أخبار ومعلومات

هذه الدول يمكن أن تقوم بوساطة بين الجزائر والمغرب

يعطي الباحث الجزائري المتخصص في شؤون المغرب العربي، في هذا الحوار، قراءة في المشهد بالمنطقة، في ضوء قرار الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط. ويشرح الأسباب التي دفعت الجزائر إلى اتخاذ هذه الخطوة، ويذكر الدول التي يمكنها أن تؤدي وساطة لطي الأزمة بين محوري المنطقة المغاربية.

كيف تقرأ قرار الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب؟ وفي أي سياق تضع هذا الحدث؟

لا يمكن أن نفاجأ بما جرى قياسا إلى التدهور الذي عاشته مؤخرا العلاقات بين البلدين. قرار الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب هو الذروة التي وصل إليها الانزلاق والتوتر بين البلدين، وهذا منذ عدة أشهر.

لقد حاولت الرباط الاستفادة من أزمة الجزائر السياسية، بالتكثيف من نشاطها الدبلوماسي منذ الانخراط من جديد في الاتحاد الإفريقي عام 2017، فاتخذت قرارات أحادية أثارت دوما استياء الجار، كان الهدف منها تعزيز وزنها في المنطقة، وفرض أمر واقع بخصوص الصحراء الغربية.

الانزلاق نحو التوتر بدأ بعودة المواجهات في القرقرات بين القوات الملكية المغربية والبوليزاريو. وقع ذلك على إثر تموقع الجيش الملكي في منطقة وقف إطلاق النار. بعدها، تدهورت العلاقات إثر الاعتراف بمغربية الصحراء الغربية (من طرف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب)، ثم التطبيع بين المغرب وإسرائيل. هذه التطورات أثارت حفيظة القادة الجزائريين. ووجد هذا الانزلاق نحو التوتر ترجمة في تصريحات السفير المغربي بالأمم المتحدة، عمر هلال، وما اعتبره حق تقرير المصير لـ”شعب القبائل”، خلال اجتماع وزراء خارجية دول عدم الانحياز في 13 و14 جويلية الماضي.

وما زاد في تسميم العلاقات الثنائية، قضية الجوسسة بواسطة برنامج بيغاسوس، وتصريحات وزير خارجية إسرائيل، ياعير لابيد، التي استهدفت الجزائر. لقد أثار ذلك غضب الجزائريين الذين رأوا فيه استفزازا من طرف بلد جار، لا يمكن السكوت عنه. آخر فصول التوتر، الجزائر تتهم الرباط بأنها وراء الحرائق التي التهمت منطقة القبائل في الأيام الأخيرة.

هل يمكن القول إن مشروع بناء المغرب العربي انتهى بعد هذا التطور اللافت في العلاقات بين أكبر بلدين بالمنطقة؟

ألحقت التطورات الأخيرة على صعيد العلاقات بين الجزائر والمغرب، وما أفضت إليه من قطع العلاقات الدبلوماسية بين دولتين محوريتين في المنطقة، ضربة قاصمة بمشروع اتحاد المغرب العربي.

إن التطبيع بين الرباط وتل أبيب من شأنه أن يحدث عقبة إضافية في طريق وحدة دول المغرب العربي على المدى البعيد، خاصة أن بقية دول المنطقة تبقى داعمة للقضية الفلسطينية وترفض التوقيع على اتفاقيات التطبيع.

زيادة على هذا، وجبت الإشارة إلى الاهتمام المتزايد لدول المغرب العربي بالالتحاق بمناطق التبادل الحر الإفريقية، مثل مجموعة دول غرب إفريقيا، ما يحتمل إبعادها عن مشروع اتحاد المغرب العربي الذي يعاني من التوترات التي أشرت إليها.

في المقابل، لا يمكنني أن أكون جازما في مسألة وفاة اتحاد المغرب العربي. يجب التذكير بأن العلاقات بين الجزائر والمغرب لم تكن قوية عند إطلاق المشروع في 1989. فحرب الرمال 1963 ومعركة امقالا 1976 تركتا آثارا على العلاقات الثنائية، لكن ذلك لم يمنع من تطبيعها فيما بعد كتوطئة لمشروع الوحدة المغاربية. ومن دروس التاريخ الحديث أيضا، أن فظائع الحرب العالمية الثانية لم تحل دون توحيد الدول الأوروبية. المحصلة، أن مشروع الوحدة المغاربية سيبقى مجمدا لسنوات أخرى.

الرباط قالت إن قرار قطع العلاقات “كان متوقعا بالنظر إلى منطق التصعيد” من جانب الجزائر… ماذا تفهم من رد الفعل المغربي؟

الرباط تتهم بدورها الجزائر بأنها وراء التوترات بين البلدين. إنها تعتبر دعم الجزائر لجبهة البوليزاريو التي تطالب بتقرير المصير، المكرس من طرف لوائح الأمم المتحدة، بمثابة عمل عدائي ضدها. والمخزن يعتبر عودة المواجهة في القرقرات بأنها مناورة جزائرية.

يضاف إلى هذا، قرار رئاسة أركان الجيش الجزائري تعزيز المراقبة الأمنية في الحدود بين البلدين. يندرج هذا طبعا في إطار الاستراتيجية الاتصالية للمغرب، الهادفة إلى إلقاء مسؤولية تردي العلاقات الثنائية على الجزائر، على الرغم من أن الرباط لم تبحث أبدا عن تخفيف التوتر عندما طالبتها الجزائر بتوضيحات حول تصريحات سفيرها بالأمم المتحدة، ولا عندما تعلق الأمر بتصريحات الوزير الإسرائيلي على أرضها.

مراقبون يعتبرون أن تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي ضد الجزائر، انطلاقا من المغرب الذي زاره منذ أسابيع قليلة، كانت السبب الرئيسي في اتخاذ القرار. ما رأيك؟

صحيح. إذا كان التنافس بين الجزائر والمغرب ليس جديدا، فتصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي التي تناول فيها تقاربا بين الجزائر وإيران، كانت لها أبعاد ثقيلة، خاصة من حيث نتائجها التي تتمثل في وضع الجزائر على لائحة الدول المرفوضة، خاصة، من طرف الولايات المتحدة. هذه التصريحات صعدت من التنافس بين الجزائر والمغرب إلى مستوى أعلى، وهذا ما عزز القلق لدى الجزائر إزاء تواجد إسرائيل على حدودها: دولة معادية لكل بلد يدعم القضية الفلسطينية ويرفض تطبيع علاقته معها. الرباط بدورها، تبحث عن عزل الجزائر في الأمم المتحدة وإضعاف دعمها القوي للصحراء الغربية.

ما هي الدول التي يمكن أن تؤدي وساطة بين الجزائر والمغرب لإعادة العلاقات بينهما؟ وهل ذلك ممكن؟

تتمتع فرنسا بعلاقات جيدة مع البلدين. يمكن لباريس أن تلعب دورا هاما ضمن وساطة. لكن عليها أن تتعامل بحذر شديد إذا عرضت وساطتها، بالنظر لحساسية الملف في فرنسا. مصر يمكنها عرض وساطة لإجراء محادثات بين الدولتين، خاصة أن الجزائر لعبت مؤخرا دورا إيجابيا في أزمة سد النهضة، التي تجمع مصر وإثيوبيا والسودان. الاتحاد الإفريقي أيضا من مصلحته التدخل لمصلحة عودة العلاقات بين الجزائر والمغرب، قياسا إلى الشروخ التي يمكن أن تحدث بداخله. كما أن روسيا يمكنها أداء دور سري في هذا المجال، بالنظر للتقارب بينها وبين الجزائر.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى