جسور جديدة واستعدادات لعبور قناة السويس – جزأ 29

في إطار سلسلة المقالات التي ينشرها ضابط الاستخبارات الإسرائيلي المقدم إيلي ديكل، المهتم ببحث البنى العسكرية التحتية للدول العربية، وما يشهده الجيش المصري منذ أكثر من عام من تحديث وتطوير بصفة خاصة، يأتي هذا المقال لاستعراض الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية مؤخرًا ونشرها موقع “جوجل إيرث”، وتشير إلى اهتمام الجيش المصري مؤخرًا، بتوسعة شبكة الجسور المبنية على قناة السويس، وإلحاقها بالمزيد من الجسور بما يتيح للجيش المصري تنفيذ تدريبات تعزز من قدرته على عبور قناة السويس، وبحسب تلك اللقطات، فإن أغلب تطويرات الجيش المصري تتركز تحديدًا في منطقة “تفريعة الإسماعيلية” التي تقع في منتصف قناة السويس، وفيما يلي استعراض لتلك التطويرات:

  • توضيح أن حركة السفن في قناة السويس كانت تمر في اتجاه واحد، ومن أجل اختصار الفترة الزمنية التي تستغرقها السفن لعبور القناة، ورغبة في زيادة حجم حركة المرور بها، شهد القرن الماضي، حفر ممرين، لتصبح بذلك قناة السويس مقسمة إلى قناتين، الأولى وهي ترعة البلاح التي تمتد من الكيلو 53 إلى الكيلو 63، والثانية تمتد داخل الممر البحري الذي يقطع البحيرات المرة، وهي ليست محل البحث هنا.
  • مع تولي عبد الفتاح السيسي الحكم في مصر، بادر بمشروع “قناة السويس الجديدة”، والتي يتبين لمن يفحص المشروع، أن الحديث لا يتعلق بقناة سويس جديدة، وإنما حفر 25 كيلومتر وإضافتها لتفريعة البلاَح، وإطالة الطريق البحري المزدوج في البحيرات المرة، بحيث يتم في النهاية توحيد تفريعة البلاح مع تفريعة البحيرات المرة، وخلق جزأ يبلغ طوله 72 كم يتيح الحركة في القناة في اتجاهين.
  • رغم إعلان تدشين القناة الجديدة في 6 أغسطس 2015 وسط احتفال مهيب، لم يتم السماح للسفن بالمرور في الاتجاهين إلا بعد فترة طويلة، مع العلم بأن المسافة المتاحة للمرور في اتجاهين هي 72 كم، بينما يظل المرور في اتجاه واحد طيلة المسافة المتبقية والتي تبلغ 85 كم، مما يعني، أنه في أثناء المرور في القناة في أحد الاتجاهين، يكون لزامًا على السفن الراسية في الاتجاه الثاني الانتظار، واليوم ، وبعد مرور ثلاث سنوات على الافتتاح الرسمي، لا تزال الأعمال جارية لتثبيت الكثبان الرملية على ضفاف قناة السويس، والإعداد لشقها في ضوء التفاصيل السابقة.
  • في الوقت الذي توجد فيه منفعة من زيادة حجم الحركة وتقليل زمن العبور في القناة، فإن هناك خسارة كبيرة، فالقناة الجديدة قطعت خط السكة الحديدية الذي يربط مصر بسيناء، وهو جسر الفردان للسكك الحديدية الذي كان يوجد في الضفة الغربية في الكيلومتر 68، والذي لم يبد القائمين على تخطيط الضفة الشرقية اهتمامًا بإعادة بنائه، نظرًا لأنه طوال الأعوام الأخيرة لم تكن هناك حركة للسكك الحديدية بين مصر وسيناء، غير أن هذا الأمر الذي من شأنه أن يلحق ضررًا بالتنمية العامة في سيناء وخاصة الميناء ومحطة الحاويات الجديدة في بورفؤاد، ومع هذا فإنه يتوقع أن يتم خلال الأعوام القادمة، معالجة هذا الضرر، عبر شق النفق الجديد الممتد من جنوب بور سعيد، والذي سيتم تقسيمه إلى ممر لعبور المركبات وآخر للقطارات.
  • الإشارة إلى أن “ترعة الإسماعيلية” ستخلق حاجزًا مائيًا آخر يمكن التغلب عليه، عبر إقامة عبَارات لنقل المسافرين والمركبات، وهناك حل طويل المدى، يتمثل في شق نفق من شمال الإسماعيلية يمر أسفل ضفتي القناة، وهو حل يستلزم سنوات، وخلال تلك الفترة يمكن معالجة الأمر، عبر إقامة جسور عائمة على ضفتي القناة، وهو حل سهل بالنسبة للجيش، الذي اعتاد على استخدام الصنادل والعوامات في عبور القناة، وفي أوقات الطوارئ، عمد إلى استخدام كباري عسكرية من طراز M.P المتوفرة لديه والتي تمكِنه من إقامة جسر خلال ساعتين.
  • الإشارة إلى أنه عند الكيلومتر 86 في قناة السويس، أي على بعد حوالي عشرة كيلومترات من جنوب الإسماعيلية، قرب محطة طوسون اللاسلكية، تم إقامة جسر عائم عسكري على ضفتي القناة من طراز “يونيفلوت 50 طن”، وهي جسور مركبة كاملة ترسو قرب الضفة، بحيث يمكن في خلال دقائق وعند الحاجة، إقامة جسر على القناة باستخدام قارب أو كابل لسحب الجسر وشده بشكل يتيح الحركة بين الضفتين، وإلى جانب تلك الجسور، يوجد ثلاثة جسور أخرى من نفس النوع، كانت مثبتة على المياه منذ فترة.
  • استنادًا إلى لقطات الأقمار الصناعية، فقد تم تمييز وجود ست مجموعات من العوَامات نوعها غير معروف، كل عوَامة عبارة عن مكعب صلب يشكِل حجر الأساس في بناء الجسور العائمة، وبالقرب من تلك العوامات، تظهر أعمال بناء أربعة منصات عبور على ضفة القناة، وهنا يجدر التوضيح بأن منصة العبور هي منصة عمل يتم من خلالها ربط بضعة عوَامات ببعضها لبناء بارجة ودفعها إلى الماء كي يتم استخدامها كبارجة مستقلة، أو لربط مجموعة من البوارج بالجسر.
  • على امتداد الضفة الغربية للقناة، توجد تسع نقاط تتجمع فيها البوارج موضوعة على منصة عبور لإتاحة إقامة جسر في أقل من ساعتين.
  • الاعتقاد بأن الهدف من تواجد مجموعة العوَامات في هذه المواقع، هو استخدامها في بناء البوارج والتمكن من إقامة جسر على الضفة الشرقية للقناة في مدة تصل إلى 11 ساعة، غير أنه في ظل ازدياد وتيرة العمل هناك، فإنه من المنطقي الافتراض ببناء المزيد من منصات العبور وتركيب العوامات عليها وتحويلها إلى بوارج.
  • تشير اللقطات إلى أنه في سيناء، بالقرب من الضفة الشرقية للقناة، توشك الأعمال على الانتهاء من إقامة معسكرين ضخمين للجيش المصري بهما مستودعات تخزين، وبحسب تقديرات الكاتب، فإنه من المخطط تخصيص المعسكرين لألوية الجسور والكباري، نظرًا لأن كل لواء يضم بضعة كتائب يختص كل منها بإقامة جسر ثقيل لعبور الدبابات إضافة إلى إقامة بضعة جسور خفيفة، وفي حال ماصحت تلك التقديرات، فإن الحديث يتعلق بزيادة ضخمة في أعداد القوات المختصة ببناء الجسور والمنتشرة بشكل دائم على طول خط قناة السويس.
  • إضافة إلى الجسر العائم الذي يحمل اسم “أحمد منسي”، الذي تمت إقامته على الضفة الشرقية من قناة السويس في منطقة الإسماعيلية تحديدًا لأغراض مدنية، تشير لقطات الأقمار الصناعية، إلى أن هناك توقعات بإقامة جسر مشابه في الضفة الغربية من القناة، خاصة بعد أن شهدت الحركة في منطقة الإسماعيلية سرعة ملحوظة، وتوفير عبارتين لنقل المسافرين والمركبات في الاتجاهين.
  • تساؤل الكاتب، حول سبب الرغبة الحثيثة لدى المصريين لإقامة جسور على قناة السويس، خاصة وأن عدد الجسور المقامة يتجاوز الاحتياجات الحالية للجيش المصري.
  • الإشارة إلى أنه في أعقاب زحف القوات وتدفقها نحو سيناء لمحاربة تنظيمات الإرهاب، أصبح تعداد القوات المتمركزة في سيناء بشكل عام يصل إلى ثلاثة فرق عسكرية، وهذا العدد من القوات، وعلى مايبدو، فإنه من غير المرجح إعادة هذا العدد للضفة الغربية للقناة خلال الفترة القادمة، وهو السبب وراء تقليص عدد الجسور العائمة العسكرية اللازمة لانتشار الجيش المصري في سيناء، وهنا تجدر الإشارة، إلى أنه في حرب أكتوبر 1973، تمكن الجيش المصري من الانتقال إلى سيناء عبر عشرين جسرًا تم إقامتهم في بضعة ساعات ، أما اليوم، فإن الجيش المصري يملك تسعة جسور جاهزة للعمل خلال دقائق وتسعة آخرين جاهزين للعمل في أقل من ساعة، يُضاف عليها نفق تم بناؤه منذ أعوام لإتاحة التدفق السريع للقوات، نظرًا لأن الحركة على الجسور العائمة بطيئة نسبيًا.
  • بالإضافة إلى الزيادة في أعداد القوات المنتشرة في سيناء، فإن مصر تعمل – منذ توقيع اتفاقية السلام وبصفة خاصة منذ عام 2007 – على بناء بنية عسكرية واسعة في سيناء، تلك البنية التي تتضمن :

أ )  مستودعات وقود عسكري تحت الأرض تصل قدرتها إلى 183 مليون لتر.

ب) مستودعات ذخيرة أمامية تكفي خمس فرق عسكرية، إضافة إلى مستودعات ذخيرة أمامية تخص الجيشين الثاني والثالث.

جـ) منظومة تتضمن خطوط اتصال سلكية وأجهزة اتصال لاسلكية.

د) شبكة خطوط مياه مخصصة للمدنيين، وعلى ما يبدو، فإن الجيش يستخدمها وقت الحاجة.

  • الإشارة إلى أن البنية العسكرية الواسعة التي أقامها الجيش المصري في سيناء، وتشكيلات القوات المتواجدة هناك حاليًا، لاتتطلب بناء مزيد من الجسور، ولذا فإنه من المرجح أن بناء الجيش لها يأتي من منطلق اتخاذ المزيد من التجهيزات والاستعدادات، بحيث يصبح لدى الجيش المصري القدرة على الانتشار في سيناء حتى قبل أن يتم الانتهاء من تدشين الأنفاق أو وضع الأسس على الأرض.
  • من خلال فحص المعسكرات الجديدة، المتوقع تخصيصها لألوية الجسور، فإن الحديث هنا يدور حول خرق آخر لاتفاقية السلام، نظرًا لأن الاتفاقية تسمح لمصر بتعزيز قوات الجيش ووجود منشآت عسكرية تكفي فرقة عسكرية واحدة، ممَا يعني أنه لاحاجة لوجود لواءين لبناء الجسور في سيناء لمحاربة الإرهاب، ولذا فإنه ينبغي على مدمني ابتسامات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والمتباهين بالعلاقات الأمنية بين البلدين، تفسير تصرفات مصر في هذا الصدد.

(موقع نتسيف.نت العسكري الإسرائيلي)

https://nziv.net/12962/

ترجمة / لبنى نبيــه عبد الحليم مجاهد

مترجمة وباحثة في الشأن الإسرائيلي

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button