غيرت الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بعد عام 2008، فتحولت لإدارة مصالحها في المنطقة، لتكون أكثر اعتمادا علي تكوين وخلق الحلفاء، أو العملاء الإقليميين الذين يقومون ويهتمون بأنفسهم، بإنجاز المهام المطلوبة، والخطط المتفق عليها في داخل كل دولة وإقليم، بينما تقوم الولايات المتحدة بترويض النظم السياسية القائمة بالدول، والعمل علي إضعافها من الخارج بتنفيذ وتفعيل حزم الضغوط الدولية، عليها، سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو عسكرية، وعلي أثر هذا التغيير في الاستراتيجية الأمريكية تعدلت الأدوار وتغيرت الرؤى لكل القوي الإقليمية الفاعلة ومنها تركيا فتغيرت سياستها الخارجية، ومواقفها تجاه القوة الإقليمية المناوئة، أو الحليفة، سواء كانت دول أو تنظيمات غير رسمية لتتحول العداوة إلي صداقة والعكس وقد أعطي هذا التغيير الأمريكي الفرصة للقيادة السياسية التركية لتستعيد وتستحضر النزعة الجيبولوتيكية الإقليمية التاريخية لتركيا، فتعود تركيا العثمانية من الماضي علي يد حزب العدالة والتنمية، ولتكون داعش هي الوسيلة الأهم لتحقيق أهدافها الإقليمية في المدى القصير والمتوسط . وقد تحولت استراتيجيه تركيا في صياغة سياساتها الخارجية نحو دول الجوار بالشرق الادني، لتكون صراعية هجومية، بدلا من استراتيجية صفر مشاكل مع الجيران، فحالة التوافق الظاهري في العلاقات الإقليمية او الدولية التركية، هي خطوة تكتيكية من تركيا تسمح لها بالمناورة، وتمكنها من تطوير الصراع لتحقيق أهدافها الجيبولوتيكية، وهذا يتم في ظل وجود قيود دولية شديدة، وأزمات إقليمية ممتدة في منطقة الشرق الأدني بفلسطين وسوريا والعراق وإيران.