أخبار ومعلومات

هل تعرض الحكومة مخطط عمل “رياضيات” أو مادة إنشاء؟

بقلم ح. سليمان – جريدة الخبر

ظلت البرامج التي عرضتها الحكومات السابقة على البرلمان توصف من قبل النواب والخبراء الاقتصاديين بأنها برامج عامة تفتقد للأرقام والدقة المطلوبة ولا تحدد فيها آجال للتنفيذ ، وبالتالي تبقى الالتزامات المقدمة مجرد وعود، فهل سيتم تدارك هذه النقائص مع الحكومة الجديدة، خصوصا وأن الوزير الأول يمسك بيده حقيبة وزارة المالية ويفترض أنه متعود على لغة الأرقام وعمليات الحساب؟.

تعكف حكومة ايمن عبد الرحمان على وضع الروتوشات الأخيرة عن مخطط عمل الحكومة الذي سيعرض للنقاش والمصادقة من قبل غرفتي البرلمان في غضون الايام المقبلة، مثلما ينص عليه الدستور. فهل ستكون النسخة المقدمة هذه المرة من قبل الوزير الأول مختلفة عن نسخ الحكومات السابقة، من خلال تحديد الأهداف وكيفية الوصول اليها والأموال التي يجب توفيرها لذلك وكذا توضيح بدقة أجال التنفيذ، أم أن حكومة أيمن بن عبد الرحمان لن تختلف في شىء عن سابقاتها، في حشو مخطط عمل الحكومة بوعود عامة واعتماد لغة انشائية دون ذكر أي أرقام ولا تحديد الآفاق التي ينتظر بلوغها خلال العهدة الرئاسية، بالنظر الى أن الحكومة ستطبق برنامج الرئيس؟.

لقد ظل نواب العهدات السابقة بمعية المختصين في المجال الاقتصادي ، يشتكون من غياب الدقة والأرقام في مخططات عمل الحكومات السابقة دون استثناء، التي كان يغلب عليها الطابع الانشائي، بحيث يهمل فيها العديد من الشروط الواجب توفرها في أي برنامج انتخابي، وخصوصا ما تعلق بتحديد بدقة أجال الانجاز والموارد المالية المطلوبة. وكانت المناقشات على قلتها، خصوصا من قبل المعارضة، تتهم الحكومات بتفادي استعمال لغة الأرقام، للتهرب من المراقبة والحساب، وهو ما ساهم بالفعل في رحيل كل الحكومات في العشرية الماضية، دون تقديمها لبيان السياسة العامة المنصوص عليه “وجوبا” في الدستور .

يفترض أن الوزير الأول الذي عكس نظرائه السابقين، يحمل في حقيبته وزارة المالية أيضا، وهو ما لم يكن متوفرا لسابقيه، مما يفرض أن يكون مخطط عمل حكومته أكثر نضجا ودقة في مختلف جوانبه، كما أن أيمن بن عبد الرحمان التكنوقراطي يفترض تحكمه في لغة الأرقام أكثر من سابقيه في قصر الدكتور سعدان، وعلى اطلاع عن قرب بالوضعية المالية للبلاد، وهي معطيات تدفع للاعتقاد بأن مخطط عمل حكومته، سيكون أكثر تفصيلا بلغة الأرقام ومحددة التزاماته زمانيا. فهل ستصدق هذه التوقعات على مخطط عمل الحكومة المقبل؟ .

كانت الحكومات السابقة تقدم نسبة نمو في مخطط عملها، دون تحديد القطاعات الاقتصادية المعول عليها في تحقيق ذلك ولا ميزانية التجهيز التي تفرضها، وهي المعطيات التي يتعين على الوزير الأول توضيحها بدقة في مخطط عمله، وهو نفس الأمر بالنسبة لقيمة الدينار واحتياطات الصرف والمديونية الداخلية والخارجية. كما ينبغى تقديم أرقام دقيقة بشأن الجباية، كم تبلغ قيمتها الحقيقية؟ بالنظر لتواجد منها 7000 مليار دينار غرامات صدرت من محاكم طوال سنين لن يتم تحصيلها، و1900 مليار دينار عبارة عن جباية كانت ستدفع من مؤسسات عمومية حلت.

كما ينتظر أن يقدم الوزير الأول في برنامج حكومته، الوضعية بشأن القروض الممنوحة للمؤسسات العمومية الاقتصادية، للوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب وكذا تلك التي استفاد منها رجال أعمال وأرباب عمل خواص، وأيضا الديون التي لم ترد الى خزينة البنوك والخزينة العمومية. ويأمل الجزائريون كذلك معرفة من يحدد سعر الدينار، هل سوق العملة بالسكوار أم بنك الجزائر، ومنهم المستفيدون من القروض بالعملة الصعبة سواء كانت مؤسسات عمومية أو خاصة أو مستوردون خواص، خصوصا بعدما أعلن رئيس الجمهورية مؤخرا في أحد حواراته، أن 50 شخصا يستحوذون على الاستيراد من الخارج .

ومطلوب أيضا من الوزير الأول، من خلال مخطط عمل حكومته، وضع النقاط على الحروف بشأن المشاريع المنجزة وتلك في طور الانجاز والمبرمج انجازها في المستقبل وكذا الميزانيات المرصودة لها ومكاتب الدراسات المكلفة بمتابعتها، وفوق هذا وذاك، مخطط عمل الحكومة مدعو ليقدم أجوبة دقيقة حول حقيقة الدعم الاجتماعي الذي يستعمل كشماعة لوقف المطالب الاجتماعية، وحقيقة الأجور الممنوحة وتماشيها مع مستوى التضخم، والمقاييس المعتمدة في فرض الرسوم والضرائب بين المواطنين والمؤسسات العمومية والخاصة والتجار ومستوردو الحاويات …

هذه الأسئلة وغيرها هل ستجد أجوبة دقيقة عنها في مخطط عمل الحكومة، أم ستبقى دار لقمان على حالها، وسيستمر نفس الحكومات على خطى سابقيها، رغم النتيجة التي انتهوا اليها في قضايا الفساد؟.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى