دراسات شرق أوسطية

ومضات سريعة

بقلم: أحمد طه الغندور.

3/10/2019.

        من المعروف أنه لا مجال للرتابة في عالم السياسة، فهو عالم متغير مليء بالأحداث المتلاحقة، لذلك نجد أن الدول تضع العديد من الخطط المتنوعة لمواجهة أي طارئ أو حدث مهما كان في مسيرتها وضمن علاقاتها في المجتمع الدولي.

في الحقيقة لا أكاد ألمس هذا الأمر في واقعنا الفلسطيني، رغم أن لدينا الحكومة ولدينا العديد من الوزارات والهيئات والمؤسسات المختصة، والتي لديها خططها وبرامجها المتنوعة، ولكن هل هذه الخطط تعمل على إيجاد الحلول النهائية للقضايا التي تعالجها؟

هذا هو السؤال المُحير في وافعنا الفلسطيني!

لذلك دعنا نناقش بعض الأمثلة التي قد تُبين حقيقة الأمر، وعلى رأي المثل؛ ” بالمثال يتضح المقال “!

لعل أهم سؤال بالنسبة لنا، نحن الفلسطينيون، هل لدينا خطة لإنهاء الاحتلال، وتحقيق تحررنا الوطني؟

ربما لدينا الأمل في ذلك، ولكن لا أعتقد بأن هناك أية خطة فلسطينية وعلى أي مستوى لإنهاء الاحتلال، وأن ما نقوم به ـ على المستوى الرسمي وعلى مستوى التنظيمات ـ أننا مرتهنون للوقت دون مبالاة، نسير وفق جداول الأخرين؛ عام الانتخابات الأمريكية، الانتخابات الإسرائيلية، حرب في الخليج ……

في الوقت الذي يُستنزف فيه الشعب والوطن من كل الطاقات والمصادر، وتحاصرنا الجغرافيا السياسية أكثر فأكثر!

والسؤال الثاني الذي يكشف ستر عوراتنا؛ هل هناك إرادة فلسطينية وخطة حقيقية لإنهاء الانقسام؟ أم أن كل ما طُرح ويطرح في هذا الشأن ” إدارة للوقت ” و ” تقاسم فصائلي ” وارتهان لقوى دولية وإقليمية؟

ما أثار كل هذه التساؤلات؛ ومضات ثلاثة أطرحها فيما يلي:

أما الومضة الأولى، فهي تتعلق بالخبر حول مشاركة فلسطين في فعاليات القمة الدولية للأمن المائي، والتي عقدت في مدينة مراكش، في المملكة المغربية خلال الأسبوع الحالي، والتي تعتبر غاية في الأهمية في الحديث عن ترشيد استخدامات المياه وحسن توظيفها والتعاون العربي والدولي في هذا المجال.

لكن السؤال هل يتوقف أمننا المائي عند هذا الحد، نعم من الضروري الترشيد وحسن التوظيف لمصادر المياه، ولكن ماذا بخصوص حقوقنا المائية؟ إلى متى سنبقى ننتظر مناقشة الموضوع في قضايا الوضع النهائي؟!

إلى متى ينعم “المستوطن الغير شرعي” بالمياه الزائدة عن الحد، و ” المواطن الفلسطيني صاحب الأرض ” لا يجد ما يطفئ ظمائه؟!

ألا نستطيع أن نحاكم الاحتلال؟!

ألا نستطيع أن نأخذ إجراءات فعلية على الأرض لاسترداد بعضاً من مياهنا؟! أو حتى أن نمنع “الاحتلال ومستوطنيه” من تلويث مصادر المياه لدينا؟!

لعل الومضة الثانية ترشدنا إلى الطريق!

وهي تتلخص في الخبر بأن محكمة أسترالية قد قضت بحق المواطن “إبرهارد فرانك” (79 عاما) في تسجيل فلسطين رسمياً كمكان لولادته، حيث وُلد في ” يافا ” في العام 1940.

وخسرت الحكومة الأسترالية في هذه الدعوى القضائية، بعد قيامها بإزالة اسم فلسطين في العام الماضي من طلب جواز السفر الذي قدمه فرانك.

إذن، لماذا لا نلجأ إلى القضاء الدولي في استعادة حقوقنا؟

أين أبناء الجاليات الفلسطينية في المهجر من القيام بهذا الدور؟ ألا يستطيع أحد من أبناء القدس في الولايات المتحدة من رفع قضية ضد “ترامب” لإعلانه القدس “عاصمة للاحتلال” بهذا الشكل الغير قانوني، ليس فقط في مخالفة للقانون الدولي، بل مخالفاته للقوانين الأمريكية، وتعريض مصالح أمريكا للخطر.

وحتى المؤسسات الفلسطينية الرسمية والأهلية، لماذا لا تملأ ساحات القضاء الدولي بقضايا ضد الاحتلال في كافة العواصم الدولية، فإن ذلك يدعم الدبلوماسية الفلسطينية في جهودها لنيل الاعتراف الكامل، ويمنح الثقة للأصدقاء في العالم لتقديم المزيد من الدعم المادي والمعنوي!

أما الومضة الثالثة والأخيرة؛ فهي حول ما أُثير ويثار بخصوص “المستشفى الأمريكي الميداني” في غزة، الأمر في الحقيقة لا يقبل السكوت أو الصمت، والساكت مُشارك في هذه “المُصيبة”.

من المؤكد أن أي إنسان وطني حر، ومسلم فطن مهما كان محدود الذكاء لا يقبل بهذه “القاعدة الأمريكية” والتي مصيرها واحد من إثنين كما عهدنا في مصير القواعد الأمريكية في المنطقة، إما أن تحكم الدولة والمنطقة التي أنشئت فيها وفقاً “للمنظور الأمريكي” ـ هذا قد يكون مريح للبعض ـ مرحلياً ليحل بعد ذلك الفوضى والخراب!

أما السيناريو الثاني، فهو يقوم على التفجير والهجمات على “المنشأة الأمريكية” كما حدث سابقاً في أكثر من مكان في العالم ربما أخرها “الصومال”، فهل نحن بحاجة إلى مثل هذه الأوضاع في هذه الرقعة الصغيرة من العالم والمزدحمة بالأبرياء.

تُرى، لعل هذه الومضات قد جلبت بعض النور إلى حقيقة غياب الإرادة الحقيقية وغياب التخطيط الاستراتيجي الفعلي في واقعنا الفلسطيني، وإن مسألة الرهان على الوقت هي قضية فاشلة بشكل مؤسف في ظل التضحيات المنقطعة النظير للأبرياء من هذا الشعب، فقديماً قالوا: ” الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك “، كما أنه ثبت بأن الحكمة ضالة المؤمن، فهلا حاولنا البحث عنها؟!

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى