قضايا فلسفية

مفهوم الإنسان بين الفكريين الغربي والعربي

عرّف الإنسان علميا على أنه الكائن الحي الوحيد الباقي من الإنسان العاقل, وهو العاقل الوحيد المالك لدماغ عالي التطور، لديه القدرة على التفكير المجرد والنطق واستخدام اللغة والتفكير الذاتي الداخلي، وإيجاد حلولٍ للصعاب التي تعترضه، على خلاف باقي الحيوانات على سطح الكرة الأرضيّة.

تنوعت النظرة الفلسفيّة للإنسان وتغيرت تبعاً لتطوّر الفكر الإنساني بشكلٍ عام، فقد كان مفهوم الإنسان وفقاً للفلسفة اليونانيّة ووفقاً لتعريف أرسطو على أنه مواطن الدولة أو المدينة. أما وفق فلسفة أفلاطون فقد كان يقام بين الإنسان والأشياء الخارجيّة حد للتمكن من تجريده عن مواقفه الملموسة.

وعلى الرغم من هذا فإن مفهوم الإنسان أو الفرد يبقى ناقصاً من ناحيةٍ فلسفيّة، وذلك نظراً للبعد الميتافيزيقي للذات الإنسانيّة التي تتصف بأنها ذاتٌ عاقلة تمتلك الحريّة والوعي والإرادة، وتحيى وفق القانون والحق ملتزمةً بجميع القيم الأخلاقيّة، وتسعى هذه الذات بشكلٍ مستمر إلى تحقيق الأفضل في سبيل الوصول إلى الغايات المنشودة والتي يثمر عنها الشعور بالسعادة.

إما بالنسبة للفكر الإسلامي فهو فكر ثابت من حيث الأسس التي يقوم عليها، وهي العقيدة الربانية، ومنظومة القيم والأخلاق الإسلامية، وقواعد الاعتقاد والتصور الإسلامي.. كلها مفاهيم ثابتة عميقة أصيلة ضاربة في جذور الفطرة الإنسانية.. وفي أعماق النفس المسلمة، فالتصور عن الله، والإنسان، والكون، والحياة.. ثابت لا يتغير، ودور الإنسان في الحياة وخلافته فيها ثابت لا يتغير، ورجوعه إلى ربه في النهاية.. ثابت لا يتغير، وشريعة الله في إقامة الحق والعدل.. ثابتة لا تتغير، وبالتالي فهو فكر راسخ الجذور، ثابت من ثبات الحقائق الأصيلة في هذا الوجود.ا

المشكلة البحثية :

بحثت هذه الدراسة في مفهوم الانسان بين الفكر الغربي والفكر العربي فتحاول هذه الدراسة طرح مفهوم النظري والعملي لمفهوم الانسان ويمكن صياغة السؤال المحوري في المشكلة البحثية على النحو التالي :

مقارنة مفهوم الإنسان بين الفكريين الغربي والعربي ؟

اهداف البحث :

  • تبيان مفهوم الانسان في الفكر الغربي .
  • تبيان مفهوم الانسان في الفكر العربي .

المنهجية البحثية :

تعريف المنهج المقارن.

  • لغــــة: هي المقايسة بين ظاهرتين أو أكثر ويتم ذلك بمعرفة أوجه الشبه وأوجه الاختلاف[1]
    ب- اصطلاحا:هي عملية عقلية تتم بتحديد أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين حادثتين اجتماعيتين أو أكثر تستطيع من خلالها الحصول على معارف أدق وأوقت نميز بها موضوع الدراسة أو الحادثة في مجال المقارنة والتصنيف يقول دور كايم:« هي الأداة المثلى للطريقة الاجتماعية» وهذه الحادثة محددة بزمانها ومكانها وتريخها يمكن أن تكون كيفية قابلة للتحليل أو كمية لتحويلها إلى كم قابل للحساب وتكمن أهميتها في تمييز موضوع البحث عن الموضوعات الأخرى وهنا تبدأ معرفتنا له.[2]

المطلب الاول: مفهوم الانسان في الفكر الغربي

إن ارتباط مفهوم حقوق الإنسان بعصر الحداثة الفكرية، لا يعني أنه وليد لحظة الحداثة، حيث نجد له جذوراً تاريخية في الأفكار اليونانية عن الإنسان الفرد، وفي النظرية الرومانية عن القانون والحقوق، وقبل ذلك في التأملات الدينية المختلفة عن الإنسان، وبالأخص عن المسؤولية الإنسانية تجاه الآخرين، من خلال تعبيراتها المختلفة بواسطة نصوصها ووصاياها وشرائعها وطقوسها.

ومع ظهور الحداثة الحقوقية، اقترن خطاب حقوق الإنسان باللحظة النضالية، المعبَّر عنها بالنضال ضد كل مظاهر الظلم والاستبداد والتمييز، والدفاع عن حقوق الأفراد والجماعات ضد أو « الميثاق الأعظم » أساليب الاضطهاد والتعسف، بداية من اللحظة الإنكليزية التي فرض فيها على الملك سنة 1215.

إعلان » سلطات الحكومة الملكية وضرورة احترام الملك للحقوق والحريات، ثم اللحظة الأمريكية في حقوق الإنسان سنة ١٧٧٦ ، مروراً باللحظة الفرنسية الفارقة « الاستقلال سنة ١٩٤٨ ، ثم توالت الإعلانات « الإعلان العالمي لحقوق الإنسان » سنة ١٧٨٩ ، ولحظة « والمواطن والبيانات الشارحة والمفصلة لحقوق الإنسان، وتكاثرت الجماعات والتنظيمات التي كرست جهدها لخدمة حقوق الإنسان انطلاقاً من النزعة التعبوية الحاشدة للمشاعر والمجيِشة للعواطف، إلى درجة أن هذه اللحظة تكاد تغيب وتخفي الجوهر الفلسفي لحقوق الإنسان، لأن قبل اللحظة التشريعية والسياسية التي تحيل فقط على ما هو إجرائي وقانوني، توجد اللحظة الفلسفية التأسيسية لخطاب حقوق الإنسان وهي لحظة سابقة تاريخياً ومحايثة لتطور هذا الخطاب عبر أجياله المتتابعة تاريخياً والمختلفة ثقافياً وأيديولوجياً؛ فروح حقوق الإنسان هي فلسفة حقوق الإنسان، ومواثيق حقوق الإنسان ومعاهداتها وإعلاناتها واتفاقياتها هي جسدها.

وهكذا فمبدأ العدالة هو اليوم أقدر المفاهيم على احتواء أكبر عدد من التناقضات، وهو مرحلة جديدة متطورة في متعاليات ومجردات الفكر السياسي الأوربي. ولذلك فهو يمدد أكثر في عمر الأصول الميتافيزيقية الأوربية لمفهوم الإنسان ومبدأ السيادة الذي يتصل به (وهو ما سنبينه في الصفحات الآتية)، ويغني الإنسانية اليوم برؤية أوسع ومهارات أرقى لضمان وجودها وسعادتها بقدر ما يغنيها في الوقت نفسه بالتناقضات والمفارقات التي من الطبيعي أن تتفاقم وتنذر بالفشل.

المطلب الثاني: مفهوم الانسان في الفكر العربي.

يشغل موضوع الإنسان في المقدّمة حيزا يجعله مدار جهود ابن خلدون في معظم أبحاثها ترشّحه ليكون المحور فيها، إذ حاول الإجابة على إشكاليّة العمران البشريّ منشئا لذلك أسس الاجتماع البشريّ والذي يكون الإنسان فيه أصلا باعتباره لبنة المجتمع، وهو بذلك يحدّد أحد أركان الرؤية الكونيّة التوحيديّة، وهو الإنسان، ويدرجه ضمن نسق فكري مبدع لتتركّز الجهود حوله والوصول به إلى الإنسانيّة المطلوبة والتي تتحدّد على مقدار العبوديّة والقيام بالدّور الاستخلافي المطلوب منه والذي خلق لأجله، ويركّز ابن خلدون على الفطرة، وهو يدعو إلى ممارسة الفكر الطبيعي، والمقصود منه هو الفطرة الأولى والتي سيأتي بيانها.

ولا يختلف موقف الإسلام حيال هذه الحرية الفكرية الخاصة عن موقفه حيال الفكرية العامة؛ فالإسلام لم يحاول مطلقاً أن يفرض على العقول نظرية علمية معينة بصدد أية ظاهرة من هذه الظواهر، ولم يتعرض القرآن لتفاصيل هذه الشؤون، وكل ما فعله أنّهُ استحث العقول على النظر في ظواهر الكوّن، وحفز الناس على التأمل في هذه الشؤون واستنباط قوانينها العامة، وفي هذا يقول الله تعالى: {أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء}([23])، بل أنه لا تكاد تخلو سورة من القرآن من توجيه النظر إلى ذلك.

ولعل من أهم هذه الاتفاقيات التي تشابهت بين الفكريين الغربي والعربي بالنسبة لمفهوم الانسان وحقوقة, ما يلي :[3]

1- الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الطابع العام ومنها : ميثاق الأمم المتحدة الذي تضمن أحكاماً خاصة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام (1984) ، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام (1966) ، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام (1966) .

2- الاتفاقيات والمواثيق والإعلانات الدولية المنظمة لموضوعات بذاتها ، ومنها :

  • إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام (1963) .
  • الاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية والحريات الأساسية للمرأة والصادرة عام (1950) .
  • الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية والصادرة عام (1950) .
  • الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام (1967) .
  • مشروع ميثاق حقوق الإنسان والشعوب في الوطن العربي لعام (1986) .

الخاتمة :

ثمة إشكالية معقدة حكمت الوعي العربي منذ عصر العربي منذ عصر النهضة إلى اليوم تتلخص أولاً في الفارق بين واقعية وتاريخية العلاقة بين العرب والغرب وأشكال وعيها عند العرب، من جهة، ووعي الغرب أو أشكال وعي الغرب لهذه العلاقة ذاتها من جهة أخرى. وثانياً في الفارق بين صورة الغرب في الوعي العربي وواقع الغرب الفعلي من جهة وأشكال وعي الغرب لذاته من جهة أخرى، وثالثاً في الفارق بين واقع العرب الفعلي وصورة العرب في وعي الغرب من جهة ووعي العرب لذاتهم من جهة ثانية. وإذا كان الواقع محايداً في جميع الحالات فإن الوعي ليس كذلك. ويمكن القول أن علاقة العرب بالغرب كانت بالأحرى علاقة وعي ذاتي آخر ويمكن أن نقول : مضاد فالصورة التي كان الغرب ولا يزال يقدمها عن نفسه وعن الآخر هي التي تحدد صورة الآخر ( هنا العرب ) عن الغرب وعن نفسه أيضاً. كان الغرب دائماً هو الذي يطرح الأسئلة والمسائل ويحدد الإجابات لذلك كان افتقار الوعي العربي إلى الواقعية، وإلى التاريخية و الكونية الموصولتين بها هو أساس الإشكالية الانفصال بين الوعي والواقع غيب المقولة الهيغلية / الماركسية الشهيرة ” كل ما هو واقعي عقلاني وكل ما هو عقلاني واقعي التي تحيل على علاقة الفكر بالواقع، الوعي بالوجود، وتضع مقولة المطابقة بوصفها مسعى دائماً إلى تعرف حقيقة الواقع أو تعرف الواقع كما هو من دون مشاعر أو رغبات، ومن دون أوهام. أي مع وعي أن المشاعر و الرغبات و التطلعات والأهداف 000 تنتمي كلها إلى دائرة الذاتية.

الوعي الذي يفتقر إلى الواقعية والتاريخية و الكونية، هو بالأحرى وعي أيديولوجي بكل معاني هذه الكلمة , الاعتراف بالواقع شرط لتجاوزه. ، لذا لا بد من الاعتراف أن مسألة ومسائل حقوق الإنسان وحرية الفرد وحقوق المواطن 000 كانت ولا تزال شعاراً وهدفاً وتطلعاً إلى مستقبل ممكن وواجب , و كانت هذه المسألة كلها جزءاً من قضية الحرية التي تختلف النظرة إليها باختلاف الموقع الاجتماعي، حتى عندما كانت هذه المسألة تطرح على المستوى الفلسفي.

المراجع:

  • علوان ، عبد الكريم ، الوسيط في القانون الدولي العام (حقوق الإنسان) ، ط1 ، مكتبة دار الثقافة ،عمان ، 2004 ، ص ص 31 -34 .
  • غسان هاشم الجنيدي, الراحة والريحان في القانون الدولي لحقوق الانسان , كلية الحقوق الجامعة الاردنية ,ط1, عمان,2012.
  • حقوق الإنسان في الفكر العربي المعاصر , جاد الكريم جباعي , موسوعة ويكييبيديا .
  • http://etudiantdz.net/vb/t13430.htm / قباري محمد: إسماعيل / مناهج البحث في علم الاجتماع, منشأة المعارف بالإسكندرية

[1] http://etudiantdz.net/vb/t13430.html / قباري محمد: إسماعيل / مناهج البحث في علم الاجتماع, منشأة المعارف بالإسكندرية.

[2] المرجع السابق .

[3] علوان ، عبد الكريم ، الوسيط في القانون الدولي العام (حقوق الإنسان) ، ط1 ، مكتبة دار الثقافة ،عمان ، 2004 ، ص ص 31 -34 . وسيشار أليه لاحقاً (علوان , عبد الكريم)

اعداد : د. بشير محمد النجاب – محاضر غير متفرغ في جامعة البلقاء التطبيقية – الاردن

المركز الديمقراطي العربي

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى