دراسات أمنية

مفهوم نظرية مركب الأمن الإقليمي

يقصد بالمركب الأمني كمفهوم هو مجموعة من الدول التي ترتبط اهتماماتها الأمنية الأساسية مع بعضها البعض بصورة وثيقة، بحيث أن أوضاعها الأمنية الوطنية لا يمكن بحثها بمعزل عن بعضها البعض.

عرف باري بوزان المركب الأمني بأنه: “مجموعة من الدول تكون هواجسها وتصوراتها الرئيسية للأمن مترابطة إلى درجة أن مشاكل أمنها الوطني لا يمكن أن تحلل عقلانيا أو تحل بطريقة منفصلة” . حيث يشرعن مركب الأمن على الاعتماد المتبادل في مجال التنافس مثله مثل المصالح المشتركة، أما العامل الأساسي في تعريف مركب الأمن فهو عادة وجود مستوى عال من التهديد بمعنى الخوف الذي يشعر به بشكل متبادل فيما بين دولتين أو أكثر.

وعرفه أيضا بأنه: “مجموعة الوحدات التي تكون بينها العمليات الكبرى للأمننة آو اللاأمننة ، أو كلاهما، هي جد مترابطة، بحيث إن مشكلات الأمن لا يمكن أن تكون محللة بشكل معقول أو بعيدة الواحدة عن الأخرى”.

ويعتبر باري بوزان أوّل من استخدم مصطلح المجمع الأمني او المركب الأمني  Security complex وذلك لتسهيل التحليل الأمني على مستوى النطاق الإقليمي، واعتبار المستوى الإقليمي كوحدة تحليل أساسية تنطلق من خلال القضايا الأمنية من منطلقات إقليمية وليس عالمية، مع بقاء تعاملها مع القضايا العالمية طبعا، أو الأطراف الخارجية الفاعلة ومختلف القوى المؤثرة على المركب الأمني.

إن إقليمية الأمن حسب بوزان هي خاصية جوهرية تستند على الاعتقاد بأن الأمن ظاهرة علائقیة، ولأن الأمن “علائقي” فلا یمكن ادراك الأمن القومي لأي دولة دون فهم الخط الدولي لاعتماد الأمن المتبادل القابل للتجزئة، ولتحلیل مسألة الأمن الإقليمي یرى بوزان بأن العلاقات بین الدول یمكن أن تؤسس شبكة واسعة من الصداقات والتحالفات مع تلك التي تشعر بالخوف، وبالنسبة لبوزان فإن مفاهيم الصداقة والعداوة لا یمكن ارجاعها فقط إلى توازن القوى ،لأن القضایا التي یمكن أن تؤثر على علاقات الصداقة  والعداوة بین الدول قد تكون مرتبطة بالایدیولوجیة الإثنية والخلفيات التاريخية، وبهذا يقودنا باري بوزان إلى تعريف للمركب الأمني بأنه “مجموعة من الدول ترتبط مخاوفها أو هواجسها الأمنیة ارتباطا وثیقا فیما بينها، مما یجعل من غیر الممكن النظر واقعیا لأمن الدول بمعزل عن أمون الدول الأخرى”، حيث یشتمل مركب الأمن على الاعتماد المتبادل في مجال التنافس ، مثله مثل المصالح المشتركة، أما العامل الأساسي في تعریف مركب الأمن فهو عادة مستوى عالي من
التهديد أو الخوف الذي یشعر به بشكل متبادل بین دولتین أو أكثر.

قواعد نظرية مركب الأمن الاقليمي:

تقوم نظرية مركب الأمن الاقليمي على مجموعة من القواعد أهمها: 

– إن أكثر التهديدات تنتقل بصورة أسهل في المسافات القصيرة عكس المسافات الطويلة.

– تعتبر أن قدرات ونوايا الدول الأمنية تعلقت تاريخيا بجيرانها، لذا فدرجة الاعتماد الأمني المتبادل يكون أكثر حدة بين الدول الفاعلين داخل المركب الأمني وآخرين خارجه.

– تعتبر أن مركب الأمن قد يكون مخترقا من قبل القوى العالمية، إذا كان ذو نطاق واسع.

– أن مركبات الأمن الإقليمي هي المكون الأساسي والرئيسي للأمن الدولي.

– تشكيل مركب الأمن الإقليمي يشتق من التفاعل بين البيئة الفوضوية، ونتائج ميزان القوة في النظام الدولي من جهة أخرى وبفعل الضغوط التي يولدها التقارب الجغرافي المحلي، من جهة أخرى.

مستویات تحليل نظرية مركب الأمن الاقليمي:

تحدد نظریة مركب الأمن الإقليمي أربع مستویات للتحليل تتمثل في ما يلي:

١- المســـتوى الـــداخلي أو المحلـــي: یقصـــد بـــه الظـــروف المحلیـــة للـــدول المشـــكلة لمركـــب الأمن الإقليمي، مع التركيز على نقاط الضعف المتولدة بالداخل

٢- مســـتوى العلاقـــات دولـــة – دولـــة: أي علاقـــة دول الإقلـــیم مـــع بعضـــها، والتـــي تحـــدد
ملامح الإقلیم في حد ذاته.

٣- تفاعل الإقلیم مع الأقاليم الأخرى خاصة المجاورة .

٤- دور القـــوى العالمیـــة فـــي الإقلـــیم: أي علاقـــة الإقلـــیم بـــالقوى العالمیـــة خاصـــة الكبـــرى، یعني تفاعل بنیان الأمن العالمیة والإقلیمیة

حيث إن البنیة الجوهرية لمركب الأمن الإقليمي ترتكز على أربع متغیرات هي:

1- الحدود  : Boundariesالتي تمیز مركب الأمن الإقليمي عما جاوره.

2- البنیة الفوضویة :Anarchy Structure التي تعني بأن مركب الأمن الإقليمي بجب أن یتكون من وحدتين مستقلتين فما فوق.

3- الاستقطاب  :Polarityالذي یغطي توزیع القوى بین الوحدات.

4- البناء الاجتماعي  :Social Constructionالذي یحدد أنماط الصداقة والعداء بین الوحدات

كما يمكن أن نجد داخل مركب الأمن الإقليمي مركبات فرعية  Subcomplex حيث تتواجد ضمن مركب إقليمي كبير فمثلا نجد داخل مركب الشرق الأوسط مركبات فرعية (الخليج – الشرق الأوسط، المغرب العربي، القرن الإفريقي).

أنواع المركبات الأمنية:

 يمكن القول أن هناك أنواعا كثيرة لمركب الأمن تتمثل في:

– المركبات المركزة Centered: يتكون هذا النوع من المركبات من قوة عالمية أو بعض المؤسسات الجماعية ونجد أنه إذا تشكل من الوجود المؤسساتي فإنه سيكون إقليما متكاملا من خلال المؤسسات أما إذا كان خاضعا لسيطرة قوة إقليمية فإنه سيكون مركبا أمنيا أحادي القطبية.

– مركب القوى العظمى  Great Power Complex: وهو المركب الأمني الذي يكون مشكلا من مجموعة من الدول ذات المكانة الكبرى في المجتمع الدولي ، كمثال على هذا فإننا نجد شرق آسيا والذي يشكل كل من الصين واليابان مصدر قوته حيث تلعب كلاهما دورا محوريا داخل هذا المركب وبالتالي فإن هذا المركب هو مركب أمن إقليمي مزدوج.

– المركبات الأمنية النموذجية أو المعيارية Standard: ويتميز هذا النوع بغياب أي قوة عالمية داخله ،أي أن الدول المشكلة للمركب الأمني هنا إما تتساوى أو تتفاوت بشكل طفيف في القوة والمكانة على المستوى الدولي ولا تمثل قوة عالمية ،وكمثال على ذلك نجد : القرن الإفريقي ،الشرق الأوسط ،إفريقيا الوسطى وغرب إفريقيا وغيرها.

المصادر والمراجع:

عبد النور بن عنتر، البعد المتوسطي للأمن الجزائري، أوروبا والحلف الأطلسي. الجزائر: المكتبة العصرية للطباعة، النشر والتوزيع، 2005.جون بيليس، وستيف سميث، عولمة السياسة العالمية، ط.1. دبي: مركز الخليج للأبحاث، 2004.محمد عبد السلام، ترتيبات الأمن الاقليمي في مرحلة ما بعد 11/09/2001، (مصر: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، 2003.أيوب مدحت، الأمن القومي العربي. مصر: مركز البحوث العربية، 2003.سليمان عبد الله الحربي، “مفهوم الأمن: مستوياته وصيغه وتهديداته: دراسة في المفاهيم والأطر”، المجلة العربية للعلوم السياسية 19 (2008).مصطفى علوي، “الأمن الإقليمي بين الأمن الوطني والأمن العالمي”، المجلة العربية للعلوم السياسية  04 (أفريل 2005).عمار بالة، ” مكانة الولايات المتحدة الأمريكية ضمن الترتيبات الأمنية في منطقة البحر الأبيض المتوسط”. جامعة باتنة، كلية الحقوق، قسم العلوم السياسية،  مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية، 2012.جويدة حمزاوي، “التصور الأمني الأوروبي نحو بنية أمنية شاملة وهوية إستراتيجية في المتوسط”. مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية تخصص: دراسات مغاربية ومتوسطية في التعاون والأمن، جامعة الحاج لخضر، باتنة، 2010 – 2011.جلول لخذاري، “الواقع الأمن الراهن للنظام الاقليمي الأوروبي من منظور مركب الأمن الاقليمي”. جامعة زيان عاشور بالجلفة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر علوم سياسية تخصص تحليل السياسة الخارجية، 2016.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى