الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء
تعتبر منطقة الساحل والصحراء إحدى أهم المناطق الضعيفة بنيوية والمختلة أمنيا بسبب عدة عوامل وظروف حالية وتاريخية، حيث أنها كانت مستعمرات أوربية ورئت حملا ثقيلا من الأزمات من تلك الفترة، بالإضافة إلى المشاكل المستحدثة بعد ذلك على تأخر التنمية والأزمات الداخلية والإثنيات المتصارعة والأزمات الإجتماعية من فقر وأمراض، والوضع الأمني المتدهور الذي كان السبب المباشر في عدم الاستقرار وظهور تبعات سلبية على تلك الدول وشعوبها. قالأمن هو المتغير المؤثر في جميع المتغيرات الأخرى حيث لا ديمقراطية بلا أمن ولا تنمية كذلك، ولا قوة اقتصادية أو استثمار ۰۰۰. وسبب ذلك هو تحالف جماعات الجريمة المنظمة مع الجماعات الإرهابية، ناهيك عن تجارة السلاح والمخدرات وتجارة البشر وغور ذلك من الأزمات.
كان الساحل والصحراء منطقة تتقاطع فيها الحضارات والثقافات واللغات مما أهلها لتكون واحة سلام وتواصل والتقاء وجسرا رابطا بين الحضارتين الإفريقية والعربية… ولكن التناقضات والصراعات والحروب جعلتها تفع ثمن هذا الموقع، وصارت نقاط قوتها هي نقاط ضعفها حين تحول موقعها الجغرافي من جسر رابط بین الحضارات إلى موقع تحارب فيه الثقافات والإتنيات. وأصبحت المنطقة قضاء شاغرا وساحة حروب ونزاعات لا تنتهي… ومصدر قلق وخوف لأهلها وللعالم.
ويرجع ذلك إلى مزيج معقد من الأسباب والدوافع يتمثل أبرزها في الإرث الاستعماري، وازمة الهوية والاندماج الوطني، والكوارث الطبيعية، والثروات الهائلة التي ترقد في باطن أرضها، والتدخلات الأجنبية. ومشاكل الساحل والصحراء لا تتوقف عند إطارها المحلي بل هي ممتدة إلى خارج حدودها بفعل تداخل أراض المنطقة وعدم وجود حواجز طبيعية، ومن ضمن هذا الفضاء المتأثر نجد الجزائر كدولة حدودية مع ست دول من الساحل. ان موقع الجزائر الممتد في الصحراء التي تشغل الحيز الأكبر من مساحتها ووقوعها في نقطة تقاطع إستراتيجية بين شمال ووسط إفريقيا واطلالها بحنود چطويلة على شاطئ الساحل الإفريقي الذي يحتوي على جميع بذور النزاعات الموجودة في إفريقيا، تجعل الأمن القومي الجزائري منکشفا من هذه الجهة خاصة مع تسارع وتيرة التفاعلات التي تحدث فيها والتي تؤثر بطريقة مباشرة على الوضع في الجزائر، وللتطورات التي تأخذها هذه التفاعلات في كل مرة في ظل تخل فواعل خارجية بمشاريع تؤثر مباشرة على الأمن القومي الجزائري.
