دراسات سياسية

أدوار مجموعة الضغط كعامل مؤثر في القرار السياسي

يعتبر الحزب اليوم أداة تسمح للمواطن بالمشاركة في الحياة السياسية، كما يعتبر ممثّلًا لقسم من الرأي العام، بحيث يقوم بتنفيذ برنامج سياسي واجتماعي معيّن عن طريق الوصول إلى السلطة .

وقد أكّد معظم الباحثين أنّ وجود الأحزاب هو ضرورة تقضي بها طبيعة الأنظمة الديمقراطية النيابية .

وإذا كانت الأحزاب هي وسيلة فعالة تتيح للفرد المشاركة في الشؤون العامة أو ممارسة التأثير عليها وقد تؤثّر في غالب الأحيان على تحديد المسؤولية بالنسبة إلى تصرفات الحاكمين، إلّا أنّه يتبيّن عندنا تقصيرها في مجالات مختلفة، علاوة على انحيازها وتقوقعها في الطائفة. فالروابط الفاعلة في المجتمع اللبناني هي تلك الروابط العائلية والطائفية، التي صبغت الأحزاب بصورة خاصة، وأبعدتها عن دورها الوطني الشامل .

إنّ الأحزاب السياسية كثيرة في لبنان ولها قانون ينظّمها[1]، وإنْ تمكّنت من إثارة شيء من الوعي في نفوس المواطنين، إلّا أنّها أخفقت في تنظيم دورها الريادي في المجتمع على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. ولا بدّ من الإشارة إلى بروز دور الأحزاب في الانتخابات الأخيرة، التي حصلت في أيار 2018 في ظل القانون النسبي. فلو وُجد نواب في المجلس النيابي ينتمون إلى أحزاب، فهذا الانتماء الحزبي بشكل عام لم يكن السبب المباشر في الفوز، وربما كان العامل الشخصي أو المالي أو الطائفي من أهم العوامل المساعدة على الفوز.

“إنّ الأحزاب عندنا تنطلق من قواعد وطنية وأسس شعبية معدومة ، فنحن لا نملك أحزابًا تمثّل مختلف فئات الشعب اللبناني، أو أحزاب توحيدٍ وصهر واندماج، أو أحزابًا نضالية تحاول التغلغل في مختلف الطبقات لبثّ أفكارها، وتجنيد القوى الشعبية والسير في طليعتها من أجل تحقيق مطالبها”[2].

“جرت عدة محاولات لوضع قانون جديد للجمعيات والأحزاب، فلم يحالفها التوفيق. ولعلّ السبب يعود إلى رغبة الحكومات اللبنانية المتعاقبة في إدخال بعض القيود على القانون العثماني”[3].

وإزاء انحراف الأحزاب إلى الطائفة والطائفية، وعدم إمكانيتها تطوير مجالات مختلفة في المجتمع اللبناني[4]، يتمّ التساؤل حول ضرورة إيجاد مجموعات ضغط، تعمل على تأمين أهداف للمجتمع عجزت عنها الأحزاب القائمة.

لم يرد في القوانين اللبنانية أي تعريف لمجموعات الضغط ولم يحدّد بالتالي ما هو المقصود منها. أمّا المادة 13 من الدستور اللبناني في شقها الثاني فقد نصت على حرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات.

إنّ ما اتفقت عليه المدارس الفقهية هو أنّ هذه الجماعات تمارس وستمارس دورًا أكبر في الحياة السياسية، حسب المكان والزمان، وتمّ ربطها بالفترة الذهبية للرأسمالية وتطوّر وسائل الإنتاج. أمّا بالنسبة إلى الدور الذي ستمارسه، فهذا يعود بالطبع إلى العولمة التي أسهمت بدورها بتسهيل حركة انتقال هذه الجماعات على القارات كافة.

لا يكفي دراسة هذه الجماعات من خلال ماهيتها من أجل وضع تعريف لها، بل الأفضل دراسة وظائفها والنتائج التي استحصلت عليها. من هي هذه الجماعات؟ ما وسائلها واستراتيجياتها في العمل؟ وإلى أي مدى يستطيع تعاونها أو تنافسها على المصلحة العامة أن يكمل عمل الأحزاب؟ فربما تقوم بمهمة تصحيح الاعوجاج في الديمقراطية على غرار ما هو معتمد في البلدان الديمقراطية.

الإطار المفهومي لجماعات الضغط

1) تحديد المفهوم

إنّ أهمية جماعات الضغط ترتبط بالدور الفاعل الذي تؤديه داخل النظام السياسي للتأثير على قرارت السلطة من خارجها. فهي لا تسعى للوصول إلى السلطة، كما هو الأمر بالنسبة للأحزاب السياسية[5]، وإنّما لجعل قرارات هذه السلطة تتطابق مع أفكار الفئات التي تمثّلها ومصالحها[6]. بالإضافة إلى اعتبارها جرعة أوكسجين ضد السلطة.

وقد برز هذا النوع من الجماعات في الولايات المتحدة الأميركية، عن طريق ظاهرة اللّوبي[7]. وقامت هذه الفئات القادرة على التدخّل في السياسات العامة عبر التأثير في الانتخابات، بمنح الأموال وتأمين الدعم البشري للمرشحين الذين يؤيدون أهدافها وتوجّهاتها[8]. من هنا نرى العلاقة القائمة بين الجماعة الضاغطة من جهة، والليبرالية الديمقراطية من جهة أخرى. فهذه الجماعة تتحرّك بسهولة أكبر وبطريقة علانية ومباشرة في الأنظمة الديمقراطية، مستفيدة بذلك من مناخ الحريات السياسية والمدنية القائمة في هذه الأنظمة، أي إنّ الجماعة الضاغطة هي أحد مظاهر الديمقراطية الحديثة إذا صحّ التعبير.

إنّ اللّوبي هو جماعة تعمل من خلال التأثير على مصدر القرارات التي تتوزّع ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الحاكمة في البلاد، والتي تحدّد صلاحياتهما من قبل دساتيرهما، فيحدّد اللّوبي نقطة تركيزه اعتمادًا على مصدر اتخاذ القرار[9].

أخطر صورة تظهر فيها جماعات الضغط هي تلك الصورة المضلّلة التي تكون فيها مواقفها أوسع من أهدافها[10]. فتضلّل بذلك الرأي العام وتستغل المصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة[11]. نستخلص أخيرًا، التعريف التالي:”إنّ جماعة الضغط هي أي جماعة منظّمة، تحاول التأثير على السياسات والقرارات الحكومية، من دون محاولتها السيطرة على المراكز الرسمية للدولة، وممارسة أساليب القوة الرسمية من خلالها”.[12]

مهما تبدّلت الأسماء وتعددت، ففي النهاية يجب أن تضم هذه الجماعة العناصر الثلاثة:

-تجمّع يضم عدد من الأشخاص (جماعة منظّمة).

-عدم السعي للوصول إلى السلطة (الدفاع عن المصالح).

-السعي إلى التأثير على السلطة (ممارسة الضغط).

أ- الجماعة المنظمة

إنّ عنصر التنظيم ضروري جدًا لوجود الجماعة الضاغطة. فالتجمّع ليس مجرد مجموعة أشخاص يتكوّن منهم، إنّه كيان مستقل قائم بذاته ويؤثّر على تصرّفات الأفراد الذين يتشكّل منهم. ويعرَّف بكونه مجموعة تربط بينهم علاقات أكثر مما تربطهم بالآخرين، وهذه العلاقات ليست علاقات شخصية، فهي تُنشئ بين الأعضاء روابط من نمط آخر يعبّر عنها بالمصلحة المشتركة: مادية، إيديولوجية، إثنية، أو مهنية. وقد تتعلّق طبيعة الروابط ومستوى التفاعل بتحديد الجماعة. فتقوم الجماعة على مستوى عالٍ من التفاعل وهذا يعني التنظيم القوي والروابط المتينة الواعية لذاتها[13] مثل الاتحاد القومي للأسلحة(NRA)، والاتحاد القومي للوسطاء العقاريين(NAR)  في الولايات المتحدة الأميركية.

ب- الدفاع عن المصالح

مع أنّ تعبير الجماعة الضاغطة نشأ في الولايات المتحدة الأميركية، إلّا أنّ المؤلفين الأميركيين يفضّلون استخدام تعبير جماعة المصالح. وهذه الأخيرة لا تتحوّل برأيهم إلى جماعة مصلحة سياسية-اقتصادية أو جماعة ضاغطة، إلّا إذا حاولت التأثير على قرارات السلطة العامة[14].

إنّ مصطلح “مصالح” لا يدل على المصلحة المادية فقط، إنّما يشمل أيضًا المصلحة المعنوية. وقد ذكر Jean MEYNAUD في كتابه “جماعات الضغط”، أنّه بالإمكان تقسيم الجماعات إلى فئتين: الأولى تهدف إلى تحقيق مكاسب لأعضائها أو للحفاظ على المكتسبات وهي تنظيمات مهنية، والثانية تجعل من سبب وجودها الدفاع عن مواقف روحية وخلقية، أو عن قضايا محقّة. وهي تجمّعات ذات غايات إيديولوجية وهو يعترف أنّ هذه الفئة هي مبهمة ولكنّها مرنة. وهذا ما دفعه للتمييز بين جماعات المصالح وجماعات الأفكار[15].

ج- ممارسة الضغط

عملية الضغط والتأثير تميّز جماعة المصلحة من جماعة الضغط. فجماعة المصلحة هي كل جماعة تسعى لتنظيم مصالحها والدفاع عنها، مادية كانت هذه المصالح أو معنوية. وتتحوّل جماعة المصلحة إلى جماعة ضغط، عندما تحاول أن تضغط على الجهاز الحكومي دافعة به إلى اتخاذ قرارات تحقّق مصالحها أو تسهّل تحقيقها[16]. يتم هذا التحوّل ابتداءً من اللحظة التي يحاول فيها المسؤولون عن الجماعة التأثير على الحكومة. إنّ أي نقابة تتصرّف كجماعة مصلحة، إذا عملت بوسائلها الخاصة على تنظيم المهنة، وضبط القواعد المهنية للمنتسبين إليها. لكنّها تصبح جماعة ضاغطة إذا حاولت الضغط والتأثير على السلطة الحاكمة للحصول على نص ينظّم دخول الأعضاء الجدد إلى النقابة، وهذا يعني أنّ فئة “جماعات ضغط” تغطّي قطاعًا من نشاط جماعات المصلحة أي أنّها تعالج هذه الفئة تحت مظهر معين، وهو ممارستها الضغط من أجل تحقيق مطالبها.

2) مقوّمات القوة عند الجماعات

من المعروف أنّ علم السياسة ليس علمًا حسابيًا، وبالتالي من الصعب عليه تقدير بعض الظواهر الاجتماعية تقديرًا دقيقًا. فلا يملك هذا العلم مثلًا أداة أو وسيلة تسمح بتصنيف الجماعات الفاعلة في الحياة السياسية وفقًا لقدرتها الخاصة والفعلية، ولذلك تبقى عملية تقويم عناصر القوة عند هذه الجماعات عملية تقريبية، وربما تستند إلى معايير تختلف من باحث لآخر. لكن هذه العملية ترتكز بشكل عام إلى عدّة عوامل نذكرها فيما يأتي:

أ- مقوّم العــدد

تشكّل الأهمية العددية بالنسبة للقادة ورقة رابحة جوهرية. فالنقابات الكبيرة التي تستطيع أن تجيّش عددًا كبيرًا من أعضائها في خدمة قضاياها، تعتبر جماعة ضاغطة قوية وفاعلة وبخاصة في أثناء الانتخابات، لكن قضية العدد أي عدد المنتسبين لا يجب أن تجعلنا نُغفِل نوعية الانتساب، أي النضالية التي يتمتّع بها المنتسب إلى نقابة ما. فلا يمكن مقارنة نقابات العمال مثلًا بنقابات أرباب العمل من حيث الالتزام والإقدام للدفاع عن القضايا. وقد يعني العدد مجرد مجموعة منتسبين فقط، لا يدفع الكثير منهم اشتراكاتهم ولا يلبّون نداءات القادة. وقد يكون العدد كتلة متراصّة، واعية، قادرة ومستعدة لتطبيق التعليمات الآتية من المركز. يستطيع القادة أحيانًا، بحسن إدارتهم ومتابعتهم لقضايا الجماعة تحريك عدد أكبر بكثير من عدد أعضائها العاديين، وهذا يشكّل ورقة رابحة بالنسبة إلى قدرة الجماعة على التأثير.

يؤدي العدد دورًا كبيرًا في تحسين صورة الجماعة اجتماعيًا، ويساعد في إحداث التأثير على السلطات وعلى الرأي العام، ويشكّل أيضًا موردًا ماديًا مهمًا وأساسيًا بالنسبة لبعض الجماعات. إلّا أنّه ليس عنصرًا ثابتًا، فهو معرّض دائمًا للاستبدال والتغيّر[17].

ب- مقوّم الطاقة المالية

قد يؤمّن العدد الكبير من المنتسبين موردًا ماليًا مهمًا للجماعات كما ذكرنا، إذا ما دفعت الاشتراكات جميعها. فغالبًا، لا يتناسب تضخّم العدد مع المردود المالي.

يضاف إلى الاشتراكات المساعدات التي يقدّمها المنتسبون طوعًا والدفعات الاستثنائية التي تُطلب منهم بمناسبات معينة.[18]

تساعد الدولة بطريقة مباشرة بعض الجماعات من خلال دفع إعانات من الموارد العامة، كالجماعات التي تهتم بشؤون عامة مثل التعليم، أو من خلال منحها تسهيلات مادية (إعفاء جزئي من الضرائب) أو اقتطاع مبالغ من الموارد المخصصة كمساعدات للقطاع الذي تعمل في إطاره الجماعة، مثلًا جمعيات عائلية تستفيد من نسبة معينة ترصدها الدولة والمؤسسات المختصة بمساعدة العائلات على الصعيد الوطني. تكمن في هذا العمل مفارقة كبرى، ذلك أنّ الدولة تساعد أحيانًا بعض الجمعيات التي تمارس الضغط عليها.

ج- مقوّم التنظيم

إنّ التنظيم يرتبط بقوّة الجماعات وحجمها وطبيعتها. والتنظيم ليس حالة خاصة بجماعات الضغط، فهو موجود في كل الجمعيات والمؤسسات الخاصة والعامة. التنظيم مهمّ بالنسبة إلى الجماعات الضاغطة كما هو مهم لسائر المجموعات سياسية كانت أم غير سياسية، والتي تسعى لتحقيق أهداف معينة .

يشير التنظيم بالتحديد إلى عقلنة العمل الجماعي وتأمين استمراريته وتوجيهه في الاتجاهات المناسبة، وتصويبه في بعض الأحيان. وهو يساعد على الاستفادة بشكل كامل من الموارد المتوافرة آخذًا بعين الاعتبار ما يمكن الحصول عليه، ويقرّر الوسائل والتكتيك الذي يجب اعتماده نسبة للموارد والأهداف. ويرتبط التنظيم بصفة القيادة واتساع شبكة العلاقات التي يقيمها هؤلاء[19].

إذا كان التنظيم عامل قوّة، فهو لا يحقّق الغاية المرجوّة منه إذا غابت الوحدة عن صفوف الجماعة وتشرذمت القيادة إلى تيارات. في مثل هذه الأحوال، فإنّ قيمة القيادة تقاس بقدرتها على إيجاد تسوية تقبل بها التيارات المختلفة، آخذة بعين الاعتبار أنّ للإنسان علاقة تراثية وتاريخية بالأرض التي يقطنها على ما يقول ابن خلدون فهي تدخل في تكوينه البيولوجي والنفسي ولا يمكن فصله عنها.

هناك أمران يضطلعان بدور مهم: صفة القادة[20] واتساع شبكة العلاقات التي يتوصّلون إلى إنشائها في قلب الأوساط البرلمانية، والمكاتب الوزارية، وأجهزة تكوين الرأي العام، ومن هذه الزاوية فإنّ الجماعات الغنية تستفيد من تسهيلات خاصة.

د- مقوّم النظام الاجتماعي

والمقصود بذلك هو السمعة التي تتمتّع بها الجماعة في أوساط الجمهور، والتي هي انعكاس لصورة المجموعة في ذهن هذا الجمهور، وصورة الجماعة تعني الإيحاءات الأولى وهذا يعني المركز الاجتماعي – السياسي للمجموعة[21]. بعض المجموعات يمكن أن تستغل صورتها الحسنة تجاه الرأي العام أو دوائر السلطة، والبعض الآخر يجب أن يعمل للتعويض عن الأثر السيّئ لصورته[22].

ترتبط الصورة بعدّة عوامل فهي تتكوّن نتيجة مسار تاريخي تراكمي، وتثقيف وتنشئة سياسية. فالقِدَم يلعب دورًا ويساعد على إرساء هيبة وصورة الجماعة، ويبقى العامل الأساسي هو التقويم الذي يقوم به الجمهور ويختلف حسب الزمان والمكان. وقد يرتبط الأمر أحيانًا بأعمال الجماعات التي لا تفكر بردّة الفعل السلبية عند الرأي العام: إقفال الطرقات أيام الاعياد، وأمام أماكن العبادة، إضراب المطارات أوقات العطل، عدم تسليم المواد الغذائية، محاصرة المقرات الحكومية أو الرسمية … والسمعة ليست معطى ثابتًا إنّها لا تُكتَسَب لمرة واحدة وبشكل نهائي فهي تتغيّر وتتطوّر، بطريقة لا شعورية، ولكنّها فعالة في النهاية[23].

هـ- مقوّم الروح القتالية

تعتبر هذه الميزة مهمة جدًا لأنّها هي التي تدفع الأفراد والجماعات للالتزام والعمل والنضال. وغياب هذه الروح يؤدي إلى انهيار المجموعة لأنّ الإرادة والمعنويات تجعل الجماعة تستغل طاقاتها، وحتى إذا كانت ضعيفة ومحدودة، إلى أقصى الحدود[24]. ترتبط الروح القتالية بالشعور والسجيّة واليقين والاعتقاد الذي يضفي عليها طابعًا إيديولوجيًا[25]. فالمجموعة التي تجد مصالحها أو حياتها في دائرة الخطر أو الزوال هي أكثر قتالية من غيرها[26]. وتقاس قتالية الجماعات بقدرتها على مقاومة الضغوطات والمواقف الصعبة، وفي متابعة العمل الذي بدأته وبخاصة بعد فشل أوّلي.

ومثلما أنّ للحرب سلاحًا أمضى إن أُسيء استخدامه، فقد يتحوّل السلم إلى حرب على ما يقول القديس أغوسطينوس: لا نصنع الحرب لنصل إلى الحرب، وإنّما نصنع الحرب لنصل إلى السلام.

نماذج لوسائل الضغط والاستراتيجيات

1) وسائل الضغط

تحاول الجماعات الضاغطة اتّباع كل الوسائل التي توصلها إلى غايتها. وهي في هذا المجال لا تتوانى عن ممارسة التصعيد بأعلى مراحله، إذا وجدت أنّ طرقها العادية لم تُجدِ نفعًا. ويمكن تعداد أشكال الضغط التي تلجأ إليها الجماعات على النحو الآتي:

أ‌- وسيلة الإقناع

وهي أبسط الأساليب وأسهلها. ربما كان الإقناع الوسيلة المنطقية والطبيعية، التي يجب أن يرتكز إليها عمل الجماعات في سعيها لإقناع السلطات بعدالة مطالبها. وتسعى هذه الجماعات إلى إقناع أكبر عدد ممكن من أصحاب العلاقة في مختلف قطاعات السلطة، لتكوّن منهم حلفًا يدافع عن قضاياها[27]. تعتبر هذه الطريقة الفضلى بالنسبة للجماعات التي تسعى لأن تكون صورتها جيدة ومحترمة، لأنّها تقوم على عرض البراهين العقلية، وتقديم النصائح والاقتراحات والمعلومات حول مواضيع معينة[28]. وتعتبر وسائل الاتصالات المباشرة من أفضل وسائل الإقناع[29].

الاتصال هو إحدى آليّات تحقيق أهداف جماعات الضغط. تتّصل جماعات الضغط بالجهات الرسمية وغير الرسمية بطرق مختلفة منها:

1-   الاتصال بالوسائل المباشرة.

2-   الاتصال عن طريق الصحف التي تؤثّر عليها هذه الجماعات، أو التي تملكها بشكل غير رسمي، والتأثير على وسائل الإعلام الأخرى التي تمتلكها شركات خاصة وتخضع للإغراءات المادية عادةً، وهذا يقودنا إلى الحديث عن تكتيكات تحقيق الأهداف لدى جماعات الضغط، والذي بدوره يرتبط بمدى فاعلية الجماعة التي ترتبط بشكلٍ أو بآخر بإمكاناتها المادية[30].

تعمل جماعات الضغط على التأثير بوسائل مختلفة على سياسة الدولة، من بينها السياسة الخارجية. فقد تتّصل اتصالًا شخصيًا عن طريق رؤسائها بالمسؤولين لتنفيذ آرائها والدفاع عن مصالحها، وقد تتّصل عن طريق الرسائل الخاصة مهدّدة أو واعدة أو مغرية.

ولا ريب في أنّ الوسائل التي تستخدمها جماعات الضغط في عملها لغرض التأثير على السلطة من التعدّد والتنوّع بحيث يصعب بيان تفاصيلها جميعًا، فهي مختلفة باختلاف ظروف المجتمعات والنظم السياسية فضلًا عن اختلاف جماعات الضغط ذاتها[31].

تلجأ الجماعات لإعداد الوثائق وتقديمها بكل اعتناء وترتيب وبأسلوب منطقي هادئ يرتكز إلى الموضوعية. وقد تساعد مثل هذه الوثائق في التأثير على المسؤولين عن القرار، الذين لا يكون بحوزتهم في حالات كثيرة سوى هذه الوثائق للاطلاع عليها بموضوع خلاف ما (مثل النواب). وتقوم عملية الإقناع على الاتصال المباشر بالأفراد المسؤولين الذين يقضون قسمًا كبيرًا من وقتهم للاستماع إلى مطالب أصحاب المصالح [32].

وتُعتمد وسيلة الإقناع أيضًا للتأثير على الرأي العام ولكن بأشكال أخرى غير الاتصال الفردي المباشر[33]. في هذه الحالة، تُستعمل وسائل الإعلام التقليدية والحديثة وأساليب الدعاية، التي تمكّن الجماعات من النفاذ إلى نفوس الناس والتأثير على تصرّفهم، وذلك لما للإعلام من أهمية في حياة الإنسان المعاصر من جهة الاستقطاب والتأثير والفاعلية. وهي تحاول من خلال إقناع الرأي العام أن تقنع السلطات بعدالة قضاياها[34].

ب‌-  وسيلة التهديد

تستعمل هذه الوسيلة في حال فشل الأولى وعدم تجاوب السلطات مع الجماعات. يأخذ التهديد مظاهر مختلفة. بالنسبة إلى البرلمانيين، فإنّ التهديد يتم بالإعلان عن الرغبة بعدم انتخابهم من جديد، وتعمل بعض الجماعات على تحريض أعضائها على مقاطعة هؤلاء والقيام بحملات دعائية محلّية ضدهم، وتلجأ أحيانًا لتنظيم حملات تتضمّن إرسال رسائل ومخابرات هاتفية، وجمع تواقيع، وتنظيم مظاهرات، واعتلاء المنابر في بعض الحالات لتمرير الخطاب المناوىء. ويمكن للجماعات التهديد بإسقاط الحكومة إذا كانت تستطيع تأمين عدد من النواب المنتسبين إليها أو الداعمين لقضيتها، وبتحريك الشارع ضمن مظاهرات حاشدة ومتكرّرة أو تنظيم إضرابات لها أثر كبير على سير الإدارات التي تؤمّن الخدمات العامة، ما يحثّ الرأي العام على اتخاذ موقف سلبي من الحكومة[35].

ويلقى الموظفون الكبار نصيبهم من التهديد الذي يطال سير مهنتهم أو تدرّجهم أو مناقلاتهم. لكن فعاليته تبقى مرهونة بالحصانات التي يتمتّع بها الموظفون، وقدرة الجماعات على تأليب الجهات السياسية المسؤولة تراتبيًا عن هؤلاء الموظفين. وقد يذهب أصحاب المصالح أحيانًا إلى حد التهديد بفضح بعض نواحي الحياة الخاصة للمسؤولين الذين يهمّهم التأثير عليهم.

ج‌-   وسيلة المـال

إنّ المال هو عنصر من عناصر القوة لدى الجماعات. فالموارد المادية تتيح للجماعات إمكانيات هائلة لتقوية وسائل عملها العادية وإتقانها: إعلام ودعاية، ويستعمل المال لشراء الهدايا لبعض المسؤولين أو تقديم خدمات عينية كالرحلات السياحية. وهذا ما يجعل الأشخاص المستفيدين يشعرون وكأنّهم مدينون لمن أغدق عليهم النعم، أو على الأقل ملزمون معنويًا بالاعتراف بالجميل. وفي مطلق الأحوال، فالمصالح قد تكون على مستوى رؤساء الدول، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد انتخابه رئيسًا، حصانًا أبيض أصيل النسل تقدّر قيمته بعشرة ملايين دولار أميركي، فيما بادله الرئيس ترامب بأسهمٍ عالية الثمن من أحد الفنادق التي يملكها في نيويورك. يستعمل المال على مستويين: جماعي وفردي.

يتعلّق الأوّل بتمويل الأحزاب السياسية وبخاصة في أثناء الحملات الانتخابية[36]. أمّا الوجه الثاني لاستعمال المال فهو على الصعيد الفردي، ويأخذ شكل الرشوة المباشرة أو غير المباشرة عن طريق تقديم الهدايا وغيرها[37]. في حال الرشوة يكون المقابل دعمًا واضحًا من قبل المرتشي دون قيد أو شرط. وتأخذ الرشوة أحيانًا أشكالًا أخرى مثل توظيف أحد أقرباء المسؤول أو أحد المفاتيح لبرلماني ما.

د- وسيلة عرقلة العمل الحكومي

قد تذهب عملية العرقلة إلى أقصى الحدود باعتماد المظاهرات والإضرابات، والتي لا يفصح منظّموها عادة عن نيّتهم بهذه العرقلة متسلّحين بمفهوم حرية التعبير والتظاهر. وتعتبر هذه الوسيلة فعّالة جدًا، لأنّ السلطات لا يمكن أن تبقى مكتوفة الأيدي أو لا مبالية تجاه حركةٍ تجمّد أو تعيق تحقيق خدمة عامة من الخدمات الحيوية: المواصلات، الكهرباء،… وقد توسّع مفهوم الإضراب ولم يعد مقتصرًا على علاقات العمل وحدها، لكنّه يستعمل في كل القطاعات:  المعلّمون، الطلاب، التجار والمزارعون، سائقو الشاحنات، أهالي التلامذة،… إلخ.

في كثير من الأحوال يكون جمهور المواطنين هو الضحية. فالسلطة تجد نفسها مجبرة على الخضوع كي تجنّب المواطنين تضحيات كبيرة. وقد تتطوّر الأمور سلبيًا في بعض الأحيان، فتؤدي إلى اصطدامات مع قوى الأمن الداخلي، وفي أسوأ الحالات مع الجيش إذا أصرّ المضربون والمتظاهرون على تشويش الحياة الوطنية في كل البلاد. وقد يُستعمل التظاهر أو الإضراب كتدبير تحذيري في إطار امتحان قوّة، تمهيدًا للبدء بمفاوضات توصل الأطراف إلى تسوية مقبولة من الجميع.

2) استراتيجية الجماعات

إذا كانت الاستراتيجية هي فنّ أو خطّة تصوّرٍ لتحقيق الأهداف، فمن الأجدر تحديد هذه الأهداف قبل البدء بالعمل وتحديد الوسائل وخطة التحرك. فإشكالية الوسائل مرتبطة بمتطلبات الاستراتيجية والمحيط والتفاوت بالموارد بين المجموعات. من المهم أن يعتمد اللاعبون المصداقية مع أنفسهم، فيقدّر كل لاعب قدراته بموضوعية، ويقارنها مع قدرات اللاعب الخصم دون مبالغة أو سوء تقدير لهذا الطرف أو ذاك. على اللاعب أن يُتقن اللعبة بطريقة تكتيكية، فيستخدم كفاءاته ويُحسِن اختيار اللحظة التي يبدأ بها المبادرة، الخصم والمكان. وعليه أن يغيّر الساحة التي يبرز فيها ضعفه[38]. كل هذا يدفعنا للقول إنّ استراتيجية الجماعات ترتبط بعوامل معيّنة يجب أخذها بعين الاعتبار.

أ‌- اختيار اللحظة

يمكن أن يكون هذا الاختيار عائدًا لمبادرة الجماعات التي نادرًا ما تترك فرصة ملائمة تمرّ إذا كانت منظّمة وواعية. تشكّل الحملات الانتخابية أحد الظروف الملائمة لعمل الجماعة بهدف التأثير على القادة السياسيين، وهي ترتكز على عدد الناخبين من أنصارها أو قدرتهم المادية. واستنادًا لهذا، فهي تسعى لجني أرخص الأسعار لخدماتها الانتخابية، وقد ينتهي الأمر بوعود يقطعها المرشح على نفسه في حال فوزه. ومن الفرص المتاحة للجماعات هي فترة تشكيل الحكومات الجديدة، إذ تبدو قابلية التأثير على المستوزرين كبيرة. ولا تتوقّف الاتصالات عند هذه الفترات، فحين يصل المرشحون أو المستوزرون إلى مناصبهم تسعى الجماعات إلى المحافظة على علاقات دائمة معهم[39].

ومن الأمور التي تجعل الجماعات تختار لحظة تحرّكها فيما بعد للدفاع عن قضاياها هو معرفة ما يُحضَّر من قرارات، فتتحرّك لتقتل في المهد مشاريع قرارات أو تحضّر نفسها للهجوم في حال صدور القرار ودخوله حيّز التنفيذ.

ب- اختيار الميـدان

لا يخضع هذا الاختيار دائمًا لمبادرة الجماعات التي تعجز عن النضال في ميادين مختلفة ويرتبط الأمر بعوامل عدّة: عدد المشايعين والأنصار وطبيعتهم، مزاج القادة، التسهيلات البيروقراطية والرأي العام[40].

من الأفضل للتجمّع أن يختار الميدان الذي يستطيع فيه استغلال موارده وصورته وقوّته. فتجمّعات أرباب العمل تفضّل المفاوضات المغلقة على المناقشات أو المجابهات في الساحة.

وقد يرتبط الموضوع أيضًا بطبيعة المشكلة المطروحة[41]. فمن السهل أحيانًا، إيضاح مطلب حول حرية المرأة أمام الرأي العام من شرح موضوع الحق في الإجهاض وتبريره [42]. وقد يحدّ مبدأ توزيع الاختصاصات وتقسيم العمل الإداري من الخيارات المطروحة أمام جماعات الضغط. وتقرّر بعض الجماعات القادرة تغيير ميدان نضالها إذا ما وصلت إلى مكان مسدود في محاولتها الأولى، كأنّ تغيّر وجهة علاقاتها واتصالاتها من السلطة التنفيذية إلى التشريعية أو العكس. فالميادين في لبنان مختلفة ومتعدّدة، فإذا أخذنا الاقتصاد على سبيل المثال لا الحصر نذكر الخصخصة والأجور، فرص العمل، الضمان الاجتماعي، الأمن الغذائي، قطاع النقل، الزراعة، الصناعة والشأن النقابي…

ج‌-  اختيار الوسائـل

لا يتم اختيار الوسائل بطريقة مطلقة مستقلة عن العوامل الأخرى. يتوقّف الاختيار على إمكانيات الجماعة وطاقاتها والميدان الذي اختارته أو أُجبرت على النضال فيه. ولذلك تبرز أهمية الجماعات القوية التي تمتلك خيارات متعدّدة. إنّ التوجه إلى الرأي العام مثلًا لا يكون ضروريًا في كل الأحوال، وعندما تنجح الجماعة بعملها من خلال اتصالاتها بالوزارات والإدارات، فليس لها من مصلحة أحيانًا أن تخفي الفوائد المكتسبة. أمّا إذا أجبرت الجماعة على المجابهة فيصبح التوجّه إلى الرأي العام ضرورة ملحة، وبخاصةٍ إذا كانت ترى أنّ الرأي العام هو أحد دعائم عملها.

وفي مجمل الأحوال، يجب أن يتكيّف عمل الجماعات مع التغيير في المؤسسات والأنظمة التي تعيد تنظيم الصلاحيات وتقسيم العمل[43]. وهذا يستدعي أن تعيد الجماعات النظر في أدوات تأثيرها وطرائق عملها وقنوات اتصالها[44].

نظام الجماعات ومخاطرها

تذكّرنا هذه الجملة بعبارة نظام الأحزاب. وهذا يعني العلاقات التنافسية أو علاقات التحالف بين الجماعات. ويرى Meynaud أنّ هذه العلاقات تقوم حقيقةً على التنافس، لكنّها تظهر أحيانًا بشكل تحالفات وتعاون وهي تقسم إلى نوعين:

1) جماعات المصلحة بين المنافسة والتعاون

أ‌- منافسات وتعارض

يعود سبب هذه المنافسات لاعتقاد تجمعات مختلفة أنّها كلٌّ على حدة، قادرة على الدفاع عن مصلحة معينة. وعلى الرغم من أنّ المصلحة مشتركة في النهاية، يؤدي هذا الاعتقاد لتجزئة الدفاع عنها وتنافس كل جزء مع الآخر لجذب الأنصار وتحقيق الانتصار باسمه. السبب الآخر هو أنّ هناك تجمّعات متعدّدة ليس لها مصالح مشتركة. كلٌّ منها يدافع عن مصلحته وله مطالبه الخاصة التي تتعارض مع مصلحة ومطالب التجمّع الآخر[45].

ويحصل التنافس في هذه الحالة، من خلال سعي كل تجمّع لتحقيق مطالبه على حساب التجمّع الآخر. وقد يحصل الانقسام لأسباب دينية، سياسية أو إيديولوجية، ما يمنع الناس من التجمّع حول مصلحتهم ومنفعتهم، كما يحصل في لبنان في النقابات اليسارية والنقابات اليمينية في القطاع نفسه، والنقابات ذات الطابع الديني. ويشمل هذا الانقسام كل القطاعات وليس فقط القطاعات العمالية[46].

من الواضح أنّ التجزئة والشرذمة تُضعف القدرة على العمل وتحقيق الهدف أي التأثير والضغط[47]. وكأنّ الجماعات تسهّل عمل السلطات العامة وتفسح لها المجال لكي تؤدي دور الوسيط بين الأجزاء المنافسة. يمكن التغلّب على هذه الانقسامات إذا غلّبنا منطق المصلحة المشتركة والمنفعة المهنية المجردة وخلقنا تسويات على صعيد القيادات والإدارة.

وقد يكون للتنافس أسس اجتماعية كالانقسام الاجتماعي بين العمال وأرباب العمل. فالعمال أنفسهم يتنافسون إذا انتموا إلى قطاعات أو دوائر مختلفة (دوائر النقل المختلفة، قطاع التجارة والصناعة،…). ويعتقد Meynaud أنّ دراسة الفئات الضاغطة وتحليلها يكون بالدرجة الأولى عبارة عن تحليل تنافساتها. وهذه المنافسات تخلق تداعيات ويترتّب عليها نتائج كبيرة ومهمّة على الاقتصاد والسياسة. هل يمكن مثلًا دراسة التضخّم المالي دون دراسة المنافسات بين العمال وأرباب العمل التي تؤدي إلى زيادة الأجور المسبّبة لزيادة الأسعار، وتُلزِم المنافسات الدولة على اختيار اتجاه معيّن أو تؤدي دور التسوية أو تعتمد سياسة ما[48]؟

ب- التعاون والتحالف

لا بدّ من الملاحظة في البداية أنّ التقارب الإيديولوجي يخلق انصهارًا وليس تعاونًا فقط، مثل الاتحاد العمالي العام والحزب الشيوعي في فرنسا. ويسهّل وجود هدف مشترك للتحالف، وقد يتم الاتفاق أحيانًا بين تشكيلات متخاصمة حول نقطة معينة: كالنضال المشترك بين أرباب العمل والعمال في صناعة معينة، لرفض تخفيض محتمل لتعرفة جمركية تساعد على استيراد الإنتاج الصناعي وتلحق الضرر بالفريقين. وقد تلجأ الجماعات إلى التعاضد بدل التحالف حول مسائل خاصة بدفاعها عن مسائل منفصلة، ففي الولايات المتحدة الأميركية تتعاون العصبة المناوئة لوجود الحانات والكنائس البروتستانتية للحصول على قرار بتحريم الخمور. أحيانًا، يظهر التعاون بشكل واضح في إطار النشاطات الإضافية، أي نشاطات منفصلة لجماعات منفصلة يربط بينها مصلحة واحدة تتعلّق بأمر ما: مثل تعاون عدّة جمعيات اقتصادية معيّنة لإدارة أو حل أزمة مالية وطنية (جمعية المصارف، جمعية التجار، جمعية الصناعيين، الشركات،..).

برز على صعيد جماعات الضغط نموذج جديد يدرس هذه الأخيرة من خلال طرق عملها in action ليس فقط من خلال أهدافها أو موضوعها أو من خلال المنتسبين إليها[49].

بكلمات أخرى، إلى أي مدى تقدر جماعات المصلحة على خلق وقائع من خارج النظام السياسي وتجعل السلطة السياسية غير قادرة على إنكار وجودها، وبالتالي التعامل معها؟

1.   القدرة على إنجاز تبادل سياسي Political Exchange (خدمات، مصالح…) بين الجماعة و الحكومة أو السلطة السياسية.

2.   القدرة على الدخول في نزاع (مظاهرة، إضراب،…) مع السلطة Contentious Politics. هذا وارد للجماعات القادرة على العمل الجماعي.

3.   القدرة على إيصال أو تأليف حكومة ترعى المصالح الخاصة أو مصالح الجماعات Set Up -Private Interest Government Structures. هذا وارد للجماعات التي هي على درجة عالية من الاستقلالية High Degree of Autonomy عن النظام السياسي والقدرة على التأثير من دون الحاجة إلى العمل الجماعي على الأرض (كالمظاهرات…) [50].

2) السياسات العامة بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة

السياسات العامة تعني كل ما يصدر من قرارات عن السلطة التنفيذية والتشريعات الصادرة عن البرلمان. ولكي تحقّق الجماعات أهدافها، عليها التأثير على هذه القرارات والتشريعات بما يتناسب ومصالحها[51].

أ‌- الجماعات والديموقراطية

تعتبر تنظيمات المجتمع المدني وجمعياته ومؤسساته التي ينتمي إليها معظم الفئات الضاغطة اليوم مظهرًا أساسيًا من مظاهر الديموقراطية، لأنّها تترجم شكلًا من أشكال المشاركة، لكنّ البعض يرى أنّ هذه الجماعات تعطّل إلى حد ما اللعبة الديموقراطية، لأنّها تنصّب نفسها وكيلة عن فئات شعبية، وتحل محل من انتخبهم الشعب[52]، وتمارس هذه الجماعات التي لا تحمل أي صفة تمثيلية، مباشرة الضغط على ممثّلي الشعب والقياديين السياسيين، في سبيل دفعهم لاتخاذ قرارات تصطبغ أحيانًا بالصبغة الفئوية.

وردّ البعض على هذه الحجة بالقول: إنّ المجتمعات الحديثة توصل ممثليها إلى البرلمان وبعدها ينقطع التواصل بين الوكيل وموكّله، فلا بدّ لهذه الجماعات من أن تؤدي دور الوسيط وتكون صلة الوصل بين الفئات الشعبية وبين الممثلين. وهي بالتالي تنقل لهم نبض الشارع واهتماماته وتسهم أحيانًا بشرح قرارات الإدارة للمواطنين. ولا يمكن أن ننسى أيضًا أنّ السياسة والديموقراطية هما حصيلة تضارب كل الفئات وتنافسها ومشاركتها من خلال النخب والتنظيمات والجمعيات التي تمثّلها[53].

ب- إضعاف مفهوم المصلحة العامة

إنّ المنافسة ضرورية للديموقراطية. لكن هذه المنافسة تفقد في بعض الأحيان الثقة بالمؤسسات وتضعف مفهوم المصلحة العامة. فالجماعات تبذل جهدًا وتستعمل العنف أحيانًا لتحقيق مطالبها، وهي تسعى دائمًا لإظهار التطابق بين هذه المطالب الفئوية أحيانًا وبين متطلّبات الخير العام والمصلحة العامة أحيانًا أخرى. وقد تلبّي الحكومات الصديقة مطالب بعض الجماعات، ما يدفع الرأي العام لاعتبار موقف السلطات دفاعًا وتلبية لمطالب فئة معينة على حساب المصلحة العامة للشعب بكل فئاته.

إنّ صناعة القرار السياسي يحتوي من المغريات ما يدفع رجال الأعمال نحو تعميق التحالف بين الفئتين لتحقيق مكاسب مشتركة، قد يكون الكثير منها غير متّفق مع المصلحة العامة، أو في غير مصلحة الفئات الأخرى غير القادرة على إيصال ممثّليها إلى المجالس النيابية بنفس القدر المتاح لرجال الأعمال. يصبّ الكثير من القوانين والقرارات الحكومية المتعلّقة بالقضايا الاقتصادية في مراحل التحوّل في اتجاه تدعيم مصالح الفئات القادرة، وهو أمر يتفق مع توجّهات المؤسسات الاقتصادية الدولية، الأمر الذي يثير الشكوك حول علاقات رجال الأعمال في البلد مع هذه المؤسسات الدولية. إنّ العديد من أبناء المسؤولين السياسيين وأقاربهم قد أصبحوا من كبار رجال الأعمال اعتمادًا على نفوذ آبائهم وأقاربهم، وأصبح بعضهم أقرب إلى رجال الأعمال منه إلى السياسة، أي أصبح بعضهم مدافعًا بقوة عن مصالح رجال الأعمال التي تتفق ومصالحه[54].

ج‌-  تغليب منطق الضغط والقوة

يدافع البعض عن نشاط الجماعات الضاغطة بالقول: إنّ المنافسة العادلة تؤدي بالنهاية إلى تحييد ما هو متطرّف ومضرّ وإلغائه. البعض ينسى أنّ المنافسة لا تتم أحيانًا في جو من المساواة، فهناك تفاوت في التمثيل وقوة الجماعات المتنافسة، ما يجعل التنظيمات القوية والمنظّمة أكثر تأثيرًا وفعالية[55]. وربما يكون اللجوء للسلطة نفسها هو السبيل الوحيد لمعالجة حالة عدم المساواة ونتائجها. لا يبدو أنّ رجال الأعمال الطامحين إلى المناصب السياسية يخطون اتجاهات سياسية واضحة، الأمر الذي يجعلهم بغضّ النظر عن الأحزاب التي ينتمون إليها يشكلون كتلة ذات مصالح متشابهة في مواجهة الفئات الأخرى[56].

د‌-   الضرر اللاحق بعامة الشعب

تستعمل الجماعات في بعض الأحيان أساليب قد تضرّ بحياة الأفراد والجماعات وتؤثّر عليها مثل الإضرابات وشلّ حركة النقل، وهذا ما يجعلها تخسر الرأي العام وتسبّب ربّما انقسامات قوية بين شرائح المجتمع الواحد، دافعة إيّاها للوقوف بالمواجهة مع شيء من الضغينة. مثلًا، إنّ مسألة تجارة الأسلحة في الولايات المتحدة الأميركية تسبّبت بانقسام كبير في المجتمع جراء تزايد حالات القتل الجماعي للطلاب في المدارس[57].

إذا كان التنافس بين فئات المجتمع ظاهرة صحيّة بصفة عامة، فإنّ هناك قدرة لفئة معيّنة على فرض وجهة نظرها لعوامل تتعلّق بقدرتها على التأثير، وليس لأسباب موضوعية في إطار المنافسة للوصول إلى أفضل القرارات.

هـ- اهتزاز مفهوم الشفافية

تلجأ بعض الجماعات القوية لاستعمال أساليب خفية، مخالفة للشرعية والقوانين أو مناقضة لمبادىء الأخلاق والعمل النظيف. تتشوّه صورة هذه الجماعات من خلال عدم شفافيتها وعدم إعلانها عن كل النشاطات التي تقوم بها، والتي يعتقد الرأي العام أنّها شرعية، ما يفقد الثقة بها .”فالمرء لا يشعر بالحرية على حد قول غاندي إلّا عندما يطيع القوانين وينفّذها بصدق وإخلاص”[58].

إنّ استمرار سيطرة جهاز الدولة على أجهزة القمع واحتكار القرارات المهمة وغياب الشفافية يعطي المسؤولين السياسيين قدرة غير محدودة على مقايضة القرارات السياسية بالمصالح الاقتصادية[59].

أخيرًا، يمكن القول إنّه على الرغم من صحة بعض الانتقادات التي يجب السعي لمعالجة ما تشير إليه من نواقص، لا نستطيع تصوّر مجتمعاتنا الحديثة من دون جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني ومنها الجماعات الضاغطة التي تضطلع بدور كبير في المجتمع[60]، وتنأى في أهدافها وبرامجها ومواقفها عن أي اصطفاف طائفي ومناطقي.

الخاتمة

بعد تبيان الأطر الكفيلة بتحديد صورة جماعات الضغط ومدى تأثيرها على القرار الإداري، يمكن القول: على الرغم من اختلاف المقاربات لهذه الجماعات، فقد تمّ الاعتراف بالدور الذي تؤديه من داخل النظام السياسي. هذا الدور الفاعل يبقى رهنًا بالزمان والمكان. إنّ مختلف المدارس الفكرية لم تتّفق حول ما إذا  كانت هذه الجماعات تؤدي دورًا سلبيًا وتمارس خطرًا على الديمقراطية أم هي مدرسة ديمقراطية بحد ذاتها. ولكن، من غير المفاجئ أنّ هذه الجماعات كما شغلت عددًا كبيرًا من المفكرين، ستشكّل أيضًا عامل دراسة للمفكرين الجدد حتى يفهموا هذه الظاهرة بشكل أفضل ممّا هي عليه اليوم.

نشير إلى أنّ أحزابنا تعاني طلاقًا بين المبادىء والأفعال لأنّها لا تلتزم بمبادئها وقراراتها، إذ إنّ هناك هوّة بين المبادىء والعمل السياسي، وقد تتحوّل الصراعات بين الأحزاب إلى داخل الحزب الواحد نفسه، “ولدى الجماعة الواحدة وفقًا للمصالح والاتجاهات والطروحات الشخصية”[61]. “هي في الواقع جمعيات سياسية طائفية(…) وكان من أثر سريان الطائفية في الأحزاب وَهْن الأحزاب ووَهْن السلطات في الدولة”[62].

إنّ تطوّر دور الإنسان يختلف حسب المكان والزمان. كذلك بالنسبة للدولة وأكثر تحديدًا للنظام السياسي، الدور الذي يمسكه كل من مكوّناته، فقد يتطوّر كما عندما تدخل عليه مكوّنات جديدة، فظاهرة الأحزاب انتقلت من فكرة الشيع Faction إلى فكرة الحزب المنظم، من فكرة الخوف من وجود الأحزاب التي تمثّل آنذاك الشرذمة إلى فكرة ضرورة وجود الأحزاب، لأنّها تمثّل ديمقراطية النظام السياسي. فهل ستنتقل هذه الجماعات من خانة الخطر على القرار داخل النظام أو ضرورة ديمقراطية، علمًا أنّ ذلك يبقى رهن كيفية  استخدام الضغط بطريقة سلبية أم إيجابية؟

الظاهرة السياسية حدث متحرّك ومتطوّر باستمرار، وجماعات المصالح ستبقى موجودة طالما أنّ المحيط الذي هي بداخله يؤمّن لها هذه الاستمرارية وحرية التحرك. وهذه الجماعات ستضغط إذا شعرت أنّ مصالحها في خطر، كما يضغط المواطن أيضًا. المشكلة هنا هي في توازن القوى بين هذين الاثنين. فإمّا يربح الأوّل ويخسر الثاني، وإمّا العكس أو لا قرار. قد نشهد في فترات معيّنة وجود طرف آخر يطرح نفسه بالمشاركة بالقرار أكان سياسيًا أو إداريًا… فالعبرة تبقى أنّ كل طرف يشعر بأنّ القرار يطاله، سيحاول جاهدًا الوصول عبر آليات يراها مناسبة للدخول في عملية صياغة القرار، وذلك حتى لا يتضرّر منه ويكون لمصلحته ولو على حساب مصالح أخرى.

قائمة المراجع

أوّلًا: في اللغة العربية

– بولس الصياح، ينبوع الحكم الطبعة الأولى، 1970.

– د. محمد المجذوب: دراسات في السياسة والأحزاب: منشورات عويدات 1972.

– د. محمد المجذوب: الوسيط في القانون الدستوري اللبناني وأهم النظم السياسية المعاصرة في العالم، منشورات الحلبي الحقوقية 2018.

– د. ساسين عساف، مأزق الفكر السياسي – مسألة العيش المشترك، دار مختارات 1988.

– د. محسن خليل، الطائفية والنظام الدستوري في لبنان، الدار الجامعية، 1992.

– د.أنطوان مسرة:”السياسة اللبنانية نظامًا وممارسات وجديد الأبحاث الجامعية” في اتجاهات البحث في العلوم الاجتماعية.

حاجات المجتمع اللبناني – اللجنة الوطنية اللبنانية للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، 2002.

– قانون الجمعيات الصادر في 13/8/1909.

ثانيًا: في اللغة الأجنبية

•  Arrian, The Campaigns of Alexander, Penguin Books, London, 1971.

C.C.ALLAN, le défi économique du Japon, éd. A.Colin 1983

• ARTHAUD Denise, KASPI André: histoire des Etats Unis, éd. A. Colin 1969 .

• Frank R. Baumgartner, Jeffrey M. Berry, Marie Hojnacki, David C. Kimball, Beth L. Leech, Lobbying and Policy Change: Who Wins, Who Loses, and Why, University of Chicago Press, Spring 2009.

• CALMEN Michel, Le lobbying et ses secrets, éd. Dunond 1995

• CARAMANI Daniele, Comparative Politics, Oxford University Press, United States of America, 2011.

• CHARIÉ Jean-Paul, Livre bleu du lobbying en France, Rapport présenté a l’Assemblée Nationale, Commission des Affaires Économiques, 2008.

• CHARLOTJean, les partis politiques éd. A Colin paris 1971

• DONOVAN Todd, SMITH Daniel A., OSBORN Tracy, MOONEY Christopher Z., State and Local Politics: Institutions and Reform, 4th Edition, Cengage Learning, Stamford, USA, 2014

• GAWANDE Kishore, KRISHNA Pravin, OLARREAGA Marcelo, “Lobbying Competition Over Trade Policy”, Working Paper 11371, National Bureau of Economic Research, Massachusetts, May 2005.

• Gilles Lamarque, le lobbying P.U.F, 1994

• KNIGHTS David, WILLMOTT Hugh, Introducing Organizational Behaviour and Management, Thomson Learning, London, 2006.

•MEYNAUD Jean, Les Groupes De Pression, Les Presses Universitaires de France, Collection : « Que Sais-Je ?» Le Point Des ConnaissancesActuelles, N° 895, Paris, 1965.

• MOUSSE Jean: éthique et entreprise, éd Vuibert Paris 1993.

• PATEL Fay, SOOKNANAN Prahalad, RAMPERSAD Giselle, MUNDKUR Anuradha, Information Technology, Development, and Social Change, 1st Edition, Routledge Studies in Development and Society, New York and London, 2014.

• SCHWARTZENBERG Roger-Gérard, Sociologie Politique, Sociologie Politique, Édition Montchrestien, paris, 1974.

• Yves SCHMEIL: sociologie du système politique libanais, pub de l’université de Grenoble 1976

• Steffen SCHMIDT, SHELLEY Mack, BARDES Barbara, American Government and Politics Today: The Essentials, in 15thEdition, Cengage Learning, Stamford, USA, 2008

• SLOOF Randolph, Game-Theoretic Models of the Political Influence of Interest Groups, Springer, USA, 1998

• SPECK Bruno Wilhelm, OLABE Paloma Baena, Money in Politics: Sound Political Competition and Trust in Government, OECD, Paris, 14-15 November 2013

• TILES J. E., John Dewey: Political Theory and Social Practice, Routledge, New York and London, 1992

• WALKER Jr. Jack L., Mobilizing Interest Groups in America: Patrons, Professions, and Social Movements, University of Michigan Press, Michigan, 1991

ثالثًا: الأبحاث والمقالات في اللغة الأجنبية:

•  Barney JOPSON, Patti WALDMEIR, “Delta faces backlash for cutting NRA ties after school shooting,”in The Financial Times, 28 February 2018.

•  Brian PHILLIPS, “Lobbying and Political Power,” in Capitalism Magazine, 04 March 2013.

•  Kyle PETERSON, Marc PFITZER, “Lobbying for Good,”in Stanford Social Innovation Review Winter, 2009.

•  RICHARD PÉREZ-PEÑA, “Gun Control Explained,”inThe New York Times, 07 October 2015.

•  ROBERT Patrice , Revue Gestion Novembre 1990.

•  Roberta RAMPTON, Makini BRICE, “U.S. gun lobby slams anti-gun ‘elites’ after Florida school massacre,”in Reuters, 22 February 2018.

رابعًا: مواقع الإنترنت:

–   http://brises.org/notion.php/groupe-de-pression/lobby/notId/81/notBranch/81/

–   http://www.thecanadianencyclopedia.com/articles/fr/groupe-de-pression

–   http://perspective.usherbrooke.ca/bilan/servlet/BMDictionnaire?iddictionnaire=1632


[1]–     قانون الجمعيات الصادر في 13/8/1909 أي في العهد العثماني.

[2]–     د. محمد المجذوب: دراسات في السياسة والأحزاب: منشورات عويدات 1972، ص 49.

[3]–     د. محمد المجذوب: الوسيط في القانون الدستوري اللبناني وأهم النظم السياسية المعاصرة في العالم ، منشورات الحلبي الحقوقية 2018، ص 649.

[4]–     .Yves SCHMEIL: sociologie du système politique libanais, pub de l’université de Grenoble 1976 p. 106 et s

[5]–     .Jean CHARLOT, les partis politiques éd. A Colin paris 1971 p. 49

[6]–     .Patrice ROBERT, Revue Gestion Novembre 1990

[7]–     .Denise ARTHAUD , Andre KASPI : histoire des Etats Unis, éd. Armand Colin 1969

[8]–     Jean-Paul CHARIÉ, Livre bleu du lobbying en France, Rapport présenté à l’Assemblée Nationale,

.Commission   des Affaires Economiques, 2008

[9]–     .Michel CALMEN , Le lobbying et ses secrets, éd. Dunond 1995 p. 16

[10]–    .Jean MOUSSE: éthique et entreprise éd Vuibert Paris 1993

[11]–    .Roger-Gérard SCHWARTZENBERG, Sociologie Politique, éd Montchrestien, Paris, 1974, p.625

[12]–    .http://brises.org/notion.php/groupe-de-pression/lobby/notId/81/notBranch/81/

[13]–    David KNIGHTS, Hugh WILLMOTT, Introducing Organizational Behaviour and Management

.Thomson Learning, London, 2006, p. 362

[14]–    .Roger-Gérard SCHWARTZENBERG, op.cit., p.590

[15]–    .Jean MEYNAUD, Les Groupes De Pression, P.U.F «Que Sais-Je ?» N° 895, Paris, 1965, pp. 12-14

[16]–    .Jean MEYNAUD,op. cit., p. 10

[17]–    .http://www.thecanadianencyclopedia.com/articles/fr/groupe-de-pression

[18]–    .David KNIGHTS, Hugh WILLMOTT, op. cit., p. 326

[19]–    Todd DONOVAN, Daniel A. SMITH, Tracy OSBORN, Christopher Z. MOONEY, State and

.Local Politics: Institutions and Reform, 4th Edition, Cengage Learning, Stamford, USA, 2014, p. 165

[20]–    “يجب التمييز بين رجل السياسة ورجل الدولة: رجل السياسة يتصرّف وكأنّ الأمة ملك له، ورجل الدولة يعتبر نفسه ملك الأمة، رجل السياسة يعمل للانتخابات المقبلة، ورجل الدولة يعمل للأجيال المقبلة”، السفير فؤاد الترك، الجمهورية 27 أيلول 2011.

[21]–    .Jean MEYNAUD,op. cit., p. 46

[22]–    .Ibid., p. 75

[23]–    .Jean MEYNAUD, op. cit, p.27

[24]–    .ibid., pp. 28-29

[25]–    .J. E. TILES, John Dewey: Political Theory and Social Practice, Routledge, New York and London, 1992, p. 144

[26]–    .ibid., p. 397

[27]–    Fay PATEL, Prahalad SOOKNANAN, Giselle RAMPERSAD, Anuradha MUNDKUR, Information Technology, Development, and Social Change, 1st Edition, Routledge Studies in

 .Development and Society, New York and London, 2014

[28]–    “الفرق بين الحاكم الذكي والحاكم العبقري: إنّ الذكي يعرف أن يوصل نفسه إلى غايتها والعبقري يعرف أن يوصل وطنه إلى غايته …”، السفير فؤاد الترك، مرجع سابق.

[29]–    .ibid

[30]–    .Roger-Gérard SCHWARTZENBERG, op.cit., p.623

[31]–    .Roger-Gérard SCHWARTZENBERG, op.cit., p. 626

[32]–    .C.C.ALLAN , le défi économique du Japon éd. A.Colin 1983 p. 43

[33]–    Steffen SCHMIDT, Mack SHELLEY, Barbara BARDES, American Government and Politics Today

.The Essentials, in 15th Edition, Cengage Learning, Stamford, USA, 2008, p. 271

[34]–    Randolph SLOOF, Game-Theoretic Models of the Political Influence of

.Interest Groups, Springer, USA, 1998, p. 147

[35]–    .Fay PATEL, Prahalad SOOKNANAN, Giselle RAMPERSAD, Anuradha MUNDKUR, op. cit

[36]–    Bruno Wilhelm SPECK, Paloma Baena OLABE, Money in Politics: Sound Political Competition and

.Trust in   Government, OECD, Paris, 14-15 November 2013, pp. 13-19

[37]–    .Jean MEYNAUD, op. cit, pp. 41-42

[38]–    Jack L. WALKER Jr., Mobilizing Interest Groups in America: Patrons, Professions, and Social

.Movements, .University of Michigan Press, Michigan, 1991, p. 103-104

[39]–    .Jean MEYNAUD, op. cit, p.p. 71-72

[40]–    .Jean MEYNAUD, op. cit., pp. 56-57

[41]–    .Jack L. Walker Jr., op. cit., p. 39

[42]–    .ibid., p. 39

43]–    .Jean MEYNAUD, op. cit, p. 76-77

[44]–    .Jack L. Walker Jr., op. cit., p. 39-40

[45]–    .Jean MEYNAUD, op. cit, p. 29-30

[46]–    Kishore GAWANDE, Pravin KRISHNA, Marcelo OLARREAGA, “Lobbying Competition Over

.Trade Policy,” in National Bureau of Economic Research, Massachusetts, Working Paper 11371,May 2005

[47]–    .Jean MEYNAUD, op. cit, p.30

[48]–    .Jean MEYNAUD, op. cit, p.30

[49]–    .Daniele CARAMANI, Comparative Politics, Oxford University Press, United States of America, 2011, p.267

[50]–    .Daniele CARAMANI, op. cit., p. 267-268

[51]–    Jack L. Walker Jr., Mobilizing Interest Groups in America: Patrons, Professions, and Social

.Movements, University of Michigan Press, Michigan, 1991, pp. 103 – 104

[52]–    .Daniele CARAMANI Comparative Politics, op.cit., pp. 265 -266

[53]–    .Brian PHILLIPS, “Lobbying and Political Power”,op. cit

[54]–    .Daniele CARAMANI, op.cit., p.261

[55]–    Kyle PETERSON, Marc PFITZER, “Lobbying for Good,”in Stanford Social Innovation Review Winter, 2009, pp. 44-47; Frank R. Baumgartner, Jeffrey M. Berry, Marie Hojnacki, David C. Kimball, Beth L. Leech, Lobbying and Policy Change: Who Wins, Who Loses, and Why, University of Chicago

.Press, Spring 2009, p. 6-12

[56]–    .http://brises.org/notion.php/groupe-de-pression/lobby/notId/81/notBranch/81/

[57]–    Barney JOPSON, Patti WALDMEIR, “Delta faces backlash for cutting NRA ties after school shooting”, in The Financial Times, 28 February 2018; Roberta RAMPTON, Makini BRICE, “U.S. gun lobby slams anti-gun ‘elites’ after Florida school massacre,”in Reuters, 22 February 2018; RICHARD PÉREZ-PEÑA, “Gun Control

.Explained,”in The New York Times, 07 October 2015

58]–    بولس الصياح، ينبوع الحكم الطبعة الأولى، 1970، ص. 72.

[59]–    Jean-Paul CHARIE, Livre bleu du lobbying en France, Rapport présenté à l’Assemblée Nationale, Commission

.des Affaires Économiques, 2008

[60]–    .Kyle PETERSON, Marc PFITZER, “Lobbying for Good” in Stanford Social Innovation Review Winter, 2009

[61]-د. ساسين عساف، مأزق الفكر السياسي – مسألة العيش المشترك، دار مختارات 1988، ص 50.

[62]–      د. محسن خليل، الطائفية والنظام الدستوري في لبنان، الدار الجامعية، 1992، ص119.

إعداد: أ د. عصام مبارك
أستاذ في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى