دراسات أسيويةرسائل وأطروحات في الأمن والاستراتيجيةنظرية العلاقات الدولية

أبعاد التنافس الصيني الهندي للهيمنة الإقليمية في جنوب آسيا

 يشكل إقليم جنوب آسيا أحد الأقاليم الأكثر حيوية لما يحتويه من أنماط تفاعلية تتراوح بين الصراع تارة و التعاون تارة أخرى، و هو ما يجعل الإقليم يعرف ديناميكية مستمرة قابلة للتغيير في أي لحظة، و يجعل منه إقليم مفتوح على كل الإحتمالات. مرد هذه الديناميكية تكمن في الموقع الجيواستراتيجي للإقليم، فإلى الغرب نجد الشرق الأوسط و ما يحمله من تحديات و إشكالات، شرقا تتربع اليابان و الصين بما يحملانه من طموحات إقليمية و أخرى عالمية، و إلى الشمال نجد آسيا الوسطى المثقلة بمختلف أنواع التحديات، ذلك فضلا عن طبيعة الوحدات السياسية و الوظيفية المشكلة له، و كذا طبيعة العلاقات التي تربط بين وحداته، ناهيك عن التأثير الذي تلعبه القوى الدولية و العالمية خاصة روسيا، الولايات المتحدة الامريكية و حتى الاتحاد الأوروبي بقواه التقليدية.

من هذا المنطلق فإن أي تغيير يحدث على مستوى هذا الإقليم سيكون له الأثر البالغ على كل الاقاليم المجاورة و كذا على النظام الدولي ككل، خاصة و أن الإقليم يضم قوتين نوويتين – الهند و باكستان – إلى جانب القوة المنافسة الممثلة في الصين، بالإضافة إلى توفر عامل الرغبة في الهيمنة الإقليمية من كلا الجانبين الصيني و الهندي، لا سيما الصين التي توصف على أنها تنين ذو رأسين أحدهما ينظر إلى شرق آسيا و الآخر إلى جنوبها، هذا دون أن ننسى التكافؤ النسبي من حيث مقومات القوة المحققة للهيمنة الإقليمية لكلا الطرفين، و كذا الخلفيات التاريخية للعلاقات بين الدولتين و التي تضمنت العديد من بؤر التوتر و الخلافات الحدودية، كل هذه المعطيات تجعل من احتمالات التنافس مفتوحة على مصرعيها حاملة في طياتها نتائج سيكون لها الأثر البالغ على مستقبل الإقليم. من الناحية الإستراتيجية تحقيق الهيمنة في آسيا يتطلب السيطرة على المستوى البري و البحري، الموقع الجغرافي لكلا الدولتين يسمح لهما بتحقيق ذلك خاصة في ظل امتلاك كل دولة شبكة من العلاقات الجوارية التي تسمح لها بايجاد البدائل و خلق الفارق، خاصة الصين التي تعتمد في سياساتها على ما يعرف بدبلوماسية الاموال السائلة مما أدى إلى أن تمتد مصالحها الحيوية إلى مختلف أنحاء العالم، و هو ما يدعم فرضية سعيها للهيمنة الإقليمية خاصة في ظل استمرار نموها الاقتصادي و العسكري.

في هذا الإطار سعي الصين للهيمنة الإقليمية و لعب أدوار عالمية يجعلها محط أنظار القوى العالمية و خاصة الولايات المتحدة الامريكية، التي لا ترغب في نمو التنين الصيني أكثر من حجمه المطلوب، و هو ما قد يقف في وجه طموحها الإقليمي و يعرضها لفقدان حديقتها الخلفية، بعكس الهند التي لها من الطموحات ما يؤهلها للعب أدوار إقليمية و تحقيق هيمنة على مستوى إقليمها دون أن تتعدى إلى العالمية، و هو ما يجعل من إمكانية عقد تحالفات مع القوى العالمية ممكنة أكثر، و يضعها في ميزان قوة في وجه السعي الصيني للهيمنة الإقليمية.

تحميل الرسالة

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى