النظم السياسية المقارنةدراسات سياسيةمنهجية التحليل السياسي

منهج مقارن لعناصر تحليل الجماعات والأحزاب السياسية العاملة في النظم السياسية والدول

Groups and Parties Analysis Approach

الدكتور كمال الأسطل

منهج تحليل الجماعات

هذا المنهج يبحث في تكوين الجماعات من خلال صلة القرابة أو التقارب الجغرافي أو الالتزام الأيدلوجي أو تماثل الوضع الطبقّي، ويبحث العلاقات بين الجماعات الرسمية وغير الرسمية وكيف تؤثر في النظام السياسي.

لكي ندرس  منهج تحليل الجماعات “السياسية” لابد من فهم  خمسة محددات:

  1. الواقع , البيئة التي تتحرك فيها هذه الجماعات والظروف المحيطة بها , السياسي والاقتصادي والاجتماعي
  2. النظرية , الفكر, الايدولوجيا , العقيدة, مصادر التلقي المعرفي والصورة المتخيلة عن الوجود والإنسان والآخر وروافد هذه الأفكار وتشريح الخريطة الفكرية لها
  3. الوسائل ,المادية والمعنوية ,التيتستخدم لتنفيذ الأفكار وتغيير الواقع وتطبيق و ممارسة النظرية,
  4. الأهداف, القريبة والبعيدة والهدف  الاستراتيجي والمركزي للجماعة
  5. الغاية , من هذه الجماعةوماذا تريد من تحقيق هذه الأهداف.

ويتطلب تحليل بعض الأحزاب وجماعات المصالح وحالات الجماعات المسلحة أو الأيديولوجية أو السلفية أو حتى الجماعات الإرهابية تناول الكثير من الجوانب نذكر منها:

  • النشأة والتكوين: كيف نشأت الجماعة أو الحزب ؟
  • من المؤسس الذي أسس فكر الجماعة أو الحزب أو أسس الجماعة أو الحزب بشكل تنظيمي حركي. (مثلا ألإمام أحمد بن حنبل بالنسبة للجماعات السلفية)
  • من الممنهج: واضع المنهج الفكري للجماعة أو الحزب. (مثلا بن تيمية بالنسبة للفكر السلفي)
  • من المطبق: الذي طبق المنهج الفكري وجمع بين المنهج الفكري وبين التطبيق التنظيمي الحركي. (مثلا محمد بن عبد الوهاب بالنسبة للفكر السلفي)
  • ماهي التيارات داخل الجماعة أو الحزب؟
  • كيف تتعامل الجماعة مع السلطة الحاكمة.
  • كيف تتعامل الجماعة مع الشعب والفئات المحكومة.
  • الفجوة بين النظرية والتطبيق في الممارسة السياسية للجماعة أو الحزب.
  • بيئة الجماعة المحلية والإقليمية والعالمية.
  • أهداف الجماعة.
  • الفشل والنجاح في تقييم عمل الجماعة أو الحزب.

من الذين طبقوا هذا المنهج الباحث إسلام موسى في رسالته للماجستير في جامعة الأزهر بغزة بعنوان الجماعات المسلحة في سيناء ، وكذلك الباحث ابراهيم أبو سعادة الذي تناول في رسالة الماجستير بجامعة الأزهر بغزة الفكر السلفي الجهادي.

ويمكن تطبيق هذا المنهج على الجماعات الرسمية وغير الرسمية والجماعات المسلحة والجماعات الإرهابية والأحزاب السياسية والنقابات المهنية وجماعات المصالح والقبائل والعشائر…الخ. والجماعات المؤقتة والدائمة.

منهج تحليل الجماعات والأحزاب السياسية

تعتبر دراسة الأحزاب السياسية باعتبارها أحد متغيرات العملية السياسية – من أهم مباحث علم السياسة ، وينبع ذلك من سببين:

أولهما : أن وجود التنظيمات الحزبية يعتبر أحد خصائص النظم السياسية الحديثة سواء اتخذت شكل الحزب الواحد أو تعدد الأحزاب بمعنى أن الجماعات السياسية التي لم تعرف الظاهرة الحزبية غالبا ما تكون في مرحلة بدائية من تطورها السياسي .

ثانيهما : أن هناك اتجاها فكريا يربط بين الأحزاب والنظام الديمقراطي وتعرف الديمقراطية بأنها حكومة تعدد الأحزاب ويعتبر غياب التعدد الحزبي دليلا على عدم ديمقراطية النظام السياسي.

وتثير دراسة الأحزاب العديدة من الأسئلة حول سبب نشأة الأحزاب ووظيفة الأحزاب في النظام السياسي ،وهل من الممكن صياغة نظرية عامة عن الأحزاب مثلما حاول العالم الفرنسي موريس ديفرجية ، وما هو دور الحزب في النظام الديمقراطي ، وما هو أساس التنظيم الحزبي : التقارب الأيدلوجي الفكري أم التجمع التنظيمي بالدرجة الأولى ، وما هو نوع التنظيم الداخلي للحزب ونوع العلاقات السياسية القائمة بداخله وهل يعكس ذلك ظروف نشأة الحزب أم الأيدلوجية التي يلتزم بها أو المصالح التي يعبر عنها. كل هذه التساؤلات تحاول الدراسة العلمية للأحزاب أن تجيب عليها.

وإذا حاولنا في البداية التعريف بمفهوم الحزب يمكن القول بان الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع تذكر عادة ثلاثة مقومات أساسية .

  1. وجود تنظيم له صفة العمومية والدوام بمعنى انه يوجد على المستوى القومي والمحلى مع توافر شبكة للاتصالات بين مختلف مستويات التنظيم وأن يعيش التنظيم لمدة أطول من متوسط عمر الإنسان .
  2. رغبة عناصر الحزب وقياداته في الوصول إلى السلطة السياسية والحكم وليس مجرد التأثير على صنع القرار السياسي .
  3. سعى التنظيم إلى الحصول على التأييد الشعبي وإقناع المواطنين بخطه السياسي بناء على برنامج وأولويات محددة .

وفى الحقيقة انه يجب استبعاد المقوم الأول من هذه العناصر الثلاث من آي تعريف علمي دقيق للحزب فتوافر التنظيم على المستوى القومي والمحلى ليس شرطا لوجود الحزب فهناك أحزاب سياسية لم تكن تمتلك هذا التنظيم الدقيق ,ومن ناحية أخرى ,فهناك جماعات للمصالح يمكن أن تمتلك هذا التنظيم دون أن يؤهلها ذلك لصفة الحزب السياسي، ومن ناحية ثالثة فان استمرار التنظيم لمدة تزيد على متوسط عمر الإنسان يستبعد دون مبرر التنظيمات الحزبية قصيرة الأجل وان كان ذلك لا ينفى أهمية وجود شكل للحزب .

العنصر الحاسم في تعريف الحزب هوانه يسعى إلى الوصول إلى الحكم والاستيلاء على السلطة السياسية لتنفيذ برنامجه ، وليس مجرد التأثير أو الضغط ، وهذا هو الفارق الأساسي بين الحزب السياسي وجماعات المصالح .

تحليل نشأة الأحزاب السياسية

إذ نظرنا إلى الأحزاب كمتغير تابع يمكن القول إن ظهور الأحزاب السياسية يرتبط ببلوغ النظام السياسي درجة معينة من النضج والتعقيد أو بالأحرى درجة معينة من النمو السياسي وذلك عندما تزداد وظائف النظام السياسي وضوحا وتعقدا وتتشابك مؤسساته ، وتبرز ضرورة مساهمة المواطنين السياسية . ويمكن القول بأن هناك نوعين من النظريات لتفسير نشأة الأحزاب:

(1)النظريات المؤسسية institutional Theories   أو البرلمانية :

وترتبط نشأة الأحزاب بتطور البرلمانات والتوسع في حق الاقتراع العام وبروز الأنظمة الديمقراطية ، ويعد هذا الرأي من أكثر الآراء شيوعا في دراسات الأحزاب ويرتبط بأسماء ماكس فيبر وموريس ديفرجيه وروبرت مشيلز .

النوع الأول : هو الأحزاب الذي ظهرت في إطار البرلمانات ومن خلال نشاطها نتيجة تكتلات ترابط أصحاب الآراء المتوافقة أو المتشابهة من شكل كتل برلمانية أو أجنحة تشريعية تحولت فيما بعد إلى أحزاب وتقع اغلب أحزاب القرن التاسع عشر في إطار هذه النشأة وبالذات الأحزاب اليمينية والمحافظة .

النوع الثاني : وهو ظهور الأحزاب خارج إطار البرلمان ويمكن تحديد الأصول غير البرلمانية لهذه الأحزاب فيما يلي :

  • أصول تنظيمية وطبقية سابقة على التنظيم الحزبي كالنقابات لعمالية والاتحادات والتعاونيات الزراعية .
  • أصول تنظيمية فكرية غير مئوية وغير طبقية بشكل مباشر مثل الجمعيات الفكرية والصحف والنوادي الأدبية .
  • أصول اقتصادية مثل الاتحادات الصناعية والتجارية والمصرفية ونوادي رجال المال .

( 2) نظريات الموقف التاريخي Historical Situation Theories   :

وترتبط بمفهوم الأزمات التي تتعرض لها النظم السياسية في انتقالها من التقليدية إلى الحداثة وترى هذه النظريات أن نشوء الأحزاب يرتبط بوجود هذه الأزمات وكرد فعل لها ويثار في هذا الإطار عادة ثلاث أزمات رئيسية : أزمة الشرعية، وأزمة المشاركة ، وأزمة التكامل .

  1. ويقصد بأزمة الشرعية عجز المؤسسات السياسية القائمة في مجتمع ما على التعامل مع التغيرات الناشئة والمطالب المتزايدة ، الأمر الذي يخلق إحساسا بعجزها وعدم قدرتها على الاستجابة للظروف الجديدة وقد نشأت العديد من الأحزاب الجماهيرية في كل من أوروبا والبلاد المتخلفة في إطار أزمة الشرعية .
  2. أما أزمة المشاركة فيقصد بها ظهور جماعات جديدة رغب في الإسهام السياسي والأمر الذي يفرض ضرورة توفير قنوات الاتصال اللازمة والضرورية لتحقيق ذلك ومن ثم تنشأ الأحزاب تحقيقا لهذه الغاية.
  3. وأخيرا فان ظهور الأحزاب قد يكون تعبيرا عن أزمة التكامل القومي أو الاجتماعي في الدولة ، ففي الهند قبل الاستقلال مثلا كان ظهور حزب الجماعة الإسلامية تعبيرا عن ذلك كما هو حال عديد من الأحزاب التي تسعى للانفصال في البلاد المتخلفة ، ويؤثر ذلك على نمط النظام الحزبي ، ففي بعض البلاد تصبح المنافسة الحزبية تعبيرا عن الانقسامات السلالية أو الإيديولوجية في المجتمع. .
  • هذه النظريات تساعدنا بلا شك في فهم ظروف نشأة بعض الأحزاب ولكنها غير كافية ، فالنظم السياسية عرفت هذه ألازمات في الماضي دون وجود الأحزاب .
  • كما إن هذه الأزمات لم تؤد بالضرورة إلى نشأة الأحزاب في كل البلاد التي تعرضت لها .

 

تحليل الحزب كمتغير في العملية السياسية

يمكن أن ننظر إلى دور الحزب في العملية السياسية من ثلاث زوايا :

الحزب كمتغير متداخل INTERVENING VERITABLE وكمتغير تابع   DEPENDENT وكمتغير مستقل independent

  1. فبالنسبة للدور الأول يكون الحزب بمثابة حلقة وصل بين الحاكم والمحكوم ، بين بناء ومؤسسات السلطة من ناحية والجماعة السياسية من ناحية أخرى .
  2. اما الدور الثاني للحزب كمتغير تابع فان الشكل والتنظيم الذين يتخذهما الحزب يعتمدان على طبيعة الإطار السياسي والاجتماعي بصفة عامة بمعنى :
  • طبيعة الثقافة السياسية وشكل الحكومة
  • ومدى الانقسامات السلالية أو اللغوية في المجتمع
  • والقوانين التي تنظم وجود الأحزاب وحركتها ،
  • وأخيرا فان الحزب ليس مجرد حلقة وصل بين الحكومة والجماعة السياسية او مجرد انعكاس في الإطار السياسي والاجتماعي بل يعبر الحزب في بعض الأحيان عن ” ثقافة تابعة ” متكاملة integrated sub- culture بمعنى ان يكون الحزب تعبيرا عن جماعة سلالية ولغوية ومهنية وبهذه الصفة يمكن ان يكون مصدرا وأساسا للعديد من التصرفات التي تؤثر في شكل المجتمع والنظام السياسي كما انه في النظم السياسية التي لا تعترف إلا بحزب سياسي واحد يقوم الحزب فيها بدور محوري في الحياة السياسية والاجتماعية ويصبح متغيرا أصيلا يؤثر في كل من الحكومة والمجتمع تبعا لبرنامج الحزب وسياسته .

ويعرض “دافيد أبتر” David Apter لدور الأحزاب في العملية السياسية من زاوية دورها في تحقيق التكامل ، فالتحليل السياسي يدور حول العلاقة بين المجتمع من ناحية ، والجماعات القائمة فيه كالأحزاب وجماعات المصالح من ناحية ثانية والحكومة من ناحية ثالثة وكيف يرتبط بعضهم ببعض. ومن هنا تثار قضية التكامل البنائي والأيدلوجي ويقصد بالتكامل البنائي سد الهوة بين الصفوة والجماهير، وبين الحضر والريف من خلال تطوير علاقة سياسية ورابطة سياسية وثيقة ويقصد بالتكامل الأيدلوجي إيجاد الولاء لمجموعة موحدة من القيم والمعتقدات والرموز السياسية وتقوم الأحزاب بدور أساسي في تحقيق التكامل على المستوي البنائي والأيدلوجي من خلال خلق إطار تنظيمي يسمح للأفراد بالمشاركة السياسية، وغرس قيم احترام قواعد اللعبة السياسية والعمل من خلالها وفي إطارها.

وظائف الأحزاب السياسية

على ضوء ما تقدم يمكن تحديد وظائف الأحزاب السياسية فيما يلي :

  1. الحزب كإطار للحركة السياسية والمشاركة السياسية : الحزب يقدم للمواطن أداة وطريقة لتنظيم نفسه مع الآخرين الذين يشاركونه الرأي أو الفكر أو العقيدة السياسية وتجميع أنفسهم للممارسة التأثير على السلطة السياسية ومن ثم يصبح الحزب أحد قنوات الاتصال بين الحاكم والمحكوم واحد الأدوات التي تمكن المواطنين من المشاركة والإسهام في الحياة العامة ومن ثم فان الحزب هو إطار للحركة وأداة للمشاركة وأداة للاتصال السياسي . كما يبرز دوره في البلاد النامية كأداة لتحقيق التضامن الاجتماعي والتكامل القومي.
  2. الحزب كأداة لتجميع المصالح : ويعبر البعض عن هذه الوظيفة بعبارات أخرى مثل القول بدور الحزب كمعبر عن القضايا والمصالح أو الحزب كمحدد لأولويات القضايا العامة ، ويقصد بذلك ان الحزب يقوم بعملية تجميع المصالح المختلفة التي عبرت عنها جماعات المصالح او قوى الضغط في سياسات عامة منسقة ، ويضع أولويات لهذه المصالح والسياسات وتقوم الأحزاب بأداء هذه الوظيفة بغض النظر عما ا ذا كان النظام السياسي يقوم على أساس الحزب الواحد او تعدد الأحزاب .
  3. الحزب كأداة للتنشئة السياسية :بمعنى أن الحزب يقوم بوظيفة تعليمية وتثقيفية تتضمن غرس قيم معينة وتأكيدها على حساب قيم أخرى وتغير أنماط الثقافة السياسية السائدة وقد يتم ذلك بشكل مقصود او كنتيجة غير مقصودة لبرامج التحديث وتزداد أهمية هذا الدور في بلاد الحزب الواحد او الأحزاب ذات الاتجاه الأيديولوجي التي تسعى لتعليم أعضائها ونشر الأيدلوجية الخاصة بها .
  4. الحزب كأداة للتجنيد السياسي : يقوم الحزب بوظيفة تجنيد وإعداد القيادات السياسية في المجتمع فهو يجند القادة المحتملين ويقدم طريقة سلمية لتغير القيادات وإحلالها من خلال العملية الانتحابية في نظم تعدد الأحزاب. أما في بلاد الحزب الواحد فالحزب هو مصدر القيادات للحكومة ومختلف المؤسسات السياسية .
  5. الحزب كأداة لإضفاء الشرعية : وتبرز هذه الوظيفة في بلاد الحزب الواحد عندما يكون الحزب هو مصدر الشرعية وأساسها كما يتم ذلك في نظم تعدد الأحزاب حيث يعتبر هذا التعدد هو إطار الحكومة الشرعية يكون المساس به إهدارا لشرعية النظام ككل .
  6. الحزب كأداة لصنع السياسة : ففي بلاد الحزب الواحد تكون أحد وظائف الحزب هي رسم السياسة العامة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية أو في قضايا السياسة الخارجية ويترك للأجهزة التنفيذية تطبيق هذه السياسة وفي النظم التعددية يقوم كل حزب بإعداد برنامجه الذي يصبح أساسا لسياسة الحكومة عند توليه السلطة ومصدرا للتشريع في الهيئة التنفيذية .
  7. الحزب كأداة تحديثية : ويبرز هذا الدور في البلاد المتخلفة حيث يعتبر الحزب أحد الأدوات الأساسية لعملية التحديث السياسي او التنمية السياسية ومواجهة الأزمات المترتبة عليها وتقديم البرنامج والمثل الأعلى للتطور السياسي في هذه البلاد .

تحليل ومنهج تصنيف الأحزاب السياسية

هناك محاولات عديدة لتصنيف الأحزاب :

  1. فالبعض يميز بين أحزاب الصفوة أو الكادر وأحزاب الجماهير .
  2. والبعض الآخر يميز بين أحزاب أيديولوجية وأخرى براجماتية أو عملية .
  3. والبعض الثالث يميز بين الأحزاب تبعا لشكل تنظيمها . ويمكن عرض أهم الاتجاهات المتعلقة بتصنيف الأحزاب من حيث معيار التصنيف فيما يلي :

  1. شكل العضوية : فالحزب هو أداة وصل بين المواطن والنظام السياسي ومن ثم تركز بعض الدراسات على علاقة الحزب بأعضائه وكيف يرتبط الحزب بالمجتمع من خلال الأعضاء :
  • بمعنى هل يهتم الحزب بحياة الأعضاء وينظم حياتهم بشكل فعال (حزب جماهيري) ام انه يركز على القيادات ولا يسمح إلا بعلاقة سلبية أو ضعيفة مع أعضاء (حزب صفوة) وينعكس ذلك على شك التنظيم الحزبي .
  • فالتمييز بين الحزبين بمعنى أعضاء الحزب المنتظمين والمؤيدين الذين يشعرون بالتعاطف مع أفكارهم ومبادئهم .
  • ومدى وجود فروع ووحدات للحزب على المستويات القاعدية ويرتبط بذلك أيضا التمييز بين أحزاب ذات بناء عضوي مباشر تقوى على الانضمام الفردي، والأحزاب ذات البناء غير المباشر كحزب العمال البريطاني التي تسمح بعضوية أجماعية من النقابات والتعاونيات والاتحادات المختلفة .

  1. الالتزام الفكري فيميز البعض بين أحزاب أيدلوجية ويقصدون بها على وجه التحديد الأحزاب الاشتراكية والراديكالية عموما والشيوعية خصوصا والأحزاب والجماعات الإسلاموية أو الإسلامية ، وأحزاب براجماتية عملية بمعنى تلك التي تسعى إلى التغيير او الإصلاح من خلال منظور عملي . وفي الحقيقة يمكن انتقاده فالأحزاب البراجماتية تنطلق من افتراضات معينة بخصوص الإنسان والمجتمع وطبيعة التغير المنشود ،فهي قد لا تمتلك أيدلوجية متكاملة يمكن الإعلان عنها ولكن ذلك لا يعني أنها لا تنطلق من عدد من المسلمات الفكرية والنظرية . كذلك فان الالتزام بأيدلوجية ما لم يمنع الحزب من القيام بمساومات أو ائتلافات بين الأحزاب المختلفة ويمكن ا لنظر على سبيل المثال الى تجربة كل من الحزب الشيوعي الايطالي والفرنسي .
  2. الصفات التنظيمية للحزب: بمعني التركيز على النواحي التنظيمية والتطورات المرتبطة بذلك في داخل الحزب مثل :-
  • دور القيادة وطريقة اختيارها.
  • ومدى مركزية صنع القرار السياسي.
  • وقوة القيادة إزاء الأعضاء .
  • ومدى قدرتها على توقيع عقوبات على الأعضاء .
  • ودور بيروقراطية الحزب وعلاقة الحزب بجناحه البرلماني. ويرتبط بذلك قضية المركزية الديمقراطية والعلاقة بين مستويات الحزب المختلفة، ومدى حرية الحركة المتاحة لكل مستوى تنظيمي ومدى قدرة المستويات الأدنى على مخالفة أو تعديل التوجيهات الصادرة عن مستوى تنظيمي أعلى .

تحليل القانون الحديدي للأوليجاركية وللأحزاب والجماعات The Iron Law of Oligarchy

ا يثير ذلك آراء روبرت مشيلز Robert Michels التي أوردها في مؤلفه عن الأحزاب السياسية والذي درس فيه عدد من الأحزاب الاشتراكية -وبالذات الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني- قبل الحرب العالمية الأولى والذي وصل فيه إلى ما أسماه بالقانون الحديدي للاوليجاركية ومؤداه أن هناك اتجاه عام في الأحزاب -وكل التنظيمات الكبيرة- نحو نمو جهازها الإداري الأمر الذي يمنع فرص وجود ديمقراطية حقيقية بداخلها، ويجعل لقادتها مصالح متعارضة بالضرورة مع مصالح الجماهير وأعضاء الحزب بغض النظر عن الأيدلوجية التي تعلنها هذه الأحزاب .

ورغم ذلك ممكن انتقاد أراء روبرت مشيلز كالأتي:

  1. أن مشيلز لم يعرف مفاهيمه عن الأوليجاركية والتنظيم بدقة .
  2. وأنه خلط بين القانون الحديدي للبيروقراطية والقانون الحديدي للاوليجاركية .
  3. وإن دراسته محددة بحالة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني ويصعب التعميم على أساسها.

منهج تصنيف النظم الحزبية

يجب التميز بادئ ذي بدئ بين تصنيف الأحزاب وتصنيف النظم الحزبية ، فالأحزاب يمكن أن تصنف كما رأينا تبعا لمعيار شكل العضوية ، والصفات التنظيمية ، والالتزام الأيديولوجي ، ولكن النظام الحزبي يشير إلى شكل وأنماط التفاعل التي تقوم بين الأحزاب والعلاقات القائمة بينهما.

الدراسات السياسية المعاصرة تميز أساسا بين نظم حزبية تنافسية ونظم حزبية غير تنافسية :

  1. النظم الحزبية التنافسية : تضم هذه الفئة نظم تعدد الأحزاب أو الحزبين ويمكن التميز في إطارها بين عدد من التصنيفات الفرعية فهناك نظم تعدد الأحزاب مستقرة (سويسرا والدول الاسكندينافية) ونظم تعدد أحزاب غير مستقرة (إيطاليا ، وفرنسا خلال عهد الجمهورية الرابعة ). كما أن هناك نظام حزبين ثابت الولايات المتحدة الأمريكية ونظام حزبين متغير (المملكة المتحدة وصعود حزب العمال على حزب الأحرار)، وهناك نظم حزبية تقوم على احتمال تغير الحزب الحاكم (المملكة المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية) ونظم أخرى توفر سيطرة حزب واحد لمدة طويلة (الولايات لمتحدة في فترة 1932 – 1952 وهي فترة الحكم الحزب الديمقراطي أو الهند حيث يحكم حزب المؤثمر منذ 1947 والمكسيك حيث يحكم حزب المؤسسات الثورية منذ 1928).
  2. النظم الحزبية غير التنافسية : ويقصد بذلك أن الجماعة السياسية لا تعرف سوى تنظيما سياسيا واحدا ويمكن التمييز في هذا المجال بين نمطين من هذه الأحزاب أولهما تجربة الحزب الواحد في الاتحاد السوفيتي السابق ودول شرق أوروبا (سابقا) ويسميه البعض حزب النظام OEDER PARTY ويتميز بأنه حزب صفوة ، لا يضم سوى العناصر الطليعية ويقوم على أساس الديمقراطية المركزية ، ويلتزم بأيدلوجية متكاملة ، وثانيهما خبرة الحزب الواحد في البلاد الآسيوية -الأفريقية ويسميه البعض بحزب التضامن SOLIDARITY PARTY ويتسم بطابعة الجماهيري وانه أداة الوحدة الوطنية ، وانه في التحليل الأخير يعبر عن أوضاع النظم السياسية في البلدان المتخلفة وهي تواجه أزمات التحديث.
  3. وتضيف بعض الدراسات نموذجا ثالثا وهو نظام الحزب القائد ، ويقصد به وجود جبهة وطنية تكون القيادة فيها واضحة ومركزة في أحد الأحزاب (مثل الوضع في سوريا اليوم، والعراق سابقا) ، ووجود منهاج يوضح أسس التحالف ودرجة المساهمة في المسؤوليات لكل حزب ويختلف نظام الحزب القائم عن نظام الجبهة الوطنية في أمرين :
  • إن هذا النظام يسمح بتميز واضح لأحد الأحزاب من حيث القيادة والتخطيط .
  • إن قيام الجبهة لا يتعارض مع وجود أحزاب أخرى خارجها تنشط سياسيا وتدافع عن آرائها ، ولكن نظام الحزب القائد يقوم على أساس عدم إعطاء حرية العمل السياسي لغير الأحزاب المنخرطة في الجبهة .

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى