الدراسات الشاملة ولم يقبل أي إطار تحليلي عام، لذلك قدّم تصنيفًا لأنواع القومية ثم اختار بضع حالات من كل فئة وحللها بإسهاب وتفصيل باستخدام المناهج والمفهومات نفسها. فأشارت القومية عنده إلى الحركات الساعية إلى سلطة الدولة، وسوّغ هذا بالحجج القومية التي تعدّ بدورها عقيدة، عندئذ فحسب، يمكن متابعة التفكير في مشاركات العوامل الأخرى من مثل الطبقة أو المصلحة الاقتصادية أو الثقافية. وعندما يربط القومية بالحداثة فإنه يؤكد نظامًا جديدًا لتقسيم العمل، بحيث تنفذ كل وظيفة اجتماعية رئيسة (اقتصادية، سياسية، ثقافية) بوساطة مؤسسة محددة. وفي أثناء بناء تصنيفه للقومية يركز على ملمحين؛ الأول هو العلاقة بين الحركة والدولة التي تعارضها أو تسيطر عليها، والثاني هو أهداف الحركة القومية التي تسعى للانفصال عن الدولة، أو إعادة الإصلاح على أسس قومية، أو توحيدها مع دول أخرى، لينتهي عرض نموذجه بثلاث وظائف تؤديها الأفكار القومية هي: التنسيق، والتعبئة، والشرعية.

والمفكر الثاني الذي تناول التحولات السياسية هو بول. ر. براس الذي شدد على التفسير الأدواتي، بمعنى أنه عدّ الهويات الإثنية والقومية أدوات ملائمة في أيدي النخب المتنافسة لتوليد الدعم الجماهيري، من أجل الوصول إلى الثروة والسلطة والمنزلة، مفترضًا أن دراسة الإثنيات والقوميات في جزء كبير منها هي دراسة للتغير الثقافي المحفز سياسيًا. فعني إطاره التحليلي بعمليات تشكل الهوية وتغيرها، وعمليات التحول الإثني إلى القومية قبل الحداثة وبعدها، وتناول شروط تلك العملية التي لا تكتفي بالفوارق الثقافية فحسب، وإنما تشدد على تنافس النخب على القيادة في الجماعة الإثنية، ويقرن نجاح الفرص الاقتصادية في أثناء المنافسة الإثنية بنجاح الحركة القومية التي يعتمد نجاحها أيضًا على عوامل سياسية هي: (وجود استراتيجيات تتبعها المنظمات السياسية القومية، وطبيعة استجابة الحكومة لمطالب الجماعة الإثنية، والسياق السياسي العام).

أما النموذج الثالث من المفكرين الذين يشدددون على التحولات السياسية في فهم القومية فهو إريك هوبزباوم وفكرته عن اختراع التراث، إذ افترض أن الأمم والقومية هي نتاج للهندسة الاجتماعية، حال اختراع التقاليد التراثية التي تسعى لغرس قيم ومعايير سلوكية معينة بالتكرار الذي يتضمن آليًا الاستمرارية مع الماضي، وهذه الاستمرارية متخيلة في الغالب، لذا يمايز بين عمليتين من اختراع التراث؛ الأولى هي تعديل التقاليد التراثية لتلائم المؤسسات الجديدة، وهي موجودة في  المجتمعات كلها، ولاسيما التقليدية منها، والثانية هي الابتكار المتعمد لتقاليد تراثية جديدة لأغراض جديدة تمامًا لا تحدث إلا في مراحل التغير الاجتماعي السريع. إن عملية اختراع التراث ما هي إلا استراتيجية النخب الحاكمة لمواجهة التهديد المقبل من الديمقراطية الجماهيرية، ويصل هوبزباوم إلى نتيجة أن الأمم لا تصنع الدول والقوميات، وإنما العكس هو الصحيح. لذلك يرى أنه لا بد من البحث عن أصول القومية عند تقاطعات السياسة والتقانة والتحول الاجتماعي. فالأمم والقومية ظاهرة مزدوجة، بمعنى أنها مبنية من القمة، لكن يتعذر فهمها إلا إذا جرى تحليلها من القاعدة.

ومن المفكرين الذين عنيوا بالتحولات الاجتماعية/ الثقافية في فهم القومية؛ إرنست غيلنر الذي اعتمد التحليل واسع المدى في نظريته. إذ يعد القومية نتاجًا للتنظيم الاجتماعي الصناعي، وهذا ما يفسر ضعفها وقوتها في الآن ذاته، تعدّ الثقافات التي تميز الحقبة الحديثة ثقافات أهلية مدجنة تحافظ عادة على بقائها بوساطة التعليم والمتخصصين، وسوف تختفي إذا حرمت من تغذيتها المتميزة، لذلك يقرر غلنر أن الأمم لا يمكن تعريفها إلا بتعبيرات عصر القومية، لأن القومية هي التي تولد الأمم، وليس العكس، وهذا ما تفرضه الثقافات العليا عمومًا على المجتمع. وقد أعاد غيلنر العمل على نظريته وتوصل إلى أن هناك خمس مراحل في الطريق من عالم الإمبراطوريات إلى عالم الدول القومية المتجانسة، وهي: (نقطة الانطلاق، التحريرية الوحدوية القومية، انتصار التحريرية الوحدوية الوطنية والتدمير الذاتي، ومرحلة الليل والضباب بوصفه مفهومًا مستعارًا من النازية ليعبر عن تعليق المعايير الخلقية، والمرحلة ما بعد الصناعية) وينطلق في قراءته لهذه المراحل من الغرب إلى الشرق. يأتي في هذه المقاربة الاجتماعية- الثقافية مشروع بيندكت أندرسون المهم حول الجماعات المتخيلة، ويتلخص في أنه يمكن _تاريخيًا_ وضع الأصول الثقافية للأمة الحديثة على نقطة تقاطع لثلاثة تغيرات: تغير في مفهومات الزمن، وانحطاط المجتمعات الدينية، وانحسار الممالك الوراثية. هنا يوفر النشر التجاري للكتب في نطاق واسع -أو ما يدعوه أندرسون الطباعة الرأسمالية- إمكان أن يفكر عدد متنام بسرعة من الناس في نفسه بطرائق جديدة تمامًا، ويؤكد أندرسون دور اللغات المطبوعة في وضع الأسس الضرورية للوعي القومي بثلاث طرائق (1- أوجدت ميادين موحدة للتواصل والاتصال تحت مستوى اللاتينية وفوق مستوى اللغات المحلية المحكية. 2- منحت الطباعة الرأسمالية ثباتًا جديدًا للغة ساعد في بناء صورة ذهنية للقدماء، وأدت دورًا محوريًا في فكرة الأمة. 3- أوجدت الطباعة الرأسمالية نوعًا مختلفًا عن اللغات المحلية الإدارية السابقة)، إن ما جعل المجتمعات الجديدة قابلة للتخيل هو تفاعل شبه اعتباطي، لكنه متفجر بين نظام إنتاج وعلاقات إنتاج (رأسمالية) وتقانة اتصالات (طباعة)، وحتمية التنوع الإنساني. الكتاب عند أندرسون سعي لجمع صورة من المادية التاريخية مع ما سوف يدعى لاحقًا تحليل الخطاب، ليضع بذلك أساس التحليلات لما بعد الحداثية للقومية.

كان آخر المفكرين في هذه المقاربة الاجتماعية/ الثقافية هو ميروسلاف هروش الذي يعد أول من تناول الحركات القومية وفق إطار منهجي مقارن يعتمد التحليل الاجتماعي- التاريخي الكمي، مفترضًا أن دراسة عملية تشكل الأمة لا تجري بوصفها منتجًا جانبيًا للقومية الغامضة، ويجب أن تُفهم بوصفها جزءًا من التحول الاجتماعي والثقافي، لذا فإنه يمايز بين ثلاث مراحل بنيوية في حركة وطنية مكتملة النجاح.

مرحلة (أ) وتعبر عن التزام الناشطين بالاستقصاء العلمي الأكاديمي للسمات والخصائص اللغوية والتاريخية والثقافية لجماعتهم الإثنية، وامتناعهم عن اللجوء إلى الهياج الوطني في صوغ أي أهداف سياسية في هذه المرحلة لأنهم معزلون، ولأنهم لم يظنوا أنها ستخدم أي غرض.

مرحلة (ب) برزت فيها مجموعة جديدة من الناشطين الذي عزموا على ضم أكبر عدد ممكن من الأنصار في جماعتهم الإثنية إلى مشروع تكوين أمة.

أما المرحلة (ج) أصبح الوعي الوطني يشغل أغلبية السكان، فتأسست حركة جماعية ممثلة بنية اجتماعية كاملة، فمهما يكن ميراث الماضي فإن عملية بناء الأمة الحديثة تبدأ دومًا بمجموعة من المعلومات المتعلقة بالتاريخ واللغة والعادات والتقاليد الخاصة بالجماعة الإثنية غير المهيمنة.

وفي انتقاد نظريات الحداثة وجهت إلى نظريات التحولات الاقتصادية انتقادات أولها أنها لا تنسجم مع الحقائق على الأرض، ثم إنها نظريات اختزالية، والقومية معقدة جدًا يتعذر تفسيرها بعامل مفرد، وأيضًا النظريات التي اتخذت الخيار العقلاني تنطوي على قيمة تفسيرية محدودة لأنها عاجزة عن تفسير العواطف الحماسية القوية المتولدة بوساطة الهويات والروابط الإثنية.

آخر الانتقادات لهذه المقاربة هو لنظرية نيرن بأنها ليست جوهرية، فهو يتحدث عن التشكل الأصلي لأمم المركز بوصفها حقيقة تاريخية مقبولة، لكنه لا يفسر كيف وجدت هذه الأمم في المقام الأول. أما عن الانتقادات التي وجهت إلى نظريات التحولات السياسية فبدأت بأنها مضللة في ما يتعلق بتاريخ ظهور الأمم. ثم إنها فشلت في تفسير دوام الروابط الإثنية ما قبل الحداثية. وعلى الرغم من تآكل البنى الهيكلية التقليدية نتيجة ثورات الحداثة، إلا أن روادها فشلوا في ملاحظة أن هذه الثورات هي أكثر وضوحًا في مناطق من دون أخرى، وهي اختزالية أيضًا، إضافةً إلى أنها تعجز عن تفسير العواطف الحماسية التي تولدها القومية. وتبالغ النظريات الأدواتية في الدور الذي تؤديه النخب في تشكيل الهويات الوطنية. أما عن المقاربة الاجتماعية/ الثقافية فأول الانتقادات التي وجهت إليها بأنها لا تنسجم مع الحقائق، ولا يمكن أن تفسر العواطف الحماسية التي تولدها القومية. تتسم أيضًا بأنها مبالغة في التبسيط على الرغم من أن القومية معقدة ومتشابكة. أما نظرية غيلنر فكانت مغالية في النزعة الوظيفية، لأنها تحاول تفسير القومية على أساس العواقب والتبعات التي تولدها، ونظرية هروش تبالغ في تشييء الأمم.

تبرز اليوم في الحداثة بعض التحليلات بالغة التأثير في القومية، ولاسيما نظرية مايكل مان التي توفر تفسيرًا مسيسًا لنهوض الأمم والقوميات إذ إن هناك مرحلتين أوليتين سبقتا الظهور الكامل للأمم والقومية هما المرحلة الدينية والمرحلة التجارية أو مرحلة التحكم المركزي للدولة، وكان التحول إلى أمم كاملة التقدم حدث على ثلاث مراحل هي (العسكرية، ثم المرحلة الصناعية، ثم الحداثية). من ممثلي الاتجاه الحداثي اليوم ديفيد د.لايتين إذ ينطلق في توجهه من أن هنالك شبحًا يجتاح السلم العالمي، يتمثل في المصادمات بين الإثنيات والحضارات، فمصادر الحروب الأهلية تكمن في مكان آخر في الدولة الضعيفة العاجزة عن توفير الخدمات الرئيسة لسكانها، وعن حراسة حدودها الطرفية، والتمييز بين الملتزمين بالقانون والخارجين عليه.

جاء الفصل الرابع بعنوان الإثنية- الرمزية وقد حاول فيه المؤلف الإجابة عن تساؤل ماهي الإثنية- الرمزية؟ فهي المقاربة التي تشدد على دور الأساطير والرموز والذكريات والقيم التراثية في تكوين الإثنية وتوفير فهم استمراريتها، وثباتها، والتحولات التي طرأت عليها في التاريخ، يحدث هذا لأنها توجه انتباهنا إلى العوامل الداخلية للإثنية والأمم. فقد جاءت هذه المقاربة نتيجة الحاجة إلى نظرية وسعى للتكوين الإثني، تبرز أوجه الاختلاف والتشابه بين الوحدات الوطنية المعاصرة والمجتمعات الإثنية ما قبل الحداثية.

أول رواد نظرية الحداثة لفهم القومية هو جون أرمسترونغ ونموذجه عن تعقيدات الأسطورة- الرمز، وهدف من خلالها إلى استكشاف ظهور الهوية الجماعية المكثفة التي ندعوها اليوم أمة بتبني منظور زمني موسع يصل إلى القدماء، مفترضًا القومية نوعًا من أنواع الهوية والقومية المعاصرة، وما هي إلا المرحلة الأخيرة من دورة أكبر من الوعي الإثني تعود إلى أقدم صور التنظيم الاجتماعي، خصوصًا أن الجماعات تميل إلى تعريف نفسها لا بالإشارة إلى سماتها الخاصة بل بالاستثناء أي بالمقارنة بالأجانب. لذلك تعد الأسطورة والرمز بعواملها المرتبطة بــ (سبل العيش والتجارب المرتبطة بها، الدين، المدينة، ومسألة اللغة)، أكثر ديمومة في العادة من العوامل المادية الصرفة. ليصل إلى نتيجة أن الأمم لم تكن موجودة قبل القومية، وأن الهويات البشرية ما هي إلا اختراع، والخلاف هو على قدم تلك الاختراعات فحسب.

أما آراء أنتوني د. سميث والأصول الإثنية للأمم، فقد انطلقت من نقده النظريات الحداثية التي قدمت تعريفًا لنوع خاص من الأمم، وهي الأمة الحداثية في وقت تحتاج فيه القومية إلى تعريف مثالي- نمطي للأمة يتعامل معها بوصفها صنفًا تحليليًا عامًا، ويقوم تفسيره على طرح ثلاثة أسئلة: من هي الأمة؟ فالإثنية عنده ليست بدائية، لذا فإن ظهورها أخذ نمطين هما الاندماج والانقسام، لكن ذلك لا يعني أنها تعبر التاريخ من دون تغييرات تصيب تكوينها الديمغرافي أو محتوياتها الثقافية، لذا فإنه يتحدث عن آليات التجديد الإثني ممثلةً (الإصلاح الديني، الاستعارة الثقافية، المشاركة الشعبية، أساطير الانتخاب الإثني) هذه الآليات تضمن بقاء الإثنيات طوال قرون على الرغم من التغييرات في تركيبتها الديمغرافية ومحتوياتها الثقافية. فعندما تنتفي السوابق الإثنية، تزيد الحاجة إلى تلفيق أسطورة متماسكة ورمزية مهيمنة في الأمكنة كلها لضمان البقاء والوحدة الوطنية. وعن سؤال لماذا وكيف انبثقت الأمة؟ يحدد سميث إجابته بوجود أنماط رئيسة من تشكل الهوية والعوامل التي تغيرها، وذلك بتحديد نوعين من المجتمع الإثني المحلي الذي ولَّد أنماطًا مختلفة من تشكل الأمم. النمط –الأفقي (الأرستقراطي) الذي يعتمد آلية الدمج البيرقراطي للطبقات الأخرى من السكان في مدارها الثقافي الذي نتج عنه قوميات مناطقية (من الأعلى بقيادة النخب). والنمط الثاني هو الإثنيات العمودية (الشعبية) التي استخدمت مسار التعبئة اللغوية المحلية، ونتج عنها القوميات الإثنية، (من الأسفل بقيادة الطبقة المثقفة الأنتلجنسيا)، وفي إجابته عن تساؤله الأخير أين ومتى ظهرت القومية؟ يرى أن القومية لا تساعد في تقرير أي الوحدات السكانية مؤهلة للتحول إلى أمم ولا لماذا تحولت، لكنها تؤدي دورًا مهمًا في تحديد متى ستظهر الأمم وأين، إذ إن الخطوة التالية هي التفكير بتأثير القومية (السياسي) في عدد من الحالات المحددة، وذلك لا يكون من دون توضيح مفهوم القومية بحد ذاته.

وفي نقد الإثنية – الرمزية ينظر إلى دعاتها بوصفهم يعانون ارتباكًا مفهوميًا. ويقللون من أهمية الفوارق بين الأمم الحديثة والمجتمعات الإثنية المبكرة. إضافةً إلى النقد الذي يرى أنهم يهملون الحديث عن أمم وقوميات في الحقب قبل الحداثية. وتفتقر تحليلاتهم إلى التفاصيل التاريخية والصرامة التحليلية، ويشيّؤون الأمم بالنظر إلى الروابط الإثنية بوصفها متينة وثابتة.

عن الإثنية- الرمزية اليوم وردًا على النموذج المغالي في التماسك الذي تبنته نظريات التحديث، يقدم هتشينسون نموذجه في تشكل الأمة الذي يدرك الأمة بوصفها نوعًا من أنواع المشروع الإثني، لا يتصل بالدولة إلا عرضًا، لأن قدرتها على تنظيم السكان محدودة ومتقلبة. فيتعامل هذا النموذج مع الأمم بوصفها مناطق صراع، ولاسيما الصراع على الشرعية مع الممسكين بزمام السلطة التقليدية، إذ ما تزال الحروب الثقافية تصيب بآفتها القوميات معظمها. بهذا تكون القومية حركة دورية معبرة عن الأمم بافتراضها كيانات دينامية. فتشكل الأمم ما هو إلا عملية ارتقائية غير مكتملة، لأنها تضم ذخائر إثنية متنوعة تولد مشروعات ثقافية وسياسية متنافسة في العصر الحديث.

حمل الفصل الخامس عنوان مقاربات جديدة للقومية، وبدأ بطرح سؤال لماذا (جديدة)؟ لتأتي الإجابة بأنها تقوم بوضع افتراضات سابقاتها كلها موضع المساءلة، إذ دخل جدل القومية مرحلة جديدة منذ أواخر الثمانينيات من القرن العشرين حتى عام 2000، تأثرت في أثنائها المقاربات الجديدة بالانعطاف الثقافي في العلوم الاجتماعية التي استبدلت  تفسيرات أكثر سيولة ودينامية تتعامل مع الثقافة _بوصفها مفهومًا مثيرًا للجدل والخلاف العميق_ بالفكرة السكونية للثقافة _بوصفها كلًا متلاحمًا متجانسًا_، وفتح الميدان لمناهج جديدة في تحليل القومية (من مثل التحليل النفسي، تحليل الحوار، وجهات نظر أبستمولوجية بمثل النسوية، …وغيرها) إضافة إلى ضم تحليلات من الأعلى (النخب)، ومن الأسفل (الجماهير). ويعرض المؤلف أولًا نموذج مايكل بيليغ والقومية المبتذلة التي تعد أولى الدراسات لتقديم تحليل منهجي لإعادة إنتاج القومية، بحيث يرفض افتراض أن القومية ناتج من نواتج أحوال استثنائية ترتبط بالأزمات، وتندثر ثانيةً مع استعادة الأحوال الطبيعية، فأدخل مفهوم القومية المبتذلة ليشير إلى العادات الأيديولوجية التي تمكن الأمم الراسخة في الغرب من إعادة إنتاج ذاتها، لذلك فالهوية الوطنية ليست كمالية (سيكولوجية) يحملها الناس ليستخدموها وقت الضرورة، إن قومية بيليغ تشدد على قومية الحياة اليومية للدول القومية الراسخة.

أما المقاربة النسوية التي تمثلها هنا نيرا يوفال- ديفيز، فإن نقطة الإنطلاق فيها لتحليل القومية هي النواقص والعيوب في النقد النسوي للدولة، بالإجابة عن تساؤل كيف تبني الدولة الرجال والنساء بالرعاية الاجتماعية بطريقة جندرية، أي بطريقة ذكورية جوهريًا. تركز يوفال_ ديفيز على وجود خمس طرائق اتخذتها المرأة للمشاركة في العمليات الإثنية والوطنية، وهي:

(أ)- إعادة الإنتاج البيولوجي لأعضاء التجمعات الإثنية بمناقشة الحقوق الإنجابية للمرأة التي تغيب عنها بصفتها فردًا، وإنما بصفتهن أعضاء في جماعات وطنية محددة، وتحدد في ذلك ثلاثة خطابات؛ الأول يعنى بالسكان بوصفهم قوة، فيكون مستقبل الأمة معتمدًا على نموها السكاني المستمر، والثاني يعنى بنوعية الأمة لا حجمها، ما أنتج سياسات متنوعة استهدفت الحد من الأعداد المادية/ الفيزيائية لأعضاء جماعة غير مرغوب بهم عن طريق (التهجير، الإبادة، السيطرة على قدرة النساء على الإنجاب)، والثالث خطاب مناقض للخطاب الأول، وهو المالتوسي الذي يرى ضرورة تخفيض عدد الأطفال لمنع حدوث كارثة وطنية مستقبلية.

(ب)- إعادة إنتاج الحدود للجماعات الإثنية/ الوطنية، وذلك بالمحافظة على الوحدة الأسطورية للجماعات المتخيلة، وإعادة إنتاج نظام كامل من حرس الحدود الرمزيين الذين يصنفون الناس بصفتهم أعضاءً أو لا في مجتمع محدد، فهؤلاء الحراس يرتبطون ارتباطًا وثيقًا بالأنظمة الثقافية التي تقرر قواعد اللباس والسلوك، والعادات والتقاليد والدين، وتقدم علاقات الجندر والجنسانية دورًا مهمًا في ذلك، بحيث تجسد النساء تلك التجمعات الإثنية، ويعدن إنتاجها بحسب ما يعتقدن.

(ج)- المشاركة بدور مركزي في إعادة الإنتاج الأيديولوجي للتجمع (الجمعي)، ونقل/ بث ثقافته، فالنساء يمثلن حاملات ثقافيات، ويقمن بنقل الميراث الغني بالرموز، بعدّ الثقافة عملية دينامية مستمرة حافلة بالتناقضات.

(د)- الدلالة على الفوارق الإثنية/ الوطنية، إذ كثيرًا ما يجري تخيل الأمة على هيئة امرأة محبوبة أو أم فقدت أبناءها في معركة، ومن أجل النساء يذهب الرجال إلى الحرب، لهذا فإن عبء التمثيل هذا أدى إلى بناء المرأة بوصفها حاملًا لشرف الجماعة.

(ه)- المشاركة في النضال الوطني والاقتصادي والسياسي، إن الطبيعة المتغيرة للحرب أثرت إيجابًا في دمج النساء في المؤسسة العسكرية إلا أنها لم تلغِ التمايز بين الرجال والنساء. تؤكد يوفال_ ديفيز على أبعاد المشروعات القومية من خلال (البعد السلالي والبعد الثقافي والبعد المدني). وتلخص أسباب غياب المرأة عن التنظير للأمم، بأنه يعود إلى النسيان الأكاديمي الجمعي الذي تقسم نظرياته المجتمع المدني إلى فضاءين عام وخاص، وتضع المرأة في الميدان الخاص الذي لا يعد متصلًا بالسياسة. إضافةً إلى الاستثناء الاجتماعي، إذ لا تعد المرأة جزءًا من العملية الاجتماعية، عندما رُسم الانتقال من حال الطبيعة إلى حال المجتمع المنظم الذي يجب أن يتصف بصفات ذكورية (عدائية أو عقلانية).

في النظريات ما بعد الكولونيالية، ينطلق بارثا تشاترجي بتفسيره للقومية من العالم اللاأوروبي في ثلاث مراحل: لحظة المغادرة التي تبدأ من المواجهة بين القومية وإطار المعرفة، وتؤدي إلى الوعي والقبول باختلاف ثقافي جوهري بين الشرق والغرب، فالثقافة الأوروبية الحديثة تمتلك سمات وصفات متصلة بالسلطة والقوة والتقدم، بينما تغيب هذه الصفات عن الثقافة الشرقية التقليدية المتصفة بالفقر والخضوع، لكن القوميين يزعمون أن هذا التخلف ليس ثابتًا، إذ يمكن مغالبته بتبني السمات والصفات الحديثة للثقافة الأوروبية. في هذه المرحلة يقسم الفكر القومي عالم المؤسسات والممارسات الاجتماعية إلى قسمين؛ مادي (خارجي) يمثله العالم الغربي، وروحي (داخلي) يمثل الهوية الثقافية. سعت القومية إلى إظهار زيف الزعم الاستعماري بأن الشعوب المتخلفة عاجزة ثقافيًا عن حكم نفسها في أوضاع العالم الحديث. أما لحظة المناورة فهي مرحلة متخمة بالاحتمالات المتناقضة، بحيث تتألف من التعزيز التاريخي لـ (الوطني) والاستعداد للإنتاج الرأسمالي بأيديولوجيا مناهضة الرأسمالية. وعند لحظة الوصول يبلغ الفكر القومي تقدمّه الكامل بحيث ينجح الخطاب القومي في تجاوز التناقضات والانقسامات والاختلافات السابقة كلها، ويحقق فعلًا الوحدة الأيديولوجية للفكر القومي في الحياة الموحدة للدولة، ليمثل الخطاب القومي في لحظة الوصول ثورة هادئة تنطق بتاريخ حياته.

يتناول كريغ كالهون القومية بوصفها تشكيلًا خطابيًا، بحيث يؤلف خطاب القومية طريقة محددة للتفكير في التضامن الاجتماعي، ويؤدي دورًا حاسمًا في إنتاج الفهم القومي والاعتراف بالمزاعم القومية للآخرين. فالأمم تتكوّن غالبًا بالمزاعم نفسها (بمثل طريقة الكلام والتفكير والفعل) التي تعتمد على هذه الأنواع من المزاعم، لإنتاج هوية جمعية، وحشد الناس وتعبئتهم للمشروعات الجمعية، ويساعد الخطاب القومي في صنع الأمم، فمن الخطأ اختزال القومية عنده بعقيدة سياسية، لأن القومية تمثل طريقة للحديث والتفكير والفعل، وبذلك لا تفقد قوتها، فهي طريقة لتخيل المجتمعات وبناء الحقيقة الاجتماعية الواقعية.

آخر منظري هذه المقاربة روجرز بروبيكر وحديثه عن الإثنية من دون الجماعات، بحيث تكون نقطة الانطلاق في هذا التحليل نقده للتشييء، وتركيز هدفه على الجماعاتية التي تشير إلى نزعة التعامل مع الجماعات الإثنية والأمم والأعراق بوصفها كيانات جوهرية يمكن أن تعزى إليها المصالح وأنواع النشاط والتنظيمات. لهذا يجب أن يعبر عن الإثنية والعرق والأمة بتعبيرات علائقية ودينامية وهادفة وتفكيكية وفق إطار ذهني، لذا فإن هذه المقاربة تساعد في التمييز بين الفئات المصنفات والجماعات، وجعل العلاقة بينهما مشكلة، بتشديد الانتباه على البعد المعرفي للإثنية، ما يدفع إلى التركيز على العمليات والعلاقات بدلًا من المكونات المادية.

ويجمل أوزكيريملي نقد المقاربات الجديدة بأنها لا يمكن أن تفسر العواطف الحماسية التي تولدها القومية، ثم إنها مقاربات جزئية ومتشظية، وتبالغ في انحطاط الأمم والقومية، إذ يختلط فيها الافتراضي والحقيقي والمعياري. أما بيليغ فيبالغ في قوة القومية المبتذلة، إضافةً إلى أنه من الصعب تجنب اللغة الجماعاتية، فلماذا لا تحول تعابير الجماعاتية بمثل (ناس أو مجتمع) إلى مشكلة بمثل (جماعة إثنية أو أمة أو هوية). ولا تمتلك المقاربات البنائية قيمة تفسيرية محدودة.

الفصل السادس والأخير جاء بعنوان فهم القومية، وفيه يقوم المؤلف بتقويم النظريات التي عُرضَت في الكتاب، إضافة إلى تقديم إطار تحليلي للقومية يقترحه أوزكيريملي، ويتوقف عند تساؤل أين وصل التنظير للقومية، ففي نقد الجدل النظري بشأن القومية، يقدم وجهة نظره النقدية للتقسيم الثلاثي للدراسة القومية (البدائي، الحداثي، الإثني- الرمزي)، فيرى أن سؤال (متى ظهرت القومية؟) ظل مركزيًا ناظمًا للجدل النظري المعاصر بشأن القومية، لكن الأمم تتحدى التواريخ والمواقيت، فلا تستمد الهوية بقاءها من حقائق بل من مدركات، لا من تاريخ واقعي/ مرتب زمنيًا، بل من تاريخ عاطفي/ شعوري. ويسوق المؤلف حججه على سؤال متى ظهرت القومية بأنه سؤال غير مهم في ثلاثة مسوغات:

  • لا يمكن تحديد تاريخ أصول الأمم بصورة يقينية، لأن الحديث عنها يكون عن عمليات تاريخية لا عن حوادث محددة.
  • يعتمد الجواب اعتمادًا كبيرًا على كيفية تحديد الأمة، وبما أنه من المستبعد أن يأتي منظرو القومية بتعريفات متفق عليها في أي وقت قريب، فإن سؤال متى ظهرت القومية لابد أن يبقى بلا جواب.
  • حتى لو كان من الممكن التحقق من تاريخ أصول الأمم، كيف يمكن أن يساعد في فهمنا القومية، إذ يعتمد تصنيف نظرية محددة أو كاتب معين ضمن فئات موجودة اعتمادًا كبيرًا على من يقوم بعملية الفرز. وذلك التصنيف يتجاهل التنويعات الداخلية في كل فئة، لهذا يعد تصنيف المقاربات النظرية، وحشرها ضمن فئات التقسيم الثلاثي لا معنى له.

عندما يعرض الملامح العريضة لمقاربة نظرية للقومية يرفض أوزكيريملي أن يكون للقومية نظرية شاملة، فالقوميات المتنوعة تحتاج إلى فهم التجانس الأيديولوجي والتجانس السوسيولوجي، والقومية بحاجة إلى التنظير من خلال صوغ نظريات جزئية تسلط الضوء على الجوانب والملامح المختلفة للقوميات، أو هي بحاجة إلى ابتكار إطار نظري يمكن استخدامه لدراسة قوميات معينة. لهذا يعرض أوزكيريملي إطاره التحليلي عن القومية مستفيدًا من أعمال فوكو وغرامشي، وأفكار منظري القومية المعاصرين مع تأكيده أن ذلك الإطار ما هو إلا عملية مستمرة لا خطة نهائية مكتملة. ويبدأ تحليله بفرض أن الأمة والقومية رمز كثير المعاني، فتشير إلى الأفكار والمؤسسات والبنى والممارسات اليومية، إضافةً إلى الطقوس الشعائرية المتخصصة التي تؤلف كلها علاقات اجتماعية، لذلك لا يقدم تعريفًا للأمة عمدًا كي لا يسقط في فخ التشييء. لهذا فإن الخطوة الأولى عنده هي عدّ القومية صورة خاصة من الخطاب، وطريقة لرؤية العالم مكونًا اجتماعيًا، ثم تأتي الخطوة التالية المبنية على تحديد مزاعم الخطاب القومي، ويجملها في ثلاث مجموعات متبادلة من المزاعم:

أولها: مزاعم الهوية وجدلية الـ (نحن) والـ (هم)، ليكون الولاء للأمة مطلقًا، ويجاوز صور الولاء الفردي والجمعي كلها، والأمة هي المصدر الوحيد للشرعية.

ثانيها: مزاعم زمانية بحيث يعود الخطاب القومي إلى الماضي دومًا في مسعى لإظهار الزمن الخطي للأمة في ما بُثَّ في المدارس وأجهزة الدولة الأيديولوجية الأخرى.

وثالثها: مزاعم مكانية، لأن الخطاب القومي مسكون بهاجس الأرض/ المنطقة، والبحث عن وطن حقيقي أو متخيل، ووجود رابطة لا يمكن فصل عراها بين الأمة وبيئتها الطبيعية، بوصفها عوامل تكوينية للشخصية أو الروح الوطنية. تأتي الخطوة الثالثة في الإطار التحليلي المطروح، وهي آلية تشغيل الخطاب أو الطرائق التي يصبح البشر بها وطنيين، لأن المشروع القومي الفائز بالصراع حتى يكون مهيمنًا بين المشروعات القومية المختلفات، يجب أن يعزز هيمنته بإعادة إنتاج ذاته، وتطبيعه مفتاحًا لتحويلها إلى نظام من القيم المطلقة، بعد ذلك يصل الإطار النظري التحليلي الذي يقترحه أوزكيريملي إلى علاقة القومية بالسلطة وترسيخ هيمنتها، بمعنى أن تكوِّن وضعًا اجتماعيًا- سياسيًا، أي لحظة تندمج فيها فلسفة المجتمع وممارسته، أو تكونان في حال توازن نظامًا يهيمن فيه أسلوب وتفكير الحياة. ويؤكد أن علاقات القوة ضمن المجتمع متجذرة في الشبكة الاجتماعية برمتها، فهي تفرض فرضًا، أوتعارض، أو تحد، أو تلغي ـ أو تعزز، بعضها. يصل صاحب هذا الإطار التحليلي إلى نتيجة مفادها أن المشروع القومي الناجح هو الذي يحقق توازن التسوية بدمج العناصر الأيديولوجية من المشروعات القومية المتنافسات، ويعد الهيمنة الحية عملية نسقية دومًا، وليست نظامًا أو بنية إلا تحليلًا. فهنالك عوامل عدة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية- ثقافية، تندمج في آن معًا لتكوين الأمم، وتتغير العوامل وتوليفتها المحددة من حال إلى حال. بهذا المعنى لا تقرر مسبقًا نتيحة عمليات تكوّن الأمم، ولا شكل الأمة الناتج منها.

يصل أزكيريملي أخيرًا إلى تقديم رأي عن دراسات القومية اليوم بأن مناقشات القومية تظهر ميلًا إلى الانقسام والتشعب، والعودة إلى سؤال متى ظهرت الأمة؟ ولعبة شد الحبل بين الحداثيين ومعارضيهم، لكن هذا النوع من المجادلات يعيق فهم القومية اليوم ولا يعززه في وقت يتطلب ذلك الفهم تنوع الأشكال النظرية. يعد أنه من الضروري أيضًا دراسة القومية عندما تفشل في حشد الجماهير ودفعهم إلى الفعل، فغياب العنف الإثني والقومي لا يعني بالضرورة غياب القومية، إذ تستمر القومية في الوجود في فجوات الحياة اليومية ومفاصلها حتى في حال غياب أزمة مرئية أو صراع ظاهر، بوصفها طريقة لرؤية العالم وتفسيره. وآخر ما يؤكده أنه من الضروري فتح ميدان دراسات القومية أمام فضاءات وميادين بحثية جديدات، واعتناق وجهات نظر أبستمولوجية جديدة، خصوصًا أن واقع دراسات القومية مشبع بالأعمال النظرية المحضة، لهذا تبرز هنا حاجة ماسة إلى جمع جانبي تلك الدراسات (النظري والواقعي) لإعادة صوغ الافتراضات، وتحسينها، وإثراء التحليلات برؤى تجريبية واقعية.

سعى المؤلف في عمله هذا لتقديم رؤية نقدية- موضوعية في القومية، محاولًا أن يؤصل مفهوم المرحلة الفكرية (البدائية- الحداثة- الإثنية)، ومفهوم القومية في تلك المرحلة، فكان يسوق المجادلات والمناقشات في تلك المرحلة بين المنظرين، ليختم مناقشاته بنظرة تلك المراحل الفكرية إلى القومية اليوم. ملتزمًا بالترتيب الزمني والارتقائي. وتتضمن صفحات الكتاب تعريفات بالمفكرين والمنظرين الذين ناقش رؤاهم وأفكارهم نظرًا إلى كثرتهم وخصوبة أفكارهم التي تناولت القومية.

يعدّ كتاب نظريات القومية- مقدمة نقدية، ثريًا معرفيًا، وكثيف المعلومات والمناقشات، لما يقدمه من نظرة موسوعية حاولت الإلمام بالقومية منذ أن كانت فكرة إلى أن ارتقت إلى مرحلة التنظير. على الرغم من ثراء الكتاب المعرفي إلا أنه تضمن مشكلة عند نقله إلى اللغة العربية، تتمثل بضياع بعض الربط بين المعلومات والجمل والأفكار بصورة قد ترهق القارىء وتدفعه إلى قراءة الجملة أكثر من مرة ليفهمها، إلا أن هذا لا يقلل من أهمية الكتاب والجهد المبذول تأليفًا وترجمةً.

 

مراجعة: منى زاهد سويلمي

الكتاب: نظريات القومية- مقدمة نقدية

تأليف: أوموت أوزكيريملي

ترجمة: معين الإمام

مراجعة: فايز الصيّاغ

الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

مكان النشر: الدوحة/ قطر

 

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 14921

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *