الإرهاب من زاوية غير مألوفة

التّعامل مع الإرهاب:

لماذا لا يوجد تعريف للإرهاب مقبول عالميّا؟ وما هي الآثار المترتّبة عن هذه المسألة؟

علينا مناقشة الجملة: “إنّ الإرهابيّ عند أحدهم، هو مقاتل من أجل الحرّيّة عند الآخر”. وكذلك القضيّة الحسّاسة  سياسيّا والمتعلّقة بقائمات المنظّمات الإرهابيّة؛ هذه القائمات السّوداء للمنظّمات المصنّفة إرهابيّة.

كذلك علينا دراسة حالة الدّراسات الفنّيّة للإرهاب، وعلينا شرح أسباب صعوبة مثل هكذا دراسات.

 ثمّ، هناك الاِفتراضات الخمسة الّتي تحوم حول الإرهاب.

وكذلك الاِفتراضات  الخمسة لمكافحة الإرهاب.(*)

لكن ما نريد الاِهتمام به هو أنّه من الضّروريّ تعميق البحث في موضوعات معيّنة، مثل عدم وجود توافق في الآراء بشأن بعض الاِفتراضات، والتّحدّيات المستمرّة لصانعي السّياسات.

وهكذا، في هذه الورقة، سنجري أوّلا جردا للأسئلة الّتي لم تلقَ إجابة، وسندرس الموضوعات الّتي لم تدرس أصلا أو درست بسطحيّة، ثمّ نتطرّق للتّحدّيات المستمرّة لصانعي السّياسات.

وأودّ التّركيز على قضيّتين مهمّتين رئيستين، في رأيي، وتستحقّ المزيد من الاِهتمام:

الأولى، تخصّ الآثار النّاجمة عن الخوف من الإرهاب، وكيف يمكننا الحدّ من تأثير الحوادث الإرهابيّة.

ثانيا، سوف نقوم بدراسة اِتّجاهات وتطوّرات الإرهاب، من أجل تشكيل سياسات لمكافحته غدا، وكذلك البحث في الإرهاب وفي مكافحته.

مواضيع غير مدروسة:

سوف ننظر في ما لا نعرف، أو ما نحن لا نعرف عنه إلاّ القليل جدّا أو، بعبارة أخرى، سوف نركّز على أسئلة لم يتمّ الإجابة عليها/ المواضيع الّتي درست دون تعمّق أو لم تدرس أصلا/ وكذلك النّقاشات الحاليّة والتّحدّيات المستمرّة.

سدّ الفجوة:

بالطّبع  هناك عديد الباحثين الّذين أشاروا إلى أوجه القصور في مجال دراسات الإرهاب: نذكر من بينهم ماغنوس رانستورب، أندرو سيلك وأليكس شميد، الّذين أنتجوا منشورات تجلب الاِنتباه حول الحالة الرّاهنة للبحوث في مجال الدّراسات حول الإرهاب، وأيضا اِنتقادات لما تمّ إنتاجه منذ 11/9 .

فمثلا اِقترح أليكس شميد لائحة من 50 موضوعا وقعت دراستها بصفة ضئيلة أو لم تدرس أصلا في مجال الإرهاب.

لو نلقي نظرة على هذه القائمة. هناك عدد من الموضوعات المدرجة على هذه القائمة هي في الواقع ترتبط اِرتباطا وثيقا بما نناقشه في منتدياتنا غير الرّسميّة…

على سبيل المثال، الموضوع الثّالث على قائمة أليكس شميد، تهتمّ بالآثار غير المرغوب فيها، الجوانب غير المتوقّعة والآثار المرتدّة، أو الآثار “المنتكسة” من المعركة ضدّ الإرهاب، وسبل التّعرّف عليه والتّقليل منه/ فكّروا  في المناقشة حول اِستخدام الطّائرات بدون طيّار.

مثال آخر هو موضوع متّصل بالعلاقة بين وسائل الإعلام، الإنترنت والإرهاب- تأثير البعض على بعضها الآخر-/ ما يمكن القيام  به  في هذا الشّأن مع اِحترام حرّيّة التّعبير. هذا هو عدد 18 على القائمة.

كما لاحظنا وجود الكثير من الحديث عن اِنتهاكات حقوق الإنسان من طرف الدّولة، وذلك كجزء من سياساتها لمكافحة الإرهاب؛ وهو يعتبر موضوع هامّ لم يدرس كثيرا، ولا سيّما فيما يتعلّق بأسئلة مثل: إلى أيّ مدى اِنتشرت هذه الوضعيّة؟ وهل تؤخذ هذه الظّاهرة  على محمل الجدّ؟ وإذا كان الأمر كذلك، كيف؟ وهذا هو رقم 34 في قائمة أليكس شميد.

وأخيرا، وهو موضوع لم يتدارس كثيرا، لأنّه ظاهرة جديدة: ما يسمّى بالرّبيع العربيّ. من المهمّ  دراسة الآثار المترتّبة على التّعاون في مجال مكافحة الإرهاب وآثاره بشكل عامّ. موضوع رقم  48 في القائمة.

شخصيّا، أودّ الإسهام، ولو بخجل، في موضوعين: المواضيع  عدد تسعة وعشرة. عدد تسعة يهتمّ بتحذير عموم المواطنين ومسألة التّواصل في الأزمة، قبل، أثناء وبعد وقوع الهجوم الإرهابي.

ونفس الشّيء بالنّسبة للموضوع عدد 10، المهتمّ بقوّة التّأثير؛ كيف يمكننا تعزيز صمود العامّة؟ ما هي سياسات بعض الدّول؟ يذكر أليكس شميد  كولومبيا وإسرائيل والولايات المتّحدة، ولكن يمكننا أيضا أن نتعلّم من البلدان الأخرى الّتي واجهت أوّل الهجمات المدمّرة أو الهجمات المتكرّرة: العراق، باكستان، الهند أو روسيا. وهذا سنتحدّث فيه لاحقا.

ولكن قبل ذلك، أودّ إضافة موضوع للقائمة الّتي ذكرت. موضوع رقم 51، في رأيي، ينبغي أن يكون حول الفجوة بين واضعي السّياسات وبين الأوساط الأكاديميّة.

هناك عدم اِتّصال/ ربّما يعيشون جزئيّا في عالمين مختلفين/ ما هي الآثار المترتّبة على كلّ من جودة البحوث وجودة إعداد السّياسات؟

أعتقد أنّ تقليص الفجوة بين العالم السّياسي والعالم الأكاديميّ مهمّ جدّا. إذا كان أحدهم  يريد اِستخدام الأجوبة المولّدة من قبل الطّرف الآخر/ وإذا كانت الأوساط الأكاديميّة تريد الإجابة عن الأسئلة الفعليّة الواقعيّة للعالم السّياسيّ، فردم هذه الفجوة هو مهمّ حقا وحتميّ.

ولنعلم أنّ سبب وجود هذا الفرق، هو  عيش الفريقين  في ديناميكيّات مختلفة، يعيشون في عالمين مختلفين. يتحدّد العالم السّياسي  بروح وسائل الإعلام وبالبرلمان، وبعامّة النّاس الّذين يريدون إجابات للتّهديدات والاِعتداءات والحوادث الإرهابيّة، إجابات تكون الآن، وعلى الفور.

وطبعا العالم الأكاديميّ له ديناميكيّة مختلفة، وطريقة للإجابة على الأسئلة مختلفة أيضا.

 وإذا كان أحدهم يريد أن يفهم الآخر،  فعليهم الاِلتقاء والتّعرّف على عوالمهم المختلفة. التّعرّف على عالم الآخر يعني العيش في عالمه لفترة من الوقت، يلتقي معه في نفس الفضاء، في نفس البيئة والتّحدث إليه. ومحاولة  التّعاطف فعليّا معه وفهم ماهيّة اِحتياجاته.

وترجمة هذه الاِحتياجات السّياسيّة إلى قضايا وأسئلة أكاديميّة هو في حدّ ذاته  تحدّ حقيقيّ.

فصنّاع السّياسات، والمتسيّسون مازالوا لا يستطيعون ترجمة ما يحتاجون إلى معرفته إلى قضيّة للبحث الأكاديميّ.

عليهم أن يجتمعوا في النّدوات والحوارات والنّقاشات/ عليهم أن يتبادلوا الموظّفين/ والمعرفة/ وديناميّات كلّ من العالميْن/ وكلّ هذا مهمّ للغاية.

في الختام، أودّ التّأكيد على أهمّية  قائمة أليكس شميد  من جانب أنّها تعطي  لمحة عامّة وجيّدة حول التّحدّيات المستمرّة لواضعي السّياسات، في مجال مكافحة الإرهاب. وآمل أن تلهم العديد من الحضور في تجويد دراساتهم حول الإرهاب..

الخوف والصّمود:

 ذكرنا سابقا عددا من القضايا الّتي تتطلّب اِهتمامنا، وأكّدنا على الخوف من الإرهاب، المرونة. وإدارة الخوف قبل أو أثناء أو بعد الحادث الإرهابيّ.

سنحاول  اِستكشاف هذه القضايا.

الخوف والصّمود:

بدءا لا بدّ أن نعود إلى تعريف الإرهاب وجوهره.

فرغم عدم وجود تعريف مقبول عالميّا للمصطلح، هناك توافق في الآراء بشأن حقيقة أنّها  أداة تستخدم من قبل بعض الجهات لتحقيق أهداف معيّنة. ولكنّ الجزء المهمّ هو أنّها محاولة لتحقيق هذه الأهداف من خلال نشر الخوف والقلق من خلال أعمال عنيفة. فأعمال العنف هذه هي جزء من الأداة، وليس الهدف في حدّ ذاته.

وتحضرني مقولة  لبريان جنكينز منذ السّبعينات:”إنّ الإرهابيّين يودّون رؤية الكثير من المشاهدين، وليس عددا كبيرا من القتلى”.  وذلك يعني بكلمات أخرى ، الّذي يهمّ هي الصّور وردود الفعل. الطّريقة الّتي نردّ بها الفعل على هجوم بالقنابل أو على إطلاق نار هو، بطبيعة الحال، تحت تأثير وسائل الإعلام، تصريحات السّاسة، إلى آخره.

الاِستثمار ضدّ الإرهاب:

بعد الهجمات على الولايات المتّحدة في 11 سبتمبر 2001، زادت الاِستثمارات في مجال مكافحة الإرهاب  بشكل كبير. كثير من المنظّمات المخابراتيّة  تحصّلت على موارد إضافيّة، وأحيانا على صلاحيّات إضافيّة وكذلك أدوات قانونيّة للقيام بعملهم.

وكانت هناك أيضا اِستثمارات في منظّمات أخرى، في الواقع أيّ فاعل على نحو ما، يمكنه أن يساعد في منع

الأصوليّة العنيفة، التّطرّف والإرهاب، وغيرها…

وشهدنا أيضا عددا من الفاعلين الجدد، وكالات جديدة، منسّقين لمكافحة الإرهاب، ومراكز اِنصهار وإدماج.

خلال السّنوات الخمس أو السّتّ الأولى بعد 11/9 ، كانت لكثير من هذه  الاِستثمارات والتّدابير طبيعة مؤقّتة، تحتوي على ردود الفعل المباشرة على الحوادث والتّهديدات إلى آخره… وكان التّركيز، ولسبب وجيه، على التّوقّي من الهجمات الإرهابيّة، ولا سيّما من جنس 11/09.

لحسن الحظّ، لم يتمكّن تنظيم القاعدة والمنظّمات الإرهابية الأخرى  من اِستنساخ هجوم بهذا الحجم. وفي واقع الأمر، وكما هو معلوم فإنّ عدد  الهجمات في الغرب كانت منخفضة نسبيّا. على الرّغم من أنّ كلّ هجوم هو هجوم إضافيّ آخر. وكلّ ضحيّة هي ضحيّة إضافيّة أخرى. وظلّ هذا العدد منخفضا جدّا، على الأقلّ في الغرب.

للأسف، في أجزاء أخرى من العالم، نلاحظ  زيادة مهولة، ولكن ليس في الغرب.

ومع ذلك، لا يزال تأثير الإرهاب على المجتمع عاليا جدّا. فللإرهاب أهميّة قصوى في جدول الأعمال بالنّسبة للسّياسيّ، ووفقا لاِستطلاعات الرّأي العام، فإنّ كثيرا من النّاس يخافون من الإرهاب.

وبهذا المعنى، فإنّ الإرهابيّين حصلوا على ما يريدونه: الكثير من المشاهدين، رغم أنّهم لم يتمكّنوا من قتل الكثير، مرّة أخرى، على الأقلّ في الغرب.

وهذا يثير سؤالا أساسيّا عن مدى فعاليّة التّدابير المتّخذة ضدّ الإرهاب، فضلا عن مآل جميع هذه الاِستثمارات. على الرّغم من أنّ هذا صعب الإثبات، فقد يقول البعض أنّ الاِستثمارات الضّخمة يبدو أنّها ساعدت على منع الحوادث الإرهابيّة، وهو أمر إيجابيّ.

لكنّ الإرهاب لا يعني  القتل فقط، فإنّه ينطوي أيضا على الخوف.

ونخصّص الجزء الثّاني للخوف، وهنا رأينا أنّه على الرّغم من كلّ هذه الاِستثمارات، لا يزال هناك مستوى عال جدّا من الخوف والاِهتمام المبالغ فيه بالإرهاب.

وسنعطي مثالا على ذلك هولندا، حيث أنّ إرهابيّا واحدا قتل شخصا آخر، المخرج الهولندي ثيو فان جوخ، تسبّب في مستويات عالية جدّا من الخوف في هولندا. وعلى الرّغم من وجود العديد من الاِستثمارات في هولندا،  فإنّ شخصا واحدا كان قادرا على أن يجعل الهولنديّين خائفين جدّا. وهذه المستويات العالية من الخوف سيّئة لسببين على الأقلّ:

أوّلا، هذا يمكن أن يؤدّي إلى الضّيق والقلق، وإلى صور نمطيّة  لبعض الجماعات داخل المجتمع.

ويمكن أن يؤدّي إلى تفضيل ردود فعل براغماتيّة  شديدة بالنّسبة للإرهاب، وتفسيرات بسيطة سطحيّة لهذه الظّاهرة، وهذا هو السّبب الثّاني الّذي يجعلنا نعتبر أنّ للخوف  تأثيرا سلبيّا على المجتمع.

هذه الأسباب المباشرة والتّفسيرات البسيطة للإرهاب تكون  في أغلب الأحيان اِستجابة تلقائية وآليّة إلى حدّ ما من قبل صنّاع القرار والسّياسيّين والجمهور العامّ. إنّها تقريبا تكون مثل الاِنعكاس.

وعلى الرّغم من أنّها مفهومة، فهي يمكن أن تؤدّي إلى سياسات وإلى تدبير وإعداد سياسات دون المستوى الأمثل، بل وأسوأ من ذلك، يمكن أن تؤدّي إلى ردود فعل مفرطة من طرف الرّأي العامّ والسّياسيّين وصانعي السّياسات.

وهذا، بدوره، يمكن أن يؤدّي إلى اِستقطاب داخل المجتمع، إلى التّطرّف:  قد تجد نفسك في دوّامة سلبيّة، حيث الخوف من الإرهاب يؤدّي إلى مزيد من الإرهاب/ وبعض الإرهابيين يدركون ذلك جيّدا،  ويجعلون الخوف ملعبهم الخاصّ بهم.

تجنّب المخاطر والخوف:

درس عالم الاِجتماع البريطانيّ فرانك فوريدي، وهو واحد من النّقّاد الأكاديميّين البارزين لمقاربة مكافحة الإرهاب الّتي تؤدّي إلى مزيد من الخوف والقلق، درس إلى أيّ حدّ يجد المجتمع الغربي صعوبة في التّأقلم مع التّغيّرات ومع المخاطر.

درس ردود الفعل الغربيّة- الولايات المتّحدة، المملكة المتّحدة- تجاه أحداث 11/9، وحذّر ممّا أسماه “ثقافة الخوف”. فقد وصف في كتابه ” الدّعوة إلى الإرهاب “، كيف أنّ الخوف يؤدّي إلى سلوكات مسلِّمة قدريّة جبريّة/ إلى التّشاؤم/ إلى الهشاشة، والخوف من الإرهاب.

ووفقا لفوريدي، فإنّ مثل هذا الموقف ومثل هذا الفكر ينتج نبوءة  تحقّق ذاتها، ودعوة إلى إرهاب ذاتيّ. والإرهابيّون يعلمون ذلك جيّدا (وهذا هو الخطر). لنأخذ على سبيل المثال عبارة كثيرا ما تستخدم “نحن نحبّ الموت أكثر ممّا تحبّون الحياة “، والّتي تهدف إلى تخويف الكثيرين.

وللأسف، فصنّاع السّياسة والسّياسيّون ينتجون أحيانا شعارات تجعل الإرهابيّين والإرهاب أكثر أهمّية وأكبر إثارة للخوف ممّا هم عليه في الواقع. فشعارات مثل “الحرب العالميّة ضدّ الإرهاب” أو” الحرب الطّويلة” ليست دائما مفيدة، وأحيانا تكون مستفزّة ومربكة حول التّهديد أو أهمّية التّهديد الّذي نواجهه، ووفقا لفوريدي، فإنّ تصرّفا كهذا يقوّض قدرتنا على التّعامل معه. ويقول إنّه “ينبغي التّأكيد على أنّ الخوف الثّقافيّ يؤدّي إلى أكثر من الخوف من الإرهاب”. وهذا ما أكّد عليه البعض بظهور ما يسمّى “مجتمع المخاطر”، ويمكن أن نعبّر عنه بصورة أفضل بـ”مجتمع تجنّب المخاطر”.

وهذا يدلّ كيف أصبح الغرب  على وجه الخصوص أكثر هشاشة تجاه الحوادث والكوارث والأحداث العنيفة.

 تغيير المواقف:

وفي هذا السّياق، علينا توجيه نداء لتغيير الموقف تجاه الإرهاب، للحدّ من تأثيره، لا سيّما في البلدان الّتي لم تستهدف كثيرا بالإرهاب، والإرهاب ليس تهديدا يوميّا لها.

إحدى الكلمات، واحدة من الأفكار الّتي تمّ طرحها للنّقاش حول تأثير الإرهاب على السّياسات والمجتمعات هو مفهوم الصّمود: هذا المفهوم نجد له جذورا خاصّة في علم النّفس والهندسة المدنيّة والعلوم البيئيّة.

وهذا المصطلح يشير إلى قدرة الموادّ أو الأشخاص أو  البيوتوب على تحمّل التّغيّرات المفاجئة أو الضّغط، وكذلك القدرة على التّعافي والعودة إلى الحالة الأوّليّة، إلى نفس الوضع كما كان من قبل.

ولكن في موضوع  مكافحة الإرهاب، فالمقاومة والصّمود والمرونة  يمكن اِعتبارها  كقدرات كبيرة للتّصدّي للأثر السّلبيّ للإرهاب، لخوف الأفراد والمجتمعات تجاه الإرهاب.

فمجتمع صامد مرن هو أكثر قدرة على التّأقلم وإلى التّعافي بعد هجوم إرهابيّ؛ فالإرهابيّون الّذين يهاجمون مجتمعا صامدا مَرِنًا سوف يجدون صعوبة في أن يؤثّروا فيه وأن يحقّقوا أهدافهم.

بحث في الصّمود:

معرفتنا بأهمّيّة ودور المقاومة أو الصّمود  في اِتّصالها بالإرهاب ومكافحته محدودة، ولكن لحسن الحظّ، في السّنوات الأخيرة، كان هناك المزيد من البحوث في هذا المجال. ولاحظنا  أيضا عددا متزايدا من التّقارير الحكوميّة الّتي تدرس التّواصل في الأزمة ردّا على هجمات إرهابيّة محدّدة.

وهذا يدلّ على أنّه، على الأقلّ في عدد من الدّول، بدأت الحكومات تعي الآثار السّلبيّة النّاجمة عن ردود الفعل المفرطة. لكن للأسف، لا يزال هناك عدد كبير جدّا من حالات الإرهاب، من الهجمات الإرهابيّة، الّتي لا يبدو أنّ السّلطات والجهات الفاعلة الأخرى توليها الكثير من الانتباه من حيث إدارة الخوف.

ففي السّنوات الأخيرة، واجهنا عددا من هذه الأمثلة من ردود الفعل المفرطة إثر هجمات إرهابيّة. نذكر على سبيل المثال التّعامل مع الهجوم الإرهابيّ في بوسطن، تفجير ماراثون بوسطن. فالكثير من الأشياء أديرت بشكل جيّد للغاية، ولكن بالنّسبة لعديد الملاحظين هناك مبالغة في ردّ الفعل عقب مقتل ثلاثة أشخاص، و إصابة الكثير من قبل إرهابيّين اِثنين.

الشّيء نفسه ينطبق على الهجوم على جنديّ بريطانيّ في ولويتش، وهي مدينة في ضواحي لندن.

وأعتقد أنّه في كلتا الحالتين، حصل منفّذو العمليّتين على الاِهتمام الّذي أرادوه، وأنّه،  في نظر العديد من الملاحظين، لا بدّ من بذل المزيد من الجهد للحدّ من تأثير عمليّاتهم.

في ضوء ذلك، وبالنّظر إلى التّكاليف غير المباشرة وطويلة الأجل الّتي ولدت مع الخوف من الإرهاب، فقد حان الوقت لنركّز على مفهومي التّواصل والصّمود، باِعتبارهما جزء لا يتجزّأ من سياساتنا  لمكافحة الإرهاب: ليس فقط علينا أن نحدّ من اِحتمال أن يهاجمنا الإرهابيّون، ولكن يجب علينا أيضا أن نضمن، أنّه عندما نُهاجَم، أن تكون أثار أفعالهم محدودة.

   مستقبل الإرهاب:

الخوف وإدارة التّأثير:

في هذا السّياق، اِستعرضت الباحثة بياتريس دي غراف وإدوين باكر عددا لا يزال محدودا من الكتب/ القواعد والاِستراتيجيّات الّتي تركّز على إدارة الخوف قبل وأثناء وبعد وقوع هجوم إرهابيّ أو حادث آخر يتعلّق بالإرهاب.

هذه الوثائق تأتي أساسا من الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة، وهولندا. وهناك أيضا كتب/ قواعد مثيرة للاِهتمام من الدّنمارك،  الّتي تعطينا أفضل الممارسات في المجالات الثّلاثة التّالية:

أوّلا، أفضل الممارسات المتعلّقة بتنظيم إدارة الخوف. كيفية تنظيم ذلك؟ ما ينبغي أن تفعله الحكومات؟

ثمّ الثّانية مرتبطة بالتّواصل؛

وتتعلّق الفئة الثّالثة بالقدرة على مواجهة الإرهاب (الصّمود).

تنظيم إدارة الخوف:

بشأن تنظيم إدارة الخوف، فإنّ السّؤال الرّئيس هو: “كيف يمكن للحكومات والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصّلة  أن تحدّ

من تأثير الإرهاب عن طريق الخفض من الخوف والقلق والتّرهيب؟ “

أحد الاِستنتاجات أو الإجابات المذكورة والأكثر وضوحا وهو وجوب التّعاون والتّنسيق.

ثمّ ذكرت أمرا آخر في غاية الأهمّية وهي الحاجة إلى معرفة ما  يفعله الآخرون، وأن يكون لدينا مجموعة من البروتوكولات.

وأضافت مسألة أخرى مهمّة ذكرتها وهي الحاجة إلى الممارسة والتّطبيق مجتمعين.

والّذي يُذكر على وجه التّحديد في العديد من التّقارير والدّراسات، هو الحاجة إلى إقامة شراكات مع الجمهور ومع وسائل الإعلام. يجب أن تعمل الحكومة مع وسائل الإعلام. وأيضا، هناك مجموعة مميّزة جدّا تتطلّب  شراكة وهم ممثّلو أو النّاطقون باِسم الأقلّيات العرقيّة، الثّقافيّة أو الدّينيّة.

والفكرة هي أنّه يجب أن يعمل الكلّ جنبا إلى جنب مع الحكومة، وذلك بهدف التّعامل مع الاضطرابات والتّوتّرات من العامّة ، والتّأكّد لمنع حدوث زيادة في الخوف والقلق.

وأخيرا ينبغي أن تتضمّن إدارة الخوف رصد ردود الفعل  إزاء الإجراءات الحكوميّة، أداء الحكومة…

 التّواصل:

فيما يتعلّق بالتّواصل، فإنّ التّحدّي الرّئيس هو تحديد الأهداف ومضمون الرّسالة. ونحن نعتقد أنّ نقطة البداية ينبغي أن تكون عبر الاِستماع إلى مخاوف المواطنين. وهناك ممارسات جيّدة أخرى وتوصيّات مفيدة جدّا وتشمل النّزاهة، الصّدق، الصّراحة والاِنفتاح، وتجنّب الغموض والسّرّية دون مبرّر.

مجموعة أخرى من التّوصيات تشمل التّواصل بعطف واِهتمام ورأفة. وفي حالة وقوع الحادث، فإنّ السّاعة الأولى تعتبر  حيويّة، فهي السّاعة الذّهبيّة، والّتي يمكن أن تعطي نغمة لبقيّة إدارة التّواصل في هذه الأزمة؛ في هذه الحالة، حادث إرهابيّ.

في المرحلة الأولى، من المهمّ جدّا أن نقدّم الحقائق وكذلك التّدابير الاِستشاريّة للجمهور، وشرح وتوضيح ما يحدث، ولماذا اُتّخذت بعض الإجراءات والقرارات. مع تأكيد ودحض الشّائعات في أسرع وقت ممكن.

وعلى الرّغم من الصّورة النّاقصة- وفي معظم حالات الحوادث الإرهابيّة، هناك صورة غير كاملة- من المهمّ أن نقدّم رسالة واضحة وموجزة عمّا يحدث.

نبرة الصّوت  مهمّة جدّا، وحتى لو لم يكن هناك الكثير لإبلاغه، فإنّه من المستحسن أن نتواصل مع الجمهور.

إذا لم تعط خبرا فإنّ ذلك خبر في حدّ ذاته؛ فإذا لم تعط  جديدا، وإذا كان هناك نقص في التّواصل والمعلومات فإنّك تترك المجال مفتوحا للتّكهّنات في وسائل الإعلام وعند الجمهور.

وهذه وصيّة أيضا إلى السّلطات حتّى تكون على بيّنة من مخاطر ردود الفعل المبالغ فيها. ولا ينبغي لها أن تلعب لعبة  الإرهابيّين، ويمكنها تجنّب اِستخدام البلاغة الّتي لا لزوم لها أو الكلمات الّتي تثير المخاوف. ومن المهمّ أيضا أن يدرك واضعو السّياسات والمسؤولون  أنّ هناك  رسالة مضمّنة وراء الإجراءات المادّية الّتي  وقع اِتّخاذها:  طائرات الهليكوبتر في السّماء، وفرق الاِعتقال الخاصّة في الشّارع. إنّها ليست إجراءً أو تدبيرا فقط. فكلّ ذلك هي رسائل، ويجب أن نعيَ ذلك. مرّة أخرى، علينا شرح  ما يحدث للجمهور.

وفي الوقت نفسه، يجب مراقبة ما يجري عند الجمهور، في الأماكن العامّة.  بالتّأكيد، يمكنك ملاحظة  كيف يتفاعل الجمهور مع ما تفعله، وذلك عبر الشّبكات الاِجتماعيّة.

إنّ  الهدف العامّ من التّواصل هو الحدّ من أثر الحادث، وتطبيع المجتمع. وبالتّالي فإنّ الفكرة الأساسيّة هي العودة إلى الحياة الطبيعيّة بأسرع وقت ممكن، والعودة إلى الحياة الطبيعيّة في أقرب وقت ممكن. ولكن أيضا- بالطبع- إيلاء الاِهتمام للمتابعة، للتّوتّر وللعواطف لدى الجمهور.

القدرة على مقاومة الإرهاب:

واحدة من أهمّ التّوصيّات حول الصّمود هي توفير شعور بالنّجاعة الشّخصيّة. وينبغي على السّلطات إبلاغ الجمهور كيف يمكن أن يكون الفرد مفيدا، أو تشير إلى كيف  يمكن أن يساعد النّاس بعضهم البعض. فالنّاس لا يريدون أن يكونوا مجرّد متفرّجين أو ضحايا. إنّهم يريدون  فعل شيء ما. فهم يرون  شيئا فظيعا يحدث، إنّهم يريدون القيام بشيء ما. يريدون أن يكونوا مفيدين.

على سبيل المثال، بإمكانهم إعطاء إسعافات أوّليّة، أو تقديم الصّور الّتي اِلتقطوها بهواتفهم النّقالة للشّرطة. أو المشاركة في المسيرات في الأيّام الّتي تلي هذا الهجوم، قائلين “لا للإرهاب”.

لقد رأينا العديد من الأمثلة على ذلك في السّنوات الأخيرة: وهو ما يساهم  في زيادة الصّمود، ويمكن أن يساعد- في وقت لاحق- للتّقليل من اِحتمال الخوف المفرط، من ردود الفعل المفرطة ومن التّوتّر بين الشّرائح  المختلفة من المجتمع .

وهذا يقودنا إلى مجموعة ثانية من التّوصيات والدّروس المستفادة. وهي ترتبط بالرّعاية الموجّهة إلى عموم الجمهور، وينصح السّلطات أن لا تركّز فقط على الضّحايا المباشرين- قتلى وجرحى -ولكن أيضا عليها الاِهتمام  بالنّاجين، المصدومين  ممّا رأوا وعاشوا.

ففكرة العناية بهؤلاء الضّحايا ورعايتهم مهمّة، وذلك من أجل منع جميع أنواع الآثار الجانبيّة مثل الاِستقطاب والتّوتّر بين الجماعات وكذلك اِنتشار الخوف والقلق.

ومع هذا، وقد ذكرنا ذلك سابقا، يمكننا أن نحدّ  وقع العمليّات بإحضار ممثّلي العديد من الأقليّات والجماعات الأخرى، لإبرام اِتّفاقات متعلّقة بدورها المحتمل، للتّعامل مع الفوضى والتّوتّرات المحتملة.

ويمكن لهذه الدّروس المستفادة والتّوصيات المقدّمة أن تكون ذات قيمة كبيرة للحدّ من إمكانيّة حصول الإرهابيّين على ما يريدون: ترهيب جدّيّ للسّكّان وزعزعة اِستقرار البلاد.

هذه بعض الأهداف الرّئيسة  للإرهابيّين من المهمّ جدّا أن تدرج ، حسب رأينا، في إدارة الخوف وإدارة الأثر/ الوقع، في السّياسة العامّة لمكافحة الإرهاب. وبطبيعة الحال، جنبا إلى جنب مع الجهود الكبيرة للحدّ من اِحتمال وقوع هجوم إرهابيّ كلّما أمكن ذلك. ولحسن الحظّ، فإنّنا في السّنوات الأخيرة، بدأنا نولي اِهتماما أكثر وأكثر إلى تنظيم وممارسة التّواصل الأزميّ، فضلا عن زيادة الصّمود تجاه الإرهاب.

نأمل أن تعي عدد متزايد من الحكومات أنّه إذا أمكننا أن نجعل الأمر أكثر صعوبة- بالنّسبة للإرهابيّين- فيما يخصّ تأثيرالعمليّات على المجتمع، فإنّ هذه الأداة، هذا الإرهاب، يمكن أن يصبح، على المدى الطّويل، أداة أقلّ إجزاءً وأقلّ فعاليّة ممّا هي عليه اليوم..

 

 

مستقبل الإرهاب:

ماذا يمكننا أن نتوقّع في السّنوات القادمة؟ أيّ نوع من الجماعات الإرهابيّة، أيّ نوع من الهجمات الّتي سنواجهها في الخمس أو العشر سنوات القادمة؟

بالطبع، نحن لا نملك كرة بلّورية، إضافة إلى أنّه من المستحيل التّنبّؤ بالمستقبل. ولكنّنا  نستطيع دراسة العوامل الرّئيسة والاِتّجاهات والتّطوّرات، ووضع سيناريوهات من شأنها أن تساعدنا على فهم لمستقبل ممكن للإرهاب.

أوّلا، سنقوم بدراسة محاولات السّيناريوهات السّابقة، والتّوقّعات المستقبليّة من حيث تطّور الإرهاب.

ثمّ سنرى كيف يمكننا أن نبني على أساس نتائج المحاولات السّابقة.

ونظرا لتعقّد ظاهرة الإرهاب، فمن المستغرب فعلا أن نرى كم من النّاس حاول أن ينظر في المستقبل. فقد اِرتفع عدد التّنبّؤات أو التّوقّعات بشكل كبير بعد 11/9.  ولكن للأسف، حتّى الآن، فإنّ النّتيجة العامّة لهذه الدّراسات رديئة نسبيّا.

فنحن نرى أنّ العديد من الباحثين والخبراء يجدون صعوبة بالغة في توقّع تغييرات في طريقة عمل الإرهاب، والتّغيّرات من حيث اِستخدام التّكتيكات والأسلحة. فهجمات 11/9 شكّلت سابقة. على الرّغم من أنّ لجنة 11/9 تتحدّث عن صدمة وليس عن مفاجأة، فقد قالت إنّ هناك إخفاقات واضحة في التّحليل عند أولئك الّذين كان من المفترض بهم  حماية الولايات المتّحدة من الإرهاب.

ففي فصل “التّبصّر والفهم بعد فوات الأوان”، فإنّهم يقدّمون ما يعتبرونه ربّما الفشل الواضح: نقص في الخيال. فإنّهم لم يروه مقبلا. إنّه نقص في الخيال.

من خلال دراسة المنشورات- المهتمّة بمستقبل الإرهاب- الّتي أصدرتها مراكز البحوث والمؤسّسات الأكاديميّة والوكالات الحكوميّة والّتي نشرت بعد 11/9، نجد أنواعا مختلفة من التّوقّعات، لهم  نوايا مختلفة ومنهجيّات مختلفة- إذا كان لديهم واحدة- وأهداف مختلفة.

وللأسف، فالعديد من الدّراسات غامضة للغاية وغير دقيقة بالنّسبة للتّوقّعات. فهي ليست شفّافة.

ومع ذلك، فإنّ معظم هذه الدّراسات تصبّ في ثلاثة اِستنتاجات عامّة ولكن ليست مميّزة جدّا. هذه المقترحات الثّلاثة الرّئيسة هي على النّحو التّالي؛ ومرّة أخرى، بعضها- أو كلّها- بديهيّة:

الأوّل هو أنّ الإرهاب سيستمرّ في الوجود في المستقبل.

والثّاني: الإرهاب ليس جامدا بل هو ظاهرة متغيّرة، وعنده قابليّة للتّطوّر في المستقبل.

ثمّ، فإنّ الثّالث يتناول الأسباب الّتي تؤدّي إلى تطوّر الإرهاب في المستقبل. وسوف تتأثّر هذه التّغييرات بعوامل هيكليّة، سواء كانت جيوسياسيّة، ديموغرافيّة، تكنولوجيّة أو أيديولوجيّة.

اِنعدام الخيال:

وهذا يطرح السّؤال التّالي: “إلى أيّ مدى تساعد هذه الدّراسات على فهم أفضل لما هو آت؟ ” وعلاوة على ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى عدم الدّقة أو عدم وجود المنهجيّة، والنّقص في الأسس النّظريّة المناسبة لهذه الدّراسات.

ولذلك، فإنّ هذه المجموعة من الكتابات لا تقدّم في الواقع سوى نظرة محدودة لأسباب التّغيير، وتبيّن لنا العوامل الّتي يمكن أن تعتبر أكثر أهمّية من غيرها في تشكيل مستقبل الإرهاب.

ولكنّ هذه القاعدة لديها اِستثناءات، وأودّ أن أشير إلى كتاب برينجار ليا: “العولمة ومستقبل أنماط الإرهاب والتّوقّعات”.

كتاب جيّد جدّا حول مستقبل الإرهاب، الّذي يدرس هذه الأنماط والتّنبّؤات.

أودّ أن أشير أيضا، إلى أنّ معظم التّنبّؤات حول الإرهاب تعطينا المزيد من المؤشّرات  بشأن الإرهاب الحاليّ أكثر من الإرهاب المقبل. وفي واقع الأمر، في معظم الحالات، فإنّ الاِتّجاهات الحاليّة والحوادث الأخيرة تهيمن على التّقارير والدّراسات.

هذا لا ينبغي بالضّرورة أن ينظر إليه سلبا، نظرا إلى أنّ المستقبل، أو غدا، هو في كثير من الأحيان نفس الشّيء كاليوم، مع زيادة أو نقص طفيف. ومن وقت لآخر، فنحن نعلم أنّ الإرهابيين تمكّنوا من مفاجأتنا، بأنواع جديدة من الهجمات، أو أنواع مختلفة من الجماعات، وأحيانا أخرى بطرق لا يمكننا  تخيّلها.

لذلك لا نسمح لأنفسنا لنتخيّل ببساطة مستقبل الإرهاب بوصفه نسخة مطابقة لما هو عليه اليوم. على الأقل إذا أردنا تجنّب المفاجآت غير السّارة.

لا يمكننا تحمّل فشل آخر في الخيال، كما كان الحال بالنّسبة 11/9. لذلك يجب أن نكون قادرين على النّظر إلى أبعد من اليوم، أو على الأقلّ تكون لدينا فكرة لما قد يحمله لنا المستقبل.

في تقرير لتكنولوجيا المعلومات والاِتّصالات وفي دراسة لمجلّة الاِستراتيجيّة الأمنيّة، نلاحظ أنّ معظم التّنبّؤات المستقبليّة كتبها أناس، معظمهم من الرّجال، الّذين يتعاملون يوميّا في ميدان مكافحة الإرهاب، وأساسا من الدّول الغربيّة. من بينهم، أناس  لم يستطيعوا رؤية  حادثة 11/9، وينتجون تقارير غير شفّافة، وغير ممنهجة لمقاربتهم النّسبيّة في توّقعات الإرهاب.

وهذا هو السبب الّذي جعل البعض يدعو إلى اِتّباع مقاربة أكثر اِنتظاما، وذلك باِستخدام أزواج جديدة من العيون. واِقترحوا أيضا تكوين مجموعة  متوازنة أكثر جغرافيّا، من حيث الجنس، بما في ذلك الشّباب، وآخرين تعوزهم الخبرة، لمساعدة الخبراء والأكاديميّين وصنّاع السّياسة… للنّظر في مستقبل الإرهاب.

هذه المقاربة  لا تعتبر بديلا لما هو موجود الآن، ولكنّها يمكن أن تسهم في مقاربة أكثر اِنتظاما وعلى نطاق أوسع، لمناقشة مستقبل الإرهاب، ويمكن أيضا أن تنتج أكثر في  مجال الخيال، والتّفكير بأكثر شموليّة.

================================

(*) الاِفتراضات الخمسة تحدّث عنها عديد الباحثين في مجال الإرهاب… من بينهم ديفيد رابوبورت.

     إبراهيم الزّغلامي

  (إعلامي وباحث من تونس)

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button